تدريباتنا

كن مع الفقير…حملة لكسر الأسعار في ريف إدلب

بواسطة | ديسمبر 10, 2018

لأول مرة منذ وفاة زوجها تتمكن ميساء الإدلبي (٣٨عاما) من شراء كافة احتياجات منزلها من أغذية ومنظفات وأدوات منزلية دفعة واحدة، وذلك بعد أن انخفض ثمنها ليصبح متناسباً مع وضعها المادي السيء، والفضل بهذا لحملة أطلق عليها اسم “كن مع الفقير”، والتي ساهمت بخفض أسعار المواد الغذائية والأساسية في إدلب وريفها.

وأطلق أصحاب المحال والمصالح التجارية هذه الحملة نهاية شهر تشرين الثاني/نوفمبر من هذا العام بهدف تخفيض الأسعار بشكل عام في مناطق سيطرة المعارضة بريفي إدلب وحماة، بغية مساعدة الأهالي المحتاجين وإتاحة الفرصة لهم ليشتروا مستلزماتهم بأسعار مناسبة لدخلهم المنخفض.

عن هذه الحملة تقول ميساء “تمكنت بفضلها من شراء ما يلزمني بعد أن انخفضت أسعار المواد للنصف تقريبا، فقبل الحملة كان يقدر ثمن ما اشتريته بـ٥٠ ألف ليرة سورية ولكنني اشتريتها الآن بـ٣٠ ألف ليرة فقط، وهذه الحاجيات كفيلة بسد حاجتي وأولادي الأربعة لأكثر من شهرين”، وتشير ميساء بأنها أملت بشراء المزيد من الحاجيات قبل انتهاء الحملة و المتوقع أن يكون بداية عام ٢٠١٩ ، إلا أنها لم تعد تملك المزيد من المال لذلك.

كذلك تمكنت سناء العمر (٤٠ عاما)، وهي مهجّرة من الغوطة الشرقية، من شراء مستلزمات أبنائها الستة من الألبسة الشتوية بقيمة ٥ آلاف ليرة سورية، فيما اضطرت سابقاً لدفع مبلغ ١١ ألف ليرة ثمناً لربع احتياجاتها، وتقول “نتيجة الغلاء ووضعي المعيشي الصعب لم أتمكن من شراء كل ما يلزم أطفالي من ملابس، أما الآن فحصلت عليهم أخيراً وبسعر أفضل، وأتمنى أن تستمر الحملة لوقت أطول ليستفيد منها المهجرون والنازحون مثلي.”

وبدأت حملة “كن مع الفقير” في مدينة قلعة المضيق بريف حماة الغربي، لتنتشر بعدها في بقية مناطق ريف إدلب، ودفعت أصحاب المحال التجارية إلى المنافسة فيما بينهم على كسر الأسعار، واشتملت الحملة اللحوم بكافة أنواعها، والمواد الغذائية، والخضروات، والمحروقات، وحتى أسعار الحلاقة وتصفيف الشعر، كما  أعلن أصحاب بعض محال الطعام السريع عن عروض مخفضة جداً للوجبات الغذائية والسندويش.

بفضل التخفيضات أيضاً تمكن محمد الأشقر (٤٥عاما) من أهالي مدينة إدلب، من شراء اللحوم لأسرته، ويقول محمد “منذ زمن لم أستطع شراء اللحوم  لغلاء ثمنها، فسعر الكيلو غرام من لحم الغنم يتراوح بين ٣٠٠٠ إلى ٣٥٠٠ ليرة سورية، أما اليوم فقد انخفض إلى ٢٥٠٠ ل.س ، والفروج المشوي انخفض سعره من ٢٠٠٠ل.س الى  ١٢٠٠ل.س فقط “، وعن أجواء هذه الحملة في المدينة يوضح الأشقر “التخفيضات ملحوظة على الأسعار وهي تتراوح بين الـ٣٠ والـ٥٠ بالمئة ، كما أن بعض المحلات عرضت تقديم خدماتها بشكل مجاني ولفترات محدودة، تحقيقا لأهداف الحملة بمساعدة فقراء الشمال السوري.”

