تدريباتنا

أربع قصائد

بواسطة | يونيو 1, 2020

أربع قصائد


زجاجة

مومسٌ أنا
أصعد بيتي
بأنفاس مركب يغرق
اللسعات النيئة
الليل المغرم بالضحايا.
أيها الشمع الحر في موتك
هل أنرت لي هذه السلالم؟
في قلبي رجل ميت
وفي عيني أهلي
وها هو المهرّب العجوز
بسن منخور وشعر أحمر
يريد رقم جواز سفري كي أعبر
وأنا أريد أن أشرب
أريد أن ألبس
أريد أن أكتب.
أيتها الظلال المغشوشة
علميني كيف أصل النبع
وفي دمي ألف جثة
وألف إناء مكسور
علميني أيتها الأعماق
كيف أموت دون فقاعات.
أحبك أيها الليل المضني
وأحب رائحتي تحت إبطك
لكنني أريد ان أحبو
أن ألمس البهجة من جذورها
كيف تتسلق الضوء
ثم تتنشر دخانا رماديا بين الصخور….

الدمع البني

الخريف يقبلني
وفمكَ الإفريقي يقطع قرطي الأزرق.
كان للرصاصة مأوى في قلبي
ان للوسادة تفاح بين نهديَّ
وكان للجدران أم وأب يدقان صورهما مع لحمي
فأنا يتيمة ووحيدة وبلهاء
أفتح نافذتي لأعدائي، للمجانين
ثم أمرض من وجع الحنين.
الآن وأنا ألعق أصابع قدميكَ
وأنا أمارس الجنس مع دمعكَ البني
لم يعد في قفصي الصدري أثر للسنونو
والمناديل في ظهري ذابت مع صفير القطارات.
لقد تركتُ بيتي
وهجرتُ سيرتي قبل أن تصير قفلا
ودّعْتُ أصدقائي قبل أن يقتلوني
ورسمتُ سكينا في الهواء
وها هو المساء يا جسدي
طاولة خشبية تطل على الفناء
الفناء الذي أرغب أن يمحو ضالتي
بيوت وشجرة صنوبر
ورجل يحب أن يرى عيني بالأبيض والأسود.

انتظار

تعال إليَّ
أنا شهيةٌ هذا المساء
وأشعر بأن القمر بين فخذي
يضيء دون دموع.
إنها الحواس المؤجلة لبناء الكوخ
لزرع سنديانة
لقبلة على حافة النهر
أتدري في أي حانة تعيش أعشابي الضارة؟
هل تعلم عن دقات عظامي في العتبات؟
عن لسان رطب ملّ تخيلاتي؟
أرجوك تعال إليّ هذا المساء.
لن نتزوج
لن نشعل شمعة
لن أقلب ألبوم صوري فوق قدميك.
أريد فقط
أن أفتح لك هذا الباب
وأراك تعبر العتبة
تعبرني
وتدخل بيتي.                                                                                

البيانو

شجرة الميلاد في بيت عازف البيانو تضيء الشرفة
والشرفة تضيء نفسها.
عازف البيانو نائم الآن
وأضواء الشجرة تحتفل وحيدة
بتكرار وحيد
بمرور سنة جديدة
فتات نجمة ومطر وعيني
هيه أيتها الشرفة كم عمرك
هل لديك أطفال
من أين مدينة أتيت
ما اسم أمك
هل يؤلمك هذا الشارع كما يؤلمني الحنين؟
أيتها الشرفة
هل نام عازف البيانو قبل أن يضاجعك؟
أيتها الشرفة
أزيلي هذه الثياب المعلقة على حبل الغسيل
وأنا سأتعرى أمام النافذة الآن.
تعالي كي أمص حزنك إلى أن تنهاري وتسقطي
حتى أعود وألملم حطامك في حطامي وأصير شرفة
وتصيري امرأة تهوى تصوير حمالة نهديها على حبل الغسيل.
يا شرفة عازف البيانو
تعالي وصيري امرأة
وأكون أنا حطامك العالي
حافة لسجائر عازف البيانو وكلبه المسن
وزهرة الصابر الميتة تلك.

