أجرى فريق #صالون_سوريا، دورة تدريبية عن الانواع الاعلامية والصحافة الحساسة...
تدريباتنا
ورشة تدريب صالون سوريا
يعلن فريق #صالون_سوريا، التحضير لدورة تدريبية عن الانواع الاعلامية والصحافة...
يعيش أهالي محافظة الحسكة منذ عقد ونيِّف حياة مُظلمة وواقعاً مَعِيْشياً متردياً، انقسم المجتمع فيه إلى طبقتين متفاوتتين في الحياة والمتطلبات والآمال، وما عانته المحافظة التي مثَّلت سلة الغذاء السورية في العقود المنصرمة في ظل سنوات الحرب ’’زاد الطين بلة‘‘ طوال سنوات الجفاف الذي ضرب حوض نهر الخابور، وأخرجه عن دوره الفعَّال في دائرة التنمية الاقتصادية للبلاد؛ وبرغم ما قدمته المحافظة من خيرات وثروات كانت تدفع بالاقتصاد السوري بقوة إلى الانتعاش، إلا أنَّ واقع الحياة في محافظة الحسكة بريفها الشاسع يكاد يكون مُغيَّباً تماماً عن عين الإعلام بالعموم وعن طاولة الحوار السوري بشكلٍ خاص، وبعيد نوعاً ما عن التغطية المُنظَّمة للإعلام، عدا تقارير خجولة ومقتضبة لا تَمسُّ حياة المواطنين وتتبَّع مشاكلهم وهمومهم إلا بالقليل النادر كانتباهة النائم الذي أثقل الوسن جفونه، وقد يكون لذلك أسباب كثيرة لا مجال لحصرها، وكان هذا الدافع للقيام بجولة في المحافظة وريفها لرصد بعض الصور من واقع الحياة هناك، ومحاولة التعرّف على بعض التحدِّيات والصعوبات التي يواجهها السكان لتأمين حياتهم ومتطلبات عيشهم.
واقع معيشي في عالمٍ موازٍ:
يعتمد أبناء الحسكة في معيشتهم بشكل عام كمجتمع زراعي على ما تَجود به الأرض من خيرات، إلى جانب تربية المواشي والاستفادة منها في رفد وتنويع الموارد الحيوية التي يبنى عليها الاقتصاد في المحافظة، إضافة إلى التجارة والصناعة الاستهلاكية الخفيفة التي لا تكاد تغطي متطلبات السوق المحلية، فخلو المحافظة من المعامل والشركات الصناعية الكُبرى والثقيلة أجبر السكان على البقاء في دائرة الاقتصاد الزراعي البدائي ومشتقاته، وهذا ما شكَّل تحدياً صعباً لما يُقارب المليون نسمة في تأمين مستلزمات البناء والزراعة، خاصة في ظل الجفاف الذي ضرب المنطقة منذ العقد ونصف الماضي، مع حلول الأزمة السورية التي أتت لتُفاقم الأزمة الكبرى الواقعة.
هذا، ومع بداية الأزمة السورية خرجت المحافظة بامتدادها الواسع على دائرة السيطرة الحكومية التي تقلَّصت في مساحة محددة وسط المدينة، وبقي الاقتصاد الذي كان يعاني الجفاف لسنوات رهن سيطرة التنظيمات والميليشيات المتتابعة على المنطقة، وغياب التنظيم والتوزيع العادل للموارد على القطاعات الإنتاجية في المحافظة وتخبّط السياسة الاقتصادية وغيابها في معظم الأحوال، الأمر الذي عرقل وبشكلٍ مُتسارع الوضع المعيشي لأهالي المحافظة، حيث بدأت علامات الهزال الاقتصادي تبرز في مظاهر الحياة كافة، لجأ السكان إثر ذلك وهم بحاجة لمورد يدفع عنهم شَبَح الفقر، إلى حلول إسعافية بديلة بعد سيطرة الميليشيات على منابع النفط وإدارتها لتجارة الفيول وتوافره بسعر زهيد إلى تكرير النفط الخام بطريقة بدائية، وإغراق السوق بالمُشتقات النفطية المُشبعة بالرصاص المُشع، وهذا ما نتج عنه لاحقاً آثار مرعبة على البيئة والصحة في عموم حوض الفرات غصَّت بها مشافي الأورام والأمراض المُزمنة؛ ما خلق نوعاً من دائرة اقتصادات تقوم على تجارة المشتقات النفطية والمنتجات التي يسهُل تسويقها وبيعها في أسواق محلية وعلى الطرقات، حتى حلول عام 2018 بُعيد تطهير فلول داعش من ريف المحافظة بشكلٍ عام، مع انتهاء الجفاف الذي استمر لأكثر من عقد وبداية موسم مطري غزير وفَّر آلاف الهكتارات من المحاصيل الزراعية البعلية، انتعشت خلاله الأوضاع المعيشية في المحافظة بمختلف قطاعاتها.
