سوريا في أسبوع 18-25 آذار/مارس 2019

سوريا في أسبوع 18-25 آذار/مارس 2019

انتهاء “الخلافة”

 25آذار/مارس

 سلّم عشرات المقاتلين من تنظيم “داعش” أنفسهم الأحد لقوات سوريا الديموقراطية بعد خروجهم من أنفاق كانوا يختبئون داخلها في بلدة الباغوز، في خطوة تأتي غداة إعلان هذه الفصائل القضاء التام على “الخلافة”.

وحذرت الإدارة الذاتية الكردية الأحد من أن خطر التنظيم لا يزال مستمراً، مع وجود آلاف المقاتلين الأجانب وأفراد عائلاتهم في معتقلات ومخيمات قوات سوريا الديموقراطية، بالإضافة إلى قدرته على تحريك “خلايا نائمة”.

وأشادت دول عدة حول العالم بإعلان القضاء على الخلافة بعد تجريد التنظيم من مناطق سيطرته جغرافياً، في وقت أعلن قادة قوات سوريا الديموقراطية وشريكها التحالف الدولي بقيادة واشنطن، بدء مرحلة جديدة من الحرب ضد التنظيم، للقضاء على هذه “الخلايا النائمة”.

في بلدة الباغوز النائية في شرق سوريا والتي شكلت مسرح المواجهة الأخيرة ضد التنظيم، شوهد قرب مخيم التنظيم، عشرات الرجال يقفون في صف منتظم، قبل صعودهم إلى شاحنات عدة توقفت في المكان. وأرخى عدد منهم لحاهم وارتدى آخرون عباءات تقليدية من الصوف أو وضعوا كوفيات على رؤوسهم وبعضهم غطوا وجوههم.

وقال جياكر أمد، المتحدث الكردي في صفوف قوات سوريا الديموقراطية لفرانس برس “إنهم مقاتلون دواعش خرجوا من الأنفاق وسلموا أنفسهم اليوم” من دون أن يحدد عددهم.

ولم يستبعد “احتمال وجود مزيد من الدواعش مختبئين داخل أنفاق”.

وشاهد فريق فرانس برس سحباً من الدخان الأسود تتصاعد من المخيم الأحد، قال أمد إنها ناجمة عن “احتراق مخازن ذخيرة” تابعة للتنظيم.

وبدا المخيم الذي يضم الكثير من الأنفاق وخيماً متداعية أشبه بحقل خردة مع انتشار هياكل سيارات محترقة وأوان منزلية وعبوات مياه واسطوانات غاز.

وأفاد المتحدث باسم التحالف الدولي ان قوات سوريا الديموقراطية ستواصل القيام بعمليات تمشيط في المنطقة بحثا عن بقايا الجهاديين وللكشف عن مخابئ محتملة للأسلحة.

وقال في تغريدة على تويتر “عملية التطهير ستكون مدروسة وشاملة وستساعد على ضمان الأمن على المدى الطويل في المنطقة”.

 وأعلنت قوات سوريا الديموقراطية السبت سيطرتها على آخر جيب للتنظيم داخل بلدة الباغوز، بعد ستة أشهر من هجوم واسع بدأته في ريف دير الزور الشرقي بدعم من التحالف الدولي بقيادة أميركية.

وقال رئيس مكتب العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية الكردية في سوريا عبد الكريم عمر  “قضينا على دولة داعش وهذا انجاز كبير جداً، لكنه لا يعني أننا قضينا على داعش” كتنظيم.

وتحدّث عن “تحديات كبيرة” أبرزها أن “لدينا الآلاف من المقاتلين بالإضافة إلى أطفال ونساء من 54 دولة، ما عدا السوريين والعراقيين، وهذا عبء كبير وخطر علينا وعلى كل المجتمع الدولي”.

على وقع تقدمها العسكري وعملياتها التي علقتها مراراً كي تفسح المجالأمام خروج المحاصرين، أحصت قوات سوريا الديموقراطية خروج أكثر من 66 ألف شخص من مناطق سيطرة التنظيم منذ مطلع العام، بينهم خمسة آلاف جهادي على الأقل تمّ اعتقالهم. كما تمكن آخرون من الفرار.

وبين الخارجين عدد كبير من أفراد عائلات الجهاديين، كثيرون منهم أجانب، ممن جرى نقلهم إلى ثلاث مخيمات للنازحين في شمال شرق سوريا. وأبرزها وأكبرها مخيم الهول المصمم لاستيعاب عشرين ألف شخص ويؤوي حالياً أكثر من 72 ألف شخص، 25 ألفاً منهم أطفال في سنّ الدراسة.

وحذر عمر من وجود “الآلاف من الأطفال الذين تربّوا على ذهنية داعش” في المخيمات. وقال “إذا لم تتمّ إعادة تأهيلهم وبالتالي دمجهم في مجتمعاتهم الأصلية فهم جميعهم مشاريع إرهابيين”.

وبحسب منظمة إنقاذ الطفل “سايف ذي تشليدرن”، يوجد أكثر من 3500 طفل أجنبي من أكثر من ثلاثين دولة، في المخيّمات الثلاثة.

ويشكل ملف الجهاديين الأجانب وأفراد عائلاتهم عبئاً على الإدارة الذاتية، التي تطالب دولهم باستعادتهم لمحاكمتهم على أراضيها. إلا أن الحكومات الغربية تبدي تردداً إزاء استعادتهم جراء مخاوف أمنية وخشية من ردّ فعل الرأي العام نتيجة اعتداءات دامية شهدتها تبناها التنظيم. وأبدت قلة من الدول بينها فرنسا اهتماماً باستعادة عدد من الأطفال.

ومع القضاء على “خلافة” التنظيم، يخشى الأكراد أن تبادر واشنطن إلى سحب قواتها من شمال سوريا، ما قد يجعلها هدفاً لهجوم لوحت تركيا بشنه ضدهم. وتعد أنقرة المقاتلين الأكراد “إرهابيين” وتخشى تواصلهم مع المتمردين الأكراد على أرضها.

وحذر عمر من أن “أي تهديد أو أي حرب جديدة ستكون فرصة” لمقاتلي التنظيم “للهروب من المعتقلات”، مضيفاً “يجب أن يكون هناك تنسيق بيننا وبين المجتمع الدولي لمواجهة هذا الخطر”.

ويهدئ الوجود الأميركي حتى الآن اندفاعة أنقرة، كما يحول دون شن دمشق هجوماً لاستعادة السيطرة على مناطقهم. وأعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب نهاية العام قراره سحب كامل قواته المقدرة بألفي جندي من سوريا، لكن واشنطن عادت وقررت ابقاء نحو 400 جندي لفترة من الزمن، لم يتم تحديدها.

وإلى جانب الجهاديين المعتقلين وعائلاتهم، يحتفظ التنظيم بقدرته على تحريك  “خلايا نائمة” في المناطق التي طُرد منها، وبانتشاره في البادية السورية المترامية الأطراف. ويمثل ذلك تحدياً رئيسياً أمام الأكراد وحلفائهم.

ولمواجهة هذا التهديد، أعلن القائد العام لقوات سوريا الديموقراطية مظلوم كوباني خلال مؤتمر صحافي في حقل العمر النفطي السبت “بدء مرحلة جديدة” من المعركة ضد التنظيم للقضاء على “خلاياه النائمة”. وأوضح أن ذلك سيتمّ “بتنسيق مع قوات التحالف”.

وأكد قائد قوات التحالف الجنرال بول لاكاميرا في بيان السبت أن “مكافحة داعش وعنفه المتطرف لن تنتهي قريباً”.

واستبق التنظيم خسارته بنشر تسجيلات في الأيام الأخيرة على حساباته على تطبيق تلغرام، دعا في إحداها عناصره الى “الثأر” من الأكراد في مناطق سيطرتهم. كما دعا أنصاره الى شن هجمات في الغرب ضد أعداء “الخلافة”.

وشكلت جبهة الباغوز دليلاً على تعقيدات النزاع السوري الذي بدأ عامه التاسع، مخلفاً حصيلة قتلى تخطت 370 ألفاً، من دون أن تنجح كافة الجهود الدولية في التوصل إلى تسوية سياسية.

 دعوة كردية

 25آذار/مارس

  يحض الأكراد في سورية النظام على أن يفتح حواراً من أجل “قطع الطريق على تحديات تهدد السيادة السورية من قبل أغلب المتدخلين في سورية، وبشكل خاص من قبل نظام الاحتلال التركي”.

وقال سيهانوك ديبو عضو المجلس الرئاسي في “مجلس سورية الديمقراطية” (مسد) القول إن “على دمشق  ومختلف العواصم العربية أن تنظر إلى الإدارة الذاتية (الكردية) كصمام  أمان وخط مواجهة مُفشِّل للطموحات العدوانية التركية”.

وكشف ديبو أن “أعداد أسرى داعش وعوائلهم تفوق 50 ألفاً من 48 جنسية عربية وأجنبية”، معتبراً أن هذا العدد الهائل “معضلة كبيرة لا تستطيع

الإدارة الذاتية في شمال سورية أن تتحمل مسؤوليتهم وحدها”، لافتاً إلى أن “الخطوة الأسلم هنا تأسيس محكمة دولية في شمال سورية وشرقها بتفاصيل

متفق عليها مع الإدارة الذاتية”.

“وثيقة” الجولان

 24آذار/مارس

 أعلن وزير الخارجية الإسرائيلي الاحد أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب سيوقع قرارا يعترف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان السورية المحتلة عندما يلتقي رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو في واشنطن الاثنين.

وكتب الوزير إسرائيل كاتز على موقع تويتر “الرئيس ترامب سيوقع غدا في حضور رئيس الوزراء نتانياهو قرارا يعترف بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان”.

قوبل البيان بانتقادات واسعة من دول عربية وغربية والأمم المتحدة. وأكدت دمشق تمسكها باستعادة الجولان بكل الوسائل.

وفي ما يتعلق بالجولان السوري، شددت الجامعة العربية على أن “القمم العربية تؤكد دوماً في قراراتها على عروبة الجولان السوري المحتل”.

