احصاءات ومظالم الكارثة السورية

احصاءات ومظالم الكارثة السورية

أسفر النزاع السوري، بعد 9 سنوات على اندلاعه باحتجاجات سلمية، عن 3 أنواع من الظلم: أحدها بأثر رجعي، والثاني بأثر حالي، والثالث بأثر مستقبلي. وكان أحد تجلياته ارتفاع قيمة الخسائر الاقتصادية إلى أكثر من نصف تريليون دولار أميركي، وإلحاق الضرر بنحو 40 في المائة من البنية التحتية، إضافة إلى انحدار 86 في المائة من الناس داخل سوريا، البالغ عددهم نحو 20 مليوناً، إلى ما دون خط الفقر.

المفاجأة المؤلمة الأخرى أن إحصائية جديدة لعدد الضحايا كشفت ارتفاع عددهم إلى نحو 700 ألف شخص، ما يعني ضعف العدد المتداول من مؤسسات أممية، استناداً إلى أرقام صدرت قبل سنتين. هذه الأرقام – الضحايا تتعلق بالماضي. أما المفاجأة الأخرى، فهي تتعلق بالمستقبل، وتأتي من الكشف عن وجود أكثر من 3 ملايين طفل سوري (داخل وخارج سوريا) خارج المدارس. وهذا يساوي تقريباً نصف عدد الأطفال السوريين الذين هم في عمر التعليم؛ نصف هؤلاء يعيشون مع أهلهم في مناطق النزوح واللجوء التي تضم نحو 13 مليوناً.

ترتيب سوريا عالمياً

في ظل أن سوريا هي «الكارثة الإنسانية الأكبر» منذ الحرب العالمية الثانية، حسب تصنيف أممي، ليس غريباً أن تكون مؤشراتها تدل على ذلك، إذ تقع في المرتبة 128 (من أصل 129 دولة) في مؤشر «التحول لقياس الحوكمة»، وفي المرتبة 180 (من 189) في مؤشر «التنمية البشرية»، وهي «في أسواء ترتيب في مجال حماية الطفل»، وفي الموقع 174 (من أصل 180) بالنسبة إلى حرية الصحافة.

ظلم ثلاثي

كانت هذه بعض خلاصات بحث أعده «المركز السوري لبحوث السياسات»، بعنوان: «العدالة لتجاوز النزاع – تقرير آثار النزاع السوري»، بعد سنوات من العمل، ليكون مرجعياً للمؤسسات الأممية والحكومات العربية والأجنبية عن آثار النزاع السوري، بعد 9 سنوات من اندلاع احتجاجات درعا في ربيع 2011.

يقول البحث إن النزاع أوجد 3 أنواع من الظلم: «الأول، ظلم ذو أثر رجعي، يتجلى في تدهور ما تراكم من الثروة الحضارية، المادية واللامادية، وتدميرها. والثاني، الظلم الحالي الذي يمثل إنتاج الظلم الآن. والثالث، الظلم المستقبلي، حيث تضفي قوى التسلط الطابع المؤسسي على البنى والعلاقات والاقتصادات، فتصنع هذه القوى مقومات الظلم المستقبلي».

ظلم اقتصادي

أدّى النزاع إلى ظهور اقتصادات مختلفة ومجزأة «داخل الدولة المتشظية»، حسب التقرير الذي يقول إنها «حوّلت المقومات الاقتصادية إلى مصادر لاستدامة العنف، من خلال تدمير جزء كبير من رأس المال، أو إعادة تخصيصه لأنشطة مرتبطة بالنزاع».

ويقدّر التقرير الخسائر الاقتصادية للنزاع حتى نهاية عام 2019 بنحو 530.1 مليار دولار، بالمقارنة بالسيناريو الاستمراري، ما يعادل 9.7 ضعف الناتج المحلي الإجمالي لعام 2010، بالأسعار الثابتة. ويشمل هذا الرقم الخسارة في الناتج المحلي البالغة 420.9 مليار، والزيادة في الإنفاق العسكري بنحو 37.8 مليار، والأضرار التي لحقت بمخزون رأس المال، وقدرها 64.6 مليار، إضافة إلى الإنتاج غير الرسمي للنفط والغاز، المقدر بـ9.9 مليار. وخلال الفترة ذاتها، شهد الدعم الحكومي تراجعاً مطرداً، كنسبة مئوية من الناتج المحلي بالأسعار الجارية، من 20.2 في المائة في 2011 إلى 4.9 في المائة في 2019. ونتيجة لذلك، انخفض عجز الموازنة العامة مع الدعم من خارج الموازنة من 23.6 في المائة إلى 8.8 في المائة.

وكان مسؤولون روس قد قالوا قبل 3 سنوات إن كلفة إعمار سوريا ربما تصل إلى 400 مليار دولار، في حين قدرها البنك الدولي بنحو 300 مليار دولار قبل 3 سنوات. لكن منذ ذلك الوقت، توقفت الدراسات عن الملف السوري، مع تراجع الاهتمام الدولي به، وإن كان الصراع قد تفاقم، واستمرت العمليات العسكرية فيه، وهي بين صعود وهدوء يضبطه تفاهم الفاعلين الخارجيين.

ومنذ تدخل الجيش الروسي في نهاية 2015، استعادت قوات الحكومة، بدعم روسي وإيراني، مساحات واسعة، ارتفعت من 10 إلى 64 في المائة، في حين تقع مساحة 26 في المائة منها تحت سيطرة الأكراد المدعومين من التحالف الدولي بقيادة أميركا. وتسيطر فصائل مدعومة تركياً على نحو 10 في المائة.

وباتت «مناطق النفوذ» الثلاث إلى حد ما مستقرة من حيث السيطرة، لكنها تعاني من مشكلات اقتصادية متشابهة. ورغم انخفاض قيمة الليرة بدءاً من 2011، عندما كانت 46 ليرة للدولار، شهدت موجة أخرى من الانخفاض، بنسبة 43 في المائة في سبتمبر (أيلول) الماضي مقارنة بشهر يوليو (تموز) 2018، إذ سجلت الفترة بين أكتوبر (تشرين الأول) 2019 ويناير (كانون الثاني) 2020 تسارعاً في تدهور قيمة العملة، ليصل إلى 96 في المائة في 16 يناير (كانون الثاني) مقارنة مع 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. ويبلغ سعر الصرف حالياً نحو 1700 ليرة للدولار الأميركي.

وسجّل إجمالي العمالة انخفاضاً حاداً في أثناء النزاع، من 5.184 مليون عامل إلى 3.058 مليون، وارتفع معدل البطالة من 14.9 في المائة إلى 42.3 في المائة، وفقد سوق العمل 3.7 مليون فرصة عمل، ورفعت الخسارة الضخمة لفرص العمل نسبة الإعالة الاقتصادية من 4.13 شخص لكل مشتغل في عام 2010 إلى 6.4 شخص في عام 2019.

مظلمة بشرية
ارتفع عدد السكان داخل سوريا بمعدل 0.9 في المائة في عام 2018، و1.1 في المائة في عام 2019، ليصل العدد إلى 19.584 مليون نسمة في عام 2019. وتسبب النزاع في نزوح قسري لأكثر من 5.6 مليون شخص بحثاً عن الأمان في لبنان وتركيا والأردن، ودول مضيفة أخرى. ووصل عدد النازحين داخلياً بحلول أغسطس (آب) الماضي 6.14 مليون، و«هو أكبر عدد من النازحين داخلياً بسبب نزاع في العالم». ويقول «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية» (أوتشا) إن 11.7 مليون شخص في سوريا يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية والحماية.

وأدّت العمليات العسكرية الأخيرة في إدلب إلى نزوح أكثر من مليون شخص باتجاه حدود تركيا. ويضمّ شمال غربي سوريا 3 ملايين مدني، نصفهم على الأقل مهجَّر مرة واحدة على الأقلّ، حسب الأمم المتحدة.

وحصل أكثر من 3.6 مليون لاجئ سوري في تركيا، منهم نصف مليون في إسطنبول وحدها، على حماية. لكن اللاجئين السوريين يعانون في بلدان أخرى، مثل لبنان الذي يستضيف نحو مليون لاجئ سوري، وروج للعودة بلا هوادة، واتخذ خطوات فعالة للحدّ من تدفُّق اللاجئين.

والمعاناة تشمل أيضاً الموجودين داخل البلاد، إذ بلغ معدل الفقر ذروته عند 89.4 في المائة في نهاية عام 2016، وانخفض في عام 2019 إلى 86 في المائة. وأدت الأزمة الاقتصادية في لبنان إلى تفاقم الوضع الاقتصادي. كما أضافت جائحة «كورونا» أعباء ضخمة على الأسر السورية، وأدت إلى ارتفاع كبير في معدلات الفقر والبطالة، مقارنة بعام 2019. ومن المتوقع أن يؤدي «قانون قيصر» الأميركي الذي يبدأ تنفيذه في منتصف يونيو (حزيران) المقبل، وتمديد العقوبات الأوروبية قبل أيام، إلى إضافة أعباء إضافية على الوضعين المعيشي والاقتصادي.

