تدريباتنا

نذير نبعة: رسام الحياة ومؤرِّخ الألوان السورية

بواسطة | مايو 30, 2024

 “كنت أحلم بلوحةٍ تستطيع أن تخاطب بجمالياتها شريحة أوسع من الناس، لوحة تستطيع تجاوز مجموعة الجمهور التي تتكرر في حفل الافتتاح لأي معرض”. ربما توضح تلك الكلمات، وهي للفنان نذير نبعة، مدى تبنيه وإخلاصه للفن، الذي كان رفيق دربه لأكثر من ستين عاماً، فهو الفنان الذي أبدع بريشته وألوانه وخياله الخصب حيوات شاسعة ومتكاملة ومتنوعة، صوَّرها بطرقٍ تعبيرية شاعرية، حكائية، غنائية، حالمة، محمَّلة بالأبعاد النفسية والعاطفية والروحية، حافلة بالإيحاءات والصور والحكايات والذكريات، وأظهر من خلالها قدراتٍ فنية استثنائية في تحويل الخيال والذاكرة والأساطير الشعبية إلى تجلياتٍ بصرية لونية، ليبرز كواحدٍ من أهم مؤسسي الحداثة التشكيلية في سوريا، وكمرجعية في علم التكوين الفني واللغة البصرية وفلسفة الألوان.   

ولد نذير نبعة (1938- 2016) في منطقة بساتين المزة، التي شكلت طبيعتها الساحرة هاجسه اللوني الأول وساهمت في إغناء موهبته الفطرية، وتحريض بصره على التقاط المشهد الفني، فبدأ منذ طفولته برسم بعض الزخارف والورود على ثياب الفلاحات التي كانت والدته تقوم بخياطتها وتطريزها. وخلال دراسته الإعدادية برزت موهبته الفنية من خلال تقديم بعض الرسوم، التي تنتمي للمدرسة الانطباعية، كالمناظر الطبيعية والطبيعة الصامتة والبورتريه، والتي أظهرت مدى قدراته على فهم واستخدام بعض قواعد الفن التشكيلي، وقد ساعدته موهبة المتفردة على المشاركة في معرض “الجمعية السورية للفنون الجميلة” عام 1952، وهو في عمر الرابعة عشر، إلى جانب 38 فناناً من الذين قُبلت لوحاتهم في معرض الجمعية التي أصبح حينها واحداً من أعضائها وشارك في معظم معارضها السنوية حتى حصوله على الشهادة الثانوية عام 1958.

 في عام 1959 سافر نبعة إلى القاهرة  ليدرس فن التصوير في كلية الفنون الجميلة هناك، حيث تتلمذ على يد كبار أساتذة الكلية، مثل حسين بيكار وعبد العزيز درويش وعبد الهادي الجزار وحامد ندا، واطلع على عالم الفن القديم، الآشوري والبابلي والفينيقي والفرعوني واليوناني والروماني، إلى جانب دراسة أساليب الفن المعاصر بمختلف مدارسه التشكيلية. وخلال دراسته بدأ يظهر كفنان متفردٍ يَشقُّ طريقاً فنياً يختلف عن السائد، فنال درجة الامتياز عن مشروع تخرجه من الجامعة، وهو بعنوان “عمال مقالع الحجارة” الذي استلهم موضوعه من زياراته لقرية برقاش، القريبة من القاهرة، ولقائه بعمال مقالع الحجارة. وقد عالج الموضوع بطريقة تعبيرية حداثوية ومتحررة من الحالة التصويرية التقريرية، إذ يبدو التكوين في اللوحة حياً وحيوياً ومتحركاً، يوحي بحالة من النشاط واستمرارية العمل وكأننا أمام شريط سينمائي.