ويشكل تصريح ترامب قطيعة مع السياسة التي تنتهجها الولايات المتحدة منذ عقود في الشرق الأوسط ومع إجماع دولي قائم منذ زمن.

وقالت الجامعة: “من الممكن في ضوء التطور الأخير الذي حدث أن تطلب دولة عربية إضافة جديد إلى مشروع القرار الخاص بالجولان بناء على ما يستجد”.

ونددت الجامعة العربية ودول عربية باعلان ترامب مؤكدة أن “الجولان أرض سورية محتلة”.

وقال الأمين العام للجامعة أحمد أبو الغيط مساء الخميس إن “التصريحات الصادرة عن أقطاب الإدارة الأميركية والتي تمهد لاعتراف رسمي أميركي بسيادة إسرائيلية على الجولان السوري المحتل تعتبر خارجة بشكل كامل عن القانون الدولي”.

وأكد أبو الغيط أنّ “الجولان هو أرضٌ سورية محتلة بواقع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن وباعتراف المجتمع الدولي”.

العودة “غير مدرجة”

 23آذار/مارس

 أكد السفير محمود عفيفي المتحدث باسم الأمين العام للجامعة العربية الأحد أن عودة سوريا الى الجامعة “غير مدرجة حتى الآن” على جدول أعمال القمة العربية التي تلتئم في تونس نهاية آذار/مارس الجاري.

وقال عفيفي في مؤتمر صحافي “حتى الآن، موضوع عودة سوريا غير مدرج على جدول الأعمال ولم يطرحه أي طرف بشكل رسمي”.

وكان الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط أعلن في السادس من الشهر الجاري في ختام الدورة الـ151 للمجلس الوزاري للجامعة العربية في القاهرة أن موضوع مشاركة سوريا المحتملة في القمة العربية المقبلة في تونس “لم يطرح على الإطلاق” خلال الاجتماعات.

وقررت الجامعة العربية في 12 تشرين الثاني/نوفمبر 2011، بعد نحو ثمانية أشهر من بدء الاضطرابات في سوريا، بتعليق عضوية سوريا مع فرض عقوبات سياسية واقتصادية على دمشق، مطالبة الجيش السوري ب”عدم استخدام العنف ضد المتظاهرين المناهضين للنظام”.

ويدور جدل حاليا بشأن عودة سوريا خصوصا مع تعزز جانب سلطات دمشق والانتصارات العسكرية للجيش السوري الذي استطاع استعادة مناطق كبيرة من المسلحين الجهاديين والمعارضين بدعم من حليفيه الروسي والإيراني.

وهناك انقسام بين الدول العربية في هذا الشأن.

ودعا العراق ولبنان إلى عودة سوريا الى الجامعة العربية، كما أعادت الإمارات في كانون الأول/ديسمبر 2018 فتح سفارتها في دمشق، بعد قطع العلاقات الدبلوماسية منذ 2012.

وقال الأمين العام المساعد للجامعة حسام زكي في مؤتمر صحافي في نهاية كانون الثاني/يناير الماضي إنه “لا يوجد توافق عربي حول مسألةإعادة النظر بشأن قرار تعليق عضوية سوريا بالجامعة العربية”.

 

 

الجولان…من “الانسحاب الكامل” الى “تغريدة” ترامب

الجولان…من “الانسحاب الكامل” الى “تغريدة” ترامب

بإعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب دعم الاعتراف بـ«السيادة الكاملة لإسرائيل على هضبة الجولان» السورية المحتلة منذ 52 سنة واحتمال إقرار قانون في الكونغرس في هذا الشأن، تكون واشنطن قطعت مع سياسات الإدارات الأميركية السابقة التي سعت إلى لعب «دور الوسيط» بين سوريا وإسرائيل للوصول إلى تسوية بموجب القرار 242 الذي نص على «انسحاب إسرائيل من أراضٍ احتلتها في النزاع الأخير».

اللافت، أن المحاولة الأميركية الأخيرة لإنجاز اتفاق سلام قادها المبعوث الأميركي السابق فريد هوف بين الرئيس بشار الأسد ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في العام 2010، حيث أسفر عن قبول الجانب الإسرائيلي السيادة السورية الكاملة على الجولان مقابل ترتيبات تتعلق بالأمن والتطبيع و«وعود بابتعاد دمشق عن إيران». لكن هذه المبادرة، التي وصلت إلى أعلى حد من التفاهمات ضمن معادلة «لا اتفاق على شيء إلى حين الاتفاق على كل شيء»، انتهت في ربيع 2011 مع اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

وخلال ثماني سنوات تغير الكثير في سوريا، بين ذلك سيطرة فصائل معارضة على جنوب البلاد وجنوبها الغربي بما في ذلك «منطقة فك الاشتباك» التي تشكلت بموجب اتفاق رعاه وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر في نهاية مايو (أيار) 1974 بعد حرب أكتوبر (تشرين الأول) في 1973، إضافة إلى انسحاب «القوات الدولية لفك الاشتباك» (اندوف) التي كانت منتشرة في الجولان في 2014.

وخلال هذه الفترة انتشرت ميلشيات تابعة لإيران و«حزب الله» في الجنوب ضمن صراع مع فصائل المعارضة السورية. وتركزت المفاوضات الأميركية – الروسية في العام الماضي بعد إنجاز اتفاق خفض التصعيد على إبعاد إيران عن الجولان والجنوب. وخلال قمة الرئيسين الأميركي دونالد ترمب والروسي فلاديمير بوتين في هلسنكي في يوليو (تموز) الماضي أعطى الرئيسان أولوية لـ«ضمان إسرائيل» وإعادة تفعيل اتفاق فك الاشتباك ونشر القوات الدولية في الجولان إضافة إلى عودة قوات الحكومة إلى الجنوب والجنوب الغربي.

وفي أغسطس (آب) الماضي، قال المتحدث الرسمي باسم وزارة الدفاع الروسية اللواء إيغور كوناشينكوف: «أجرت روسيا مشاورات مع إيران، وصرحت طهران خلالها بأنها لا ترى من الصواب تأجيج الأوضاع في المنطقة وأنها لا تحمل نوايا عدوانية تجاه إسرائيل. وبالنتيجة، وبإسهام روسي، تم سحب التشكيلات الموالية لإيران مع أسلحتها الثقيلة من مرتفعات الجولان». وتابع أن الميليشيات الإيرانية انسحبت مسافة 140 كلم باتجاه الشرق، وأنه تم سحب 1050 عنصرا و24 راجمة صواريخ و145 وحدة من الأسلحة الأخرى والتقنيات العسكرية.

في المقابل، انتشرت الشرطة الروسية في نقاط على طول خط «برافو» الفاصل بين الجولان المحتل والقنيطرة، ورعت عودة «القوات الدولية لفك الاشتباك» (اندوف). وأعلنت الأمم المتحدة، إعادة نشر «اندوف» بشكل تدريجي في المنطقة المنزوعة من السلاح والمخففة من السلاح بموجب ترتيبات «فك الاشتباك» من شمال الجولان إلى جنوبه.

– قرار الضم

في 14 ديسمبر (كانون الأول) 1981 أقر الكنيست الإسرائيلي «قانون الجولان» بـ«فرض القانون والقضاء والإدارة الإسرائيلية على هضبة الجولان»، الأمر الذي رفضه السوريون في الجولان. كما أن المجتمع الدولي لم يعترف بالقرار ورفضه مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في 17 ديسمبر (كانون الأول) 1981. وتشير وثائق الأمم المتحدة إلى منطقة الجولان باسم «الجولان السوري المحتل». من الناحية العملية، أدى «قانون الجولان» إلى إلغاء الحكم العسكري ونقل صلاحيته للسلطات المدنية العادية. وتبلغ مساحة المنطقة التي ضمتها إسرائيل 1200 كلم2 من مساحة سوريا البالغة 185 ألف كيلومتر مربع.

وأكد مجلس الأمن أن الاستيلاء على الأراضي بالقوة غير مقبول بموجب ميثاق الأمم المتحدة، واعتبر قرار إسرائيل ملغى وباطلاً ومن دون فاعلية قانونية على الصعيد الدولي؛ وطالبها باعتبارها قوة محتلة، أن تلغي قرارها فوراً. وأشار السفير السوري في جنيف حسام الدين آلا قبل يومين، إلى القرارات السنوية التي تتبناها الجمعية العامة للأمم المتحدة «حول الجولان السوري المحتل والتي تؤكد عدم شرعية الاحتلال وتجدد بشكل سنوي رفضها لقرار ضم الجولان وضرورة الانسحاب الإسرائيلي منه حتى خطوط الرابع من يونيو (حزيران) 1967 وفقا لقراري مجلس الأمن الدولي 242 لعام 1967 و338 لعام 1973 بشأن المطالبة بالانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي العربية المحتلة عام 1967 واللذين يشكلان مرجعية لأي عملية سلام في المنطقة».

– تاريخ المفاوضات

جرت محاولات عدة لإطلاق مفاوضات بين سوريا وإسرائيل منذ احتلال الجولان في حرب يونيو (حزيران) 1967. وبعد حرب الخليج في 1991. أطلق الرئيس الأميركي الراحل جورج بوش ووزير خارجيته جيمس بيكر عملية السلام العربية – الإسرائيلية في مؤتمر مدريد أكتوبر (تشرين الأول) 1991. وروت المستشارة السياسية في الرئاسة بثينة شعبان في كتابها «مفكرة دمشق» أن الأسد أخرج خلال لقائه بيكر قبل مؤتمر مدريد، رسالة من الرئيس رونالد ريغان تعود لتاريخ 28 يوليو (تموز) 1988، ليقرا أن سياسة ريغان كانت «تطوير فرص السلام العربي – الإسرائيلي على جميع المسارات، وأن هذا لا يزال أولوية بالنسبة إلى أميركا لتنفيذ القرار 242 و338 بما في ذلك مبدأ «الأرض مقابل السلام» باعتبار ذلك «جوهر» 242». قائلا: «ما يقوله الرئيس الأميركي، هو سياسة أميركية».