أولوية الاتفاق العسكري

ترك استمرار النزاع أثره الهائل على السياسات المالية التي تتبناها الحكومة. ولا تزال هذه السياسات تعطي الأولوية للإنفاق العسكري، مما أدى إلى إعادة تخصيص الموارد المتاحة بعيداً عن الأنشطة والخدمات التي يضطلع بها القطاع العام. وسعت الحكومة إلى زيادة إيراداتها من خلال فرض رسوم وضرائب مختلفة، إضافة إلى تحرير أسعار السلع الأساسية، ولا سيما المحروقات، وإلغاء دعمها جزئياً، حسب التقرير.

وكانت إيران قد قالت إنها قدمت ما بين 20 و30 مليار دولار لدعم النظام خلال 9 سنوات. كما طالبت روسيا بتعويضات اقتصادية وسيادية عن مساهمتها العسكرية. وكانت الخسارة الاقتصادية قد شملت التراجع في الإنفاق العسكري بنحو 37.8 مليار.

وانخفض الإنفاق العام على التنمية من 7.3 في المائة من الناتج المحلي إلى 2.9 في المائة في 2019. ويعود السبب في ذلك إلى أن غالبية الإنفاق على التنمية أعيد تخصيصه لينفق على الجوانب العسكرية.

وشهد الإنفاق على الدعم تراجعاً مطرداً من 20.2 في المائة في 2011 إلى 4.9 في المائة في 2019. ووصل العجز الإجمالي للموازنة العامة، الذي يشمل النفقات العسكرية، إلى 33.5 في المائة من الناتج في 2018، و26 في المائة في 2019.

دين خارجي

أدت السياسات المالية إلى حصول عجز ضخم، انعكس في ارتفاع الدين العام الخارجي والداخلي، مما يعني عبئاً كبيراً سيخلّفه النزاع على كاهل الأجيال المستقبلية، وسيتفاقم مع مرور الزمن. فقد ازدادت حصة الدين العام من الناتج من 30 في المائة في 2010 إلى 208 في المائة في 2019. ونجمت هذه الزيادة بصورة أساسية عن الدين الخارجي الذي ارتفع من 7 في المائة من الناتج في 2010 إلى 116 في المائة في 2019.

وازداد الدين المحلي (كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي) من 17 في المائة في 2010 إلى 93 في المائة في 2019. كما تسبب الدين المحلي أيضاً بحصول زيادة كبيرة في معدلات التضخم.

وبما أن القروض أنفقت على النفقات الجارية والأنشطة المرتبطة بالنزاع، فإن البلد سيكون في حاجة إلى مزيد من القروض في حقبة ما بعد النزاع، ما سيرفع الدين العام، ويفاقم حالة الظلم التي تطال أجيال المستقبل، ويطيل أمدها.

جيل ضائع

يستمر السوريون في «فقدان ملايين السنين من التعليم»، إذ بلغ عدد الأطفال ممن يتراوح عمرهم بين 5 أعوام و17 عاماً، ممن هم خارج المدرسة، نحو 2.4 مليون في عام 2019. ويقول البحث: «تعد الحصيلة الحالية كارثية لأن ملايين الأطفال سيعانون من نقص المهارات والمعرفة، بالإضافة إلى الآثار الأخرى للنزاع. كما خلّف النزاع فقداناً في اتساق المناهج الدراسية في أنحاء سوريا، بسبب إنشاء أنظمة تعليمية مختلفة في كل منطقة، بحسب القوى الحاكمة فيها، ووجود 6 مناهج دراسية مختلفة تستخدم في المدارس». وهناك عدد مشابه خارج سوريا. ويوضح البحث: «ضاعت 24 مليون سنة تدريس على السوريين في مرحلة التعليم الأساسي، وهذا يعقد فرص النهوض في المستقبل».

وبحسب تقرير أممي، قتل 5427 طفلاً، وجرح 3739 آخرون، كان بينهم 900 طفل قتلوا في شمال غربي سوريا العام الماضي، بينما جُند في القتال 4619 طفلاً. وقالت «يونيسيف» إن قرابة 6 ملايين طفل سوري ولدوا منذ مارس (آذار) 2011، منهم مليون ولدوا في دول الجوار، وإن 7.5 مليون من الأطفال السوريين يحتاجون إلى المساعدة، 5 ملايين منهم داخل سوريا. لذلك، يجري الحديث عن «جيل ضائع» في سوريا.

700 ألف ضحية

يكشف التقرير ارتفاع معدل الوفيات الخام من 4.4 لكل ألف نسمة في عام 2010 إلى 9.9 لكل ألف نسمة في 2017، و7.0 لكل ألف في عام 2019، ويقول: «هناك 570 ألف قتيل بشكل مباشر، و120 ألفاً بسبب غياب المعدات والأدوية وظروف المعيشة المناسبة».

وكانت إحصائيات سابقة تشير إلى مقتل 384 ألف شخص على الأقلّ، بينهم أكثر من 116 ألف مدني، فيما خلّفَت الحرب عدداً كبيراً من الجرحى والمعوَّقين، إضافة إلى عشرات آلاف المعتقلين والمفقودين. ويدفع المدنيون «الثمن الأكبر»، حسب تصريحات للأمين العامّ للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الذي قال إن الحرب «لم تجلب، بعد عقد من القتال، إلا الدمار والفوضى».

واحتجز أو أُخفِي عشرات الآلاف منذ 2011، ومات آلاف وهم رهن الاحتجاز بسبب التعذيب وظروف الاعتقال الرهيبة. وفي 2019، حدّثَت الحكومة سجلات مئات يُعتقد أنهم فُقدوا أو تُوُفّوا، لكن لم يتلقَّ أي من أسرهم رفات أحبائهم أو معلومات إضافية من السلطات.

تجزئة القرار

لدى قياس «دليل حالة الإنسان» المتعلق بالأداء الديموغرافي والاقتصادي والاجتماعي، وأداء التنمية البشرية والمؤسسات، أشار إلى تدهور المؤشر بنحو 42 في المائة بين عامي 2010 و2019، مدفوعاً بانهيار الأداء المؤسساتي الذي انخفض بنسبة 67 في المائة.

وظهر صراع مستميت بين القوى السياسية الفاعلة، فأثناء النزاع «تعرّضت عمليات صنع القرار للتجزئة والتدويل، إذ شاركت كثير من الجهات الداخلية والخارجية في تحديد الأولويات والآليات المتناقضة، بحسب مصالح كل جهة. واعتمدت الأشكال المختلفة من المؤسسات المتنازعة، المتمحورة حول العنف، استراتيجيات متطرفة أثّرت تأثيراً سلبياً على الإنسان والعلاقات الاجتماعية والموارد، وأدّت إلى إخضاع المجتمعات». ورغم انخفاض حدّة المعارك خلال الفترة الواقعة بين 2017 و2019، فإن كل من قضايا سيادة القانون، والمشاركة، والمساءلة في الحكم، استمرت في التدهور.

وتحدث التقرير عن «التناقضات الكبيرة بين القوى الداخلية الفاعلة الخمسة، بما في ذلك المجتمع المدني، حيث تأتي أولويات العدالة، والحرية، والشفافية، والمشاركة، والديمقراطية، في أسفل قائمة أولويات قوى التسلط، وهذا بدوره يعكس طبيعة الجهات الفاعلة التي تتمحور حول النزاع». وأشار إلى «تعمق العلاقات العضوية بين الفاعلين السياسيين والنخبة الجديدة من القطاع الخاص، التي حولت الثروة (التي نجت من التدمير) إلى مصلحتها الخاصة، من خلال إعادة توزيع قسري غير مسبوق لمخزون رأس المال المادي وغير المادي».

تطبيق خجول

وأشار التقرير إلى «فشل النظام العالمي في حماية المدنيين في سوريا»، لافتاً إلى أن «تطبيق القانون الدولي في أثناء النزاع السوري كان خجولاً، مما أعاق تخفيف معاناة المدنيين، وأسّس لنزاع طويل الأمد». وقال إن الصراع على السلطة العالمية «كان له تأثير مباشر على استعصاء النزاع السوري. وتمثّل هذا الصراع في نهج الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي في معالجة الحرب السورية وآثارها، وانعكس في الأولويات والسياسات المتناقضة، بما في ذلك التدخلات السياسية، والعسكرية، والعقوبات، والدعمين الاقتصادي والإنساني، مع انخراط كبير من الجهات الإقليمية ذات المصالح المتضاربة».

وعليه، يقترح التقرير مقاربات بديلة لبدء عملية تجاوز النزاع، بناء على تحليل ديناميكياته، والاقتصاد السياسي للقوى الرئيسية الفاعلة فيه. ومن هذه المقاربات: «التوافقات الاجتماعية وفق نهج تشاركي: الاقتصاد السياسي للمؤسسات المتمحورة حول السلم»، و«تفكيك اقتصاديات النزاع»، وتوفير «العدالة للأطفال».

**تم نشر نسخة من هذا المقال في «الشرق الأوسط».

The Role of Diasporic Structures in Crisis Governance During the COVID-19 Global Pandemic

The Role of Diasporic Structures in Crisis Governance During the COVID-19 Global Pandemic

As the world reels from the COVID-19 pandemic, and states attempt to, more or less successfully, navigate through the crisis, stateless diasporasparticularly the case of Kurdshave demonstrated their capacity to respond. Such diaspora, as non-state actors, respond effectively and promptly to the various economic, political, and social implications of the pandemic on their local constituencies in receiving countries, and compatriots in the homeland. Based on cultural, ideological, political, and religious values and common concerns, Kurdish diasporic structures have provided a number of services to their communities. Such services span economic, social, and awareness-raising, as well as relief assistance, to respond to the predicament and vulnerability of their communities caused by COVID-19.

