تدريباتنا

مدينة أنفاق” تحت حرستا تربك دمشق”

بواسطة | يناير 11, 2018

دمشق

خسرت قوات الحكومة السورية حوالى 400 عنصر في معارك “جبهة إدارة المركبات العسكرية” في حرستا شرق دمشق، في هجوم شنته فصائل اسلامية ومعارضة و “جهادية”  في معركة أطلقت عليها اسم “بأنهم ظلموا”. لكن قوات الحكومة لم تحقق اختراقاً بسبب أربعة أسباب بينها الانفاق الموجودة شرق دمشق.

وآفاد مصدر عسكري في قوات الحكومة، بمقتل 80 عنصراً في المعركة الأخيرة التي بدأت في 30 من شهر كانون أول (ديسمبر) الماضي في “إدارة المركبات” ومساحتها 4 آلاف متر مربع، وعبارة عن “لسان متقدم” للقوات الحكومية في عمق الغوطة الشرقية بين حرستا وعربين ومديرا.
وكشف المصدر أن المعارك “ما زالت محتدمة في جبهة إدارة المركبات، وأن ما يتم الحديث عنه عبر وسائل الإعلام عن كسر الطوق على إدارة المركبات مبالغ فيه رغم نجاح القوات الحكومية في إخلاء جرحاها الذين حوصروا داخل الإدارة لفترة وصلت إلى 8 ايام حيث تمكنت قوات الاقتحام في الفرقة الرابعة (في الحرس الجمهوري) من فتح ثغرة والتسلل إلى الداخل ونقل 33 جريحا إلى مشفى تشرين العسكري، إضافة إلى نقل جثث 21 قتيلا لقوا حتفهم داخل الإدارة.”

وتحدث عن “ثبات حامية إدارة المركبات” في مساحة لا تتجاوز 20 في المئة من “إدارة المركبات ولاسيما في مبنى المعهد الفني العسكري وعدد من المستودعات الواقعة على أطراف مساحة الإدارة المترامية الأطراف في حين تحولت باقي المساحات إلى خطوط مواجهة واشتباكات وركام وحطام بعد تدميرها بغارات الطيران فور انسحاب القوات الحكومية منها.”

وتعتبر “الإدارة” أكبر ثكنة عسكرية للقوات الحكومية في الغوطة الشرقية وتتكون الإدارة من ثلاثة أقسام رئيسية: قسم الإدارة ويضم القيادة الرئيسية والمباني الإدارية. ويضم القسم الثاني “الرحبة العسكرية – 446.” ويعتبر القسم الأكبر مساحة وهو المسؤول عن إصلاح السيارات العسكرية بجميع أنواعها اضافة الى اصلاح الدبابات ويقع بين حرستا وعربين. أما القسم الثالث، فهو المعهد الفني الذي يقع بين حرستا وعربين ومديرا، ويعتر مسؤولًا  عن إصلاح الدبابات العسكرية، بحسب مصدر في دمشق.

ولأهميتها الكبيرة، كانت الإدارة محط أنظار فصائل المعارضة، إذ شهدت هجومًا لـفصائل معارضة في كانون الأول 2012 وتمكن من اقتحامها والسيطرة على مستودعات للذخيرة. لكنه لم يستطع السيطرة عليها بشكل كامل. وفي تشرين الثاني (نوفمبر) 2013، تمكنت فصائل من تفجير مبنى الإدارة، بعد وصولها إليه عبر الأنفاق وأسفرت العملية عن مقتل 60 عنصرًا، بينهم اللواء أحمد رستم نائب مدير الإدارة، واللواء محمد حسن رئيس قسم الهندسة في الإدارة، إضافة إلى العميد جوزيف دخل الله والعميد حسن سليمان والعميد غسان عروس. وفي عام 2015، أطلقت فصائل عملية عسكرية تحت مسمى “معركة نصرة الزبداني”، سيطرت خلالها على أبنية في المعهد الفني التابع لإدارة المركبات، لكن غارات مكثفة من الطيران حالت دون السيطرة عليها.

وقال المصدر العسكري أن هناك اربعة اسباب وراء فشل دمشق في تحقيق اختراق في “المعركة الجارية، وهي أخطر وأعنف الهجمات التي تعرضت لها الإدارة حتى الآن بسبب عدم قدرة الطيران الحربي على التدخل فيها نتيجة تقارب القوات من بعضها بعضاً٫ وبالتالي خروج الطيران من الخدمة في هذه الجبهة٫ إضافة إلى كثرة الفصائل المشاركة في هذه المعركة حيث تشارك هيئة تحرير الشام (التي تضم فتح الشام، اي جبهة النصرة سابقا) وفيلق الرحمن وجيش الإسلام.”