بعد مؤتمر مدريد عقدت على المسار السوري جلسات تفاوضية، لكنها كانت بمثابة «حوار الطرشان» بسبب تعليمات رئيس الوزراء اليميني اسحق شامير الذي كان يريد «التفاوض لمجرد التفاوض». لكن فوز اسحق رابين في انتخابات يونيو 1992، أثار موجة من التفاؤل. وتم التعبير عن ذلك بتكليفه السفير ايتامار رابينوفيتش رئاسة الوفد المفاوض إلى الجولة السادسة من المفاوضات مقابل السفير الراحل موفق العلاف.

وكان «الاختراق السياسي» الأساسي في تلك الجولة التي عقدت في واشنطن في 24 أغسطس (آب) أن الوفد السوري قدم «ورقة الأهداف والمبادئ»، فكانت «الوثيقة الأولى» التي يقدمها الجانب السوري لاعتقاد الأسد بأن هذا يساعد بوش في الانتخابات في مواجهة الديمقراطي بيل كلينتون الذي صار متحمسا لدمشق وعملية السلام. والنقطة الأساسية التي تمحور النقاش حولها في ورقة «الأهداف والمبادئ» كانت تتعلق بالبند الأول من الفقرة الخامسة لأنها تضمنت المطالبة بـ«الانسحاب الإسرائيلي الكامل من مرتفعات الجولان السوري المحتل العام 1967».

ومنذ ذاك سيتبع الجانب السوري استراتيجية التمسك بـ«الانسحاب الكامل»، فبقيت المفاوضات تراوح مكانها باستثناء تقدم تمثل في اعتبار الإسرائيليين أن القرار 242 «ينطبق على المسار السوري». وسجل اختراق آخر، إذ أن الإسرائيليين بدأوا بالحديث عن انسحاب «في» الجولان مع أن ذلك لم يرتق إلى الانسحاب «من» الهضبة. حصل ذلك في الجولة السابعة في دفعتين نهاية 1992، مع أن كلينتون فاز في الانتخابات الأميركية بين الجولتين.

وزير الخارجية الأميركي وارن كريستوفر قام بجولة في الشرق الأوسط في أغسطس 1993. فالتقى رابين في حضور رابينوفيتش للحديث عن المسار السوري لاعتقاد الأميركيين بأن «سوريا مفتاح السلام الإقليمي في الشرق الأوسط». وفي هذا الاجتماع، طرح رابين أسئلة افتراضية على كريستوفر: «لنفترض أن مطالبهم (السوريين) قبلت، هل سوريا مستعدة لتوقيع اتفاق سلام مع إسرائيل؟ وهل ستكون على استعداد لسلام حقيقي يتضمن حدوداً مفتوحة وعلاقات دبلوماسية كما في الحالة المصرية؟ هناك عناصر يجب تحقيقها في السلام مثل إقامة سفارات وعلاقات قبل إنجاز الانسحاب».

انتقل كريستوفر إلى دمشق للقاء الأسد في 4 أغسطس (آب)، وأبلغه: «إن رابين أخبرني أنه إذا أعطى الأسد ما يريده، هل يستطيع التوجه في شكل حقيقي نحو السلام؟». وبحسب كتابة «مفكرة دمشق» لشعبان، استشار الأسد وزير الدفاع الراحل مصطفى طلاس ورئيس الأركان الراحل حكمت شهابي قبل إرسال رد الجانب السوري على اقتراح كريستوفر بـ«وديعة رابين»، بما يتضمن ضرورة «الانسحاب الكامل». من جهته، روى نائب الرئيس السوري السابق فاروق الشرع في كتابه «الرواية المفقودة» أن النسخة الأولى من وديعة رابين جاءت مع روس في العام ١٩٩٣ حاملا رسالة من كلينتون حيث اجتمع بالأسد في اللاذقية «دقيقتين» على انفراد ليقول بأن رابين «موافق على الانسحاب الكامل من الجولان، إذا تمت تلبية حاجاته الأمنية».

وفي أبريل (نيسان)، سأل الأسد كريستوفر: «هل يعني رابين الانسحاب التام إلى خط ٤ حزيران 1967؟ أليس لديه أي ادعاء في أي نوع كان في الأراضي الواقعة شرق هذا الخط؟». أجاب: «رابين يفكر بالانسحاب من كل الجولان». وعندما تسلم بنيامين نتنياهو رئاسة الوزراء بعد اغتيال رابين في 1995. أنكر وجود «وديعة» ما دفع الجانب السوري إلى شرح ما حصل. فروت الخارجية السورية في وثيقة في 2 أكتوبر 1999: «أبلغ كريستوفر في يوليو 1994 موافقة رابين على الانسحاب من الجولان إلى خط الرابع من حزيران كالتزام لا بد منه للانطلاق إلى معالجة بقية عناصر اتفاق سلام كامل. وفي هذا السياق طرح الأسد على الوزير الأميركي سؤالين للتأكد من صحة ودقة مضمون الالتزام الإسرائيلي. السؤال الأول: هل يعني رابين بأن الانسحاب من الجولان سيشمل كل الأراضي التي كانت تحت سيادة سوريا في الرابع من حزيران 1967؟ فكان جواب وزير الخارجية الأميركي: نعم. السؤال الثاني: هل هناك أي ادعاء إسرائيلي بأي قطعة من الأرض الواقعة ضمن خط الرابع من حزيران، فكان جواب الوزير الأميركي: لا يوجد أي ادعاء».

– خط 4 يونيو

نجحت دمشق في الانتقال من «الانسحاب الكامل» إلى فرض «خط ٤ حزيران». سيبقى هذا مبدأ رئيسياً في المفاوضات. وأبلغ الأسد كريستوفر أنه في مقابل تعهد رابين مستعدون لـ«الاستجابة للمقترحات الإسرائيلية التي تتضمن إنهاء حالة الحرب وترتيبات أمنية متفقاً عليها، ورفع المقاطعة ومشاركة سوريا في المحادثات المتعددة الأطراف وجدولا زمنيا لتحقيق ذلك». بحسب محللين، هذه «الرواية» تناقض رواية قدمها رابينوفيتش في كتابه «على حافة السلام» من أن خط الانسحاب لم يذكر إلا عام 1994 وأن الحديث كان عن «انسحاب كامل» وأن «الوديعة» الإسرائيلية التي وضعت في «جيب» كريستوفر كانت مرتبطة بـ«إذا» «الافتراضية».

ويعتقد الخبير البريطاني في الشؤون السورية الراحل باتريك سيل أن «مرونة» رابين نحو سوريا كانت لـ«خداعها» وفي إطار اللعب بين المسارات: السورية والأردنية والفلسطينية، لأن تركيزه الأساسي كان على المسار الفلسطيني الذي شهد تطوراً كبيراً بتوقيع اتفاق أوسلو في سبتمبر (أيلول) 1993. إذ عقدت قمة سورية – أميركية في جنيف في بداية 1994. وتعهدت دمشق بـ«عدم تعطيل» اتفاق أوسلو.

لكن وفاة باسل نجل الرئيس السوري بعدها بأيام وقيام رابين بتقديم عرض «مجدل شمس أولاً» أسوة بـ«غزة أريحا أولاً» خلال لقائه كريستوفر في أبريل 1994 جمدا المسار السوري. لكن في 19 يوليو التقى كريستوفر رئيس الوزراء الإسرائيلي، فجدد الأول طلبه الحصول على أجوبة لأسئلة الأسد حول «خط الانسحاب». ويروي رابين نفسه رؤيته للموضوع عشية لقائه كريستوفر وبعد تقديمه «العرض» قبل سنة، في صفحات كتبها في دفتره الصغير ونشرتها صحيفة «معاريف» في 11 أكتوبر 2002: «ما تم الاتفاق عليه هو: إرادة الانسحاب الكامل في مقابل سلام كامل بجميع عناصره، مدة الانسحاب ومراحله، الجمع بين إنجاز سلام كامل قبل إكمال الانسحاب بإجراء انسحاب أولي وإجراءات أمنية». يضيف: «إن السوريين حصلوا على وعد بانسحاب كامل هو أكثر ما تتجرأ أي دولة عربية أخرى على المطالبة به في مقابل عدم وجود اتفاق على أي عنصر من عناصر صيغة ما عرف بالصفقة الكاملة أو أرجل الطاولة الأربع». ويضيف: «إن عملية المفاوضات ستبدأ عندما يتوقع السوريون أن الأميركيين سيخونون إسرائيل خطياً. لقد بدأوا المفاوضات وجعلوا من استئنافها شرطاً للحصول على تنازلات إضافية من إسرائيل… لن نتنازل عن أي تغيير في إجراءات الأمن متعلقة بالحال الجغرافية واتفاقية فصل القوات».

التقدم الجزئي، يفسر إعطاء الأسد «الضوء الأخضر» لقناة السفراء حيث اجتمع المعلم ورابينوفيتش في 25 أغسطس في منزل السفير روس، إضافة إلى لقاء السفير المعلم رئيس الأركان الإسرائيلي إيهود باراك والمستشار العسكري لرئيس الوزراء داني ياتوم في 2 و3 نوفمبر (تشرين الثاني) بعد وعود كريستوفر. كما أعطى الأسد الضوء الأخضر للقاء حكمت الشهابي بنظيره الإسرائيلي إيهود باراك لبحث ورقة «أهداف ومبادئ ترتيبات الأمن» أو الـ«لا ورقة». وروى الشرع في كتابه تركيز لقاء الشهابي مع نظيره الإسرائيلي أمنون شاحاك في يونيو ١٩٩٥ على موضوع محطة الإنذار المبكر الإسرائيلية لرفضه وجودها في سوريا.