Due to the non-hierarchical, horizontal, network-based, and flexible character of diasporic operations, they have played a crucial role as transnational partners. Diasporic actors have sought to supersede authoritarian governments in countries of origin and aid democratic governments in countries of settlement to respond to the devastating effects of COVID-19. The services of these diaspora organisations have been effective and legitimate given their extensive knowledge, expertise, and accountability. They have clearly identified the demands and challenges of their constituencies, in both receiving cities as well as compatriots in home cities, which have been neglected by authoritarian governments and major international organisations such as the United Nations (UN) and the World Health Organization (WHO).

Historically, following the failure of various models of nation-states to adequately respond to the needs of diasporic and native communities, the legitimacy of diasporic engagement as a mitigating force in times of crisis appears beyond all doubt. This has also been evident when Kurdish constituencies in Germany, the United Kingdom, and France, as well as in other European states, and their compatriots in Turkey, Iraq, and Syria, called for the active engagement of diaspora organisations due to their accountability and expertise to meet their needs. Such calls were made in order to survive social, economic, humanitarian, and political crises that were sparked by the coronavirus pandemic.

Local Kurdish diaspora organizations and networks in European cities have carried out a crucial function to help alleviate the challenging implications of the coronavirus pandemic on their local constituencies and homeland compatriots. For the local constituencies, diaspora organizations have put together crisis management teams to coordinate the activities of local committees. These have consisted of association representatives, experts working in the health sector, and local and national politicians. Digital platforms such as WhatsApp groups and Facebook have also been widely exploited to arrange important tasks.

These committees have worked on translating key information, published by official bodies in mainstream languages, into various dialects of Kurdish, as well as Arabic and Turkish languages. They have started disseminating vital information to raise awareness among the Kurdish, Turkish, and Arabic speaking immigrants and refugees, informing of the measures to contain the spread of the coronavirus. They have identified undocumented, elderly, and illiterate asylum seekers and refugees in remote areas, provided them with essential needs, and informed of the importance of the World Health Organisation and national government measures in the fight to contain the coronavirus. This has helped the vulnerable and at risk comply with the requirements of local authorities.

Local committees of the diaspora organizations have informed individuals about the local contact details of health institutions and offered advice on the necessary steps in case of infection, and who to contact in an emergency. These organisations have also worked to ensure that cafés and bars run by Kurdish owners are closed. Moreover, such organisations have also set up mailing lists and telephone directories, consulting Kurdish refugees and migrants on urgent matters such as the extension of residence permits, appointments with authorities, and other relevant paperwork. Other significant efforts have been to encourage Kurdish shop owners and businesses to make donations to fund essentials for homeless people, Kurdish refugees, and students. These efforts have gone so far as to involve the starkest impact of this pandemic; the burial of corpses. Local committees have ensured that these burials are conducted in accordance with religious rituals and beliefs.

While diasporic structures have played a crucial role at the local level, they have played an even more vital role by minimising the effects of the global coronavirus pandemic on their compatriots in Turkey, Syria, and the Kurdistan Region of Iraq. This has had a significant impact, as most of these regimes and local governments are authoritarian, lack transparency, and discriminate against Kurdish citizens, political rivals, and other ethnic and religious minorities. Such regimes fail to provide adequate services and meet the basic needs of the Kurdish population.

On the other hand, diaspora structures such as the Kurdish Red Crescent, local associations, and social media have managed a coordinated, comprehensive, and swift response to the dreadful conditions of their compatriots. Such pre-established structures and networks have used their knowledge, expertise, and contacts to assist their brethren in need. They have collaborated with legal and civil society organisations in Turkey to identify vulnerable families who have become unemployed, failed to pay rent or were denied access to basic governmental services. Similarly, diasporic structures have coordinated with the local authorities in Rojava (northern and eastern Syria) for equipment and medicine aid, while the World Health Organisation, the United Nations, and the Syrian regime refuse to provide Rojava’s local authorities with such essentials as coronavirus test kits, ventilators and personal protective equipment (PPE). The World Health Organisation has argued that Rojava is not a state and therefore it cannot directly cooperate with it.

Partnering and empowering diasporas can be an efficient policy approach for governments, especially in times of crises, and not only at the local level in countries of settlement, but also at the transnational level in the countries of origin.

Moreover, Kurdish diaspora structures mounted a solidarity campaign for Kurdish expatriates in Maxmur Refugee Camp, which is under an embargo of the Kurdistan Regional Government (KRG). As such, Kurdish refugees are unable to enter the major Kurdish cities in the Kurdistan Region of Iraq to seek medical aid and treatment. In responding to the essential needs of Kurdish compatriots in Turkey, Syria, and the Kurdistan Region of Iraq, the Kurdish diaspora organisations launched a fundraising campaign, “Let’s twin up with a family in need in Kurdistan,” and approached Kurdish shop owners and businesses in European countries to participate in it. The diaspora campaigners did not only aim to collect donations for their compatriots in home countries, but also aimed to build social relationships between donors and recipients so that these families have the chance to deepen and extend their contacts and future interactions. Owing to inexpensive digital media, they were able to disseminate vital information amongst their family members and compatriots in home countries.

Diaspora structures have performed crucial activities under the coronavirus pandemic, complementing governmental efforts in countries of settlement to meet the needs of their constituencies. Bureaucratic procedures and structural challenges complicate the ability of government agencies to act promptly. In contrast, diasporas are flexible, well organised, and serve vulnerable people such as asylum seekers, refugees, and undocumented migrants who are unable to acquire relief to cope with the global pandemic or natural disasters without unnecessary bureaucracy. Diasporic organisations have also provided necessary services in local areas in the countries of origin of their compatriots, where local and national authoritarian governments are unwilling or incapable of meeting the needs of the ethnic and political Kurdish groups and rivals respectively. The World Health Organisation and the United Nations have similarly refused to operate in these areas, justifying their inaction through the question of legitimacy and the absence of sovereign statehood.

In contrast, stateless diasporas, as non-state actors, seek to provide “governmentability,” without competing with governments over political and economic fields for power, resources, and loyalty. They act to complement those governments that fail to understand and meet the demands of their diverse citizens. Moreover, diasporic engagements and services are celebrated and trusted by vulnerable refugees, their local constituencies, and remote compatriots. This suggests a legitimacy of diasporic structures and their operations. Such legitimacy should not be questioned, particularly when authoritarian governments discriminate against diverse ethnic, religious, racial, and political citizens, and international organizations neglect the provision of required services to discriminated communities. However, stateless diasporas have committed to contributing to the social and economic well-being of homeland citizens who are suffering under inequality and miserable conditions.

As such, diaspora services are vital, serving as the economic, political, and cultural backbone of local constituencies and remote communities in authoritarian countries. These diasporas should be recognised as “legitimate” actors due to their accountability, expertise, as well as public demand and calls for the provision of direct assistance, services for overcoming the pandemic, and various crises. Therefore, partnering and empowering diasporas can be an efficient policy approach for governments, especially in times of crises, and not only at the local level in countries of settlement, but also at the transnational level in the countries of origin.

[This article was originally published by Jadaliyya on 28 May, 2020. An earlier version  was published on OpenDemocracy.]

سورية الدولة والهوية: خلود الزغير تبحث في أسئلة الهويات والانتماء الوطني

سورية الدولة والهوية: خلود الزغير تبحث في أسئلة الهويات والانتماء الوطني

«سورية الدولة والهوية: قراءة حول مفاهيم الأمّة والقومية والدولة الوطنية في الوعي السياسي السوري (1946-1963)»، عنوان كتاب جديد للكاتبة والباحثة الاجتماعية السورية الدكتورة خلود الزغير، صدر مؤخرًا عن “المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات” في الدوحة، وهو عمل يتميّز عن غيره من المؤلفات التي تناولت الدولة والهوية السورية من خلال قراءة رصينة لثلاثة مفاهيم هي (الأمّة والقوميّة والدولة الوطنيّة)، بكونه يندرج في سياق البحوث والدراسات العلمية الموضوعية، من خلال بحث مؤلّفته في الطروحات والمفاهيم المركزية التي قام عليها النقاش، داخل خطاب الأحزاب السياسية السورية التي تصدرت المشهد السياسي بعد الاستقلال التام لسورية عام 1946 حتى وصول اللجنة العسكرية لحزب البعث إلى السلطة في العام 1963، سواء الأحزاب التي وُجِدت في السلطة أو التي كانت في المعارضة، انطلاقًا من أنّ أيّ قراءة في سؤال الدولة والهوية اليوم تحتاج إلى فهم الإشكاليات والظروف والسياقات التي تشكلت ضمنها الدولة السورية وهويتها في المراحل السابقة، خصوصًا أنّ السؤال حول وجود هوية سياسية – اجتماعية لسورية أو هوية وطنية سورية جامعة أمرٌ لا يزال مطروحًا.