ولعبت الأنفاق دورا بارزا في جميع الهجمات التي تعرضت لها “إدارة المركبات”، حيث اشار المصدر إلى أن “الأنفاق كانت السلاح الأقوى بيد الفصائل المهاجمة حيث قامت بحفر عشرات الأنفاق خلف خطوط القوات الحكومية وفرض الحصار على إدارة المركبات من جهة حي العجمي ومستشفى البشر وبالتالي قطع جميع خطوط الإمداد عن العناصر المرابطة داخل الإدارة.”

صعوبة موقف القوات الحكومية وحراجته اضطرتها إلى استقدام أعداد كبيرة من المقاتلين لمؤازرتها في المعركة، حيث كشفت مصادر إعلامية مقربة منها أن “جيش التحرير الفلسطيني أرسل كتيبتين إلى جبهة حرستا وإدارة المركبات لتنضم إلى قوات أبو الفضل العباس والحرس الجمهوري وحزب الله وقوات الفرقة الرابعة المعروفة بـ “الليوث” بقيادة العقيد غياث دلا الذي كان قاد المعارك في جبهة بيت جن التي تم التوصل إلى اتفاق لإخراج مسلحي المعارضة منها نهاية الشهر الماضي.”

ورأت المصادر أن “طبيعة المنطقة المعقدة ومكان وجود  إدارة المركبات وسط الأحياء السكنية لعبت دورا بارزا في توجيه دفة المعركة”، ما يعتبر السبب الرابع. واعتبرت أن “عقلية واستراتيجية الجيش (النظامي) السوري التي كانت سائدة من قبل بنشر قواته داخل المناطق السكنية بهدف الاحتماء بالمدنيين في أي عدوان خارجي انقلبت في هذا الصراع وتحولت إلى عامل سلبي تستغله فصائل المعارضة ضده.”

ورغم تصدر معارك إدارة المركبات وسائل الإعلام المحلية والعربية والأجنبية، بقي الجيش صامتا، حيث لم يصدر أي بيان أو تصريح عنها وترك العنان للناشطين على موقع “فايسبوك” والمواقع الإلكترونية للحديث عنها. كما غابت وسائل الإعلام الرسمية السورية تماما عن تغطية هذه المعركة، قبل أن تبث أخبارا مقتضبة مساء الأحد الماضي عن “كسر الطوق على إدارة المركبات” من دون أن تذكر تفاصيل ولم تنشر أي صور من داخل الإدارة.
وبررت مصادر إعلامية سورية مطلعة عدم إصدار الجيش النظامي أي بيان عن معارك حرستا وإدارة المركبات بحجم الخسائر الكبيرة للقوات الحكومية من جهة وعدم ثبات الموقف وتغيره بين لحظة وأخرى نتيجة الهجمات المكثفة لفصائل المعارضة وعدم اتضاح الصورة بشكل كامل. وما تجنب الجيش إعلانه حول خسائره كشفه الناشطون على صفحاتهم في مواقع التواصل الاجتماعي حيث أعلنوا عن “تشييع عشرات القتلى في مسقط رأسهم في طرطوس واللاذقية بينهم 7 ضباط برتبة عميد ونحو 70 قتيلا آخر بينهم ضباط برتب مختلفة”، بحسب مصادر موالية لدمشق. وقالت ان “غالبية الضحايا هم من الخريجين الجديد من الكلية الحربية الذين تم زجهم في إدارة المركبات بدون أن يكونوا يمتلكون خبرة عسكرية كافية لخوض هكذا معارك.” وتساءل موالون لدمشق عن “جدوى استبقاء القوات الحكومية في إدارة المركبات وسط الخسائر الهائلة التي تتكبدها نتيجة الهجمات المتوالية عليها”، مطالبين بـ “الانسحاب فورا لحقن دماء المقاتلين ووضع خطوط صد أمام أي هجمات جديدة إلى حين إيجاد حل سياسي لموضوع الغوطة الشرقية أو إيجاد حلي عسكري جذري.”
 
الحل السياسي والدخول في مفاوضات للتوصل إلى حل في الغوطة نفاهما وزير الدولة السوري لشؤون المصالحة علي حيدر بقوله الاثنين الماضي أن منطقة حرستا في الغوطة الشرقية بريف دمشق “أبعد ما تكون حاليا عن إنجاز اتفاق تسوية ومصالحة جراء خرق المجموعات المسلحة فيها اتفاق منطقة تخفيف التوتر” ضمن عملية استانة التي رعتها روسيا وتركيا وايران، اضافة الى مساهمة مصر في رعاية اتفاق الغوطة بين فصائل معارضة ودمشق بضمانة روسيا. واعتبر حيدر أن “الرد على المسلحين يكون بالعمل العسكري دون إغلاق باب المصالحة وإن كنا لا نعول عليها كثيرا في هذه المرحلة.”

