أجرى فريق #صالون_سوريا، دورة تدريبية عن الانواع الاعلامية والصحافة الحساسة...
تدريباتنا
ورشة تدريب صالون سوريا
يعلن فريق #صالون_سوريا، التحضير لدورة تدريبية عن الانواع الاعلامية والصحافة...
منذ عامين، فاجأت هيلين خطيبها بطلب رفع مهرها على غير المتفق عليه بينهما أثناء جلسة عقد قران الشيخ، وها هي اليوم تعزم رفعه للمرة الثانية تحسبًا لطلاق تعسفي مفاجئ يُسفر عن خسائر فادحة. من جهة أخرى، تنازلت ختام بإرادتها عن كامل حقوقها فارةً من لطمات زوجها وهربًا من نوبات جنونه الهائجة. تعكس القصتان باختلافهما حجم معاناة العديد من النساء مع قانون الأحوال الشخصية السوري الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 59 لعام 1953 بالرغم من تعديله مؤخراً في شباط 2019 الذي سمح للمرأة بتعديل مهرها بما يتناسب مع القوة الشرائية في البلاد حين التسجيل. لكن مازال هذا القانون يحسم المعركة دوماً لصالح الرجل، ويعكس مدى عجز القانون عن حماية المرأة وصون كرامتها، مهما طرأ عليه من إضافات وحتى إن بلغت قيمة المهر مئات الملايين.
قصصهن
خرجت الأسبوع الفائت ختام (48 عاماً) من باب المحكمة وهي تتأبط ورقة الخلع بعد محاولات مضنية وفاشلة بالحصول على طلاق يضمن لها كامل حقوقها. تُشارك تفاصيل تجربتها وملامح التعب تغزو وجهها: “خلعتُ زوجي وتخليتُ عن مهري وجميع حقوقي، أريد الاحتفاظ بما تبقى من حريتي وكرامتي وراحتي، لم أعد أحتمل لطماته ونوبات غضبه المتكررة، لا أطيق غيابه المتكرر عن المنزل وتقصيره المستمر بواجباته كأب وزوج.” وتضيف ختام: “أخفى زوجي عني أمر إصابته بمرض ثنائي القطب، كما أصر على عدم تناول الدواء والتعافي، ما انعكس سلباً على صحتي حين تصيبه نوبات ضرب وصراخ تنصبان فوق رأسي.” حاولت ختام بشتى الطرق التوصل إلى تسوية لإرضاء الطرفين، لكن دون طائل، تدخل العديد من المقربين كوساطة لحل النزاع بين الزوجين، غير أن إصرار الزوج على أنه لا يعاني من أي مرض أدى إلى فشل العلاقة. تشرح ختام الوضع: “لم تنفع معه أي حلول، توسط الأصدقاء بيننا وطلبوا منه الالتزام بتأجير منزل لي ولأبنائي الثلاثة وتكبد نفقاته مقابل الاستمرار معه، لكنه رفض بالرغم من وضعه المادي الممتاز وطلب مني البقاء وتحمل تقلباته المزاجية والتزام الصمت وتقديم فروض الطاعة، غير أنني رفضت وخلعته، خسرت حقوقي، لكن كسبت حريتي وكرامتي المتبقية.” ليس لدى ختام عائلة، فوالدها متوفان، استدانت من أحد أصدقائها مبلغ مالي لسداد أجرة المنزل الذي تُقيم فيه مع أبنائها ريثما تجد عملاً لها.