تستهل الباحثة الاجتماعية مقدّمة كتابها، الذي جاء في (272 صفحة بالقطع الوسط)، بالقول: “إنّ تشكل هوية الدولة السورية منذ إعلان أوّل استقلال لها في المؤتمر السوري العام في 8 آذار/مارس 1920 إلى اليوم إحدى القضايا المركزية في السجال السياسي والاجتماعي والفكري؛ فبعد قيام الكيان السوري الحالي، برزت على الساحة السياسية هويات أيديولوجية متعددة ارتبطت من جهة في ظروف الصراع الدولي والإقليمي على مناطق النفوذ في المنطقة، ومن جهة ثانية كانت هذه الهويات امتدادًا لتيارات سياسية – فكرية عالمية شكلت آنذاك نماذج ملهمة للحراك السياسي في سوريا والعديد من دول العالم، كان الأنموذج القومي الاشتراكي أبرزها”. “الزغير” بيّنت في السياق، أنّ أجواء الحريات السياسية والفكرية وطبيعة النظام شبه الديمقراطي القائم منذ بداية الأربعينات وحتى أواخر الخمسينات سمحت بأن “يبلور كل تيار سياسي نظريته حول أهمية الأمّة ومكوَّناتها الأساسيّة، وبأنّ تدخل هذه التيارات في سجال سياسي وعقائدي فيما بينها حول المفاهيم المتعلقة بالهوية”، مع إشارتها أنّه “على الرغم من تنوّع هذه الطروحات والمنظورات الفكرية، التزمت معظم التيارات بتعريف الدولة بالجمهورية السورية. لاحقًا، وخلال فترة الوحدة مع مصر (22 شباط/فبراير 1958 – 28 أيلول/سبتمبر 1961)، أصبحت الجمهورية السورية جزءًا من الجمهورية العربية المتحدة، حيث تحوَّلت هوية العروبة إلى واقع عملي بعد أن كانت شعارًا ونظرية”. لافتة إلى أنّه “بعد إعلان حلّ الوحدة، لم تتخيلَّ حكومة فترتي الانفصال عن “الهوية العربية”، وحوَّل اسم الجمهورية السورية إلى الجمهورية العربية السورية، في محاولة لنفي تهمة الانفصالية عنها، وإثبات التمسك بالهوية “القومية العربية”..”.

“الزغير” لفتت في مقدّمتها إلى أنّ “الاطلاع على أدبيات النخبة السياسية السورية ووثائقها في المرحلة بين عامي 1946 و1963، يبرز الحضور القوي والمتكرر لمفهوم (الأمّة) ولمفهوم (الهوية)، من دون أن يعني ذلك الاشتراك أو الاتفاق على تعريفهما. بل إنّه وعلى العكس من ذلك، يشير إلى اختلاف جليّ في فهم وتعريف كل حزب أو تيار سياسي لهذه المصطلحات؛ حيث يبدو مفهوم (الأمّة) واحدًا من أبرز المفاهيم الني جسدت إشكالية وعي السوريين بهويتهم، ليس من فجر الاستقلال فحسب، بل منذ عصر النهضة حتى اليوم. وإذا كانت ظاهرة الأمّة قد شكلت، في العموم، قضية موضوعية ومنطلقًا للنقاش حول التحوَّلات التي عاشتها المجتمعات منذ الحرب العالمية الثانية، وحول العولمة والنظام الدولي وصراع الحضارات، فإنّها بقيت في سوريا مسألة مطروحة للنقاش داخل بعض التيارات حين يتم تناول علاقة الأمّة بالدولة، والهوية الوطنية، ونظام الحكم ومستقبل الصراع السياسي.

  • التباس المفاهيم مع نشوء الدولة المعاصرة..

تضمن الكتاب تسعة فصول، بحثت ضمن رؤية تحليلية هادئة وقراءة جد عقلانية، جملة من التساؤلات مثل: “هل سورية المعاصرة جزء من كل أكبر، أم دولة – أمّة، أم تجميع لهويات وأجزاء مختلفة؟”، و”هل ساهم عدم إنجاز الدولة الوطنية الحديثة القائمة على العقد الاجتماعي بشكل تام وفعلي والذي يؤسّس لدستور يتوافق عليه الجميع، إضافة إلى حالة الالتباس النظري حول مفاهيم الوطنية والقومية والدولة في الوعي السياسي السوري، بأن يبقى مفهوم الأمّة وهويتها مفهومًا إشكاليًا ومتبدلًا من تيار سياسي إلى آخر؟ وبالتالي، لأن تبقى مسألة الهوية والانتماء الوطني موضوعًا للانقسام والتناحر بين الأحزاب السياسية منذ الاستقلال وحتى اليوم”.

حمل أوّل فصل في الكتاب عنوان: “الهوية السياسية والإشكالية الجغرافية والاجتماعية”؛ وفيه بحثت المؤلّفة التناقض بين الجغرافيا والولاء السياسي، والمسألة الاجتماعية والمجتمع السياسي. كاشفة عن التحدّيات الداخلية التي رافقت نشوء الدولة السورية وأحزابها السياسية، وأبرزها؛ أوّلًا: الإشكالية الجغرافية المتمثلة في مسألة التناقض بين جغرافية الكيان السوري الناشئ في مطلع عشرينيات القرن الماضي والانتماء السياسي إليه.

ثانيًا: الإشكالية الاجتماعية المتعلقة ببنية المجتمع السوري من حيث طبقاته ونخبه السياسية، ودور المسألة الاجتماعية في تشكيل التوجهات السياسية لكل حزب.

أما في الفصل الثاني، الذي جاء تحت عنوان: “التحدّيات الخارجية للكيان الوطني السوري”، فتعالج “الزغير” التحدّيات الخارجية للكيان الوطني السوري والإطار الإقليمي والدولي الذي نشأ فيه، مفككة مفهوم الوطنية والانتماء الوطني الذي تشكل في ظل الموقف من الآخر الخارجي وبالتحدي معه.

فيما تقدّم المؤلّفة عرضًا تفصيليًا في الفصل الثالث، المعنون: “المؤسّسة السياسية والمؤسّسات المحلية التقليدية”، لبنية مؤسّسة الدولة، وإلى أيّ درجة شكّل المجتمع السياسي السوري ومؤسّساته دولة وطنية حديثة، وأثر الانتماءات فوق الوطنية أو تحت الوطنية في مؤسّسات سياسية (كالأحزاب والبرلمان مثلًا).

إلى ذلك درست الباحثة السورية في الفصل الرابع، الموسوم بـ “أثر الفكر القومي الغربي في التنظير لمفهوم الأمّة”، ما أحدثه الفكر القومي الغربي، وخصوصًا النظريتين الفرنسية والألمانية، من أثر في الأحزاب القومية التي بدأت تُنظّر لمفهومَي (الأمّة) و(القومية) اللذين طغيا على مفهوم (الوطنية). معتمدة في هذا الشأن حزب البعث العربي الاشتراكي والحزب السوري القومي الاجتماعي؛ بغية الكشف عن الإرث القومي الغربي في خطابهما النظري، وعلاقته بواقع ظهور هذه الأحزاب.

“بين الوطنية السورية والقومية العربية”، هو عنوان الفصل الخامس من الكتاب، وفيه تناقش المؤلّفة الازدواجية أو التأرجح بين مفهومي الوطنية السورية والقومية العربية في خطاب الأحزاب السياسية السورية، وإلى أيّ درجة يعكس هذا التأرجح إشكالية عدم التوافق حول تعريف الكيان السوري كدولة – أمّة، أو كقطر ينتمي إلى أمّة أوسع، إضافةً إلى الدور الذي تؤديه الظروف المحيطة وشبكة المصالح في تبدل استخدام هذين المفهومين.

فيما ناقشت وحلّلت في الفصل السادس، الذي جاء تحت عنوان “الأمّة واللغة”، علاقة الأمّة باللغة؛ ذلك أنّ لغة الضاد أدت دورًا مركزيًا في تشكيل الهوية العربية في العصر الحديث، إذ أنّ التيارات القومية العربية بَنَت تصوّرها للأمّة على أساس اللغة، التي هي المحدّد الأساسي والأوّل لكيان الأمّة؛ بناءً على أنّ وحدة اللغة هي محدّد وحدة الكيان القومي. باحثة في هذا السياق، “التصوّر اللغوي – التاريخي” عند ساطع الحصري، و”التصوّر اللغوي – الميتافيزيقي” عند زكي الأرسوزي، و”التصوّر اللغوي – السياسي” عند حزب البعث. وهي قبل هذا كله أكدت أنّ نضالات السوريين فرضت وحدة سورية في حدوها الحالية، ودعمت الرابطة الوطنية السورية، ما ساعد في إرساء مجال سياسي وفّر الفرص لبزوغ الأحزاب والكتل السياسية بتنوّعاتها المختلفة.

  • التاريخ بوصفه مرجعيَّةً للأمّة وعامل وحدتها..

يتناول الكتاب في الفصل السابع، الذي ورد بعنوان “الأمّة والتاريخ”، تساؤلات أساسيّة مثل: “علاقة الأمّة بالتاريخ”، خصوصًا التاريخ الذي شكّل في خطاب الأحزاب السياسية السورية مقومًا أساسيًا من مقومات تكوين الأمّة من جهة، ومرجعيَّة فكرية وإرثًا تُبنى عليه الأمّة المعاصرة من جهة ثانية. دون أن تغفل في سياقٍ تحليلي، إلقاء نظرة على موقع التاريخ في خطاب الأحزاب السياسية بشأن الأمّة، ولا سيما على مستوى الوظيفة، وعلى مستوى الدور الذي أداه. وفي هذا الفصل تعالج المؤلّفة التاريخ بوصفه مرجعيَّةً للأمّة وإرثها، وعامل وحدة لها.

