سوء التغذية.. وباء يفتك بأطفال المخيمات السورية

سوء التغذية.. وباء يفتك بأطفال المخيمات السورية

تتأمل مرام حاج موسى (٢٥عاماً) طفلها رائد بحرقة وحزن، فرغم أنه بلغ العامين من عمره إلا أن حجمه ووزنه يوحيان بأن عمره لا يتجاوز ستة أشهر فقط، عيناه غائرتان وجسده نحيل، وبشرته جافة، وهو لا يكف عن البكاء المستمر.

تقول حاج موسى إن طفلها أصيب بمرض سوء التغذية منذ نزوحهم من بلدة تلمنس بريف إدلب الجنوبي بعد العمليات العسكرية التي شنها نظام الأسد على تلك المناطق، وابنها “لا يكاد يتحسن حتى يعود إليه المرض، نتيجة الفقر والأوضاع المعيشية القاسية التي تواجهنا في مخيمات النزوح شمال إدلب” بحسب قولها.

ويشهد الشمال السوري الخارج عن سيطرة النظام زيادة ملحوظة في حالات وأمراض سوء التغذية ومضاعفاتها الإجتماعية والنفسية، وهي تلاحق فئة الأطفال بشكل خاص، نتيجة عدم حصولهم على القدر الكافي من الغذاء اليومي بسبب الفقر والغلاء وتراجع الخدمات الطبية الأساسية.

وتوسعت الظاهرة نتيجة غلاء أسعار الحليب وعدم قدرة الأهالي على تأمينه لأطفالهم، واللجوء لبدائل كالنشاء والأرز المطحون وغيره من الممارسات غير السليمة لتغذية الأطفال والرضع.

بعد محاولات عدة لم ينجح النازح رامي الحلاق (٣٣عاماً) من تأمين حليب الأطفال لطفلته الرضيعة راما البالغة من العمر ثمانية أشهر إذ يقول” عملي متقطع وغير دائم، أبدأ بالعمل في مجال البناء المرهق منذ ساعات الصباح الباكر وحتى نهاية اليوم، مقابل أجر زهيد لا يتجاوز ال٢٥ ليرة تركية في اليوم، وهي لا تكفي لشراء الخبز وبعض الخضار لعائلتي الذين ينتظرون عودتي بما يسد رمقهم، فكيف لي أن أشتري علبة حليب الأطفال المرتفعة الثمن؟ والتي يبلغ سعرها أجر يوم كامل، وهي لا تكفي الطفل أكثر من ثلاثة أيام فقط”.

ويضيف رامي أن أوضاعهم المعيشية داخل المخيم “صعبة جداً ” فالمواد الغذائية لم تصلهم منذ قرابة السنة، فضلاً عن شح مياه الشرب، والبطالة المنتشرة بين رجال المخيم وشبابه، الذين باتوا بمعظمهم يعيشون على ما تقدمه بعض المنظمات الخيرية “التي تمر بالمخيم مرور الكرام” على حد تعبيره.

ويشير رامي إلى أن الدعم” قليل جداً لا يكاد يسد احتياجات عدة عائلات، والخضار والفواكه، كما غدت اللحوم حلماً لمعظم ساكني المخيمات”.

ومرض سوء التغذية هو مصطلح يستخدم للتعبير عن وضع لا يحصل فيه الجسم على كل المواد الغذائية الأساسية التي يحتاجها أو على جزء منها، ليتمكن الجسم من القيام بوظائفه بصورة طبيعية مثل البروتينات والفيتامينات والدهون والمعادن، أو بسبب سوء امتصاص المواد الغذائية الموجودة في الطعام رغم توفر الكمية والعناصر المطلوبة، وتتراوح حدة سوء التغذية بين الطفيفة وبين الحالات الشديدة التي تسبب أضراراً غير قابلة للإصلاح.

وعن سبب إنتشار سوء التغذية في إدلب والشمال السوري المحرر تقول نسرين مناع (٣٢ عاماً) رئيسة شعبة الصحة المجتمعية والتغذية في مديرية الصحة بإدلب “إن لمرض سوء التغذية أسباباً عدة قد تكون ناتجة عن اضطرابات استقلابية أو الآفات العضوية، اضطرابات نفسية، عادات غذائية سيئة، إنتانات مزمنة وخاصة الإنتانات العضوية، أيضاً بعض الأدوية ممكن أن تكون سبب نقص التغذية ومنها المضادات الحيوية والسيتروئيدات لأنها تزيد من حاجة الجسم للمغذيات”.

وتضيف نسرين الأسباب المعيشية “وهي الأهم  كالفقر والنزوح في البلدان التي تشهد حروباً وكوارث كمنطقتنا التي تشهد حرباً شعواء منذ أكثر من عشر سنوات” بحسب قولها.

وعن مدى خطورة المرض توضح أنه يعتبر من أهم أسباب الوفيات عند الأطفال، ويؤثر نقص التغذية على الأداء المعرفي والمدرسي عندهم، وله تأثير سلبي على الصحة الذهنية والنشاط البدني وعدم القدرة على العمل بشكل جيد، وهو يصيب كافة الفئات العمرية وبالأخص الأطفال حديثي الولادة، وقد ينتح عن سوء التغذية أمراض عدة منها الكساح وضعف النمو، ضمور الدماغ، هشاشة العظام، تضخم الغدة الدرقية وفقر الدم.

وعن إجراءات مديرية الصحة في إدلب لاحتواء المرض والحد منه تقول المناع “إن مديرية الصحة تتعاون مع المنظمات الشريكة لتأمين أماكن لمعالجة سوء التغذية، سواء ضمن المراكز الصحية أو بمراكز خاصة بسوء التغذية وتأمين المغذيات والمكملات الغذائية وتعمل على إجراء المسح الدوري لمرض سوء التغذية من خلال فرق الصحة المجتمعية التي تحول الحالات المكتشفة إلى العيادات الخاصة للبدء بعلاجها”.

وقد أحصت منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة”، أكثر من 800 إصابة بمرض سوء التغذية، غالبيتهم يعانون من سوء التغذية الحاد وبحاجة إلى دخول المشفى بشكل سريع، وكل ذلك نتيجة سوء الأوضاع الإنسانية والطبية في المخيمات.

وبحسب منظمة الأمم المتحدة فقد تم تسجيل ٣٤ إصابة من أطفال الشمال الغربي في سوريا بحالات تقزم بسبب سوء التغذية وأن أكثر من ٨٠٪ من سكان المنطقة لا يتقاضون أجور تغطي احتياجاتهم.

بعد الاستراحة: النقل في دمشق والحلم مقعد بكرامة

بعد الاستراحة: النقل في دمشق والحلم مقعد بكرامة

أن تتعلم الركض، التسلق، والسباق، كنوع من أنواع الرياضة هذا أمر طبيعي، وربما هواية تحب تنميتها، لكن في سوريا وفي دمشق بالتحديد يجب أن تستخدم هذه الأنواع من الرياضة للركوب في “السيرفيس، والباص الأخضر.”

فقط في بلاد الحرب تحني ظهرك وتدخل وسيلة النقل البيضاء، وعندما تريد أن تستدير لتجلس، تأتيك ضربة ركنية من اليمين أو اليسار من شريكٍ آخر في الوطن، ليخرجك مرة أخرى إلى الطريق وتعاود رحلة البحث عن مقعدٍ في سرفيس أبيض، لأن التكسي الصفراء رفاهية أول الشهر فقط لموظف أو طالب أراد أن يرفه نفسه بمبلغ من تعبه الشهري!

