أهالي دوما بين مطرقة النظام وسندان جيش الإسلام

أهالي دوما بين مطرقة النظام وسندان جيش الإسلام

مع سيطرة الجيش السوري على أغلب مساحة الغوطة الشرقية بعد خروج فصيلي ”أحرار الشام“ من حرستا، و“فيلق الرحمن“ من زملكا وجوبر وحزة وعربين، وهي المناطق التي بقيت تحت سيطرته في القطاع الأوسط، أصبح واضحاً بأن الوجود المسلح لفصائل المعارضة السورية أصبح محسوماً في تلك المنطقة، والتي شهدت أعنف حملة عسكرية عليها منذ بداية حصارها في نهاية عام ٢٠١٢.

لكن يبقى السؤال الأهم، ما هو مصير فصيل ”جيش الإسلام“ المحاصر في مثلث دوما، وبعهدته ما يقارب ١٤٠ ألف مدني؟

بدأت مفاوضات جيش الإسلام مع الجانب الروسي منذ بداية الحملة العسكرية على الغوطة في منتصف شباط ٢٠١٨، ومع استمرار تقدم الجيش السوري في مزارع الغوطة، من الناحية الشرقية، حيث الخاصرة الرخوة للمحاصرين، ثم محاصرة كل فصيل على حدة، بعد تراجعه إلى مركز سيطرته (جيش الاسلام في مدينة دوما مع امتداد حتى بلدة الريحان في الشمال الشرقي للغوطة، وأحرار الشام في مدينة حرستا، بينما تآكلت مناطق فيلق الرحمن وتصالحت مدنه مع ما فيها من مدنيين ومقاتلين مع النظام بشكل منفرد، وبالتالي أضحى محاصراً في مدن زملكا وجوبر وحزة وعربين) تقدَّم جيش الاسلام بعرض إلى الجانب الروسي، وكما رشح من بنود هذا العرض، والمحفوظة ضمن دائرة ضيقة في قيادته، أن يتحول جيش الإسلام إلى شرطة مدنية (بدل خدمة العلم الإلزامية في الجيش السوري) في مدينة دوما وما حولها، مع تسليم السلاح الثقيل، ودخول رمزي لمؤسسات الدولة، ورفع العلم السوري على الدوائر الحكومية، ودخول كتيبة شيشانية لتأمين المنطقة بدل دخول الجيش السوري وقوات النظام الرديفة.

ومع الحديث عن تواجد وساطة مصرية في دمشق تسعى للحفاظ على جيش الإسلام ومدينة دوما، كما تسرب من الصحافة، يبدو أن الجانب الروسي تعاطى بشكل ايجابي مع عرض جيش الإسلام في البداية، حيث دخلت المساعدات الإنسانية إلى مدينة دوما وحدها دون غيرها عدة مرات، وخرجت الكثير من الحالات المرضية والإصابات بالغة الخطورة من داخل مدينة دوما لتلقي العلاج في العاصمة دمشق، وأيضاً أعلن الجانب الروسي عن وقف إطلاق النار من جانب واحد على مدينة دوما فقط، وهذا أعطى جيش الإسلام قناعة بأنه يملك أوراق تفاوضية قوية ومختلفة عن فيلق الرحمن أو أحرار الشام، فهو لم يُخِل باتفاقية ”خفض التصعيد“ التي وقعها مع الجانب الروسي في ٢٢ تموز ٢٠١٧، على عكس فيلق الرحمن الذي ساند بشكل واضح أحرار الشام في معركة ”بأنهم ظلموا“ على إدارة المركبات في مدينة حرستا، ولم يقم أيضاً بقصف العاصمة دمشق كما كان يفعل سابقاً في مثل هذه الظروف، في حين أن فيلق الرحمن أمطرها بوابل من القذائف والصواريخ، مما أوقع العشرات من الإصابات والضحايا في صفوف المدنيين، وأيضاً يتباهى جيش الإسلام بأنه أول من حارب تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام”داعش“ وذلك بعد أشهر من إعلان التنظيم عن قيام دولة خلافته، حيث اقتلعه تماماً من الغوطة الشرقية وقضى على وجوده فيها، ثم قاتله في جنوب دمشق، وفي جبال القلمون بالتعاون مع قوات أحمد العبدو المحلية هناك، وكذلك حربه ضد هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) حيث دخل مراكز قيادتها في ٢٨ نيسان ٢٠١٧ بعد أن قتل وأسر العديد من قادتها وعناصرها، ولولا تدخّل فيلق الرحمن المتأخّر لحماية من تبقى منهم، لكان أنهى وجودها بشكل كامل في الغوطة الشرقية.

لكن يبدو بأن الجانب الروسي كان يملك اليد العليا في إدارة المعركة على الأرض ومن خلال التفاوض أيضاً، فهو أعطى نوعاً من الاطمئنان لقادة جيش الإسلام في رده على مطالبهم، ومن ثم بعد أن دخل الجيش السوري إلى القطاع الأوسط وبدأت مدنه وبلداته تُصالح منفردة، ومع تحوّل صمود أحرار الشام في حرستا إلى تفاوض بفعل ضغط الأهالي، تغير موقف الجانب الروسي فجأة، وقيل بأنه انسحب من تعهداته التي قدمها لجيش الإسلام، وهذا ظهر واضحاً من خلال تصرفات جيش الإسلام الذي حاول التلويح بأوراق تفاوضية جديدة، فاستعمل منظومة صواريخ الأوسا (9K33 Osa منظومة قاذفة، تحمل ستة صواريخ دفاع جوي محمولة على سيارات نقل بستة عجلات، ومدمج بها رادار في سيارة واحدة، وكان جيش الإسلام قد استولى عليها من قاعدة دفاع جوي بالقرب من دمشق في نهاية ٢٠١٢) للمرة الأولى خلال هذه الحملة، وأطلق صاروخين اثنين في اتجاه مروحييتين للجيش السوري دون إصابة أي منهما، وذلك في ١٧ آذار الماضي، وأيضاً قام باستعراض لبعض دباباته في وسط دوما، ثم فتح معركتين في مساء اليوم التالي، واحدة باتجاه حرستا بالتعاون مع أحرار الشام فيها، حيث قيل بأنه تسلّم سلاحهم الثقيل قبل إبرام اتفاقهم النهائي مع النظام السوري، وأخرى أحرز من خلالها تقدماً في مزارع بلدة مسرابا، فعاد القصف من جديد على مدينة دوما موقعاً العديد من الضحايا، وكان أشدها في ٢٣ آذار حين تم قصف المدينة بالنابالم والفوسفور الحارق.

