تدريباتنا

بوريس جونسون: خياراتنا في سوريا محدودة

بواسطة | مارس 7, 2018

أكد وزير الخارجية البريطاني، بوريس جونسون، في حديث إلى «الشرق الأوسط» أمس، أن زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى لندن ستسفر عن نقل العلاقات إلى مرحلة جديدة من الشراكة الاستراتيجة بين البلدين.

وقال جونسون إن المحادثات السعودية – البريطانية ستتناول تعزيز العلاقات الثنائية وملفات الشرق الأوسط، موضحاً: «نحن نعتقد ونفهم حق السعودية للدفاع عن أمنها». وأشار إلى أنه «ليس مقبولاً أبداً أن تُستخدم الصواريخ الحوثية الإيرانية ضد السعودية، ونريد أن نرى نهاية لها. ولندن توافق الرياض القلق من الدور الإيراني» في الشرق الأوسط.

وعن الملف السوري، قال جونسون: «ما قام به النظام السوري بالسلاح الكيماوي والكلور والسارين، مقرف. ويجب أن يحاسب على ذلك. وهذا أحد الأسباب. العديد من الناس الذين كانوا ينتقدون الرئيس دونالد ترمب أيدوه عندما قرر توجيه ضربات (على قاعدة الشعيرات) بعد الهجوم على خان شيخون» في أبريل (نيسان) العام الماضي.

وسئل عن تقارير تفيد بأن ترمب يبحث توجيه ضربات جديدة، فأجاب أن هناك تقارير من ان الأمر يناقش حالياً في واشنطن. وأوضح: «ليس هناك اقتراح محدد. هذا شيء افتراضي. لكن قرار ترمب الهجوم على قاعدة الشعيرات في أبريل العام الماضي، قرار صحيح».

ولاحظ جونسون أن الغارة الأميركية على «مرتزقة» روس قرب دير الزور أدت إلى «مقتل 195 منهم. وهذا أكبر عدد رأيته من الروس الذين قتلوا من قبل الأميركيين طوال حياتي»، ما يعني أن الروس يخسرون. وأضاف أن ما يحصل في غوطة دمشق «مأساة وأمر شائن… لكن لا نستطيع إرسال إشارات إلى الناس الذين يعانون أننا سنأتي لمساعدتهم ولا ننفذ وعودنا. الخيارات التي لدينا محدودة». وزاد: «فرصة التدخل العسكري حصلت في 2013 ولم نأخذها، ونحن نعيش تداعيات ذلك إلى الآن».

وهنا نص الحديث الذي جرى في مكتب جونسون في الخارجية البريطانية مساء أمس:

– أنت ذاهب بعد قليل لاستقبال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في المطار؟ وهذه أول زيارة لولي العهد إلى دولة أجنبية بعد مصر؟

– نعم إنني ذاهب لاستقبال ولي العهد السعودي في المطار. وإنني فخور بصفتي وزيرا للخارجية البريطانية وأيضاً الحكومة البريطانية فخورة بذلك. وهذه شهادة لعمق العلاقة التاريخية التي تعود إلى أمد بعيد من زمن (رئيس الوزراء الراحل) ونستون تشرشل وجد الأمير محمد. بريطانيا كانت منخرطة بدفء مع السعودية. شراكة عميقة بين البلدين. وحان الوقت كي نضع الأساس للانتقال إلى مرحلة جديدة.

– ما هي هذه المرحلة؟

– مرحلة نؤسس فيها مجلساً للشراكة الاستراتيجية الذي يعقد أول اجتماعاته غداً (اليوم). لو نظرت إلى الأمير محمد، فإنه يغيّر بلده والحديث في كل مكان عن هذا الأمر. وهذا أمر واقع. أطلق برنامجاً للإصلاح نعتقد أنه مشجع ويسير في الاتجاه الصحيح. هناك تقدم يحصل وممكن أن يحصل، لكن نعتقد في بريطانيا أنه مشجع وأن هناك انسجاماً عظيماً بيننا وبين السعودية. لدينا مجالات لتعزيز التعاون، حيث إن اقتصادي البلدين قويان ولدينا أهم الجامعات ونظام تعليم قوي ومركز علمي لتقنية المعلومات في بريطانيا. وإننا نرى ما يقوم به الأمير محمد برؤيته ونقل السعودية بعيداً من النفط والذهاب إلى اقتصاد المعلومات والذكاء الاصطناعي والمدينة الجديدة «نيوم» التي سيقيمها.