ربما إن سمع هذا الحديث مواطن أجنبي، يتخيل أنه مشهد من كوميديا سوداء فقط، لتشرح حقبة زمنية من تاريخ ما في البلاد، لكنها الحقيقة المُرة عن أزمات المواصلات وحلم مقعد السيرفيس الكريم حتى إن توفر البينزين.

بين سطور هذا التقرير، أقدم عرضاً عن أحلام شباب وشابات بمقعد سرفيس بكرامة، ومواقف مضحكة حصلت معهم بغية الركوب تحت سقف سرفيس أبيض!

حطَ الوقود الرحال!

لمدة خمسة عشر يوماً، شعرت رشا (الموظفة في شركة خاصة) أن دمشق فارغة وأنها مواطنة معززة مكرمة تحصل يومياً على مقعد سرفيس قرب النافذة، حيث تنبي أحلامها لمدة 10 دقائق حتى تصل لمنزلها في العشوائيات. لم تعش رشا هذه التجربة منذ أن وصلت دمشق، مع أزمة وقود أو بدون أزمة وقود، وتعقب أنها لا تتذكر متى آخر مرة، قبل هذه المرة ركبت فيها السيرفيس بكرامة، ولم تستند على حضن شاب أو فتاة.

في بلاد العالم تختلف أحلام الناس، فهناك من يحلم بسيارة خاصة موديل هذا العام، ومنهم من يحلم بكاميرا حديثة، وآخر بمنزل في منطقة فخمة، لكن كل هذه الأحلام عند غالبية الشباب والشابات السوريين/ات، تتلخص بمقعد في وسيلة نقلٍ عامة. بات الحلم بـ”المقعد الذهبي” أمنية للكثيرين بأن يجلسوا معززين مكرمين بـ100 ليرة سورية تقلهم بين أطراف العاصمة وتشكل جزءاً لا بأس به من دخلهم الشهري. منذ عشرات السنين تعاني دمشق تحديداً مقارنةً ببقية المحافظات السورية ازدحاماً شديداً في وسائط النقل العامة، تضاعفت هذه الأزمة منذ بداية الحرب إلى اليوم، حيث زداد عدد الوافدين من مناطق الصراع إلى العاصمة وضواحيها الآمنة.

هدأت شوارع دمشق قسراً خمسة عشر يوماً، وأعلنت الجهات المعنية تخفيض الدوام في المؤسسات الرسمية، والاستغناء ببعضها عن موظفي الريف، حتى حطت ناقلات النفط رحالها منتصف الأسبوع الماضي، لتعلن الجهات المعنية عودة المدارس والجامعات الحكومية والخاصة، بعد أن أغلقت هي الأخرى خلال عامٍ مرتين، أول مرة بسبب كورونا، والثانية بسبب أزمة الوقود في البلاد.

اليوم الأول!

أكثر من 100 مواطن ينتشرون عند ساحة الهدى في منطقة المزة غرب العاصمة، هي تركض باتجاه سرفيس رفض التوقف، وآخر يصيح بمواطن ينافسه على مقعد، ومن ينظر من بعيد يشعر أن مخرجاً تلفزيوناً يجب أن يصرخ (cut)، لإيقاف هذا الازدحام، إنه اليوم الأول للإعلان عن عودة الحياة إلى مجاريها بعد إيقاف دام خمسة عشر يوماً، ريثما حطت ناقلات النفط القادمة من دول الجوار رحالها في المتوسط. أجبر فجر (25 عاماً، طالب الطب)، أن يركب التكسي ليلحق محاضراته، وبلغت تكلفة 5 دقائق من الركوب في التكسي 3000 آلاف ليرة سورية. وفي التاكسي دار بين فجر وشوفير التكسي حديث يُشابه معضلة من أتى أولاً البيضة أم الدجاجة في وضع لا يتوقف فيه اللوم بين الزبون وسائق التكسي؛ ففجر يعاني من كونه طالباً ومصروفه الشخصي من أهله، بينما يعاني شوفير التكسي من كونه معيلاً لأسرته.

عاد الازدحام إلى شوارع دمشق مجدداً، لكن هذه المرة مع وقود لوسائط النقل وصعوبة رغم ذلك في الحصول على مقعد في المدينة التي حضنت غالبية الوافدين من المحافظات السورية نتيجة فترات الصراع وممن اتخذوا من دمشق مكاناً دائماً للإقامة ما أدى لمضاعفة مشكلات النقل في العاصمة.

مغامرات بالسيرفيس!

قبل أعوام كانت إيلا أحمد 30( عاماً)، تخجل من أن تركب في المقعد بجانب سائق “السيرفيس”، وتنتظر أخاها أو ابن عمها كي تتجرأ على فعل ذلك لأن المجتمع لم يكن يحبذ هكذا تصرف على حد تعبيرها، لكن في زمن صعوبة الركوب حتى في وسائط النقل العامة اليوم، بات كل شيء مباحاً للحصول على مقعد أو على سقف “سيرفيس ينقلها إلى بيتها”. تتحدث إيلا عن موقف حصل معها: “ركضتُ لأجلس بجانب سائق السرفيس كما كل يوم، ودون أن أنتبه جلست بحضن شاب حتى وصلت منتصف الطريق لتدرك ذلك نتيجة تعبها”.

تتعدد المواقف التي حصلت مع السيدات السوريات في أزمات الوقود المتكررة وأثناء فترات الازدحام الشديد في أوقات الذروة في العاصمة. فمثلاً حصلت ميريام 27( عاماً) منذ أسبوع على مكان في “السرفيس”، حيث جلست على رجليْ فتاة أخرى، ليأتي القدر ويفاجئ الركاب بحادث بسيط جداً أجبر السائق الضغط على ” الفرام”، لتجد نفسها بحضنٍ عجوز سبعيني. بينما تشير سوسن 40( عاماً) أنها تجلس بأي طريقة لتحصل على مقعد في سيرفيس يقلها إلى “قطنا” في ريف العاصمة البعيد، وكذلك الناس الآخرين، وحصل معها أن رجلاً من عمرها تقريباً، استأذن الجلوس على طرف ساقيها، لتكتشف أنه زميلها في مكان العمل، قبلت بكل صدرٍ رحب، وتتابع في وسائط النقل العامة “كلنا أهلية بمحلية”. بينما لم تكترث رهف (22عاماً) لتنورتها القصيرة وجلست على المقعد الجانبي مع 4 أشخاص ليسند الشاب يده على أرجلها، ويعتذر لها “عفوا أختي!” الحياة في مجتمع “السرافيس” ووسائط النقل الجماعية العامة مليئة بالمغامرات والقصص التي ربما يؤلف أحد عنها يوماً قصة تشبه ألف لية ولية.

ضحايا الوقود!

بعد انتظار دام أكثر من ساعة قرب شارع العابد وسط دمشق، وهو الطريق اليومي للصحفية الثلاثينية خلود التي يئست من الفوز بمقعد في سرفيس في اليوم الأول من عودة العمل الطبيعي لوسائط النقل العامة بدأت توقف “تكاسي الأجرة” التي طلبت أقل واحدةٍ منها بأجرة “3500 ليرة سورية” وأكثر واحدة بأجرة “5000 ليرة سورية” لمسافة لا تتجاوز السبع دقائق في السيارة!