مع عودة الهدوء النسبي وتوقف القصف على مدينة دوما، عاد جيش الإسلام إلى التفاوض من جديد، ولكن هذه المرة كان من خلال لجنة مدنية (تم انتقاء معظم أفرادها من المقربين منه) وعبر خط تفاوض جديد موازٍ لخط العسكر التفاوضي، ومع ذلك لم يتم تحقيق أي شئ يُذكر، فالموقف الروسي ثابت، خروج من دوما إلى محافظة إدلب أو جبال القلمون الشرقي، مع تسليم السلاح الثقيل، وتسوية أوضاع الراغبين في البقاء، مع إعطاء مهلة سنة كاملة قبل الالتحاق بالجيش للمتخلفين أو الفارين من خدمة العلم، وأن تكون الخدمة الإلزامية في الفرقة الخامسة (وهي فرقة ميكانيكية، تتموضع في الجنوب السوري ومسؤولة عن الجبهة الجنوبية، شاركت في حرب تشرين في ٧٣ وكانت أكثر الفرق نجاحا حيث وصلت إلى مشارف بحيرة طبريا) وكذلك أبدى الجانب الروسي استعداده للتفكير في إرسال كتيبة شيشانية إلى دوما، بدلاً من الجيش السوري وقوات النظام الرديفة، وبالتالي بقي الوضع معلّقاً مع جولات من التفاوض شبه اليومية وبحضور ممثل عن الأمم المتحدة المتواجدة في دمشق.

يعلم الجميع بأن ”جيش الإسلام“ قد انتهى، وهو يعلم ذلك، فخروجه إلى محافظة إدلب، يعني بأنه سيكون في مواجهة غير متكافئة مع هيئة تحرير الشام، على الرغم من تأكيد قيادة أحرار الشام في الشمال بتأمين الحماية اللازمة والكاملة لجيش الإسلام إن رغب في التوجه إلى محافظة إدلب، والجانب الأمريكي يرفض تماماً فكرة  توجه جيش الإسلام نحو الجنوب إلى درعا، والجانب التركي كذلك يرفض بشكل قاطع دخول أي مدني أو مسلّح إلى مناطق سيطرة درع الفرات، حتى أنه ومن معه من فصائل المعارضة السورية وضعوا ”فيتو“ على دخول ”فيلق الرحمن“ للقتال إلى جانبهم سواء في قيادة الأركان أو في درع الفرات، ويبدو أن جيش الإسلام قد أغضب الأتراك حين قبل بالوساطة المصرية عند توقيع اتفاقية خفض التصعيد، وبالتالي لم يبقَ أمام جيش الإسلام إلا منطقة جبال القلمون الشرقي، وهي منطقة مُحاصَرة بشكل أكثر سوءاً من مدينة دوما الآن، ناهيك عن عدم أهليتها لاستقبال هذا العدد من المقاتلين وعائلاتهم.

مع كثرة الشائعات والأقاويل، يتحرك الشارع المدني – المُغيّب تماماً عن تقرير مصيره – في دوما بشكل تصاعدي يوماً بعد يوم، مقابل خطاب خشبي يدعو إلى الصمود والمبايعة على الموت من قادة جيش الإسلام وشرعييهم، واستخدام ظالم للغة التخوين مع استدعاءات الأجهزة الأمنية لمن يخالفهم الرأي. لقد خرج من دوما حتى الآن أكثر من ٢٠ ألف مدني عبر معبر مخيم الوافدين إلى مراكز الإيواء الجماعية التي أعدّها النظام السوري لاستقبالهم، مجازفين بأنفسهم ودون وجود أي اتفاق يضمن مصيرهم، لكن يبدو أن جيش الإسلام لا زال يكابر مُعوّلاً على حظوظه في نجاح المفاوضات، دون أن يشرح على ماذا يستند ويراهن، متحدياً بذلك المنطق الذي يقول بأنّه لا يملك في المفاوضات ما يُعطيه مقابل ما يطلبه لنفسه، ربما يكون تعليل ذلك بأنّه مُحاصر في خياراته، ولا يملك سوى الصمود بقدر ما يستطيع. لكن هذا الصمود المستند على الخطاب الحماسي، سوف يدفعه في النهاية إلى تكرار ما حدث مع ”فيلق الرحمن“ حين خرجت المظاهرات مندّدة به، ثم انشقت جماعات متفرقة من عناصره، وتحولت إلى ”قوات دفاع وطني“ من خلال مصالحات مباشرة مع النظام.

في المقابل، يبقى الجانب الروسي متعنتاً في موقفه، وهو يعلم بأن ”جيش الإسلام“ لا يملك خياراً سوى التمسك بأرضه والمواجهة لأجل البقاء، وبالتالي من المفيد تقديم نموذج حميد نحو تحوّل بعض من فصائل المعارضة السورية – الأكثر اعتدالاً – إلى شرطة محلية (مكان خدمة العلم)، بدل تركها لتكون تابعة لمصالح وغايات دولية وإقليمية، أو الدخول في معارك معها سوف تُخلّف الكثير من الضحايا في صفوف المدنيين، مع دمار أصبح سمة رئيسية للمدن والبلدات السورية. ربما يكون النظام السوري هو المعطل لذلك كما تناقلت بعض الصحف، وربما لذلك يسعى الروس لكسب تأييد الأتراك في قبول صفقة ما لترحيل جيش الإسلام إلى جرابلس أو منبج، ويبدو أن مساعي الروس قد نجحت في تحقيق ذلك خلال الساعات الماضية، وبالتالي نبقى في انتظار الرد من جيش الإسلام على هذا الخيار الأخير.

على جانب آخر، تغيب مؤسسات ومنظمات الأمم المتحدة عن المشهد الحاصل في الغوطة الشرقية، وعندما تحضر تكون بطريقة ”رفع العتب“ دون تدخّل أو تأثير مباشر، فمجلس الأمن – وبعد تأجيل التصويت مرتين بسبب الاعتراض الروسي على صيغة القرار – يُخرج في ٢٤ شباط ٢٠١٨  القرار رقم ٢٤٠١ والقاضي بوقف الأعمال العدائية لمدة ٣٠ يوماً متتالية في جميع أنحاء سوريا، مستثنياً من ذلك تنظيم ”داعش“ و ”جبهة النصرة“ والكيانات الإرهابية كما حددها مجلس الأمن، مما أعطى روسيا والنظام السوري غطاءً دولياً ليفعلوا ما يشاؤون، بحجة وجود عناصر جبهة النصرة هناك، والذين لا يتجاوز عددهم الـ ٣٠٠ عنصر في القطاع الأوسط، وحين أعربت الفصائل الثلاث في رسالتها إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، وللرئیس الدوري لمجلس الأمن السفير الكويتي منصور العتيبي عن “التزامنا التام بإخراج مسلحي تنظيم هيئة تحرير الشام، وجبهة النصرة والقاعدة، وكل من ينتمي لهم وذويهم من الغوطة الشرقية لمدينة دمشق خلال ١٥ يوماً من بدء دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ الفعلي“ لم تتحرك الأمم المتحدة لايجاد آلية للتنفيذ، مما اضطر جيش الإسلام إلى الاتفاق بشكل مباشر مع وفد الأمم المتحدة الذي دخل مع القافلة الإغاثية في الخامس من آذار لأجل ترحيل الدفعة الأولى من عناصر هيئة تحرير الشام الموجودين في سجونه إلى محافظة إدلب، وأيضاً لم تُحرّك الأمم المتحدة ساكناً عندما قامت قوات أمن النظام السوري باستبعاد نحو ٧٠٪ من المساعدات الإنسانية ومن بينها المواد الطبية من قافلة المساعدات التي دخلت دوما يومها، ولا عندما اضطرت تلك القافلة للخروج مسرعة دون أن تفرغ تسع شاحنات من حمولتها، بسبب القصف المتواصل على المدينة أثناء عملية التفريغ، وأيضاً لم تتحرك مؤسسات الأمم المتحدة الإغاثية لتقديم المساعدة للمدنيين العالقين في مراكز الإيواء المؤقت في مناطق سيطرة النظام.

