بواسطة Ibrahim Hamidi | فبراير 19, 2021 | Cost of War, News, غير مصنف
الكشف في روسيا عن تفاصيل جديدة عن الجاسوس الإسرائيلي إيلي كوهين، المعروف باسم «كامل أمين ثابت»، بينها صور نادرة له في أحد شوارع دمشق، و«تصادف» تجسسه وإعدامه مع وجود عميل لـجهاز الاستخبارات السوفياتي (كي جي بي) في العاصمة السورية ومغادرته إياها سنة إعدام كوهين في 1965، طرح أسئلة عن الدور الذي تلعبه موسكو حالياً في إعادة رفاة الجاسوس من دمشق، تلبية لطلب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من الرئيس فلاديمير بوتين.
معروف أن كوهين تعرف على الملحق العسكري في السفارة السورية في الأرجنتين، أمين الحافظ الذي عاد إلى دمشق في 1962 وأصبح رئيساً بعد تسلم حزب «البعث» الحكم في 1963. (الحافظ نفى قبل سنوات، حصول لقاء بينهما). وكان كوهين، دخل البلاد باسم كامل ثابت أمين قبل عودة الحافظ، وأقام في حي السفارات في دمشق ونسج شبكة علاقات مع النخبة السورية، حصل تضارب حول عمقها وأهميتها، إلى حين كشف أمره وإعدامه في منتصف 1965.
كوهين، الذي كان يطلق جهاز الاستخبارات الإسرائيلي (موساد) عليه «رجلنا في دمشق»، نسجت حول دوره قصص كثيرة، تناولت أهمية «معلومات» عن تحركات عسكرية للجيش السوري في الجبهة نقلها إلى تل أبيب، عبر بث إشارة ورموز من منزله قرب مقر القوى الجوية السورية وسط دمشق، إضافة إلى دوره في ملاحقة «نازيين» كانوا يقيمون في العاصمة السورية.
كما تعددت الروايات حول كيفية الكشف عنه، بينها وصول معلومات من الاستخبارات المصرية أو احتجاج سفارات مجاورة لمنزله بسبب تشويش على إرسالها. ورجح خبراء سوريون دور اللواء أحمد السويداني، رئيس الأركان لاحقا، خصوصاً أنه «شكك في كوهين من اليوم الأول، وكان له دور محوري في اعتقاله والكشف عن هويته». كما تداول آخرون قصصاً عن دور لخبير إشارة سوفياتي وسيارة رصد سوفياتية في «ضبطه بالجرم المشهود»… قبل محاكمته من صلاح الضلي ثم إعدامه علناً في ساحة المرجة، رعم «مناشدات» قادة غربيين.
كتب عن كوهين الكثير في العقود الأخيرة، كما أن «نيتفلكس» أنتجت مسلسلاً عنه باسم «الجاسوس»، لكن قناة «روسيا اليوم» باللغة الإنجليزية، قدمت فيلماً تضمن عناصر جديدة تنشر للمرة الأولى. الفيلم يتضمن الكثير من الوثائق والصورة، وتبدأ القصة بالحصول على فيلم من محل لبيع القطع الأثرية في سانت بطرسبرغ، تضمن صوراً لشوارع دمشق.
مفتاح القصة، أن الفيلم تضمن صورا لشخص يسير في أحد شوارع دمشق، يعتقد أنه «شارع 29 أيار» الذي أصبح لاحقاً مقرا للمركز الثقافي السوفياتي/الروسي. هذا الشخص هو إيلي كوهين. من هنا، تنطلق القصة المثيرة، خصوصاً لدى البحث لمعرفة الشخص الذي صور الفيلم عبر الوصول إلى أقاربه. تبين، أن الشخص هو بوريس بوكين، حيث تخبر إحدى قريباته أنهم باعوا شقته وأثاثها بما في ذلك الكاميرا والفيلم. ولدى التحقق في سجلات وزارة الدفاع، تبين أن بوكين حصل على ثلاث ميداليات من «النجمة الحمراء» وهو كان تخرج من كلية عسكرية سوفياتية وتخصص في الإشارة والاتصالات.
