تدريباتنا

العمل عبر الإنترنت ملاذ السوريات المعنفات والهاربات من التحرش

بواسطة | أكتوبر 27, 2022

فشلت بيان (26 عاماً) بإقناع والدها -حاد الطباع- بالعمل خارج المنزل، فقد رفض رفضا قاطعا السماح لها بالعمل تحت إشراف مدير، لاسيما أن الشابة تنحدر من أسرة محافظة اجتماعيا. بحثت بيان عن طريقة للعمل تستقل فيها عن الرجال وتؤمن لها النقود، إلى أن وجدت في تسويق الملابس النسائية عن طريق الصدفة ملاذا ماديا مستقلا لها، تقول الشابة العشرينية لـ”صالون سوريا” :” منذ ثلاثة أعوام، اشتريت بنطال جينز عصري يُظهر قوام الجسم الرشيق، فخطر في بالي شراء خمس قطع منه وعرضه للبيع على أحد مجموعات البيع التي تغص بها الفيسبوك كنوع من التسلية وتجربة البيع أونلاين، وبالفعل، نفدت الكمية وازداد الطلب عليها”، وتتابع بيان قائلة “وجدت الأمر غير معقد، فكل ما يتطلبه هو الصبر والتسويق الجيد، كما أن المربح الذي حصلت عليه كان مشجعا، لذلك قررت حينها الخوض في هذا المجال، خاصة أن والدي عارض فكرة العمل خارج المنزل، ولم يكن يسمح لي بالعمل كسكرتيرة أو بائعة أو أي عمل بإدارة رجل خوفا من التحرش اللفظي والجسدي بحسب قوله”.

كذلك تتعرض عبير(30 عاما) للتعنيف الجسدي واللفظي من قبل زوجها، بالإضافة إلى غيرته “المرضية” عليها كما توصفها، فهو يمنعها من  ممارسة أي عمل  خارج المنزل بحجة خوفه من اختلاطها مع الرجال، تقول ل عبير لـ”صالون سوريا”: ” اقنعت زوجي بشق الأنفس بالتسويق عبر الإنترنت لإحدى الماركات المحلية المختصة بالملابس الرجالية، بعد أن اشترط أن يبقى التواصل مع الزبائن عبر الواتساب والفيسبوك فقط، رافضاً المكالمات الهاتفية، ومشترطاً ألا أضع صورتي الشخصية، وفوق هذا طلب مني أن أعرف عن نفسي بأنني رجل تفاديا لحصول أية إزعاجات”، تتابع الشابة حديثها وتقول “وافقت على شروطه كي يصبح لي مردوي المالي المستقل عنه، كما أفكر بتوسيع عملي وتحقيق دخل مادي كافي لي لآخذ قرار الانفصال عنه، حينها أكون قوية ومستقلة عنه بحيث يمكنني العيش لوحدي وتحمل تكاليف الحياة”.

من جهتها لم تفلح محاولات نور (28 عاماً) بالعثور على عمل ضمن تخصصها الجامعي في اللغة العربية، فكل المحاولات كُللت بالفشل، بذرائع مختلفة كانعدام الخبرة وسنوات العمل، تعقب الشابة :”قدمت بطلبات عمل كثيرة إلى المسابقات وشواغر عديدة، لكن دون طائل، لا أملك الواسطة وبدونها لن أعمل”، وتضيف ” في أحد المرات وجدت إعلاناً نشرته فتاة تطلب حاجتها إلى مسوقي ملابس نسائية ورجالية مع راتب جيد دون شروط معينة باستثناء التفرغ، جربت حظي وتحدثت معها واتفقنا على موعد للعمل”.

يسد التسويق عبر الإنترنت جزء كبير من نفقات نور، ما يجعل هذا النوع من العمل مصدر راحة ودخل مادي جيد بعيدا عن مشقة المواصلات، تقول الشابة :” يوفر لي التسويق الإلكتروني 70% من حاجياتي ونفقاتي الخاصة، إلى جانب الامتيازات الأخرى كالخصومات على المنتجات وتوفيرالنقود والوقت التي أحتاجها للذهاب لمكان العمل، والأهم من ذلك بأنه يجنبني مضايقات الرجال في الشارع أثناء ركوب  وسائل النقل”.

التحرش اللفظي أيضاً تسبب بعدم تقديم بُدور (25 عاما) لطلبات للتوظيف لعدة أعوام، وذلك بعد تعرضها لتلميحات جنسية من قبل أحد أرباب العمل. تغير الحال قبل عام تقريباً عندما عرض عليها صديقها العمل في التسويق عبر الإنترنت مع صاحب وكالة إعلانية محترم وبراتب ممتاز، تقول الشابة لـ”صالون سوريا” :” حاولت العمل في مركز تجميل وبائعة في محل مكياج، لكن كنت أتعرض دوما للتحرش اللفظي والتلميحات الجنسية من قبل أصحاب العمل، لم أسلم من أحد باعتباري فتاة جميلة وأنيقة المظهر”، مضيفة ” كنت رافضة للعمل بسبب هذه المواقف الصعبة، غير أن صديقي أقترح عليّ العمل في التسويق عن طريق أحد معارفه الموثوقين، وبالفعل، باشرت فيه وأنا سعيدة جدا”، تصف الشابة هذا النوع من العمل بأنه “المنقذ” من كافة أنواع الاستعباد والتحرش الجنسي والخلافات التي تحصل بين الزملاء، ناهيك عن مشقة التنقل. تقول بدور :” أنا حقا ممتنة لعملي بالتسويق، منحني الشعور  بالأمان الوظيفي والاقتصادي والمعنوي، كما يعد راتبي ممتازا مقارنة مع الراتب في القطاع العام، أستطيع من خلال تأمين احتياجاتي الخاصة، ولا أفكر بالعمل في أي مكان آخر”.

