أجرى فريق #صالون_سوريا، دورة تدريبية عن الانواع الاعلامية والصحافة الحساسة...
تدريباتنا
ورشة تدريب صالون سوريا
يعلن فريق #صالون_سوريا، التحضير لدورة تدريبية عن الانواع الاعلامية والصحافة...
ينفخ أبو أحمد في يده ويرمي النرد، يصيح بنشوة “شيش بيش” أي ستة وخمسة، يغتاظ أبو رامي الجالس قبالته ويعقد حاجبيه، “يا أخي من وين بتجيب هالحظ أنت؟، والله لولا حظك كنت باخدك خشب وبعمرك ما بتعرف تاخد مني برتية (ثلاثية) وحدة، بس شو بدنا نعمل؟، قال حظ أبو أحمد اعطيني وبالبحر ارميني!”، وتستمر لعبة الطاولة بين الرجلين على هذا النحو، كأنها معركة، رغم أنها يجتمعان يوميا للعبها لساعات طويلة تبدأ أحيانا في السادسة صباحا.
نستأذن الرجلين لالتقاط صورة لهما وهما يلعبان، يقول أبو أحمد مذعوراً “لا،لا، دخيلك بلاها ما بحب الصور”، يضحك صديقه اللدود أبو رامي ويعقب: “أي معلش بيخاف من مرتو بلكي صار عندو معجبات بعد الصورة”، ينهره أبو أحمد، “يا رجل كل شي عندك مسخرة، مو هيك القصة، بس صار عمري ٦٥ سنة وبعمري ما حبيت اتصور، بكره هالقصة، بخجل مدري بتلبك، أنا الموبايل أبو كاميرا كلو ع بعضو بكرهو، مو شايفني حامل موبايل أبو بيل (موبايل صغير لا يحوي كاميرات أو برامج تواصل اجتماعي)”.
هذا جزء من يوميات الرجلين التي تتكرر منذ سنين، فلا يبدو أنهما قادران على صنع اي اختلاف بيومياتهما، فكل تركيزهما منصب على لعبة الطاولة التي تتوسطهما منذ الصباح وحتى المساء، كما يؤكد مازن عامل القهوة، “كل يوم يأتي أبو أحمد وأبو رامي ويلعبان الطاولة، هني أصدقاء مقربين للغاية وكل يوم بيعيطوا وبيجاكروا بعضن“.
أصدقاء من أحياء مُتحاربة
الجانب الخفي في هذا المشهد هو انتماء الصديقين لحارتين وقفتا على جبهتي الحرب وسالت بينهما الدماء، إلا أن الخصوصية ليست في هذه الصداقة التي ظلت حية فحسب، بل في مكان إِحْيَائِها، أي مكان اللقاء اليومي ولعب الطاولة، وسط المدينة، في مقهى هناك كان على خط النار لخمسةِ أعوام.
أبو أحمد الذي عاد من مهجره في ريف حمص إلى منزله في حي جورة الشياح بعد ترميمه، يقول لـ“صالون سوريا“: “ما انقطعت صلتي بأبو رامي ولا يوم، ولو أنو كان مستحيل نلتقي لما كانت الحرب بعزها بحمص، بس كنا كل يوم نحكي ع لتلفون، هي الحرب مجنونة وكانت كفيلة تخلي كل الناس تخسر بعضها، بس كيف يعني أنا أكره أبو رامي واحقد عليه هيك فجأة وهو رفيق عمري، هاد اللي كان مطلوب يصير بهي الحرب، بس دائماً المحبة أقوى، أنا مو بس أبو رامي ما قطعت علاقتي فيه، لأ، أنا حاولت حافظ على علاقتي مع كل رفقاتي بغض النظر عن مكان تواجدهم أو موقفهم السياسي“.
إلا أن أبو أحمد خسر بعض الأشخاص المقربين منه، كما حصل مع صديق له نعته ”بالإرهابي“ بعد أن اشتعلت الحرب، عنه يروي أبو أحمد: “ما بدي أذكر اسمو بس دائما بحاول لاقيلو مبررات، هو خسر ناس من عيلتو بهي الحرب القذرة وعاطفتو غلبت على عقلو.. حز بقلبي كتير أنو قال عني إرهابي، الله يرحمو صار بديار الحق وهو رافض يحكي معي رغم أني حاولت أكتر من مرة”.