نعتقد أنه يمكننا التعاون في هذا المجال وإقامة شراكة في الثقافة والصحة والنقل والتكنولوجيا والتعليم في كل المجالات السياسية أيضا. سنتحدث، والحكومة ستتحدث مع الأمير محمد حول أفكاره لنرى ما يمكن القيام به لبناء شراكة ليس فقط للمستقبل القريب، بل إقامة بنية تحتية بيننا تستمر لوقت طويل وأجيال قادمة.

-كيف ترى الإصلاحات في السعودية من حيث السرعة والعمق؟

– أعتقد أن الشعب البريطاني يحتاج الى معرفة وفهم ما يقوم به الأمير محمد. أن تقود النساء السيارات، هذا أمر عظيم. بالنسبة للبعض يراه خطوة صغيرة، لكن في السعودية هي خطوة كبيرة. هناك أيضا في السعودية، انفتاح على الموسيقى والسينما. ما نشعر به وبقوة أن هذا يحصل في بلد عظيم وقيادي في العالم الإسلامي، وهذا بداية لتغيير في كل العالم الإسلامي. لذلك، فإننا معجبون بقوة بما يقوم به الأمير محمد، ونريد الانخراط بما يحصل، وفهمه ودعمه.

– ماذا عن التبادل التجاري؟

– سأخبرك قصة. عندما ذهبت للقاء الأمير محمد قبل أسابيع، غادرت من مطار هيثرو. كانت هناك امرأة شابة مشت معي إلى الطائرة، وقالت لي إنها من السعودية وهي لم تذهب لعشرين سنة، لكنها تذهب الآن وللمرة الأولى (منذ سنوات طويلة) لأنها سعيدة جداً بأنها باتت قادرة على حضور مباراة كرة قدم. هذا شيء صحيح. إن الأمور تتغير بوضوح. ويجب علينا أن نكون جزءاً من ذلك ونشجعه.

– تجارياً، هل يمكن بالفعل رفع مستوى الاستثمارات السعودية في بريطانيا إلى مائة مليار دولار أميركي خلال عشر سنوات؟

– نأمل بذلك. هناك استثمارات في أميركا بقيمة 400 مليار دولار أميركي. نحن أفضل من أميركا وآمالنا كبيرة. لذلك، نحن نأمل في الحصول على استثمارات سعودية.

– وشركة «أرامكو» قد تدرج في سوق لندن المالية؟

– دعنا نرَ. يجب أن ننتظر ونرى، إن شاء الله. نأمل ونعمل لتحقيق ذلك. لكن لا أستطيع الذهاب إلى تفاصيل الاستثمارات التجارية. يجب أن نترك ذلك لولي العهد.

– هناك جدول أعمال مكثف للزيارة ولقاءات رفيعة المستوى واستثنائية مع الملكة إليزابيث والأمير تشارلز ورئيسة الوزراء تيريزا ماي وقادة من بقية المؤسسات البريطانية والروحية. ما الرسالة من ذلك؟

– أهمية ذلك عظيمة. إن الأمير محمد رجل إصلاح ولديه رؤية معتدلة للإسلام. وهي تظهر أن لديه رغبة بالاستماع إلى جميع الديانات وأنه رجل تسامح واحترام متبادل. هذا أمر عظيم بالفعل.

– بالنسبة إلى الشؤون الخارجية، ماذا عن اليمن؟ ما المطروح على جدول الأعمال؟

– بصراحة، نحن نعتقد ونفهم حق السعودية للدفاع عن أمنها والرغبة في حماية نفسها، ونفهم أن الرئيس الشرعي عبد ربه منصور هادي، وأن هناك قراراً دولياً يطلب دستوراً، وأن هناك تحالفاً يريد تحقيق ذلك (إعادة الشرعية). نفهم ذلك ونرى أن الحل سياسي في اليمن. يجب أن يكون هناك تقدم سياسي، ونحن في حاجة لرؤية نهاية لصواريخ الحوثيين.

