تدريباتنا

أكرم حمزة: لوحة مفصلية في مسيرتي التشكيلية

بواسطة | أبريل 16, 2023

أكرم حمزة فنان تشكيلي سوري من مواليد السويداء 1963. درس الفن وتخرج من كلية الفنون الجميلة جامعة دمشق. عمل مخرجاً صحفياً ومصمماً إعلانياً، ومصمماً للفضاء المسرحي. عمل أيضا في مسرح Pakhuis Hoorn في تنفيذ الإضاءة والصوت لسنة ونصف. أقام عدة ورشات عمل فن تشكيلي والعديد من دورات الفنون.عضو لجان تحكيم العديد من المسابقات الفنية والمسرحية. نال العديد من الجوائز الأولى في التصميم والسينوغرافيا، وصمم ونفذ العديد من مهرجانات الفن والمسرح والثقافة. عرض و شارك في عدد من المعارض والتظاهرات الثقافية في عدة مدن  أوروبية، وكتب ونشر في عدة صحف في الفن التشكيلي والغناء الملتزم. أقام نصباً فنياً في مدينة هورن لمنظمة هولندية تُعنى بشؤون البيئة من النفايات البلاستيكية، النصب بارتفاع ثلاثة أمتار وبناه من المخلفات البلاستيكية وكان حامله قضيباً معدنياً مجوفاً. عضو منظمة أطباء بلا حدود العالمية، عضو منظمة آفاز العالمية، وعضو متطوع في جمعية مساعدة مرضى الزهايمر الهولندية.  مقيم حاليا في مدينة هورن.  

صالون سوريا: متى رسمتَ هذه اللوحة، ما الشرارة الأولى التي كشفت الطريق إليها، هل هناك فكرة أو إيحاء أو تأثير معين دفعك إلى رسمها؟

أكرم حمزة: لقد اشتغلتُ على الوجه البشري في المراحل الأولى من عمري، أي منذ طفولتي، وكانت الدراسة الجامعية وما بعدها المؤثر الحقيقي لهذا التوجه الذي تكرس بعدد من التجارب اللاحقة تعددت فيها الأساليب والتقنيات، وكان تتويجا لها ارتحالي عن بلدي لأعود الي جذوري التشكيليية وأعاود دراسة الوجه وإنجاز العديد من التجارب وكم من الأعمال على مدار سنة كاملة لتبزغ اللوحة- السلسلة مع مجموعة أعمال تجولتُ بها في عدة معارض فردية وجماعية في أوروبا ( بلجيكا: مول و بروكسل، ألمانيا: بريمن وبون، هولندا: أمستردام، إيندهوفن، أوس، ستيدبروك، ميدبليك، هورن). كانت تلك الأعمال تُعنى بالوجه البشري وضمنياً بالانفعالات الإنسانية والبشرية، ونفذت تلك الأعمال بداية الشهر السادس من عام 2016 ونفذت اللوحة أعلاه في الشهر الثامن من العام  نفسه، واللوحة التالية هي أول لوحة من تلك المجموعة.

هذه هي كانت البداية والمحرض بعد استتباب مقومات الأسلوبية من ناحية التقنية-المهارة، وضمناً تماهيها مع الموضوع الذي أعمل عليه، فالشرارة عندي ليست المحرض الخارجي على الأقل من خلال بحثي الدائب في تلك الفترة عما أستطيعه، والعمل اليومي وإنجاز العديد من الأعمال التي تحاكي وتتقاطع في بعض منها تجارب أخرى. 

واقتنت هذا العمل الأول السيدة الباحثة دومنيك فان لير المختصة في تاريخ الفن و رئيسة تحرير مجلة تابلو الفنية التي تصدر في أمستردام.

ص.س: ما موضوع هذه اللوحة، وما العوالم التي تشير إليها وما الذي تحاول إيصاله فنياً فيها؟

أكرم حمزة: هي جزء من سلسلة بعنوان تحولات العواء أستلهم فيها مأساة الإنسان في رحيله وحيداً مع كامل أحزانه وآلامه الجسدية والنفسية خصوصاً ما يجري الآن من تكالب السواد والليل في منطقتنا والعالم. 

هي صرخة عواء من قعر الألم. حتى ما يسمى بالحيوان كان وسيظل أكثر التصاقا بالوجع وفي التعبير عنه، وحيداً في ألمه، وحيداً في صمته، وحيداً في ليل عوائه.

ومن خلال الوجه الذي يندمح فيه الحيوان والإنسان، والتركيز على الحس التعبيري بالعينين وعضلات الوجه، أختصر الوجه بما ذكرته، مبقياً على الشحنة التعبيرية بوجود الخط الانفعالي المستمر على مساحة من بياض تتلوث بالقليل من تونات الوجه.

