بواسطة Mohamad Alaaedin Abdul Moula | سبتمبر 29, 2020 | Culture, Poetry, غير مصنف
- ثنائيّاتٌ غيرُ منتهية
سأهدأُ حين تمرّين كالعاصفةْ
وأعصفُ عند انسدالِ السّماءِ على كتفيكِ…
وأكتبُ بالماءِ فوق الزجاجِ: أحبّكِ،
ثمّ أرى الماءَ نهراً على الطاولةْ.
سأدفَعُ في النّهرِ جسمَ المساء
ألوّحُ للفجرِ كن دافئاً كشفاهِ حبيبي
إذا احتاجَ هذا النّسيمُ إلى وردةٍ سأدلّ عليكِ
وإنْ ملّ من صوته وترٌ سأدلّ عليكِ كذلكْ.
أنا الآن تحتَ جناحيْكِ مستسلمٌ للرّحيلِ إليكِ
ومهما تغبْ نجمةٌ عن معلّمها ستعودُ إليه…
وأنتِ مجرّةُ دهشةْ
أدورُ بفضلِكِ في أفقٍ يتجدّدُ من ذاتهِ…
هنا عند منعطفِ الحلْمِ أعطفُ قلبي على قدحٍ يتوهّجُ باسمكِ،
لا ليلَ يغفل عن سحرِ اسمكِ…
…حتى النهايةِ سوفَ أهدهدُ من وطأةِ الكيمياءِ
لأنّ الصّباحَ الّذي شقّني قمرينِ؛ أتى منكِ…
…لا بدّ من لغةٍ للنوافذِ حين تودّعُ ضوضاءها
ولا قلبَ يخسرُ أكثرَ ممّا خسرتُ.
ولكنّني أتمشّى على طُرُقاتٍ منَ الكلماتِ الشّريدةِ،
يتبعني ظلّكِ المريميُّ كنذرٍ قديمْ.
أردّدُ بيني وبيني نشيداً عن الخمرةِ السّرْمَديّةِ،
هلْ كنتِ تشتغلينَ إلهةَ كرْمٍ على طَرَف السّفحِ أسفلَ وادي الوجود؟
لأنّكِ أكثرُ من صورةٍ ومجازٍ وأجْملُ منْ استعارةْ
أُبعثرُ قلبي على قدميكِ ولا أتردّدُ أن أنحني لأحسّ علوَّ السّماء.
هي السّاعةُ الآنَ خمرٌ كثيرٌ تمامَ القدحْ
وصوتُ العقاربِ رخُّ المياهِ على النافذةْ.
ستمطرُ فيما يلي من شهورٍ يدايَ
لأنّكِ تحتشدينَ أمامَ الكتابةِ ملتفّةً باللغاتِ القديمةِ والقادمةْ.
علوتُ قليلاً لأن جباليَ يرعى عليها صنوبركِ الخالدُ
علوتُ لأنّكِ واحدتي في رحيلي، ولكن أنا؛ هل أنا واحدُ؟
24/3/2009
- لا النّافية للموت!