في النهاية، يبقى المدنيون هم المتضررون الأساسيون، فهم نقطة ضغط للمهاجمين، ودرع واق للمدافعين، حيث تسقط الإنسانية، ويُصادِر السلاح رغبة العاقل في الكلام، وتبقى معظم الاتفاقات والاعتبارات محصورة في السلاح ومن يحمله، وفي ذيل القائمة تجد بنداً يتحدث عن تأمين المدنيين، ومن سخرية الأحداث أن يُنقل بعض من عناصر ”هيئة تحرير الشام“ بأمان إلى محافظة إدلب، في حين يرفض الجانب الروسي أي اتفاقية تشمل خروج من يرغب من المدنيين نحو إدلب، إلا بعد الاتفاق مع فصيل جيش الإسلام.

*مصدر الصورة المرافقة للمقال: REUTERS/Omar Sanadiki

دوما مقابل تل رفعت صفقة جديدة

دوما مقابل تل رفعت صفقة جديدة

المفاوضات المباشرة بين الجيش الروسي و«جيش الإسلام» محتدمة لمستقبل دوما في غوطة دمشق. كما أن المحادثات بين الجيشين الروس والتركي مكثفة لتقرير مستقبل تل رفعت في ريف حلب، ما ذكر بالمفاوضات غير المباشرة سابقاً لتقرير مستقبل القطاع الجنوبي من الغوطة بالتزامن مع تقدم قوات «غصن الزيتون» التركية من مركز عفرين، شمال حلب، الأمر الذي أوحى بأن عمليات توزيع قطع سوريا بين القوى الخارجية مستمرة.

وإذ تجري مفاوضات مستقبل دوما على وقع تعزيز الحكومة السورية قواتها حول المدينة مع أنباء عن نية روسيا قيادة هذه العملية، فإن الحديث بات يتناول «مرحلة ما بعد الغوطة» وما إذا كانت ستنتقل قوات الحكومة وروسيا أولاً للهجوم على «الجيب المعزول» في ريف حمص أولاً أم إلى «هدنة الجنوب» حيث تقوم ترتيبات روسية – أميركية – أردنية، مع وجود قناعة بأن مرحلة شرق نهر الفرات مؤجلة إلى مرحلة بعيدة، بسبب القرار السياسي الأميركي بـ«البقاء إلى أجل مفتوح».

وتحت وطأة خسارة القطاع الجنوبي وتهجير آلاف المقاتلين من «فيلق الرحمن» و«أحرار الشام» من شرق دمشق إلى الشمال، دخل «جيش الإسلام» مفاوضات مباشرة مع الجيش الروسي لتقرير مصير آخر جيب للمعارضة شرق العاصمة. وبحسب المعلومات، فإن هناك الكثير من التعقيدات في هذه المفاوضات حيث سعى ضباط مصريون للوصول إلى تسوية ما استكمالاً لدورهم في عقد اتفاق «خفض التصعيد» صيف العام الماضي.

«جيش الإسلام» يريد البقاء في دوما بسلاحه ومؤسساته المدنية مع وقف للنار مع دمشق، مقابل السماح بوجود رمزي لمؤسسات الدولة وصولاً إلى تحول مقاتلين معارضين إلى قوات شرطة والتخلص من السلاح الثقيل وإيجاد صيغة للتعاطي مع الخدمة الإلزامية للشباب في دوما بـ«حماية روسية» مع «إصدار عفو عام»، والسماح بحرية الحركة من وإلى المنطقة.

لكن الجانب الروسي، الذي كان يبدي بعض المرونة، بات ميالاً إلى التشدد والاقتراب من موقف دمشق وخيّر «جيش الإسلام» الذي يضم نحو ثمانية آلاف مقاتل بين «الهجوم العسكري أو اللحاق بركب المناطق الأخرى والموافقة على الإجلاء».

وبرزت عقدة أخرى هنا، هي الوجهة التي يمكن أن يذهب إليها بعض قيادات «جيش الإسلام»، ذلك أنهم يرفضون الذهاب إلى إدلب بسبب المعارك السابقة بين «جيش الإسلام» و«جبهة النصرة» التي تلعب دوراً أساسيّاً في «هيئة تحرير الشام» في إدلب. كما أن أنقرة وفصائل متحالفة معها رفضت استقبال قيادات من «جيش الإسلام» بسبب اعتراض تركي على عقد فصائل اتفاقات عقد التصعيد مع روسيا برعاية مصرية.

عقدة وجهة المقاتلين المهجرين من الغوطة برزت قبل يومين، إذ إن فصائل «درع الفرات» التي تسيطر بدعم تركي على مناطق بين الباب وجرابلس في ريف حلب، رفضت استقبال «فيلق الرحمن» الذي كان ينسق مع «النصرة» في وسط وجنوب الغوطة. ونقل عن قيادي معارض قوله: «يجري الحديث عن استقبال ألفي مقاتل وعائلاتهم في درع الفرات، لكن التخوف أن يدعو فيلق الرحمن موالين من إدلب إلى مناطق درعا الفرات لاحقاً».

كما تخوفت فصائل إسلامية و«معتدلة» من انتقال مقاتلين من «فيلق الرحمن» و«النصرة» إلى إدلب لاعتقاد هذه الفصائل أن وصول مقاتلين جدد سيرجح الكفة لصالة «هيئة تحرير الشام» في أي مواجهة مقبلة بين فصائل إسلامية في ريف إدلب. وخرج أكثر من 19 ألف شخص من البلدات الجنوبية للغوطة فقط، بعدما كان تم إجلاء أكثر من 4500 من حرستا. وهناك توقعات بأن يصل العدد إلى 30 ألفاً.

وأمام هذا الواقع بدا أن إحدى المناطق التي يمكن أن يذهب إليها قياديون أو مقاتلون من «جيش الإسلام» هي زاوية أرياف درعا – السويداء – القنيطرة التي تسود فيها اتفاقية «خفض التصعيد» بتفاهم أميركي – روسي – أردني.