في الوقت الذي هُدرت فيه حقوق ختام ولم تجني نفعاً من قيمة مهرها، تجد هيلين (25 عاماً) أن للمهر أهمية كبيرة لصون حقوقها فيما لو وقع الطلاق، ما دفعها لزيادة قيمته لحظة عقد قرانها وإرضاخ خطيبها آنذاك للأمر الواقع، وتقول عن تجربتها: “اتفقتُ مع خطيبي قبل الزواج على مهر مقدره مليون ليرة سورية مقدم، ومليونين مؤخر، لكن بعد التفكير العميق وجدته قليل جدًا، فطلبت رفعه إلى الضعف للاثنين معاً أثناء وجود الشيخ عند عقد القران، فوافق ذويه على مضض.” تُتابع الشابة: “المهر مصدر أمان لي في المستقبل عند حصول الطلاق، أفكر حاليًا برفعه مجددًا نتيجة ارتفاع سعر الصرف وغلاء المعيشة وإقناع زوجي بالموافقة دون إخبار أهله لأنهم حتما سيرفضون ذلك.” تعتقد الشابة وهي أم لطفل واحد أن على المرآة أن تطالب بمهرها وتمتنع عن كتابة كلمة مقبوض ما لم تقبضه حقًا وعدم السماح للزوج بالضغط عليها، لأنه يشكل لها ضمانة في المستقبل وستكون بحاجة ماسة إلى المال بعد طلاقها.
المهر بالليرة الذهبية
تفكر سارة (28 عاماً) جدياً بتحديد مهرها بالليرات الذهبية كضمان لقدرتها على العيش وعدم خسارتها ماليًا، وذلك أسوة بشقيقتها الكبرى: “يجب التفكير بمساوئ الطلاق قبل محاسنه، يجب توقع الأسوأ على الإطلاق، إذا كتبت بالعقد مبلغ مالي بالليرة السورية فهو سيصبح بلا قيمة بعد سنوات في حال فسخ عقد الزواج، فالليرة تنهار يوميًا، والأفضل أن أحدد مهري بالليرة الذهبية فستظل لها قيمة وستمكنني من تدبير أموري لأن الذهب يحافظ على قيمته دومًا، أن أخسر زواجي ومعي نقود توفر لي منزل، خير من خسارتي وأنا مفلسة ومرمية في الشارع انتظر رحمة الناس وشفقتهم.”
المهر لا يصون حقوق المرأة
“المهر بحد ذاته لا يصون حقوق المرأة بشكل كامل ولا حتى تعديله، فهو يسلع المرأة”، هكذا تجيب المحامية السورية اعتدال محسن عن رأيها حول المهر وتعديله، مضيفة: “أن المرأة الأفضل بنظر المجتمع يُدفع فيها المهر الأعلى، كما أنه لا حد لأقل المهر ولا أكثره وفق القانون وكل ما صح شرعًا صلح أن يكون مهرًا سواء كان مالاً أو منفعة أو حتى عملاً، لكن على ألا يتجاوز مهر مثيلاتها وهنا حدد المهر حسب الطبقة أو الحالة المجتمعية للمرأة.”
وعن الآلية المتبعة في تعديل المهر، تشرح المحامية أنه: “لم ينص القانون السوري على إلزام الزوج بتعديل المهر ولا عدلته المحكمة من تلقاء نفسها، وإن تم التعديل كان يتم باتفاق الطرفين، أما وفق القانون الجديد فإذا كان المهر متدنيًا جدًا وفق سعر الصرف الحالي جاز تعديله على آلا يتجاوز مهر مثيلاتها.”
ترى المحامية اعتدال ألا سبيل إلى نيل المرأة حقوقها، إلا أن يساويها القانون مع الرجل في الحقوق والواجبات، وألا يكون الطلاق بإرادة منفردة، بل يكون بالاتفاق الكامل أو وفق ما يراه القانون الذي يكون أصلًا قد أعطى المرأة كامل حقوقها،” مؤكدة أن المهر، “ليس السبيل الوحيد لحفظ المرأة كرامتها ولا هو السبيل الوحيد الذي يعوض المرأة التي أفنت حياتها وشبابها في إعمار المنزل وتربية الأولاد فيكون جزاؤها مقدار من المال مع إخراجها بشكل كامل من حياة الأسرة”.