حوار ولوم بين سائق التكسي “العشريني” والصحفية يشبه الحوار الذي دار بين فجر طالب الجامعة وسائق التكسي الآخر، ربما الحديث بات “كليشية” جاهزة بين السوريين في وضع بات الجميع فيه ضحايا للوقود مثلما هم ضحايا للحرب الطويلة. وأشار السائق أنه خرج مسافة 25 كم إلى منطقة الصبورة، حتى استطاع الحصول على لتر بينزين حر بمبلغ “50 ألف ليرة سورية”، وعن صعوبة حاله شرح السائق: “كيف أستطيع العيش إن أخذت ثمن هذه التوصيلة كما كنت أخذ يوم الأحد ليلاً 1500 ليرة سورية!”

وفي المقلب الآخر علا صوت رجل سبعيني في أحد وسائط النقل العامة خط “مزة جبل كراجات”، وذلك بعد أن صاح السائق: “200 ليرة ولي مو عاجبوا ينزل”! كلمة هادئة سقطت من فم الرجل السبعيني: “آخ يابلد”!

وهنا لا بد من الإشارة أن الجهات المعنية وعدت بزيادة كميات الوقود المخصصة للتكاسي العامة بحيث، ستصبح 40 ليتراً من البينزين كل 4 أيام، بدلاً من 20 ليتراً.

 

مشروع رفاهية!

ماذا تفعل الـ”100 ليرة سورية حالياً؟ وماذا تشكل من دخل الناس؟ ولماذا استنكر الرجل السبعيني؟”، أسئلة دارت بين من يقلهم “السيرفيس”، ليجيب الرجل: “لاتفعل شيئاً له، لكنها جزء من معاشي التقاعدي الذي يبلغ 45000 ليرة سورية!”

الرجل الذي جادل على 100 ليرة سورية، لايمكن له الركوب بتكسي من أواخر عام 2020 حتى هذا اليوم. تدرجت أسعار أجور تكاسي الأجرة ومع كل فقدان للوقود يزيد السعر بشكل عشوائي. وبشكل متوسط يقف سائق تكسي الأجرة على مدى يومين عند محطة الوقود لتعبئة 20 لتراً كل أربعة أيام حسب القرار الأخير لمحافظة دمشق، وهي لاتكفي سوى نصف يوم، والباقي يحصل عليه حراً بـ50 ألف ليرة سورية للـ20 لتر!

لا تصعد ولادة 32( عاماً) والتي تعمل في ورديتين صباحاً ومساءً، في تكسي منذ بداية العام وحدوث أزمة للوقود، وتقول متهكمة: “كنت رفه حالي أول الشهر أعمل شعري عند الحلاق وأركب تكسي، بس خلصت الحكاية!”

سؤال مشروع!

يتساءل السوريون اليوم، متى ستحدث أزمة الوقود التالية؟ أم أن الأزمة الراهنة هي الأخيرة في البلاد؟

متى سيحصل كل مواطن على مقعد كريم؟ دون أن يجلس على جنب السيرفيس؟

كلها أسئلة مشروعة لا إجابات عليها، سوى برسم أقدار هذه البلاد المتعبة!

 

رئاسة “سلسة” واحدة… وانقلابات كثيرة

رئاسة “سلسة” واحدة… وانقلابات كثيرة

أحد ممثلي «معارضة الداخل» محمود مرعي تقدم إلى جانب 12 شخصاً آخرين أحدهم الرئيس بشار الأسد، بطلب الترشح إلى انتخابات الرئاسة السورية، ليكون العدد غير مسبوق منذ أول اقتراع قبل حوالي تسعة عقود.

وينتهي الترشح في 28 الشهر الجاري، على أن تجرى الانتخابات في 26 الشهر المقبل، بموجب دستور العام 2012، الذي ينص على وجوب أن يحصل المرشح على 35 صوتا من أعضاء مجلس الشعب ذي الـ250 مقعداً. وفي انتخاباته العام الماضي، حصلت «الجبهة الوطنية التقدمية» التي تضم تحالف أحزاب مرخصة بقيادة «البعث» على 183 مقعداً (بينهم 166 بعثياً)، ما يعني أن قرار الترشح الرئاسي بأيدي الحزب الحاكم وائتلاف الأحزاب المرخصة. وأعلنت دول غربية بينها أميركا أن الانتخابات «لن تكون حرة ونزيهة وذات مصداقية.

وحسب قرار مجلس الأمن 2254، تتطلب الانتخابات ذات المصداقية في سوريا إشراف الأمم المتحدة وبيئة آمنة تضمن حماية جميع السوريين، بمن في ذلك اللاجئون والنازحون داخلياً، لممارسة حقهم في التصويت». ولن يكون معظم اللاجئين في الخارج (عدا في لبنان)، قادرين على المشاركة بسبب وجود شرط «الخروج الشرعي» من البلاد لتملك الحق بالتصويت، كما أن معظم الدول الغربية أغلقت البعثات الدبلوماسية السورية. في المقابل، اعتبرت روسيا وإيران هذه الانتخابات «استحقاقا دستورياً»، حيث يتوقع أن يفوز الرئيس بشار الأسد بها بولاية رابعة مدتها سبع سنوات.

لكن كيف وصل رؤساء سوريا للحكم؟

تحمل الانتخابات المقبلة الرقم 18 منذ عام 1932 التي جرت تحت الانتداب الفرنسي الذي تسلم البلاد في 1920. تنافس ستة مرشحين، ما كان يمثل أكبر عدد من المتنافسين في انتخابات رئاسية في تاريخ البلاد قبل ارتفاع العدد في الانتخابات الحالية إلى 13 مرشحاً.

قبل تسعة عقود، كان اثنان من المتنافسين حاكمين سابقين للبلاد، هما حقي العظم رئيس «دولة دمشق» ورئيس الدولة السابق صبحي بركات، واثنان أحدهما رئيس الوزراء الحالي والسابق وقتذاك، تاج الدين الحسني ورضا الركابي. أما المرشحان المتبقيان فأصبحا في وقت لاحق أول وثاني رئيس لسوريا: محمد علي العابد وهاشم الأتاسي. الأول، كان سفير السلطنة العثمانية في واشنطن ووزير المال في «الاتحاد السوري الفيدرالي» والثاني، ممثل «الكتلة الوطنية».

في 1936، ترشح الأتاسي وفاز بالتزكية لغياب المنافسين، فيما عين قائد «قوات فرنسا الحرة» شارل ديغول تاج الدين الأتاسي في 1941. وأصبح أحد أركان «الكتلة الوطنية» شكري القوتلي رئيساً بعد فوزه دون منافس في 1943 و1947. وفي 1949، قام حسني الزعيم بأول انقلاب في تاريخ سوريا وأجرى استفتاء ليكون الأول في عهد البلاد. هنا اللافت، أن ممثل «حزب الله» السوري بشير كمال، الذي نشط في حلب بشكل سلمي تحت تأثير أفكار غاندي، رشح نفسه، لكنه «نصح بالانسحاب من السباق» وسرت إشاعة منظمة بأنه «مجنون».

بعد فترة وجيزة، قام سامي الحناوي بانقلاب ضد حسني الزعيم وأصبح رئيسا لأركان الجيش، وطلب من «القائد التاريخي» هاشم الأتاسي «الإشراف على انتخابات مؤتمر تأسيسي». أصبح رئيسا للحكومة وبعد المؤتمر التأسيسي، انتخب الأتاسي رئيساً. وعندما نفذ أديب الشيشكلي انقلابه عين فورا، وزير الدفاع فوزي السلو في الرئاسة. وفي 1953، جرت في «برلمان مصغر» انتخابات الشيشكلي.

