“وادي الفرات بعد سقوط “الدولة الإسلامية

“وادي الفرات بعد سقوط “الدولة الإسلامية

نهر الفرات هو الشريان الحيوي الأهم في سوريا، يدخل أراضيها من مدينة جرابلس في الشمال السوري عند الحدود التركية ويخرج من مدينة البوكمال عند الحدود العراقية. يبلغ طول القطاع السوري من هذا النهر 680 كم. يعتبر القطاع السوري من وادي الفرات مهد الزراعة في العالم، ووجدت أقدم آثار لها في تل أبي هريرة المغمور. ترجع تسمية النهر إلى كلمة “فرت” في الآرامية القديمة، وتعني الخصب والنمو.

أقيم على نهر الفرات ٣٤ سداً ٢٢ منها في تركيا و٧ في العراق و٥ في سوريا. أهم السدود السورية سد الثورة والمعروف بسد الفرات، يقع في محافظة الرقة ويحتجز خلفه بحيرة ضخمة تجمع حوالي ١١.٦ مليار متر مكعب من المياه العذبة. يعتبر قطاع وادي الفرات الواقع بين “بحيرة الأسد” ومدينة البوكمال منطقة قاحلة لا يمكن فيها الزراعة دون ري، بسبب معدل الهطول المطري المنخفض الذي لايتجاوز عادة ٢٥٠ ملم/سنة.

بلغ عدد سكان محافظتي دير الزور والرقة بحسب آخر إحصاء رسمي عام ٢٠١١ حوالي ٢ مليون نسمة، وانخفض لاحقاً بسبب الحرب. بحسب آخر إحصاء للحكومة السورية الصادر عام ٢٠٠٤ يعمل القسم الأكبر من سكان هاتين المحافظتين في الزراعة ويشكلون ٤٦% و٤٣% من عدد السكان على التوالي، طبعاً لايشمل هذا الإحصاء موظفي الحكومة الذين يعملون أيضاً بشكل جزئي في الزراعة.

قضايا المياه خلال حكم البعث

خلال حقبة الحكومات البعثية فرضت وزارة الري في سوريا ضبطاً واسعاً لموارد المياه، وتم توفيرها بشكل مجاني وفق جداول زمنية مرتبطة بمساحة الأرض ونوع المنتج، وبشكل غير مباشر بمصالحية العلاقة بين موظفي الحكومة وأبناء العشائر في تلك المنطقة.

وعلى النمط الاشتراكي، فرضت الحكومات المتعاقبة قيوداً صارمة على خطط الإنتاج الزراعية عبر برامج إلزامية لزراعة محاصيل بعينها هي غالباً القطن والحبوب والشمندر. وأشرفت بشكل لايخلو من البيروقراطية المركزية على الدورة الاقتصادية لهذه المحاصيل، بدءاً من توزيع البذور وحتى تسويق المنتج.

خلال السنوات العشر التي سبقت الحرب السورية تدهورت بشكل متسارع الأوضاع المعيشية والاقتصادية لأبناء وادي الفرات، تآكلت الأراضي الزراعية نتيجة النمو السكاني، فيما بقيت خطط الإنتاج وتوسيع الأراضي المروية في الوادي تعاني من ضعف التمويل، بسبب السياسات الاقتصادية للحكومة المركزية في دمشق، التي ركزت استثماراتها في المدن الكبيرة والسوق السياحي والريعي.

وكما في جميع قطاعات الدولة السورية دخل الفساد بنية الاقتصاد الزراعي، هكذا مثلاً عبر الرشوة تضاعفت عدد الآبار غير النظامية للري ما سبب لاحقاً بتضرر الحوامل المائية للوادي بشكل كبير.

عقب أحداث الحسكة عام ٢٠٠٤ استمر النهج السلبي للدولة وتمنهجت السياسات الزراعية عنصرياً ضد الكرد. ففي الوقت التي كانت تقدم التسهيلات غير القانونية لأبناء العشائر في وادي الفرات، مثل السماح بعمليات الضخ غير القانوني، تم تخفيض المساحات المروية في محافظة الحسكة والقامشلي للكرد السوريين.

بعد حرب تموز وخروج الجيش السوري من لبنان، ومع تحسن العلاقة بين النظام السوري والاتحاد الأوروبي، والتي توجت بزيارة للرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي لدمشق في أيلول من عام ٢٠٠٨ دخل الشرق السوري نقطة اللاعودة عندما تبنى النظام السوري مسار (إصلاح) اقتصادي جديد سُمي وقتها اقتصاد السوق الاجتماعي طرحه نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية السابق عبدالله الدردري، وتبناه الرئيس السوري شخصياً، وهو لم يكن في الحقيقة سوى شكل آخر أكثر وحشية من أشكال السياسات الاقتصادية التحريرية.

خلال هذا (الإصلاح) الجديد تم تخفيض الدعم عن الديزل وزاد سعره ثلاثة أضعاف، ما جعل عمليات الري للأفراد في الوادي مكلفة للغاية، كما تم فرض إجراءات إدارية تم بموجبها تقييد استهلاك المياه في الزراعة، ونتيجة انتشار الفساد فشلت هذه الإجراءات فشلاً ذريعاً، وأصبحت إجراءات تقييد الاستهلاك مطبّقة فقط على أولئك المزارعين الذين ليست لهم قدرة على دفع الرشوة أو ليسوا من وجهاء العشائر.

في الإطار العام وككل المجالات الاقتصادية وقَعَت وزارة الري تحت وطأة الفساد الممنهج وسوء الإدارة، فبينما زادت الخدمات اللوجستية للمدراء ورؤساء الأفرع والأقسام من سيارات ورحلات خارجية وأجهزة حواسيب وغيرها، غاب البحث العلمي وتطوير الكوادر المتخصصة عن متطلبات النشاط الزراعي، وغابت معها خطط واقعية للتطوير. شبكة الري في وادي الفرات المنشأة بمعظمها منذ ستينات وسبعينات القرن الماضي تُسبِب هدراً كبيراً للمياه، ولا يسمح تصميمها الكلاسيكي باستخدام أساليب الري الحديثة. إن أنظمة الري الحديثة مُكلفة، وعزوف الدولة عن تأمينها للمزارعين دفعهم إلى الاستثمار في حفر الآبار أو الاستمرار في استخدام جر المياه التقليدي، وبدلاً من التمويل في تطوير شبكات الري ذهبت الاستثمارات الحكومية إلى قطاع الخدمات العقارية والسياحية.

بين عامي ٢٠٠٧ و٢٠١٠ تعرض الشرق الأوسط عموماً وسوريا خصوصاً لموجة جفاف وصفتها الأمم المتحدة بأنها الأسوأ خلال العقود الأربعة الماضية، بحلول عام ٢٠١٠، أدت هذه الموجة إلى تآكل مساحات واسعة من الأراضي البعلية والمروية على حد سواء، ولأول مرة منذ منتصف تسعينات القرن الماضي اضطرت سوريا لاستيراد القمح، وأُجبر مايقرب من مليون مزارع وعائلاتهم على ترك أراضيهم والهجرة إلى أطراف المدن (العشوائيات) التي تفتقر إلى الكثير من الخدمات.

شكّل السكان النازحون في هذه العشوائيات متضمنين ١،٢ إلى ١،٥ مليون عراقي حوالي ٢٠% من سكان المدن في سوريا، بتعداد يقارب ١٣،٨ مليون (إحصائية عام ٢٠١٠) مقابل ٨،٩ مليون عام ٢٠٠٢ أي بزيادة حوالى ٥٠%. هنا “لا يمكن للمرء أن يفهم الانتفاضات التي تشتعل في المنطقة العربية أو حتى الحلول التي يعرضونها للخروج من مشكلاتهم من دون أن يأخذ الضغوط البيئية والمناخية والسكانية في الاعتبار” كما يقول الباحث توماس فريدمان.

هكذا نتيجة للسياسات الحكومية الفاشلة والعوامل الطبيعية أضحى وادي الفرات جاهزاً لتقبل أي تغييرات سياسية أو أمنية كأحد السبل للخروج من الأوضاع الصعبة التي يعيشها، وشاءت الأقدار أن يكون البديل أسوأ مما كان، وهو حكم تنظيم الدولة الإسلامية.

