تدريباتنا

ماذا عن حصة السوري من السمك؟

بواسطة | يناير 21, 2022

اعتاد مصطفى في صغره على تناول وجبة سمك أسبوعياً. كان الباعة يجلبون أنواع مختلفة طازجة إلى ريف إدلب، حيث قضى طفولته إلى أن أصبح شاباً. يقول: “أبي يحب السمك وأنا أيضاً. لم تكن الأسعار تدعو إلى القلق في تلك الفترة”.
يقيم مصطفى في دمشق منذ سنوات، واظب على عادة شراء السمك مرة كل عدة أشهر، لكن مع تضخم الأسعار في السنوات الأخيرة، بالكاد يشتري كيلوغرامين في السنة. يضيف الطالب الجامعي البالغ من العمر أربع وعشرين عاماً لـ”صالون سوريا”: “مرت سنتان دون أن أتذوق طعم السمك، لا أفكر كثيراً بنوع الطعام، المهم أن يكون رخيص الثمن”.
ارتفعت أسعار الأسماك المنتجة محلياً بأنواعها في عام 2021. في أسواق محافظة اللاذقية بلغ سعر كيلو سمك (البوري) نحو 15 ألف ل.س (أربعة دولارات أمريكية)، و(لقز حفش) بين 20 إلى 25 ألف ل.س، و(الفريدي) بين 25 و30 ألف ل.س، و(الأجاج بلدي) 30 ألف ل.س (8.5 دولار)، بينما وصل سعر مبيع بعض الأنواع، مثل: (لقز رملي) إلى 110 آلاف ل.س (31 دولاراً) للكيلو الواحد.
تضاعف سعر سمك (البلميدا) ثلاث مرات تقريباً مرتفعاً من ثلاثة آلاف ل.س إلى عشرة آلاف ل.س للكيلو الواحد، ويعدّ من الأنواع الشعبية الرائجة بين المواطنين/ات، وبخاصة في محافظات الساحل السوري لانخفاض ثمنه بالمقارنة مع الأسماك الأخرى.
وبالنسبة لأسواق دمشق يباع كيلو سمك (أجاج) بـ 34 ألف ل.س، وسمك (لقز) بسعر 27 ألف ل.س (7.7 دولار)؛ أما سمك (سلمون: ترويت) فيباع بسعر 15 ألف ل.س لكل كيلو، وسمك (المشط) بـين 12 و16 ألف ل.س. وسمك (البوري) بـ 15 ألف ل.س. وسمك (زبيدي) بـ 40 ألف ل.س (11 دولاراً أمريكياً). وتختلف الأسعار حسب نوع السمك ومصدره بحرياً أو نهرياً.
ويبلغ نصيب الفرد من الأسماك المنتجة محلياً في سورية أقل من كيلوغرام واحد سنوياً، بحسب تصريحات لمسؤولين في “الهيئة العامة للثروة السمكية”، وهي الأدنى عربياً وعالمياً قياساً بالمعدل العالمي (20 كيلو غراماً)، بينما وصل نصيب الفرد في مصر إلى 19 كيلو غراماً تقريباً، بحسب تصريح رئيس “الهيئة العامة للثروة السمكية” المصرية خالد السيد في نيسان/أبريل 2020، طبقاً لموقع الهيئة الإلكتروني.
وبحسب بيانات “المكتب المركزي للإحصاء” تراجع الإنتاج الكلي للصيد البحري والنهري في سورية من 18 ألف طن في 2007 إلى أقل من خمسة آلاف طن في 2019 (بيانات أولية).
يشتهي حسن (رب أسرة يقيم في منطقة دمر بدمشق) أحياناً شراء أي نوع من السمك، وعلى الرغم من أن سعر بعض الأنواع منخفض، لكنه لا يثق بمصدرها؛ إذ تبدو من ملمسها غير طازجة إطلاقاً، كما أن الأسماك ليست متوفرة بشكل دائم، ولها أماكن بيع محددة في مركز مدينة دمشق، مثل: باب سريجة وشارع الثورة.
يقول حسن: “إن سعر ثلاثة كيلو غرامات من الأنواع اللذيذة التي تصلح للشوي يتجاوز 100 ألف ل.س (28.5 دولار). لا يمكنني في الحقيقة تحمل كلفة وجبة تشبع عائلتي ليوم واحد فقط”.
وشملت تقلبات الأسعار اللحوم الحمراء والبيضاء معاً، حيث وصل سعر كيلو الفروج في أسواق دمشق إلى ثمانية آلاف ل.س (دولاران أمريكيان)، وسعر كيلو لحم الأغنام إلى 30 ألف ل.س (8.5 دولار)، ولحم العجل إلى 24 ألف ل.س (سبعة دولارات)، ما حرم قسماً كبيراً، وبخاصة الفئات الهشة في المجتمع السوري من البروتين الحيواني.
وتعتمد سورية في إنتاج الأسماك على ثلاثة مصادر رئيسة: أولها الصيد البحري، وثانيها الصيد الداخلي في المياه العذبة، والمصدر الثالث هو المزارع السمكية عن طريق الاستزراع السمكي. بحسب كلام مدير عام “الهيئة العامة للثروة السمكية” السابق محمد زين الدين لـصحيفة “الثورة” المحلية في 2012.
ويذكر تقرير “حالة الموارد السمكية وتربية الأحياء المائية في العالم 2020” الصادر عن منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة “الفاو” أن الإنتاج العالمي للأسماك بلغ حوالي 179 مليون طن في عام 2018، واستعمل 156 مليون طن من المجموع الكلي للاستهلاك البشري، ما يساوي معدل إمداد سنوي بحدود 20.5 كلغ للفرد الواحد.
وتشير “الفاو” في تقريرها “حالة مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية في العالم لعام 2018” إلى أن السمك يمثّل نحو 17 في المائة من البروتين الحيواني المستهلك بشرياً، حيث يوفر نحو 20 في المائة من البروتين الحيواني الذي يحتاجه أكثر من ثلاثة مليارات إنسان على وجه الكرة الأرضية، ويمثل السمك مصدراً مغذياً جداً، ويساعد بشكل خاص على مواجهة نقص المغذيات الدقيقة.
وتعاني الثروة السمكية في سورية من جملة تحديات أبرزها: الصيد الجائر واستخدام وسائل الصيد غير المشروعة، مثل: الصعق الكهربائي واستعمال السموم والتفجير بالديناميت. كما يواجه الصيادون ارتفاع تكاليف الإنتاج وغياب الدعم بما يمكنهم من تطوير مراكبهم وأدواتهم؛ إلى جانب جفاف المخازن المائية للمسطحات المائية، وعزوف بعض المربين عن تربية الأسماك لارتفاع التكاليف، بحسب تصريحات إعلامية سابقة لمسؤولين في الثروة السمكية وصيادين.
ومنحت “وزارة النقل” في تشرين الثاني/نوفمبر 2021 أول ترخيص لإنشاء مزرعة سمكية عائمة على شاطئ جبلة بريف اللاذقية، ويمتد المشروع على مساحة 18 دونماً برية، و15 دونماً بحرية، بطاقة إنتاجية تصل إلى 400 طن سنوياً.

