تدريباتنا

كيف يرى السوريون في مناطق سيطرة الحكومة قانون سيزر؟

بواسطة | مارس 20, 2019

أعاد مجلس النواب الأمريكي بداية هذا العام، تفعيل قانون حماية المدنيين في سوريا أو ما يعرف بقانون “سيزر”لمدة عشر سنوات أخرى، مع توسيع دائرة القانون ليشمل فرض عقوبات على الحكومة السورية في مجالات جديدة تشمل: الطاقة والنقل والأعمال، وبموجبه سيتم فرض عقوبات على أي شخص أو جهة تتعامل مع الحكومة السورية أو توفر لها التمويل بما في ذلك أجهزة الاستخبارات والأمن السورية والمصرف المركزي السوري.

وكان قانون “سيزر” قد سن عام ٢٠١٤ بعد أن سرب مصور عسكري منشق ٥٥ ألف صورة لعمليات التعذيب والقتل في المعتقلات السورية.

لاقى القانون وإضافاته ترحيباً من البعض ممن اعتبروه خطوةً لازمةً لمنع إعادة تأهيل نظام الأسد من جديد، خاصة بعد أن بادرت بعض الدول العربية بمبادرات للتقرب منه و مع الحديث عن احتمال عودته للجامعة العربية، إضافة إلى أن هذا القانون سيعيد فتح ملفات الجرائم التي ارتكبت في السنوات الأخيرة لمحاسبة النظام قانونيا، كما أنه سيحاصر الدول الداعمة للنظام كإيران وروسيا بفرض قيود وعقوبات عليها.

من جهة أخرى يرى آخرون أنالعقوبات لن تؤثر على النظام السوري الذي سيجد طرقاً للالتفاف عليها من خلال وسطاء وشركات مختلفة، ولن يتضرر سوى المواطن السوري العادي الذي بقي في الداخل، مستشهداً بتجربة حصار العراق في التسعينات من القرن الماضي لتأكيد زيف المزاعم الأمريكية بحماية المدنيين من أنظمتهم.

في الداخل السوري يردد البعض رواية السلطة عن الموضوع بأنها “مؤامرة خارجية لحصار الشعب السوري اقتصادياً، بعدما فشلت المخططات الإرهابية من النيل من صموده.” كما يقول عبد الله وهو موظف حكومي، مضيفاً: “الشعب السوري لن يخضع لهذا الحصار، وكما خرجنا من حصار الثمانينيات فيما مضى سنخرج الآن ، لدينا الكثير من العوامل التي تساعدنا على تخطي هذه المشكلة ولسنا بحاجة أميركا لتساعدنا بشيء”.

بينما يرى مأمون وهو موظف في شركة خاصة، أنّ للقانون نتائج كارثية على السوريين معطياً مثالاً عما حدث في شركة عرق الريان في السويداء “حيث كانت تصدر منتجاتها إلى الخارج بشكل رئيسي، ونتيجة العقوبات وإيقاف التصدير لم تستطع الشركة دفع ثمن العنب للفلاحين هذا الموسم حتى الآن منذ أكثر من خمسة أشهر.” يقول مأمون شارحاً: “الاقتصاد السوري منهار بالكامل، ولا يعتمد على أية سياسة اقتصادية وطنية، فخلال السنوات الماضية دمرت البنى التحتية بشكل كبير، لكن حجم المساعدات والأموال التي كانت تدخل البلد سواء للحكومة أو للمعارضة كانت تخفي حجم الكارثة الاقتصادية الحقيقية. واليوم وبعد أن توقفت هذه المساعدات تفاقمت الأزمات بشكل غير مسبوق، إعادة إعمار سورية وبناء اقتصاد صحيح يحتاج إلى الكثير من التسهيلات والمساعدات الخارجية، إلا أن قانون سيزر سيكون عقبة حقيقية أمام ذلك.”

يركز العديدون ممن يبحثون في آثار هذا القانون على تأثيره على عمليات إعادة الإعمار وتوفير المواد المستوردة الأساسية بما فيها مواد البناء، والأسمدة، والأدوية، والتقنيات المتطورة والتكنولوجية التي تعتبر هدفاً مباشراً لهذه العقوبات. إلا أن آخرين يرون بأن المشكلة كانت ولازالت داخلية، سواءٌ بوجود عقوبات أو بدونها والمتضرر الوحيد هو عامة الناس، كما تشير المحامية سمر التي تقول ” يمكن تجاوز العقوبات الجديدة لو أن لدينا حكومة وطنية تعمل لصالح البلد، كذلك كنا تمكنا من بناء الاقتصاد من جديد بما تمتلك البلاد من مقدرات ومقومات ودون الحاجة لمساعدة أحد، لكن وبظل وجود حكومة ينخرها الفساد بكل مفاصلها، ستكون نتائج العقوبات كارثية على الداخل السوري”، وترى سمر بأن العقوبات ستكون “شماعة تستخدمها الحكومة لتبرير فسادها وعجزها عن معالجة الأزمات الموجودة كأزمة الوقود والمحروقات” و التي تفاقمت بشكل كبير خلال الفترة الماضية.

