تدريباتنا

نبض أريحا…مبادرة شبابية لضبط الوضع الأمني

بواسطة | يناير 7, 2019

“مررت بفترة لم أذق فيها طعم النوم لخوفي من تعرض محلي للسرقة، فهو مصدر رزقي الوحيد، ومنذ عدّة شهور ونحن نسمع عن هذه الحوادث المتكررة من سرقات وخطف وقتل، إلا أنني اليوم أنام قرير العين” يقول وليد الخضر (39عاماً) وهو من أهالي مدينة أريحا، الذي أصبح يشعر بالأمان بعد تطوع عدد من شبان مدينته لحراستها ليلاً.
وتعاني مناطق سيطرة المعارضة في الشمال بشكل عام، وأريحا خاصة، من الانفلات الأمني وعمليات خطف وسرقة وقتل شبه يومية، مما دفع شباب وناشطي المدينة لإطلاق مبادرة تحت اسم “نبض أريحا” لتشكيل فرق حراسة لها، بهدف الحد من الجرائم الحاصلة.
عن الوضع قبل وبعد هذه المبادرة يقول الخضر “انتشرت الجرائم وعمت الفوضى وسط الحرب القائمة، ونتيجة ضعف الوجود الأمني في المنطقة، وتكررت حوادث السرقات والاغتيالات حتى أصبحنا لا نأمن على أنفسنا وأموالنا في دارنا، إلا أن الأمر أصبح أفضل بعد المبادرة الشبابية، فقد أعادوا لنا بعضاً من الأمان”.
أبو وسام (40عاماً) وهو مالك لمحل تجاري في المدينة أكد ما قاله الخضر، مشيداً بالمبادرة واعتبرها “خطوة إيجابية على طريق نشر بعض الأمن والأمان في المنطقة” ويرى أبو وسام أنه “يكفي للمجرم أو السارق أن يعلم بأن المدينة ليست سائبة، وأن هنالك من يسهرون الليل من أجل أمنها وأمانها، ليتراجع عما ينوي القيام به”.
ولم تؤثر “نبض أريحا” على حياة التجار فقط، وإنما على أهالي المدينة بشكل عام، فبالنسبة لأم وائل (39عاماً) أعطتها المبادرة الأمان لتتحرك بحرية أكبر، فهي تقول “كنا سابقاً نخشى الخروج ليلاً لأي سبب كان، نظراً لانعدام شعورنا بالأمان وسط حوادث الخطف والسرقة، لكننا اليوم بتنا نخرج ليلاً ونزور أقرباءنا وأصدقاءنا دون خوف”.
وعن أهداف “نبض أريحا” يتحدث منسقها الذي فضل عدم ذكر اسمه قائلاً “هدفنا تأمين الحراسة لمدينتنا، وضبط حالات السرقة والخطف قدر الإمكان، وذلك من خلال نقاط الحراسة المنتشرة في الشوارع الرئيسية والفرعية والأسواق”، وتبدأ مناوبات الحراسة بعد غروب الشمس لتنتهي بشروقها، ويقوم بهام الحراسة مئة شاب ممن يجدون صعوبة بإيجاد عمل، فالمبادرة، “فالمبادرة تهدف أيضاً لتأمين فرص عمل للمحتاجين إضافة لحماية المدينة” بحسب المنسق.
وتمكنت المبادرة حتى الآن من ضبط العديد من حالات السرقة، كما لعبت دوراً بالإيقاع بعصابات تحاول اختطاف المدنيين من أجل طلب فدية مالية، وافشال محاولاتهم.
أما تمويل المبادرة فهو ليس ثابتاً حتى الآن، إذ يتم جمعه عن طريق تبرعات من التجار وأصحاب المحال تتراوح بين ألف وألفي ليرة سورية من كل محل شهرياً.
وعن تبرعه يقول أبو وسام “أنا أؤيد دفع التجار لهذا التبرع، فكلنا مسؤولون ومعنيون بحفظ الأمن، ولا يجب أن يتنصل أحداً من واجباته”.
أحد المتطوعين في “نبض أريحا” سليمان الآغا (25عاماً) يتحدث عن دوافع انضمامه للمبادرة قائلاً “أشعر بالمسؤولية اتجاه مدينتي، فإن لم نساهم نحن الشباب بحمايتها والذود عنها من سيفعل ذلك؟، وخاصة مع تكرر الجرائم فيها وانتشار الفوضى، أهلنا لا يستطيعون تحمل المزيد من المعاناة وكان علينا أن نتصرف للحد منها”. ويروي الآغا إحدى السرقات التي ساهم بضبطها خلال مناوبته “كنا نتجول في شوارع المدينة حين سمعنا حركة في أحد المحلات المُعتمة، اتجهنا نحو المحل لنكتشف تسلل اللصوص داخله، فهاجمناهم وقبضنا عليهم جميعاً بمساعدة عناصر الشرطة الحرة”، وينوه الآغا أن هذه محاولات السرقة هذه تكررت وتم إفشال معظمها.
رئيس المجلس المحلي لمدينة أريحا أسامة جقمور (30عاماً) قال عن المبادرة “إنها تسعى لزيادة التكافل المجتمعي، وتخفف من نسبة البطالة، من خلال تسخير طاقات الشباب العاطلين عن العمل للحراسة الليلية في شوارع المدينة، ما ينشر الأمان للمارة والسكان ويحد من الفوضى المنتشرة”.
ويشير الجقمور إلى أن المجلس المحلي يحاول لفت الأنظار للمبادرة لتأمين دعم مالي ثابت لها يحميها ويضمن استمراريتها. مضيفاً “المبادرة لا تتبع لنا، إلا أن إحساسنا بواجبنا اتجاهها يدفعنا لعمل ما نستطيع لمسادعتها على الاستمرار وتأمين رواتب ثابتة لشباب المبادرة، ولو أن في المجلس المحلي موارد مالية لكنا أول من يتدخل في سبيل ذلك”.
وتعمل “نبض أريحا” باستقلالية، فهي لا تتبع للمجلس المحلي ولا لأي فصيل عسكري أو جهة أخرى، وإنما هي مبادرة مدنية أهلية حتى الآن، وتقوم المبادرة بالتنسيق مع الشرطة الحرة المتواجدة في المدينة من خلال جهاز لاسلكي موجود في نقاط الحرس، إذ يتم طلب دعمهم والمؤازرة في حال ملاحظة أي أمر مثير للشبهات.