نحو هوية فنية سورية

بعد عودته إلى سوريا عام 1964 راح نبعة يبتكر أسلوبه الفني التعبيري الخاص، الذي يوفِّق بين التقنية والمضمون ويؤسس لاتجاهاتٍ وفضاءاتٍ فنية تحمل ملامح محلية، فبات يستلهم موضوعاته الفنية من فنون البلاد وتراثها الشعبي، بما يتضمنه من قيمٍ إنسانية وجمالية، وقد ساعدته مرحلة إقامته في مدينة دير الزور، التي عمل كمدرسٍ للتربية الفنية في بعض مدارسها، أن يُغني لوحاته برؤى وفضاءات تشكيلية ساحرة وشاسعة، استوحاها من التفاصيل الجمالية المدهشة للبيئة الريفية وألوانها الرحبة، ومن المثيولوجية الفراتية، والمناطق الأثرية الغنية بالرموز، والتاريخ الآشوري والسومري، والأساطير القديمة للبلاد وملاحمها الشعبيية الغنية بالحكايات، والتي ربطها بالحاضر بعد تجسيدها بشكلٍ تعبيري حكائي، ليُشكل من خلال تلك الموضوعات ملامح هوية فنية سورية أصيلة، تجلت بشكلٍ واضح في معرضه الأول الذي أقامه عام 1965، في صالة الفن الحديث في دمشق. وقد حظي المعرض حينها باهتمام ثقافي بالغ، وكرَّسه كفنان صاحب بصمةٍ إبداعية متفردة ورؤيةٍ تجديدية مؤثِّرة، ساهمت في تطوير وإغناء الحركة التشكيلية في سوريا آنذاك. ومن أبرز لوحات المعرض: “ننليل”، “عشتار”، “العجاج”، “خسوف القمر”، “الزير”، “صرخة سيزيف”، “الحوت يبتلع القمر” و “كاهنة مردوخ”، وهي اللوحة التي تم اقتناءها من المعرض. وقد استطاع نبعة من خلال  تلك الأعمال أن يبتكر مدرسته الواقعية الخاصة التي مزجها مع التعبيرية والرمزية، ليُقدم اقتراحاتٍ وموضوعاتٍ بصرية رائدة ومثيرة للاهتمام، تجاوزت الأنماط الفنية السائدة في تلك المرحلة، حيث تناول أكثر من فكرةٍ وموضوع في اللوحة الواحدة، من خلال تكوينات غنية ومبتكرة ومتنوعة، مزجت العديد من العوالم والفضاءات والمشهديات، قدمها بلغةٍ تعبيرية سردية، استندت إلى المفاهيم الفنية المعاصرة وابتعدت عن المباشرة والتقريرية.

فنان ملتزم بالقضايا الإنسانية والوطنية

بعد وقوع نكسة حزيران عام 1967 برز نبعة كفنان ملتزم بقضية الإنسان العربي والفلسطيني، ومدافعاً، من خلال فنه، عن حقه باستعادة أرضه ووطنه وكرامته، فانتهج أسلوباً فنياً جديداً، جمع بين ثورية الموضوع وفنية التعبير، وتناول في معظم لوحاته الفدائي الفلسطيني البطل، وأظهره بشكلٍ أسطوري وملحمي، ومنحه الكثير من صفات البطولة والخلود بوصفه المُنقذ والأمل. ولم يكتفِ نبعة بذلك فقط بل انتسب في تلك الفترة لمنظمة التحرير الفلسطينة، وصمم شعارها وعدداً من ملصقاتها وشعاراتها السياسية، التي أصبحت جزءاً هاماً من الذاكرة البصرية الفلسطينية، بالإضافة لتصميم أغلفة عددٍ من الكتب والمجلات التي تناولت الواقع الفلسطيني والمقاومة، كمجلة “فلسطين الثورة” التي صمم ماكيت عددها الأول وساهم في وضع رسوم بعض أعدادها، هذا إلى جانب إبداعه لمجموعة من الرسوم الغرافيكية، بعنوان “الأرض المحتلة”، استوحاها من قصائد عددٍ من الشعراء الفلسطينيين، كالشاعر محمود درويش وسميح القاسم وتوفيق زياد وسالم جبران وراشد حسين. وقد استطاع من خلالها أن يقدم نفسه كفنان غرافيك محترف ومُلهم، يجمع بعبقريته الفنية، بين أفكاره الوطنية وأدواته التعبيرية الفنية.