– من نتنياهو إلى باراك

وخلال حكم نتنياهو بين 1996 و1999 جرت اتصالات ومساعٍ أوروبية قام بها المبعوث الأوروبي السابق ميغيل انخيل موراتينوس ورجل الأعمال اليهودي رون لاودر. وقال الشرع بأنه في عهد نتنياهو جاءت القناة السرية من وليد المعلم «سفيرنا في أميركا الذي كان بحكم إقامته الطويلة في واشنطن نجح في إقامة علاقات وطيدة مع مجموعة مهمة من اليهود الأميركيين القريبين من إسرائيل»، إذ نقل لاودر رسائل بين نتنياهو والأسد، إلى حين مجيء باراك وأطلق المفاوضات «من حيث توقفت» بعد مفاوضات سرية قام بها المستشار القانوني في الخارجية رياض داودي واوري ساغي في سبتمبر (أيلول) ١٩٩٩.

وفي لقائها الأول بالأسد منذ انتخاب باراك في مايو (أيار) 1999، أشارت وزيرة الخارجية الأميركية السابقة مادلين أولبرايت أن الأسد كان يركز على أن رابين «تعهد» بإعادة كل الجولان. وروت أولبرايت في كتاب «حياتي» أن الأسد قال: «لا أحد ولا أي طفل في سوريا سيوافق على السلام مع أي طرف يحتفظ حتى لو بشبر واحد من أراضينا».

وفي بداية 2000، عقدت مفاوضات بين الشرع ورئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود باراك في بلدة شيبردزتاون في ولاية فرجينيا الغربية بعد اجتماع تمهيدي في واشنطن. كان السؤال المحوري: أين هي الحدود للانسحاب؟ أين الخط الذي كان قائماً قبل حرب يونيو؟. وتروي أولبرايت: «الأسد الذي لم يكلّ أبدا من إبلاغنا بأنه اعتاد السباحة في بحيرة طبريا عندما كان شاباً، أصر على أن الأراضي السورية تمتد إلى الشواطئ الشرقية للبحيرة».

وبعدما توقفت المفاوضات في شيبردزتاون بسبب تهرب باراك من «ترسيم» الحدود. بقيت القمة بين الأسد وكلينتون في 26 مارس (آذار) 2000 الأمل الوحيد لتحقيق اتفاق السلام قبل وفاة الرئيس السوري. وتقول أولبرايت بأن كلينتون عندما قال بأنه سيقدم عرضاً رسمياً لما كان باراك مستعدا للقيام به، أجاب الأسد: «جيّد. لن أرد حتى تنتهي، لكن ماذا بشأن الأراضي؟ وعندما قال كلينتون: «الإسرائيليون مستعدون للانسحاب كلياً إلى حدود متفق عليها في صورة مشتركة»، رد الأسد: ماذا تعني بمتفق عليها في صورة مشتركة؟ بدأ كلينتون يشرح وأخرج منسق عملية السلام دنيس روس خريطة تستند إلى أفكار باراك، وكانت تبيّن خطا يمتد على طول الضفة الشرقية لنهر الأردن وبحيرة طبريا، مع تحديد واضح لشريط الأرض الذي يريد باراك الاحتفاظ به. قال الأسد: إذن هو لا يريد السلام، من دون حتى أن ينظر إلى الخريطة وقال: انتهى الأمر».

وإذ كتبت شعبان في كتابها أن الجانب السوري ليس لديه المحضر الرسمي لقمة الأسد – كلينتون في جنيف، ذلك أن الجانب الأميركي لم يف بوعده بإرسال المحضر، روى الشرع أنه بعد الدخول إلى قاعة الاجتماعات وقول كلينتون بأن روس «سيغادر حالاً الاجتماع بعد أن يعرض خريطة للجولان» وأنه كان للتو على الهاتف مع باراك الذي أبدى «استعدادا لإعادة كل الجولان باستثناء شريط يبعد عن بحيرة طبريا ٤٠٠ – ٥٠٠ متر».

أضاف الشرع أن الأسد قاطع كلينتون، وقال: «هم لا يريدون السلام». أكمل كلينتون بعدما نظر إلى قصاصة ورق بأن باراك «يعرف تمسك سوريا بأراضيها، لكنه لا يستطيع التخلي عن هذا الشريط الضيق وسيعطيكم بدلاً منه أرضاً بنفس المساحة، وأشار إلى روس وطلب منه نشر الخريطة فوق طاولة بين الرئيسين. حاول كلينتون استعادة اهتمام الأسد، ولم يفلح (…) لأن الأسد فقد الاهتمام بعد أن تأكد أنهم يريدون من السوريين ألا يقتربوا من مياه البحيرة».

بعدها انسحبت إسرائيل من جنوب لبنان في مايو (أيار) 2000 ورحل الأسد في يونيو من العام نفسه. وخلال عقد من حكم الرئيس بشار الأسد دخل الجانب التركي على خط الوساطة لتوقيع اتفاق سلام بين سوريا وإسرائيل خصوصاً في «سنوات العزلة» على دمشق بين 2005 و2009 إلى أن عاد الجانب الأميركي إلى الاهتمام بعملية السلام مع تسلم الرئيس باراك أوباما وصولا إلى صوغ هوف «مسودة اتفاق» في بداية 2011. لكن الاتفاق لم يتحقق… واستقال هوف من ملف السلام وتسلم ملف دعم المعارضة السورية في 2012.

– مشروع قانون في الكونغرس الأميركي

في مجلس الشيوخ الأميركي

17 ديسمبر (كانون الأول) 2018

قام السيد كروز بتقديم القرار التالي الذي تمت إحالته إلى لجنة العلاقات الخارجية

قرار

حيث إن مجلس الشيوخ يرى ضرورة اعتراف الولايات المتحدة الأميركية بسيادة دولة إسرائيل على مرتفعات الجولان،

حيث إنه حتى عام 1967 سيطرت سوريا على مرتفعات الجولان، واستغلت ما تتمتع به من ميزة جغرافية تتيح الهجوم على القوات الإسرائيلية والمدنيين،

حيث إنه في يونيو (حزيران) 1967 كثفت سوريا هجماتها ضد إسرائيل من مرتفعات الجولان، واستحوذت إسرائيل على مرتفعات الجولان في حرب دفاعية،

حيث إنه في أكتوبر (تشرين الأول) 1973. منحت مرتفعات الجولان إسرائيل عمقا استراتيجيا مهما للتصدي إلى هجوم مفاجئ تم شنّه من جانب القوات السورية،

حيث إنه في الأول من سبتمبر (أيلول) 1975، طمأن الرئيس غيرالد فورد إسرائيل بأن الولايات المتحدة «ستدعم الموقف المتمثل في ضرورة أن تضمن أي تسوية شاملة تتم مع سوريا في إطار اتفاق سلام تأمين إسرائيل من أي هجوم من جهة مرتفعات الجولان، وأنها لن تتخذ أي موقف نهائي بشأن الحدود، وفي حال حدوث ذلك عليها منح الثقل إلى موقف إسرائيل المتمثل في ضرورة أن يقوم أي اتفاق سلام مع سوريا على بقاء إسرائيل في مرتفعات الجولان»،

حيث إنه في أكتوبر (تشرين الأول) 1991 طمأن وزير الخارجية جيمس بيكر إسرائيل بأن «الولايات المتحدة الأميركية ستواصل دعم ما قدمه الرئيس فورد من تأكيد وطمأنة لرئيس الوزراء رابين في الأول من سبتمبر (أيلول) 1975»،

حيث إنه في عام 1981، طبقت إسرائيل قانونها وسلطتها القضائية، وإدارتها في مرتفعات الجولان، وسيطرت على مرتفعات الجولان لمدة 51 عامًا،

وحيث إنه منذ عام 2011 قتل الحاكم المستبد بشار الأسد مئات الآلاف من المدنيين السوريين، وتضمن ذلك استخدام أسلحة دمار شامل، وشنّ حملة تطهير عرقي ضد السوريين السنة،

وحيث إن إيران قد استغلت الحرب في سوريا لتأمين وجودها العسكري في منطقة بلاد الشام، وتضمن ذلك نشر الآلاف من أفراد القوات الإيرانية، وعملائها، وتسعى حاليًا وراء توفير ممرات على الأرض لتعزيز سيطرتها، وتوسيع نطاق أنشطتها، وضمان وجود عسكري دائم لها على الأرض، وتزويد عملائها الإرهابيين بالأسلحة،

حيث إن إيران دولة راعية رئيسية للإرهاب على مستوى العالم ودائمًا ما يهدد قادتها بمحو إسرائيل من على وجه الأرض،

حيث إنه قد تكررت هجمات إيران وعملائها ضد إسرائيل من داخل سوريا مثلما حدث في فبراير (شباط) 2018 عندما اخترقت القوات الإيرانية المجال الجوي لإسرائيل باستخدام طائرة بدون طيار، وفي مايو (أيار) 2018 عندما قصفت القوات الإيرانية مرتفعات الجولان،

حيث إنه في ديسمبر (كانون الأول) 2014 قرر الكونغرس بالإجماع أن تدعم الولايات المتحدة الأميركية حق حكومة إسرائيل السيادي في الدفاع عن أراضيها ومواطنيها من أي هجمات من جانب حماس، الجماعة الإرهابية المدعومة من إيران، ضد إسرائيل،

وحيث إن سيطرة إسرائيل على مرتفعات الجولان توفر لها حدودا يمكن الدفاع عنها، وتردع عنها أي هجمات من جانب القوات المعادية، وتسهل جمع معلومات استخباراتية، وتمكّن إسرائيل من رصد أي تهديد لأمنها القومي، وعليه،
– تقرر أن مجلس الشيوخ يرى ما يلي:

(1) تدعم الولايات المتحدة الأميركية حق حكومة إسرائيل السيادي في الدفاع عن أراضيها ومواطنيها من أي هجمات ضد إسرائيل بما في ذلك أي هجمات

من جانب إيران أو أي من عملائها.

(2) سيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان مهمة وضرورية لأمن إسرائيل القومي.

(3) لا يمكن ضمان تأمين إسرائيل من أي هجمات من جانب سوريا ولبنان دون سيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان.

(4) إنه من مصلحة الأمن القومي للولايات المتحدة ضمان أمن إسرائيل.