ويتزامن هذا الخيار مع بدء إرسال قوات الحكومة بعض التعزيزات إلى الجنوب للتلويح بإمكان الذهاب إليه بعد الغوطة. لكن مسؤولين غربيين ودوليين قالوا: «دمشق تضغط على موسكو للذهاب إلى شن هجوم على جيب ريف حمص في الرستن وتلبسية»، وهي المنطقة التي كان جرى التوصل في القاهرة مع روسيا لاتفاق «خفض التصعيد». وأوضح دبلوماسي: «معركة حمص سهلة وتقع ضمن سوريا المفيدة لدمشق، على عكس جنوب البلاد».
وكانت أميركا وروسيا والأردن توصلوا إلى «هدنة الجنوب» نصت على التزام أميركا بأن تقاتل فصائل «الجيش الحر» التي تضم 35 ألف مقاتل «جبهة النصرة» و«جيش خالد» التابع لـ«داعش» مقابل التزام روسيا بإبعاد «قوات غير سورية» في إشارة إلى «حركة النجباء» و«حزب الله» عن الجنوب في مرحلتين: الأولى بين 5 و15 كيلومتراً والثانية وراء 20 كيلومتراً.

وبحسب مسؤول غربي: «كلما راجعت أميركا روسيا إزاء تنفيذ التزاماتها لإبعاد ميلشيات إيران تطالب موسكو واشنطن بقتال (النصرة)».
عليه، بقي الموضوع معلقاً مع التزام الأطراف وقف النار. وتم خرق الهدنة مرات عدة الأسبوع الماضي من قوات الحكومة. وجرت لقاءات أميركية – روسية في عمان لعودة الأطراف إلى التزام الهدنة. وهناك اعتقاد بأن دمشق تضغط لتحسين الموقف التفاوضي للوصول إلى ترتيبات جديدة، خصوصاً وسط رغبة الأردن بإعادة تشغيل معبر نصيب ورفع العلم الرسمي.

عليه، فإن المرجح هو أن تكون المعركة المقبلة في «جيب» حمص. واستعجل «جيش التوحيد» و«هيئة التفاوض» في حمص الاتصال بأنقرة للوصول إلى تسوية تبعد ريف حمص عن المعارك ونشر نقاط مراقبة تركية شمال حمص. لكن أنقرة لا تزال إلى الآن تعطي أولوية لقضم ريف حلب بعد عفرين.
وبحسب المعلومات، فإن المفاوضات جارية بين الجيشين الروسي والتركي للاتفاق على آلية تسليم تل رفعت إلى أنقرة والاتفاق على خرائط انتشار فصائل معارضة والجيش التركي هناك. وقال مصدر مطلع: «هناك اتفاق على تسليم تل رفعت إلى تركيا، وإن قوات النظام انسحبت من أطراف مطار منغ ومناطق في تل رفعت، وإن الخلاف هو حول مستقبل وحدات حماية الشعب الكردية». ونفى مصدر كردي حصول أي تقدم للجيش التركي في تل رفعت، قائلاً: «الأمر على حاله هي في أيدي النظام وليس الوحدات الكردية التي تركز على حرب كر وفر في عفرين».

وبعد سيطرتها على 2100 كيلومتر مربع في مناطق «درع الفرات» وألف كيلومتر في مناطق عفرين، ترتفع مناطق سيطرة تركيا بعد القبض على تل رفعت لتضاف إلى مناطق أخرى في ريفي إدلب وحماة، حيث نشر الجيش التركي 13 نقطة مراقبة. في المقابل، تسيطر قوات الحكومة على نصف مساحة سوريا مقابل سيطرة حلفاء واشنطن على ثلث سوريا شرق نهر الفرات.

تم نشر هذا المقال في «الشرق الأوسط»

اعلان دورة تدريبية لصحافيين سوريين

اعلان دورة تدريبية لصحافيين سوريين

يهدف “صالون سوريا” إلى بناء وتطوير منبر إلكتروني باللغتين العربية والانكليزية يكون اداة لنشر القصص الصحافية ومنبراً يخدم فضاء للتواصل والنقاش بين شريحة واسعة من وجهات النظر في مكونات الطيف السوري.

يعلن “صالون سورية” عن دورة تدريبية لصحافيين سوريين مقيمين في سورية او الدول المجاورة. “ورشة صالون سورية”، مبادرة سورية ترمي الى دعم العمل الصحافي بعيداً من الاستقطاب. هي جزء من منتدى الكتروني باسم “صالون سورية” www.SalonSyria.com.

تستمر الورشة لمدة يومين في مقر الجامعة الأميركية في بيروت، باشراف زملاء مدربين سوريين وعرب وأجانب لتمكين الصحافيين السوريين الشباب في أربعة محاور: المهنية والسياسة، الصحافة زمن الحرب، الصحافة ووسائل التواصل الاجتماعي، الانواع الصحافية.

الورشة تشكل فرصة لصحافيين سوريين للحوار فيما بينهم حول الكتابة الصحافية ومهارات العمل الفريقي واختبار الرغبة والقدرة على العمل الصحافي، اضافة الى التشبيك مع صحافيين ومؤسسات عربية وعالمية. في ختام الورشة، ان الصحافيين الذين يظهرون قدرة مهنية ستتاح لهم فرصة التعاون مع “صالون سورية” من داخل سورية او الدول المجاورة.

“صالون سورية” يتكفل بتغطية المصاريف المرتبطة بالورشة من سفر وإقامة.
مكان وزمان الورشة: الجامعة الاميركية في بيروت
 ٢٦ و ٢٧ نيسان ٢٠١٨
المواصفات المطلوبة:
1- صحافيون / صحافيات من سورية, يقيمون في سورية ودول الجوار.
2- العمر بين ٢٠ و٣٩ سنة.
3- لديهم الخبرة في مجال الكتابة الالكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي والمسموع والمرئي.
4- لديهم خبرة في كتابة الانواع الصحافية.
5- لغة التدريب والكتابة، هي العربية مع تفضيل اجادة اللغة الانكليزية.
يجب على جميع المتقدمين إكمال الطلب والرد على جميع الأسئلة، بما في ذلك تحميل السيرة الذاتية، رسالة توضح اسباب الاهتمام بموضوع الورشة، و ارفاق مقالة او عينة كتابية. يرجى الضغظ على الرابط هنا:
اخر موعد للتقديم:  ٣٠  اذار  ٢٠١٨ 
بالشراكة مع معهد الأصفري للمجتمع المدني والمواطنة في الجامعة الأمريكية في بيروت
وزير خارجية اليابان: الحل السوري بتفاهم اميركي-روسي

وزير خارجية اليابان: الحل السوري بتفاهم اميركي-روسي

حض وزير الخارجية الياباني تارو كونو في حديث إلى «الشرق الأوسط» جميع الأطراف إلى «التحلي بأكبر قدر من ضبط النفس، وإلى وقف فوري وغير مشروط للنار»، مشدداً على وجوب أن «تحترم جميع الأطراف سيادة ووحدة أراضيه، وأن تدعم العمليات السياسية في جنيف، وتبذل جهوداً لإيجاد حل شامل» لتحقيق السلام والاستقرار.