وبالنسبة للوحة تلك سميتها نظراً لتميزها حالات تسعوية، لما فيها لعب على الكلام من حالات والحال (الوجد الصوفي) والتسعوية، الرقم تسعة والتعاسة كقلب الأحرف، والمهم هو كيف تشاهد وما تشاهده يبقى هو الفيصل والحكم. والتالي بعض من وجوه اللوحة.

ص. س: ما الذي تشكله هذه اللوحة في مسيرتك الفنية؟

أكرم حمزة: بهذه المجموعة وضمنها هذه اللوحة أستطيع القول أنني أنجزت شيئا ما وإضافة في مسار الفن التشكيلي ضمن مجال اللوحة المحمولة، لجدة طرحها تقنياً وأسلوبياً. 

ص.س: كيف تختلف هذه اللوحة عن لوحاتك السابقة؟

أكرم حمزة: كما ذكرت سابقا هذا العمل لا يختلف من الناحية التقنية لأنه تطوير وتصعيد للتجارب التي قمت بها سابقا فالمزاوجة بين الغرافيك والرسم، الدراسات الخطية (الإسكتش السريع، الكروكي) مع الإكرليك على اللوحة القماشية المحمولة، هذا من ناحية، ومن ناحية الأسلوب زاوجت بين اللوحة السطح أي إلغاء المنظور الهوائي والبعد الثالث في فراغ اللوحة وأبقيت على التجسيم في الوجه عن طريق الخط الغرافيكي المستمر. 

(اسكتش بقلم الرصاص 2016 ، وفيه يظهر نفس طريقة العمل في وجوه اللوحة، لكنه هنا أكثر تحرراً). 

ص. س: ما الأدوات المستخدمة في اللوحة وكم استغرق إنجازها؟

أكرم حمزة: اللوحة جزء من مشروع  وسلسلة تحولات العواء. مواد التنفيذ قلم حبر جاف أسود والدهانات الإكريلية والديكور الرمادي، على القماش  المجهز بالأساس للرسم. قياس العمل كواجهة 100×100 سم . نفذ العمل في صالة J.A.J.A  إيندهوفن هولندا عام  2016 مع مجموعة سلسلة التحولات واستغرق إنجازها أسبوعاً. في هذه الفترة من النصف الثاني من العام 2016 حيث كنت متفرغا للعمل في هذا المشروع الذي تجاوزت لوحاته الأربعين لوحة، وقد قسمت اللوحة إلى 9 مربعات متساوية يفصل بينها شريط رمادي مزرق وتشكل 9 حالات لوجوه شبه أمامية وشبه آدمية بشرية ونحن نعلم رمزية العدد تسعة في المثيولوجيا وعلم الأعداد وحساب الجمل، والوجوه كلها رُسمت بالخط الغرافيكي المتتابع والانفعالي بواسطة قلم الحبر الجاف الأسود مما كان مزواجة أولى للاسكتش الغرافيكي مع اللوحة القماشية وخلفيات الوجوه جميعاً بمادة الإكرليك التي غلبت عليها الألوان القاتمة والسطوح المتناغمة، وبعض السطوح كانت أقل دسامة وشفافية وتعتمد اللمسة السريعة والقصيرة المتقطعة. أما الحامل فهو القماش المجهز بالأساس القليل الامتصاص ومشدود على إطار خشبي. 

(دراسة وجهية 2016 بنفس الطريقة والإسلوب، لكن فقط بقلم الرصاص   B6 )

ص.س: هل كانت آراء النقاد والمشاهدين مطابقة لما ترمي إليه في هذه اللوحة؟

أكرم حمزة: تناولت الصحافة عامة كثيراً التجربة نظرا للدعوات التي وُجهت لعرضها في العديد من الأمكنة ومدن الشمال الهولندي وفي  كل الصالات التي عُرضت فيها  هذه اللوحة  مع مجموعة أخرى من الأعمال، كانت تثير الإهتمام لما فيها من غرابة و جدة. وكانت تجري نقاشات حول المجموعة ككل، وكانت اللوحة تحظى بالتأمل والوقوف مطولاً أمامها، وكثير من الأشخاص والمجموعات يعودون إليها وهذا ما جرى في المعرض الأخير حيث اقتنيت اللوحة، وكذلك أبدت اهتمامها السيدة الناقدة المختصة بتاريخ الفن دومنيك فان لير رئيسة تحرير مجلة تابلو الفنية التي تنشر في أمستردام واقتنت عملاً من نفس هذه المجموعة عام 2018 . ولا أعتقد أنها كانت بعيدة عن رؤيتي العامة للمجموعة، لأن من طبع الفن عامة أنك تستطيع ان تحلله وتفككه أو تستمتع به من خلال رؤياك أنت، وهذا ما يضفي على الفن عموماً طابع حرية التلقي، فالرسائل الموجهة تصل بالمشاهدة، والمشاهد هو الذي يحدد من أين وكيفية المشاهدة، وصحيح أن الفنان المتمكن من أدواته المعرفية والتقنية يستطيع أن يوجه المشاهد ويجعله يتفاعل مع ما يريد سواء بمتعة المشاهدة الجمالية أو المعرفية التي أعتقد أن لا انفصال بينهما إلا لضرورات الشرح والتعريف. 