أسواق محلية في قضاء المحافظة:
بدأت الأوضاع المعيشية للسكان مَطلع العام 2019 بالخروج من دائرة الضيق بعد الاستقرار النسبي الذي طال المنطقة، وانتشار الأسواق والمزادات المحلية في المناطق والأرياف بعيداً عن مركز المدينة، والتي نشأت وتوسّعت حول تجمُّعات من باعة المشتقات النفطية ودلَّالي المواشي ومكاتب بيع السيارات وذلك لسهولة تصريف البضائع خاصة وأنَّ هذه الأسواق لا تخضع لرقابة مباشرة لأي جهة ما؛ إثر موسم زراعي وفير بدأ ينحسر مع انحباس الأمطار نهاية شتاء هذا العام، يقف أبو فارس والذي يعمل دلَّال مواشٍ في وسط سوق “الحدادية” للمواشي في ريف الحسكة الجنوبي منادياً بأعلى صوته على المواشي التي جُلبت لتباع في السوق يوم السبت، وأشار خلال لقائه صالون سوريا إلى حركة السوق القوية المعتادة في هذا اليوم في فصلي الشتاء والربيع في كل عام، إلا أنه يعلّل ضعف القوة الشرائية إلى انحباس المطر هذا الشتاء وإلى تواتر العرض والطلب على أنواع محددة في الصيف، خاصة بعد عزوف تجار محافظات الداخل من حماه وحلب عن ورود هذه الأسواق بعد انحباس المطر نهاية الموسم الذي أجهض الكثير من الاحلام والتوقّعات.
ويضيف محمود وهو مُحاسب في سوق الحبوب أن هذه الأسواق أعطت الناس فرصاً جديدة للبقاء على قيد الحياة ومنحتهم بعض الاستقرار على حد تعبيره على الرغم من الغلاء الذي يتأفف منه الجميع ويُقيّد حركة السوق، أمَّا هُمام طبيب الأسنان الذي افتتح عيادته في السوق ذاتها وقد وجد فيها خطوة آمنة، أفاد لصالون سوريا أنَّ ارتفاع الأسعار اليومي نتيجة نسب التضخم المتفاقم وتذبذب سعر الصرف، أخرج الغالب من سكان الأرياف من دائرة الأمان المعيشي ووضعهم تحت خط الفقر، فالكثير من زائريه في العيادة من السكان المحليين يعتمد في حياته على البيع المتفرق للمواشي وتسويق المحصول السنوي وبيعه في سوق محلية تخضع للعرض والطلب المحلي، وكل ذلك يعتمد على الطقس وموسم الأمطار الذي يُنعش السوق ويبعث الحياة في نفوس الأهالي؛ ما قد يجعل من عمله في هذا المكان آمناً ومريحاً نوعاً ما، ذلك أنَّ عيادته تُجنِّب الكثيرين عناء الذهاب إلى المدينة.
هجرة مُتسارعة للشباب:
في ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية لجأ الكثير من الشباب في المحافظة إلى اختصار الطريق وتحويل بوصلتهم تجاه أوربا، فبمبلغ يصل نحو 10 آلاف دولارٍ اختار أحمد خريج قسم اللغة الإنكليزية، أن يسلك طريقاً محفوفة بالمخاطر وينطلق هذا الصيف عبر الحدود التركية إلى أوربا هارباً على حد تعبيره من دوامة المجهول التي انتهت إليها المنطقة، بعد أن استنفدت قواه في تحمّل الواقع المعيشي الصعب، وبرغم استدانته للمبلغ الكبير ومخاطرته بحياته في الطريق إلى أوربا، لكنه يرى أملاً في نهاية الطريق قد يُغير من حياته وحياة أسرته.