 وفي عام 1968 وبعد انتصارات معركة الكرامة زار نبعة وعدد من أصدقائه الفنانين المصريين معسكرات الفدائيين الفلسطينين في الأغوار، فأثمرت الزيارة، التي استمرت لمدة 15 يوماً وكانت مُلهمة لنبعة وأصدقائه، عن إقامة معرض فني مشترك، مستوحى من حياة الفدائيين وبطولاتهم وعملياتهم الفدائية، وقد جال المعرض حينها في عدد من المحافظات السورية، وبعض العواصم العربية كالقاهرة وعمان.

التوجه نحو الفن المعاصر

سافر نبعة عام 1971 لمتابعة دراسته الفنية في المدرسة الوطنية العليا للفنون الجميلة في باريس، والتي وضعته وجهاً لوجه مع الثقافة الغربية والفن العالمي المعاصر، فكان، إلى جانب دراسته، يزور المتاحف والمعارض الفنية ويطلع على تجارب الفنانين المعاصرين، ليطور معارفه وثقافته وخبراته التقنية التي أغنت وعمقت رؤيته الفنية، فنال مشروع تخرجه، وهو عمل عن النباتات، جائزة المدرسة. وقد شكلت تلك المرحلة منعطفاً فنياً بارزاً في طريقة التعبير الفني عند نبعة، تجلت من خلال المزج بين التجريدية والواقعية. وعند عودته إلى دمشق، عام 1974 تجاوز كل الأشكال الفنية التي لجأ إليها في المراحل السابقة ليتجه إلى مدرسة الواقعية السحرية، التي يُعد من أبرز مؤسسيها وروادها في سوريا، فرسم النباتات، والمناظر الطبيعية، والطبيعة الصامتة، والوجوه، وعوالم المرأة، هذا إلى جانب استمراره في تناول موضوعات البيئة الشعبية والرموز والتفاصيل المُستقاة من التراث السوري، ولكن برؤية تجديدية معاصرة، حافظت على روح التراث وأصالته وقيمه الجمالية والروحية دون إهمال تقنيات الفن المعاصر، ليؤكد نبعة، مرة أخرى، مدى انتمائه للهوية السورية، وأن الفن لا ينبغي أن ينفصل عن البيئة والواقع المحلي. ومن أبرز لوحاته في تلك المرحلة: لوحة “نباتات ووجه”، “تفتح الزنابق”، و “عازفة المزمار” وغيرها.

الدمشقيات

خلال مرحلة “الدمشقيات” التي بدأها عام 1975 اتجه نبعة، بشكل أكبر، نحو مفاهيم الحداثة والمزج بين أكثر من مدرسة وتقنية وأسلوب في اللوحة الواحدة، محاولاً تقديم اللوحة التي تنتصر للفن المعاصر وتقنياته، والتي أسماها لوحة “الفكرة” كونها تحمل كثافة بصرية شاسعة وتتضمن العديد من التكوينات والتفاصيل وتخلو مساحتها من أي فراغ. ويقول الناقد صلاح الدين محمد عن تلك المرحلة :”بالنسبة لنا لو أن نذير نبعة لم ينجز هذه المرحلة لكان هناك فجوة في سلم ارتقاء الفن السوري ومعطياته”.

 ومن خلال لوحات الدمشقيات، التي تحولت لمرجعية أسلوبية ألهمت الكثير من الفنانين، أبرز نبعة تفاصيل الحياة الدمشقية من زوايا مختلفة، فأعاد بناء أزقة وحارات المدينة القديمة بطرق تعبيرية غنائية وحالمة وغنية  بفضاءات جمالية مكثَّفة، كما تناول الذاكرة التراثية للمدينة وبعض فنونها الشعبية وصناعاتها اليدوية الفنية التقليدية كالزخارف والصدفيات، وأضاء على الكثير من التفاصيل والرموز الدمشقية العالقة في الوجدان الجمعي السوري. وفي إحدى لقاءاته  يقول نبعة عن لوحاته الدمشقية: “أعتبر هذه اللوحات قصيدة عشقٍ غنائية طويلة لمدينة دمشق، لأنها بالنسبة لي هي الأم، الأخت، الحبيبة، المدينة والوطن”.