(5) إنه من مصلحة الأمن القومي للولايات المتحدة ضمان تحمل نظام الأسد العواقب الدبلوماسية والجيوسياسية لقتله للمدنيين وما قام به من تطهير عرقي للسوريين السنة.

تم نشر هذا المقال في «الشرق الأوسط»

كيف يرى السوريون في مناطق سيطرة الحكومة قانون سيزر؟

كيف يرى السوريون في مناطق سيطرة الحكومة قانون سيزر؟

أعاد مجلس النواب الأمريكي بداية هذا العام، تفعيل قانون حماية المدنيين في سوريا أو ما يعرف بقانون “سيزر”لمدة عشر سنوات أخرى، مع توسيع دائرة القانون ليشمل فرض عقوبات على الحكومة السورية في مجالات جديدة تشمل: الطاقة والنقل والأعمال، وبموجبه سيتم فرض عقوبات على أي شخص أو جهة تتعامل مع الحكومة السورية أو توفر لها التمويل بما في ذلك أجهزة الاستخبارات والأمن السورية والمصرف المركزي السوري.

وكان قانون “سيزر” قد سن عام ٢٠١٤ بعد أن سرب مصور عسكري منشق ٥٥ ألف صورة لعمليات التعذيب والقتل في المعتقلات السورية.

لاقى القانون وإضافاته ترحيباً من البعض ممن اعتبروه خطوةً لازمةً لمنع إعادة تأهيل نظام الأسد من جديد، خاصة بعد أن بادرت بعض الدول العربية بمبادرات للتقرب منه و مع الحديث عن احتمال عودته للجامعة العربية، إضافة إلى أن هذا القانون سيعيد فتح ملفات الجرائم التي ارتكبت في السنوات الأخيرة لمحاسبة النظام قانونيا، كما أنه سيحاصر الدول الداعمة للنظام كإيران وروسيا بفرض قيود وعقوبات عليها.

من جهة أخرى يرى آخرون أنالعقوبات لن تؤثر على النظام السوري الذي سيجد طرقاً للالتفاف عليها من خلال وسطاء وشركات مختلفة، ولن يتضرر سوى المواطن السوري العادي الذي بقي في الداخل، مستشهداً بتجربة حصار العراق في التسعينات من القرن الماضي لتأكيد زيف المزاعم الأمريكية بحماية المدنيين من أنظمتهم.

في الداخل السوري يردد البعض رواية السلطة عن الموضوع بأنها “مؤامرة خارجية لحصار الشعب السوري اقتصادياً، بعدما فشلت المخططات الإرهابية من النيل من صموده.” كما يقول عبد الله وهو موظف حكومي، مضيفاً: “الشعب السوري لن يخضع لهذا الحصار، وكما خرجنا من حصار الثمانينيات فيما مضى سنخرج الآن ، لدينا الكثير من العوامل التي تساعدنا على تخطي هذه المشكلة ولسنا بحاجة أميركا لتساعدنا بشيء”.

بينما يرى مأمون وهو موظف في شركة خاصة، أنّ للقانون نتائج كارثية على السوريين معطياً مثالاً عما حدث في شركة عرق الريان في السويداء “حيث كانت تصدر منتجاتها إلى الخارج بشكل رئيسي، ونتيجة العقوبات وإيقاف التصدير لم تستطع الشركة دفع ثمن العنب للفلاحين هذا الموسم حتى الآن منذ أكثر من خمسة أشهر.” يقول مأمون شارحاً: “الاقتصاد السوري منهار بالكامل، ولا يعتمد على أية سياسة اقتصادية وطنية، فخلال السنوات الماضية دمرت البنى التحتية بشكل كبير، لكن حجم المساعدات والأموال التي كانت تدخل البلد سواء للحكومة أو للمعارضة كانت تخفي حجم الكارثة الاقتصادية الحقيقية. واليوم وبعد أن توقفت هذه المساعدات تفاقمت الأزمات بشكل غير مسبوق، إعادة إعمار سورية وبناء اقتصاد صحيح يحتاج إلى الكثير من التسهيلات والمساعدات الخارجية، إلا أن قانون سيزر سيكون عقبة حقيقية أمام ذلك.”

يركز العديدون ممن يبحثون في آثار هذا القانون على تأثيره على عمليات إعادة الإعمار وتوفير المواد المستوردة الأساسية بما فيها مواد البناء، والأسمدة، والأدوية، والتقنيات المتطورة والتكنولوجية التي تعتبر هدفاً مباشراً لهذه العقوبات. إلا أن آخرين يرون بأن المشكلة كانت ولازالت داخلية، سواءٌ بوجود عقوبات أو بدونها والمتضرر الوحيد هو عامة الناس، كما تشير المحامية سمر التي تقول ” يمكن تجاوز العقوبات الجديدة لو أن لدينا حكومة وطنية تعمل لصالح البلد، كذلك كنا تمكنا من بناء الاقتصاد من جديد بما تمتلك البلاد من مقدرات ومقومات ودون الحاجة لمساعدة أحد، لكن وبظل وجود حكومة ينخرها الفساد بكل مفاصلها، ستكون نتائج العقوبات كارثية على الداخل السوري”، وترى سمر بأن العقوبات ستكون “شماعة تستخدمها الحكومة لتبرير فسادها وعجزها عن معالجة الأزمات الموجودة كأزمة الوقود والمحروقات” و التي تفاقمت بشكل كبير خلال الفترة الماضية.

وبين المؤيدين لهذا القانون والمعارضين له، فقدت شريحة سورية واسعة الاهتمام بما يحدث حولها لتلتفت لعيشها لكل يومٍ بيومه، فالمهندس المدني كريم مثلاً لم يسمع بقانون سيزر كلياً، وقد علق ساخراً عندما عرف مضمونه: “لا أهتم لمثل هذه القوانين، فمنذ بداية الحرب في سوريا لم تكن الأوضاع أفضل مما هي عليه الآن، هذا القانون كان من الممكن أن يشكل فارقاً في بداية الأزمة، أما الآن وقد دمرت أغلب المدن وهجر أهلها فلا نفع منه، الدول التي ساهمت في خراب البلد وصمتت عن كل الانتهاكات المرتكبة تريد اليوم أن تستثمر في بناء ما هدمته، هذا القانون ليس أكثر من مضاربات في السوق بين الشركات. “

ويتساءل فارس، وهو فلاح في الخمسين من عمره، ساخراً “هل سيؤثر هذا القانون على كمية الأمطار الهاطلة؟ يبدو أنّ الموسم هذا العام سيكون جيداً، ولن أهتم إن كان هناك عقوبات أم لا.” ويضيف فارس ” قطع الغيار للآليات مفقودة منذ بداية الحرب، وعمليات التصدير متوقفة أساساً، حتى الأسمدة والمبيدات الحشرية الموجودة أغلبها مغشوش وفاقد الصلاحية وبدون فائدة، لذا اعتمدت على التسويق المحلي للمنتجات ومحاولة حل المشاكل الزراعية بالطرق التقليدية، مثل التسميد بروث الحيوانات والمكافحة الطبيعية والاعتماد على الحيوانات في عملية الحراثة. “

ويحاول معظم السوريين الذين يعيشون في مناطق السيطرة الحكومية كما فارس مقاومة الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشونها، ويرون أن هذا القرار لن يغير شي عملياً على أرض الواقع، وعلى حدّ تعبير الصحفي سعيد فإن القانون “سياسي بالدرجة الأولى، فهو رسالة للجميع بأن أميركا مازالت الطرف الأهم في الملف السوري، رغم إعلانها عن سحب قواتها، وأنها تستطيع أن تمسك بوابات المنطقة تفتحها وتغلقها كيفما شاءت وحسب مصالحها. “

الحوار السني – العلوي يخرج الى العلن

الحوار السني – العلوي يخرج الى العلن

بعد أكثر من سنتين من الحوار السري بين شخصيات ممثلة للمكونات السورية داخل البلاد وخارجها، خصوصاً من العلويين والسنة، قرر المتحاورون الخروج إلى العلن بـ«مدونة سلوك لعيش سوري مشترك» تكون بمثابة مبادئ فوق دستورية، وتأسيس «مجلس المدونة السورية» على أمل توفير «حاضنة اجتماعية» تشكل ضمانة للمستقبل «بعيداً عن معادلة النظام والمعارضة».

الجولة الأخيرة من الحوار جرت في برلين، الجمعة والسبت الماضيين، بمشاركة 24 شخصاً؛ جرى اختيارهم باعتبارهم ممثلي مكونات، ولهم صلة بالبيئة الحاضنة ومجتمعاتهم المحلية. شارك في الجولة الحوارية 11 من داخل البلاد و13 من الخارج، وكان بين «سوريي الداخل» 9 شخصيات علوية هم نواب سابقون وأبناء شيوخ وشخصيات مؤثرة ذات علاقة بالمجتمع والدولة، على طاولة مستديرة، إلى جانب معارضين و«ثوار» من قادة عشائر من شرق البلاد وشمالها وجنوبها ووسطها ودمشق، وشخصيات كردية، ومسيحيين.

واذ قلل دبلوماسيون من اهمية الحوار نظرا بسبب غياب افق حل سياسي عاجل وعدم فعالية المشاركين، اشار اخرون الى اهميته الرمزية وبعده الاجتماعي.

الحوار الذي صار له يجري وراء الستارة، وتنقل بين باريس وزيوريخ وبرلين، وشاركت فيها شخصيات عدة، وأداره الدكتور ناصيف نعيم، الخبير السوري بالدستور والمقيم في ألمانيا، قرر القيمون عليه إخراجه إلى النور، حيث حضرت «الشرق الأوسط» اليوم الثاني من الجولة يوم السبت والجلسة الختامية «في مكان ما» في العاصمة الألمانية، حيث عمد المشرفون إلى مصادرة الهواتف الجوالة وأي جهاز إلكتروني. وتمت دعوة خبراء في الإرهاب والعملية السياسية لإيجاز المشاركين لرفد خلاصات الحوار في المسار السياسي وما بعده.

