تدريباتنا

كان هذا الشتاء غزير التوابيت

بواسطة | مارس 7, 2018

كان هذا الشتاء غزير التوابيت

فتاةُ القرى

وهي تلمحُ بين التلال القطار البعيد

وأعوامَها وهي تعبرُ مثل ثلاثٍ وعشرين غيمةْ

تحدّثُ جارتها عن ذهابِ الجنود إلى الحرب تحت المطرْ

تقول لقد كان هذا الشتاء غزيرَ التوابيت

والأرضُ تزهرُ في كل يومٍ مئاتِ الضحايا

ولي عاشقٌ غاب من سنتين

ولكنه يتلفّظُ باسمي إذا ما اعتراهُ الرصاص

..فينجو

هو ابنُ ثلاثٍ وعشرين نجمةْ

يهاتفُني من قرى الآخرين

ويلمح بين التلال القطار البعيد..

فتاةُ القرى لا تقول لجارتها

إنّ عاشقها لا يهاتفُها منذ عام..

وجارتُها لا تقولُ لها إنها لمحتْ

نجمةً سقطتْ

.منذ عامٍ وراء التلال

* * *

لم يعد أحدٌ منذ عام وأكثر

لم يعُدْ أحدٌ منذ عامٍ وأكثرَ

:قيلَ لنا

“مرّ هذا الشتاءُ على أهلِنا قاسياً

والذي سوف يأتي به الصيف أقسى”

خرجنا سريعاً من الباب

بابِ المدينة

كانت خيوطُ الدماءِ تسيلُ على الجانبين

هبطْنا بأثقلِ أحزانِنا فوق أرضِ الهزائم

ثم انتظرنا

انتظرنا طويلاً وراء التلال

ومرّ الشتاءُ

ومرتْ بنا العرباتُ محمّلةً بالجنود

ذئابٌ رماديةٌ

ونساءٌ يضعنَ قلائدَ مسبوكةً من رصاصٍ

رأينا على صفحةِ النهرِ أجسادَنا وهي تطفو

وراياتِنا تتمزّقُ قبل المغيب

وقيل لنا لن نعود كما لم يعدْ أحدٌ منذ عامٍ وأكثرَ

لكننا كلما اهتـزّ من تحتِ أرجُلِنا الجسرُ

مدّ إلينا الشتاءُ حبالَ الحنينِ

وعُدنا إلى ضفّةِ الحزن..

هذا خرابٌ عظيم

تجاعيدُ أحلامِنا باتتِ الآن أكثرَ عمقاً

وصارتْ ضفائرُ أشجارِ هذا الطريقِ رماديةٌ

لم يعُدْ أحدٌ

لم تلوّح لنا من وراءِ الجدارِ يدٌ

لم يصلْ طائرٌ

والخيولُ الثلاثون تلك التي انطلقتْ بالرجالِ الثلاثينَ

لم ينجُ منها صهيلٌ على الجرفِ

لكنّ ضوءً خفيفاً فقطْ

شعَّ في عتمةِ الليل..

قيل لنا إنّ نجماً هوى

قيل نبعٌ تفجّرَ

قيل حريقٌ خَبَا

..قيل سيفٌ أطاحَ برأس الملكْ

لم يكنْ غيرَ نصلٍ فقطْ

..شعَّ في عتمةِ الليل

.ثم سقطْ

 * * *

مواضيع ذات صلة

عمر البطش مدرسة متفردة في فنون الموشحات ورقص السماح

عمر البطش مدرسة متفردة في فنون الموشحات ورقص السماح

إلى جانب كونها مدينة الطرب والقدود، برعت حلب وتميَّزت في فن الموشحات، وذلك بفضل كوكبة من ملحنيها ووشاحيها المبدعين، الذين كانوا مخلصين لذلك الفن  وحافظوا على روح وألق الموشح العربي وساهموا في إغنائه وتطويره، ومن أبرزهم الشيخ عمر البطش، الذي ساهم على نحو خاص في...

شعاع من الفن التشكيلي السوري: نصير شورى (1920-1992م)

شعاع من الفن التشكيلي السوري: نصير شورى (1920-1992م)

في الخامسة من عمره حظيت إحدى لوحاته بإعجاب العديد من أساتذة الرسم، نصير شورى الذي ولد عام ١٩٢٠ والذي كان محط عنايةٍ خاصة من والديه: محمد سعيد شورى، الأديب والشاعر الدمشقي المعروف، وأمه، عائشة هانم، ذات الأصول العريقة. فكان أن تلقى تعليماً خاصاً منذ نعومة أظفاره...

نذير نبعة: رسام الحياة ومؤرِّخ الألوان السورية

نذير نبعة: رسام الحياة ومؤرِّخ الألوان السورية

 "كنت أحلم بلوحةٍ تستطيع أن تخاطب بجمالياتها شريحة أوسع من الناس، لوحة تستطيع تجاوز مجموعة الجمهور التي تتكرر في حفل الافتتاح لأي معرض". ربما توضح تلك الكلمات، وهي للفنان نذير نبعة، مدى تبنيه وإخلاصه للفن، الذي كان رفيق دربه لأكثر من ستين عاماً، فهو الفنان الذي...

مواضيع أخرى

عملية تجميل لوجه دمشق بجراحة تستأصل بسطات الكتب

عملية تجميل لوجه دمشق بجراحة تستأصل بسطات الكتب

رغم انتشار ثقافة المطالعة واستقاء المعلومات عن طريق الشبكة العنكبوتية إلا أن ملمس الورق ورائحة الحبر بقيا جذابين للقارئ السوري. ولم تستطع التكنولوجيا الاستحواذ على مكان الكتاب الورقي، أو منافسته. وبقي الكتاب المرجع الأساسي والحقيقي لأي بحث علمي وأكاديمي، ولم يستطع...

التجربة المؤودة للمسرح الجوّال في سورية

التجربة المؤودة للمسرح الجوّال في سورية

بقي الريف السوري محروماً من المسرح إلى أن أنشأت مديرية المسارح والموسيقى في وزارة الثقافة ما أسمته "المسرح الجوال" عام ١٩٦٩، والذي بدأ عروضه بنشر الوعي المسرحي في الريف والمناطق الشعبية والنائية. صارت الصالة في كل مكان  والجمهور ضمنها، وكان كسر الحواجز بين...

“وفا تيليكوم”: اتصالات إيرانية على أراضٍ سورية

“وفا تيليكوم”: اتصالات إيرانية على أراضٍ سورية

ينتظر السوريون في الأسابيع المقبلة بفارغ الصبر وفق تصريحات حكومية انطلاق المشغل الخلوي الثالث "وفا تيليكوم" المرتبط بإيران التي ستدخل على خط الاستحواذ في قطاع الاتصالات الحساس والذي ظلّ حكراً على متنفذي السلطة لعقود. من خلال التواصل المباشر مع مصادر متعددة من داخل...

تدريباتنا