تدريباتنا

روسيا و “الاستفراد”بجنوب سوريا

بواسطة | ديسمبر 1, 2021

تحاول روسيا مؤخراً فرض نفسها ووجودها أكثر في مناطق الجنوب السوري خاصة في درعا والقنيطرة، من خلال استمرار الدوريات العسكرية الروسية وزيارات وفود روسية إلى درعا، ودخولها على خط تقديم الخدمات والمساعدات للقطاعات المدنية في المحافظة.
كما زار المحافظة مؤخراً عدة شخصيات روسية رسمية وغير رسمية منهم نائب رئيس مركز المصالحة الروسية الضابط كوليت فاديم والمنسقة بين وزارتي التربية السورية والروسية سفيتلانا روديفينا، ومسؤولين في جمعيات خيرية روسية، وأكد نائب رئيس مركز المصالحة الروسي خلال زيارته إلى محافظة درعا مؤخراً عبر وسائل إعلام محسوبة على دمشق، أن روسيا مستمرة في دعم سوريا ومحافظة درعا على وجه الخصوص.

نشيد… وعلم
وافتتح الجانب الروسي في درعا يوم الخميس 18 تشرين الثاني (نوفمبر) مركزاً لتعليم اللغة الروسية في مدرسة إسماعيل ابو نبوت في مدينة درعا المحطة، بحضور شخصيات حكومية رسمية سورية من درعا مثل قائد الشرطة ومدير التربية ونائب المحافظ، وحضر الافتتاح الجنرال الروسي كوليت فاديم وسفيتلانا روديفينا المنسقة بين وزارتي التربية السورية والروسية وقوات من الشرطة العسكرية الروسية.
حيث ابتدأ الحفل برفع النشيد السوري ثم الروسي، وتخلل افتتاح المركز فقرات فنية وشعرية باللغة الروسية، وعرض مجموعة من رسومات الطلاب تعبر عن التآخي بين الشعبين السوري والروسي، وقدمت نسخة من القرآن الكريم مترجمة باللغة الروسية، ثم ألقى الضابط الروسي كلمة تعبر عن استمرار الدعم الروسي للمركز الذي سوف يشمل عددا كبيراً من الراغبين في تعلم اللغة الروسية، وسيتم دعم المركز بالتجهيزات الحاسوبية والمراجع الأدبية لتعلم اللغة الروسية. واعتبرت اكسانا غنيم أن تعلم اللغة الروسية مسألة مهمة لتعميق العلاقات الثقافية والتاريخية بين الشعبين مبينة أن المركز سيوفر المكان المناسب لممارسة الهوايات في مجال الشعر والفنون والرسم.
كما قدم الجانب الروسي مؤخراً إلى المستشفى الوطني فى مدينة درعا السورية شحنة مساعدات طبية وغذائية روسية، أرسلتها إدارة شؤون الرئيس الروسي، تضم فرشات وبطانيات وأغطية وبعض اللوازم الطبية وأدوات التعقيم ومولد كهربائي بطاقة ألف كيلوواط، لضمان استمرار عمل المستشفى والمعدات فيه، لا سيما مع الضغط الكبير الذي تشهده المشفى مع تزايد حالات الإصابة بفايروس كورونا في درعا.
كما أرسل الجانب الروسي مولدا كهربائيا للمستشفى الوطني في مدينة إزرع شمال درعا، وحضرت الشرطة الروسية برفقة بعثة من الكنيسة الروسية ورابطة المحاربين القدماء وجمعية الإخوة الروسية إلى مدينة بصرى الشام بريف درعا الشرقي، وقدمت مساعدات إنسانية ومستلزمات مدرسية للمجمع التربوي في المدينة تضمنت قرطاسية وحقائب ومعاطف لعدد من طلاب المدارس، إضافة إلى أنها قدمت أدوية وبعض المستلزمات الطبية لمشفى بصرى الشام، واطلعت على واقع المشفى في المدينة.
من جهته، أكد المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف، ضمن فعاليات أعمال المؤتمر الدولي حول عودة اللاجئين والمهاجرين السوريين، أن «روسيا ستواصل تقديم المساعدة للشعب السوري بهدف تحسين الوضع الاقتصادي والإنساني، وهناك الكثير من العمل الدؤوب في هذا المجال مستقبلاً». وذلك بحضور ممثلين عن منظمة الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر والمنظمات الإنسانية. التي نشطت مؤخراً في درعا وخاصة في مجال الخدمات الإنسانية كترميم المدارس المدمرة خلال السنوات الماضية، وبناء مرافق صحية واقامة مشاريع زراعية كحفر الآبار وغيرها.