بعد خروج الشيشكلي «كي لا تراق دماء» في 1954، عاد هاشم الأتاسي لإكمال ولايته. بعد سنة، جرت أشهر انتخابات في التاريخ المعاصر لسوريا، إذ ترشح خالد العظم، وهو «رئيس دولة» سابق في 1941 خلال الحرب العالمية الثانية ورئيس حكومة في 1948، ضد شكري القوتلي الذي فاز بالقصر.

تخلى القوتلي عن الرئاسة للرئيس المصري جمال عبد الناصر الذي فاز باستفتاء بعد الوحدة السورية – المصرية في 1958. وفي «عهد الانفصال»، فاز ناظم القدسي ضد سعيد الغزي في تصويت تحت قبة البرلمان في 1961 خلفاً لعبد الناصر.

وبعد تسلم حزب «البعث» الحكم في 1963، عين مجلس قيادة الثورة الضابط لؤي الأتاسي رئيس «مجلس قيادة الثورة». وبعد «حركة» يوليو (تموز) أصبح أمين الحافظ «رئيس مجلس الرئاسة» إلى حين قيام صلاح جديد بـ«حركة» فبراير (شباط) في 1966، وتسلم نور الدين الأتاسي منصب «رئيس الدولة». بعد قيام وزير الدفاع حافظ الأسد بـ«الحركة التصحيحية» في 16 نوفمبر (تشرين الثاني) 1970، عين أحمد الخطيب «رئيس دولة» إلى مارس (آذار) 1971، حيث أصبح رئيسا للبرلمان، وفاز الأسد بالرئاسة عبر استفتاء، الأمر الذي تكرر إلى حين رحيله في 2000. وإثر تعديل الدستور، فاز بشار الأسد بالرئاسة في استفتاء. وفي 2012، تمت صياغة دستور جديد بالتحول من «الاستفتاء» إلى «الانتخابات».

وفي 2014، ترشح الأسد واثنان آخران، هما وزير التنمية الإدارية في حسان النوري والنائب ماهر الحجار.

وما هو مصير الرؤساء السابقين ومرشحي الرئاسة؟

في 1936 أجبر محمد علي العابد على الاستقالة كما هو الحال مع هاشم الأتاسي في 1939. الأول توفي في منفاه في مدينة نيس الفرنسية في 1939، وتوفي الثاني لكبر سنه في حمص في 1960.

وكان تاج الدين الحسني الذي عينه الفرنسيون في 1941، الرئيس الوحيد الذي يموت في «فراش القصر» في 17 يناير (كانون الثاني) 1943. وأخرج شكري القوتلي من القصر بانقلاب عسكري في مارس (آذار) 1949 قاده حسني الزعيم الذي خرج أيضاً بانقلاب آخر في أغسطس (آب) قاده سامي الحناوي.

الزعيم قتل بـ176 رصاصة في جسده في انقلاب الحناوي الذي سجن ثم قتله حرشو البرازي في بيروت في 1950. كان أديب الشيشكلي نفذ في ديسمبر (كانون الأول) 1949، انقلابه ووضع الحناوي بالسجن لمدة قبل أن يطلقه تلبية لضغوطات وطلبات. أما الشيشكلي الذي ترك البلاد بعد الحكم، فاغتيل في البرازيل في 1964 بسبب «ممارساته ضد الدروز» جنوب سوريا.

غادر هاشم الأتاسي مقعد الرئاسة في نوفمبر (تشرين الثاني) 1951، بعدما تسلمه مؤقتا في ديسمبر (كانون الأول) 1949. أمام فوزي السلو، فإنه غادر «طوعا» لصالح أديب الشيشكلي في 1953.

في سبتمبر (ايلول) 1955، جرت مراسم التسليم والتسلم الشهيرة بين هاشم الأتاسي وشكري القوتلي، ليكون «الانتقال السلس» الوحيد في تاريخ البلاد، حيث عاد القوتلي واستقال لصالح جمال عبد الناصر في 1958، على عكس لؤي الأتاسي «الذي نصحه العسكر بالاستقالة» بعد أحداث يوليو (تموز) 1963، ثم توفي في حمص في 2003.

أما القوتلي، فإنه توفي في منفاه في بيروت بجلطة في «نكسة» يونيو (حزيران) 1967. أمين الحافظ، الذي «خلعه» صلاح جديد في 1966، سجن. غادر إلى المنفى ثم عاد وتوفي في حلب في 2009.

نور الدين الأتاسي وضع مع صلاح جديد في السجن من الأسد لدى تسلمه الحكم في 1970. توفي الثاني في المعتقل، فيما توفي الأول بمجرد خروجه منه. أما أحمد الخطيب «رئيس الدولة» في أول سنة من حكم الأسد، فأصبح رئيسا للبرلمان لسنة ثم تنحى من العمل السياسي، كما هو الحال مع مرشحي العام 2014، الذي صار أحدهما وزير تنمية، ثم «اعتزل السياسة».

ما الغائب عن السفرة الرمضانية في سوريا!

ما الغائب عن السفرة الرمضانية في سوريا!

ثلاثون دقيقة فقط، كانت كفيلة بأن يحصل السؤال الذي يدور حوله هذا التقرير الصحفي على 100 إجابة، من خلال تعليقات على المنشور الذي وضع في مجموعة مغلقة خاصة بالسيدات فيها آلاف السوريات، والسؤال هو: عن ماذا سوف تستغني الأسرة السورية في رمضان هذا العام؟

بعض التعليقات أتت جدية جداً، رافقتها إشارة وجه تسقط منه دمعة حزينة؛ وبعضها أتت متهكمة مع وجه يضحك وتنزل دموعه من شدة الضحك، في كلا الوجهين كانت الدمعة حاضرة، مرةً أسى، ومرة أخرى أن شر البلية هو ما يضحك.

تعلق دانا (صيدلانية 25عاماً) بـ”سوف نستغني عن الصيام بأكمله!”. بينما تشير نور (صحفية 35عاماً) أنها سوف تستغني عن الحلويات، اللحم الأحمر والدجاج. وتضيف أم وليد (ربة منزل) أنها سوف تستغني أيضاً عن التمر، العصائر الخاصة برمضان، الحليب، والفواكه وتكتفي مع أسرتها بصنف واحد فقط على الإفطار. بينما تقترح غنوة وهي (معلمة 27عاماً) بأن يكون الصيام فقط عن الكلام والشتائم.

زيارة صعبة!