وفي لوحات “الدمشقيات”حضرت المرأة على نحو فريد وملفت، وبحالاتٍ وتفاصيل متنوعة، وضمن فضاءاتٍ لونية، أضفت على اللوحة المزيد من السحر والجمال والتناغم، فظهرت ضمن البيوت الشعبية وأجوائها الحميمية والأليفة، ومحاطة بالزخارف والنقوش والأواني الخزفية والصدفيات، بشكلٍ يبرز عمق ترابط المرأة مع تلك العناصر الفنية المحفورة في وجدان وذاكرة الدمشقيين. كما ظهرت المرأة أيضاً وهي محاطة بالمصابيح والسيوف والمباخر وأطباق القش وغيرها من التفاصيل الفنية الدمشقية، أو محاطة بالأزهار ونباتات الزينة وزجاجات وأصص الورود، وثمار الرمان، وأغصان الياسمين، وسنابل القمح. وفي لوحات أخرى ظهرت وهي تعزف على الآلات الموسيقية التقليدية كالعود والناي، كما ظهرت وهي ترتدي الأزياء التقليدية، المليئة بالنقوش والألوان، وتتزين بالحلي والجواهر والأساور والأقراط والعقود، بشكل بديعٍ ومتناغم، أضفى الكثير من الحيوية والرشاقة على اللوحة. ومن أشهر لوحاته الدمشقية: “هلال” ،المساء”، “الربيع”، بدوية”، ” البحر”، “ست الحس”.

ويُعد نبعة من أبرز الفنانين التشكيليين السوريين والعرب الذين تناولوا موضوعات المرأة بشكلٍ موسع، لذا لقب بـ “رسام المرأة العربي”، كما أنه، وخلافاً لكثيرٍ من الفنانين، لم يُظهر المرأة بشكل إيروتيكي بحت أو تصويري مباشر، وإنما تناولها بكل حالاتها الجمالية والنفسية والوجودية وبوصفها رمزاً للعطاء والخصوبة والحياة، فقدمت لوحاته المرأة القادمة من الأسطورة والأحلام، المرأة التي تفيض سحراً وأنوثة وجمال، المرأة التي تعزف الموسيقى، المرأة التي تشبه المدينة، المرأة المتماهية مع الطبيعة، المرأة التي ترمز للأرض والوطن، والمرأة الحبيبة والأم، والتي تهب معنى للحياة والوجود.

التجليات

في التسعينيات اتَّجه نبعة نحو مرحلة فنية جديدة، أسماها “التجليات”، انتمت معظم أعمالها للمدرسة التجريدية، واستمرت حتى نهاية حياته، وقد ابتعد فيها عن الجانب التزييني والزخرفي وعن الأجواء الشرقية والأسلوب الانطباعي والواقعي، ليتجه نحو فلسفة الألوان وتجلياتها وفضاءاتها الشاسعة وحركاتها التعبيرية الرمزية والمتداخلة بشكل متناغم ومتحاور في مساحات اللوحة الفنية، التي تطرح الكثير من المفاهيم التشكيلية التقنية المعاصرة. وقد استوحى ألوان  لوحاته من الطبيعة السورية وبراريها وجروفها الصخرية، وحمَّلها بالكثير من الأفكار والعواطف والذكريات، ضمن فضاءٍ تصويري واسع الأفق، يوازن بين الموضوع والجانب الفني التقني الأكاديمي. ورغم توجهه نحو الأعمال التجريدية واستخدامه لمختلف أنواع التقنيات الفنية، حافظت لوحاته على الروح الجمالية وعلى الشاعرية اللونية والحالة الحسية ذاتها.