ظروف تعليميِّة من وحي واقع الحال:
لا زال ريف محافظة الحسكة يعاني بشدة من تبعات الانقطاع التعليمي الذي فرضته الحرب في ظل سيطرة الميليشيات المتتابعة في الجزيرة السورية بعامة، وخروج غالب مدارس المحافظة عن خطة الوزارة التربوية في دائرة التعليم الحكومي، ما أسفر عن ظروف تعليمية انعكست على مستقبل مئات الآلاف من الطلاب بحلقاتهم المتعددة وذلك بحسب توجّهات كل من التنظيمات والميليشيات المُسيطرة، وقالت السيدة أم أحمد في لقائها صالون سوريا إنَّ الواقع المعيشي انعكس على جميع مناحي الحياة بما في ذلك واقع التعليم في المنطقة، وأشارت بدورها إلى أنَّ المستوى التعليمي في مدارس المنطقة قد تردَّى إلى أقصى حد، وذلك يعود إلى أنَّ ما يُعرف بالإدارة الذاتية التابعة لقسد قد أقامت نظاماً تعليمياً في مناطق سيطرتها تستند فيه إلى جملة من المدرسين والإداريين الحاصلين على الشهادة الإعدادية، وعدد قليل من حملة الشهادة الثانوية، إلا أنَّ حَمَلَة الإجازة الجامعية يُعَدُّونَ نسبة ضئيلة جداً في تلك المنظومة التعليمية، وأشارت بدورها زهرة وهي ربة منزل وأم لستة أولاد بكلمات مقتضبة إلى أنَّ تراجع مستوى التحصيل الدراسي للتلاميذ في مدارس المنطقة في ريف الشدادي يعود إلى ضعف الخبرة التدريسية للمعلمين، وافتقار معظم المدرسين إلى أسلوب تعليمي يوجِّه مُخرجات العملية التعليمية نحو أهداف أكثر فاعليِّة، كون الغالب من هؤلاء المُدرسين يحتاج إلى ضبط لغته العربية قراءةً وكتابة”، ما انعكس على تراجع تحصيل الطلاب الدراسي بشكل تفاقمي أدى إلى استمرار الأمية بين كثير من الطلاب، انتهى بأهالي التلاميذ النظر إلى مستقبل أطفالهم التعليمي بعين الإفلاس، وعَدّهم التعليم بلا جدوى في ظل الفشل المتكرر، ما حدا بالكثيرين إلى إخراج أبنائهم من المدارس والزجّ بهم في شتى الأعمال والمصالح اليدوية لتأمين كفاف العيش.
ومن وجهة أُخرى، التقى صالون سوريا بفاطمة وهي معلمة بشهادة إعدادية حكومية انخرطت في السلك التعليمي التابع لما عُرف بالإدارة الذاتية وأفادت برأيها ” أنَّ الواقع يفرض نفسه على الجميع وأنَّ هذا الحال أفضل من بقاء الطلاب دون تعليم، خاصة بعد خروج داعش من المنطقة، فقد وفرت هذه المنظومة التعليمية مورداً شهرياً لعائلتها يصل إلى حوالي 80 دولاراً أغناها عن سؤال الناس، كما أنَّ هذه المنظومة في حلقتيها الأولى والثانية كانت بمثابة حلقة ترميمية أعادت الكثير من الأطفال والطلاب إلى مقاعد الدراسة، وعلى الرغم من عدم قبول الحكومة للشهادات التي تصدر عن هذه الجهة، لكن بإمكانهم متابعة الدراسة الإعدادية وقتما شاؤوا في مركز المحافظة”، وبهذا الحال أضحت الظروف المعيشية والمادية وبُعد الطلاب من المدينة أو قربهم هو الفاصل بين تحصيل التعليم وإكماله أو الاكتفاء بمحو الأمية، ما شكَّل تحدياً يُضاف إلى قائمة طويلة من الصعوبات بات يعانيها أبناء المحافظة.