أما نغم (22 عاما) التي تدرس صيدلة فقررت استباق المراحل، لتعمل قبل عام من تخرجها على إنشاء صفحة خاصة بمنتجات الشعر المجعد وطريقة العناية به جيدا وذلك للترويج لها مستقبلا، عن مشروعها تقول لـ”صالون سوريا” :” أفكر بالتخصص بمجال مستحضرات التجميل بعد تخرجي، لذا أنشأت صفحة أروج فيها لمنتجات الشعر المُجعّد وتقديم نصائح للعناية به، خاصة للفتيات اللواتي لا يعرفن كيف يتعاملن مع شعرهن صعب التصفيف، ويوفر لي هذا العمل نصف نفقاتي الخاصة كطالبة جامعية”.

مواضيع ذات صلة

عبد السلام العجيلي: شيخ الأدباء وأيقونة الفرات

عبد السلام العجيلي: شيخ الأدباء وأيقونة الفرات

يمثل عبد السلام العجيلي ذاكرة تأسيسية في مدونة الأدب السوري، ذاكرة من من ذهب وضياء، ضمت في أعطافها عبق الماضي وأطياف الحاضر، امتازت بقدرته الفائقة في الجمع بين مفهومين متعارضين ظن الكثيرون أنه لا لقاء بينهما، ألا وهو استلهامه واحترامه للتراث وللإرث المعرفي المنقول عمن...

عمر البطش مدرسة متفردة في فنون الموشحات ورقص السماح

عمر البطش مدرسة متفردة في فنون الموشحات ورقص السماح

إلى جانب كونها مدينة الطرب والقدود، برعت حلب وتميَّزت في فن الموشحات، وذلك بفضل كوكبة من ملحنيها ووشاحيها المبدعين، الذين كانوا مخلصين لذلك الفن  وحافظوا على روح وألق الموشح العربي وساهموا في إغنائه وتطويره، ومن أبرزهم الشيخ عمر البطش، الذي ساهم على نحو خاص في...

شعاع من الفن التشكيلي السوري: نصير شورى (1920-1992م)

شعاع من الفن التشكيلي السوري: نصير شورى (1920-1992م)

في الخامسة من عمره حظيت إحدى لوحاته بإعجاب العديد من أساتذة الرسم، نصير شورى الذي ولد عام ١٩٢٠ والذي كان محط عنايةٍ خاصة من والديه: محمد سعيد شورى، الأديب والشاعر الدمشقي المعروف، وأمه، عائشة هانم، ذات الأصول العريقة. فكان أن تلقى تعليماً خاصاً منذ نعومة أظفاره...

مواضيع أخرى

النساء ومعاركهن المتجددة

النساء ومعاركهن المتجددة

 يتم تسويف قضايا النساء بذرائع متعددة على الدوام، مرة بذريعة الحرص على الأخلاق العامة، ومرة أخرى بذريعة عدم المواجهة مع قوى الأمر الواقع، ومرات بذرائع تنبع فجأة من خبايا السنين وتصير حاضرة بقوة مثل طبيعة المرأة البيولوجية، أو التشريح الوظيفي لدماغ المرأة، وصولاً...

مرحلة اللادولة: بين إرث الماضي ومسؤولية المستقبل

مرحلة اللادولة: بين إرث الماضي ومسؤولية المستقبل

تمر سوريا اليوم بمرحلة فارقة في تاريخها، حيث يقف الجميع أمام اختبار صعب: هل يمكن تجاوز إرث القهر والاستبداد لبناء دولة جديدة قائمة على الحرية والكرامة؟ أم أننا سنتعثر مجددًا في أخطاء الماضي، التي صنعها الخوف، الصمت، وصناعة الأصنام؟ اليوم، نحن في حالة فراغ سياسي...

قراءة في المشهد السوري بعد سقوط النظام

قراءة في المشهد السوري بعد سقوط النظام

شهدت سوريا خلال أربعة عشر عامًا من الصراع تحولًا جذريًا في موازين القوى المحلية والإقليمية والدولية. بدأ الحراك شعبيًا وسلميًا، لكنه انتهى بصراع مسلح معقد ومدعوم خارجيًا، في ظل غياب قوة سياسية مؤثرة ميدانيًا. وبينما ساندت روسيا وإيران النظام السوري، مما أطال أمد...

تدريباتنا