لا دليلَ على سعةِ الأرضِ إلاّ وجودكِ فيها
والّذي خسرتْه إناثُ القرنفلِ من لمعةِ النّهدِ
أكمَلَه صدركِ البضّ…
لا شاعرٌ قبليَ اختلّ إيقاعُهُ فتوازنَ في شفتيكِ
وأمعنَ في الخطأ النّحويّ ليضبطَ معجمهُ في لسانكِ
ما من دليلٍ على حسنِ شعري
سوى أنّ ظَهركِ أبلى بلاءً رهيفاً
بإعطاءِ سفحِ الخيالِ مجازاً جديداً…
لا دليلَ على أملٍ غير ليلٍ تسلّى
بعدّ النّجومِ على ساعديْكِ…
لا دليلَ على مطلعِ الفجرِ إلاّ اندلاعُ البلابلِ
من كتفيكِ…
لا دليلَ على صحّةِ القلبِ غيرُ اعتلالي بحبّكِ…
لا صوت نبعٍ إذا غابَ ظلّكِ
ما من دليلِ على سهري في الموشّحِ
إلا بقيّةُ أندلسٍ تحتَ عينيّ من أثرِ العنبِ
لا دليلَ على الذّهبِ
غير فركِ يدينا لأيقونةِ النّارِ ما بيننا
لتسيلَ على جانبينا خواتمَ من لهبِ
لا دليلَ على فضّةِ الحلْمِ غيرُ شروعِ القمرْ
بالولادةِ فوقَ سريركِ هذا المطرّزِ بالسّحبِ
لا دليلَ على أنّني مشبعٌ بالحنينِ سوى أنّني
أثقبُ النّايَ ثقباً جديداً
وينزفَ فيكِ مزيجاً من الانتظارْ
لا دليلَ عليّ سواكِ
أؤجّلُ تشييعَ كلّ الورودِ
إلى أن يجفّ الحليبُ
وينقطعَ العطرُ من نسلهِ
ويغادرَ قلبي محطّاته دون أي قطارْ
لا دليلَ على أنّني قد أموتُ بحبّكِ
غير انتهاءِ الحوارْ.
17/5/2009
- بعض من شبق الحياة
ولديّ من شبق الحياةِ فيوضُ مجنونٍ يجنُّ
ويكرهُ الأنقاض والأطلال والقصفَ الدّنيءَ
على كؤوس الماء أو أقداح خمر العارفينْ
وأحبّ ” زوربا ” في صعودِ بروقهِ الزّرقاء في أقمار موسيقى تنيرُ كوامنَ العشّاقِ وهو يدقّ أرضَ الرّوحِ يوقظُ كلّ جنّيّاتِ شهوته يرقّصهنّ حول القمح قربَ الجمر حولَ عواصفِ الفرحِ المبينْ
وأحبّ ” داليدا ” التي هزمت كثيراً لسعةَ الأفعى وظلّت تنشرُ الكلماتِ بين سطوحِ مصرَ كأنّها فلاّحةٌ مصريَّةٌ من عهدِ “يوسفَ” وهو يقلبُ في الكنانةِ قبرها يُحْيي عظامَ الحالمينْ
وأحبُّ رقصتها المشعَّةَ بالزهورِ
وبحّةَ الأعماق في روحٍ تعذّبها وتسحقُ حلمها الطّاغي
إلى أن أمهلتها الريح ثانيةً
فقالت لن أكون سوى مرايا للحنينْ
وأحبُّ أفلامَ البحار
وعالم الحيوان
أسئلةَ الصخور على الجبال
أحبُّ تحليق الطّيورِ مع الصباحِ
أحبُّ أشجار الأكاسيا في هضاب الّنورِ
أسماءَ البنفسج في الأغاني
وأحبُّ كَـوْنيَ عاشقاً متأخّراً لأطاردَ الغزلانَ في أبد الزّمانِ
وأحبّ أنّي عالمٌ تالٍ لأوّله القديمِ
وأنّني وشمُ الوجودِ على المكانِ
وأحبّ أنّي لفظةٌ خضراءُ في السّهلِ المعدِّ لمهرجانِ القطنِ في أرض الشآمِ
وأنّني في ذاتِ يومٍ سوف أدخلُ روحَ مولاي الحصانِ.
6 تشرين أول 2012
- ينابيع
تأخّرت البنتُ على النبع.
حين أفاقتْ، وجدتْـه قربها في السرير
جلس الشاعر قرب النبع،
فلم يميّـز الآخرون بينهما
البنت التي ذهبت تعبّىء جرّتها من النّبع،
أخطأت، فنسيت الجـرّةَ ممتلئةً، وحملت النبع على كتفها.
الجميع يغسل يديه بماء النيع:
من تلطّخت يداه بالدماء، ومن تضمّختْ يداه برحيق النهدين
والنّبع في نزوله من عليائه،
يسقي في طريقه حـتّى الأعشابَ الضّـارة!