وادي الفرات تحت حكم تنظيم “الدولة الإسلامية”

خلال عام ٢٠١٤ سيطر تنظيم “الدولة الإسلامية” على البادية السورية ووادي الفرات بسرعة كبيرة، وأسس عاصمة لدولته في مدينة الرقة، ومارس نظام حكم تقليدياً بيروقراطياً قاسياً. خلال فترة حكمه القصيرة أنشأ وزارة للزراعة، مهمة هذه الوزارة تحديد نوع المحصول الذي يجب زراعته، تحديد برامج الري وغيرها من المسائل الحقلية، في أداء لم يختلف كثيراً عن الأداء البيروقراطي لوزارتي الري والزراعة السابقتين في حكم البعث.

ونتيجة لقيام “الدولة الإسلامية” على مبدأ الحرب، بقيت هذه الوزارة مُهمَلة، وتدهورت الخدمات الزراعية ونُظم الري بشكل كبير. ونتيجة نقص الخبرة لدى موظفي “الدولة الإسلامية” فُتح الباب على مصراعيه لحفر الآبار الذي دمر بشكل كبير الحوامل المائية في الوادي. وبسبب تضرر شبكات الطرق وانعدام الأمن عليها لم يعد يتوفر الوقود اللازم لعمل المضخات وأصبح تأمين الأسمدة والبذور الجيدة صعباً للغاية، ما أدى الى تراجع كبير في الإنتاج.

وأدت المعارك العنيفة على امتداد وادي الفرات إلى استخدام أطراف الصراع للمياه مرات عدة كسلاح ضد الخصم. في العام الماضي عمدت حملة “غضب الفرات” التابعة لـ”قوات سوريا الديمقراطية” في حربها ضد “الدولة الإسلامية” إلى إغراق الأجزاء الشمالية الغربية من مدينة الرقة عبر فتح الماء بشكل عشوائي من قناة البليخ، وهي قناة رّي رئيسية تقع إلى الشمال من سد الفرات، وأدت الى تضرر مساحات واسعة من الأراضي الزراعية، ومواسم القمح والشعير فيها.

كما أدت الفوضى العامة في البلاد إلى إطلاق يد تركيا على مياه نهر الفرات، ولم تعد تأبه للقوانين الدولية، وبدأت بتخفيض حصص المياه لكل من العراق وسوريا، ففي فبراير شباط ٢٠١٨ خفضت أنقرة معدل الدفق المائي لنهر الفرات إلى ٣٢١ درجة (مايعادل ٤٥٠ متراً مكعباً/ثانية)، وهددت بشكل جدي إمدادات مياه الشرب لحوالي ٢ مليون نسمة من سكان محافظة حلب، وسط صمت من قبل الحكومة السورية وسكوت غير مبرر.

منذ عام ٢٠١٦ زاد نشاط التحركات العسكرية في شرق سوريا من قبل كل من “التحالف الدولي لضرب داعش” والقوات الكردية من جهة، والجيش السوري وحلفائه بمساعدة الطيران الروسي من جهة أخرى للقضاء على وجود تنظيم “الدولة الإسلامية” في المنطقة. وفعلاً  تقدم الجيش السوري نحو مدينتي البوكمال ودير الزور، في حين تقدمت “قوات سوريا الديمقراطية” المدعومة من الولايات المتحدة من الشمال باتجاه الرقة وحوض الخابور.

مستقبل وادي الفرات

تآكلت “الدولة الإسلامية” ولم يبق من المساحة التي شغلتها أكثر من ٣%. هذا العام أصبح وادي الفرات كاملاً تقريباً بيد الجيش السوري والقوات الكردية. لقد حان الوقت للتفكير بالقضايا البيئية والاقتصادية-الزراعية لمنطقة حوض الفرات التي من شأنها أن تؤسس لتنمية مستدامة، واستقرار اجتماعي. تعرضت المنطقة نتيجة الحروب لتدهور بيئي وزراعي واسع النطاق. وبغض النظر عن المسؤول، فإن النظام الذي سيحكم دمشق ستكون عليه مسؤوليات كبرى في هذا الشأن، أهمها على الإطلاق موضوع وفرة المياه المرتبطة بشكل أو بآخر بديناميات إقليمية سياسية وقانونية دولية، أيضاً اقتصادية واستثمارية وأخرى تقنية وبحثية.

لم تستطع الحكومات السورية في زمن الاستقرار التعامل مع موجة الجفاف السابقة ٢٠٠٧-٢٠١٠، فما هو الوضع إذا ضربت موجة جديدة من الجفاف الأراضي السورية في الوقت الحالي، حيث دمرت الحرب السورية معظم البنية التحتية في وادي الفرات؟

حقيقة لا تحتمل الشك، مياه الفرات آخذة بالتضاؤل بسبب تناقص الإيرادات المائية من تركيا، وتناقص المعدل العام المطري. هذه مشكلة هي ليست وليدة اليوم ولا الأمس، الحلول في الوضع الراهن تكاد تكون معدومة، بينما الواقع الزراعي نحو الأسوأ.

حوض الفرات هو مصدر معظم ثروات سوريا وكان سلة غذائها واستقرارها الاقتصادي. إن ماخلفه حكم “الدولة الإسلامية” كذلك السياسات الفاشلة للحكومات البعثية جعلت وادي الفرات في وضع اقتصادي واجتماعي مأساوي. الآن بعد سقوط “الدولة الإسلامية” وعودة الحياة تدريجياً، يترتب على الدولة السورية مهمات صعبة لأنها ستواجه سلسلة من المشاكل المعقدة: محدودية الموارد المائية، أنظمة الري المتهالكة، العدالة في توزيع الثروة المائية، أساليب الزراعة البدائية، إعادة توطين مهجري الحرب، متابعة تطبيق القوانين الدولية المتعلقة بالمياه النهرية بعدما أصبحت تمثل فتيلاً يهدد بظهور صراعات محلية وإقليمية مستقبلية.

الأهم من كل ذلك هي التعبيرات السياسية التي يمكن أن تقود مرحلة إعادة الاستقرار في الوادي، إذ لا يمكن مواجهة معضلات الوادي العميقة في ظل حكم نظام بيروقراطي وممنهج بالفساد كالذي كان ومازال موجوداً في دمشق.

فحوى هذا المقال موجه للنخب السياسية والحزبية للقوتين العسكريتين الأساسيتين في وادي الفرات: “قوات سوريا الديمقراطية” والجيش السوري، هو أن لا تتحاربا ابداً من أجل السيطرة على وادٍ قد يشهد في أي وقت كارثة بيئية وإنسانية جديدة. لابد وأن تتعاون هاتان القوتان على إعادة صياغة للعقد السياسي بين مكونات المجتمع المحلي، والمضي في تكريس الاستقرار في وادي الفرات بدلاً من تدميره.

أخيراً لايمكننا إلا أن نسأل نفس السؤال الذي سأله جو روم، مدير موقع (Climate Progress) سابقاً: “من الذي سيمد يد المساعدة في المستقبل لدولة مثل سوريا عندما تدمرها موجة الجفاف التالية، بينما نعيش في عالم يظهر فيه كل فرد كما لو كان يتعامل مع الإعصار ساندي؟” سؤال كنت أتمنى أن أسمع له جواباً عند أحدٍ من النخب السياسية في سوريا قبل أن أكتب هذه السطور.

رنين اليقظة

رنين اليقظة

( كونشيرتو الكمان ليوهان برامز/ الحركة الأولى)

بماذا تَعِدني الموسيقى؟

أهي هروبٌ، شفاءٌ، تَخَطٍّ؟ أمْ ألَمٌ واستبصارٌ وتِيْه؟

تلطمني، ترجُّ صدغيَّ، تفتل قامتي، تنشر ذراعيَّ في العراء، تمسِّد ما ضاع وتَنْفُضُ ما تبقّى. أسلاكٌ دافئة بين القلب والأنامل، حطّت عليها طيور وغادرتْ أخرى. تَبرد فروةُ رأسي، تَخِزني أنفاسي، أكاد- في الهنيهة الفاصلة بين السكون والرنين- أَخْمشُ كلَّ شيء، ألوِّحُ لأيِّ شيء، أتّكئُ على لا شيء.

تتراجف الأوتار مثلما تستقبل شفاهُ المحمومين الفجرَ،

مثلما تستجمع يدُ العائد لهفتَها لتَعبرَ الصقيعَ الفاصل بين جيب المعطف وقفلِ بابٍ ليس خلفه أحد.