يزور شهر رمضان السوريين وهم بأصعب حال مادية منذ عشرة أعوام. يطل شهر الخير عليهم، بزمن وصل فيه سعر لتر الزيت النباتي إلى 8 آلاف ليرة سورية أي ما يعادل 2$. بينما وصل سعر كيلو لحمة الغنم حوالي 25 ألف ليرة سورية في الحد الأعلى ضمن العاصمة، أي مايقارب 6$، وهو يساوي نصف راتب موظف حديث التعيين. أما التمر الذي كان يعد من حلويات الفقير والغني، فسيكون هذا العام للأغنياء فقط بعد أن وصل سعر الممتاز منه إلى 10 آلاف ليرة سورية. وحول هذا الوضع تقول أم محمد: “ماذا سأحضر لأسرتي هذا العام؟ عن ماذا سوف أستغني؟ هذا سؤال أطرحه على نفسي منذ بداية الشهر، وكلما ذهبت لشراء حاجيات المنزل كلما فكرت برمضان وسفرته”. أما عمر (صحفي 35عاماً) فقد حسم أمره بعكس أم محمد وسوف يستغني عن كل شيء يحضر مقلياً، وأي شيء فيه لحومات أو دجاج، وسيستغني عن عزيمة أي شخص لأنها مكلفة كثيراً، أما الحلويات ستغيب عن مائدة العيد وتحلاية الإفطار والسحور، وتكفي “بونبونة أطفال” على رأيه. وقد أشار خبير اقتصادي في تصريح خاص لنا أن الأسعار ارتفعت عن العام الفائت بين 250 إلى 500%، على الرغم من أن أمر ارتفاع الأسعار في رمضان اعتادت عليه الأسواق السورية على حد تعبير الخبير، لكن لأول مرة تصل إلى هذه الدرجة، بشكل يفوق قدرة أصحاب الدخل المحدود على شراء حتى كيلو “حُمص”.

منذ عام!

بقيت التعليقات على مضمون المادة الصحفية تتواصل، حيث تحاول زينة (40عاماً ربة منزل)، أن تطلب من الجميع دعماً لرأيها، فهي تريد أن تصوم يوماً بيوم، بمعنى ألا تأكل يوماً كاملاً وبالتالي تأخذ أجر يومين، وتتبعه” منيح إذا بيكون في مي”، بينما أم حيدرة (50 عاماً ربة منزل)، فتقول إن رمضان شهر الخير يأتي وتأتي معه الأرزاق.

منذ عام تماماً أتى رمضان وأتت معه موجة “كورونا”، وعاش الناس موجة غلاء عنيفة رغم أن سعر الصرف كان حوالي “2000 ليرة سورية” للدولار الواحد، ورغم ذلك كانت الأسواق تشهد ازدحاماً كبيراً، هل يا ترى ستشهد الأسواق ازدحاماً هذا العام! وهنا يعقب الخبير الاقتصادي (الذي فضل عدم ذكر اسمه) أن دخل الأسرة هو الذي يحدد نشاط أو ركود الأسواق حتى إن غصت بالناس، الكثير منهم يذهب لإلقاء نظرة ويعود بدون تسوق. وهناك من يذهب لقضاء الوقت ومنهم مايتحين فرصة إيجاد حاجة تناسب ما لديه من أموال، وحتى لا تبقى الأسعار ودخول أصحاب الدخل المحدود خاصة يسيران في خطين متوازيين لا يمكن أن يلتقيا، يجب أن تزيد الرواتب على الأقل 100% كي يأكل الناس قوت يومهم دون تكلف أو استعراض للوجبات الرمضانية وغير الرمضانية.

بولترز لأقل مائدة!

كان عام 2009 أحد الأمثلة الرئيسية في مادة التحرير الصحفي، بكلية الإعلام في جامعة دمشق عن المادة الصحفية التي نالت جائزة بولترز، وتحدثت عن غلاء الأسعار في أحد دول أوروبا بمشاركة مثال عن تكلفة “صحن السلطة” حينها والذي كان يصل لحوالي دولار ونصف تقريباً. قالب الهرم المعتدل الذي بدأت به المادة الصحفية حينها، جعل الجهات المعنية في البلاد تعمل لتضغط على الأسواق لأجل جعل “صحن سلطة” أرخص؛ لكن اليوم في سوريا هل ستأخذ المواد الصحفية التي تحدثت عن سعر لتر الزيت النباتي، وذرات الذهب الأبيض “السكر”، وطابور الخبز، وحتى “صحن سلطة الملفوف” أي جائزة وإن كانت للصبر! خصوصاً أن جسم الإنسان حسب إحدى اختصاصيات التغذية (التي رفضت مشاركة اسمها) يجب أن يتزود بمصادر الطاقة الرئيسية التي تعينه على تحمل ساعات الصيام الطويلة ومنها “النشويات، القمح، الذرة، الأرز، البروتين، البيض، الحليب، الدجاج، والخضروات.” وبحسبة بسيطة لطبق شبه يومي على موائد السوريين فإن تكلفة طبخة الأرز لعائلة مكونة من 5 أشخاص حوالي 4000 ليرة سورية، وهي سعر كيلو الغرام الواحد من الأرز ذي النوعية المتوسطة. وتشير اختصاصية التغذية أن هناك بدائل مثلاً عن البروتين الحيواني، ” الفول، الحمص، العدس، الفاصوليا”، لكن وصل سعر كيلو الحمص المطحون في العاصمة إلى 5000 ليرة سورية، وسعر صحن البيض ما بين 6000 و8000 ليرة سورية حسب سعر الصرف. ووفقاً لهذا الظرف الصعب فحتى البدائل ربما أصبحت للأغنياء فقط، وربما يجب أن يبحث الصحفيون عن أقل مائدة طعام تكلفةً في رمضان السوريين عام 2021، ليحصلوا على “بولترز”!

ماذا بعد!

ويتساءل المر ماذا بعد! فالسؤال المفتوح  اليومي الذي يسأله السوريون منذ ارتفاع سعر الصرف فوق 4000 ليرة سورية “لوين رايحين”، خاصةً مع عدم قدرة الجهات المعنية على ضبط الأسعار. ويجيب الخبير الاقتصادي أنه لا حل في الأفق إلا إذا،  تم تحديد سعر الصرف أولاً، وتوفير المواد المستوردة بما بكفل حاجة الأسواق، وعدم ازدواجية الضرائب ومضاعفتها، ووضع سعر موحد للسلع يحقق الربح للبائع ويناسب دخل المستهلك، بهذه المعايير تستطيع الجهات المختصة ضبط الأسواق والتجار، وغير ذلك فإن الوضع يتجه للأسوأ.

هل سيبقى الوضع على حاله عند بداية شهر الخير “رمضان”، أم سيزداد الطين بلةً، فإذا استغنى السوريون عن الزيوت النباتية وعاشوا على المسلوق من الخضروات، هل تستطيع الجهات المعنية ضبط أسعار الخضروات! هذه بعض الأسئلة المفتوحة التي يصعب الإجابة عليها حالياً ضمن الظروف الصعبة التي تجاوزت عشر سنوات من الحرب.

اليابان…اعمار سوريا وانتخاباتها

اليابان…اعمار سوريا وانتخاباتها

أعلنت اليابان استعدادها للمساهمة في إعادة إعمار سوريا «عندما تحقق العملية السياسية تقدمها بما ينسجم مع قرار مجلس الأمن 2254»، قائلة، إن الانتخابات الرئاسية السورية المقبلة قبل انتهاء ولاية الرئيس بشار الأسد في يوليو (تموز) المقبل «لا بد أن تُعقد بمشاركة جميع السوريين، وبتفهم المجتمع الدولي».
وقال المنسق الياباني لشؤون سوريا أكيرا إيندو، في بيان، إنه مع حلول «الذكرى العاشرة للأزمة السورية، لم يتم بعد التوصل إلى وقفٍ لإطلاق النار في جميع أنحاء سوريا، وبات الوضع الإنساني أكثر قسوة على نحو متزايد. كما أن العملية السياسية لم تشهد تقدماً بعد. ويساور اليابان القلق، حيث نشهد ركوداً طويلاً وفقداناً للزخم إزاء تسوية الأزمة. ومن منظور تحقيق الاستقرار على المدى المتوسط والبعيد في الشرق الأوسط، لا يجوز التخلي عن الشعب السوري في ظل الظروف الراهنة غير المستقرة».
وإذ أشار إيندو إلى أن «السلام والاستقرار الدائمين في سوريا لا يمكن تحقيقهما بالسبل العسكرية، ولا يمكن التوصل إليهما دون حل سياسي عبر تقدم العملية السياسية بما ينسجم مع 2254»، أمل في «تعجيل مناقشات اللجنة الدستورية وتقدمها» لدى استئناف عملها في جنيف برعاية أممية.
وكان لافتاً موقف طوكيو من الانتخابات الرئاسية السورية المقرر عقدها في انتهاء ولاية الأسد في 17 يوليو المقبل. وقال المبعوث الياباني «بغية تحقيق الحل السياسي للأزمة السورية، لا بد أن تُعقد الانتخابات الرئاسية السورية المقبلة بمشاركة جميع السوريين، وبتفهم المجتمع الدولي».