وقال كونو، إن الأزمة السورية «لن تُحل بوسيلة عسكرية، بل يجب علينا أن نسعى إلى حل سياسي… ولا بد من وقف الإجراءات العسكرية»، لافتاً إلى أن «إعادة إعمار سوريا بشكل فعلي تحتاج إلى تقدم عملية جنيف والمصالحة الوطنية والاستقرار الأمني في كل أنحاء سوريا».
وأكد وزير الخارجية الياباني، أهمية «التعاون الأميركي – الروسي من أجل تحقيق وقف النار في سوريا وتحقيق تقدم في العملية السياسية» في سوريا.
وهنا نص الحديث الذي أجرته «الشرق الأوسط» خطياً عبر البريد الإلكتروني:

– كيف ترى التغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي جرت في السعودية السنة الماضية؟ وما رؤيتك لمستقبل العلاقات مع السعودية؟

– زرت السعودية في سبتمبر (أيلول) الماضي بعد تولي منصب وزير الخارجية في أغسطس (آب) الماضي. وخلال الزيارة، أتيحت لي فرصة لقاء خادم الحرمين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد محمد بن سلمان، لتكون زيارة مثمرة جداً.
وفي الحقيقة، قمت قبل تولي منصب وزير الخارجية بزيارات عدة إلى الشرق الأوسط بصفتي نائباً برلمانياً ولي أصدقاء كثيرون، حيث حاولت تعزيز علاقات اليابان بالشرق الأوسط. وبالنسبة إلى السعودية، لم أزر العاصمة الرياض مراراً فحسب، بل زرت مدينة جدة مرات عدة أيضاً؛ مما جعل السعودية بلداً مألوفاً بالنسبة لي.

وأشير إلى أن الشرق الأوسط منطقة تقع في مركز التطورات العالمية السياسية والاقتصادية، وإن السعودية مفتاح استقرار الشرق الأوسط وازدهاره. وبصفتي وزير الخارجية هذه المرة، سأستمر في بذل قصارى جهودي لتطوير العلاقات اليابانية – السعودية. والسعودية شريك مهم جداً تتعاون معه اليابان في مختلف المجالات، منها التجارة والاستثمار والسياحة، والتعليم، والبنى التحتية، والتكنولوجيا، والتبادل الثقافي.

– وما دور اليابان في «رؤية 2030»؟

– يتابع العالم باهتمام شديد مبادرة السعودية الهادفة إلى الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية من خلال «رؤية السعودية 2030» بقيادة الملك سلمان، وولي العهد الأمير محمد، التي تؤيد اليابان اتجاهاتها وستساهم في تحقيقها. وعلى أرض الواقع، أكدت اليابان والسعودية على الارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية» فأعدتا «الرؤية اليابانية – السعودية 2030» بوصلةً توجهِ التعاون الثنائي نحو أفق جديد، وتسعى إلى إحداث تآزر بين اتجاهات البلدين الإصلاحية الرامية إلى الخروج من الاعتماد على النفط وتوفير الوظائف وغيرها و«الاستراتيجية التنموية» اليابانية؛ ما سيمكننا من القيام بالإصلاح والتنمية معاً.

انهيار «داعش» والحل السياسي

– بعد انهيار «داعش» في العراق وسوريا، هل تعتقد أن حكومتي هاتين البلدين تتخذان إجراءات كافية لمنع إعادة ظهور قوى متطرفة مثل «الدواعش»؟

– في الجانب العسكري، تكاد مواجهة «داعش» في سوريا والعراق تصل إلى المرحلة النهائية. ومن الضروري أن نمنع إعادة انتشار التطرف العنيف من خلال معالجة آثاره وبناء مجتمعات متسامحة تحترم التعددية. وأعلنتُ في مؤتمر الحوار العربي – الياباني السياسي الذي عقد في القاهرة سبتمبر الماضي، عن «مبادئ كونو الأربعة»، وهي المساهمة الفكرية والإنسانية أولاً، والاستثمار في الكوادر البشرية ثانياً، واستمرارية الأعمال ثالثاً، وتعزيز الجهود السياسية رابعاً. وتعتبر هذه المبادئ اتجاهاً أساسياً لسياسات اليابان تجاه الشرق الأوسط، وستقوم اليابان من خلاله باتخاذ إجراءات تدعم التعايش في مجتمعات الشرق الأوسط من أجل إحلال الاستقرار في المنطقة.

– ما الوسيلة المناسبة لمواجهة الإرهاب على المدى الطويل؟

– هناك بعض الإجراءات التي قد تمنع إعادة انتشار التطرف. ومنها تعاون اليابان في خلق نظام استعادة السلاح الذي ستعمل عليه حكومة العراق، من خلال التدريب المهني، وتسهيل البحث عن الوظائف. وستقدم اليابان كذلك برنامجاً لدعوة رجال دين وموظفي حكومات، ممن يعملون على مواجهة التطرف العنيف، إلى اليابان حيث سيتعلمون موضعات، منها كيفية تمكن اليابان من إعادة الإعمار بعد دمار الحرب العالمية الثانية. ونحن نود استخدام تجارب اليابان وخبراتها من أجل الاستقرار في الشرق الأوسط.

– وسوريا؟

– سوريا وضعها أصعب. فرغم تراجع قوة «داعش»، لم تنته الأزمة السورية بعد. ومن الضروري أن نشجع تقدم العمليات السياسية والمصالحة الوطنية؛ ما سيؤدي أيضاً إلى بناء مجتمع لا يولّد التطرف. إن اليابان تعرب عن قلقها إزاء كل التأثيرات السلبية التي خلفتها الأزمة السورية، وتدعو الأطراف كافة إلى التحلي بأكبر قدر من ضبط النفس، وإلى وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، وإلى السماح بالوصول الإنساني الآمن والمستمر من دون عوائق لكل المحتاجين إلى المساعدات. والهدف من ذلك إنساني يهدف إلى منع وقوع المزيد من الضحايا والجرحى من المدنيين الأبرياء.

«سوتشي» ومفاوضات جنيف

– كان هناك مساران للحل السياسي: «مؤتمر الحوار الوطني السوري» الذي عقدته روسيا في سوتشي وعملية جنيف. وفي اعتقادكم، ما الشروط المناسبة لحل سياسي للأزمة السورية؟

– صحيح أن القوى الرئيسية للمعارضة لم تشارك في مؤتمر سوتشي، لكني أعتقد أن هناك نقاطاً عدة تستحق التقدير، منها مشاركة قوى سورية لم تشارك في المفاوضات في الفترات الأخيرة. وفي ذلك المؤتمر، تم الاتفاق على إقامة لجنة دستورية. وأتمنى أن تؤدي هذه الأمور إلى تقدم العمليات السياسية.
وفي الوقت نفسه، يجب عليها أن تتقدم من خلال عملية جنيف التي تقودها الأمم المتحدة؛ لذلك نحن نترقب كيف سيتم وضع نتائج المؤتمر في إطار عملية جنيف؛ ما قد يؤدي إلى تشكيل لجنة دستورية. وإن اليابان مصممة على الاستمرار في تأييد ودعم جهود المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا.
علاوة على ذلك، تأمل اليابان بشدة أن تحترم الأطراف كافة أمان الشعب السوري، وسيادة ووحدة أراضيه، وأن تدعم العمليات السياسية في جنيف وتبذل جهوداً لإيجاد حل شامل من أجل إحلال السلام والاستقرار في سوريا برمتها بناء على قرار مجلس الأمن الدولي 2254.