– كيف يمكن وقف صواريخ الحوثيين؟

– يجب أن تكون هناك عملية سياسية وعمل لوقف هذه الصواريخ. ولا بد من محادثات بين الأطراف وآمل في تحقيق تقدم لعقد صفقة لتسوية سياسية تقبل بعض الدور للحوثيين في الحكومة اليمنية وتطلق برنامج استثمار في اليمن الفقير. وهناك شيء ضروري هو وقف اللاعبين الآخرين العسكريين. لا بد من دستور جديد في اليمن. وهذه الفكرة تلقى بعض الاهتمام.

– ماذا عن دور إيران في ذلك ودعم الحوثيين؟

– ليس مقبولاً أبدا أن الصواريخ الإيرانية تستخدم ضد السعودية. نريد أن نرى نهاية لهذه الصواريخ.

– كيف… وهناك دول عربية قلقة من دور إيراني الإقليمي؟

– نحن نوافق على ذلك. نريد رؤية الدور الإيراني في اليمن مضبوطاً. وهناك طريقة لتحقيق ذلك، مع دعم الحل السياسي.

– ماذا عن سوريا؟ هل تتفقون مع الرياض إزاء الملف السوري؟

– سوريا مأساة كبرى. أعتقد أننا نتفق مع أصدقائنا السعوديين في الرغبة القوية بإطلاق المفاوضات السلمية في جنيف وبداية عملية سياسية. ما يحصل في الغوطة الشرقية لدمشق أمر شائن. آمل في أن الروس والأسد سيقتنعون بأنهم لن يربحوا الحرب بهذه الطريقة. إنهم يزرعون الحقد لأجيال وأجيال. إنها مأساة وسيكون مستحيلاً أن يحصلوا على قبول الشعب السوري بعد كل ما حصل. يجب أن تكون هناك عملية (سياسية) وانخراط المعارضة السورية لمناقشة الوصول إلى حل سياسي لسوريا. هذا رأي بريطانيا. أعتقد أن ما قام به النظام السوري بالسلاح الكيماوي والكلور والسارين، مقرف. ويجب أن يحاسب على ذلك. وهذا أحد الأسباب، كثير من الناس الذين كانوا ينتقدون الرئيس دونالد ترمب أيدوه عندما قرر توجيه ضربات (على قاعدة الشعيرات) بعد الهجوم على خان شيخون (في ادلب).

– هناك تقارير أن ترمب يناقش حاليا توجيه ضربات أخرى؟

– هناك تقارير ان الأمر يناقش حالياً.

– ما موقف بريطانيا من ذلك؟

– ليس هناك اقتراحات محددة. هذا شيء افتراضي، لكن قرار ترمب بالهجوم على قاعدة الشعيرات في أبريل (نيسان) العام الماضي، قرار صحيح.

– يبدو أن وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون يراهن على الانخراط مع الروس؟

– يجب الانخراط مع الروس الذين يريدون الخروج (من سوريا). وإذا هم يريدون تمويل إعادة الأعمار، يجب أن ينخرطوا في العملية السياسية.

– هل تعتقد أن الرهان على الانخراط مع الروس صحيح وسيحقق نتائج؟

– أعتقد أنه يجب أن نحاول. الروس صار لهم في سوريا وقت طويل. شاهدنا قبل أسابيع أنه في دير الزور مات كثير من الروس يعملون مع شركة مرتزقة. نحو 195 قتلوا. هذا أكبر عدد من الروس الذين قتلوا من قبل الأميركيين اراه طوال حياتي. أيضا، يخسر الروس وهناك كلفة لهم في سوريا. وليس هناك حل بالسلوك الروسي الحالي. الأسد يسيطر على نصف الأراضي السورية وعلى 75 في المائة من الناس، لكنه لا يريح قلوب السوريين وعقولهم. كثير من السوريين سيواصلون المقاومة. الروس يفهمون ذلك وعليهم أن يدفعوا نحو تحقيق حل سياسي.