كان لافتا تزامن وصول بوريس وإيلي إلى دمشق. المثير أنه بين تقارير التجسس التي أرسلها كوهين عبر الترميز السري، واحد عن وصول 150 خبيرا عسكرياً سوفياتياً في لحظة كان الصراع الغربي – السوفياتي على سوريا في خواتمه لصالح موسكو بعد وصول «البعث». والمثير أيضاً، أن «الموساد» علم بوصول بوريس إلى دمشق. هنا، كان الطرفان يلاحقان النازيين في ظلام العاصمة السورية.
وتضمن الفيلم أيضاً، مقابلة مع سيرغي ميدفيدكو ابن ليونيد الذي كان «صحافياً، وربما جاسوسا» أيضاً في شوارع دمشق. ويعرض الفيلم لقطات إعدام كوهين ووضع جثمانه في الكفن من زوايا تصوير من سطح بناية تطل على المرجة، ربما تعرض للمرة الأولى، حيث يتذكر سيرغي كيف ركض أحدهم إلى منزلهم في دمشق للقول إن كوهين «أعدم، أعدم».
كوهين ألقي القبض عليه بعد تعقب إرسال الشيفرة من سيارة متخصصة جاءت من الاتحاد السوفياتي. من غير المعروف ما إذا كان بوريس لعب دورا في الكشف عنه. لكن المثير أن مهمته في دمشق انتهت مع إعدام الجاسوس الإسرائيلي… وعاد إلى موسكو. بعدها بقيت سوريا في المحور السوفياتي رغم التغييرات في موسكو.
في العقود السابقة، كانت دمشق توازن بين الغرب والسوفيات – الروس. وفي نهاية 2015، تدخل الجيش الروسي في سوريا وأقام قاعدتين عسكريتين. حالياً، باتت موسكو توازن بين دمشق والعواصم الأخرى، وتتوسط في ملفات كثيرة. ويقيم بوتين علاقة خاصة مع إسرائيل. نتانياهو يريد توظيفها في إعادة رفاة كوهين كما حصل مع جندي إسرائيلي قتل في لبنان في 1982 وأعيد رفاته بوساطة الرئيس الروسي في بداية 2019.
ونقل عن ضابط رفيع سابق في دمشق، قوله إن رفات كوهين «كان مكانه يتغير كل أسابيع». أما الضلي رئيس المحكمة، فقال لي في 22 مارس (آذار) 2004 إن كوهين «كان مدفوناً بعد إعدامه في كهف على طريق الديماس لكن بعد فترة أخذ الرفات ودفن في مكان آخر غير معروف» وأن أغلب من يعرف أين دفن «تسرح من الجيش أو ذهب أو ترك منصبه».
*من “الشرق الأوسط”
بواسطة Ibrahim Hamidi | فبراير 18, 2021 | Cost of War, News, غير مصنف
منذ دعوة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى اجتماع طارئ للحكومة، مساء الثلاثاء، تصاعدت توقعات باحتمال أن يكون ذلك مرتبطاً بـ«صفقة تبادل» توسط فيها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تتضمن إطلاق سراح إسرائيلية «اُعتُقلت بعد دخولها بالخطأ إلى القنيطرة» والحصول على معلومات عن رفات إسرائيليين في سوريا، مقابل إفراج تل أبيب عن سجناء سوريين في معتقلاتها، كما حصل في صفقة سابقة رعتها موسكو بين تل أبيب ودمشق في 2019.
وما زاد من أهمية «الرسائل السياسية» لذلك، كلام المبعوث الرئاسي الروسي ألكسندر لافرنتييف في ختام اجتماع «الضامنين» لمسار آستانة (روسيا، إيران، تركيا) في سوتشي أمس، وجود اتصالات روسية – إسرائيلية لـ«تخفيف التوتر ونزع فتيل التصعيد» مع التحذير من «ضربة جوابية» من دمشق على الغارات المتكررة.
– ماذا حصل؟
بعد اجتماع (الثلاثاء)، فرض وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس حظراً عن نشر أي معلومات عن الاجتماع. قيل في وسائل الإعلام، إن الأمر يخص «ملفاً إنسانياً توسطت روسيا في شأنه». وذكرت صحيفة «هآرتس»، أن الاجتماع تناول «مسألة أمنية حساسة».