تتردّد الخطوات قبل أن تزيح الأشواكَ النامية على العتبة،

ترفرف الأجفان عازمةً على تأثيث الفراغ بظلالِ مَن غابوا.

الانبعاثُ من العدم سيرٌ إلى الموت، الركضُ على المرج زحفٌ إلى الهاوية. الخَلْقُ نَفْخٌ، والنفخُ نقصان. لهذا يتولّى البوقُ مهمّةَ البدء. ألسنةُ لهبٍ تشقّ قميصَ الليل، كلّما صدَّت لفحةً جذبتها الأحطابُ إلى سرير الرماد. طفلٌ غادر القبوَ بلا ذاكرة. بَردانٌ، وتقوده الشمس إلى رأس التلّ. يتمرّغ، يتدحرج غيرَ مُبالٍ: أَواكَبَهُ إلى السفح هديرُ الشلّالِ، أم فحيحُ الأفعى.

تعترض النفخةَ همهماتٌ من عدّة جهات.

بعضُها محاوَلةُ الموجِ فتْحَ ثغرةٍ في سور المَحرقة،

بعضها تَشابُكُ الأكفِّ قبل أن تُطْبِق السقوفُ على الأضلاع،

بعضها تَلاطُمُ الأشباحِ فوق شظايا القارب.

عتابٌ على البحر، فرارٌ من السماء، وعدٌ للأرض.

لأنّ( الفلوت) سؤالٌ مرير مثل لماذا؟ مديدٌ مثل أين؟  مرتابٌ مثل متى؟

بحَّتُهُ غامضة لكنْ كاشفة، صفيرُه مقيَّدٌ لكنْ ممزِّق. من تموُّجِ الهواءِ بين العتمة والضوء، من دأْبِ الرئتين الورديّتين على تضميد جراح المعدن؛ يصير للشهيق رنينُ اليقظة وللزفير صدى انكسار القيد.

حين أُزيحت الستارة لَيَّلَ الضباب، لحظةَ انشقَّ الأصيص ارتطمت البراعم بالزجاج.

من عدّة جهات. لأنّ شَجاهُ كامنٌ في كلِّ متحرّك، وخوفه مطوِّقٌ كلَّ آمِل، وحيْرَتهُ رائدُ كلِّ بصير.

تُزَمُّ الشفتان: فكثيرٌ من الشرفات لم يحتمل أمسِ لوعةَ الناجين،

تجنُّ الأصابع: فقد اشتعلتْ غابتانِ اليومَ،

تنقبض الأحداق: فغداً سيَغشانا الدم.

هاهي الكمنجات، وقد استيقظتْ ذاهلةً، تكرِّر آخرَ صرخات الجريح. تُضخِّمُها، تَطوف بها على الأرصفة، تضيء الأقبيةَ، تمزجها بكلِّ نسمةٍ، وتبدِّدُ يقينَ كلِّ غيمة.

لكنّ دَورها أبعَدُ من نواح الجوقة المُظلِّلة حوافَّ المشهد. إذْ لا منصَّةَ هنا غير حطام الأعمدة، لا شهود إلّا أطفالُ المكان الذين بَرَدَ بهم الزمانُ مخالبَه.

دَخَلْنا في الليل، أُلْبِسْنا معطفَه المقلوب، والتفَّتْ علينا الأكمام. ولنا، إلى أن يحين موعد الصدمات الشافية، أن نهذيَ بما نشاء.

مَن ذا يبالي بما كان لنا من أسماء وبيوت؟

مَن ذا يُصدِّق أننا شهدنا، مِراراً، ينابيعَ تفور وأشجاراً تُزهر؟

هي لا تمهِّد للكمان المنفرد مثلما تحفُّ الحاشية حول موكب سيّدِها، بل هو يبزغ من مركز الدوّامة، يشقّ طريقَه ملتاعاً من دون أن يزيح أو يزاحم. وبين موجةٍ وأخرى، ينزوي في ركن، منكبّاً على جراحه.

صِرْ يا قوسُ شَفرةً، إلى أن يحرق الأنينُ قشورَ هذه الجدران الرطبة.

ضجّي يا أوتارُ بما واجهَتْ به الأعشاشُ صليلَ الفؤوس، حتى تصهر الشمسُ حديدَ هذه الكُوى.

إذا أسَّسَ الفجرُ قريةً آمنة بين رُكبتَي تمثال، فلأنّ الكَمانَ سهران.

إذا تعثَّرَ الرعدُ بسقفِ مَنارةٍ قبل أن يلقي علينا رسائلَه، فلأنّ الكمان يَغرق.

إذا ردَّدتْ صنوبراتُ الجبالِ هديرَ قطاراتِ المنفى، فلأنّ الغيمَ سميعٌ للكمانِ مُجيب.

عاهدتُ الأرضَ، منذ كستني الموسيقى أجنحةً، ألّا أزيد جراحَها بخُطاي.

ورثتُ من نهر الطفولة أبوَّتَه للسواقي: يطلِقها في الحقول، ويسبقها إلى المَصَب.

سوريا في أسبوع، ٩ تموز

سوريا في أسبوع، ٩ تموز

نصف “المنافذ” في القبضة
٦ تموز/يوليو

سيطرت قوات النظام السوري على الشريط الحدودي مع الأردن ومعبر نصيب الحيوي المعروف باسم جابر من الجهة الأردنية، بعد أكثر من ثلاث سنوات من سيطرة الفصائل المعارضة عليه.

وبين المعابر الحدودية الـ١٩ بين سوريا والدول المجاورة أي لبنان والأردن والعراق وتركيا، بات النظام يسيطر على نصفها تقريباً بينها خمسة مع لبنان، واحد مع كل من الأردن والعراق، بالإضافة إلى معبرين مع تركيا التي أقفلتهما من جهة حدودها.

في منتصف ٢٠١٥، كان النظام يسيطر فقط على المعابر مع لبنان بعد سيطرة معارضين ومتطرفين وأكراد على باقي المعابر. وبحسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية، هنا المعابر والسيطرة:

– معبر نصيب، يقع في محافظة درعا جنوباً، ولطالما شكل قبل سيطرة الفصائل المعارضة عليه في أبريل (نيسان) ٢٠١٥ معبراً تجارياً حيوياً بالنسبة لدمشق. وتأمل السلطات السورية مع استعادة السيطرة عليه أن تعيد تفعيل هذا الممر الاستراتيجي وإعادة تنشيط الحركة التجارية، مع ما لذلك من فوائد اقتصادية ومالية.

– معبر الجمرك القديم ويعرف بالرمثا من الجهة الأردنية. فقدت قوات النظام سيطرتها عليه منذ العام ٢٠١٣. لا يزال حالياً تحت سيطرة الفصائل المعارضة التي يفترض أن تنسحب منه في الفترة المقبلة بموجب اتفاق بين الفصائل والروس.

– معبر كسب في محافظة اللاذقية (شمال غرب)، وهو تحت سيطرة قوات النظام لكنه مقفل من الجانب التركي بعد معارك عنيفة في العام ٢٠١٤ بين قوات النظام وفصائل معارضة تمكنت من السيطرة عليه لفترة وجيزة.

– معبر باب الهوى في محافظة إدلب (شمال غرب)، وهو تحت سيطرة إدارة مدنية تتبع لهيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً).

– معبر باب السلامة في منطقة أعزاز في محافظة حلب (شمال)، وهو تحت سيطرة فصائل سورية معارضة موالية لتركيا.

– معبر جرابلس في محافظة حلب (شمال)، وهو تحت سيطرة فصائل سورية موالية لتركيا.

– معبر تل أبيض في محافظة الرقة (شمال)، وهو تحت سيطرة وحدات حماية الشعب الكردية المدعومة أميركياً بعدما طردت تنظيم داعش منه في العام 2015.

– معبر عين العرب (كوباني) في محافظة حلب، وهو تحت سيطرة وحدات حماية الشعب الكردية.

– معبر رأس العين في محافظة الحسكة (شمال شرق)، شهد معارك عنيفة في صيف العام ٢٠١٣ بين تنظيم داعش والمقاتلين الأكراد الذين تمكنوا من طرده من المعبر ومن مدينة رأس العين.

– معبر القامشلي – نصيبين، هو المعبر الوحيد في محافظة الحسكة الذي لا يزال تحت سيطرة قوات النظام، لكنه مقفل من السلطات التركية.