وضمن مرحلة التجليات رسم نبعة، الملتزم بالقضايا الوطنية، مجموعة لوحات بعنوان “المدن المحروقة”، انبعثت فكرتها عقب ارتكاب إسرائيل لمجزرة قانا/ جنوب لبنان عام 1996، وقد تناول مأساة المجزرة بأسلوبٍ تعبيري تخلى فيه عن السخاء اللوني، الذي كان يُميّز أغلب لوحاته، ليستخدم تقنية الحبر الأسود، الذي عبَّر من خلال خطوطه وقتامته عن حجم المأساة، وأبرز وجوه الشهداء الشاحبة والغارقة في جحيم الموت والألم. وقد استمرت تجربة “المدن المحروقة” لعدة سنواتٍ، رسم خلالها، باستخدام أكثر من أسلوبٍ وتقنية وطريقة تعبير، لوحاتٍ عن بيروت وجنين وغزة، التي عاشت مختلف أشكال القتل والوحشية من قبل الاحتلال الإسرائيلي، ومن ثم بغداد التي تعرضت للقصف الوحشي خلال الغزو الأمريكي لها عام 2003. ويقول نبعة عن تلك التجربة في أحد لقاءاته: “أنا لم أرسم الدمار والأبنية المحروقة، وإنما رسمت الحرقة داخل صدري، وصدر كل مواطن عربي وهو يتابع انهيار هذه المدن وإحراقها، وهو عاجز عن القيام بأي دور”. 

وفي سنواته الأخيرة رسم نبعة مجموعة رسومات بالحبر الصيني عن ممارسات تنظيم داعش في سوريا، أسماها “المفاتي”، كرمز للفتاوى التي كان التنظيم من خلالها يحاول تحليل العنف والقتل.

بعض مساهماته في مجال الثقافة  

إلى جانب إرثه الفني الغني عمل نبعة في نهايات الستينيات مع مديرية الكتب المدرسية، إلى جانب الفنان ممتاز البحرة وعبد القادر أرناؤوط، في تصميم أغلفة ورسوم الكتب المدرسية، كما عمل في تلك المرحلة مدرساً في معظم أقسام كلية الفنون الجميلة في دمشق حتى عام سفره إلى باريس، وكان من أبرز وأهم أساتذة الكلية والأكثر تأثيراً في الطلاب الذين تتلمذوا على يده. وبعد عودته من باريس عاد للتدريس في الكلية، ثم أسس في العام 1980، بالتعاون مع الفنان فاتح المدرس وإلياس الزيات ومحمود حماد، قسم الدراسات العليا في الكلية، وعمل فيه أستاذاً لعدة سنوات، حيث تخرج على يده كبار الفنانين السوريين الذين أصبحوا من رواد الفن التشكيلي في نهايات القرن الماضي.

وإلى جانب التدريس عمل نبعة في مجلة الطليعة، التي كانت تستقطب أبرز الأسماء الثقافية والفنية السورية، حيث كان مسؤولا عن تصميم غلاف المجلة الأسبوعية، وعن إنجاز الرسوم الداخلية، بالإضافة لصفحة خاصة به كرسام للمجلة، وقد أصبحت رسوماته في تلك المجلة مرجعاً هاماً لكثير من الفنانين الشباب، الذين عملوا في نفس المجال، بعد أن رفع من سوية فن الرسم الصحفي والغرافيك. وبين عامي 1975 و 1976 عمل نبعة رساماً في مجلة الموقف الأدبي، التي كان يرأس تحريرها الكاتب زكريا تامر، وكانت تلك التجربة غنية وفريدة من نوعها، إذ كان الرسم في المجلة عملاً فنياً موازياً للعمل الأدبي (الشعري أو القصصي)، يُدرج إلى جانبه في صفحات منفردة، ليعَبِّر عنه بلغة تشكيلية تقدم للقارئ متعة بصرية تعادل المتعة الأدبية، ولشدة ما كانت تحمله تلك الرسوم من حالة شاعرية وقصصية وسردية وخيالية، أسماها البعض :”أشعار نذير نبعة المرسومة”، وكان كثير من القراء يحتفظون بالمجلة لكي يتأملوا رسومات نبعة التي كانت تُشكل ما يشبه المعرض الفني داخل المجلة.