وسُمح بتداول كل شيء إعلامياً باستثناء الأسماء الحقيقية للمشاركين من داخل البلاد، الذين أكدوا علم السلطات السورية بمضمون الحوارات والوثائق المتفق عليها، وأجمعوا على أنهم شاركوا ويشاركون «باعتبارنا سوريين، ونرفض تقديمنا باعتبارات طائفية، وألا نكون حرفنا المشروع عن هدفه».

وفي الجلسة الأخيرة، اشتعل النقاش بين أبناء الداخل والخارج حول وجود القوات الأجنبية في سوريا. الفكرة كانت الوصول إلى موقف مشترك يطالب بانسحاب القوات الأجنبية تطور إلى بحث موضوع «داعش» ووجود «حزب الله» في سوريا، إلى أن جرى التفاهم على صوغ مسودة بيان تطالب بـ«انسحاب جميع القوات الأجنبية من سوريا»، من دون ذكر لأي دولة أو ميلشيات، قبل فتح الباب أمام النقاش الإعلامي في أسباب اتخاذهم القرار بالعلنية، وعدم رغبة «أبناء الداخل» ذكر أسمائهم الصريحة طالما أن دمشق على علم بالحوارات.

الحوار

تعود فكرة الحوار إلى 2016، حيث جرت لقاءات في فرنسا وسويسرا بين شخصيات علوية وسنية بتردد أوروبي وقتذاك، من منطلق بحث «وثيقة الإصلاح العلوي». نهاية ذاك العام، حصل اجتماع عاصف عندما وُضع على الطاولة اقتراح الموافقة على «مرحلة انتقالية» وتشكيل «مجلس رئاسي» في سوريا. وجرت بعض التغيرات في الهيكلية والمشاركين إلى أن عقدت اجتماعات أخرى بين «فريقين: علوي وسني» في منتصف 2017، حسب إيجاز أحد المنظمين. وكان بين المشاركين، ملهم الشبلي من عشيرة الفوارة، والشيخ أمير الدندل من عشيرة العقيدات، وعوينان الجربا من عشيرة شمر، ومصطفى كيالي من أحفاد «الكتلة الوطنية» في حلب – إدلب، إضافة إلى «شخصيات علوية» من طرطوس وحمص واللاذقية.

للخروج من «المأزق»، جرى التوافق على إبعاد ثلاثة أمور من النقاش، هي: «النظام والمعارضة، الرئيس بشار الأسد، ثورة أم مؤامرة»، حسب شرح ناصيف نعيم، حيث بدأ صوغ وثيقة فوق دستورية عرفت باسم «مدونة سلوك لعيش سوري مشترك» تتضمن أموراً يتفاهم عليها السوريون، وتبلورت في نهاية 2017. وأنجزت الوثيقة في صفحتين تضمنت 11 مبدأ هي: «وحدة الأراضي السورية، المكاشفة والاعتراف، لا غالب ولا مغلوب، لا أحد بريء من الذنب، محاسبة لا ثأر، جبر الضرر، متابعة الملف الإنساني، الهوية التنوعية للمجتمع السوري، عدم تسييس الانتماء، جماعية التراث السوري، مبدأ المساواة بين السوريين وحماية حرياتهم».

وبين أكثر النقاط التي جرى انقسام حولها، البند الرابع المتعلق بالمسؤولية، و«هل نذكر النظام أم لا» إلى أن جرى التوافق على عبارة «لا أحد بريء من الذنب على أساس الاعتراف المتبادل بين أطراف الصراع أن لا أحد بريء من الارتكاب، كلٌّ حسب دوره ومستقبله». وبعد الوصول إلى الوثيقة، جرى توقيعها من قبل المشاركين أمام القضاء الألماني، مع ذكر تفاصيل الهوية والمعلومات لكل شخص، إضافة إلى أخذ صورة لكل مشارك مع الوثيقة. وقال أحد المشاركين، إنه أخذ «مدونة السلوك» إلى دمشق، وجرى تسليمها إلى مسؤولين رفيعي المستوى.

ورغم الوصول إلى «الاختراق»، استمرت الاجتماعات طيلة العام الماضي في برلين للمضي خطوة إضافية في الحوار إلى أن جرت «مأسسة العمل» عبر تشكيل «مجلس المدونة السورية»، ونصت وثيقته على أن «شخصيات سورية مهتمة بالشأن العام من اتجاهات فكرية واجتماعية متنوعة في المجتمع السوري» توصلت إلى مدونة، و«بناءً على ما تم من اجتماعات بين الشخصيات الموقعة التي اتسمت بطابع الدورية، وأخذت شكلاً مؤسساتياً بحكم الأمر الواقع، تم انضمام الكثير من الشخصيات، ووقعت عليها، معتبرة نفسها امتداداً لمبادئها وجزءاً من الجسم الحامل لهذه المدونة، وباتت الشخصيات جميعها تشارك في الاجتماعات الدورية».

وأشار الموقعون إلى أنهم اتفقوا على تأسيس «مجلس المدونة السورية جسماً حاملاً ومسؤولاً عن مدونة السلوك تجاه السوريين، أينما وجدوا، وتجاه الدول والمجتمعات الدولية كافة». كما جرى في الجلسة الأخيرة تعيين ثلاثة ناطقين باسم «المجلس»، إضافة إلى العمل على إقامة نظام داخلي وتشكيل لجان عمل من المشاركين لوضع «خريطة تنفيذية» لشرح المبادئ الـ11، وتقديمها إلى الحواضن الاجتماعية لكل منهما داخل البلاد وخارجها.

أسئلة وأجوبة

أتيحت فرصة الحوار مع جميع المشاركين على مائدة واحدة في بناء ألماني قديم ذي سقف عال ونوافذ واسعة تتوسطه لوحة مذهبة تطل على طاولة مستديرة انحشر فيها 24 شخصاً. من الداخل والخارج. رجال ونساء. شباب وكهول. بالزي التقليدي والزي العصري. بعضهم تحدث بلهجته، فيما تحدث آخرون بالإنجليزية. بعضهم خبر الغرب، فيما لا يعرف آخرون سوى قريتهم وضيعتهم.

وما إن هدأت النفوس بعد النقاش الساخن حول القوات الأجنبية، حتى طرح السؤال: «لماذا قررتم الآن الخروج إلى العلن؟». كل أجاب على طريقته، وكان المنظم هو ناصيف نعيم. أجاب الجربا أنه بعد إقرار الوثيقة لاحظ ردود فعل إيجابية وصدى طيباً في أوساط من يعرفهم و«حاضتنا الاجتماعية»، ذلك أن هدف المشاركين هو الوصول إلى «نظام سياسي اجتماعي للدولة القادمة على أساس العدالة الاجتماعية». في الصورة الأوسع، أشار، وهو القادم من شرق سوريا، إلى ضرورة وجود دور عربي في سوريا و«نناشد الدول العربية، وفي مقدمها السعودية، القيام بدور عربي لحل القضية السورية. الدول الأخرى لها مصالح، لكن الدول العربية هي أهلنا والسعودية هي الأخ الأكبر لنا».

وأشار إلى أن «الشعب السوري لا يرى حلاً عبر معادلة النظام والمعارضة، بل الحل عبر الحاضنة الاجتماعية. والمدونة هي رسالة طمأنة إلى الشعب بأن هناك أشخاصاً يعملون للناس ويشكلون ضمانة للمستقبل». وأضاف: «قبل الثورة نعرف المشاركين معنا من الداخل من حمص وطرطوس، ونعرف أنهم مؤثرون، ويعرفون أن مفتاح الحل هو الحاضنة الاجتماعية… النظام لم ولن يسمح بوجود مجتمع مدني، ويعرف دائماً أن الحل هو عند المجتمعات المحلية، ونحن نشكل ضمانة للمستقبل، والعلويون المشاركون يعرفون ذلك».

وإذ رأت سيما عبد ربه أن المدونة ضمنت «11 مبدأ تضم أفكاراً جامعة ستتبعها آليات تنفيذ»، قال أحد المشاركين من طرطوس إن المبادئ «يقول البعض عنها إنها طوباوية، نريد هذه الطوباوية والحلم، ونريد العيش بالفضيلة. والمدونة هي أيقونة المستقبل السوري بعد المقتلة السورية لكل الأطراف». وقال مشارك آخر من حمص إن المبادئ «تعبر عن نبض الشعب السوري، وهي خريطة طريق لسوريا».

من جهته، قالت إحدى الشخصيات البارزة، وهو نائب سابق وشخصية فاعلة في طرطوس، إنه يرفض مثل غيره أن يقدم من منطلق طائفي و«العلويون رفضوا عبر التاريخ الانفصال واختاروا الدولة السورية»، والخلاف الموجود حالياً «هو سياسي يحاول البعض تقديمه طائفياً». ونقل عن الشيخ صالح العلي، أحد قادة الثورة السورية ضد الانتداب الفرنسي، قوله «إن العلويين جميعاً سنة إذا تعرض سني للخطر». وذهب آخر للقول: «الخلاف ليس داخلياً، بل مؤامرة خارجية».

غض الطرف

ورأى السفير السوري السابق في لندن سامي الخيمي، أن الخطر على سوريا أن السوريين غير مجتمعين على مواجهة أطماع الخارج، مطالباً بضرورة أن يبحث السوريون عن المصالح الاقتصادية فيما بينهم، فيما أملت عبد ربه في بناء «كتلة حرجة اجتماعية سورية» تشكل رافعة للحل. ورأى إبراهيم محمد إبراهيم باشا، وهو من أكراد الحسكة: «نحن كثوار قمنا ضد النظام، وأرى أن المدونة تمثل حلم كل السوريين».

أما أحد المشاركين من الساحل والفاعلين في مساعدة النازحين، «بما في ذلك أسر المسلحين»، فقال: «جرى العمل الممنهج على تدمير الرموز السورية، ولم يبق لنا سوى فعل الممكن. والمبادئ الـ11 هي خطوة نحو المستقبل»، الأمر الذي وافق عليه إبراهيم شاهين من ألمانيا، قائلاً: «المدونة خلاصة عمل هادئ وعميق من دون ضجيج للوصول إلى المشتركات». وأضاف آخر أن «العلنية ضرورية لجمع السوريين حول هذه المبادئ التي لا خلاف حولها، وتوفير ضمانة وأمل للمستقبل».