– معبر عين ديوار في الحسكة، وهو تحت سيطرة المقاتلين الأكراد.

– معبر اليعربية، أو الربيعة من الجهة العراقية. يقع في محافظة الحسكة، وهو تحت سيطرة المقاتلين الأكراد.

– معبر البوكمال في محافظة دير الزور (شمال شرق) ويعرف بالقائم من الجهة العراقية، وهو تحت سيطرة قوات النظام وحلفائها من المقاتلين الإيرانيين.

– معبر التنف أو الوليد من الجهة العراقية، يقع جنوب دير الزور، وتسيطر عليه قوات التحالف الدولي بقيادة أميركية مع فصائل معارضة تدعمها، منذ طرد تنظيم داعش منه.

– المعابر الحدودية الخمسة بين لبنان وسوريا (محافظتي حمص ودمشق) هي تحت سيطرة قوات النظام، وهي: جديدة يابوس (المصنع من الجانب اللبناني)، والدبوسية (العبودية من الجانب اللبناني)، وجوسية (القاع من الجانب اللبناني)، وتلكلخ (البقيعة من الجانب اللبناني)، وطرطوس (العريضة من الجانب اللبناني). وتوجد على طول الحدود اللبنانية السورية معابر كثيرة غير شرعية معظمها في مناطق جبلية وعرة.

إسرائيل وسوريا في حالة حرب رسمية، ولا توجد معابر بين البلدين. لكن فصائل معارضة تسيطر على منطقة القنيطرة الحدودية. وتحتل إسرائيل جزءاً كبيراً من هضبة الجولان السورية منذ ١٩٦٧.

الجزء المتبقي من الحدود السورية مفتوح على البحر الأبيض المتوسط، والمرافئ البحرية كلها تحت سيطرة قوات النظام، إضافة إلى مطارات في دمشق وحلب واللاذقية والقامشلي.

درعا محاصرة وعودة نازخين
٩ تموز /يوليو

قال مقاتلون من المعارضة السورية إن الجيش وحلفائه فرضوا حصارا الاثنين على جيب المعارضة في مدينة درعا بجنوب البلاد وإنهم في طريقهم للسيطرة على المدينة بالكامل.

وكانت مدينة درعا مهد الانتفاضة ضد حكم الرئيس بشار الأسد. وقال أبو شيماء المتحدث باسم مقاتلي المعارضة في المدينة إن عدة آلاف محاصرون الآن بعد أن دخل الجيش قاعدة رئيسية غربي المدينة دون قتال قبل إجلاء رسمي لمسلحي المعارضة وهو ما يخالف اتفاقا توسطت فيه روسيا. وقال لرويترز إن الجيش والمقاتلين المتحالفين معه طوقوا درعا بالكامل.

كان ممثلو المعارضة وضباط روس توصلوا إلى اتفاق يوم الجمعة يقضي بتسليم درعا وبلدات أخرى في محافظة درعا الجنوبية على الحدود مع الأردن في نصر جديد للأسد وحلفائه الروس والإيرانيين.

ومن المفترض أن الاتفاق يسمح للمقاتلين الذين يرفضون السلام بالمغادرة لمناطق تسيطر عليها المعارضة في شمال البلاد قبل تسليم الأسلحة وعودة سيادة الدولة. وقال أبو شيماء إن هناك الكثير من المخاوف وإنهم لا يثقون في الروس ولا في “النظام”.

وفي مناطق أخرى شملها الاتفاق واصل مقاتلون من الجيش السوري الحر، الذي تلقى في وقت من الأوقات دعما غربيا، تسليم المواقع الحدودية المتاخمة للأردن شرقي محافظة درعا والتي ظلت تحت سيطرتهم منذ بدايات الصراع.

أفاد  المرصد السوري لحقوق الإنسان الإثنين بعودة ٢٠٠ ألف نازح إلى بلداتهم وقراهم في محافظة درعا. وقال إن الغالبية الساحقة ممن كان على الحدود السورية – الأردنية عادوا إلى قراهم وبلداتهم التي شهدت عمليات  “تعفيش” كبيرة وواسعة نفذتها قوات النظام والمسلحين الموالين لها لممتلكات مواطنين من أثاث وسيارات وماشية وغيرها من الممتلكات.

وحسب المرصد، يأتي ذلك فيما يستمر الهدوء الحذر في عموم محافظة درعا  منذ الأحد، وذلك بعد سلسلة قصف عنيف بأكثر من ١٢٠ ضربة جوية استهدفت بلدة أم المياذن ومدينة درعا ومحيطهما.

وكان المرصد اشار الى ان قوات النظام وروسيا شنوا ٢٣٠٠ غارة وقذيفة على مناطق المعارضة لفرض الاستسلام وتوقيع اتفاق في بصرى الشام.

اسرائيل وايران في سوريا
٨ تموز/يوليو

أعلنت دمشق مساء الأحد أن “العدوان” الذي استهدف قاعدة عسكرية في وسط سوريا “إسرائيلي”، مشيرة إلى ان قواتها اصابت احدى الطائرات المهاجمة، وفق ما نقل الإعلام الرسمي عن مصدر عسكري.

وكانت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أفادت عن “عدوان” على مطار التيفور العسكري في وسط البلاد من دون تحديد الجهة المسؤولة، قبل أن تنقل عن مصدر عسكري قوله إن “وسائط دفاعنا الجوي تتصدى لعدوان إسرائيلي وتسقط عدداً من الصواريخ التي كانت تستهدف مطار التيفور، وتصيب إحدى الطائرات المهاجمة وترغم البقية على مغادرة الأجواء.”

من جهته أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان  بأن “القصف الصاروخي طال مطار التيفور ومحيطه قرب تدمر في محافظة حمص.” واوضح أن القصف طاول “مقاتلين إيرانيين في حرم المطار”، مؤكداً سقوط قتلى بين المقاتلين الإيرانيين وآخرين موالين لقوات النظام من دون أن يتمكن من تحديد العدد. وإضافة الى الجيش السوري، يتواجد مقاتلون ايرانيون ومن حزب الله اللبناني في مطار التيفور، وفق المرصد السوري.

وتعرضت قاعدة التيفور العسكرية مرارا لغارات اتهمت دمشق إسرائيل بتنفيذها، بينها ضربات صاروخية في التاسع من نيسان/أبريل أسفرت عن مقتل ١٤ عسكرياً بينهم سبعة ايرانيين، وحملت كل من موسكو وطهران ودمشق اسرائيل مسؤولية الغارات.

واستُهدف المطار ايضاً في العاشر من شباط/فبراير الماضي، في واقعة شهدت أيضاً إسقاط القوات السورية لطائرة حربية اسرائيلية. وأعلنت اسرائيل آنذاك ضرب “أهداف ايرانية”.

وقال  وزير الدفاع الإسرائيلي افيغدورليبرمان: “سنرد بعنف على أي توغل عسكري سوري في المناطق منزوعة السلاح بالجولان”، فيما قال رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو إنه سيطرح مع الرئيس فلاديمير بوتين الاربعاء في موسكو الوجود الإيراني في سوريا.

ساعة جاسوس
٥ تموز/يوليو

قال جهاز الموساد الاسرائيلي الخميس أنه تمكن من استعادة ساعة جاسوس اسرائيلي أعدم في سوريا عام 1965.

وكان الجاسوس ايلي كوهين حوكم واعدم شنقا بتهمة التجسس في سوريا بعد أن نجح في اختراق اعلى مستويات النظام السوري.

وجاء في بيان للحكومة الاسرائيلية “أعاد الموساد الى اسرائيل ساعة مقاتل الموساد الراحل ايلي كوهين.” وأضاف “تمت اعادة الساعة في عملية خاصة نفذها الموساد مؤخرا”.

وتابع انه “بعد إعدام كوهين في ١٨ ايار/مايو ١٩٦٥ بقيت ساعته في دولة عدوه”. واشار الى انه “بعد عودة الساعة الى اسرائيل جرت عمليات بحث واستخبارات أثمرت التأكد بدون شك بأن هذه هي فعلا ساعة ايلي كوهين.”

ولم تستجب سوريا، التي لم توقع اتفاقية سلام مع اسرائيل، طلبات اسرائيلية على مر السنين باعادة رفات كوهين لاسباب انسانية.