وكان وزراء خارجية الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا وإيطاليا وبريطانيا، قالوا في بيان مشترك قبل أيام «الانتخابات الرئاسية السورية المقترحة هذا العام لن تكون حرة ولا نزيهة، ولا ينبغي أن تؤدي إلى أي إجراء للتطبيع الدولي مع النظام السوري». كما أن مفوض الشؤون الأمنية والسياسية في الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل، قال في بيان، إن هذه «الانتخابات لا تفي بمعايير قرار 2254، ولا يمكن أن تسهم في تسوية الصراع، ولا تؤدي إلى أي إجراء للتطبيع الدولي مع النظام».
في المقابل، أعلن الناطق باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف، أن الكرملين «يعتبر الأسد رئيساً شرعياً لسوريا». كما أن لافروف قام بجولة خليجية بهدف حث دول عربية على إعادة دمشق إلى الجامعة العربية وتمويل إعمار سوريا واعتبار الانتخابات الرئاسية «نقطة تحول».
وتجاهل بيان للخارجية التركية عن الذكرى العاشرة للأزمة السورية، موضوع الانتخابات الرئاسية السورية.
إلى ذلك، أكد المبعوث الياباني التزام «تقديم المساعدات الإنسانية لجميع السوريين الذين يواجهون الصعوبات، حيث قدمت اليابان دعماً بقيمة إجمالية تزيد على 2.9 مليار دولار أميركي منذ عام 2012 للمساعدات الطارئة والإنسانية في مجالات كالغذاء والماء والنظافة والصحة والتعليم. وفي ضوء تعدد الاحتياجات الإنسانية الناجمة عن الأزمة المطولة، والآثار الاجتماعية والاقتصادية لفيروس كورونا المستجد، قررت اليابان تقديم مساهمة جديدة تقارب قيمتها 200 مليون دولار أميركي كمساعدات إنسانية إضافية ومساعدات أخرى لسوريا ودول جوارها في عام 2021».

وأشار إلى «التزام المساهمة في إعادة إعمار سوريا عندما تحقق العملية السياسية تقدمها بما ينسجم مع 2254».
وأعلنت الخارجية الفرنسية، أنها «ستواصل مع شركائها جعل إعمار سوريا وتطبيع العلاقات مع دمشق مشروطين بتنفيذ حل سياسي دائم حسب 2254»، وهو موقف مشابه لبيانات الاتحاد الأوروبي.

هل هو “الفصل الاخير” من المفاوضات السورية-الاسرائيلية؟

هل هو “الفصل الاخير” من المفاوضات السورية-الاسرائيلية؟

كانت سوريا وإسرائيل، بفضل وساطة أميركية، على حافة توقيع اتفاق سلام في نهاية فبراير (شباط) 2011، قبل اندلاع الاحتجاجات ضمن «الربيع العربي». صاغ الوسيط الأميركي مسودة اتفاق «ذهبت أبعد بكثير من أي ورقة سابقة»، وتضمنت قطع دمشق لـ«العلاقات العسكرية» مع طهران و«حزب الله» اللبناني، و«تحييد» أي تهديد لإسرائيل، مقابل استعادتها مرتفعات الجولان السورية المحتلة من إسرائيل، إلى خط 4 يونيو (حزيران) 1967.

هذا ما أكده لـ«الشرق الأوسط» مسؤولون كانوا منخرطين في المفاوضات التي قادها المبعوث الأميركي فريد هوف بين الرئيس بشار الأسد ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وتضمنت عقد جلستين على الأقل مع وزير الخارجية الراحل وليد المعلم، والمستشار القانوني رياض داودي، بحضور السفير الأميركي السابق روبرت فورد. وكان الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، ونائبه وقتذاك جو بايدن (الرئيس الحالي)، على علم بهذه المفاوضات السرية، مع انخراط كبير من وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون. ولم يتوفر تعليق رسمي على مضمون هذه المفاوضات من دمشق التي تعلن دائماً التمسك بـ«استعادة كامل الجولان» و«العلاقة الاستراتيجية مع إيران».

– عرض مثير

كان وزير الخارجية الأميركي الأسبق جون كيري قال في كتابه «كل يوم هو يوم إضافي» إن الأسد بعث إلى الرئيس أوباما مقترحاً لإقامة سلام مع إسرائيل، وإن نتنياهو عندما اطلع على الاقتراح وجده «مثيراً للدهشة». وقال كيري إنه في عام 2009، بينما كان يتولى رئاسة لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، زار دمشق وتناول في اجتماع مع الأسد أموراً عدة، بينها اتفاق السلام مع إسرائيل، في ضوء أن المحاولات السابقة في ظل حكومات إسحق رابين وشيمون بيريز وإيهود باراك وأولمرت ونتنياهو (خلال فترته الأولى بين 1996 و1999) انتهت بالفشل.

وقال كيري: «سألني الأسد ما الذي يحتاج إليه الأمر للدخول في مفاوضات سلام حقيقية، على أمل ضمان عودة الجولان التي فقدتها سوريا لحساب إسرائيل عام 1967، أجبته بأنه إذا كان جاداً، فعليه تقديم مقترح غير معلن. وسألني عن الصورة التي ينبغي أن يكون عليها الاقتراح، فشاركت معه أفكاري. وبالفعل، أصدر توجيهات إلى أحد كبار مساعديه بصياغة خطاب من الأسد إلى أوباما». وكتب كيري أنه في هذا الخطاب، طلب من أوباما دعم محادثات سلام جديدة مع إسرائيل، وأعلن «استعداد سوريا لاتخاذ عدد من الخطوات، مقابل عودة الجولان من إسرائيل».

وبعد اجتماعه مع الأسد، توجه في اليوم التالي جواً إلى إسرائيل، وجلس مع نتنياهو الذي كان قد عاد إلى السلطة بعد 10 و«أطلعته على خطاب الأسد، فشعر نتنياهو بالدهشة من أن الأسد على استعداد لقطع كل هذا الشوط الطويل، والوصول إلى نقطة أبعد بكثير عما كان على استعداد لتقديمه من قبل».

وذكر كيري أنه بعدما عرضه على نتنياهو، حمل «عرض الأسد» إلى واشنطن، وحاولت إدارة أوباما اختبار مدى جدية الرئيس السوري، من خلال طلب اتخاذ «إجراءات لبناء الثقة» تجاه كل من الولايات المتحدة وإسرائيل، بينها وقف بعض شحنات الأسلحة لـ«حزب الله»، الأمر الذي لم يحصل. وكتب كيري: «أتذكر أنني سمعت أن الأسد استمر في نمط السلوك ذاته تماماً تجاه (حزب الله) الذي أخبرناه أن يتوقف عنه؛ كان ذلك خيبة أمل، لكنه لم يكن أمراً مفاجئاً».