مع أن النبع واقف في مكانه ثابتاً،
لكنه لا يتقدم إلاّ إلى الأمام…
- ما قصتك مع النبع؟
- منذ عرفتُكِ أصبحتُ خبيراً بعلم الينابيع.
- كابوس
أفاق الكابوسُ عليَّ
كنت أركبُ حبالاً مائيّةً
أدلي رجليَّ في الفراغ
أدحرجُ عن أصابعي نجوماً حجريَّةً
ربما هبطتْ من سنديانةٍ على بابِ الكهف المجاور
العصافيرُ لم تهربْ منّي مع أنّ شكلي غيرُ معروفِ الانتماء
رأسي صورةٌ عن أبي الهول إلاَّ قليلاً
صدري مغارةٌ صغيرةٌ تخرجُ منها الأعاصيرُ
يدايَ سؤالان ساقطانِ في اللاَّجدوى
قدمايَ سروتانِ متأهّبتان للشّجارِ مع الهواء
وحتى الآن لا أعرفُ لماذا أصرَّت الفراشةُ أن تتحوّلَ إلى تمثالِ شمعٍ يفتحُ فمَه ويبدأ بابتلاعي
ولا أدري أينَ كنتُ الآن لوْ لمْ يستفقِ الكابوسُ عليَّ
19 آب 2011
- يا جدّتي … إنها حرب
عمّـا قليلٍ سوف أسحبُ جثَّتي من شارع الذكرى لأستعصي على النّسيان
أنقرُ حبّةَ القمح الأخيرة في جِـرابِ الجدّة الأولى
أقبّلُ رأسها لتطيلَ في سردِ الحكايةْ
وأقول: لطفاً جـدَّتي لا تأخذيني للنهايةْ
سأضيعُ مثل قطيع خـرفانٍ على دربِ الذئابْ
إنْ لمْ تضيفي للكلامِ رقائقَ الحلوى
بنكهةِ نجمةٍ عذراء…
ماذا يفعلُ الأيتامُ في هذا الفراغِ سوى مواصلةِ الحنينِ
إلى أبٍ عيناهُ تلتهمانِ مائدةَ الضبابْ؟
يا جـدّتي … هي جـثّتي مستهلكةْ
لكنّها قد تُـصْلحُ الميزانَ عندَ المعركةْ.
11 نيسان 2012
- يومُ الأموات
- في يومِ الأمواتِ وقفتُ أمام السّاحرة
حملتْ بيدها باقةً من النّبات مغسولاً بالماء
رفعتُ يديَّ في الرّياح
دارت الساحرة حولي ترشّ عليَّ ماء النبات
تطيّرُ البخورَ في بيوتِ جسدي الصغيرة
تقرأُ تعاويذَ لاأحد يفهمها إلا هيَ
وروحي التي أفلتتْ مني طائرةً بعيداً عالياً
حتى بلغتْ أعلى طيرٍ يختبىءُ في قمَّة الكاتدرائية…
***
- في يومِ الأمواتِ حملتُ روحي في حقيبةٍ غيرِ مرئيّة
كانت أطياف الجنازاتِ تتراءى لي في ذاكرتي
هناك في ليل مدينتي صرخات الجماجم المكسرّة
عظام تتدحرجُ على منعطفات الدمّ
بينما عيني ترى هنا مهرجانَ الألوان في لحظة استحضار الأرواح المكسيكية القديمة
أقنعةٌ لا نهاية لها
على الأرض ارتسمت أشكالُ قبورٍ
يا للدهشة
يا لموسيقى السّحر
قبورٌ مرسومةٌ بالورود؟
هل تسمحين أيتها الأرواحُ أن أغفو قليلاً إلى جانبكِ؟
أنتِ يا حارسة القبور
أيّ فرحٍ تدافعين عنه ؟
أيّ فقيدٍ تفرحين بالنّيابة عنه؟
أيّ بكاءٍ سرّيّ خلفَ هذه الورود
ها قد لمحتُ دموعاً معطّرةً من عين الوردة
