تدريباتنا

‘خطة روسية لشطر الغوطة… وتلويح بـ ‘سيناريو حلب

بواسطة | مارس 9, 2018

الخطة الروسية للغوطة، هي: تقسيم شرق دمشق إلى شطرين، شمالي وجنوبي، على أن يضم الشطر الشمالي «منطقة خفض التصعيد» مع «جيش الإسلام» بوساطة القاهرة وضمانة موسكو، فيما يجري عزل الشطر الجنوبي الذي يضم «فيلق الرحمن» و«هيئة تحرير الشام» (النصرة سابقا) وبعض الحضور لـ«أحرار الشام» مع تكثيف القصف والعمليات العسكرية لإخراج «النصرة» أو «تكرار نموذج حلب».

اللافت، أن هناك رابطاً ضمنياً بين سير العمليات العسكرية والقصف المدعوم روسيا في الغوطة من جهة وعمليات الجيش التركي وفصائل معارضة صوب عفرين شمال غربي حلب الجارية بضوء أخضر روسي أيضاً من جهة ثانية. كما بدا أن الحديث الجدي عن استئناف مفاوضات السلام في جنيف أو بدء المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا تشكيل لجنة دستورية بموجب مخرجات مؤتمر سوتشي، مؤجلان إلى ما بعد انتهاء العمليات العسكرية.

في التفاصيل، أقر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خطة عسكرية للسيطرة على غوطة دمشق مع توفير كل الإمكانات العسكرية لتحقيق ذلك قبل موعد الانتخابات الرئاسية في 18 الشهر الجاري. ولاعتبارات مختلفة، جرى إقرار خيار تقسيم الغوطة إلى شطرين. وقال دبلوماسي غربي أن الخطة قضت بأن تتقدم قوات العميد سهيل الحسن المعروف بـ«النمر» من الطرف الشرقي من النشابية وأوتايا لتلتقي مع قوات الفرقة الرابعة التابعة للحرس الجمهوري التي بدأت العمليات من طرف حرستا وإدارة المركبات. لكن الذي كان مفاجئا، هو سرعة تقدم قوات «النمر» التي اتبعت أسلوب «الأرض المحروقة» بدعم روسي وبطء تقدم القوات الأخرى من الجبهة الأخرى وقيام مقاتلي «أحرار الشام» بعمليات عكسية. وتحدث الناطق باسم قاعدة حميميم أليكسندر إيفانوف أمس عن «تعثر تقدم القوات البرية من الفرق العسكرية القتالية من الجهة الغربية من الغوطة الشرقية. وأصبح لدينا تفاؤل متزايد بإمكانية تحقيق ذلك بوقت قريب بعد أن تم إرسال قوات الفرقة السابعة».

وأسفرت الحملة العسكرية خلال أسبوعين عن مقتل 900 مدني بينهم 91 يوم الأربعاء، بحسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، علما بأن الغوطة تضم 400 ألف شخص. ودعا مجلس الأمن الدولي أول من أمس إلى تنفيذ قراره الصادر في 24 الشهر الماضي الذي يطالب بوقف إطلاق النار في عموم سوريا لمدة 30 يوما وإدخال المساعدات، لكن للمرة الثانية لم يسمح بدخول المساعدات يوم أمس.

وتستند الخطة الروسية إلى القرار 2401 وإشارته إلى أن وقف النار لا يشمل «داعش» و«القاعدة»، إضافة إلى «كل الأفراد والمجموعات المرتبطة بالقاعدة والتنظيمات الإرهابية الأخرى بحسب تصنيف الأمم المتحدة»، إذ إن الجانب الروسي يعمل مع ضباط مصريين لتحييد دوما عن العمليات العسكرية عبر تجديد التزام اتفاق «خفض التصعيد» الذي أنجز في القاهرة في صيف العام الماضي. إذ يضم «جيش الإسلام» 7 – 8 آلاف مقاتل، ويعتبر القوة الرئيسية في الغوطة.

في المقابل، ترمي موسكو من خلال دعم تقسيم الغوطة إلى شطرين إلى التعاطي مع القسم الجنوبي بطريقة مختلقة. وأوضح الدبلوماسي أنه بعد تحقيق التقسيم سيكون التركيز على مناطق «فيلق الرحمن» و«النصرة» و«أحرار الشام» في القسم الجنوبي من الغوطة. وتجري محاولات لإخراج عناصر «النصرة» على أمل تجديد اتفاق «خفض التصعيد» الذي عقد أيضا مع «فيلق الرحمن» في جنيف نهاية العام الماضي.

وأدى رفض «النصرة» الخروج من شرق حلب نهاية العام 2016 إلى استمرار العمليات العسكرية إلى حين سيطرة قوات النظام وحلفائها على المنطقة. وأبلغ دي ميستورا مجلس الأمن مساء أول من أمس أن في جنوب الغوطة هناك 270 عنصرا من «النصرة» وموسكو تقول إن عددهم 350 عنصرا و«هذا العدد لا يشكل إلا نسبة قليلة من 8 – 9 آلاف مقاتل معارض في الغوطة». وقال: «لن أنسى عدم النجاح في الحد من عذابات سكان شرق حلب».

وأشار المسؤول الغربي إلى وجود رابط بين تطورات غوطة دمشق وعملية «غضن الزيتون» قرب عفرين و«كأن هناك مقايضة لغوطة دمشق مقابل عفرين كما حصل عندما جرت مقايضة شرق حلب بمناطق درع الفرات بين حلب وجرابلس على حدود تركيا». ولاحظ «بطئاً في المفاوضات الجارية لإخراج النصرة من القسم الجنوبي للغوطة».