وفي ٢٠٠٤ وجه الرئيس الاسرائيلي في ذلك الوقت موشيه كاتساف نداء الى الرئيس السوري بشار الاسد عبر موفدين فرنسيين وألمان ومن الامم المتحدة.

واعتبرت المعلومات التي حصل عليها كوهين مهمة جدا في احتلال اسرائيل لمرتفعات الجولان السورية في حرب 1967.

ونقل بيان الخميس عن رئيس الموساد يوسي كوهين قوله “هذا العام وفي ختام عملية، نجحنا في أن نحدد مكان الساعة التي كان ايلي كوهين يضعها في سوريا حتى يوم القبض عليه، واعادتها الى اسرائيل”.

وأضاف “كانت الساعة تمثل جزءا من صورة عملية ايلي كوهين وجزءا من هويته العربية المزيفة”. وقال البيان انه سيتم عرض الساعة في مقر الموساد حتى السنة اليهودية الجديدة في أيلول/سبتمبر وبعد ذلك سيتم تقديمها لعائلته.

وفي بيان له اشاد رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو بكوهين وزملائه في الموساد. لكن ارملة كوهين اشارت الى ان عملية جلب الساعة حصلت بشرائها من مزاد عبر الانترنت.

كلور، ليس سارين
٦ تموز/يوليو

أفاد تقرير أولي أعده محققو منظمة حظر الأسلحة الكيماوية ونشر الجمعة بأنه تم العثور على آثار لغاز الكلور في مدينة دوما السورية، حيث أسفر هجوم في نيسان/ أبريل عن سقوط  عشرات القتلى والجرحى.

لكن التقرير الصادر عن المنظمة لم يعثر على أي آثار لغاز الأعصاب،  مضيفين أن من غير الواضح معرفة موعد نشر تقرير نهائي بذلك.

كان محققو حقوق الإنسان بالأمم المتحدة قد وجدوا أيضا الشهر الماضي أن  “الأدلة المتوفرة تتفق إلى حد كبير مع استخدام الكلور.”

ويتهم نشطاء وقوى عالمية الحكومة السورية باستخدام الأسلحة الكيميائية ضد معارضيها والمدنيين، على الرغم من رفض سورية مراراً تلك المزاعم.

وقتل ما لا يقل عن ٤٠ شخصا في هجوم يوم السابع من نيسان/أبريل على  دوما، التي كانت لا تزال تحت سيطرة مقاتلي المعارضة في ذلك الوقت.

ودفع الاستخدام الظنى للأسلحة الكيماوية، الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا إلى شن سلسلة من الغارات الجوية على سورية بعد ذلك بأسبوع.

عرسٌ سوريٌّ: كتابٌ وفيلمٌ لِلاوْرا تانْغِرْلِيني

عرسٌ سوريٌّ: كتابٌ وفيلمٌ لِلاوْرا تانْغِرْلِيني

ليس مجرَّدَ عرسٍ؛ إنَّه سِفرُ رؤيا إنسانيَّةٍ مليئةٍ بالعديد من القصص الصَّغيرة والرَّهيبة التي جمعَتْها لاوْرا تانْغِرْليني بكثيرٍ من الحبِّ والحنان.

هو قصَّة شهر عسلٍ خيريٍّ قامتْ به لاوْرا مع زوجها، المؤلِّف الموسيقيِّ والمغنِّي الرُّومانيِّ ماركو رو، للاستماع إلى أصوات وشهادات اللَّاجئين السُّوريِّين في مخيَّمات لبنان وتركيا.

هو قصَّةُ حُبِّ المؤلِّفة الجارف نحو زوجها من جهةٍ، ونحو سوريا وشعبها من جهةٍ أخرى؛ حُبٍّ مزدوجٍ ترويه لنا بكثيرٍ من النَّشوةِ والعذوبة، وأحياناً بسخريةٍ خفيفةٍ، ولكن في الوقت نفسه، وبطبيعة الحال بسبب الحرب الدَّائرة هناك منذ سنة 2011، بصرامةٍ وإصرارٍ يبغيان رفعَ الحجاب للقارئ عن العواقب الفائقة القسوة التي نجمَتْ عن خراب أرضٍ كانت ذات يومٍ أشبه بفردوسٍ مفقود، عواقبٍ يتظاهر العالَم، الذي هو متواطئٌ في بعض الأحيان ولامُبالٍ في أحيانٍ كثيرةٍ، بعدم رؤيتها.

هذا الرِّبورتاج الذي أعدَّته لاوْرا عن المأساة السُّوريَّة (وهو يوميَّاتُ رحلةٍ، وقبل كلِّ شيءٍ، أضمومةٌ من أقوال وشهادات لاجئين التقَتْ بهم) إنَّما يمثِّل “نافذةً متفرِّدةً وهامَّةً، مفتوحةً على عالَمٍ لطالما عتَّمَتْ عليه وسائل إعلامنا هنا” على حدِّ قول الصَّحفيَّة آنَّا كافِسْتري في معرض حديثها عن هذا العمل.

وكانت لاوْرا، في الأسابيع التي سبقت الزِّفاف، قد حلَّتْ في لبنان لتوثيق حالةِ بلدٍ يرزح تحت مدٍّ مديدٍ من موجاتِ اليائسين السُّوريِّين والفلسطينيِّين الهاربين من الحروب والعنف والدَّمار، فإذا بالعروس المستقبليَّة تتحوَّل إلى شاهدٍ على الظُّروف القاسية والوحشيَّة التي يعيشها اللَّاجئون داخل مخيَّماتٍ أقيمَتْ في بلدٍ يبدو، بموارده المحدودة وبناه التَّحتيَّة غير الكافية، أكثر ترحيباً بالأثرياء والأصحَّاء منه بأولئك البؤساء.

يضمُّ الكتاب الصَّادر بالإيطاليَّة عن منشورات إينفينيتو، والذي يقع في 189 صفحة، توطئةً بقلم جان أنطونيو إسْتِلَّا ومقدِّمةً بقلم كورَّادينو مينْيُو.

وقد قام بإنجاز التَّسجيل الصَّوتيِّ للفيلم الذي حملَ العنوانَ نفسَه “عرسٌ سوريٌّ”، وتضمَّنَ أربع أغانٍ غير منشورةٍ سابقاً، كلٌّ من لاوْرا تانْغِرْليني وزوجها ماركو رو الذي وضعَ بدورِهِ موسيقى جميع أغاني الفيلم وكتب كلماتها (باستثناء اثنتين منها شاركتْه في كتابة كلماتهما زوجته الصَّحفيَّة).

وبالنَّتيجة، فإنَّ ما ينبثق عن هذا العمل المتوقِّدِ عاطفةً وحماساً، بالإضافة إلى حبِّ الكاتبة للشَّعب السُّوريِّ وحزنها على مصيره المضطرب وغير العادل، هو سيناريو دراميٌّ يستصرخُ الضَّمائر الصَّامتة للشُّعوب الأوروبِّيَّة وبقيَّة شعوب العالَم، داعياً إيَّاها إلى الاستيقاظ والعمل لوقف، أو على الأقلِّ لتخفيف هذه المأساة الإنسانيَّة الكبرى.

“بكلماتها الصَّريحة والقاطعة”، يقولُ الصَّحفيُّ كارلو كراكُّو، “تجعلنا لاوْرا جزءاً من تلك الأحداث المشحونة بالعواطف والمشاعر الإنسانيَّة، العامَّة والخاصَّة، صفحةً تِلْوَ صفحة. وهي بذلك إنَّما تسلِّط الضَّوء، مِن أعماق صورةٍ مظلمةٍ ومأساويَّةٍ، على بذور الأمل الثَّمينة المرصودةِ لبناء جسرٍ، مجازيٍّ وملموسٍ في آنٍ واحدٍ، نحو مستقبلٍ أكثر إشراقاً من هذا الحاضر العديم الرَّحمة والقاتم.”

ويواصل: “السُّوريُّون، من لبنان وتركيا، ومن البلدان الأوروبِّيَّة التي وصلوا إليها بشقِّ الأنفس، يحلمون بالعودة إلى ديارهم، إلى سوريا جديدة يعمُّها السَّلام والهدوء والتي لم تعد موجودةً وهي اليوم تكافح من أجل استعادة حقيقتها أو العودة إلى حقيقتها.”

