أجرى فريق #صالون_سوريا، دورة تدريبية عن الانواع الاعلامية والصحافة الحساسة...
تدريباتنا
ورشة تدريب صالون سوريا
يعلن فريق #صالون_سوريا، التحضير لدورة تدريبية عن الانواع الاعلامية والصحافة...
لم تتوقف عينا أم أحمد عن البكاء مذ لاحت أمامها أول بارقة أمل بلقاء ابنها البكر احمد (34 عام) المسجون منذ أكثر من ست سنوات، المرأة السبعينية كادت تموت باحتشاء عضلة القلب من فرط السعادة عندما قرأ عليها ابنها الأوسط عمار (29 عام) مرسوم العفو الرئاسي عن جرائم الإرهاب، يقول عمار لـ”صالون سوريا”: “والدتي لم تنتظر حتى طلع الصبح، قبل الفجر أيقظتني أنا وأخي الأصغر عبيدة (22 عاماً) لنأخذها إلى منطقة جسر الرئيس في العاصمة دمشق، حيث سرت شائعة قوية فوراً بأنّ المفرج عنهم سيأتى بهم إلى هناك، مرّ اليوم الأول صعباً للغاية، فالانتظار يقهر الأبدان، وخاصة حال أم سبعينية تنتظر رؤية ولد طال غيابه؟، في اليوم الأول عدنا مساء ولم نظفر برؤية أخي، عاودنا الكرة في اليوم الثاني، ولكن دون نتيجة أيضاً”.
أم أحمد كانت تحمل صورة ابنها وتدور بها على الناس تسألهم عنه وإن رآه أحد بلهفة قلبها المفطور. عن اعتقال أخيه يقول عمار: “أخي في السجن بسبب تقارير كيدية لا يعلمها إلّا الله، فقد كان أحمد بحاله، ولكن من يدري، ربما رفاق السوء –إن وجدوا- هم من أضروه، العبرة أنه مسجون منذ سنوات، وكل ما نريده الآن هو رؤيته”.
يوم تلو يوم من الانتظار، مرّت وتمرّ كسنوات على قلب عائلة أم أحمد حتى اللحظة، فحتى حينه لم تلتق العائلة بغائبها، “ربما هي الإجراءات!”، يقول عبيدة الأخ الأصغر معللاً الأمر ومهوناً على قلب أمه، ولكن ما يعزيهم مجتمعين أنّهم يعلمون أنّه سيخرج في نهاية المطاف، وسيصل إليهم، ما لم يكن اليوم فغداً، وعلى ذا الأمل عينه تبني أسر كثيرة آمالها.
لا تريد أم أحمد أن يصور أحد قصتها عبر الكاميرات أو الهواتف المحمولة، تكابر على جرحها، “مثلي كثر، شاهدت بأم عيني الجموع تحت جسر الرئيس، يا رب اجمع هؤلاء الناس بأحبتهم، والله لا يوجد في الكون ما هو أصعب من فراق الأحبة”.
عائلة أم أحمد تهجرت في الحرب من منزلها في غوطة دمشق الشرقية، من دوما أولاً، لتبدأ رحلة النزوح الداخلي، من منطقة لأخرى، قبل أن يعودوا إلى منطقتهم بعيد انتهاء الحرب فيها قبل بضعة سنوات، ويرمموا منزلهم وما استطاعوا من أرواحهم، وليلّموا شظايا ما بعثر الرصاص من كياناتهم، ولتبقى عودة أحمد آخر حجر في لوحة فسيفساء هذه الأسرة السورية الكليمة، والكليمة هنا صفة تنطبق على معظم الأسر السورية، فلكل أسرة قصة مع فقيد او غائب أو قتيل أو جريح، وفوق كل ذاك جراح الفقر والقهر والحاجة.