معارك “إدارة المركبات”، وصلت آثارها إلى عمق الغوطة الشرقية عبر قصف الطيران الروسي والسوري للمدن والقرى والبلدات ما أسفر عن دمار كبيرة. وأكد مسؤول في محافظة ريف دمشق التابعة للحكومة السورية المؤقتة ان “الطائرات الحربية السورية والروسية منذ انطلاق المرحلة الثانية من معركة بأنهم ظلموا، قتلت  اكثر من 250 وحوالي 1300 جريح في 640 غارة جوية و 520 صاروخ أرض-أرض من نوع فيل وجولان و 5350 قذيفة.”

ووثق الدفاع المدني العامل في الغوطة الشرقية “مقتل ما يقرب من 1337 مدنيًا بينهم 12 عاملًا  ضمن فرق الدفاع المدني، إضافةً الى عشرة آلاف جريح نتيجة لقصف قوات الحكومية على مدن وبلدات الغوطة خلال العام الماضي 2017 التي يعيش فيها اكثر من 350 الف شخص وسط حصاراً خانق وقصف يومي من القوات الحكومية على مدنهم وقراهم.” وردت فصائل المعارضة بحسب بيانات شرطة دمشق بقصف مدينة دمشق واحيائها الشرقية ​بـ “​عشرات القذائف راح ضحيتها خلال الأيام الماضية أكثر من 10 قتلى ونحو 75 جريحا​.”​

مواضيع ذات صلة

عبد السلام العجيلي: شيخ الأدباء وأيقونة الفرات

عبد السلام العجيلي: شيخ الأدباء وأيقونة الفرات

يمثل عبد السلام العجيلي ذاكرة تأسيسية في مدونة الأدب السوري، ذاكرة من من ذهب وضياء، ضمت في أعطافها عبق الماضي وأطياف الحاضر، امتازت بقدرته الفائقة في الجمع بين مفهومين متعارضين ظن الكثيرون أنه لا لقاء بينهما، ألا وهو استلهامه واحترامه للتراث وللإرث المعرفي المنقول عمن...

عمر البطش مدرسة متفردة في فنون الموشحات ورقص السماح

عمر البطش مدرسة متفردة في فنون الموشحات ورقص السماح

إلى جانب كونها مدينة الطرب والقدود، برعت حلب وتميَّزت في فن الموشحات، وذلك بفضل كوكبة من ملحنيها ووشاحيها المبدعين، الذين كانوا مخلصين لذلك الفن  وحافظوا على روح وألق الموشح العربي وساهموا في إغنائه وتطويره، ومن أبرزهم الشيخ عمر البطش، الذي ساهم على نحو خاص في...

شعاع من الفن التشكيلي السوري: نصير شورى (1920-1992م)

شعاع من الفن التشكيلي السوري: نصير شورى (1920-1992م)

في الخامسة من عمره حظيت إحدى لوحاته بإعجاب العديد من أساتذة الرسم، نصير شورى الذي ولد عام ١٩٢٠ والذي كان محط عنايةٍ خاصة من والديه: محمد سعيد شورى، الأديب والشاعر الدمشقي المعروف، وأمه، عائشة هانم، ذات الأصول العريقة. فكان أن تلقى تعليماً خاصاً منذ نعومة أظفاره...

مواضيع أخرى

السويداء وسقوط نظام الأسد

السويداء وسقوط نظام الأسد

لم يكن يوم الثامن من كانون الأول/ديسمبر يوماً عادياً في حياة السوريين\ات عامةً وأهل محافظة السويداء خاصةً. منذ أواسط شهر آب/أغسطس عام 2023 بدأ أهل مدينة السويداء جنوب البلاد احتجاجات واسعة على نظام حكم الأسد السابق وسياساته الاقتصادية كرفع سعر البنزين...

السوريون يحتفلون بسقوط الأسد لكنّ المشهد العام لا يدعو إلى التفاؤل

السوريون يحتفلون بسقوط الأسد لكنّ المشهد العام لا يدعو إلى التفاؤل

(مقابلة  تلفزيونية مع بسام حداد على: Democracy Now!) ترجمة وتحرير: أسامة إسبر إيمي غودمان: نواصلُ تغطية سقوط نظام عائلة الأسد في سوريا بعد أكثر من نصف قرن من الدكتاتورية الوحشية، وذلك في أعقاب التقدم السريع للمقاتلين...

النساء ومعاركهن المتجددة

النساء ومعاركهن المتجددة

 يتم تسويف قضايا النساء بذرائع متعددة على الدوام، مرة بذريعة الحرص على الأخلاق العامة، ومرة أخرى بذريعة عدم المواجهة مع قوى الأمر الواقع، ومرات بذرائع تنبع فجأة من خبايا السنين وتصير حاضرة بقوة مثل طبيعة المرأة البيولوجية، أو التشريح الوظيفي لدماغ المرأة، وصولاً...

تدريباتنا