*تنشر هذه المادة بالتعاون مع جدلية.

مواضيع ذات صلة

من الثورة إلى النهضة: إضاءة على فكر طيب تيزيني

من الثورة إلى النهضة: إضاءة على فكر طيب تيزيني

طيب تيزيني اسم أكبر وأهم من أن نُعرِّفه عبر سطور أو صفحات قليلة؛ لأنه جسَّد أفكاره تجسيداً عملياً، فكانت مؤلفاته تفيض من تفاصيل حياته ومواقفه الإنسانية والسياسية، وكانت حياته ومواقفه وبحق تعبيراً صادقاً عن أفكاره وفلسته، فكان فيلسوفاً بل حكيماً بكل ما تعنيه هذه...

 محمد مُحسن: صانع النجوم ومبدع الألحان الخالدة

 محمد مُحسن: صانع النجوم ومبدع الألحان الخالدة

 خلال مسيرته الفنية الحافلة بالعطاء، والتي استمرت لأكثر من نصف قرن، أبدَعَ مدرسة لحنية وغنائية متفردة وغنية ومتكاملة، تركت بصمتها المؤثرة في تاريخ الموسيقى العربية، وقد ساعدته موهبته في الغناء في فهم طبيعة الأصوات التي لَحَّن لها، فكان يُفصِّل اللحن على مساحة...

جُرح في الزوبعة

جُرح في الزوبعة

كانت حياة أنطون سعادة القصيرة (1904-1949 م) أشبه بدورة الإله بعل في الميثولوجيا الكنعانيّة القديمة، فبعل الذي يموت ويولد على نحوٍ أبديٍّ، وفقاً لـ"ألواح أوغاريت"، يرمز إلى "بلاد كنعان" أو "فينيقيا" تبعاً لتسميتها اليونانيّة القديمة، هذه البلاد التي مهما حاقَ بها من...

مواضيع أخرى

سوريا: كسوة العيد للأطفال محكومة بالأزمة الاقتصادية الحادة

سوريا: كسوة العيد للأطفال محكومة بالأزمة الاقتصادية الحادة

حرصت عائلات سورية -في أعوام خلت- على شراء الملابس الجديدة قبيل عيد الفطر، وبخاصة للأطفال كي يشعروا بالبهجة والسرور، غير أن التضخم وتراجع القدرة الشرائية، إلى جانب تدني دخل الأسرة بفعل الأزمة الاقتصادية الحادة أثر بشكل سلبي على هذه العادة. في جولة لنا على عدد من...

ماذا تبقى من طقوس وعادات رمضان؟  

ماذا تبقى من طقوس وعادات رمضان؟  

لشهر رمضان في سوريا عاداتٍ وطقوسِ اجتماعية وإنسانية، حرصت العائلات السورية على توارثها والتمسك بها عبر عشرات السنين، حتى تحولت إلى ما يشبه التراث الاجتماعي، ومن أشهرها "سِكبة رمضان" التي  تخلق حالة من الألفة والمحبة والتكافل الاجتماعي بين الناس، الذين يتبادلون...

“عيدٌ بأية حالٍ عدتَ؟”: غلاءٌ وعوائل حزينة

“عيدٌ بأية حالٍ عدتَ؟”: غلاءٌ وعوائل حزينة

لطالما يسخر السوريون من أنفسهم حين يكررون في كل عيدٍ الشطر الأول من قصيدة المتنبي "عيدٌ، بأية حالٍ عدتَ يا عيد؟"، ربما كان معظمهم يعلم شطره الثاني: "بما مضى أم بأمرٍ فيك تجديد"، وأنّ تشابه أيامهم بات فيه من السخرية الكثير، ولكنّ لا شك-أنّ معظمهم لم يكمل القصيدة، لا...

تدريباتنا