وردةُ الموتى تختصرً آلافَ الجنازات في وادي المكسيكِ
وردةٌ واحدةٌ
لكنّها صيفٌ كاملٌ يبشّرُ بالشّمس
- بيت الرّوح / بيتُ الوجود
سقطتْ على منزل روحي عواصفُ اقتلعت حجارة الصوّان من أبراجها
مثلما أوقعتْ أوراق الشجر من أحلامها
وهكذا بقيتْ روحي بلا منزلٍ
كيف أبني لها حصناً يحميها من قطعانِ الرّعب ؟
أين الحجرُ الحنون؟ / الرّملُ الشمسيُّ؟ / الخشبُ المعجونُ برائحةِ الورد؟
سألتُ الشجرةَ والكهنةَ والقديسين
صوتهم في الريح قال لي:
اترك روحكَ تسافر في طرقات الغابات والسفوح الخطيرة
عليكَ أن تقطع سبع صحراوات وثماني هضاب
وفجأةً تهبّ عليكَ ريحٌ شرسةٌ تحملُ حجارةً من الصوان
تدخلُ روحكَ لقاء الموت تطيرُ تحطُّ متعبةً ممزّقةَ الأجنحة قليلةَ القوى
لكن عليها أن تكمل
بعد أن تصرعَ قوةَ الرّيح / وتردّ عنها الصوّان ذا الشّرر
هكذا كُتبَ في شعائرِ الآلهةِ
تذهب بعدها إلى شواطئ نهر المياهِ التّسعة
ثمّة كلبٌ أحمر تصعد عليه روحكَ لتجتاز النهرَ
وبعد أن تصل الشاطئ قل لها أن تغرز سهماً في حلْقِ الكلبِ
يموتُ وتفرح روحكَ
هناك الكون كلُّه بيت للروح
النجوم سقفٌ
الفراشاتُ نهاراتُ رّقصٍ
النّسيمُ الصَّباحيُّ أجراسُ ذرة كريمة
صلّ للمشرق والمغربِ
كلْ من ثمر المانجو فرحاً
اعصر سلال الجوافة
اسقِ حتّى قطيعَ الذّكريات
اغسلْ بماء الشمسِ قلبكَ
اتّحدْ مع أجزاء الوجود.
الوجودُ حصنُ الرّوح القوي
الوجودُ عطرٌ لوردة الرّوح.
19 نيسان 2012
بواسطة الحسناء عدرا | سبتمبر 24, 2020 | Cost of War, Reports, غير مصنف
تنهمك في شهر أيلول أيادي ربات البيوت السوريات في إعداد المؤونة، ويسبق هذه العملية أسابيع طويلة من التحضير وخطوات كثيرة، تبدأ بشراء أطنان من أكياس الطماطم والخيار وأوراق الملوخية والبازلاء والفول الأخضر وسواها، مروراً بنزع القشور عنها ثم جمعها وتجميدها. ولمن لا يعرف بيت المؤونة، فهو عبارة عن ركن، يشترط أن يبنى في منطقة أخفض من باقي أرجاء المنزل، على أن يكون بارداً وغير مشمس، يُتخذ كمستودع لتخزين الطعام، تحفظ فيه شتى أنواع المأكولات الشتوية. ويتصدر المكدوس، طليعة هذه الأطعمة التي تُوضع على موائد العائلات السورية ولصنعه، يتوجب على النساء سلق كميات هائلة من الباذنجان بما يتناسب مع أعداد أفراد الأسرة، وتلطيخ أيديهن في خليط ممزوج من الفليفلة الحمراء الحارة وقطع الجوز المفروم، إلى أن تستشعر أصابعهن الناعمة طعم الخريف.