وتُخصّص الباحثة السورية الفصل الثامن، “الأمّة – الاقتصاد – الطبقة”، لتقارب علاقة الأمّة بالاقتصاد من منظور الأحزاب السياسية، خصوصًا أنّ حزبين فقط طرحا دور العامل الاقتصادي في تكوين الأمّة؛ هما الحزب الشيوعي، والحزب السوري القومي الاجتماعي. لتوضّح بالتحليل أنّ الجدل تصاعد بين اتّجاه يرى أنّ الأمّة العربية هي أمّة مُكوَّنة، وقد مثّل هذا الاتّجاه القوميون العرب واليساريون غير الدائرين في فلك السوفيات، واتّجاه يرى أنّ الأمّة ما زالت في طور التكوُّن وأنّها تبقى كذلك حتى تتحقق وحدتها الاقتصادية، ومثّل هذا الاتّجاه الماركسيون الشيوعيون العرب الدائرون في فلك السوفيات، في حين يرى اتّجاه مثّله السوريون القوميون الاجتماعيون أنّ الأمّة متكوَّنة وأنّها تمثّل وحدة تامة، لكنَّ بعثها يحتاج إلى ما سمّوه النهضة القومية الاجتماعية، وبناء المتحد القومي الاجتماعي.

أما في الفصل التاسع والأخير، وعنوانه: “الأمّة والدين”، فتحلّل “الزغير” علاقة الأمّة بالدين الإسلامي، وفي الاختلاف الفكري الواضح بين الأحزاب السياسية السورية حول مسألة وحدة الأمّة على أساس الدين، وحول علاقة الدين بالدولة والسياسة. فإذا كانت عقيدة العروبة قد استطاعت إيجاد نقاط تلاقٍ مع عقيدة الإسلام، فإنّ عقائد أخرى كالشيوعية والقومية السورية كانت أكثر جذرية في استبعادها العامل الديني، على نحو تكون فيه المؤسّسة الدينية في ما يتعلق بالمؤسّسة السياسية مؤسّسة محايدة، على الرغم من أنّ تلك العقائد قدّمت نفسها، أحيانًا، كـ “أديان” جديدة.

إنّ ما يحسب للباحثة السورية خلود الزغير في تجربتها البحثيّة هذه، هو عدم استسهالها للجانب البحثيّ والمعرفيّ في نتاجها، حيث لم تعتمد كغيرها ممن يعملون على جمع ما نشروه من مقالات وبحوث في سنوات خلت في كتاب، إنّما احترمت قدسيَّة العمل البحثي، ومنحت الدراسة ما تستحقه من جهد ووقت، فكانت النتيجة كتاب سيبقى أثرًا للباحثين السوريين والمهتمين بتاريخ سوريا المعاصر.

جديرٌ بالذكر أنّ خلود الزغير كاتبة وشاعرة سورية تقيم حاليًا في باريس، درست علم الاجتماع في جامعة دمشق 2002، ثم انتقلت إلى باريس في عام 2007، فحصلت على ماجستير من قسم اللغات، في جامعة السوربون الجديدة “باريس 3″، في عام 2009؛ ونالت في عام 2017 درجة الدكتوراه في علم الاجتماع من الجامعة نفسها في اختصاص علم اجتماع المعرفة. وكان أن عملت معيدة في جامعة دمشق خلال المدّة بين 2005 و2007، ونشرت مجموعة من المقالات والدراسات في مراكز الأبحاث والصحف والمجلات والمواقع الإلكترونية تتعلق بالوضع السوري المعاصر والراهن، وتحديدًا مسألتي الخطاب السياسي والهوية، إضافة إلى مؤسّسة الجيش السوري، وثورة شعبها منذ آذار/مارس 2011 وحتى يومنا هذا. كما ترجمت العديد من الأبحاث والمقالات من اللغة الفرنسية إلى العربية.

ولديها ثلاث مجموعات شعرية طبعت على التوالي في دمشق وبيروت وباريس.

نسْرُ لحظةٍ عابرة

نسْرُ لحظةٍ عابرة

نهايات

 استيقظْ.

أَتَسْمَعُ صفيرَ القطارات في حلمكَ؟

استيقظْ

ثمة سفينةٌ في المرفأ

طائرةٌ في المطار

سيارةٌ أمام الباب.

استيقظْ.

حقيبتكَ قرب الفراش

حين تُمْسك بها يدكَ وترفعها

لن تمتلك الوقت

كي تتذكّر حياتك السابقة.

هكذا كانت الأصواتُ تتحدث في داخله

بلغاتها الكثيرة

في مدينةٍ يمرُّ فيها الآلافُ كلّ يوم

تُروى قصصُ الآلاف كل يوم

تصبح اللغة فيها بحراً

تندفع أمواج كلماته كل يوم

إلى نهاياتها في الزبد.

صوت الريح

ثمة شيءٌ في الحجر

يذكّرني بنفسي.

أحياناً يتحدّثُ معي

وحين أصغي

لا أسمع إلا صوتَ الريح.

حجر

حجرٌ رماه المدُّ فوق الرمال

وغسله الضوء بمائه.

لم يومئ لي

لم يفتح حديثاً معي.

كان غارقاً في صلابته

منشغلاً بهموم من نوع آخر.

تمنيتُ أن أريحه منها

أن أمنحه لحظة اعتراف

وأصبح كاهن لحظته

لكن الحجر لم يكترث

كنت أنا الذي شعر به

حميمياً، قريباً مني

كما لو أنني أعانقه وأصغي إليه

وهو يقول لي:

تمسّكْ

تمسك بما بين ذراعيكَ

طالما أنت تسير على هذه الشاطئ.

قبور الأبناء

نتدافعُ في نفقٍ.

الضوءُ كان هنا

أو هكذا ظننا

وحين لم نتبيّن طريقنا

شعرنا أن الظلام يخرجُ من أعيننا.

ويتغذّى بأنفاسنا.

أمامنا لم تبنْ منعطفاتٌ

كان الطريقُ مستقيماً كرمحٍ

أو كسبطانة بندقية

في نهايته

لا يلوح ضوء في الأفق

لا شيء ينتظر أو يغوي

وإذا كان هناك شيء

فهو هناك

لأنه هناك.

كنا نضع أيدينا في جيوبنا

كما لو أنا نتحسّس

ذكرى معدن

أودعنا فيه أرواحنا

وبقيت سبائكه في الخزائن.

وفي الأمكنة الخالية

حيث سبق أن تعالت أصواتُنا أو ضحكاتنا

كان الهواء مسكوناً بما صنعناه بأيدينا

ونحن نحفر قبور أبنائنا

الذين لم يولدوا بعد.


نسْر
 لحظة عابرة

-1-

حين يفردُ النَسْرُ جناحيه

يأوي إليهما الضوءُ

كأنهما وطنٌ.

-2-

لم أرَ النسور إلا حين

غادرتُ مَسْقط رأسي.

تمنيت لو أن عينيْ طفولتي

سافرتا في أفق أجنحتها.

-3-

أحياناً تضيقُ السماء

على جناحيْ النسر.

-4-

في سماوات صدْره

يحلّقُ قلبُ العاشق كنسرٍ.

-5-

الذين لا يفرحون لمن يمتلك جناحين

يعيشون في الأقفاص.

-6-

كنْ نسراً في فضاء حياتكَ

لا تتوقَّفْ عن التحليق

نحو الذروات التي في داخلك.

-7-

أحبُّ الذين يحلقون بأجنحة الكلمات

الألحان

الألوان

لأنهم يشحنون الفضاء

بضوء الأجنحة.

-8-

نَسْرَ لحظةٍ عابرة

أسمّي نفسي وأنا أحلّقُ إليكِ

في بدايات الحب.

-9-

في بدايات الحب

تكون السماوات بلا نهاية

وَعْداً بضوءٍ يُسْكر الجناحين.

شجرة النار

-1-

لا تفكّر الوردةُ لمن تمنح عطرها

لا تبيعُ ولا تشتري.

كذلك الأشجارُ والينابيع.

-2-

القلبُ المليء بالحب

لا يعيش في الصدر فقط

بل يخفقُ في الأشياء كلها.

-3-

لا يأتي الحب من الشرق أو الغرب

من الشمال أو الجنوب

من الأعلى أو الأسفل

يشرقُ من الأعماق

ويوزّع ضوءه على الجهات.

-4-

الشجرةُ التي صارت حطباً في الموقد

تولد أغصانُها وأوراقُها وتموتُ في ألسنة اللهب

التي تصنع شجرة النار.

أغصانُ شجرة النار لا تعرف أنها ستنطفئ

لا تعرفُ شيئاً عن الرماد

تعيش حياتها إلى النهاية فحسب.


لغة
 الأشياء

-1-

المصباحُ المطفأ

المتدلي من السقف

يضيء الظلمة.

-2-

الشمعة تذوبُ على طاولتي

تصنع أشكالاً.

