تدريباتنا

حب في زمن الماسنجر

بواسطة | أبريل 27, 2019

لجأت لانا 25 عاماً مع عائلتها إلى السويد قبل أربع سنوات تقريباً وبعد انتقالهم إلى هناك بدأت معاناة لانا مع الحياة الاجتماعية، فليس هناك من أصدقاء أو أقرباء، وبعد أن قطعت شوطاً طويلاً في تعلم اللغة بدأت باستخدام تطبيق تيندر\Tinder. كان هدفها من ذلك في البداية التعرف إلى أصدقاء جدد، لكن الصدف قادتها إلى التعرف على أليكس الشاب السويدي؛ فنشأت بينهما قصة حب تكللت بالزواج. تقول لانا: “لم أتوقع يوماً أن أجد شريك حياتي عبر تيندر\Tinder، حين كنت في سورية كانت لدي خيارات مختلفة للبحث عن الحب”.
استخدام تطبيقات كـ تيندر\Tinder وغيره يبدو شائعاً في أوروبا ويعتبر من تطبيقات المواعدة الأكثر رواجاً، يضع المشترك فيه صورته ومعلوماته الشخصية وبإمكانه الوصول إلى الآخرين عبر صورهم الشخصية؛ فيكفي أن تقلب إلى اليمين لتُعبر للشخص عن إعجابك به وإلى اليسار عندما لا يثير اهتمامك. إذا قمت أنت وصاحب الحساب الآخر بالإعجاب ببعضكما البعض، سوف يفضح تيندر\Tinder الخبر السعيد للطرفين حيث ستستقبلا إشعاراً عبر التطبيق، وستصبح قادراً على بدء التحدث معه عن طريق خاصية الرسائل.

لكن هذا التطبيق غير رائج في سوريا فبعد إجراء استطلاع للرأي شمل مجموعة من الفتيات والسيدات أظهرت نتائجه قلة عدد مستخدمات التطبيق، بل إن العديد ممن استطلعنا آراؤهن ليس لديهن أي فكرة عن التطبيق. قبل عام تقريباً بدأت (سلمى 26 عاماً تُقيم في دمشق) باستخدام تطبيق تيندر\Tinder بعد أن أخذت بنصيحة إحدى الصديقات في النرويج لكنها لم توفق في ذلك. لم تجد سلمى الكثير من الشباب في الداخل السوري على التطبيق؛ فتعرفت على بعض المقيمين في لبنان كما تعرفت على لبنانيين، لكن أكثر ما اثار استيائها أن معظم هؤلاء أرادوا الحديث في مواضيع الجنس أو ممارسة الجنس عبر الانترنت، وهذا ما لم تكن تسعى إليه فقررت إلغاء استخدامها للتطبيق. تقول سلمى: “في البداية كنت مستمتعة بهذا العالم الافتراضي الممتع، التعرف إلى أشخاص جدد أمر مسلي للغاية كنت أستخدم التطبيق يومياً، لكن بعد قرابة الشهرين بدأت اسأم من الأمر فبدأت باستخدامه مرتين أسبوعياً في أحسن الأحوال، وفي النهاية حذفت التطبيق عن هاتفي النقال وتوقفت عن استخدامه، كل ما يفكرون به هو الجنس ولا شيء آخر”.

في المقابل هناك طرق أخرى للتعارف الإلكتروني في سوريا عبر مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقات المسنجر والسكايب التي تحولت إلى وسيلة مهمة للبحث عن شريك الحياة وخاصة بعد سفر العديد من الشبان إلى خارج سوريا وصعوبة اللقاء بهم على أرض الواقع. لكن ورغم ما توفره هذه الوسائل من فرصة للتعرف على آراء الأشخاص وأفكارهم وتوجهاتهم نحو قضايا معينة والخوض في نقاشات طويلة للتعرف على شخصية الطرف الآخر، إلا انها في بعض الأوقات تتحول إلى مشكلة؛ فلا يمكن لها أن توصل المشاعر كما هي، ومن الممكن أن تتحول إلى حاجز بين الأشخاص في بعض الأحيان.
تعرفت رشا على خطيبها عبر الفيسبوك قبل فترة قصيرة من سفره إلى تركيا. وكان المسنجر وسيلة جيدة لمعرفة آراء بعضهما البعض، لكن رغم تفاهمهما بقيت لدى رشا مخاوف تتعلق بالتواصل الشخصي، وخاصة أنهما لا يستطيعان اللقاء لم تنجح حتى الآن بالحصول على فيزا لتتمكن من لقاءه. يحاول خطيب رشا إقناعها اليوم بالقيام بـ”كتب الكتاب”عن بعد عبر الإنترنت، كالكثير من الناس، لكنها مصرة على أن يلتقوا قبل القيام بهذه الخطوة، تقول رشا: “أريد فقط أن أشعر بشيء واحد عن قرب، أختبر مشاعري عن قرب، لأن الإنترنت والتواصل عبر التشات والسكايب مهما بلغ من تطور لن يعوض عن الالتقاء”.