اعتاد السوريون في مطلع شهر أيلول من كل عام على ممارسة هذا الطقس الجماعي كعادة شعبية منذ عقود عديدة، فيبدأون باقتناء بعض البقوليات والخضار والفواكه وتخزينها في الثلاجة حديثاً، وبيت المؤونة سابقاً، لتناولها في فصل الشتاء. غير أن موجة الغلاء الأخيرة حالت دون قدرة البعض على تموين الطعام، لاسيما أنه جاء بالتزامن مع افتتاح المدارس وشراء الحاجيات الضرورية، ما شكل عبئاً إضافياً على كاهل الأسرة السورية.
ما أن تطأ قدمك أسواق الخضار في العاصمة دمشق، حتى تلمس الفرق الشاسع في الأسعار للصنف الواحد، بحجج الجودة والمصدر. تساوم أم إبراهيم بحدة على سعر كيلو الفليفلة الحمراء المفرومة الذي وصل سعره إلى 6000 ليرة، متفاجئة بفارق الأسعار بين سوق وآخر لا يفصل بينهما سوى شارع واحد. تقول للبائع بصوت مرتفع: ”لسا من شوي شفتو أرخص من هيك، 3500 ليرة وأنظف من هاد، كتير غالية هيك”. وما أن تتقدم بضعة أمتار حتى يتناهى إلى سمعك صوت بائع آخر يضيف ألف ليرة أخرى على صنف الفليفلة، وعند السؤال عن سبب الزيادة يجيب بثقة: “نخب أول، لا مثيل له في السوق، أتحداكِ أن تشتري مثله”، والأمر ينسحب على الجوز والباذنجان والبقوليات وغيرها.
تصف أم إبراهيم الأعباء المادية والمصاريف الإضافية التي سببها إعداد المكدوس في شهر المونة (أيلول) قائلة: “أنفقت قرابة 100 ألف على تحضير 40 كغ من المكدوس، هذا المبلغ يعد باهظاً بالنسبة لصنف واحد من أصناف المؤونة، أي يعادل قرابة راتب شهرين، هذا ما لم نتحدث عن الأنواع الأخرى، لكن لا يمكن الاستغناء عن هذا الطبق اللذيذ في فصل الشتاء، فهو أساسي على مائدتنا.”
سياسة الاستبدال
تتجه صفاء إلى خيار أقل كلفة في محاولة منها لتقليص نفقات المونة واستثمار مواهبها التي اكتشفتها مؤخراً في الترشيد الاقتصادي التي أصبحت مجبرة على استخدامها في ظل ارتفاع مكونات طبق المكدوس، خاصة الجوز، إذ تلجأ إلى استبدال حشوة فستق العبيد عوضاً عن الجوز المفروم، وعن ذلك تقول: ”وصل سعر كغ الجوز إلى 16 ألف ليرة، وفي أماكن أخرى بلغ 25 ألف، لذلك استغنيت عنه نهائياً، واستبدلته بفستق العبيد، كبديل اقتصادي، طعمه لذيذ لكنه لا يعادل طعم الجوز، أفضل من لا شيء“. بينما ذهبت ولاء لخيار أكثر كلفة بقليل وهو استخدام ثمرة اللوز، عوضاً عن الجوز: “فثمنه مقبول مقارنة بالأخير، فالكيلو الواحد يبلغ 4000“. بينما تضيف سيدة أخرى: “الحمد الله، ولادي مابحبو المكدوس، وفروا علي كتير مصاري”. فيما اتبعت العديد من الأسر السورية سياسة “النصف” عبر تقليص الكميات المعتادة والاكتفاء بكميات محدودة.
من جهتها، لم تصرف رجاء (معلمة في الصف الابتدائي) ليرة واحدة على تحضير المكدوس والسبب حسب قولها: “تملك عائلة زوجي شجرة جوز وأرض زراعية يزرعون فيها جميع أنواع الخضار ومنها الباذنجان ،أخذنا حصتنا، ما كنت سأعد المكدوس لو أنني سأصرف عليه مالاً.” وتضيف مازحة: “لو بقدر بيع الجوز، كنت بعتو، حقو هلق تقريباً 25 ألف”.