– ضربات إيرانية

بعد انطلاق مفاوضات السلام عقب مؤتمر مدريد للسلام في 1991، جرت محاولات بين سوريا وإسرائيل بلغت ذروتها مع رابين عبر مفاوضات ما يعرف بـ«أرجل الطاولة الأربع»: الانسحاب، وعلاقات السلم، وترتيبات الأمن، والجدول الزمني، وتضمنت اجتماعات بين رئيسي أركان سوريا وإسرائيل، ومفاوضات سرية وعلنية تضمنت الالتزام بـ«الانسحاب الكامل» من الجولان، وبحث إقامة «علاقات سلم طبيعية» وترتيبات أمنية، والبحث في فتح سفارات وبوابات حدودية على الخط المفترض لـ4 يونيو (حزيران) 1967.

وبعد اغتيال رابين في نوفمبر (تشرين الثاني) 1995، حاول بيريز «التحليق في السماء باتفاق سلام مع سوريا»، واستعجل المفاوضات وصولاً إلى معاهدة. وفي بداية 1996، بدأت مفاوضات ثنائية، لكنها انهارت بعد عمليات انتحارية في تل أبيب وعسقلان والقدس. وقتذاك، أبلغ الوفد الإسرائيلي نظيره السوري، في جلسة تفاوض بأميركا، أن «إيران تقف وراء الهجمات لإفشال المفاوضات»، وأنه «يجب أن تدين سوريا العمليات الإرهابية»، حسب قول مصدر مطلع. انهارت المفاوضات، وذهب بيريز إلى عملية «عناقيد الغضب» في لبنان التي أخرجته (بيريز) من الحكومة.

وبعدما تسلم نتنياهو الحكومة 1996، «فاوضه» الرئيس الراحل حافظ الأسد، عبر رجل الأعمال الأميركي رونالد لاودر على اتفاق تفصيلي «متقدم جداً» عام 1998. كما أن خليفة نتنياهو، إيهود باراك، عرض لدى استئناف المفاوضات، وانعقاد لقاء بينه وبين وزير الخارجية السوري الأسبق فاروق الشرع، برعاية الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون، الانسحاب من الجولان حتى خط 4 يونيو (حزيران)، مقابل السلام وترتيبات الأمن. وعقدت جلسات عمل تفصيلية في شيبردزتاون، قرب واشنطن، مع تركيز على ملف المياه الشائك، حيث قال الإسرائيليون إن «المياه خط أحمر»، وقدم الأميركيون وقتذاك «ورقة عمل» كانت بمثابة مسودة اتفاق سلام.

باراك أبلغ الأميركيين في ختام جولة المفاوضات في بداية 2000 بأنه لا يستطيع عقد اتفاق سلام بسبب «الوضع الداخلي المعقد» الذي يستدعي ذهابه إلى إسرائيل، ثم العودة إلى بلدة شيبردزتاون لاستئناف المفاوضات، لكنه لم يعد.

وفي مارس (آذار) 2000، كانت آخر محاولة في عهد الأسد (الأب) الذي كان يعاني من مشكلات صحية، عبر لقائه كلينتون في جنيف. أيضاً انهارت القمة السورية – الأميركية بعد 20 دقيقة، جراء الخلاف حول الوصول السوري إلى شاطئ بحيرة طبريا، وعرض كلينتون خريطة لخط 4 يونيو (حزيران) وشاطئ طبريا أمام الأسد كان قد رفضها سابقاً.

وتسلم بشار الأسد الرئاسة في منتصف 2000. وبعد دخول سوريا في عزلة، إثر اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري في 2005، قدمت دمشق مرونة بالتعبير عن رغبتها في مفاوضات مع تل أبيب لـ«فك عزلة واشنطن عبر عملية تفاوضية مع تل أبيب». وقتها، رعت تركيا في 2008 محادثات وصلت إلى حد التفكير بترتيب مفاوضات مباشرة، بوساطة هاتفية من رجب طيب إردوغان والأسد وأولمرت نهاية 2008، قبل أن تنهار بقصف إسرائيلي لقطاع غزة نهاية ذاك العام.

انتهت العزلة الأوروبية، ثم الأميركية، وجاء روبرت فورد سفيراً أميركياً إلى دمشق. وفي 2010، بنت واشنطن على جهود سابقة، بينها جهود أنقرة، ورغبة إدارة أوباما بتفعيل مسار السلام، وتعيين مبعوثها جورج ميتشل لاختبار مسار التفاوض السوري – الإسرائيلي. واتسمت المحاولة الأخيرة بالسرية. وكان عدد العارفين بمسار التفاوض محدوداً في كل دولة. ومن الجانب الأميركي، كان على علم كل من أوباما وبايدن وكلينتون، ومستشار الأمن القومي توم دونيلون، والسفير الأميركي في تل أبيب دان شابيرو، والسفير الأميركي في دمشق روبرت فورد. ومن الجانب السوري، علم بالمفاوضات بدرجات متفاوتة كل من الأسد والمعلم وداودي، حيث عقدت جلسات بين المعلم وداودي وهوف وفورد. وفي إسرائيل، حصرت لقاءات هوف بنتنياهو في مقر الإقامة الرسمي لرئيس الوزراء، بحضور باراك وزير الدفاع.

– الأسد-هوف

آخر لقاء ضمن هذه الوساطة، كان بين الأسد وهوف في 28 فبراير (شباط) 2011، أي في خضم «الربيع العربي» الذي غير نظامين في ليبيا ومصر، وبدأت مظاهراته في دمشق. وروى هوف الذي عمل على صوغ مسودة الاتفاق أن الأفكار تضمنت تخلي دمشق عن «العلاقات العسكرية» مع طهران و«حزب الله»، مقابل الانسحاب الإسرائيلي من الجولان إلى خط 4 يونيو (حزيران).

وكان هوف، القائد السابق في الجيش الأميركي الخبير في مجال ترسيم الحدود بالمناطق المتنازع عليها، أول شخص رسم على الأرض خط 4 يونيو (حزيران) في بدايات تسعينيات القرن الماضي. ويروي فورد لـ«الشرق الأوسط» أن هوف لدى وصوله إلى دمشق، طلب عدم حضور لقائه (هوف) مع الأسد، وأنه وافق على ذلك شرط أن ينام هوف في منزله، مقر السفير الأميركي في دمشق. وقال: «اتصلت به هاتفياً على خط مفتوح كي تسمع المخابرات السورية حديثنا، وقلت: أنا موافق شرط أن تنام في مقر الإقامة الخاص بالسفير، أنت ومساعدك، كي يعرف السوريون أننا فريق واحد. وهذا ما حصل. كما أن هوف أخبرني بمضمون اللقاء، وأترك له ذكر تفاصيل ما حصل في اللقاء مع الأسد، والمفاوضات عموماً».

وقد تضمنت وثائق هوف، حسب تقارير إسرائيلية نشرت في 2012، أن المفاوضات اعتمدت على استعداد نتنياهو للعودة إلى حدود 4 يونيو (حزيران) 1967، ما يعطي دمشق السيطرة الكاملة على الجولان، مقابل اتفاق سلام شامل، يتضمن «توقعاً» إسرائيلياً بقطع العلاقات بين سوريا وإيران.