انفراد روسي
وفسر ناشطون في درعا ذلك بالرغبة الروسية بالانفراد بادراه المنطقة الجنوبية خاصة درعا بعد طرحها للتسويات الأخيرة، وسحب السلاح الخفيف والمتوسط من المنطقة، واعطاء صلاحيات أمنية جديدة للقوات الحكومية بملاحقة المطلوبين والرافضين للتسوية في المنطقة الجنوبية، وانهاء حالة التشكيلات والمجموعات العسكرية المسجلة لدى الأجهزة الأمنية أو الفرقة الرابعة أو الفيلق الخامس وتوحيد تبعيتها مؤخراً لإدارة المخابرات العسكرية، وتشكيل قوة عسكرية كبيرة وذات تبعية واحدة موالية لها في جنوب سوريا، تبعد أي منافسين لها في المنطقة.
ويرى مراقبون أن روسيا وإيران لا تتنافسان جنوب سوريا، وان “التعاون موجود في سوريا وحتى روسيا استخدمته مؤخراً في مشاركة قوات موالية لإيران في معارك درعا البلد قبل تطبيق التسويات الأخيرة، وهي نفسها من طلبت بانسحابها عند انتهاء مهمتها، فالتعاون بين الدول الحليفة لسوريا قائم ولكن روسيا تعارض إيران عند مصالحها في سوريا، وباعتبارات إقليمية وتعهدات روسية عام ٢٠١٨، بإبعاد ايران عن المنطقة الجنوبية، دفعت روسيا إلى ابراز سيطرة النظام الفعلية وايجاد قوة عسكرية لها في المنطقة وحكمتها مؤخراً بتبعية عسكرية واحدة تناسب النظام وتحت إدارتها وتناسب أبناء المنطقة الجنوبية الذين يفضلون البقاء في المنطقة وعدم المشاركة بأعمال عسكرية خارج المحافظة”.
فعلياً وبشكل علني لا تواجد لتشكيلات أو قوات عسكرية موالية لإيران و “حزب الله” في درعا، وإيران وحزب الله متواجدة في سوريا حتى قبل عام ٢٠١١، والظهور العسكري العلني هو ما أثار المخاوف من هيمنتها على المناطق السورية، وبقي جنوب سوريا المنطقة الأكثر حساسية بنسبة للدول الإقليمية والخليجية باعتباره بوابه سوريا الجنوبية، واستحسنت الدول فرضية سيطرة النظام على الجنوب السوري مقابل عدة تفاهمات أجرتها روسيا مع دول المنطقة قبيل السيطرة عليها عام ٢٠١٨ وكان أولها إبعاد إيران عن المنطقة، فتحاول روسيا اخذ ضمانات أكثر لسوريا أو تطبيع أكثر وإعادة قبول النظام السوري، مقابل استخدام ورقة إبعاد إيران عن المنطقة، وبالتالي إيران ووكلائها في المنطقة طالما اعتبروا سوريا صلة الوصل سابقاً مع العالم العربي، والتفاهمات أو المفاوضات الإيرانية العربية والعالمية الأخيرة تقرب المسافة من رغبات إيران بعدم دخولها بحرب ولو بالوكالة، ولن تعارض أن تكون سوريا نقطة لقاء جديدة بينها وبين الوسط العربي الذي يرغب بإبعاد إيران عن جنوب سوريا.
ولأن روسيا تشكل ثقلاً سياسياً وأمنياً وعسكرياً بالنسبة لسوريا، أن روسيا هي الدولة الوحيدة القادرة على ضبط الأمور السورية وإيقاف تسرب الممنوعات البشرية أو الاصطناعية حيث إن هناك القاعدة وداعش، هذا بالإضافة إلى قوات أجنبية كثيرة، والمخدرات والحشيشة، وقد تثق الجهات الدولية بروسيا أكثر بالحفاظ وضبط الحدود وهذا ما يرجح الكف الروسي جنوب سوريا على القوى الثانية في سوريا.