من جهته، قال نائب سابق في حمص، معروف بصلاته وفعاليته، «الحرب السورية فريدة. بعض القوى زادت ضراوة الحرب تحت عنوان مساعدة الشعب السوري»، إذ إن السوريين لم يكونوا متعودين على القتل و«القوى الخارجية كان لها دور في سفك الدم السوري»، محذراً من «اصطياد البعض في الماء العكر، وتأسيس كانتونات شرق سوريا»، الأمر الذي وافق عليه زميله، وأضاف أن «السلطات على أعلى مستوى على علم بهذا الحوار وتسلمت نص المدونة». وحض آخر على ضرورة رفع العقوبات الغربية التي تضر بالإنسان السوري العادي.

في المقابل، قالت إحدى الشخصيات المعارضة إن «حديث النظام عن الانتصار يستفز الكثيرين، ونعرف أن هناك ردوداً وعمليات ضد قوات النظام في الجنوب السوري، لذلك فإن طرح هذه المبادئ يدفع الناس للبحث عن المشتركات»، فيما قالت مشاركة بارزة من دمشق إن مشاركة «سوريي الداخل» بالحوارات حصلت «من دون وهم: نحن نحاول أن نراوغ ضمن الهامش بحثاً عن التغيير»، مشددة على رفض فكرة «أن الداخل كتلة واحدة موحدة». وأضاف إلى ذلك شخص آخر من طرطوس: «إذا كان الشعب السوري لا يقبل بعضه بعضاً، يمكن للأمور أن تنفجر في أي لحظة. لذلك لا بد من التحرك الاجتماعي، وهذه المدونة ضرورة والإعلان ضروري».

بسام صباغ، وهو مسيحي من حلب ومقيم في الخارج، حرص على إيصال صوته، قائلاً: «الانطباع أن المسيحيين هم مع النظام، وليسوا مع المعارضة. في الواقع المعارضة تأسلمت، أو دُفعت إلى التأسلم، وبالتالي من يرتبط بالمعارضة السياسية يعتبره بعض المسيحيين خائناً لهم، لذلك فإن هذه المدونة مهمة لأنها تتحدث عن مبادئ سامية وفوق الاستقطاب بين النظام والمعارضة».

وبعد يومين من الأخذ والعطاء تحت سقف ألماني، وبقواعد حوار ألمانية، من دون هواتف جوالة، وبعزلة كاملة، عاد كل إلى مكانه الجغرافي. أبناء الداخل إلى سوريا. أبناء الخارج إلى الشتات. لكن التواصل قائم بينهم للترويج لـ«مدونة سلوك»، إضافة إلى العمل لحل إشكاليات وقضايا في مجتمعاتهم المحلية… من دون انتظار حل سياسي من فوق، وبتفاهمات خارجية، طال انتظاره، وقد يطول فرضه.

تم نشر هذا المقال في «الشرق الأوسط»

سوق الوراقين…وجه جميل لدمشق

سوق الوراقين…وجه جميل لدمشق

لا يزال سوق الكتب المستعملة، الواقع تحت جسر الرئيس، مقصداً لكثيرٍ من الكتاب والمثقفين ومحبي القراءة، فقد شكَّل هذا السوق المزدحم وسط العاصمة دمشق، ذاكرةً خصبةً لكل من مر به، كما ساهم في تنمية ثقافة روَّاده، خاصة من القراء المبتدئين، ورَفَد مكتباتهم المنزلية بالعديد من الكتب، إذ أنه صديق عطوف على ذوي الدخل المحدود، ففيه لا يتجاوز سعر الكتاب المستعمل ثلث أو حتى ربع سعر الكتاب الجديد.

 ويعود تاريخ هذا السوق لعام ٢٠٠٣، عندما تجمّع فيه عددٍ من باعة كتب الرصيف الذين كانوا منتشرين في منطقة الحلبوني والبحصة والتكية وغيرها، ليضم اليوم نحو ثلاثة عشر بائعاً، يلقِّبهم البعض بـ”ملوك الكتب”، فهم ليسوا تجاراً بقدر ما هم قراء شغوفون بالمعرفة تربطهم بالكتاب علاقة وثيقة. فالتعامل مع الكتب “يبقي الإنسان على تواصلٍ مع المفكرين والأدباء والعلماء” وفقاً لأبو طلال، أحد أقدم باعة السوق وأشهرهم، يقول أبو طلال ” من يقرأ كتاباً يوجه صفعةً حقيقيةً للجهل” مشبهاً علاقته مع كتبه بدخول المرء إلى حديقة “يقطف منها زهوراً من كل لونٍ وعطر”، ولأن بائع الكتب يتمتع بقراءتها فهو كبائع العطر “إن لم يبع العطر يشمَّه” على حد وصفه.

ويحتوي هذا السوق على كتبٍ نادرةٍ وفريدة في شتى مجالات الأدب والتاريخ والعلوم وغيرها، ويُعَد كنزاً ثميناً للباحثين عن عناوين أو ترجماتٍ معينة فُقدت منذ زمن، وعن تميز السوق يتحدث أبو سارة أحد الباعة فيه قائلاً “معظم المكتبات الحديثة توجهت نحو بيع الكتب الرائجة كالكتب الدينية وكتب الطبخ والترفيه والتسلية، بينما بقي هذا السوق محافظاً على تنوعه وغناه، ورغم اصفرار أوراق بعض الكتب واهتراء أغلفتها إلا أنها تحتفي بقيمةٍ فكريةٍ ومحتوى معرفي ثمين، فكتبنا تعتمد على المضمون لا على الشكل التجاري المبهرج”، مضيفاً “هناك من يفضل شراء الكتب القديمة ذات الأغلفة الباهتة والحواف المتآكلة، كونها تمثل له تراثاً فكرياً وذاكرة ثقافية، فهي كالطوابع والعملات والقطع الأثرية النادرة”.

مهنة مربحها فكري ومعنوي

“لو أنني سائق سيارة أجرة، بائع سجائرٍ أو خضار لحققت دخلاً أفضل بكثيرٍ من عملي هذا، فأنا أجمِّد لأجله رأس مالٍ كبيراً مقابل أرباحٍ بسيطة لا تعادل حجم تعبي اليومي، لكن حبي للتعامل مع الورق والكلمات يشعرني بالرضى والسعادة، فهو عملٌ إنساني نبيل يخاطب العقول والقلوب” يروي البائع أبو سارة، مضيفاً “قد تحقق بعض الكتب الجديدة أرباحاً جيدة إلا أن غلاء أسعارها يجعل مبيعاتها محدودة إذا ما قورنت بمبيعات الكتب المستعملة، لكن الأخيرة لا تعود علينا بمرابح مجزية، لأنها ترأف بحال زبائنها أصحاب الدخل المحدود”. ونتيجة هذا الواقع بات عدد بائعي الكتب المستعملة يتناقص يوماً بعد يوم، ومن بقي يزاولها هم “بعض المخلصين للكتاب والساعين نحو الربح المعنوي والفكري قبل المادي” بحسب أبو سارة.

أما أبو طلال فيرى أن “الكتاب يفقد دوره الثقافي والتنويري إذا عومل كسلعةٍ يُجنى من ورائها المال”، وعن علاقته بزبائنه يقول: “أحب رؤية الزبون يقلّب الكتب لساعاتٍ ويتفحص عناوينها ومحتواها بدقة، فأتناقش معه حولها وأنصحه في اختيار بعض القراءات، ولا يهمني في نهاية الأمر إن اشترى كتاباً أم لا، ما يهمني هو تحفيزه على القراءة وامتلاك أدواتها، لأنه سيعلِّم غيره، ومن يقرأ يفكر، ومن يفكر يبني مجتمعاً متقدماً”. ومن خلال العلاقة الوطيدة التي يبنيها أبو طلال مع زبائنه يأتي مكسبه المادي، إذ غالباً ما يعودون لشراء الكتب، التي تصفحوها وأعجبتهم، بعد توفير المال اللازم، وقد يأتون بصحبة زبائن جدد.

مكان لا يناسب الثقافة

يستقبلك التلوث السمعي والبصري عند اقترابك من السوق، فالتناقضات والفوضى تحيط بالسوق المكتظ بتجمع لوسائط النقل العامة، إضافة لسوق تجاري لبسطاتٍ من كل شكلٍ ولونٍ، يعتمد باعتها على النداء المتكرر لجذب انتباه العابرين.

من جهة أخرى، يفتقر سوق الوراقين إلى البنى التحتية المناسبة، وتنقصه الإنارة الجيدة والمظهر الجمالي المطلوب، حيث تنتشر مئات الكتب على الأرصفة بين الغبار وبقايا القمامة وتكاد تدوسها أقدام المارة، وفي الأيام الممطرة يضطر بعض الباعة إلى تغطية كتبهم بالشوادر والنايلون، مما يجبرهم على التوقف عن العمل، كذلك يعانون من ظروف البرد خلال جلوسهم في أمكنتهم المفتوحة على كل الجهات.

يصف أبو سارة معاناته مع المكان قائلاً “عملنا فكري يتطلب هدوءاً وصفاء ذهنياً، وموقع السوق لا يؤمن لنا هذا، إذ تتصدع رؤوسنا طوال النهار من الصراخ المتواصل للباعة والضجيج المزعج لوسائط النقل، ولا نكاد نسمع حديث زبائننا وزوارنا، فهم غالباً يضجرون من البقاء طويلاً، وهو ما يؤثر سلباً على حجم مبيعاتنا”. ويضيف “بينما تحظى بعض السلع التجارية في جوارنا بالدلال والامتياز وتتربع على رفوفٍ ملونة، تستلقي بعض كتبنا على الأرض كالخردة، بغير سقفٍ يحميها أو جدارٍ تستند عليه لتتعرض للرطوبة والغبار وعوامل الطقس، وهو ما يساهم في اتساخ أغلفتها واصفرار أوراقها والإسراع في تلفها”.