كان نتنياهو تلقى اتصالاً من بوتين، وتحدث غانتس ووزير الخارجية غابي أشكنازي مع نظيريهما الروسيين سيرغي شويغو وسيرغي لافروف. وكتب غانتس في العاشر من هذا الشهر، على موقع «تويتر»، أنه بحث مع نظيره الروسي «استمرار الحوار المهم بين روسيا وإسرائيل بهدف ضمان أمن العسكريين»، إضافة إلى مناقشة «الجهود الإنسانية في المنطقة ومحاربة الإرهاب».
وفي 15 الشهر الحالي، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بسقوط «قتلى من جنسيات غير سورية جراء قصف إسرائيلي على مناطق قرب دمشق»، لافتاً إلى أن الغارات أسفرت عن «تدمير مستودعات أسلحة وصواريخ تابعة للإيرانيين». وفي اليوم التالي، أعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي جوناثان كونريكوس لوكالة «تاس» الروسية، «لدينا آلية للتنسيق التكتيكي وتفادي الصدام مع العسكريين الروس، وهي تعمل جيداً جداً، ولدينا خط ساخن يعمل دائماً، ونعتبر أن كل ذلك يتسم بالأهمية الاستراتيجية». وأشار إلى أن «الجيش الإسرائيلي يأخذ بعين الاعتبار أمن الكوادر العسكريين الروس في سوريا».
من جهتها، بعثت دمشق رسالة إلى مجلس الأمن الدولي، حذرت فيها «إسرائيل من التداعيات الخطيرة لاعتداءاتها المستمرة على أراضيها تحت ذرائع واهية».
– بحث في مخيم
أفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، أمس، بأنه «يجري العمل على تحرير سوريين من أبناء الجولان المحتل من سجون الاحتلال». وزادت «عملية التبادل تتم حالياً عبر وساطة روسية لتحرير نهال المقت وذياب قهموز في عملية تبادل يتم خلالها إطلاق سراح إسرائيلية دخلت خطأ في منطقة القنيطرة حيث تم اعتقالها».
كان نادي الأسير الفلسطيني أعلن، الأربعاء، أن إسرائيل قررت الإفراج عن قهموز «بموجب صفقة تبادل». وأضاف، أن «إدارة سجون الاحتلال استدعت قهموز لإبلاغه بقرار الإفراج عنه إلى سوريا؛ ذلك بموجب صفقة بين سوريا وإسرائيل بوساطة روسية».
ويُعتقد أن هذه «الصفقة» قد تساهم في تراكم جهود أوسع ترعاه موسكو. وفي بداية الشهر، أكد شهود في مخيم اليرموك مشاهدتهم سيارات روسية بحماية أمنية سورية مشددة يفتشون في إحدى مقبرتي المخيم، وسط أنباء عن «استئناف البحث عن رفات جنود إسرائيليين فُقدوا في سهل البقاع اللبناني في عام 1982».
كان موقع «صوت العاصمة» المعارض، قال إن «الروس يستخدمون عربة طبية لجمع عينات من الجثث بهدف تحليل السلسلة الوراثية (دي إن إيه)». وذكرت، أن القوات الروسية قد أخرجت بالفعل من القبور العديد من الجثامين، وأجرت تحليل السلسلة الوراثية، قبل إعادتها إلى القبور مجدداً. وقال الشهود، إن «طوقاً أمنياً ضُرب حول المقبرة».
في معركة «السلطان يعقوب» في يونيو (حزيران) 1982 خلال اجتياح لبنان، خسرت إسرائيل 20 جندياً وفقدت 3 جنود. وقالت مصادر، إن الجنديين الذين بحث الروس عن رفاتهما هما يهودا كاتس وتسفي فيلدمان. وفي تلك المعركة، استولت القوات السورية على 8 دبابات إسرائيلية، عرضت إحداها في متحف بموسكو، قبل أن يقوم بوتين في عام 2016 بإعادتها إلى إسرائيل استجابة لطلب نتنياهو.