أعمال صناعية محلية وواقع زراعي:
تندرج محافظة الحسكة ضمن المحافظات النامية، وتشكِّل الزراعة والثروة الحيوانية العمود الفقري لاقتصاد المحافظة، وتشتهر بزراعة القمح والقطن بشكلٍ واسع، إضافة إلى الخضار والبقوليات وبعض الفواكه، وقد انخفضت نسبة مساحة الأراضي المروية بشكل كبير خلال الأعوام الماضية، حيث تُمثل المساحة المزروعة في المحافظة في العام 2007 نسبة 29% من إجمالي مساحة الأراضي الزراعية في سورية، خرجت اليوم نسبة كبيرة منها عن دائرة الإنتاج الزراعي، وأفاد أبو قاسم لصالون سوريا وهو صاحب مركز لبيع أدوات الطاقة الشمسية في سوق منطقة الـ 47 “أنَّ الناس تعمل رغم كل الظروف الصعبة وضعف المردود، وغالب الفلاحين بدأ يتجه إلى الاعتماد على الطاقة الشمسية لري أرضه في ظل الانقطاع المتواصل للكهرباء وشح الامطار، ما وفَّر المشتقات النفطية التي تحولت إلى القطاعات الإنتاجية الأخرى”. وأشار فرحان في حديثه مع صالون سوريا وهو فلَّاح يسقي أرضه على ضفة نهر الخابور أنَّ شح المياه وانقطاعها أحياناً في فصل الصيف يؤدي بالنبات إلى العطش والذبول ما أجبره على حفر بئر وتركيب مضخة وكل ذلك يرفع من تكاليف الإنتاج، عدا عن التكاليف الباهظة للحراثة والبذار وأدوية مكافحة الآفات، ويترحّم فرحان على أيام الخير والبركة قبل اندلاع الأزمة في البلاد حيث البذار المُحسنة والأسمدة ورخص المحروقات”، إضافة إلى أنَّ فلاحي الحسكة يفتقرون للثقافة الزراعية مع غياب دور الوحدات الإرشادية الزراعية بشكلٍ عام، فالواقع المعيشي وارتفاع أسعار وتكاليف الأدوات الزراعية من شبكات تنقيط ما شابه، واعتياده خطة زراعية واحدة منذ عقود جعلت الغالب منهم يعزف عن زراعة الكثير من المحاصيل الزراعية ذات المردود العالي كالسمسم وعباد الشمس والزعفران ويتَخوَّف من زراعتها ويَعدّها مُجازفة، وذلك لافتقاره المعرفة بدورتها الزراعية وكل ما يتَّصل بزراعتها والاهتمام بها.
بعد الاستقرار النسبي الحاصل في المحافظة مَطلع العام 2020بدأ قطاع الصناعة أكثر نشاطاً منذ اندلاع الأزمة السورية قبل عقد من الزمن، وانحصرت الصناعة في دائرة تلبية حاجات السوق الزراعية ومواد البناء من البلوك والرخام والمواد الاستهلاكية من صناعة البلاستيك والغذائيات، ولا سيما المنتجات التي يسهل تسويقها وبيعها في الأسواق المحلية والتي تتوفّر المواد الأولية والخام لقيام صناعتها بخبرات وكوادر محلية. وفي حديثه مع “صالون سوريا” بيَّن خليل صاحب معمل “الحاصود” للبلاستيك والذي يُنتج خراطيم بلاستيك زراعية تُستخدم في الري، “أنَّ الآونة الأخيرة شهدت قيام بعض المعامل في المنطقة، غير أنَّ أصحاب هذه المعامل يواجهون مشكلات تتعلق بتأمين المحروقات التي ارتفعت أسعارها، إضافة إلى أنَّ الكميات المُخصصة للمعامل لم تعد كافية على حد قوله وأنهم باتوا يلجؤون لتأمينها بأسعار مُضاعفة من السوق السوداء ما يؤدي لارتفاع أسعار المواد المُنتجة لارتفاع تكلفتها”.
ويُشار إلى أنَّ محافظة الحسكة والجزيرة السورية بالعموم شهدت توسّعاً كبيراً في الخارطة الصناعية وزيادة متتالية في المُنشآت الصناعية التي توزَّعت في الأرياف والمناطق ومراكز المدن، ومنها معامل الحلويات والغذائيات التي تقوم على المشتقات الحيوانية كالألبان والأجبان إضافة إلى المنشآت التي تُنتج مواد البناء كالرخام والبلوك، إضافة إلى أنَّ فتح باب الاستيراد من معبر فيش خابور (سمالكا) غير الشرعي الحدودي مع العراق في أقصى الشمال الشرقي لسورية، قد أسهم في زيادة ورود المواد الأولية والخام من الخارج وذلك يوفِّر للصناعات المحلية نمواً متواصلاً مما سينعكس بشكل إيجابي على اقتصاد المنطقة بشكل عام.