مواضيع ذات صلة

عبد السلام العجيلي: شيخ الأدباء وأيقونة الفرات

عبد السلام العجيلي: شيخ الأدباء وأيقونة الفرات

يمثل عبد السلام العجيلي ذاكرة تأسيسية في مدونة الأدب السوري، ذاكرة من من ذهب وضياء، ضمت في أعطافها عبق الماضي وأطياف الحاضر، امتازت بقدرته الفائقة في الجمع بين مفهومين متعارضين ظن الكثيرون أنه لا لقاء بينهما، ألا وهو استلهامه واحترامه للتراث وللإرث المعرفي المنقول عمن...

عمر البطش مدرسة متفردة في فنون الموشحات ورقص السماح

عمر البطش مدرسة متفردة في فنون الموشحات ورقص السماح

إلى جانب كونها مدينة الطرب والقدود، برعت حلب وتميَّزت في فن الموشحات، وذلك بفضل كوكبة من ملحنيها ووشاحيها المبدعين، الذين كانوا مخلصين لذلك الفن  وحافظوا على روح وألق الموشح العربي وساهموا في إغنائه وتطويره، ومن أبرزهم الشيخ عمر البطش، الذي ساهم على نحو خاص في...

شعاع من الفن التشكيلي السوري: نصير شورى (1920-1992م)

شعاع من الفن التشكيلي السوري: نصير شورى (1920-1992م)

في الخامسة من عمره حظيت إحدى لوحاته بإعجاب العديد من أساتذة الرسم، نصير شورى الذي ولد عام ١٩٢٠ والذي كان محط عنايةٍ خاصة من والديه: محمد سعيد شورى، الأديب والشاعر الدمشقي المعروف، وأمه، عائشة هانم، ذات الأصول العريقة. فكان أن تلقى تعليماً خاصاً منذ نعومة أظفاره...

مواضيع أخرى

في وقت فراغي: ستَّة نصوص لِـ(أديبة حسيكة)

في وقت فراغي: ستَّة نصوص لِـ(أديبة حسيكة)

(1) في وقت فراغي كنتُ أملأ الأوراق البيضاء بالحقول كان يبدو الفجر أقرب و السحاب يمرّ فوق الطرقات بلا خسائر..  وكان الماضي  يمتلئ  بالألوان. لا شيء مثل اللحظة حين لا تجد المسافة الكافية لتخترع أجنحة تكاد تنمو كزهرة برية.  بدأتُ أجمع صوتي من الريح و أفسّر...

فصلٌ من القهر والعذاب: كيف مضى فصل الصيف على سوريا؟

فصلٌ من القهر والعذاب: كيف مضى فصل الصيف على سوريا؟

لم يكتفِ الناس في سوريا من معاناتهم وأوجاعهم اليومية، التي فرضتها ظروف الحرب وما تبعها من أزماتٍ متلاحقة وتردٍ في الواقع الاقتصادي والمعيشي، حتى أتى فصل الصيف، الذي سجل هذا العام ارتفاعاً كبيراً وغير مسبوق في معدلات درجات الحرارة، وكان الأقسى على البلاد منذ عقود،...

عملية تجميل لوجه دمشق بجراحة تستأصل بسطات الكتب

عملية تجميل لوجه دمشق بجراحة تستأصل بسطات الكتب

رغم انتشار ثقافة المطالعة واستقاء المعلومات عن طريق الشبكة العنكبوتية إلا أن ملمس الورق ورائحة الحبر بقيا جذابين للقارئ السوري. ولم تستطع التكنولوجيا الاستحواذ على مكان الكتاب الورقي، أو منافسته. وبقي الكتاب المرجع الأساسي والحقيقي لأي بحث علمي وأكاديمي، ولم يستطع...

تدريباتنا