وفي أبريل (نيسان)، سلمت وزارة الدفاع الروسية إسرائيل رفات الجندي زكريا باومل الذي قُتل في «السلطان يعقوب»، بعد مراسم «احتفالية» في موسكو عقب نقل الرفات من مخيم اليرموك على أيدي خبراء روس.
في المقابل، أفرجت تل أبيب عن الأسيرين السوريين أحمد خميس وزياد الطويل. وفي بداية 2020، أُفرج عن سجينين سوريين، أحدهما صدقي المقت الذي كان يمضي عقوبة بالسجن بعد إدانته بـ«التجسّس» لحساب دمشق. وقال مكتب نتنياهو وقتذاك، إنّ الإفراج عن المقت وزميله أمل أبو صالح «بادرة حسن نية» بعدما استعادة رفات باومل.
– بناء ثقة
إلى جانب رفات جنودها، لا تزال تل أبيب تطالب باستعادة رفات الجاسوس الإسرائيلي إيلي كوهين الذي أعدم في دمشق عام 1965، وطلبت وساطة روسيا في «حل لغز» مصير الطيار رون أراد، الذي فُقد بعد إسقاط طائرته في لبنان عام 1986. ويسعى نتنياهو إلى تحقيق «إنجاز» قبل الانتخابات في الشهر المقبل.
من جهته، قال «المرصد»، «بعد مرور أكثر من 15 يوماً على نبش مقبرة مخيم اليرموك، من المفترض أن الجانب الروسي قد توصل لنتائج حول رفات جندي إسرائيلي، وسط أنباء أن الرفات الذي يتم البحث عنها قد تكون لكوهين»، حيث جرى نبش عدد كبير من القبور وإجراء تحليل «DNA».
وكانت روسيا توسطت لعقد صفقة مع أميركا والأردن نصت على «تخلي» واشنطن عن دعم المعارضة السورية في درعا والقنيطرة قرب الجولان، مقابل عودة رموز الدولة والجيش إلى الجنوب وتسهيل الجيش الروسي إعادة العمل باتفاق «فك الاشتباك» في الجولان ونشر الشرطة الروسية نقاطاً لتستأنف «القوات الدولية لفك الاشتباك» (أندوف) عملها في الجولان. كما رعت موسكو إبعاد ميليشيات تابعة لطهران عن «خط فك الاشتباك» وتفكيك أسلحة ثقيلة تابعة لها، وجددت ذلك قبل أيام، بدعم تمدد قوات الحكومة من غرب درعا باتجاه الجولان.
وترددت أنباء في الفترة الأخيرة، عن وجود مساعٍ لاختبار احتمال استئناف مفاوضات السلام بين دمشق وتل أبيب، في وقت تتمسك تل أبيب بهضبة الجولان لـ«أسباب أمنية»، في حين تطالب دمشق باستعادتها، وأعلنت مع موسكو رفض قرار الرئيس دونالد ترمب دعم السيادة الإسرائيلية على الجولان المحتلة منذ عام 1967.
ويُعتقد أن «الصفقات الإنسانية» المتكررة برعاية روسية، ترمي إلى «بناء الثقة» بين الطرفين لنقل الأمور من المستوى الأمني والعسكري والإنساني إلى السياسي، الذي هو أكثر تعقيداً لارتباطه بأمور إقليمية أكبر، بينها وجود إيران في سوريا، الذي تطالب تل أبيب وواشنطن بأنهائه أو «منع تموضعه».
*من “الشرق الاوسط”
بواسطة Ibrahim Hamidi | فبراير 13, 2021 | Cost of War, News, غير مصنف
مع تقلب السيطرة في سوريا وعلى حدودها خلال العقد الأخير، لا تسيطر الحكومة المقيمة في ثلثي البلاد ومعظم مدنها الكبرى سوى على 15 في المائة من الحدود مع الدول المجاورة ونصف معابرها الـ19 (يقع معظمها مع لبنان).