وحسب اعتقاد مسؤولين مطلعين على مضمون المحادثات، كان هوف «مقتنعاً بأن اتفاق السلام ممكن، بحيث ينهي الأسد علاقته مع إيران و(حزب الله)، ويتحول في تحالفاته إلى أميركا والدول العربية المعتدلة». وقال أحد المسؤولين لـ«الشرق الأوسط»: «لم أشاهد مسودة اتفاق سلام؛ كانت بداية للتفاوض، وليس النهاية». وذكر مسؤول آخر: «لم يكن واضحاً أن الطرفين اتفقا على جدول زمني محدد، أو توصلا إلى حل مسألة المياه في الجولان. سوريا كانت تقول إنه لا حق لإسرائيل بالمياه وراء خط 4 يونيو (حزيران)، فيما كانت إسرائيل تقول إنه حتى لو يكن لديها جيش وراء خط 4 يونيو (حزيران)، فإنها تريد حضوراً لوجيستياً يسمح بالوصول إلى المياه». وكان الخلاف حول المياه وشاطئ طبريا أحد الأسباب التي أدت إلى انهيار قمة الأسد – كلينتون في مارس (آذار) 2000، حيث أصر الرئيس السوري الراحل على «وضع قدميه» في مياه البحيرة، الأمر الذي رفضه باراك وقتذاك، بل أقام الإسرائيليون طريقاً محيطاً بالشاطئ يجعل الوصول السوري إليها متعذراً دون اتفاق لا يشوبه أي غموض.

هناك من يقول إن وساطة هوف كانت «شرطية – افتراضية»، كما حصل في منتصف التسعينيات، عندما قاد وزير الخارجية الأميركي الأسبق وارن كريستور مفاوضات تحت عنوان «ماذا لو؟»، تضمنت اقتراحاً للأسد: «ماذا لو تعهد رابين بالانسحاب الكامل من الجولان؟ هل أنت مستعد لعلاقات سلام (تطبيع)؟». وقتذاك، وضع رابين في جيب كريستور «وديعة رابين» التي تضمنت الاستعداد للانسحاب الكامل من الجولان، إذا وافق الأسد على مطالب تتضمن علاقات السلم وترتيبات أمنية. ويقول أحد المسؤولين إنه في وساطة هوف، أبدى نتنياهو «الاستعداد للانسحاب الكامل من الجولان، إذا وافق السوريون على اتفاق سلام يتضمن تغيير التوجهات الإقليمية، وقطع العلاقات مع إيران».

وقال مسؤول أميركي سابق على اطلاع على الملف لـ«الشرق الأوسط»: «فيما يتعلق بجدية الطرفين، لا شك في ذلك أبداً. المفاوضات كانت شرطية: الإسرائيليون كانوا يريدون تغييراً استراتيجياً في التوجه السوري، وسوريا كانت تريد إعادة كل الأراضي حتى خط 4 يونيو (حزيران)، وقد حصل كثير من التقدم من الطرفين». وزاد: «أميركا لم يكن لديها أي شك بجدية المفاوضات. الأسد ونتنياهو كانا جديين لمعرفة إلى أي حد سيذهب الطرف الآخر. أيضاً كان هناك تقدم كبير من نتنياهو في موضوع الأراضي أكثر من أي وقت سابق. لقاء هوف مع الأسد في 28 فبراير (شباط) أعطى إشارة واضحة لما يمكن للأسد أن يقوم به».

ويحرص الأميركيون على القول إن المسودة الخطية للاتفاق كانت أميركية، وهو «أمر مهم، ذلك أن المبعوث الأميركي ميتشل لم يقم بصوغ أي ورقة بين نتنياهو والرئيس محمود عباس (أبو مازن)». أيضاً، هناك تأكيد أميركي على عدم حصول لقاء مباشر سوري – إسرائيلي، بل كان التفاوض عبر هوف.

– بناء ثقة

تكتسب المحاولة الأخيرة من المفاوضات أهمية عشية الذكرى العاشرة لاندلاع الاحتجاجات السورية، خصوصاً أن موسكو (اللاعب الرئيسي في سوريا) تقود وساطة لـ«بناء الثقة» بين دمشق وتل أبيب، تضمن عناصر بينها صفقة تبادل الأسرى، وإعادة رفاة جنود إسرائيليين، ورعاية عودة العمل بـ«اتفاق فك الاشتباك» في الجولان 2018، وإبعاد إيران وميليشياتها عن جنوب سوريا.

وهناك أهمية أخرى بعد تردد أنباء عن اهتمام دول عربية بفتح أقنية بين دمشق وتل أبيب، أو عقد اجتماعات سرية لاختبار إمكانات عقد اتفاق سلام، و«الابتعاد» عن إيران، مقابل تقديم «حوافز» مالية تخص إعمار سوريا وحل مشكلاتها الاقتصادية.

لم تبد تل أبيب اهتماماً علنياً بالمفاوضات السياسية، خصوصاً بعد إعلان الرئيس دونالد ترمب تأييد «السيادة الإسرائيلية» على الجولان في 2019، واستمرارها في شن غارات على «مواقع إيرانية» في سوريا. كما أن دمشق لم تبد اهتماماً علنياً باتفاق سلام لا يتضمن «الانسحاب الكامل» من الجولان، و«تغامر فيه بعلاقتها الاستراتيجية مع إيران».

ومن جهته، قال فورد لـ«الشرق الأوسط»: «سيكون صعباً على الأسد حالياً توقيع اتفاق سلام مع إسرائيل، إلا إذا حصل في المقابل على الكثير، لأنه يحتاج حالياً إلى الدعم من إيران وميليشياتها و(حزب الله)؛ إذا خرجوا من سوريا، فمن سيساعد النظام على السيطرة على البادية السورية وحمص والسويداء وجزء من درعا؟». وأضاف: «هل ستحصل دمشق على مساعدات مالية غربية حتى لو وقع الأسد اتفاق سلام وفتح سفارة إسرائيلية في دمشق؟ من الصعب تدفق الأموال وإزالة العقوبات بعد كل الجرائم التي حصلت في سوريا. من الممكن إزالة بعض العقوبات الأميركية الخاصة بإدراج منظمات إرهابية أو التدخل في لبنان أو بعض الاستثناءات، ووصول مساعدات عربية أو أوروبية، لكن قانون قيصر (الذي بدأ تنفيذه منتصف العام الماضي) لن يلغى ببساطة»، متابعاً: «لن يكون هناك تعاطف في أميركا مع الأسد، حتى لو تم توقيع اتفاق سلام. هناك حدود لما يمكن أن يقدم في مقابل أي اتفاق سلام».

في المقابل، قال مسؤول عربي مطلع على موقف دمشق: «صعب أن يقبل النظام توقيع اتفاق سلام دون ضمان واضح باستعادة كامل الجولان. صعب أيضاً أن يبتعد النظام كلياً عن إيران».

وبين الموقفين، يقول مسؤول كبير مطلع على الوضع في سوريا وإسرائيل والمنطقة وأميركا: «ربما كان ذلك الفصل الأخير في جهود البحث عن اتفاق سلام بين سوريا وإسرائيل، كما عرفناه في العقود الماضية. قد يحصل، في أحسن الأحوال، تفاهم أو اتفاق جديد، لكنه مختلف عما قرأناه وفاوضنا لأجله لعقود».

  • نقلا عن “الشرق الاوسط”