– وما دور اليابان؟

– قررت اليابان مؤخراً تقديم مساعدات جديدة إلى سوريا والعراق والدول المجاورة بقيمة 220 مليون دولار أميركي؛ إذ وصلت قيمة المساعدات اليابانية المقدمة إلى تلك البلدان منذ اندلاع الأزمة السورية عام 2011 إلى 2.2 مليار دولار العام 2018. واليابان عازمة على تقديم مساعدة مناسبة، متمنية أن تبذل الأطراف كافة في سوريا قصارى جهدها من أجل تحقيق السلام والاستقرار في سوريا.

– لكن التصعيد قائم في سوريا. حصلت مواجهة بين إيران وإسرائيل، وهجوم أميركا على جزء من القوات الروسية وعملية تركية في عفرين… ما الإجراءات الضرورية لاستعادة عملية السلام وتشكيل اتفاق سياسي من أجل السوريين؟

– تعرب اليابان عن قلقها إزاء أوضاع سوريا الحالية المتوترة عسكرياً، كما تعرب عن قلق عميق إزاء ما يجري في الغوطة الشرقية لدمشق التي تتعرض للضربات الجوية والقصف؛ ما يؤدي إلى سقوط كثير من الضحايا والجرحى المدنيين. إننا لا نرى أي مؤشر لهدوء الأوضاع رغم اتخاذ مجلس الأمن الدولي القرار 2401. ويشهد الشمال السوري في إدلب وعفرين تصعيداً عسكرياً، حيث ينتشر الجيش التركي مع الفصائل المعارضة ويقوم بشن عمليات عسكرية، وازدادت مؤخراً حدة ذلك التصعيد في عفرين. وفي الوقت عينه، يشهد جنوب سوريا تصعيد التوتر بين الجانب الإسرائيلي والجانب السوري الإيراني، حيث تم إسقاط المقاتلة الإسرائيلية.

– كيف يمكن استعادة مبادرة البحث عن حل سياسي؟

– كما ذكرت قبل وقت مضى، فإن الأزمة السورية ليست مشكلة يمكن أن تحل بوسيلة عسكرية، بل يجب علينا أن نسعى إلى حل سياسي. ومن المهم أن تلعب الدول المعنية كافة دوراً بنّاءً، ونتمنى أن تؤدي جهود هذه الدول إلى وقف أعمال العنف في سوريا وتحسين الوضع الإنساني الفظيع. ودعت اليابان وما زالت تدعو جميع الأطراف إلى وقف الإجراءات العسكرية من أجل إيصال المساعدات الإنسانية، بالإضافة إلى بذل جهود من أجل تقدم العمليات السياسية التي تقودها الأمم المتحدة. وستستمر اليابان في التعاون مع المجتمع الدولي من أجل وقف جميع أعمال العنف في سوريا.

إعادة الأعمار

– اليابان مرت بتجربة إعادة الأعمار بعد الحرب. هل من دروس إلى السوريين؟ أفضل طريق لإعادة إعمار سوريا؟

– استمرت اليابان في تقديم أكبر ما تستطيع تقديمه من المساعدات من أجل تحسين الأوضاع الإنسانية في سوريا، وهي قلقة قلقاً عميقاً من تدهور الوضع الإنساني الناتج من الأزمة السورية. واليابان مصممة، كما ذكرت سابقاً، على تقديم المساعدات الإنسانية لكل السوريين المحتاجين إليها.
في الوقت نفسه، فإن إعادة إعمار سوريا في شكل فعلي تحتاج إلى تقدم عملية جنيف، والمصالحة الوطنية، والاستقرار الأمني في كل أنحاء سوريا. وستشجع اليابان الحوار بين السوريين أنفسهم.

– ودور اليابان؟

– لليابان خبرات في إعادة الإعمار؛ إذ بعد هزيمتها في الحرب العالمية الثانية، ورغم أن البنى التحتية كانت مدمرة تماماً، حققت إعادة إعمار نفسها بشكل سريع لتصبح ثالث أكبر القوى الاقتصادية العالمية حالياً. وساهمت اليابان في إعادة إعمار العراق وأفغانستان. وفي حال توجه سوريا إلى مرحلة إعادة الإعمار الفعلي، ستكون اليابان مستعدة لمساعدتها مستغلة المعارف والخبرات والدروس التي اكتسبتها في الماضي.

– ماذا عن دور موسكو وواشنطن. لليابان علاقات خاصة مع أميركا، كيف تتعامل مع دور روسيا المتصاعد في الشرق الأوسط؟

– نرى أن روسيا تلعب دوراً مهماً تجاه حل الأزمة السورية. وأشير إلى أن إقامة مناطق خفض التصعيد التي ساهمت في تقليص أعمال العنف حصلت بفضل ما تم الاتفاق عليه في عملية آستانة التي تقودها روسيا وتركيا وإيران، إضافة إلى أن روسيا استضافت مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي. وستستمر اليابان في العمل على تنشيط الجانب الإيجابي لدور روسيا.

وفي السياق نفسه، أؤكد أن دور الولايات المتحدة أيضاً لايستغنى عنه. وباعتقادنا لا بد من التعاون الأميركي – الروسي من أجل تحقيق وقف اطلاق النار في سوريا، وتحقيق تقدم في العملية السياسية. وخلال زيارتي روسيا في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، قمت بإبلاغ وزير الخارجية الروسي السيد سيرغي لافروف بتطلعاتنا إلى حسن التعاون بين أميركا وروسيا من أجل تقدم عملية جنيف.

تم نشر هذا المقال في «الشرق الأوسط»

نوروز.. حكاية متجذرة في الدم

نوروز.. حكاية متجذرة في الدم

تحتضن نيران عيد “النوروز” فرحة المحتفلين الأكراد بقدومه في 21 آذار من كل عام، فتمتزج حلاوة استقباله بشغفِ آلامِ شعبٍ واكبَ القدرُ أزماته، فشهرآذار كما تقول “هيوا جميل” مدرسة اللغة الكردية: “لايمرّ مرور الكرام على الأكراد إلا ويجرّ خلفه مجزرةً، ويمضي بعد أن يأخذ  حصته من قرابين احتفائه،  لكن يبقى نوروز العيد الذي يتوج الفرح على بروج قلوبنا، ففي النوروز تمتزج الكرديات مع الطبيعة بزيهن الفلكلوري الذي يسحر بريقه ولمعانه وألوانه الزاهية الناظرين إليه، فأنا حين أرتدي زيي الشعبي أشعر أنني أصبحت ملكة، فألوانه وتصاميمه تشعرني بالماضي النابض في حاضري ومستقبلي.”

يُعتبر عيد النوروز من الأعياد القديمة والعريقة للأكراد فهم يحتفلون به منذ آلاف السنين، وهو يعتبر عيد ميلاد للطبيعة وعيد الحركة والنشاط والنمو والازدهار وتفجر الطاقات، وكما تضيف هيوا: “يصادف التحول الطبيعي في المناخ والدخول في فصل الربيع الذي هو فصل الخصوبة والنماء، وتجدد الحياة، فهو يحمل بعدًا قومياً عند الكرد، وصفةً خاصة مرتبطة بقضية التحرر من الظلم”.