علاقات أخرى كتب لها النجاح عبر الفيسبوك وتكللت بعقد القران عبر السكايب؛ فآلاء مثلاً تعرفت على علي عن طريق الفيسبوك، ورغم أنهما كانا زملاء في نفس الجامعة إلا أنهما لم يلتقيا يوماً إلا عبر الشاشة الزرقاء. تطورت علاقتهما يوماً بعد يوم لتتم الخطوبة عبر السكايب وبعد عدة أشهر ذهبت آلاء إلى لبنان ليتم عقد القران هناك والزواج فوراً. تصف آلاء العلاقة عبر فيسبوك بالصعبة نوعاً ما، فمن جهة كان فرصة مهمة للتعرف على أفكار الطرفين وآرائهما، ومن جهة أخرى لا يوصل الانترنت المشاعر الحقيقية كما هي، فتزدهر مشاكل صغيرة لتتحول إلى شجارات سببها سوء تفاهم. لكن آلاء لا تبدو نادمة أبداً على هذه التجربة رغم صعوبة الفترة الأولى من اللقاء في الواقع الحقيقي لكنهما تمكنا من تخطي كل ذلك بالاحترام والتفاهم والصبر. تضحك آلاء مضيفة: “أكثر ما صدمني في البداية طريقة تناوله للطعام لا يظهر الانترنت كل شيء على حقيقته لكنني تقبلت الأمر فيما بعد”.

أخيراً تجدر الإشارة إلى انتشار ظاهرة الخَطابّات عبر الفيسبوك حيث انتشرت صفحات تُقدّم عبرها عروض الزواج عبر وسيط، بعضها تعرض خدماتها بأسعار بسيطة لكن بعضها الآخر تتقاضى مبالغ كبيرة لإيجاد عريس أو عروس وفق مواصفات الراغبين بالزواج والذين لم يوفقوا بإيجاد شريك الحياة على أرض الواقع. كما تنتشر هذه الظاهرة أيضاً على مجموعات الفيسبوك الخاصة بالنساء وعروض الزواج، فإحداهن تبحث عن عروس لأخيها وأخرى تبحث عن عريس لصديقتها وتضع كل منهما شروط الخاطب المطلوب توافرها في الشريك المنتظر وتطلب ممن تجد في نفسها الشروط اللازمة أن تكلمها على الخاص عله يتم النصيب.

* يعاد نشر هذا المقال في صالون سوريا ضمن تعاون مع شبكة الصحفيات السوريات

 

 

 

مواضيع ذات صلة

من الثورة إلى النهضة: إضاءة على فكر طيب تيزيني

من الثورة إلى النهضة: إضاءة على فكر طيب تيزيني

طيب تيزيني اسم أكبر وأهم من أن نُعرِّفه عبر سطور أو صفحات قليلة؛ لأنه جسَّد أفكاره تجسيداً عملياً، فكانت مؤلفاته تفيض من تفاصيل حياته ومواقفه الإنسانية والسياسية، وكانت حياته ومواقفه وبحق تعبيراً صادقاً عن أفكاره وفلسته، فكان فيلسوفاً بل حكيماً بكل ما تعنيه هذه...

 محمد مُحسن: صانع النجوم ومبدع الألحان الخالدة

 محمد مُحسن: صانع النجوم ومبدع الألحان الخالدة

 خلال مسيرته الفنية الحافلة بالعطاء، والتي استمرت لأكثر من نصف قرن، أبدَعَ مدرسة لحنية وغنائية متفردة وغنية ومتكاملة، تركت بصمتها المؤثرة في تاريخ الموسيقى العربية، وقد ساعدته موهبته في الغناء في فهم طبيعة الأصوات التي لَحَّن لها، فكان يُفصِّل اللحن على مساحة...

جُرح في الزوبعة

جُرح في الزوبعة

كانت حياة أنطون سعادة القصيرة (1904-1949 م) أشبه بدورة الإله بعل في الميثولوجيا الكنعانيّة القديمة، فبعل الذي يموت ويولد على نحوٍ أبديٍّ، وفقاً لـ"ألواح أوغاريت"، يرمز إلى "بلاد كنعان" أو "فينيقيا" تبعاً لتسميتها اليونانيّة القديمة، هذه البلاد التي مهما حاقَ بها من...

مواضيع أخرى

ماذا تبقى من طقوس وعادات رمضان؟  

ماذا تبقى من طقوس وعادات رمضان؟  

لشهر رمضان في سوريا عاداتٍ وطقوسِ اجتماعية وإنسانية، حرصت العائلات السورية على توارثها والتمسك بها عبر عشرات السنين، حتى تحولت إلى ما يشبه التراث الاجتماعي، ومن أشهرها "سِكبة رمضان" التي  تخلق حالة من الألفة والمحبة والتكافل الاجتماعي بين الناس، الذين يتبادلون...

“عيدٌ بأية حالٍ عدتَ؟”: غلاءٌ وعوائل حزينة

“عيدٌ بأية حالٍ عدتَ؟”: غلاءٌ وعوائل حزينة

لطالما يسخر السوريون من أنفسهم حين يكررون في كل عيدٍ الشطر الأول من قصيدة المتنبي "عيدٌ، بأية حالٍ عدتَ يا عيد؟"، ربما كان معظمهم يعلم شطره الثاني: "بما مضى أم بأمرٍ فيك تجديد"، وأنّ تشابه أيامهم بات فيه من السخرية الكثير، ولكنّ لا شك-أنّ معظمهم لم يكمل القصيدة، لا...

الجمعيات الخيرية: المنقذ الرمضاني في غياب الدعم الحكومي

الجمعيات الخيرية: المنقذ الرمضاني في غياب الدعم الحكومي

مع بدء الحرب السورية تمكنت المؤسسات والمنظمات غير الربحية المندرجة تحت مظلة المجتمع المدني من إثبات وجودها وترك بصمتها على أرض الميدان، فكانت الجمعيات الخيرية والمبادرات الفردية الإنسانية أولى الجهات غير الرسمية التي استطاعت توسيع دورها على خارطة العمل وإنقاذ الفئات...

تدريباتنا