وللمرة الأولى منذ 2011، استقرت في السنة الأخيرة خطوط التماس بين ثلاث «مناطق نفوذ»، ولم يطرأ عليها تغير جوهري، حيث تسيطر الحكومة بدعم روسي إيراني على نحو 65 في المائة من البلاد (المساحة الإجمالية 185 ألف كلم مربع)، وست مدن رئيسية: دمشق وحلب وحمص وحماة واللاذقية وطرطوس، ودرعا ودير الزور، تضم 12 مليون شخص. في المقابل، تسيطر «قوات سوريا الديمقراطية» الكردية – العربية، بدعم من التحالف الدولي ضد «داعش» بقيادة أميركا، على نحو 25 في المائة من الأراضي، تضم نحو 3 ملايين شخص، ومعظم ثروات النفط والغاز والمياه والزراعة، ومدينتي الحسكة والرقة. كما تقع محافظة إدلب ومدن جرابلس وعفرين وتل أبيض ورأس العين التي تضم أكثر من 3 ملايين، معظمهم من النازحين، تحت سيطرة فصائل تدعمها تركيا، ما يشكل نحو 10 في المائة من سوريا، وضعفي مساحة لبنان.
– سيطرة وهمية
وجاء في دراسة نشرها الباحث الفرنسي فابريس بالانش في «معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى»، أول من أمس، أن «الحدود رمز السيادة بلا منازع، ولا يزال سجل أداء النظام خالياً تقريباً على هذا الصعيد. ويسيطر الجيش السوري على 15 في المائة فقط من الحدود البرية الدولية للبلاد، في حين تتقاسم جهات فاعلة أجنبية الحدود المتبقية».
وفي جنوب البلاد وغربها، تسيطر الحكومة السورية وتنظيمات مدعومة من إيران و«حزب الله» على 20 في المائة من حدود البلاد. يقول بالانش: «على الرغم من أن سلطات الجمارك السورية هي المسؤولة رسمياً عن إدارة المعابر مع العراق (البوكمال) والأردن (نصيب) ولبنان (العريضة وجديدة يابوس وجوسية والدبوسية)، فإن السيطرة الحقيقية تكمن في الواقع في أماكن أخرى، إذ يحتل (حزب الله) الحدود اللبنانية، وقد أقام قواعده على الجانب السوري (الزبداني والقصير) التي يسيطر منها على منطقة القلمون الجبلية. وبالمثل، تدير ميليشيات عراقية كلا جانبي الحدود من البوكمال إلى التنف. وتمتد قبضة القوات الموالية لإيران أيضاً إلى كثير من المطارات العسكرية السورية التي غالباً ما تكون بمثابة وسيلة لنقل الأسلحة الإيرانية الموجهة إلى (حزب الله) وخط المواجهة مع إسرائيل في مرتفعات الجولان. ويكشف هذا الوضع عن اندماج سوريا الكامل في المحور الإيراني».
وكانت قوات الحكومة قد سيطرت على معبر نصيب مع الأردن في منتصف 2018، بموجب اتفاق روسي – أميركي – أردني قضى بتخلي واشنطن عن معارضين، مقابل عودة قوات الحكومة وإبعاد إيران. لكن فصائل تدعمها قاعدة حميميم الروسية تسيطر على مساحات واسعة من الحدود الأردنية. وأفاد التقرير بأنه رغم السيطرة على نصيب، فإن «حركة المرور لا تزال محدودة جداً حالياً، ووجود الجيش في محافظة درعا سطحي. ولإخماد المقاومة المتنامية في المنطقة بسرعة، اضطر النظام إلى توقيع اتفاقيات مصالحة، بوساطة روسية، تاركاً الفصائل المتمردة المحلية تتمتع باستقلالية مؤقتة وحق الاحتفاظ بأسلحة خفيفة. وحافظ المتمردون السابقون أيضاً على روابط قوية عبر الحدود عن طريق الحدود الأردنية، مما يمنحهم مصدراً محتملاً للدعم اللوجيستي في حالة نشوب صراع جديد». ورعت «حميميم» قبل أيام اتفاق تسوية جديداً قضى بدخول الجيش السوري إلى طفس (غرب درعا).
وتسيطر الحكومة على المعابر غير الشرعية مع لبنان، وتلك الخمسة الرسمية، وهي: جديدة يابوس – المصنع، والدبوسية – العبودية، وجوسية – القاع، وتلكلخ – البقيعة، وطرطوس – العريضة. وتوجد على طول الحدود معابر كثيرة غير شرعية، معظمها في مناطق جبلية وعرة، بحسب تقرير سابق لوكالة الصحافة الفرنسية.