واقع عمل الشباب: فرص وتحديات
في ظل الأوضاع الراهنة وبسبب ندرة فرص العمل المستدام وانخفاض المردود، اتجه كثير من الشباب في المحافظة للتطوُّع في المنظمَّات والجمعيات التي تعمل في الجانب الإنساني، وتتوزع في شتى مناطق المحافظة سواء في الريف أو المدينة؛ والتي وجدوا فيها فرصة ذهبية لتحسين أوضاعهم المعيشية واكتساب الخبرات العملية، حيث يصل المرتب التطوعي الشهري في تلك المنظمات الدولية والجمعيات غير الحكومية إلى ما يزيد عن 200 دولار، إضافة إلى توافر شروط وبيئة عمل مناسبة تراعي تطلعات الشباب وتسهم بتمكينهم عملياً واجتماعياً، لكن ليس بإمكان الجميع العمل في تلك المنظمات فهناك مجموعة شروط تعطي الأفضلية لمن يحمل شهادة جامعية في أحد الاختصاصات الهندسية والإدارية أو إجازة في العلوم الاجتماعية والنفسية، كما يُعدّ إتقان اللغة الإنكليزية وعلوم الحاسوب أحد الأبواب الواسعة لضمان عقد عمل جيداً في تلك المنظمات. وأفادت شيرين وهي متطوعة كمُيسرة مهارات الحياة في أحد مخيَّمات اللجوء شمال الحسكة خلال حديثها لصالون سوريا أنَّ العمل التطوعي مع المنظمات الإنسانية غيَّر من مفهوم الحياة لدى كثير من زملائها في العمل، وبات البذل والعطاء بالنسبة لهم هو المحور الرئيس للعمل الإنساني في ظل ما عانته المنطقة خلال السنوات الماضية، وأكدت على حد تعبيرها أن الحلقة الأضعف في هذه الأزمة هم النساء والأطفال، فَصور المعاناة وقصص الفقد تقتحم حياتهنَّ وأطفالهنَّ خاصة في مُخيمات اللجوء في الحسكة. ويُضيف علاء وهو مدير مشروع في إحدى المنظمات الإنسانية “أن مجال العمل في المنظمات الإنسانية يحتاج لمهارات متعددة ومرونة عالية ولا شك أنه يختلف عن العمل في مجالات أخرى ويعطي خبرة واسعة في المجالات ذات الصلة، بالإضافة للمردود الجيد الذي بات يوفر للشباب حياة عملية ومعيشية جيدة نوعاً ما في ظل الأوضاع الراهنة.”
وفي سياق متصل، بات الكثير من شباب الحسكة يفتقدون للأمان والاستقرار المعيشي والاجتماعي وذلك بسبب عزوفهم عن الزواج وتكوين أسرة يستظلون بها من شمس العمر التي مالت نحو الزوال، فغالب الشباب من الجنسين يُعاني من صعوبات تأمين عمل مستدام يُغطي نفقات الزواج وإعالة أسرة صغيرة في لهيب الغلاء الذي تكتوي به البلاد. يقف صالح في شارع فلسطين وسط مدينة الحسكة لبيع القُطنيات وهو شاب تجاوز السابعة والثلاثين وأشار في حديثه لصالون سوريا ” أن فكرة الزواج أصبحت بعيدة المنال بعد كل هذا الغلاء، فمتطلبات الزواج باتت تفوق قدرتنا ومدخولنا، الآن نفكر بتأمين لقمة العيش ومساعدة العائلة الكبيرة على النفقات. ويضيف جورج وهو صاحب محل ألبسة نسائية: ” ما تزال تجارتنا آمنة نوعاً ما، لكنَّ السوق بشكل عام تعاني من ركود اقتصادي كبير والقدرة الشرائية للمواطنين باتت ضعيفة باستثناء فترة الأعياد ومواسم الحصاد” وبذلك فإن الظروف المعيشية وواقع الحياة بالعموم مُتصل بشكل وثيق بسعر الصرف وارتفاع نسب التضخم أو انخفاضها.
مواضيع ذات صلة
مواضيع أخرى
تدريباتنا
ورشة تدريب صالون سوريا
أجرى فريق #صالون_سوريا، دورة تدريبية عن الانواع الاعلامية والصحافة الحساسة...
ورشة تدريب صالون سوريا
يعلن فريق #صالون_سوريا، التحضير لدورة تدريبية عن الانواع الاعلامية والصحافة...