بالتزامن مع قرب تقسيم الغوطة الشرقية لدمشق، سيطرت القوات التركية وفصائل سورية موالية أمس على بلدة جنديرس الاستراتيجية جنوب غربي عفرين بعد أسابيع من المعارك العنيفة. ورفع عناصر «فيلق الشام» الفصيل الأساسي في «غصن الزيتون» رايتهم على مركز الإدارة الذاتية داخل جنديرس.

وأعطت موسكو أنقرة ضوءاً أخضر للقيام بعملية «غضن الزيتون» في 20 يناير (كانون الثاني) بالتزامن مع معارك شرق دمشق كما حصل لدى مباركة عملية «درع الفرات» نهاية 2016 بالتزامن مع معارك شرق حلب. وتشارك روسيا وتركيا مع إيران في رعاية عملية آستانة. ومن المقرر أن يجتمع كبار الموظفين في الدول الثلاث في آستانة في منتصف الشهر قبل لقاء وزراء الخارجية في الدول الثلاث للتمهيد لقمة ثلاثية روسية – تركية – إيرانية الشهر المقبل تضع تصورا للحل السياسي السوري.

وفي موازاة محاولات مسؤولين عسكريين واستخباراتيين أتراك وأميركيين للبحث عن حل لـ«عقدة» منبج وتدفق مقاتلين من «وحدات حماية الشعب» الكردية من شرق سوريا حيث يقيم الجيش الأميركي إلى عفرين، ينتقل مسؤولون أتراك إلى موسكو في الأيام المقبلة لوضع لمسات أخيرة على تفاهمات تتعلق بـتسوية في غوطة دمشق لتحييد المدنيين وإدخال المساعدات من جهة وبترتيبات الوجود التركي و«الجيش الحر» في عفرين، بحسب معلومات.

عليه، لن يأخذ الحديث عن تشكيل اللجنة الدستورية بموجب بيان سوتشي، صفة جدية قبل الانتهاء من ترتيبات الغوطة – عفرين – منبج والانتخابات الرئاسية الروسية والقمة الثلاثية للدول الضامنة. وكان لافتا أن اجتماع ممثلي الدول الضامنة الثلاث مع دي ميستورا في جنيف قبل أيام لم يتضمن حماسة ثلاثية لتحريك اللجنة الدستورية مع أن العواصم الثلاث تبادلت قوائم لسوريين مرشحين لبحث الإصلاح الدستوري السوري.

تم نشر هذا المقال في «الشرق الأوسط»

مواضيع ذات صلة

هاني الراهب متلفعاً بالأخضر 

هاني الراهب متلفعاً بالأخضر 

إحدى وثلاثون سنة من الغياب مضت على انطفاء فارس السرد "هاني الراهب" ومازالت نصوصه تتوهج وتمارس سطوتها وحضورها الآسر على أجيال أتت من بعده تتقرى معانيه وتتلمس خطاه رغم التعتيم والتغييب الذي مورس بحقه على مر الزمن الماضي ومحاصرته في لقمه عيشه بسبب من آرائه ومواقفه،...

الواقعية النقدية لدى ياسين الحافظ

الواقعية النقدية لدى ياسين الحافظ

ياسين الحافظ كاتبٌ ومفكر سياسي سوري من الطراز الرفيع، يعدُّ من المؤسسين والمنظرين للتجربة الحزبية العربية. اشترك في العديد من الأحزاب القومية واليسارية، ويعدُّ الحافظ في طليعة المفكرين التقدميين في العالم العربي، اتسم فكره بالواقعية النقدية، تحت تأثير منشأه الجغرافي...

عبد السلام العجيلي: شيخ الأدباء وأيقونة الفرات

عبد السلام العجيلي: شيخ الأدباء وأيقونة الفرات

يمثل عبد السلام العجيلي ذاكرة تأسيسية في مدونة الأدب السوري، ذاكرة من من ذهب وضياء، ضمت في أعطافها عبق الماضي وأطياف الحاضر، امتازت بقدرته الفائقة في الجمع بين مفهومين متعارضين ظن الكثيرون أنه لا لقاء بينهما، ألا وهو استلهامه واحترامه للتراث وللإرث المعرفي المنقول عمن...

مواضيع أخرى

زكريا تامر بوصلة التمرد الساخرة

زكريا تامر بوصلة التمرد الساخرة

"أكثر قصصي قسوة هي أقل قسوة من الحياة العربية المعاصرة، وأنا لا أستطيع وصف السماء بجمالها الأزرق متناسياً ما يجري تحت تلك السماء من مآس ومجازر ومهازل.. صدّقني الأسطورة أصبحت أكثر تصديقاً من واقعنا المرير" بهذا التوصيف العاصف يلخص الكاتب السوري زكريا تامر (1931) تجربته...

هاني الراهب متلفعاً بالأخضر 

هاني الراهب متلفعاً بالأخضر 

إحدى وثلاثون سنة من الغياب مضت على انطفاء فارس السرد "هاني الراهب" ومازالت نصوصه تتوهج وتمارس سطوتها وحضورها الآسر على أجيال أتت من بعده تتقرى معانيه وتتلمس خطاه رغم التعتيم والتغييب الذي مورس بحقه على مر الزمن الماضي ومحاصرته في لقمه عيشه بسبب من آرائه ومواقفه،...

افتحوا النوافذ كي يدخل هواء الحرية النقي

افتحوا النوافذ كي يدخل هواء الحرية النقي

يصدمنا الإعلام الاجتماعيّ كل يوم بمقاطع فيديو وأخبار حول امتهان كرامة الإنسان في سورية عن طريق استفزازات لفظية وعنفٍ جسديّ يُمارَس ضد أشخاص تصنّفهم الآلة الإعلامية للمرحلة الانتقالية على أنهم من "فلول النظام“ السابق. ولقد سمعنا عن أشخاص تُقتحم بيوتهم...

تدريباتنا