وليست هناك معابر رسمية بين البلدين، لكن «خط فك الاشتباك» بين سوريا والجولان المحتل. وبعد 2011، كانت تسيطر فصائل على المنطقة، غير أن قوات الحكومة عادت إليها بدعم روسي في بداية 2018. كما أعيد في يوليو (تموز) فتح معبر نصيب – جابر مع الأردن الذي كانت قد سيطرت عليه فصائل معارضة في أبريل (نيسان) 2015. أما معبر الرمثا – درعا، فاستعادته دمشق بعدما فقدت السيطرة عليه منذ عام 2013.
– وكلاء وحدود
في عام 2013، بدأت تركيا في بناء جدار حدودي في القامشلي، معقل الأكراد شرق الفرات. ومنذ ذلك الحين، وسعت هذا الحاجز على طول الحدود الشمالية بأكملها. وكان أحد الأهداف منع التسلل من «حزب العمال الكردستاني» و«داعش»، ومنع تدفق مزيد من اللاجئين السوريين إلى تركيا التي تستضيف بالفعل 3.6 مليون لاجئ. وقال التقرير: «لا يزال العبور الفردي ممكناً عبر السلالم والأنفاق، لكن الشرطة التركية توقف معظم هؤلاء المهاجرين وتعيدهم بعنف إلى سوريا».
وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2019، شنت تركيا عملية عسكرية، بالتعاون مع فصائل موالية، وسيطرت على شريط بين تل أبيض ورأس العين في شرق الفرات الذي يخضع لسيطرة «قوات سوريا الديمقراطية». ودفع هذا الأخيرة لعقد تفاهم مع دمشق سمح بدخول الجيش الروسي والسوري إلى شرق الفرات، وتقليص مناطق سيطرة حلفاء أميركا وتركيزهم على القسم الشرقي من شرق الفرات على حدود العراق. وحلت الدوريات الروسية – التركية محل الدوريات الأميركية – التركية على خطوط التماس هذه لضمان انسحاب «قوات سوريا الديمقراطية» من منطقة الحدود التركية.
عليه، فإن الجزء الوحيد من الحدود الشمالية مع تركيا الخاضع لسيطرة دمشق هو معبر كسب (شمال اللاذقية)، وحتى هذا المعبر تم إغلاقه من الجانب التركي منذ عام 2012. وباتت السيطرة على الجانب السوري من الحدود تباعاً على النحو التالي: أولاً المناطق حتى خربة الجوز من قبل التركمان الموالين لتركيا؛ ثانياً المناطق بين جسر الشغور وباب الهوى من «هيئة تحرير الشام»؛ ثالثاً حتى نهر الفرات من قبل الموالين لتركيا المعروفين بـ«الجيش الوطني السوري»؛ رابعاً حول عين العرب من قبل الجيش الروسي و«قوات سوريا الديمقراطية»؛ خامساً المناطق بين تل أبيض ورأس العين من قبل «الجيش الوطني السوري» المدعوم من أنقرة؛ سادساً من رأس العين حتى نهر دجلة من قبل الجيش الروسي و«قوات سوريا الديمقراطية».
ماذا عن المعابر؟ تتقاسم جهات عدة، وبدرجات مختلفة، السيطرة على الحدود مع تركيا، إذ إن معبر كسب تحت سيطرة دمشق من طرف اللاذقية، لكنه مقفل من الجانب التركي. ويخضع «باب الهوى» لسيطرة إدارة مدنية تابعة لـ«هيئة تحرير الشام» التي تسيطر على معظم إدلب، في حين يتبع «باب السلامة» لمنطقة أعزاز في محافظة حلب، ويقع تحت سيطرة فصائل «درع الفرات» التي تدعمها أنقرة، كما هو الحال مع معبر «جرابلس».
وكانت تل أبيض تحت سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) التي طردت «داعش» في 2015. وفي أكتوبر 2019، أصبح تحت سيطرة فصائل سورية مدعومة من الجيش التركي، كما هو الحال مع مدينة رأس العين.