تعديل المهر: حبر على ورق
يحق للزوج أو الزوجة تعديل المهر في حالتين، إذا تم الأمر برضا الطرفين وبموافقتهما التامة دون خصومة وذلك من خلال تقديم طلب إداري إلى القاضي الشرعي، الذي يحول الطلب إلى الديوان، ثم تُكتب ورقة تعديل المهر على أصل عقد الزواج القديم في المحكمة. والحالة الثانية عند رفع دعوى خاصة، لكن لا ينظر القاضي بأمر التعديل إلا في حالة كانت قيمة المهر المسجلة منخفضة جدًا عند التسجيل. أما دون هذه الحالات فتقابل بالرفض التام، كحالات تحديد المهر بقيم متدنية دون 10 آلاف ليرة سورية على سبيل المثال، حينها يتم تعديله ليصبح 200 ألف ليرة سورية أو أكثر بقليل عند المطالبة. بمعنى آخر تبقى المرأة هي الخاسرة الأكبر من مسألة تعديل المهر في حال رفع دعوة خصومة.
قانون مجحف للنساء
ترى الناشطة النسوية بحقوق المرأة سلوى زكزك أنه “لا يمكن تناول مسألة المهر كجزئية منفصلة، بل هي من جملة وضع المرأة عمومًا في ظل قانون الأحوال الشخصية، كالحضانة والبقاء في السكن والحصول على الكفاف اليومي لها ولأطفالها بعد حصول الطلاق.” وتصر زكزك على أن المهر ليس مصدر أمان للمرأة ويعمل على تسليعها وتشييئها، وهو مبرر أساسي للرجل على تطليق المرأة في أي وقت يشاء بحجة أنه دفع مهرها بالكامل مقابل الخدمات الجنسية والمنزلية والإنجاب وزيادة أعداد أفراد العائلة وخدمتها التي قدمتها خلال مسيرة حياتها الزوجية. كذلك هو مصدر جلد وتمييز سلبي ضد الرجال ويدفعهم للسفر لتأمين مستلزمات الزواج.” وتوضح الناشطة النسوية: “يجب أن يبقى المهر حقاً ثابتاً للمرأة حتى بعد الطلاق أو الخلع ليكون مصدر حماية لها”.
المهر قبل وبعد سنوات الحرب
أحدثت الحرب صدوع وتشققات كبيرة في جدار المجتمع السوري، غيرت بالكثير من عادات سكان المناطق، حيث تم التخلي عن البعض منها واكتساب البعض الآخر. تتحدث زكزك عن السياق الاجتماعي للمهر قبل اندلاع الحرب السورية: “اختلف تحديد المهر بين المرحلتين، قبل عام 2011 كانت العائلات تحدد المهر حسب جمال ونسب الأسرة وثقافة الفتاة، كلما زاد جمال الشابة ارتفع مهرها والعكس صحيح، هذه العادة غير منطقية ومهينة للرجل والمرأة معًا، فالرجل الذي لا يملك مبلغ مالي كبير لا يحق له الزواج من شابة جميلة، وينصرف إلى الأقل جمالًا بما يتناسب مع وضعه المالي. وتضيف: “أما بعد عام 2011 فهناك فتيات تزوجن بلا مهر، أو بمنطق السترة عليها، أو تزوجن مقابل مهر إسكان ذويها في بيت يسترهما، كما تزوجت العديد من الفتيات مقابل استيلاء والدها على قطعة أرض كمهر من زوجها والانتفاع منها، إلى جانب استغلال تجار الحرب للنازحات واللاجئات والامتناع عن دفع مهورهن عبر الإشارة إليه أنه مقبوض وهو غير ذلك، مستغلين ظروفهن القاهرة والنظرة الدونية تجاههن وبالتالي يقل مهرهن أو لا يُمنح أبدًا.”
المادة منشورة على جدلية
مواضيع ذات صلة
مواضيع أخرى
تدريباتنا
ورشة تدريب صالون سوريا
أجرى فريق #صالون_سوريا، دورة تدريبية عن الانواع الاعلامية والصحافة الحساسة...
ورشة تدريب صالون سوريا
يعلن فريق #صالون_سوريا، التحضير لدورة تدريبية عن الانواع الاعلامية والصحافة...