مواضيع ذات صلة

عبد السلام العجيلي: شيخ الأدباء وأيقونة الفرات

عبد السلام العجيلي: شيخ الأدباء وأيقونة الفرات

يمثل عبد السلام العجيلي ذاكرة تأسيسية في مدونة الأدب السوري، ذاكرة من من ذهب وضياء، ضمت في أعطافها عبق الماضي وأطياف الحاضر، امتازت بقدرته الفائقة في الجمع بين مفهومين متعارضين ظن الكثيرون أنه لا لقاء بينهما، ألا وهو استلهامه واحترامه للتراث وللإرث المعرفي المنقول عمن...

عمر البطش مدرسة متفردة في فنون الموشحات ورقص السماح

عمر البطش مدرسة متفردة في فنون الموشحات ورقص السماح

إلى جانب كونها مدينة الطرب والقدود، برعت حلب وتميَّزت في فن الموشحات، وذلك بفضل كوكبة من ملحنيها ووشاحيها المبدعين، الذين كانوا مخلصين لذلك الفن  وحافظوا على روح وألق الموشح العربي وساهموا في إغنائه وتطويره، ومن أبرزهم الشيخ عمر البطش، الذي ساهم على نحو خاص في...

شعاع من الفن التشكيلي السوري: نصير شورى (1920-1992م)

شعاع من الفن التشكيلي السوري: نصير شورى (1920-1992م)

في الخامسة من عمره حظيت إحدى لوحاته بإعجاب العديد من أساتذة الرسم، نصير شورى الذي ولد عام ١٩٢٠ والذي كان محط عنايةٍ خاصة من والديه: محمد سعيد شورى، الأديب والشاعر الدمشقي المعروف، وأمه، عائشة هانم، ذات الأصول العريقة. فكان أن تلقى تعليماً خاصاً منذ نعومة أظفاره...

مواضيع أخرى

النساء ومعاركهن المتجددة

النساء ومعاركهن المتجددة

 يتم تسويف قضايا النساء بذرائع متعددة على الدوام، مرة بذريعة الحرص على الأخلاق العامة، ومرة أخرى بذريعة عدم المواجهة مع قوى الأمر الواقع، ومرات بذرائع تنبع فجأة من خبايا السنين وتصير حاضرة بقوة مثل طبيعة المرأة البيولوجية، أو التشريح الوظيفي لدماغ المرأة، وصولاً...

مرحلة اللادولة: بين إرث الماضي ومسؤولية المستقبل

مرحلة اللادولة: بين إرث الماضي ومسؤولية المستقبل

تمر سوريا اليوم بمرحلة فارقة في تاريخها، حيث يقف الجميع أمام اختبار صعب: هل يمكن تجاوز إرث القهر والاستبداد لبناء دولة جديدة قائمة على الحرية والكرامة؟ أم أننا سنتعثر مجددًا في أخطاء الماضي، التي صنعها الخوف، الصمت، وصناعة الأصنام؟ اليوم، نحن في حالة فراغ سياسي...

قراءة في المشهد السوري بعد سقوط النظام

قراءة في المشهد السوري بعد سقوط النظام

شهدت سوريا خلال أربعة عشر عامًا من الصراع تحولًا جذريًا في موازين القوى المحلية والإقليمية والدولية. بدأ الحراك شعبيًا وسلميًا، لكنه انتهى بصراع مسلح معقد ومدعوم خارجيًا، في ظل غياب قوة سياسية مؤثرة ميدانيًا. وبينما ساندت روسيا وإيران النظام السوري، مما أطال أمد...

تدريباتنا