وبين المؤيدين لهذا القانون والمعارضين له، فقدت شريحة سورية واسعة الاهتمام بما يحدث حولها لتلتفت لعيشها لكل يومٍ بيومه، فالمهندس المدني كريم مثلاً لم يسمع بقانون سيزر كلياً، وقد علق ساخراً عندما عرف مضمونه: “لا أهتم لمثل هذه القوانين، فمنذ بداية الحرب في سوريا لم تكن الأوضاع أفضل مما هي عليه الآن، هذا القانون كان من الممكن أن يشكل فارقاً في بداية الأزمة، أما الآن وقد دمرت أغلب المدن وهجر أهلها فلا نفع منه، الدول التي ساهمت في خراب البلد وصمتت عن كل الانتهاكات المرتكبة تريد اليوم أن تستثمر في بناء ما هدمته، هذا القانون ليس أكثر من مضاربات في السوق بين الشركات. “

ويتساءل فارس، وهو فلاح في الخمسين من عمره، ساخراً “هل سيؤثر هذا القانون على كمية الأمطار الهاطلة؟ يبدو أنّ الموسم هذا العام سيكون جيداً، ولن أهتم إن كان هناك عقوبات أم لا.” ويضيف فارس ” قطع الغيار للآليات مفقودة منذ بداية الحرب، وعمليات التصدير متوقفة أساساً، حتى الأسمدة والمبيدات الحشرية الموجودة أغلبها مغشوش وفاقد الصلاحية وبدون فائدة، لذا اعتمدت على التسويق المحلي للمنتجات ومحاولة حل المشاكل الزراعية بالطرق التقليدية، مثل التسميد بروث الحيوانات والمكافحة الطبيعية والاعتماد على الحيوانات في عملية الحراثة. “

ويحاول معظم السوريين الذين يعيشون في مناطق السيطرة الحكومية كما فارس مقاومة الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشونها، ويرون أن هذا القرار لن يغير شي عملياً على أرض الواقع، وعلى حدّ تعبير الصحفي سعيد فإن القانون “سياسي بالدرجة الأولى، فهو رسالة للجميع بأن أميركا مازالت الطرف الأهم في الملف السوري، رغم إعلانها عن سحب قواتها، وأنها تستطيع أن تمسك بوابات المنطقة تفتحها وتغلقها كيفما شاءت وحسب مصالحها. “

مواضيع ذات صلة

من الثورة إلى النهضة: إضاءة على فكر طيب تيزيني

من الثورة إلى النهضة: إضاءة على فكر طيب تيزيني

طيب تيزيني اسم أكبر وأهم من أن نُعرِّفه عبر سطور أو صفحات قليلة؛ لأنه جسَّد أفكاره تجسيداً عملياً، فكانت مؤلفاته تفيض من تفاصيل حياته ومواقفه الإنسانية والسياسية، وكانت حياته ومواقفه وبحق تعبيراً صادقاً عن أفكاره وفلسته، فكان فيلسوفاً بل حكيماً بكل ما تعنيه هذه...

 محمد مُحسن: صانع النجوم ومبدع الألحان الخالدة

 محمد مُحسن: صانع النجوم ومبدع الألحان الخالدة

 خلال مسيرته الفنية الحافلة بالعطاء، والتي استمرت لأكثر من نصف قرن، أبدَعَ مدرسة لحنية وغنائية متفردة وغنية ومتكاملة، تركت بصمتها المؤثرة في تاريخ الموسيقى العربية، وقد ساعدته موهبته في الغناء في فهم طبيعة الأصوات التي لَحَّن لها، فكان يُفصِّل اللحن على مساحة...

جُرح في الزوبعة

جُرح في الزوبعة

كانت حياة أنطون سعادة القصيرة (1904-1949 م) أشبه بدورة الإله بعل في الميثولوجيا الكنعانيّة القديمة، فبعل الذي يموت ويولد على نحوٍ أبديٍّ، وفقاً لـ"ألواح أوغاريت"، يرمز إلى "بلاد كنعان" أو "فينيقيا" تبعاً لتسميتها اليونانيّة القديمة، هذه البلاد التي مهما حاقَ بها من...

مواضيع أخرى

مثل الماء لا يُمكن كسرها

مثل الماء لا يُمكن كسرها

لم أستطع أن أخفي دهشتي حين قرأت المجموعة الشعرية "مثل الماء لا يُمكن كسرها" للشاعرة السورية فرات إسبر، فالنص مدهش وغني بالتجربة الإنسانية للمرأة في علاقتها بذاتها وبالعالم حولها، ويعبر عن صوت المرأة الحرة الشجاعة والمبدعة، صوت الأم والعانس والأرملة والعاشقة. أعتقد أن...

سوريا: كسوة العيد للأطفال محكومة بالأزمة الاقتصادية الحادة

سوريا: كسوة العيد للأطفال محكومة بالأزمة الاقتصادية الحادة

حرصت عائلات سورية -في أعوام خلت- على شراء الملابس الجديدة قبيل عيد الفطر، وبخاصة للأطفال كي يشعروا بالبهجة والسرور، غير أن التضخم وتراجع القدرة الشرائية، إلى جانب تدني دخل الأسرة بفعل الأزمة الاقتصادية الحادة أثر بشكل سلبي على هذه العادة. في جولة لنا على عدد من...

ماذا تبقى من طقوس وعادات رمضان؟  

ماذا تبقى من طقوس وعادات رمضان؟  

لشهر رمضان في سوريا عاداتٍ وطقوسِ اجتماعية وإنسانية، حرصت العائلات السورية على توارثها والتمسك بها عبر عشرات السنين، حتى تحولت إلى ما يشبه التراث الاجتماعي، ومن أشهرها "سِكبة رمضان" التي  تخلق حالة من الألفة والمحبة والتكافل الاجتماعي بين الناس، الذين يتبادلون...

تدريباتنا