أبو حسين الحمصي صاحب أحد المطاعم في مدينة إدلب ، و أحد المشاركين بالحملة يقول “هناك إقبال كبير على المطعم لشراء الدجاج المشوي والشاورما، وهذا الازدحام لم يكن موجوداً عندي في السابق، وهو يعكس الوضع المعيشي السيء و حاجة الناس بالفعل لهكذا تخفيضات.”

ويرى الحمصي أن من واجب أصحاب المحال التجارية عرض التنزيلات ولو اضطروا للبيع بسعر رأس المال، مضيفاً “علينا أن نقدم شيئاً ما للأهالي، ونشعر بظروفهم في هذه المرحلة الصعبة وخصوصاً مع بداية فصل الشتاء، فمعظم الناس هنا باتوا تحت خط الفقر، وهم دائما يشكون ضيق الحال.”

ولاقت الحملة رواجا كبيرا وتفاعلاً غير مسبوق بين الأهالي، إذ بادرت العشرات من المحلات التجارية والمطاعم للمشاركة وإعلان ذلك عبر مواقع التواصل الاجتماعي وعبر لافتات علقتها على أبوابها وفي الشوارع.

عن سبب مشاركته في الحملة يقول سامر الحلو (٤١عاما )، أحد أصحاب محال بيع المواد الغذائية في معرة النعمان “شاركت بالحملة التنافسية لتخفيض أسعار المواد في المنطقة، بهدف التخفيف ولو بجزء بسيط من المصاريف الكبيرة على الأهالي بهذا الوقت، وخاصة أن العديد منهم لا يستطيعون شراء المأكولات بالأسعار القديمة، وحققنا نسبة مبيعات يومية ضخمة جدا وتخفيضات محلي ستبقى مستمرة.”

أبو نزير ( ٤٣ عاما)  الذي يمتلك إحدى الآبار الإرتوازية شارك أيضا في الحملة فأصبح يبيع صهريج المياه ب  ٤٠٠ل.س، بدلاً من سعره السابق وهو ٧٠٠ ل.س، ويقول أبو نزير “جمعت تكاليف الديزل الذي تعمل عليه المولّدة الكهربائية لإخراج المياه من البئر، وبعد إجراء حساباتي وجدت أن سعر ٤٠٠ ل.س كاف مع مربح بسيط جدا لي “، مضيفاً “المياه هي إحدى الاحتياجات الأساسية للناس وهم يضطرون لشرائها منذ بداية الأزمة، بعد أن دمرت طائرات الأسد شبكات المياه كافة، ولذلك فإن مساهمتنا نحن أصحاب آبار المياه هامة جداً للتخفيف عن الأهالي.”

وبالإضافة للآبار، قدمت أيضاً سيارات نقل المياه أسعاراً مخفضة، فابراهيم البيوش (٣٠ عاما)، وهو أحد سائقي هذه السيارات، أعلن عن تخفيضه لأجرة نقل صهريج المياه من  ٢٥٠٠ل.س إلى ١٠٠٠ل.س فقط وحتى نهاية عام ٢٠١٨، ويقول إبراهيم “ساهمت في الحملة بعرض خدماتي بسعر التكلفة، لأساعد الفقراء والنازحين الذي بات كل شيء يرهقهم، في ظل ما تعيشه المنطقة من غلاء فاحش.”

من جهته دعا محمد النحاس (٣٧عاما)، عضو المجلس المحلي في معرة النعمان، إلى مزيد من هذه الحملات واصفاً إياها “بالهادفة” لتخفيف وطأة الحرب على الفقراء، ويقول النحاس “أمر جميل جدا أن يشعر الغني بالفقير ويسهم بإدخال البسمة إلى قلوب المحتاجين والتخفيف من أعباء الشتاء القاسي عليهم، وأكثر مالفت انتباهي في الحملة هو التسابق على عمل الخير ونشر روح الأخوة والعمل الجماعي والصادق بين أصحاب المحلات، وهو ما بعث في نفسي شعورا بأننا لانزال بخير على الرغم من كل شيء.”