تشرحُ الكاتبةُ أنَّ هذا المشروع، وهو المرحلة الأخير من مسار التَّوعية الذي كانت تقومُ به لسنواتٍ حول مسألة اللَّاجئين السُّوريِّين، في البداية وحدها ككاتبةٍ وصحفيَّةٍ، ثمَّ صحبةَ زوجها كمغنٍّ ومؤلِّفٍ موسيقيٍّ، إنَّما يريدُ أن يعطي وجهاً وصوتاً للكثير من المهمَّشين الذين قابلَتْهم في رحلتيهما إلى تركيا ولبنان بُعَيدَ زفافهما، ذلك الزِّفاف الخيريِّ الذي أرادتْ من خلاله أن تقدِّمَ مساعدةً ملموسةً وسُوَيعاتٍ من التَّرفيه للعديد من اللَّاجئين السُّوريِّين، ومعظمهم من الأيتام.

فعلى وجه الخصوص، تقول، “لقد قدَّمنا قبلَ زفافنا مساعدةً ماليَّةً عن بُعدٍ لمؤمن وهو لاجئٌ سوريٌّ صغيرٌ يتيمُ الأب يعيش الآن في لبنان مع أمِّه واثنين من أخوته الخمسة، ويعاني مشاكل سلوكيَّة بسبب فقدان الأب وصدمة الحرب.

وتهدف تلك المساعدة إلى السَّماح له، ولأخوته أيضاً، بالدِّراسة. وقد التقينا به عندما سافرنا إلى لبنان لقضاء يومٍ معه”.

لاوْرا التي ما إن انتهَتْ شعائرُ زفافها في إيطاليا حتَّى ركبَتْ الطَّائرة مع زوجها، واستثمرَتْ معظمَ هدايا الزِّفاف التي حصلا عليها في شراء القرطاسية ولعب الأطفال وزجاجتَين من المشروبات الباردة مع كعكةٍ كبيرةٍ وخمسٍ وسبعين سترةً شتويَّةً من أنطاكية وحملاها شخصيَّاً إلى الرَّيحانيَّة للأطفال السُّوريِّين نزلاءِ دار الأيتام هناك، تضيفُ قائلةً: “الآن لا نريد التَّوقُّف عند هذا الحدِّ، بل نريد أن نفعل المزيد. نريد من ناحيةٍ أخرى أن نخصِّص عائدات حقوق النَّشر الخاصَّة بهذا المنتَج الأدبيِّ والسَّمعيِّ والبصريِّ لصالحِ مشاريع أخرى تدعم السُّوريِّين.”

من الكتاب:

… ماذا كنت تودُّ أن ترى لو كانت لك عينان ثاقبتان؟ “بودِّي لو أرى حارتي مرَّةً أخرى… فبعد أربع سنواتٍ لم أعد أتذكَّرها جيِّداً… وبودِّي لو أرى ما بقي من بيتنا” كانت عيناه تتلألآن ببريق الذِّكرى، وكذلك كانت عيناي منذ بضع دقائق وأنا أستمع إليه…

… كانت الموسيقى الانتصاريَّة قد بدأتْ بالفِعل، منطلقةً من الصَّناديق المكنونةِ بين زُحلوقةٍ وأرجوحة. الأطفالُ في ملابسهم الاحتفاليَّة يرفعون البالونات الملوَّنة وينتظرون مرور العريسَين. ها قد بدأ عرسُنا السُّوريُّ، بين السُّوريِّين، ولأجل السُّوريِّين…

“… سوريا كلُّها قد تغيَّرَت. منازلُ لا يُحصَى عديدُها قد تهدَّمَت. حتَّى أنَّ أنفاسَ النَّاس هناك قد تغيَّرَتْ، فرائحة الدَّم تبلِّلُ الهواءَ في كلِّ مكان. كلُّ شيءٍ كان جميلاً، كلُّ زاويةٍ، كلُّ شارعٍ، كلُّ زقاق… ما كنتُ لأرحلَ عنها لو أنَّني استطعتُ إلى ذلك سبيلاً…”

“… اتركونا وشأننا. هذا هو ما تحتاج إليه سوريا. إنَّنا أناسٌ طيِّبون، نحبُّ العالَم كلَّه، ولكنَّ العالَم لا يحبُّنا…”

… بعد لحظةٍ من ذلك دخلَتْ إحدى اليتيمات لتعطيني وشاحاً صوفيَّاً يضرب لونه إلى الحُمرة، واحداً من تلك الأوشحة التي كنَّ قد صنعنَها بأيديهنَّ خلال بعض الأنشطة التَّرفيهيَّة. مرَّةً أخرى، تتحرَّك مشاعري بقوَّةٍ لا قِبَلَ لي بها. إنَّها أجمل هديَّةٍ تلقَّيتُها في عرسيَ السُّوريِّ هذا…

“… أتخيَّلُ أنَّني في سوريا، ولكنَّني لا أرى أحداً هناك؛ وحيداً أسيرُ في الشَّوارع الخالية، ذلك أنَّ الجميع قد ماتوا”. مرَّةً أخرى أشعرُ بلكمةٍ عنيفةٍ على معدتي…

* * *

عن لاوْرا تانْغِرْليني: صحفيَّة بدأت مسيرتها المهنيَّة عام 1998. حاصلة على شهادة في علوم الاتِّصال من جامعة لاسابْيِينتزا في روما. وتدير منذ عام 2008 قسمَ الأخبار في قناة راي الإخباريَّة. باحثة في اللُّغة والثَّقافة العربيَّة، تناولَتْ في عملها مراراً وتكراراً الوضعَ في الشَّرق الأوسط، ولا سيَّما المأساة السُّوريَّة التي كتبت عنها ثلاثة كتبٍ هي: “سوريا الهاربة” 2013، وحصلت عنه على جائزة فيودْجي ستوريا، المرتبة الأولى؛ و”لبنان في هاوية الأزمة السُّوريَّة” 2014، وحصلت عنه في عام 2015 على جائزة تشِرُّوليو عن فئة الدِّراسات النَّقديَّة؛ و”عرسٌ سوريٌّ” 2017. كما حصدَت العديد من الجوائز لعملها الصَّحفيِّ والتزامها الأخلاقيِّ تجاه الشَّعب السُّوريِّ.

كوميديا سوداء على الملاعب السورية

كوميديا سوداء على الملاعب السورية

قد يحظى المونديال الكروي في روسيا بمتابعين ومشجّعين كُثُر حول العالم، ومن بينهم الكثير جداً من السوريين، فهي البطولة الرياضيّة الأشهر في العالم ولا ريب، ولكن ربّما من المفيد لنا أن نسلّط الضوء على “المونديال” الحقيقي الذي يجري على أرضنا وبين جمهورنا، وبمشاركة فعّالة ومؤثرة من منتخبات: قطر والسّعودية وتركيّا وإيران وأمريكا وفرنسا وبريطانيا وروسيا والأردن وإسرائيل ولبنان والعراق ومصر وألمانيا والصّين، وبمشاركة بعض الدول القلقة على حقوق البث واللّعب النظيف، مثل سويسرا وهولندا والنرويج وكندا.

كان من أبرز المحطّات في المونديال السّوري، خروج المنتخب القطري على يد المنتخب السّعودي في الدور الثاني، رغم أنه كان من أبرز المنتخبات اللاعبة على مستوى بطولات الرّبيع العربي وفي التصفيات المؤهّلة للمونديال السّوري، وبالتالي كان مُرشّحاً قويّاً للفوز، خاصّة مع وجود لاعبين أساسيين في صفوفه من الإخوان المسلمين وحزب الشّعب الديمقراطي، في حين خرج المنتخب السّعودي من الدور ربع النهائي، على الرغم من أنه قاد اللعب لصالحه فترة من الزمن، بعد أن أطاح بالمنتخب القطري القوي آنذاك، وتُعزى أسباب خروجه المبكّر إلى تركيز طاقمه الفني على بطولة “كأس الخليج” المحليّة، كونها ذات أهميّة أكبر للمنتخب السّعودي مقارنة بالبطولات الأخرى، وخاصّة بعد مشاركة غير مُتوقّعة من المنتخب الإيراني (الخصم التقليدي) في البطولة الخليجية، وللعلم تجري مباريات هذه البطولة على الملاعب اليمنية، وفي قسم منها على الملاعب المحيطة لقطر بمشاركة المنتخب المصري.