صورة رقم 1: تظهر جزء من احتفالات عيد “النوروز”

 شعلة كاوا الحداد

في ليلة العشرين من آذار (مارس) تضرم شعلة “كاوا الحداد” في كل المناطق الكردية إعلاناً عن قدوم عيد رأس السنة الجديدة عندهم.

بحسب الباحث والكاتب الإيزيدي “سالم الرشيداني” فإن عيد نوروز الربيعي يعني عند الأكراد ذكرى قومية ليوم تحررهم من الظلم والعبودية، حتى وإن كان ذلك من خلال ملحمة رمزية شعبية (كاوا الحداد) فالأسطورة الكردية تقول باختصار “إنّ ملكاً آشورياً شريراً اسمه (ضحاك أو زوهاك)، وفي مصادر أخرى كان ملكاً فارسياً، وبسبب شروره الكبيرة، كذبحه لأطفال الكرد، تغيب الشمس وترفض أن تشرق ثانية، وحتماً غيابها أدى إلى موت الحياة النباتية وجوع البشر. وبعد حزمةٍ من الأحداث المأساوية يبزغ نجم بطل قومي كردي اسمه (كاوا الحداد)، الذي يوقد النار في قلعة الضحاك ويقتله. عندئذٍ تشرق الشمس ثانيةً حسب الأسطورة، وتعود للأرض خصوبتها ورونقها واخضرارها، وبهذا تصبح نار قلعة الضحاك رمزاً لعيد النوروز الكردي.”

صورة رقم 2: الكاتب سالم الرشيداني

وللتأكيد على رمزية كاوا كبطل قومي في الحكايات الشعبية المتداولة بين الكرد، يزعم الباحث الرشيداني أنّ اندلاع ثورة (كاوا) قد تزامن مع  “نوروز السنة الإيزيدية التي أرجئت الاحتفالات بها وإشعال النيران المقدسة خلالها بسبب وقوع الشعب الإيزيدي الكردي تحت اضطهاد حكم الضحاك الجائر. وعند قيام البطل كاوا الحداد بقتله أشعل النيران الاحتفالية علامةً للانتصارالمقدس للنور على الظلمة لأن شمس الحرية للكورد عادت من جديد. فلا غرابة من الجزم بأنّ عيد النوروز عيد كردي، لكن لا بد من الإشارة إلى اليوم الذي كان يحتفل به قديماً والذي يصادف يوم “سري سالي الإيزيدية” (أي رأس السنة الإيزيدية)”.

صورة رقم 3: دبكة جماعية بمناسبة عيد “النوروز”

نوروز (اليوم الجديد)

يشير ابن مدينة كوباني الشاعر (جان إبراهيم) إلى أن نوروز كلمة مركبة، فشقها الأول هو نو Nû ويعني الجديد، والشق الثاني إلى روج (ro j) وتعني اليوم، وبذلك تكون تسمية نوروز أصلها نوروج Nûroj وتعني اليوم الجديد في السنة الجديدة، أي رأس السنة الذي يعتبر أيضاً رأس السنة لدى شعوب آسيا الوسطى وغربي آسيا وبلاد القوقاز، وبعض شعوب الشرق الأوسط كالمصريين الذين مازالوا يحتفلون به باسم “عيد شم النسيم،” والإسماعيليين، وعند الأمازيغ يسمى عيد «ثافسوث».

ويتابع جان إبراهيم حديثه موضحاً بأن الزرادشتيين يعتقدون أنّ الإنسان قد خلق في الحادي والعشرين من آذار، وأنّ الملك ضحاك في الرواية الفارسية الذي انتصر عليه كاوا الحداد هونفسه الملك “جمشيد،” وأنّ النوروز هو ثورة على الظلم والطغيان والخلاص من الاستعباد والقتل.

وبحسب رواية الباحث المصري”عبد الكريم شاهين “كان ذاك الملك يقوم بقتل خيرة الشباب الكرد وبشكل يومي واستخدام مخاخهم كدواء للداء الذي ألم به، ولكنه قتل على يد الثائر كاوا الحداد وبذلك تحقق النصر على الطغيان، وأشعلت النيران في كل مكان احتفالاً بالنصر العظيم، وأقيمت الدبكات والاحتفالات وحلقات الرقص على أنغام الموسيقا الشجية”.

صورة رقم 4: الشاعر جان إبراهيم

طقوس الاحتفالات

تُشير “عزيزة فرحو” مسؤولة منظمة الدفاع عن حقوق المرأة الكردية في سورية ورئيسة تحرير مجلة بيلا سابقاً إلى أنّ الكرد يحتفون بعيد نوروزفي أحضان الطبيعة بارتداء زيهم الفلكلوري الزاهي وبأغانيهم الشعبية الحماسية. أما اليوم فقد باتت هذه الاحتفالات أكثر ثراءً بطابعها الخطابي والمسرحي والفني من حيث العروض الفنية الفلكلورية، أما بقية شعوب بلاد فارس فقد كانوا قديماً يحيون طقوسها باختيار ملكٍ مغلوبٍ من العامة يركبونه الحمار بالمقلوب تعبيراً عن إذلال الملك الطاغية، ويجوبون به ساحات المدينة والمحتفلون يرافقونه ساخرين منه.”

صورة رقم 5: نساء كرديات بأزياء ذات تصاميم مختلفة

الزي الكُردي… فلكلور توارثته الأجيال

اللباس الكردي جزء هام من ثقافته، ومُعبّر عن هويته رغم اختلاف بعض تصاميمه من منطقة كردية إلى أخرى. فالزي يعبر عن شعبه وحضارته وجذوره، والزي الكردي كما نوهت عزيزة فرحو :”جميلٌ بكل تفاصيله لكنّه لا يناسب الحياة العملية اليومية، ولذلك يبقى عند الكرد الزي الخاص للاحتفالات والأعياد، والمناسبات الرسمية فقط. فتصاميم الحداثة لم تنل من الزي الكردي بل أبقته محافظاً على لمساته الفلكلورية وألوانه المتشعبة والمتناسقة فيما بينها، وهذا ما يجعل المرأة الكردية محط إعجاب ناظريها. فزي المرأة الكردية مُكون من دشداشة طويلة تغطي في الغالب أخمص القدمين، وذات كمين طويلين يرتبطان بذيلين مخروطيين طويلين، ومنها ماتسمى بالكراس والخفتان. أما عند الرجال فتسمى بالشال والشابك والمؤلف من قطعتين، قميص وسروال.”

“نوهات الأحمدي” كغيرها من النساء الكرد تواظب على ارتداء هذا الزي في الأعياد والمناسبات السعيدة والأعراس، وتقول: “أفتخر بارتداء الزي الكردي الذي يميزني كامرأة كردية عن غيري من نساء القوميات الأخرى، فهو إرثنا الشعبي الذي ورثناه عن أجدادنا، زينا التقليدي له جمالية ينفرد به عن الأزياء الأخرى، والتغييرات البسيطة على التي طرأت عليه قد زادت من جماليته.”