وإلى جانب ذلك كان نبعة من أبرز مؤسسي مجلة “أسامة”، التي تعتبر من أهم مجلات الأطفال في سوريا حتى يومنا هذا، وهو من صمم غلاف عددها الأول، وكان، إلى جانب ممتاز البحرة ولجينة الأصيل، أول الفنانين الذين رسموا في المجلة وصمموا عدداً من أغلفتها لعدة سنوات، ليشكل إلهاماً ومرجعاً للرسامين الذين جاؤوا من بعده. كما ساهم، بالتعاون مع دار الفتى العربي، في إنجاز رسومات سلسلة من الكتب التي شارك فيها أهم وأشهر الفنانين والكتاب، بالإضافة لمساهمته، بالتعاون مع دار النورس، في إصدار كتب شعرية للأطفال، هذا إلى جانب تصميم وإنجاز الديكورات المسرحية لعددٍ من مسرحيات الأطفال ومسرحيات المسرح القومي ومسرح العرائس.

أبرز معارضه :

– المعرض الفردي الأول في صالة الفن الحديث/ دمشق/ عام 1965

– المعرض الفردي الثاني في صالة الصيوان/ دمشق/ 1966

– معرض في صالة الصيوان/ دمشق/ 1968

–  معرض في صالة غاليري ون/ بيروت/ 1969

– معرض في المركز الثقافي العربي/ دمشق/ 1979

– معرض في متحف الشارقة/ 1996

– معرض في غاليري بوزار/ دبي/ 1997

– معرض في مهرجان القرين الثقافي/ الكويت/ 1998 

– معرض استعادي في مركز المجمع الثقافي في أبوظبي/ 1998

– معرض في متحف الفن الحديث/ الكويت/ 2001

– معرض التجليات في غاليري أتاسي/ دمشق/ 2003

–  شارك في العديد من المعارض المشتركة في القاهرة، مدريد، باريس، سان باولو، بولونيا، إيطاليا، طوكيو، موسكو، براتيسلافا وغيرها.

بعض الجوائز والتكريمات:

– جائزة معرض غرافن آي/ عام 1967

– جائزة تقديرية من بينالي الأسكندرية الدولي/ 1968

– جائزة المدرسة الوطنية العليا للفنون الجميلة في باريس/ 1974، عن مشروع تخرجه.

– دبلوم في مجال الغرافيك من معرض لايبزج الدولي/ 1978

– دبلوم في مجال رسوم الأطفال من معرض براتيسلافا/ 1979

– الجائزة الفضية للمعرض الدولي السادس لرسوم كتب الأطفال/ مؤسسة نوما اليونيسكو/ اليابان/ 1989

– جائزة لجنة التحكيم في بينالي القاهرة الدولي/ 1995

– دبلوم شرف من بينالي القاهرة الدولي/ 2004

– وسام الاستحقاق السوري من الدرجة الممتازة / 2005

أهم المراجع

– كتاب “نذير نبعة: عين على العالم.. عين على الروح”. تأليف: يوسف عبدلكي. الناشر: صالة تجليات للفنون/عام 2009.   

– إحياء الذاكرة التشكيلية في سورية/ مختارات من مجموعة المتحف الوطني في دمشق. صادرة عن الأمانة العامة لاحتفالية دمشق عاصمة الثقافة العربية 2008، والمديرية العامة للآثار والمتاحف في سوريا.

لقاء مع الفنان نذير نبعة في برنامج “ينابيع” على قناة القرين/ الكويت.

لقاء مع الفنان نذير نبعة على هامش معرض فناني بلاد الشام، عام 2000.  

لقاء مع الفنان نذير نبعة، منشور في مجلة العربي/ أرشيف.