من جهته يستذكر أبو ميمون الذي يقيم في حي الزهراء محاولاته في الحفاظ على صدقاته خارج الحي ويقول لـ“صالون سوريا“: “بعز دين الحرب لما شعلت كل حمص واتدمرت المؤسسات انتقلت شعبة التجنيد لحارتنا، ومعروف أنها رأس حربة الأحياء المؤيدة للدولة بمعزل عن التسميات اللي أطلقت عليه، وكان وقتا مخاطرة ومجازفة يدخل حدا من حارة تانية محسوبة ع لطرف التاني عليها، وكان ابن رفيق الي بحاجة ماسة يوصل لشعبة التجنيد، طلعت استلمتو من مدخل الحارة وما خليت حدا يتعرضلو لخلص شغلو بالشعبة“. ويختم بقوله “لم انسلخ عن مجتمع أصدقائي خارج الحي، وتبلورت هذه الصداقة بعد أن انقشع غبار الحرب ورجعت حمص كل مدينة واحدة يلّفها الحب والطيب”.
عاصمة الضحك
كانت حمص في عام 2010 مرشحة لتكون ”عاصمة للضحك“ بحسب مبادرات مجتمعية حينها، وكانت المدينة على أعتاب مشروع ضخم عُرف باسم مشروع “حلم حمص“، وكان ربانه محافظ حمص الجدلي إياد غزال الذي أقيل في بداية الحرب من منصبه، وكان مشروعه حينها يهدف لجعل حمص مدينة أبراج ومسطحات مائية ومترو أنفاق وغيرهم الكثير، ولكن الحرب عاجلت حمص ولم تترك لها فرصة لالتقاط نفسها، فجأة صار ثلثا أحيائها ركاماً، وأكثر من نصف سكانها مهجرين.
“لقد سمعت عن حلم حمص من والدي”، يقول ماهر طيبشو الطالب الجامعي لـ “صالون سوريا”، متسائلا: “هل حقاً كانت هناك إمكانية لتنفيذه؟، لو نفذ لربما كانت صارت حمص مثل دبي”.
أما عن أشهر شوارع المدينة ”الدبلان“ فتقول سما، وهي ربة منزل،”مرقت أيام قلنا فيها مستحيل بعمرنا بقى نشوف السوق، لو تعرف قديه بيعنيلي شارع الدبلان بكل شي فيه، البياعين الحماصنة متل العسل، ما بيخلوك تطلع زعلان من عندن، هي ميزة مو موجودة بكل مكان، بتروحن وأنا ماشية بشوارع هالمدينة بعد ما مرقت سنين كان المشي بقلب حارتي نفسا خطر بسبب القناصين.. الله يرحم اللي راحوا ورح نعمر حمص باللي بقيوا”.
تتعدد الأسماء التي يطلقها السوريون على حمص بحسب موافقهم السياسية وتوجهاتهم، إلا أن المؤكد أن مدينة ديك الجن تنتظر منذ سنين إعادة الإعمار الذي لم يبدأ بعد.
وبانتظاره، يعيش أهل المدينة يومياتهم بملل، تتكرر مشاهده يومياً كما قال معظم من استمع إليهم “صالون سوريا”، فلا وسائل ترفيه ولا منتزهات تذكر ولا مطاعم بالمستوى المطلوب، ويطول الحديث في تعداد ما ينقص المدينة فضلاً عن البطالة المنتشرة، والتي جعلت الكثير من شباب المدينة يحلمون بالسفر.
مواضيع ذات صلة
مواضيع أخرى
تدريباتنا
ورشة تدريب صالون سوريا
أجرى فريق #صالون_سوريا، دورة تدريبية عن الانواع الاعلامية والصحافة الحساسة...
ورشة تدريب صالون سوريا
يعلن فريق #صالون_سوريا، التحضير لدورة تدريبية عن الانواع الاعلامية والصحافة...