بعد مباريات شديدة الصّعوبة في المونديال السوري، وصل إلى نصف النهائي كل من منتخبات: روسيا وأمريكا وتركيا وإيران، وكما هو واضح، تمتلك هذه المنتخبات حظوظاً قريبة من بعضها بحيث يصعب التكهّن بمن يستطيع الوصول إلى المباراة النهائية وإحراز اللقب، فالمنتخب الرّوسي أصبح كمَن يلعب على أرضه وبين جمهوره، مع مساندة واضحة من المنتخب السوري وبعض الأندية والفرق المحلية واللبنانية والعراقية الموالية، والمنتخب التركي صنع أرضية مناسبة له للعب في الشمال السوري، وبمساعدة كبيرة من فرق المعارضة السّورية، والغريب أنه لا زال محتفظاً بجمهوره ومشجّعِيه السوريين، على الرغم من أنه أصبح يلعب لصالح الطرف الآخر في البطولة، كما أنّه غيّر تكتيك لعبه من تسجيل الأهداف إلى المراوغة ومحاولة السيطرة على أرض الملعب، ثم الاحتفاظ بالكرة لأطول فترة ممكنة، وذلك مع نهاية الدور الأول.

بينما يمتلك المنتخب الأمريكي حظوظاً قويّة لفرض إرادته داخل الملعب السوري، سواء في الشّمال أو الجنوب، داعماً صفوفه بلاعبين مخضرمين ومحترفين من بعض الدول الغربية التي لم تكن تمتلك منتخباتها حظوظاً للفوز في البطولة من دونه، كفرنسا وبريطانيا وألمانيا وإسرائيل، وأيضاً استثمر في بناء “أندية” خاصة له في شمال شرق سوريا، كما قام بدعم وتدريب فريق سوري محلّي، استطاع أن يحقق إنجازاً جيداً على صعيد البطولة المحلية، ولكنه بات يظن بأنه قادر على تكوين منتخب قومي قادر على المنافسة في البطولات العالمية.

في حين أصبحت حظوظ المنتخب الإيراني أقل لبسط سيطرته على ملاعب الجنوب، بعد شبهات واضحة من التنسيق بين المنتخبين الأمريكي والروسي، وتعاونهما لحيلولة وصوله إلى المباراة النهائية، على الرغم من التنافس الشديد بين المنتخب المذكورين على إحراز اللقب.

يُذكَر بأنّ سوريا وجدت نفسها تستضيف المونديال العالمي على أراضيها بدون تخطيط مسبق، في حين خرج منتخبها الوطني من التصفيات المؤهلة للبطولة، في سابقة هي الأولى من نوعها، بينما يتسابق لاعبو وفرق المعارضة السّورية للعب لصالح بعض المنتخبات الإقليمية والدولية المؤثرة، وبعقود سيئة كما وصفها الكثير من المحللين والمتابعين.

وكما جرت العادة، يعاني الاتحاد الدولي للعبة من هيمنة المنتخبات الكبرى، حيث أصبحت اجتماعاته وقراراته جسراً لتنفيذ رغباتها، وبالتالي ضاعت هيبة حكامه الُمنَتدبين، وفقدوا كل إمكانيات فرض قوانين اللعبة المعتمدة، وخاصة فيما يتعلق باللعب النظيف.

ومن غرائب هذا المونديال، بأنه بدأ كبطولة محلية بحتة وبشعارات جيدة، لكن ما لبث أن توسّعت دائرة المشاركة بعد عدة أشهر لتدخل إليها منتخبات إقليمية وعربية إلى جانب فرق المعارضة وأخرى إلى جانب منتخب النظام، لتصبح البطولة إقليمية شديدة الضراوة على الملاعب السورية، وتحت شعارات طائفية تجاوبت معها أغلب الأندية المحلية وبعض الجمهور السوري، الأمر الذي جذب اهتمام بعض الفرق الأجنبية المتشددة، والمسجلة على القائمة السوداء للاتحاد الدولي للعبة، حيث تسلل لاعبوها من كل حدب وصوب إلى داخل الملاعب السورية، وفرضوا إيقاعهم على اللعب بعيداً عن قوانين الاتحاد الدولي، مما حدا بالمنتخبات الكبرى في العالم للزجّ بمنتخباتها الوطنية في محاولة منها إلى إعادة ضبط إيقاع اللعب، وتجريب الحديث من خططها ومهاراتها، ثم التنافس لتحقيق لقب عالمي جديد، وبالتالي تحوّلت البطولة المحلية إلى مونديال عالمي مفتوح لكل من يرغب في المشاركة ويجد بأن لديه حظوظاً وقدرة على الفوز.

ونظراً لكثرة المشاركين، ورعونة اللاعبين، تضررت الملاعب السورية كثيراً، وفقدت الجماهير السورية حماسها للبطولة، وبدأت عملية النزوح بعيداً عن الملاعب في الداخل، أو الهجرة خارجا لأجل البحث عن مستقبل لا تفسده تلك اللعبة ورُعاتها.

سوريا في أسبوع، ٢ تموز

سوريا في أسبوع، ٢ تموز

سوريا بين ترامب وبوتين
٢٨ حزيران ٢٠١٨

تعقد اول قمة بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأميركي دونالد ترامب في ١٦ تموز/يوليو في هلسنكي، في ظل أجواء دولية غير واضحة بالنسبة لترامب الذي يبتعد عن حلفائه التاريخيين ويربك ولايته التحقيق بشأن تدخل روسي مفترض في انتخابه رئيسا.

وكان الرئيس الجمهوري وصل الى البيت الأبيض بعد أن وعد بتحقيق المصالحة بين روسيا والولايات المتحدة. لكن بعد ١٧ شهرا من مدة رئاسته لم يحقق هذا الوعد.

ويجري التحضير منذ أشهر لهذه القمة بين الرئيسين اللذين لم يلتقيا إلا على هامش اجتماعات دولية. وأعلن البيت الابيض والكرملين بشكل رمزي في وقت واحد الخميس موعد ومكان اللقاء.

وتشكل القمة التي ستعقد بعد عشرة اعوام من الاعلان عن “احياء العلاقات” كما أراد باراك اوباما وأخفق فيه، محاولة جديدة لتحسين هذه العلاقات التي لم تكن يوما سيئة مثلما هي اليوم منذ الحرب الباردة.

وأضيفت الى لائحة الخلافات في السنوات الاخيرة قضايا جديدة بينها دعم موسكو للنظام السوري وضم القرم منذ تمرد الانفصاليين الموالين لروسيا في شرق أوكرانيا والاتهامات بتدخل روسي في الانتخابات الرئاسية الاميركية، او تسميم العميل المزدوج السابق سيرغي سكريبال الذي أدى الى تبادل طرد دبلوماسيين، بما في ذلك أميركيين.

وُضعت اللمسات الاخيرة على هذه القمة الأربعاء خلال زيارة مستشار البيت الأبيض للأمن القومي جون بولتون الى موسكو، وهي تحظى بمتابعة حثيثة في الولايات المتحدة.

وقال بوتين الذي استقبل بولتون مبتسما في احدى قاعات الكرملين انه يأمل على الاقل في تحقيق “خطوات اولى لاعادة العلاقات بالكامل”، مؤكدا انه “لم يسع يوما الى المواجهة.”

وقال الكرملين ان القمة ستشمل لقاء على انفراد وغداء عمل ومؤتمرا صحافيا مشتركا وإصدار بيان مشترك.

وستعقد قمة بوتين وترامب بعد أيام قليلة من قمة الحلف الاطلسي ببروكسل يومي ١١ و١٢ تموز/يوليو التي يتوقع أن تشهد توترا بين ترامب ونظرائه الغربيين.

وقد رحب الأمين العام للحلف الاطلسي ينس ستولتنبرغ الخميس بالقمة مؤكدا ان مقاربة الحلف تقوم على الدفاع والحوار مع روسيا.

اسرائيل تمنع دخول سوريي
٣٠ حزيران ٢٠١٨

أكد رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو أن بلاده لن تسمح بدخول المدنيين السوريين الفارين من الحرب في بلدهم لكنه أوضح أن حكومته ستواصل تقديم المساعدات الإنسانية لهم.