لقاء مع الفنان نبعة، منشور في جريدة الثورة عام 2009/ أرشيف.

– مجموعة من لوحات الفنان نبعة من مراحل فنية مختلفة.   

     *تنشر هذه المادة ضمن ملف صالون سوريا حول “المنعطف السوريّ

مواضيع ذات صلة

عبد السلام العجيلي: شيخ الأدباء وأيقونة الفرات

عبد السلام العجيلي: شيخ الأدباء وأيقونة الفرات

يمثل عبد السلام العجيلي ذاكرة تأسيسية في مدونة الأدب السوري، ذاكرة من من ذهب وضياء، ضمت في أعطافها عبق الماضي وأطياف الحاضر، امتازت بقدرته الفائقة في الجمع بين مفهومين متعارضين ظن الكثيرون أنه لا لقاء بينهما، ألا وهو استلهامه واحترامه للتراث وللإرث المعرفي المنقول عمن...

عمر البطش مدرسة متفردة في فنون الموشحات ورقص السماح

عمر البطش مدرسة متفردة في فنون الموشحات ورقص السماح

إلى جانب كونها مدينة الطرب والقدود، برعت حلب وتميَّزت في فن الموشحات، وذلك بفضل كوكبة من ملحنيها ووشاحيها المبدعين، الذين كانوا مخلصين لذلك الفن  وحافظوا على روح وألق الموشح العربي وساهموا في إغنائه وتطويره، ومن أبرزهم الشيخ عمر البطش، الذي ساهم على نحو خاص في...

شعاع من الفن التشكيلي السوري: نصير شورى (1920-1992م)

شعاع من الفن التشكيلي السوري: نصير شورى (1920-1992م)

في الخامسة من عمره حظيت إحدى لوحاته بإعجاب العديد من أساتذة الرسم، نصير شورى الذي ولد عام ١٩٢٠ والذي كان محط عنايةٍ خاصة من والديه: محمد سعيد شورى، الأديب والشاعر الدمشقي المعروف، وأمه، عائشة هانم، ذات الأصول العريقة. فكان أن تلقى تعليماً خاصاً منذ نعومة أظفاره...

مواضيع أخرى

في وقت فراغي: ستَّة نصوص لِـ(أديبة حسيكة)

في وقت فراغي: ستَّة نصوص لِـ(أديبة حسيكة)

(1) في وقت فراغي كنتُ أملأ الأوراق البيضاء بالحقول كان يبدو الفجر أقرب و السحاب يمرّ فوق الطرقات بلا خسائر..  وكان الماضي  يمتلئ  بالألوان. لا شيء مثل اللحظة حين لا تجد المسافة الكافية لتخترع أجنحة تكاد تنمو كزهرة برية.  بدأتُ أجمع صوتي من الريح و أفسّر...

فصلٌ من القهر والعذاب: كيف مضى فصل الصيف على سوريا؟

فصلٌ من القهر والعذاب: كيف مضى فصل الصيف على سوريا؟

لم يكتفِ الناس في سوريا من معاناتهم وأوجاعهم اليومية، التي فرضتها ظروف الحرب وما تبعها من أزماتٍ متلاحقة وتردٍ في الواقع الاقتصادي والمعيشي، حتى أتى فصل الصيف، الذي سجل هذا العام ارتفاعاً كبيراً وغير مسبوق في معدلات درجات الحرارة، وكان الأقسى على البلاد منذ عقود،...

عملية تجميل لوجه دمشق بجراحة تستأصل بسطات الكتب

عملية تجميل لوجه دمشق بجراحة تستأصل بسطات الكتب

رغم انتشار ثقافة المطالعة واستقاء المعلومات عن طريق الشبكة العنكبوتية إلا أن ملمس الورق ورائحة الحبر بقيا جذابين للقارئ السوري. ولم تستطع التكنولوجيا الاستحواذ على مكان الكتاب الورقي، أو منافسته. وبقي الكتاب المرجع الأساسي والحقيقي لأي بحث علمي وأكاديمي، ولم يستطع...

تدريباتنا