كورونا ترفع الأسعار
فعلت كورونا ما لم تفعله سنوات الحرب التسع في سورية، فلم تشهد البلاد مسبقاً غلاءً فاحشاً بالأسعار كالتي تعيشه الآن والذي يطال كل نواحي الحياة دون أن يقتصر على جانب واحد. يعقب شاب (رفض مشاركة اسمه) على هذا المشهد الغارق في الواقعية: “كلفة مؤونة هذا العام مضاعفة عن العام السابق، دوبلت الأسعار على خلفية كورونا بمبررات واهية كضعف الإنتاج مقابل زيادة الطلب، لاسيما مادتي الجوز والزيت إلى جانب الحصار الاقتصادي على البلاد”. بينما حذفت أم جبير فكرة مؤونة الشتاء هذا العام من قائمتها لصالح تأمين المستلزمات الدراسية لأطفالها الأربعة، تقول السيدة: “كان علي الاختيار بين شراء القرطاسية وملابس المدرسة وتخزين الطعام لفصل الشتاء، تعليم أولادي أهم، سنعتمد هذه السنة على المحاصيل الشتوية في غذائنا”.
الكهرباء تفسد مؤونة السوريين
مع الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي لساعات متواصلة في كافة المحافظات السورية، تسبب هذا الوضع بإفساد المؤونة وتكبد السوريين لخسائر مالية لم تكن في حسبانهم، كأم خالد التي أفرغت حمولة ثلاجتها من فول وبازلياء وبامية وملوخية والتي تقدر بحوالي 200 ألف ورمتها في القمامة بعد أن تُلفت بسبب غياب الكهرباء لفترات طويلة، بينما اضطرت لينا إلى استخدام المؤونة المخزنة من لحوم وخضار وطبخها كي لا تفسد.
بواسطة أسامة إسبر | سبتمبر 19, 2020 | Culture, Poetry, غير مصنف
يصدر قريباً عن دار خطوط وظلال للنشر والتوزيع في الأردن مجموعة شعرية جديدة بعنوان ”علىطرقي البحرية“ للشاعر والمترجم السوري المقيم في أميركا أسامة إسبر.
تجدر الإشارة إلى أن أسامة إسبر، شاعر ومترجم سوري يعمل محرراً في موقع “جدلية” وموقع “تدوين للنشر” وكصحفي ومترجم مستقل. صدرت له أربع مجموعات شعريّة هي “شاشات التاريخ”، “ميثاق الموج”، “تتكررفوق المنفى”، و”حيث لا يعيش”. كما صدرت له مجموعتان قصصيتان هما “السيرة الدينارية” و”مقهى المنتحرين”.
ومن أحدث ترجماته عن الإنجليزية “الكاتدرائية“ و”أساليب شائعة” لريموندكارفر، رواية “أسنان بيضاء” لزيدي سميث، “الفناء الإسمنتي” لإيان مكيوان، ورواية “التراب الأميركي” لجينين كمنز، ورواية “كندا” لرتشارد فورد، ورواية “توقيعه على الأشياء كلّها” لإليزابيث جلبرت، جوزف أنطون (سيرة ذاتية) لسلمان رشدي وغيرها من الكتب الأخرى.
اخترنا القصيدة التالية من المجموعة الشعرية:
خطوات من زبد
القمرُ فوقكَ يُضيءُ نفسهُ،
وعلى مذبحكَ
تقدّمُ الأمواجِ أضحياتها لإلهٍ من رمل.
أنظرُ إلى ضوء الشمس المائلة للغروب
وهو يسرق تقاطيع الأشياء
وأقول:
هل أسمع صوتَ بحركَ يتموّج
أم اضطراب أعماقي؟
أراك منفصلاً عني
معلقاً كلوحةٍ في فضاء
أحاول أن أقرأه بلغةٍ،
ابنةِ اللحظة،
فيغلبني الصمت.
يا شاطئ أسيلومار
أشعر كأنني أسيرُ
على شاطئ حياتي
بخطواتٍ من زبد.
