أجرى فريق #صالون_سوريا، دورة تدريبية عن الانواع الاعلامية والصحافة الحساسة...
تدريباتنا
ورشة تدريب صالون سوريا
يعلن فريق #صالون_سوريا، التحضير لدورة تدريبية عن الانواع الاعلامية والصحافة...
“يا قلب جدك هذا مفتاح البيت الذي ربيّتُ فيه أباك وعماتك، وكنت أتمنى أن تتربي فيه مع أخوتك ولكن حدث التهجير وشاء الله أن تولدي هنا في إدلب ” يقول أبو عبد الوهاب لحفيدته الأولى وهو يهديها عقداً ذهبياً كهدية لمولدها (النقوط) كما جرت العادة لديهم، مستبدلاً تعليق حرف اسمها بمفتاح منزله.
ترك أبو عبد الوهاب منزله بريف دمشق منذ تهجيره مع عائلته نحو الشمال السوري منذ عدّة سنوات.
المفتاح الذي يمثل الأرض والوطن في عاطفة أبو عبد الوهاب هو ذاته مصدر لرزق عدد من الناس الذين يعملون في مهنة صناعة المفاتيح في إدلب.
محمد العلي (60 سنة) أحد الذين يعملون بمهنة المفاتيح اليوم، صبّ أول مفتاح داخل دكان والده قبل سبعة وأربعون عاما قبل أن يفتح دكانه المستقلّ بالقرب من دوار المتنبي، يقول لـ “صالون سوريا”: “دخلت العديد من التغييرات على مهنة صناعة المفاتيح”، كما تغيرّت معها مدينته إدلب كثيراً خاصة خلال العشر سنوات المنصرمة، إلا أن محمد استطاع مواكبة تلك التطورات رغم كل الظروف التي مرت بها مدينته ومهنته ليستمر في المدينة والمهنة التي هي آخر ما تبقى له من الزمن الجميل بعد وفاة زوجته كما يقول.
يشرح محمد لـ “صالون سوريا” أسرار صناعة المفاتيح قائلا: “تحتاج المهنة للكثير من الدقة والتركيز والتدريب، بالإضافة إلى الرغبة في تعلمها”، وتعلّم محمد هذه الصناعة من مراقبة حركات يد والده وهي تفرط الأقفال، أو تصب المفاتيح، ليبدأ بعدها بتقليده إلى أن اكتسب السرعة والحرفية في استخدام المفكات وإعادة تجميع الأقفال.
وعلى مقربة من دكان محمد باتجاه حي الناعورة، أحد احياء إدلب القديمة، كشك صغير على حافة الطريق يعمل به منصور (32 سنة) المهجّر من مدينة حمص، بعد أن حمل منصور معه سرّ مهنته المتوارثة في نسخ المفاتيح في قوافل التهجير نحو الشمال، فكانت مهنته صمام أمانه الاقتصادي رغم قلة مردودها، فهي على الأقل تمكّنه من دفع آجار الغرفة التي يقطنها مع عائلته.
زيّن منصور جدران هذه الغرفة بعدد من مفاتيح متنوعة الأحجام والأشكال جمعها خلال عمله، يتوسطهم مفتاح منزله الذي يحلم بالعودة إليه، رغم معرفته بأن منزله قد تدّمر.
مفاتيح دون أصحاب
قرب ساعة مدينة إدلب يجلس عبد القادر في مكتبه العقاري يومياً، بجوار لوحة تحوي مفاتيحا لبيوت ومتاجر عدد من أبناء المدينة الذين غادروها نحو تركيا أو أوربا.
يروي عبد القادر لـ “صالون سوريا” كيف ترك أصحاب تلك المفاتيح ممتلكاتهم بحوزته بغية تأجيرها والحفاظ عليها بعد سفرهم نحو تركيا أو أوربا منذ سنين.
ويضيف عبد القادر ” هذه المفاتيح غالية على قلبي، أحبها بقدر حبي لأصحابها، معارفي وجيراني، وأعامل بيوتهم كما أعامل بيتي، هذه المفاتيح أمانة والأمانة صعبة”.
وأخرى عابرة للحدود
على أطراف مدينة أطمة شمالاً، تعيش هند في إحدى المخيمات العشوائية برفقة ابنها وعائلته، تجلس يومياً على باب خيمتها ويتحلق حولها أطفال المخيم بفضول لتريهم مجموعة مفاتيحها المتنوعة، وهي “أغلى مقتنيات خيمتها” على حد وصفها.
هند فلسطينية سورية (45 سنة) كانت تقيم في مخيم الرمل الجنوبي باللاذقية قبل نزوحها منها لمدينة درعا ثم لمخيم أطمة، وهي ماتزال تحتفظ بمفاتيح كل البيوت التي سكنتها سابقاً، بالإضافة لمفاتيح منزل أهلها وبيت جدها في فلسطين قبل نزوحهم منها إلى سوريا.
تقول هند “لكلّ مفتاح قصة من الوجع والنزوح، ومع كل مفتاح مجموعة من الذكريات الجميلة التي قضيتها بتلك المنطقة مع أهلي”، ولهذا ورغم معرفتها ان أبواب كل تلك البيوت لم تعد موجود بفعل الزمن والحرب، ولكنها مصرّة على توريث تلك المفاتيح لأولادها وأحفادها من بعدها.
أما جارتها فاطمة الخليف (50سنة) النازحة من ريف حماة فهي ترى في تلك المفاتيح “بصيص ضوء بأمل الرجوع لمنازلهم عما قريب” بحسب قولها.
بعد أحد عشراً عاماً عن بدء الانتفاضة السورية وما عاشه السوريين فيها من خسارات متتالية تغيرت علاقة السوريين بتفاصيل لم تكن تعني لهم الكثير من قبل، ومنها المفاتيح فخلال العقود الماضية كان المفتاح مجرد أداة يحمون به أملاكهم أو يبعدون المتطفلين عن حياتهم الشخصية، ولكن هذا الأمر تغير في العقد الأخير حيث أضحى المفتاح نافذة لأزقة الذاكرة وعتبات الروح.
مواضيع ذات صلة
مواضيع أخرى
تدريباتنا
ورشة تدريب صالون سوريا
أجرى فريق #صالون_سوريا، دورة تدريبية عن الانواع الاعلامية والصحافة الحساسة...
ورشة تدريب صالون سوريا
يعلن فريق #صالون_سوريا، التحضير لدورة تدريبية عن الانواع الاعلامية والصحافة...