فرحة اللقاء
بالمقابل بدت حالة أسرة أبو جابر أفضل بكثير قياسا مع غيرها، فالعائلة التقت بابنها في اليوم الثاني من الانتظار تحت جسر الرئيس وسط العاصمة دمشق، “صارت زوجتي تتلمس وجه ابني مثل المجنونة، وتقبل وجهه ويديه وصدره، لم تصدق عيناها وهو الغائب عنا منذ سبعة أعوام ونصف تقريباً”، يروي أبو جابر الرجل الستيني تفاصيل اللقاء الأول، وهو الذي لا يريد الخوض في سبب سجن ابنه، لكنّه يكتفي بالقول: “الله يلعن هذه الحرب، راح فيها زينة شبابنا، واختلط الظلم بالعدل، المهم أنّ جابر سيعود ليملأ البيت علينا، ليس فقط أنا وأمه اشتقنا إليه، بل كذلك أولاده هيا (9 أعوام) ومحمد (13 عام) وزوجته الصابرة المكافحة التي لا يمكن القول عنها إلّا أنّها بنت أصول ولم تترك بيتنا لحظنا، الحمدلله.. الحمدلله”، أما أم جابر فيبدو أنّها حتى الآن لم تصدق أن ابنها قد عاد، فمن فرط السعادة تكاد تكون لا تستطيع تركيب جمل متطابقة.
أهم مرسوم
مصدر قضائي أكد أنّ مرسوم العفو هذا هو الأهم والأشمل ليس خلال الحرب فقط، بل طوال العقود القليلة الماضية، وفي المقابل خرجت آراء عدة تطالب بشفافية التطبيق، خوفاً من تفريغ المرسوم من أهميته.
المحامي أنس الشامي أفاد بتمنيه أن تكون قد أُسقِطت الملاحقات الأمنية وخاصة التي جاءت من وراء تقارير كيدية واتهامات كاذبة، يقول: “لكننا تفاجئنا بالطريقة والأسلوب لتنفيذ مرسوم العفو وين المشكلة يا معالي وزير العدل أن تخرج أنت ومدير إدارة القضاء العسكري في ندوة متلفزة ومعكم وزير الداخلية لتفسير مضمون مرسوم العفو والإعلان عن الأرقام الحقيقية للمخلى سبيلهم”.
وكانت وزارة العدل قد الغت في وقت متأخر بأيام بعد صدور المرسوم بلاغات وإجراءات إذاعة البحث والتوقيف والمراجعة المستندة إلى الجرائم المنصوص عليها في قانون مكافحة الإرهاب بحق جميع المواطنين في الداخل والخارج ما لم يتسبب فعلهم بموت إنسان أو يثبت استمرار انتمائهم إلى تنظيمات إرهــابية أو ارتباطهم مع دول أخرى.
وقالت وزارة العدل في بيان: “تنفيذاً لأحكام المرسوم التشريعي رقم 7 لعام 2022 المتضمن عفواً عن الجرائم الإرهابية المرتكبة من السوريين قبل تاريخ 30-4-2022 تم إلغاء كل البلاغات والإجراءات (إذاعة بحث- توقيف- مراجعة) المستندة إلى الجرائم المنصوص عليها في قانون مكافحة الإرهاب رقم 19 لعام 2012 وذلك بحق جميع المواطنين السوريين في الداخل والخارج ما لم يتسبب فعلهم بموت إنسان أو يثبت استمرار انتمائهم إلى تنظيمات إرهــابية أو ارتباطهم مع دول أخرى”.
ليبقى السؤال الأهم، فهل الغاء المراجعات يشمل تقييد الحركة وحرية السفر التي لم يشملها أي مرسوم او قانون سابق منذ بداية الحرب في سوريا، وحتى اللحظة لا يوجد إجابة على هذا السؤال الذي كبّل الكثير من السوريين.
مواضيع ذات صلة
مواضيع أخرى
تدريباتنا
ورشة تدريب صالون سوريا
أجرى فريق #صالون_سوريا، دورة تدريبية عن الانواع الاعلامية والصحافة الحساسة...
ورشة تدريب صالون سوريا
يعلن فريق #صالون_سوريا، التحضير لدورة تدريبية عن الانواع الاعلامية والصحافة...