مواضيع ذات صلة

عمر البطش مدرسة متفردة في فنون الموشحات ورقص السماح

عمر البطش مدرسة متفردة في فنون الموشحات ورقص السماح

إلى جانب كونها مدينة الطرب والقدود، برعت حلب وتميَّزت في فن الموشحات، وذلك بفضل كوكبة من ملحنيها ووشاحيها المبدعين، الذين كانوا مخلصين لذلك الفن  وحافظوا على روح وألق الموشح العربي وساهموا في إغنائه وتطويره، ومن أبرزهم الشيخ عمر البطش، الذي ساهم على نحو خاص في...

شعاع من الفن التشكيلي السوري: نصير شورى (1920-1992م)

شعاع من الفن التشكيلي السوري: نصير شورى (1920-1992م)

في الخامسة من عمره حظيت إحدى لوحاته بإعجاب العديد من أساتذة الرسم، نصير شورى الذي ولد عام ١٩٢٠ والذي كان محط عنايةٍ خاصة من والديه: محمد سعيد شورى، الأديب والشاعر الدمشقي المعروف، وأمه، عائشة هانم، ذات الأصول العريقة. فكان أن تلقى تعليماً خاصاً منذ نعومة أظفاره...

نذير نبعة: رسام الحياة ومؤرِّخ الألوان السورية

نذير نبعة: رسام الحياة ومؤرِّخ الألوان السورية

 "كنت أحلم بلوحةٍ تستطيع أن تخاطب بجمالياتها شريحة أوسع من الناس، لوحة تستطيع تجاوز مجموعة الجمهور التي تتكرر في حفل الافتتاح لأي معرض". ربما توضح تلك الكلمات، وهي للفنان نذير نبعة، مدى تبنيه وإخلاصه للفن، الذي كان رفيق دربه لأكثر من ستين عاماً، فهو الفنان الذي...

مواضيع أخرى

عملية تجميل لوجه دمشق بجراحة تستأصل بسطات الكتب

عملية تجميل لوجه دمشق بجراحة تستأصل بسطات الكتب

رغم انتشار ثقافة المطالعة واستقاء المعلومات عن طريق الشبكة العنكبوتية إلا أن ملمس الورق ورائحة الحبر بقيا جذابين للقارئ السوري. ولم تستطع التكنولوجيا الاستحواذ على مكان الكتاب الورقي، أو منافسته. وبقي الكتاب المرجع الأساسي والحقيقي لأي بحث علمي وأكاديمي، ولم يستطع...

التجربة المؤودة للمسرح الجوّال في سورية

التجربة المؤودة للمسرح الجوّال في سورية

بقي الريف السوري محروماً من المسرح إلى أن أنشأت مديرية المسارح والموسيقى في وزارة الثقافة ما أسمته "المسرح الجوال" عام ١٩٦٩، والذي بدأ عروضه بنشر الوعي المسرحي في الريف والمناطق الشعبية والنائية. صارت الصالة في كل مكان  والجمهور ضمنها، وكان كسر الحواجز بين...

“وفا تيليكوم”: اتصالات إيرانية على أراضٍ سورية

“وفا تيليكوم”: اتصالات إيرانية على أراضٍ سورية

ينتظر السوريون في الأسابيع المقبلة بفارغ الصبر وفق تصريحات حكومية انطلاق المشغل الخلوي الثالث "وفا تيليكوم" المرتبط بإيران التي ستدخل على خط الاستحواذ في قطاع الاتصالات الحساس والذي ظلّ حكراً على متنفذي السلطة لعقود. من خلال التواصل المباشر مع مصادر متعددة من داخل...

تدريباتنا