مواضيع ذات صلة

هاني الراهب متلفعاً بالأخضر 

هاني الراهب متلفعاً بالأخضر 

إحدى وثلاثون سنة من الغياب مضت على انطفاء فارس السرد "هاني الراهب" ومازالت نصوصه تتوهج وتمارس سطوتها وحضورها الآسر على أجيال أتت من بعده تتقرى معانيه وتتلمس خطاه رغم التعتيم والتغييب الذي مورس بحقه على مر الزمن الماضي ومحاصرته في لقمه عيشه بسبب من آرائه ومواقفه،...

الواقعية النقدية لدى ياسين الحافظ

الواقعية النقدية لدى ياسين الحافظ

ياسين الحافظ كاتبٌ ومفكر سياسي سوري من الطراز الرفيع، يعدُّ من المؤسسين والمنظرين للتجربة الحزبية العربية. اشترك في العديد من الأحزاب القومية واليسارية، ويعدُّ الحافظ في طليعة المفكرين التقدميين في العالم العربي، اتسم فكره بالواقعية النقدية، تحت تأثير منشأه الجغرافي...

عبد السلام العجيلي: شيخ الأدباء وأيقونة الفرات

عبد السلام العجيلي: شيخ الأدباء وأيقونة الفرات

يمثل عبد السلام العجيلي ذاكرة تأسيسية في مدونة الأدب السوري، ذاكرة من من ذهب وضياء، ضمت في أعطافها عبق الماضي وأطياف الحاضر، امتازت بقدرته الفائقة في الجمع بين مفهومين متعارضين ظن الكثيرون أنه لا لقاء بينهما، ألا وهو استلهامه واحترامه للتراث وللإرث المعرفي المنقول عمن...

مواضيع أخرى

زكريا تامر بوصلة التمرد الساخرة

زكريا تامر بوصلة التمرد الساخرة

"أكثر قصصي قسوة هي أقل قسوة من الحياة العربية المعاصرة، وأنا لا أستطيع وصف السماء بجمالها الأزرق متناسياً ما يجري تحت تلك السماء من مآس ومجازر ومهازل.. صدّقني الأسطورة أصبحت أكثر تصديقاً من واقعنا المرير" بهذا التوصيف العاصف يلخص الكاتب السوري زكريا تامر (1931) تجربته...

هاني الراهب متلفعاً بالأخضر 

هاني الراهب متلفعاً بالأخضر 

إحدى وثلاثون سنة من الغياب مضت على انطفاء فارس السرد "هاني الراهب" ومازالت نصوصه تتوهج وتمارس سطوتها وحضورها الآسر على أجيال أتت من بعده تتقرى معانيه وتتلمس خطاه رغم التعتيم والتغييب الذي مورس بحقه على مر الزمن الماضي ومحاصرته في لقمه عيشه بسبب من آرائه ومواقفه،...

افتحوا النوافذ كي يدخل هواء الحرية النقي

افتحوا النوافذ كي يدخل هواء الحرية النقي

يصدمنا الإعلام الاجتماعيّ كل يوم بمقاطع فيديو وأخبار حول امتهان كرامة الإنسان في سورية عن طريق استفزازات لفظية وعنفٍ جسديّ يُمارَس ضد أشخاص تصنّفهم الآلة الإعلامية للمرحلة الانتقالية على أنهم من "فلول النظام“ السابق. ولقد سمعنا عن أشخاص تُقتحم بيوتهم...

تدريباتنا