صورة رقم 6: أسر كردية تحتفل بالنيروز

مآسي الكرد وثوراتهم في شهر نوروز

يعتبر قدوم النوروز مع بداية الربيع رمزاً يحمل في طياته كل معاني الخير والحب والجمال وسحر الطبيعة والسلام والحرية والخلاص من الظلم والاستعباد، لكنّ جعبته حملت بين طياتها الكثير من الألم والحروب التاريخية والإبادات وهم من قادوا أكثر من 40 ثورة منذ عهد السلطان العثماني (مراد الأول) سنة /1574/ إلى اليوم.

 الكاتب الكردي ” شيرزاد شيخاني”  يرفع الستار عن مآسي “آذار والأكراد” فيقول: ” في السادس من آذار من عام 1975 وقّع صدام حسين مع شاه إيران محمد رضا بهلوي معاهدةً في قمة الجزائر للدول المصدرة للنفط أوبك بوساطة من الرئيس الجزائري هواري بومدين عرفت في الأدبيات السياسية الكردية باتفاقية الجزائر المشؤومة التي أدت إلى انهيار الثورة التحررية الكردية، حيث قدّم صدام حسين الذي كان نائباً لرئيس مجلس قيادة الثورة حينذاك وهو أعلى سلطة تشريعية في البلاد تنازلاتٍ مشينةٍ عن مساحات واسعة من الحدود البرية والبحرية للعراق مقابل إيقاف الشاه دعمه للحركة الكردية بقيادة الزعيم الراحل الملا مصطفى البارزاني الذي بدأ ثورته في عام 1961. وقدّرت بعض المصادر عدد أفراد الجيش الذين زجهم النظام في حربه العنصرية منتصف شهر آذار من عام 1975 بأكثر من 200 ألف جندي وضابط معززين بألفي دبابة ومدرعة ومدافع ثقيلة ومتوسطة و70 طائرة عسكرية من مختلف الأنواع خصوصاً السوخوي والميغ الروسيتين والباجر الهندية الصنع من طرازات حديثة، يقابلهم في جبهة المواجهة المقاتلون البيشمركة ببنادق خفيفة من نوع البرنو وعدد صغير من الرشاشات المتوسطة ولكن بعزيمة قوية استطاعوا بها أن يصدوا الكثير من هجمات قوات النظام الدكتاتوري على جبهات القتال.”

كما شهد يوم 8 آذار 1921 قيام ثورة نوري ديرسمي، وفي 3 آذار من عام 1937 قيام ثورة ديرسم بقيادة سيد رضا، وفي 31 آذار 1947 أعدم القائد قاضي محمد وبعض من رفاقه بعد انهيار جمهورية مهاباد في إيران. وفي 16 و17و18 آذار 1988 قصفت حلبجة وخورمال والدجيلة بالسلاح الكيمياوي، والتي راح ضحيتها 5000 كردي من قبل نظام صدام حسين.  وفي 6 آذار 1991 اندلعت انتفاضة كردستان العراق، وفي 12 آذار 2004 حدثت انتفاضة القامشلي. ومؤخراً في 18 آذار 2018 احتل الجيش التركي وفصائل المعارضة السورية المسلحة مدينة عفرين السورية وحطموا تمثال كاوا الحداد رمز مقاومة الظلم والطغيان.

صورة رقم 7: أسرة كردية من موقع الاحتفالات

نوروز يوم دولي

أُدرج عيد النوروز لأهميته الكبرى في قائمة اليونسكو التمثيلية للتراث الثقافي في 2009 بوصفه يمثل قيمة عالمية للإنسانية. وأعلنت الجمعية العامة، بموجب قرارها 64/253، يوم 21 آذار/مارس يوما دولياً للنوروز، بناءً على مبادرةٍ قدمتها في عام 2010 عدة بلدان منها (أذربيجان وأفغانستان وألبانيا وجمهورية مقدونيا اليوغوسلافية السابقة وطاجكستان وقيرغيزستان وكازاخستان والهند) بغرض مشاركة هذا العيد مع بلدان العالم وشعوبها.

اعلان دورة تدريبية لصحافيين سوريين

اعلان دورة تدريبية لصحافيين سوريين

يهدف “صالون سوريا” إلى بناء وتطوير منبر إلكتروني باللغتين العربية والانكليزية يكون اداة لنشر القصص الصحافية ومنبراً يخدم فضاء للتواصل والنقاش بين شريحة واسعة من وجهات النظر في مكونات الطيف السوري.

يعلن “صالون سورية” عن دورة تدريبية لصحافيين سوريين مقيمين في سورية او الدول المجاورة. “ورشة صالون سورية”، مبادرة سورية ترمي الى دعم العمل الصحافي بعيداً من الاستقطاب. هي جزء من منتدى الكتروني باسم “صالون سورية” www.SalonSyria.com.

تستمر الورشة لمدة يومين في مقر الجامعة الأميركية في بيروت، باشراف زملاء مدربين سوريين وعرب وأجانب لتمكين الصحافيين السوريين الشباب في أربعة محاور: المهنية والسياسة، الصحافة زمن الحرب، الصحافة ووسائل التواصل الاجتماعي، الانواع الصحافية.

الورشة تشكل فرصة لصحافيين سوريين للحوار فيما بينهم حول الكتابة الصحافية ومهارات العمل الفريقي واختبار الرغبة والقدرة على العمل الصحافي، اضافة الى التشبيك مع صحافيين ومؤسسات عربية وعالمية. في ختام الورشة، ان الصحافيين الذين يظهرون قدرة مهنية ستتاح لهم فرصة التعاون مع “صالون سورية” من داخل سورية او الدول المجاورة.

“صالون سورية” يتكفل بتغطية المصاريف المرتبطة بالورشة من سفر وإقامة.
مكان وزمان الورشة: الجامعة الاميركية في بيروت
 ٢٦ و ٢٧ نيسان ٢٠١٨
المواصفات المطلوبة:
1- صحافيون / صحافيات من سورية, يقيمون في سورية ودول الجوار.
2- العمر بين ٢٠ و٣٩ سنة.
3- لديهم الخبرة في مجال الكتابة الالكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي والمسموع والمرئي.
4- لديهم خبرة في كتابة الانواع الصحافية.
5- لغة التدريب والكتابة، هي العربية مع تفضيل اجادة اللغة الانكليزية.
يجب على جميع المتقدمين إكمال الطلب والرد على جميع الأسئلة، بما في ذلك تحميل السيرة الذاتية، رسالة توضح اسباب الاهتمام بموضوع الورشة، و ارفاق مقالة او عينة كتابية. يرجى الضغظ على الرابط هنا:
اخر موعد للتقديم:  ٣٠  اذار  ٢٠١٨ 
بالشراكة مع معهد الأصفري للمجتمع المدني والمواطنة في الجامعة الأمريكية في بيروت