السوق خلال الحرب

أدت الحرب لتغير هوية بعض المكتبات إذ تحولت إلى محال تجارية ومطاعم نتيجة تراجع حركة بيعها للكتب وعجزها عن شراء الكتاب الجديد، حيث حلَّق سعره بشكلٍ خيالي، مما اضطرت مكتبات عديدة في دمشق لبيع الهدايا والألعاب والقرطاسية وغيرها لتقاوم الإفلاس وتتمكن من الاستمرار. ونتيجة ارتفاع سعر الورق وتكاليف الطباعة، وضعف الإقبال على النشر، توقفت دور نشرٍ كثيرة عن عملها مستسلمة لإفلاسها لتبيع كتبها ومحتوياتها، بأسعار زهيدة لتجار الورق وباعة الكتب المستعملة.

 ولم ينج سوق الوراقين من لعنة الحرب هو الآخر، ففقد السوق معظم رواده خلال السنوات الماضية، حيث تكدست مئات الكتب لفترات طويلة حتى أصابها التلف واستحال بيعها، ما اضطر أصحابها لإرسالها إلى معامل الكرتون أو استخدامها كمادةٍ للتدفئة، ورغم شلل حركة البيع وتراجع الإقبال على السوق، استمر عمله بفضل بعض باعته المخلصين له، ومن بينهم أبو طلال الذي يلخص ذلك بقوله “حافظنا على روح المكان وقاومنا بكتبنا قبح الحرب، تابعنا عملنا رغم إفلاس معظمنا، لنثبت للعالم أننا كناشري ثقافة صمدنا مع كتبنا لنكمل رسالتنا الإنسانية”.

ورغم انتعاش حركة السوق في العام الأخير، قياساً للأعوام التي سبقته، لم تعد لما كانت عليه قبل عام 2011 وربما لن تعود في المدى القريب، ويعزو أبو سارة سبب ذلك إلى “سفر الكثير من القراء الشغوفين باقتناء الكتب، وتردي الواقع الاقتصادي عند معظم الناس ليصبح شراء الكتاب نوعاً من الكماليات، عدا عن أعباء وهموم الحياة اليومية التي جعلتهم ينسون الأشياء التي يحبونها”

أما أبو طلال فيعزو السبب إلى “تغير المزاج الثقافي العام الذي يتحكم بنوعية القراءات التي تتجه بمعظمها حالياً نحو ثقافة القراءة الاستهلاكية والاستسهال في الحصول على المعلومة السريعة، عبر اللجوء إلى الإنترنت والكتب الإلكترونية”.

قلبنا من الحامض لاوي: السوريون وأزمة الحمضيات

قلبنا من الحامض لاوي: السوريون وأزمة الحمضيات

تزين أتوستراد المزة بالحمضيات منذ فترة، في مشهد أثار حفظية المزارعين الذين لم يتوقعوا أن يجدوا إنتاجهم من الحمضيات يستخدم للزينة عوضاً عن الأكل. في الوقت الذي أشار فيه رئيس اتحاد المصدرين السوري محمد السواح بأن هذا من أنواع العرض لمنتجات مهرجان” زرع وصنع في سورية” والذي يقام بداية كل شهر لترويج المنتجات السورية، والذي تم تزيينه للمرة الأولى بالحمضيات فقط.
وأزمة تسويق الحمضيات في سوريا ليست جديدة، فخلال أكثر من 25 سنة تنوعت المساعي الحكومية التجميلية للتخفيف من الواقع المأساوي لمصير الحمضيات دون جدوى، واليوم تقف الحكومة عاجزة عن تصريف إنتاج هذا المحصول الذي تجاوز المليون طن وفق أرقام وزارة الزراعة السورية.
دفع هذا العديد من المزارعين إلى اقتلاع أشجار البساتين، إذ تشير إحصائية مديرية الزراعة في اللاذقية إلى أن عدد الأشجار المقلوعة خلال عام 2016 وصل لـ 5086 شجرة في حين بلغ عدد الأشجار المقلوعة عام 2017 لـ 20338 شجرة.
وتستوعب السوق المحلية ما يقارب ثلث الإنتاج من الحمضيات أثناء الموسم، مما يترك كميات كبيرة خارج الحاجة الفعلية، وهذا يعني زيادة كبيرة في العرض تؤدي إلى انخفاض الأسعار بشكل مجحف بحق المزارعين، كما تؤدي لتلف جزء من الموسم لعدم جدوى قطافه وتسويقه. ومع استمرار فجوة الفارق بين سعر الحمضيات الذي يبيع بموجبه الفلاح محصوله، والسعر الذي يشتريها به المستهلك النهائي بنحو 50 ليرة سورية، يؤكد المزارعون أن هذا تلاعباً بقوت عائلاتهم ، حيث يعمل بهذه الزراعة قرابة 57 ألف عائلة في 357 قرية ويعتمدون عليها بشكل أساسي في معيشتهم.
ويبلغ عدد أشجار الحمضيات الكلي 14 مليونا و196 ألف شجرة، تمتد على مساحة 43 ألف هكتار، منها 13 مليونا و555 ألف شجرة في طور الإنتاج تشرف عليها 103 وحدات إرشادية وفق أرقام وزارة الزراعة.
ويعاني مزارعو الحمضيات من عدم إمكان تصدير انتاجهم لأسباب عدة، منها عدم مطابقة المنتج للمواصفات القياسية التي تطلبها الأسواق الخارجية، إذ رفضت روسيا عام 2017 شحنات الحمضيات السورية لهذا السبب مما دفع البلدين لتأسيس شركة خاصة تعنى بجودة المنتج الزراعي، بحيث يكون مطابقاً للمواصفات التي تناسب السوق الروسية، وتم وضع خطة لمبادلة 200 ألف طن من الحمضيات والفواكه والخضار السورية بالقمح الروسي، إلا أنه لم يتم البت بالموضوع مع الجانب الروسي على ذلك، وبقي الموضوع رهن الدراسة والمشاورات.
يضاف إلى ذلك أن عملية التصدير تتطلب وجود مشاغل فرز وتوضيب الحمضيات، إلا أن عدد المشاغل لا يتجاوز الـ 50 في محافظتي طرطوس واللاذقية، ووفقاً للمزارعين هناك، فإن خط التصريف لا يتجاوز مدينة دمشق، كما تعتبر مشكلة المنافسة في الأسواق العالمية أحد أبرز معوقات التجارة، في ظل غياب المشجعات التصديرية المتمثلة بسياسة الحماية المتبعة في بلدان عدة مثل الاتحاد الأوروبي.
حاولت الحكومة العام الماضي تسويق المحصول عبر مؤسساتها التجارية، وذلك باستجرار كميات كبيرة من المحصول لصالاتها، حيث تم تركيب خط للفرز هو الأول من نوعه لدى القطاع العام في الساحل السوري، تبلغ إنتاجيته خمسة أطنان بالساعة، لكن هذا الإجراء فشل في تسويق كامل الإنتاج، إذ يحتاج تصريفه لإيجاد أسواق خارجية لتصديره.
ولتصرّف بقية المحصول عمدت الحكومة لإطلاق حملة لتوزيع الحمضيات مجاناً لأسر ضحايا الحرب السورية، الأمر الذي أثار استياء أهالي الضحايا خاصة بالمناطق الساحلية، وبهذا لم تثمر المقترحات التي ابتدعتها الحكومة لحل مشكلة الحمضيات، بل على العكس يزداد الأمر سوءاً عاماً بعد عام.
مؤخراً منحت الحكومة دعماً قدره 1600 دولار لكل شاحنة تحوي 15 طناً من الحمضيات، لكن الأمر الذي غاب عن ذهن الحكومة السورية أن الدعم المادي سيذهب للتجار لا للمزارعين، خاصة وأن التجار هم الحلقة المسؤولة عن تسويق الإنتاج.
أما المزارعون فمعاناتهم ماتزال كبيرة نتيجة الخسائر المتلاحقة لقطاع الحمضيات حيث يتكدس الإنتاج في أسواق الجملة، ومع بداية كل موسم زراعي تتجدد المشكلة إن كان لجهة كساد الإنتاج، أو نتيجة العوامل الطبيعية لتبقى الأزمة مستمرة.
وبالإضافة للحاجة لسياسة زراعية حقيقة تدرس حجم احتياجات السوق الداخلية وإمكانية التصدير والأسواق الخارجية التي ترغب باستيراد هذا النوع من الحمضيات، على الحكومة السورية أن تدعم المزارعين أسوة بالدول الأوروبية، التي تقوم بالدفع لمزارعيها لثنيهم عن زراعة منتج قد يتسبب بحدوث فائض وكساد بالإنتاج، وبالتالي توفر الحكومة على نفسها معاناة البحث عن سبل لتصدير الفائض من الحمضيات التي زادت بكثرة في السنوات الأخيرة نتيجة استسهال الحلول والاعتماد على الدولة لتسويق المنتج الفائض، لكن مع مرور الوقت أصبح هذا الاستسهال عبئاً على المزارع والدولة.
أما الحديث عن إنشاء معمل لعصر الحمضيات، فيجمع العديد من المختصين بصناعة العصائر أن منتج الحمضيات السوري غير قابل للتحول إلى عصير، لنسبة المرارة العالية فيه، وبالتالي لا جدوى من تصنيعه. ولو كان الأمر مجدياً لتسابقت الدول المجاورة على استيراده وتصنيعه، نتيجه انخفاض أسعاره.
عن هذه القرارات ومشكلة المحصول الفائض عبّر البعض عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن خوفهم من أن تتخذ الحكومة قراراً لتوزيع الحمضيات أي “صناديق البرتقال” بدلاً عن الأجور والرواتب، حيث أن الحد الأدنى للأجور في سوريا 30 ألف ليرة يعادل شراء 300 كيلو غرام من البرتقال، بينما اكتفى آخرون بالقول “قلبنا من الحامض .. لاوي”..