مواضيع ذات صلة

هاني الراهب متلفعاً بالأخضر 

هاني الراهب متلفعاً بالأخضر 

إحدى وثلاثون سنة من الغياب مضت على انطفاء فارس السرد "هاني الراهب" ومازالت نصوصه تتوهج وتمارس سطوتها وحضورها الآسر على أجيال أتت من بعده تتقرى معانيه وتتلمس خطاه رغم التعتيم والتغييب الذي مورس بحقه على مر الزمن الماضي ومحاصرته في لقمه عيشه بسبب من آرائه ومواقفه،...

الواقعية النقدية لدى ياسين الحافظ

الواقعية النقدية لدى ياسين الحافظ

ياسين الحافظ كاتبٌ ومفكر سياسي سوري من الطراز الرفيع، يعدُّ من المؤسسين والمنظرين للتجربة الحزبية العربية. اشترك في العديد من الأحزاب القومية واليسارية، ويعدُّ الحافظ في طليعة المفكرين التقدميين في العالم العربي، اتسم فكره بالواقعية النقدية، تحت تأثير منشأه الجغرافي...

عبد السلام العجيلي: شيخ الأدباء وأيقونة الفرات

عبد السلام العجيلي: شيخ الأدباء وأيقونة الفرات

يمثل عبد السلام العجيلي ذاكرة تأسيسية في مدونة الأدب السوري، ذاكرة من من ذهب وضياء، ضمت في أعطافها عبق الماضي وأطياف الحاضر، امتازت بقدرته الفائقة في الجمع بين مفهومين متعارضين ظن الكثيرون أنه لا لقاء بينهما، ألا وهو استلهامه واحترامه للتراث وللإرث المعرفي المنقول عمن...

مواضيع أخرى

زكريا تامر بوصلة التمرد الساخرة

زكريا تامر بوصلة التمرد الساخرة

"أكثر قصصي قسوة هي أقل قسوة من الحياة العربية المعاصرة، وأنا لا أستطيع وصف السماء بجمالها الأزرق متناسياً ما يجري تحت تلك السماء من مآس ومجازر ومهازل.. صدّقني الأسطورة أصبحت أكثر تصديقاً من واقعنا المرير" بهذا التوصيف العاصف يلخص الكاتب السوري زكريا تامر (1931) تجربته...

هاني الراهب متلفعاً بالأخضر 

هاني الراهب متلفعاً بالأخضر 

إحدى وثلاثون سنة من الغياب مضت على انطفاء فارس السرد "هاني الراهب" ومازالت نصوصه تتوهج وتمارس سطوتها وحضورها الآسر على أجيال أتت من بعده تتقرى معانيه وتتلمس خطاه رغم التعتيم والتغييب الذي مورس بحقه على مر الزمن الماضي ومحاصرته في لقمه عيشه بسبب من آرائه ومواقفه،...

افتحوا النوافذ كي يدخل هواء الحرية النقي

افتحوا النوافذ كي يدخل هواء الحرية النقي

يصدمنا الإعلام الاجتماعيّ كل يوم بمقاطع فيديو وأخبار حول امتهان كرامة الإنسان في سورية عن طريق استفزازات لفظية وعنفٍ جسديّ يُمارَس ضد أشخاص تصنّفهم الآلة الإعلامية للمرحلة الانتقالية على أنهم من "فلول النظام“ السابق. ولقد سمعنا عن أشخاص تُقتحم بيوتهم...

تدريباتنا