– ماذا عن الغوطة الشرقية، هل تعتقد أنه بالإمكان إنقاذ الغوطة بالتمني؟ تمني أن يتوقف الروس؟

– لا. أبداً، لا. لكن لا نستطيع إرسال إشارات إلى الناس الذين يعانون بأننا سنأتي لمساعدتهم ولا ننفذ وعودنا. قمنا بذلك سابقا. الآن، الخيارات التي لدينا محدودة. الناس في الغرب مرعوبون ومتعاطفون مع ما يحصل ومع المعاناة ومأساة الناس (في الغوطة). لكن لا بد من القول إن فرصة التدخل العسكري حصلت في 2013 ولم نأخذها، ونحن نعيش تداعيات ذلك حتى الآن. يمكن أن نقوم بضربات محددة، كما حصل في الشعيرات، لمساعدة الناس. المأساة هي أنه سيكون أسوأ أن نعد الناس الذين يعانون بأننا يمكن أن نقدم حلاً سحرياً عسكرياً، لكن في الواقع لا أرى ذلك (ممكناً).

تم نشر هذا المقال في «الشرق الأوسط»

مواضيع ذات صلة

 محمد مُحسن: صانع النجوم ومبدع الألحان الخالدة

 محمد مُحسن: صانع النجوم ومبدع الألحان الخالدة

 خلال مسيرته الفنية الحافلة بالعطاء، والتي استمرت لأكثر من نصف قرن، أبدَعَ مدرسة لحنية وغنائية متفردة وغنية ومتكاملة، تركت بصمتها المؤثرة في تاريخ الموسيقى العربية، وقد ساعدته موهبته في الغناء في فهم طبيعة الأصوات التي لَحَّن لها، فكان يُفصِّل اللحن على مساحة...

جُرح في الزوبعة

جُرح في الزوبعة

كانت حياة أنطون سعادة القصيرة (1904-1949 م) أشبه بدورة الإله بعل في الميثولوجيا الكنعانيّة القديمة، فبعل الذي يموت ويولد على نحوٍ أبديٍّ، وفقاً لـ"ألواح أوغاريت"، يرمز إلى "بلاد كنعان" أو "فينيقيا" تبعاً لتسميتها اليونانيّة القديمة، هذه البلاد التي مهما حاقَ بها من...

زكي الأرسوزي أو أمل ضائع بأُمّة تنبعث من عبقريّة لسانها

زكي الأرسوزي أو أمل ضائع بأُمّة تنبعث من عبقريّة لسانها

تعرّض زكي الأرسوزي (1899-1968 م) لإهمال كبير، ولم يُكَرَّس في الأدبيات الفلسفيّة العربيّة إلا على نحوٍ عَرَضيّ، بصفته أحد دعاة الفكر القوميّ، ومؤسِّس فكرة حزب البعث العربيّ، التي أخذها ميشيل عفلق منه وحوّلها إلى تنظيم سياسيّ فاعل في سوريا، وتلاشى ذكر الأرسوزي مع تلاشي...

مواضيع أخرى

الدراما السورية في موسم 2024: مبالغات تخطت الحدود واستسهال واضح

الدراما السورية في موسم 2024: مبالغات تخطت الحدود واستسهال واضح

لا يختلف اثنان أنّ الدراما السورية أحدثت فارقاً وصنعت بريقاً أخاذاً في فترةٍ ذهبيةٍ امتدت ما بين عامي 2000 و2010. وتحديداً ما بين مسلسل الزير سالم الذي أخرجه الراحل حاتم علي ووضع فيه الراحل ممدوح عدوان عصارة ما يمكن لكاتب المجيء به نصاً وحواراً وأحداثاً ليجعل منه...

استنساخ المسلسلات السورية وغياب الحاضر

استنساخ المسلسلات السورية وغياب الحاضر

أهتم كثيراً بمتابعة الدراما العربية، خاصة السورية، وثمة مسلسلات سورية لامست أوجاع السوريين وما يتعرض له الشعب السوري مثل مسلسل غزلان في غابة من الذئاب للمخرجة المبدعة رشا شربتجي. هذا المسلسل أثلج قلوب السوريين كلهم لأنه حكى بصدق وشجاعة ونزاهة عن أحد كبار المسؤولين...

الأمهات في سورية: عيد ناقص

الأمهات في سورية: عيد ناقص

غدت الأمومة في سورية مهمة قاسية ومثقلة بالهموم واكتسبت أوجهاً كثيرة، إذ انتزعت الحرب دور "الأم" الأولي المناط بالعطاء والتربية والمساند المادي الثانوي، وبدأت كثير من الأمهات يلعبن دور المعيل الأساسي ومصدر الدخل الوحيد لتحمل نفقات الأسرة في ظل غياب قسري أو اختياري...

تدريباتنا