ذوبانُها نحّات.

-3-

كلبٌ يعوي

يخرج صوت العواء من فمه

كما يخرج صوت الكلام

من فم خطيبٍ على المنبر.

-4-

اللوحة المعلقة على الجدار

بابٌ دخل منه الرسام إلى نفسه

اللوحة المعلقة على الجدار

باب غادرتُ منه نفسي.

بدايةُ طريق المنفى.

-5-

العناقيد المتدليةُ من الدالية سماءٌ سوداء

حين يأتيكَ جوهرُها في كأسٍ

يُوسِّع السماء الزرقاء.

-6-

حين أسوق السيارة

وأكون وراء عجلة القيادة

أشعر أنني حيوانٌ معدني.

-7-

ما الذي يجعل العينين تتوهّجان:

إعجابهما بالشيء،

أم رغبتهما بامتلاكه؟

-4-

هل رأيتَ جثة الفرح محنطة؟

أنا رأيتُ قوماً

صنعوا إلههم من الكآبة

وقدموا فرحهم قرباناً له.

-5-

رسمتُ اليومَ لوحةً بعينيَّ،

تأملت الضوء وهو يغمر جناحيْ طائر البجع،

أو راقبت طائر البجع يغمس جناحيه في محبرة الشمس

ويكتب قصيدة الرحيل.

-6-

غادرتُ مدينتي منذ تسع سنوات.

حين أنظر إلى الخلف أقول:

كانت حياتي تزهر أحياناً

وفي كثير من الأحيان كانت

كمثل الغبار الذي يتوضع على الأشياء.

-7-

أوراقُ نَعْيٍ فوق بعضها

المدينةُ جداريةٌ للموت.

-8-

حجرٌ على الشاطئ

أحياناً يستعير لمعانه من الماء والضوء

في أحيان أخرى يستعير لحافاً من الزبد.

-9-

شمعةٌ على الطاولة

لا تملك شيئاً تقدمه للنهار.


في
 سان فرانسيسكو

في سان فرانسيسكو

لم تعد القصيدة تتجوّل في الشوارع

لم تعد تجلس في المقاهي

أو تبتسم للمشردين

الذين ينامون على أرصفة لامبالاتها.

لم تعد تمضي لياليها في البارات

أو تسير فوق الجسور

وهي تطارد بعينيها الشعاع فوق البنايات.

لم تعد تنظر في عينيْ العالم

لم تعد تكترث بقراءتهما

لم يعد يهمها انتشال الكلمات

من الآبار

حيث تسقط الأشياء سهواً أو عمداً.

في سان فرانسيسكو

يمرّ الضوء كلّ يوم

كسائق قطار على خط ثابت

ينهي نوبته جيئة وذهاباً

والبشر يخرجون من الأبواب ويدخلون

موجةً بشرية لا تكفّ عن التجمع والتلاشي

في بحر العمل.

في شقةٍ ما

أو قبْوٍ ما

تدخّن القصيدة سيجارة ماريجوانا

أو تحقن وريدها

أو تُفْرغ زجاجةً أخرى

في محاولة يائسة لسبْر وحدتها

بين دفتيْ كتاب.

توابيت

رأيت التوابيتَ مصفوفةً

في الشارع فوق الإسفلت.

الأجسادُ التي في داخلها

تنتظرُ رحلتها الأخيرة في قطار الأنفاق.

من نوافذ الشاشات

من نوافذ الصفحات

من نوافذ الأحلام

تطلُّ التوابيت

وتعوم في ماء نهر الإنترنت.

الدروب الوحيدة المشغولة

هي دروب الجنازات

الطرق الوحيدة السالكة

هي الطرق إلى المقابر.

كان الموت هو النجار الوحيد في البلاد

يجلس في منشرته الكبيرة

واضعاً ساقاً فوق أخرى

يدخن سيجاراً من الجثث

وينفث الدخان كي يصنع سماءه.


اكتشفتُ
 صوتي

اكتشفتُ صوتي على شاطئٍ

ليسَ لطفولتي آثارُ أقدامٍ على رماله.

خطفَ عينيّ

ربّاهما من جديد

وأشعرني بأنني طفلٌ

يُصْغي إلى أنفاس الأشياء

ويقرأ أحلامها.

حينَ أرى بياض أمواجه يندفع

في الفضاء ويعلو

ثم تنهار صخورهُ الزبدية

وتعود إلى أسرّتها المائية

حين أرى البياض يفتح

باباً

بابا معلقاً

لا أستطيع أن أدخل أو أخرج منه

يشعرني أنني وحيدٌ

على طرقات رياحه.


ورقة
 صفراء

ورقةٌ صفراء

عروقُها حادّة وجافة

تتوزّع إلى اليمين وإلى اليسار.

في وسطها يسري خطٌّ

كجرحٍ في القلب.

تتقلّب وحيدةً في الريح

والخريف في أوجه.

شعرتُ بأني أنا هي

وذكّرتْ جسدي،

بخطوطه وشرايينه،

أنه هاربٌ من خريفه.

كانت قوة الريح الخفية

تحمل الورقة إلى فلواتها السوداء.

وكنت أسير في تلك اللحظة

كي أتبدد كلي بين ذراعيكِ

تقودني قوة الحب.

ورقةٌ صفراء.

وجسدٌ يتورّد وهو يفكّر بكِ

كأنه تاريخٌ من الورود المتفتحة.

جسد يرقُّ

يصيرُ لمسةً

يصير همسةً

يصير مطراً من القبل

أوراقَ رغبةٍ

في ريح الحبّ الخريفية.


العبور

لم يعد يُسْمَح للدم

بالإقامة مُدّةً أطول في الشرايين.

المدنُ عالقةٌ في رمال أحلامها المتحركة

في صحراء السياسة.

الأنهارُ التي تعبرُ الخريطة بريدٌ

يرسل عبْره الموت جثثه الكثيرة.

المحاربون يحفرون الأنفاق

في جسد المستقبل.

وغداً حين تُشْرق الشمس

ويلمع ضوءها فوق شواهد القبور

وفوق الطرق المزروعة بالألغام

لن نلمحَ إلا أنقاض الجسور

أو آثارَ خطوات مهاجرين

نجحوا في العبور.


امنح
 نفسكَ

امنحْ

امنح نفسكَ هذا الهواء

الذي ينقلُ العطر

الشعاعَ الذي يسافر

في عروق الأوراق

الوهْجَ الذي يصنعُ الشجرة.

امنحْ

امنح لخطواتكَ الطريق

الذي يقودكَ إلى دهشةٍ أخرى

بحراً يتقدّم كله

كي يفتحَ لك باب النهار.

تمشي على طرقاتك البحرية

ظاناً أنك موجة قادمة من ماضيك

غير أنك تتقدم بجبروت لحظتك

بكلّ ما أنتَ.

هل تسأل الموجةُ عن بداياتها

في سرير الزبد؟

امنحْ نفسك نافذة الأفق

وأصْغ لهدير المياه

كأنه موسيقا تعزفها لك

أراغن الزرقة.

امنحْ نفسكَ

ما تحب عيناك أن تراه

ما يخفقُ له قلبك

ما تتوثّب ذراعاك لعناقه

ولا تنظرْ وراء هذا

ولا تلتفت.


مثلك،
 أيها الجسد

لا اسمَ لكِ

لا اسم لك

ودوماً تولدين.

تتقدمين إلى الشاطئ

دون أن تحسبي المسافة

بين ولادتك وموتك.

لا تفكرين أن تكوني نبعاً

أو مصباً.

هكذا،

طفرةً
ارتجاجاً

في جسد الماء،

ولادة مفاجئة

تندفعين

كما لو أنك البحر والشاطئ

الجناح والصخرة،

السماء والأرض.

مأخوذاً بكِ أيتها الموجة

أعيش أحوالكِ في جسدي.

أقول: للعبور نكهةُ فجرٍ قادم

وهذا ما تقوله أيضاً

أزهار الربيع المسائية.

هذا ما يقوله شعاعٌ

يتفتح حولها متناثراً هنا وهناك

كأنه يريد أن يمنح نفسه في أزهار كثيرة

كأنه يقول:

أنا مثلكِ أيتها الموجة

مثلكَ أيها الجسد

لا أتوقّف عن العبور.

*تنشر هذه المادة بالتعاون مع جدلية.

Zahra Hankir, ed., Our Women on the Ground: Essays by Arab Women Reporting from the Arab World (New Texts Out Now)

Zahra Hankir, ed., Our Women on the Ground: Essays by Arab Women Reporting from the Arab World (New Texts Out Now)

Zahra Hankir  (ed.), Our Women on the Ground: Essays By Arab Women Reporting From The Arab World (Penguin Books, 2019).

Jadaliyya (J): What made you edit this book?