********
ظلال
كان لظلالنا حضورٌ،
آثارُ أقدامٍ على الرمال.
كانت دليلاً على أن أجسادنا مرَّتْ من هنا،
تحت شمس الظهيرة،
التي كانت تسوقُ قطيع الظلال
بأسواطٍ من الضوء،
كي تعانق الأمواج
في حفلاتِ الزبد.
كان المحيط يتسلّى بأعشابه
يرسم بها أشكالاً
سُرعان ما يمحوها،
ولم يكن يجاريه في مهنته أحد.
********
قطعة خشب
قطعةُ خشبٍ
طرحَها البحرُ على الرمال.
كانت فيما مضى طريقاً مُورقاً
سارت عليه الثمار.
كانت متكأً
عتبةً لحضورات أطلّت بوجهها.
كان اللحاء متقشّراً
بدا كبشرةٍ
تتجمّع فيها فراغات المنفى.
شعرتُ لوهلةٍ أنها يد
حركّت أصابعها كي تصافحني
وصدقاً شعرتُ بملمس تلك الأصابع
وسرتُ على الشاطئ كالمجنون
باحثاً عن عودٍ أو غيتار
ورقة أو قلم
كي أنقلَ الرسالة.
********
جناح محلق
ثمة مدنٌ
تقرأ شهواتها
في جناحٍ مُحَلِّقٍ
تتعرّى في النهار
تُبرِّدُ البيرة متلهّفةً
كي تَروي ظمأها
وتمسح الرغوة وهي تبتسم
ثم تعيش لحظتها
في رقصةٍ أو أغنيةٍ أو عناق.
تتمدّد على شواطئها وتسترخي
تمسّد ظهر الضوء كأنه كلبٌ.
بواسطة مازن أكثم سليمان | سبتمبر 15, 2020 | Culture, Poetry, غير مصنف
لن يهزمنا جيشُكِ أيَّتُها العمَّة الغرابة.
…
لا حاجة لي بحافِلةٍ؛
أحملُ المحطّاتِ على ظَهري
وأربطُ القطارَ الأخيرَ
بإصبعِ ريحٍ تتخاصَرُ مع حُلمي.
…
ما أن مررتُ أمامَ الأبوابِ المصقولةِ بالخوف
حتّى اهتزَّتْ أقفالُها كعروشٍ تنهارُ
جناحايَ قلادةُ الغُيومِ
وقلبي وشمُ الأسئلة.
…
القُبَّعةُ فوقَ رأسي خُدعةٌ
ظلُّها هو المعنيُّ بالأمرِ
أنْ يُغطّي سهلاً من الأنسامِ
وتلالاً من العُشبِ الطَّموح.
…
في مُحيطِ كُلِّ أُغنيةٍ جزيرة
تستطيعُ الرُّسوَّ بسلامٍ
لكنَّ خُطايَ التي التحقتْ بالمُوسيقى
لن تكفَّ عنِ البَحث
عن لحنٍ غريب.
…
الحيادُ يُعطِّلُ المشاعرَ
أنا كُلِّيّ في مدىً
ولو كنتُ بعضي
لقتلني المللُ المُزهرُ كسلاسلَ.
…
_ بمَ أُكافئُ الطّائِرَ القادمَ من المجهول..؟!!
… حمَلَ لي علامةَ حُبٍّ
وطمأنني بالاقتراب
وأنَّ قفزاتي القادمة ساحاتُ تجريبٍ أخضر
وأنَّني مهما كنتُ أسيرَ عاصمتي
سأجدُ في النِّداءِ ملاذاً لانزياحٍ خاطف.
…
لفظتانِ هادئتانِ معكِ
قد تكفيانِ لزيارةِ الوردة
ثُمَّ تجاوزها
إلى حيثُ يتعرّى الرّحيقُ
ويكشفُ عن سرِّه.
…
…
المُقامُ يضيقُ
بألوانِ المَجازِ
والأشواقُ تتَّسِعُ
كحقلِ ألغامٍ مُموَّه.