وفر عشرات آلاف السوريين هربا من العملية العسكرية الواسعة النطاق التي باشرتها قوات النظام السوري في ١٩ حزيران/يونيو بدعم روسي في محافظة درعا بهدف استعادتها بالكامل حيث أقام البعض مخيمات مؤقتة قرب هضبة الجولان التي تحتلها اسرائيل.

وقال نتانياهو في مستهل اجتماع لأعضاء حكومته “في ما يتعلق بجنوب سوريا، سنواصل الدفاع عن حدودنا.” وأضاف “سنقدم مساعدات إنسانية بقدر إمكاناتنا. ولن نسمح بالدخول إلى أراضينا.”

من جهته، اكد ضابط اسرائيلي الاحد لصحافيين ان اسرائيل نقلت “نحو ثلاثين طنا من المواد الغذائية والمعدات الطبية وكمية كبيرة من الثياب” الى مدنيين نازحين في القسم السوري من هضبة الجولان المحتلة بعدما فروا من المعارك في جنوب سوريا.

ووضعت اسرائيل منذ سنوات برنامجا لتقديم المساعدات الإنسانية للسوريين عبر الحدود في منطقة الجولان. وعالجت كذلك سوريين مصابين. والجمعة، أفاد الجيش الاسرائيلي أنه نفذ عملية ليلية عبر خط الهدنة مع سوريا.

ودفعت وتيرة العنف المتزايدة خلال الأسبوعين الماضيين نحو ١٦٠ ألف شخص إلى الفرار من منازلهم، وفق تقديرات أولية صادرة عن الأمم المتحدة.

وبين هؤلاء ٢٠ ألفا فروا إلى مناطق قريبة من معبر نصيب الحدودي مع الأردن التي تستضيف أكثر من ٦٥٠ ألف لاجئ سوري مسجل وتقدر العدد الفعلي بقرابة ١،٣ مليون.

وكرر الضابط الاسرائيلي ان الجيش لن يدخل الاراضي السورية، وقال “نفتح السياج، نوصل المساعدة الانسانية ونعيد اغلاق السياج”، موضحا ان هذه المساعدات تتولاها لاحقا منظمات غير حكومية.

وأفادت عمان أنه ليس بإمكانها فتح الحدود أمام مزيد من السوريين الفارين من النزاع الدائر منذ سبعة أعوام. لكنها أعلنت السبت أنها أرسلت مساعدات عبر الحدود إلى النازحين.

واحتلت اسرائيل أراضي واسعة من هضبة الجولان والمناطق المحاذية لها من سوريا في ١٩٦٧. وضمت المنطقة عام ١٩٨١ في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي.

تركيا في عفرين
١ تموز ٢٠١٨

قال المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية، حامي آقصوي، إن الوجود التركي في مدينة عفرين شمالي سورية، سيستمر بعض الوقت “لمواصلة تنميتها.”

وأضاف: “الحياة عادت إلى طبيعتها في عفرين، لكن وجود تركيا في المنطقة يستمر لبعض الوقت لمواصلة العمل على تنمية المنطقة”، حسب ما نقلت وكالة أنباء الأناضول الرسمية للأنباء. وأشار آقصوي أن أكثر من ١٤٠ ألفا من سكان عفرين عادوا ليستقروا في منازلهم.

وتابع أن “تركيا بدأت بشكل تدريجي تسليم بعض المهام للمجلس المحلي الذي أسسه أهل عفرين، الذي يضم شخصيات من جميع مكونات المنطقة من الأكراد والتركمان والعرب”. ولفت إلى أن “تركيا تواجه حملات تشويه من خلال موضوع عفرين.”

وفي الثامن عشر من شهر آذار/مارس الماضي، تمكنت القوات التركية والجيش السوري الحر المعارض من السيطرة على مركز عفرين، بحسب الأناضول.

مايا بلا ساقين في تركيا
٢٧ حزيران ٢٠١٨

جالت صور مايا، الطفلة السورية التي ولدت من دون ساقين وتتنقل بواسطة طرفين مصنوعين من علب معدنية، العالم، وأثارت صدمة وتعاطفا واسعا. اليوم، نقلت مايا إلى تركيا حيث تستعد لبدء صفحة جديدة من حياتها.

ويتعهد طبيب العظم الذي يعالج الطفلة البالغة من العمر ثماني سنوات في إسطنبول، أمام والدها قائلا: “مايا ستمشي.”

ونشرت وكالة الصحافة الفرنسية ووسائل إعلام أخرى قبل عشرة أيام صورا تظهر فيها مايا مرعي وهي تتنقل بصعوبة بمساعدة علب معدنية وأنابيب بلاستيكية في مخيم للنازحين في إدلب في شمال غربي سوريا.

وصَنَع هذه الأطراف الاصطناعية محمد مرعي والد مايا (٣٤ عاما) الذي ولد هو أيضا مصابا بالتشوه الخلقي نفسه.

دفعت صورهما الهلال الأحمر التركي إلى إجلاء الطفلة ووالدها بسرعة من إدلب، وأُدخلا إلى عيادة متخصصة في إسطنبول.

ويردد الطبيب محمد زكي تشولجو الذي يعتني بهما: “مايا ستمشي. آمل أن يحصل ذلك في الأشهر الثلاثة المقبلة.”

وكان محمد مرعي وأفراد عائلته يقيمون في قرية في ريف حلب الجنوبي (شمال)، ونزحوا في بداية السنة هربا من المعارك.

حتى قبل بضعة أشهر، كانت مايا تتنقل زحفا كوالدها، لكن بعد خضوعها لعملية جراحية زادت من قصر ساقيها المبتورَتين، لم تعد قادرة حتى على الزحف.

ويروي والدها: “بعد العملية، لم يعد بإمكانها التنقل، وكانت تلازم الخيمة.” ولمايا شقيقان وثلاث شقيقات لا يشكون من هذا التشوّه.

ويضيف الوالد: “من أجل أن أدفعها إلى الخروج من الخيمة، أتتني فكرة تزويد الساقين المبتورتين بقطعة أنبوب بلاستيكي محشو بالإسفنج لتخفيف الضغط على الطرفين. ثم أضفت إليه علبتي تونة فارغتين، لأن الأنبوب لم يكن يصمد بشكل كاف لدى احتكاكه بالأرض.”

متسلحة بهذا الجهاز المستحدث، عادت مايا لتتنقل خارج المخيم، وكانت تذهب بمفردها إلى مدرسة المخيم. وكان الوالد يستبدل الأنبوبين مرة في الشهر، وعلبتي التونة مرة في الأسبوع.

روسيا تفرض تسوية
١ تموز ٢٠١٨

توصلت فصائل المعارضة السورية في محافظة درعا الأحد إلى اتفاق مع القوات الروسية يقضي بتسوية أوضاع المسلحين بموجب عفو عام.

وقالت مصادر سورية مطلعة أنه “توصل فريق التفاوض العسكري الروسي مع قادة المسلحين من مدينة درعا البلد وريف درعا الشمالي والغربي إلى اتفاق ينص على تسليم السلاح الثقيل والمتوسط والخفيف إلى الجيش العربي السوري وتسوية أوضاع جميع المسلحين بموجب عفو عام، ويرجح أن يكون قادة المسلحين غادروا إلى الأردن.”

وعقد اجتماع ظهر اليوم الأحد في مبنى محافظة درعا ضم بعض قادة المسلحين ومن مدينة درعا البلد وريفها الشمالي والغربي وانتهت الجلسة الأولى من المفاوضات ظهر اليوم وغادر المجتمعون للتشاور ثم عادوا مساء اليوم وتم التوصل الى اتفاق.”

وكان فريق آخر من القوات الروسية عقد اجتماعات مطولة استمرت لمدة يومين في مدينة بصرى الشام في ريف درعا الشرقي وتم التوصل لاتفاق يقضي بتسليم السلاح الخفيف والثقيل والمتوسط الموجود في بصرى الشام بريف درعا الشرقي ويقضي الاتفاق بدخول الجيش العربي السوري إلى المدينة وفتح ممر انساني بين قرية خربا وعرى.

وأكد مصدر عسكري سورية لوكالة الأنباء الالمانية أن “المجموعات المسلحة بدأت مساء الأحد بتسليم كامل العتاد الثقيل في منطقة بصرى الشام إلى وحدات الجيش ونقله إلى بلدة برد التابعة لمحافظة السويداء شرق مدينة بصرى الشام.”