Zahra Hankir (ZH): My primary goal was to give Arab and Middle Eastern women journalists a global platform to share their experiences of reporting from and living in the region from which they hail. The international media narrative on the Middle East and North Africa has been dominated, for decades, by Western correspondents who often cover the area for a year or two, return to their home countries, then write memoirs or authoritative non-fiction books, or become renowned talking heads. I hoped to amplify the voices of Arab and Middle Eastern women journalists who are doing ground-breaking and authentic work during tremendously tumultuous times—often focusing on telling under-reported tales, particularly about women. These sahafiyat, or women journalists, to my mind, have not historically received the same levels of attention or praise as their Western counterparts (there are encouraging signs that this dated and skewed approach is starting to change, but much remains to be done). The reporters have unique and intimate access, and as such are able to tell the story of the Arab world and broader Middle East with a profound sense of nuance and cultural understanding. The women also offer a necessary alternative to predominantly male voices that emerge from the Middle East, and as such, they regularly challenge established and flawed accounts of the region and its women.

As an example, Azadeh Moaveni, who kindly wrote a generous blurb for Our Women on the Ground, authored Guest House for Young Widows, a gripping and intricate account of thirteen women who joined the Islamic State. The women, who are largely vilified and misunderstood in the global media narrative swirling around ISIS, shared intimate details of their lives with Moaveni over the course of several years of unflinching investigative reporting. To my mind, the extent to which Moaveni was able to earn the trust of these women was in part due to her ability to profoundly understand many of their struggles and to write and report without judgement, given she is Middle Eastern and Muslim herself. Moaveni’s approach added authenticity, depth, and credibility to the story behind the headlines, much as I intended to do with Our Women on the Ground.

J: What particular topics, issues, and literatures does the book address?

ZH: Given the context within which the sahafiyat operate in, and the sort of reporting they do, the themes the book addresses are quite hefty, and range from grief and guilt to love and loss. Broadly speaking, the essays fall under five overarching motifs: Remembrances, for the women who reflect on their past; Crossfire, a double entendre for the women who have dual identities and who have covered or experienced war; Resilience, for the women who approached their work with that very ethos; Exile, for the women who heartbreakingly were forced to leave their homelands and contend with living elsewhere; and Transition, for the women whose essays focused on rapidly changing countries or a changing industry.

Some of these women have been sexually assaulted, threatened, propositioned, detained, or even shot at while on the job, but have persisted nonetheless. They have contributed to dispelling the many myths saturating an often basic depiction of the region to which they have cultural, linguistic, and personal ties, while fighting patriarchy and sexism. And at the same time, they have also been able to use gender to their advantage, managing to conduct harrowing interviews with other women precisely because being female has given them access a male reporter would not have been able to secure as easily, if at all. What binds them all is the fact that they are unwavering in their pursuit of truth and their desire to disseminate it. All of these elements are addressed head on in the book. No subject matter is shied away from. 

J: How does this book connect to and/or depart from your previous work? 

ZH: Over the course of my fifteen-year career in journalism, I have consistently sought to tell underreported tales that broaden and deepen our understanding of the Arab world, particularly cultural stories. I have also very much focused on women in my writing, particularly women of color, in a humble attempt to highlight the important work that they do despite the very many obstacles they face (some of which I have personally had to contend with). This book very much felt like the culmination of those efforts and interests: the culture and society of the Arab world and the importance of women taking control of and delivering their own narrative, if we are to ensure that the narrative is told fairly, accurately, and comprehensively.

J: Who do you hope will read this book, and what sort of impact would you like it to have?

ZH: The women in this book demonstrate that without their voices and work, the stories of the region, with all of its nuances and intricacies and complexities, would remain partly told. My hope is that readers will come away from the book with a far deeper and more enriching understanding of the Arab world and broader Middle East, and a strong sense of the resilience of its women.

I ultimately hoped to advocate for local voices, for a more inclusive narrative, and for more diverse newsrooms through this project. I do hope that aspiring Arab women and women of color journalists the world over will be encouraged by the stories in this book. I have received so many messages on Facebook, Instagram, and Twitter from women who say they feel inspired by the sahafiyat in Our Women on the Ground, and hope to pursue meaningful careers in journalism themselves, focusing on their own communities. Those messages bring me profound joy.

J: What other projects are you working on now?

ZH: I am working on another long-form project that explores women and culture. I am aware that sounds quite vague, but for now I cannot share more! Mostly because I have no idea whether it will come to fruition. But I am excited about digging into another project after taking something of a prolonged break, particularly as much of my reporting will (perhaps inevitably) focus on the Arab world.

J: Would you have done anything differently? 

ZH: It is far easier to say this in hindsight, given the many constraints I was working under and the countless variables I had to take into consideration, but I would have tried to ensure better representation from the Maghreb region and from the Arabian Gulf, and I would have focused on including more women who work solely for local publications rather than for Western ones, as well as stringers (who tend to be relied on by Western reporters). If only I had more space! But I will say I put my heart into this book, giving it everything I could for two years, and am incredibly proud of the product and of the women who worked so beautifully and resolutely with me despite so many moving parts in their own lives. I would do it all again in a heartbeat if I could.

 

Excerpt from the book

Hannah Allam

The Woman Question

Even in the Middle East, where there is no shortage of heartache, Iraqi women are known to be particularly tough. The guttural Iraqi accent only underlines that reputation. Nelly, a chain-smoking, melodramatic Egyptian hairdresser in Baghdad, once whispered to me that Iraqi women were the region’s most beautiful-until they opened their mouths.

I observed that tough exterior in hundreds of Iraqi women I met over the years. The elderly women trudging through the southern marshes with heavy sacks of reeds strapped to bowed backs. The stoic mothers looking for their sons among the corpses strewn at the scene of a suicide bombing. The pregnant militant who put a gun to my head in a Sadr City alleyway, and my Iraqi female friend who calmly swatted it away and lectured the attacker about her terrible manners.

Those sorts of stories accumulated until they formed an archetype: the tragic yet resilient Iraqi woman, a metaphor for the country itself. In hindsight, it seems so facile to see Iraqi women only through the prism of their war-ravaged lives, but how else do you report a story where pain is etched on the face of every woman you interview?

[…]

Zeina Erhaim

Hurma

After a series of clashes like these with soldiers at checkpoints — many of which caused my male chaperones great distress — I decided to start covering my hair with the Palestinian keffiyeh, carefully wrapping it around my head in the way Arab men traditionally do to protect themselves from the desert sun. The change didn’t help to lower my profile, however, so in 2015, I started to arrange the keffiyeh around my head as if it were a full headscarf, covering my hair completely. By the time I left Syria for southern Turkey for good in 2016, I was wearing a long, dark coat along with a formal, regular hijab.

The only way I could challenge those dim colors while living in Syria was by wearing bright underwear and colored pins on my scarf. They were tiny dots of color, yes, but they made me feel better. I didn’t quit using my expensive anti-wrinkle cream either. “There’s a helicopter hovering above our heads and a barrel bomb could be breaking both of us into pieces at any minute, so why the hell are you worried about aging?” my husband at the time, Mahmoud, would ask. There’s a chance we may live through this war and come out of it in one piece, I thought. And if we do, all of the hard work I put into sustaining my skin’s elegance will have paid off. I want to live a long life and to write about what I witnessed so that no one will forget what happened here. And I want to have supple, crease-free skin, too.

[…]

Nour Malas

Bint El-Balad

I particularly never identified with the straddle that comes with being a hyphenated American: Syrian American, in my case. But because I worked for a US newspaper, I found that not only was that duality an accurate and apt description of me throughout my reporting in the Middle East, it was also a helpful one that I could use to my advantage in certain situations. Still, it was always a little awkward explaining I had never lived in Syria. Sometimes this conveyed a social class barrier—of someone with the means to live abroad—or else a woman so Westernized that I might as well have not been of Syrian origin at all.

But remembrances of Syria over many cups of tea, and even a meal or two scraped together from meager ingredients, eventually diluted the differences. After all, it wasn’t just that I spoke Arabic but my specifically Syrian accent that eased me into the small, intimate quarters of refugees and helped me get reporting done, for the most part, with ease and trust.

I learned to navigate the corners of my family identity and history, and use my experiences as a native reporter in the region, to see and access deep or difficult parts of the story. Instead of dreading the question “Min wein, anseh?” (Where are you from, miss?), which I was asked in every conversation and interview, I came to cherish the mutual exploration that would follow. What bound us was always more obvious, in the moment, than what made us different.

At least for the first few years of the war, this was true.

[…]

Nada Bakri

Love and Loss in a Time of Revolution

I sometimes think of Anthony’s death as an unintended consequence of the Arab revolts.

In February 2012, he sneaked into Syria for the second time to interview armed rebels and opposition activists for The Times. The smugglers who agreed to take him arranged to hike and travel by horseback across the mountainous border between the two countries. Anthony had asthma and was allergic to horses, but he had his inhalers and had never needed more than that.

The last time I spoke to him was on Feb. 14, 2012. He was in northern Syria and called me from his satellite phone to wish me a happy Valentine’s Day. He said he was to leave Syria in a day or two, again traveling by hiking and horseback, and that the trip had been the best one of his entire career. Malik and I traveled to Antakya on the night of Feb. 16 to meet him.

Shortly before midnight, I was awakened when my cellphone rang. It was Jill Abramson, who was the executive editor of The Times. “Anthony had a fatal asthma attack,” she said. I repeated the sentence in my head, but it took some time to understand what she was trying to tell me.

I curled up on the bathroom floor and cried. I wanted to scream but Malik was asleep, and I didn’t want to startle him.

In her book about the death of her husband, “The Year of Magical Thinking,” Joan Didion writes that “people who have lost someone look naked because they think themselves invisible.” Invisibility is a comforting feeling when your heart is so heavy. After Anthony died, I preferred places where I knew no one and where no one knew me.

This was more than seven years ago. And yet on some days, it still feels as raw as it did that night in Turkey. I quit journalism, left my home in Beirut, and moved thousands of miles away from everyone I knew and everything familiar. Motherhood has saved me from making the wrong choices and forced me to get out of bed when I had no energy, will or desire to do so. Along the way, I became someone I don’t recognize. I lost my balance and the discipline I once had. Being a journalist and being in the Middle East are both constant reminders of my loss. I needed the distance from both to be able to grieve and feel alive again.

[This article was originally published by Jadaliyya on their NEWTON page on 26 May, 2020.]

عيد الفطر في سوريا زمن الكورونا: فرحة مقننة

عيد الفطر في سوريا زمن الكورونا: فرحة مقننة

* تُنشر هذه المادة ضمن ملف صالون سوريا “الحرب على كورونا: معركة جديدة مصيرية للسوريين\ات

“عيد بأي حال عدت يا عيد”، هذا مطلع من قصيدة للمتنبي في هجاء أحواله التي تزامنت مع قدوم العيد، ويبدو أن معظم السوريين يتبنون بحسرة هذه المقولة التي تعكس بدقة سوء أوضاعهم في ظروف الحجر الصحي وسط مخاوف من انتشار كورونا الذي اتفق حدوثه مع أهم مناسبة يحتفل بها السوريون في عيد الفطر. وقد غيرت ضرورة اتباع إرشادات السلامة العامة من عاداتهم المحلية وفرضت عليهم واقعاً جديداً وعادات معينة تُغير من طقوس الاحتفال بالأعياد وكل ما اعتادوا عليه خلال عقود، من زيارات أهلية وعناقات بالجملة وقبلات حارة والتنزه في الحدائق، جميعها عادات نسفت من قاموس السوريين هذا العام، ليقتصر الوضع على رسائل معايدات من خلف شاشة الجهاز الخليوي والاستعانة بإيموجي العناق الافتراضي الذي أدرجه مؤخراً الحائط الأزرق كبديل للعناق الحي.  ناهيك عن الأعباء المادية لتكبد نفقات الحلوى وملابس العيد، حيث أصبحت هذه الأشياء صعبة المتناول لا يصل إليها إلا بمشقة شديدة قليلٌ من الناس. وأكثر من يعاني العوز والقلة جراء الظروف الحالية هم الشريحة التي تعمل في وظائف مياومة حيث يحصل هؤلاء الناس على قوت عملهم يومياً وانقطع مصدر رزقهم بسبب جائحة كورونا.

اضطرت سماهر التي تعمل سكرتيرة في عيادة الطبيب إلى أخذ سلفة مالية من عملها لكي تتمكن من شراء ملابس جديدة لابنتها الوحيدة فراتبها لا يصمد حتى منتصف الشهر، لكنها لم توفق كثيراً فاضطرت إلى أن تقصد سوق البالة، وتقول عن وضعها: “ذهبت أمس إلى السوق بعد أن أخذت سلفة بقيمة 15 ألفاً على راتبي عند طبيب العيون الذي أعمل لديه واشتريت بها بنطال، جينز بـ 10 آلاف ليرة، أما الباقي فاشتريت به قميصاً قطنياً من سوق الملابس المستعملة لأن ثمنها أرخص”.

 أما سلمى فليست بأفضل حال، فقد اشترت ثياب العيد لطفليها بالتقسيط بعد معركة طويلة خاضتها في إقناع البائع الذي استسلم أخيراً ووافق على بيعها رأفة بحالها، وتوضح معاناتها: “لم يتوفر معي المال الكافي لشراء الملابس، إلا أن البائع وافق على بيعي إياها بالتقسيط على دفعتين بعد أن أعطيته مبلغ 10 آلاف ليرة كدفعة أولى، والثانية بعد العيد مباشرة”.

 أما رهف فلم تتمكن من اقتناء ثياب جديدة لابنتيها بسبب توقف زوجها عن العمل على خلفية جائحة كورونا، وتُفسر حالها: “لم أشتر لطفلتَي أي ملابس جديدة هذا العيد، واكتفيت بثيابهما القديمة، فلدينا أولويات أخرى كدفع أجرة المنزل ومصاريف الطعام والشراب، لاسيما أن عمل زوجي تراجع كثيراً خلال فترة الحجر الصحي، حيث يعمل خياطاً وبقي محله مغلقاً لمدة شهر ونصف، أما راتبي الذي لا يتجاوز 25 ألف ليرة كسكرتيرة طبيب نسائية لا يكفي لسد نفقات أول أسبوع من الشهر”.

 وبالنسبة لفراس الذي يعمل في مكان يحسده عليه الكثيرون، وهو موظف في بنك خاص، فقد اضطر إلى المفاضلة بين صيانة سيارته وشراء الملابس، مرجحاً الكفة الأولى، علاوة على الأسعار الجنونية التي تحتاج إلى راتب بأكمله لشراء بدلة كاملة (بنطال ـ كنزة ـ حذاء)، ويعقب بالقول: “بالرغم من أن راتبي يُعد جيداً، لكنني لا أستطيع تحمل نفقات تصليح السيارة وشراء الملابس في آن معاً، فالأخيرة أصبحت غالية جداً لا تتوافق مع نوعيتها الرديئة التي تهترئ بسرعة، وفي حال قررت شراء ثياب فستكون حتماً من البالة لسعرها المناسب وجودتها المتميزة ناهيك عن التزامات أخرى أكثر أهمية كدفع أجرة المنزل أو توفير بعض النقود للزواج”.

سياسة التقنين لحلوى العيد 

اعتاد بعض السوريين على شراء حلويات العيد من المحلات، إلا أن البعض منهم تخلى عن هذا الخيار خوفاً من انتشار فيروس كورونا أولاً، ولغلاء سعرها ثانياً. أما من كان معتاداً على صنع الحلوى في المنزل فاتبع سياسة التقنين في المقادير بسبب كلفتها الباهظة، كسمر التي قلصت كمية الحلوى إلى النصف، حيث تَعَوَّدَت على إعداد كميات كبيرة إلا أن هذا العيد كانت تجربتها مختلفة وعن هذا تقول: “لا قيمة للعيد بدون حلوى، لم أعتد على صنع كميات صغيرة منه، ولكن يبقى أفضل من صنع لا شيء، فأسعار مكونات الحلوى باهظة للغاية لا يمكن تكبدها، أما شراؤها جاهزة فسعرها مضاعف، حيث بلغ سعر كيلو المبرومة 35 ألف ليرة “. في حين استبعدت شيرين مادة الفستق الحلبي من لائحة حلويات هذا العام نظراً لكلفتها العالية التي يصل سعر الكيلو الواحد منها إلى راتب موظف لمدة شهر والاستعاضة عنها بالتمر: “اكتفيت هذا العيد بصنع الحلويات المحشوة بالتمر والجوز فقط وبكميات مقننة على غير العادة، أما تلك المملوءة بالفستق فنسفتها من قائمتي فور علمي بسعر الكيلو الذي بلغ 45 ألف ليرة”.

هذا واتجهت بعض العوائل السورية ممن لا يستطيعون تكبد نفقات الحلويات إلى ابتكار وصفات تقشفية والاستعانة بالمواد الأولية وتقديمها إلى مائدة الضيوف كحلوى تقول لانا وهي أم لثلاثة أطفال: “استعنتُ بوصفة جدتي البدائية وغير المكلفة والتي تُدعى التمرية حلوى الفقراء، وهي عبارة عن كرات من التمر يوضع معها ملعقة من السمن لجعلها متماسكة، ثم دحرجتها بوعاء من السمسم أو جوز الهند، بعد ذلك توضع  في الفرن ثم  يرش عليه بعض السكر، فالرمد أفضل من العمى”.

مسافة أمان

قررت ميس شراء منامة للمنزل لكونها على يقين بأنها لن تخرج خلال أيام العيد، فساعات حظر التجول تبدأ من الساعة السابعة مساء وهو الوقت الأمثل للخروج، لينحصر الأمر على استقبال الضيوف من المقربين، وهو ما يستدعي شراء منامة بمظهر لائق، بينما تؤيدها نيرمين فتنشر منشور على (الفيسبوك) تسأل فيه بجدية بالغة عن محل لبيع ملابس نوم أنيقة وبأسعار مناسبة واتخاذها كملابس للعيد.

أما فيما يتعلق بالزائرين فأعدادهم انخفضت هذا العام، واقتصرت لائحة الضيوف على المقربين جداً ورافقها إرشادات بإطلاق القبلات الهوائية دون لمس الشخص وعدم المصافحة مع الحرص على ترك مسافة أمان بين الضيوف. ويقول غيث عن واقع العيد في زمن الكورونا: “فرض علينا فيروس كورونا عادة جديدة مغايرة لتلك التي اعتدنا عليها وهي المصافحة والتقبيل المبالغ فيه، خاصة وأن هذه العادتين تدلان في مجتمعنا على التعبير عن مشاعر الود والمحبة للآخر، كنا جالسين ومسافة متر تفصل بين أفراد عائلتي، فنحن مجبرون على تفهم الواقع المفروض، لكننا في الوقت ذاته تعودنا عليه”.