وعين العرب (كوباني) التي تقع شمال حلب كانت تحت سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية»، ولكن دخلته في نهاية 2019 قوات الحكومة رمزياً، وانتشرت دوريات روسية قرب المدينة، وهو مغلق رسمياً. أما القامشلي – نصيبين، فهو مقفل، ولا يزال رمزياً تحت سيطرة قوات الحكومة التي تملك «مربعاً أمنياً» ومطاراً في المدينة.
– من طهران إلى دمشق
تضمن اتفاق «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) ودمشق نشر بضع مئات من الجنود السوريين على طول تلك الحدود، لكن «وجود هذه القوات كان رمزياً فقط. ومنذ ذلك الحين، انطلقت الدوريات الروسية باتجاه الشرق، في محاولة لإقامة موقع في مدينة المالكية (ديريك)، والسيطرة على المعبر مع العراق في سيمالكا – فيشخابور، وهو طريق الإمداد البري الوحيد المتاح للقوات الأميركية في شمال شرقي سوريا». كما هددت ميليشيات عراقية مراراً وتكراراً بالاستيلاء على فيشخابور.
ولا تزال المعابر الشمالية إلى تركيا كافة مغلقة، كما يمنع الجدار الحدودي أنشطة التهريب، ما جعل معبر سيمالكا – فيشخابور النافذة الدولية الوحيدة أمام «الإدارة الذاتية». وعلى الجانب العراقي من الحدود الشرقية لسوريا، كانت ميليشيات عراقية مسؤولة عن معظم المناطق منذ خريف 2017، عندما فقدت «حكومة إقليم كردستان» سيطرتها على الأراضي المتنازع عليها بين كركوك وسنجار، لكن لم تشمل هذه الأراضي المفقودة فيشخابور. وتسيطر «قوات سوريا الديمقراطية» على الجانب السوري من الحدود، بدعم من القوات الأميركية. وأفاد التقرير: «لكن الوكلاء الإيرانيين منعوها، ومنعوا غيرها من الجهات الفاعلة، من استخدام أي معابر أخرى، وذلك جزئياً بمساعدة التعاون الدبلوماسي الروسي، إذ تم إغلاق معبر اليعربية الحدودي الرسمي أمام المساعدات الإنسانية للأمم المتحدة منذ أن استخدمت روسيا حق النقض ضد تجديدها في مجلس الأمن الدولي في ديسمبر (كانون الأول) 2019. ومن بين التداعيات الأخرى لهذا القرار أنه يجب أولاً إرسال جميع مساعدات الأمم المتحدة إلى (الإدارة الذاتية) بالكامل إلى دمشق، قبل أن يتم نقلها إلى الشمال الشرقي من البلاد».
وعليه، فإن الباحث الفرنسي يرى أن معبر سيمالكا – فيشخابور «يعد أمراً حيوياً للبقاء السياسي والاقتصادي للمنطقة التي تتمتع بالحكم الذاتي، حيث يمثل نقطة الدخول الوحيدة للمنظمات غير الحكومية الكثيرة التي تعمل فيها وتوفر دعماً أساسياً للسكان المحليين». ومع ذلك، لا تزال الحكومة السورية تعد الدخول عبر هذا المعبر جريمة يُعاقب عليها بالسجن لفترة تصل إلى 5 سنوات، و«من المحتمل أن يكون تعنت النظام بشأن القضايا الإنسانية هو طريقته لمحاولة إعادة تأكيد سيطرته على جانب واحد على الأقل من السيادة الحدودية».
ويقع عين ديوار تحت سيطرة «قسد»، ومعبر زاخو يستعمل للعبور إلى كردستان العراق، فيما يخضع اليعربية – الربيعة لـ«قسد»، في وقت يقع فيه معبر البوكمال – القائم تحت سيطرة قوات الحكومة وميليشيات إيرانية، وقد جرى تدشينه بعمل بين سوريا والعراق في خريف 2019. وتسيطر قوات التحالف الدولي بقيادة أميركا على معبر التنف – الوليد منذ طرد تنظيم داعش. ويقول دبلوماسيون غربيون إن أميركا سيطرت على التنف لقطع طريق طهران – بغداد – دمشق – بيروت، وإن إيران ردت على ذلك بفتح طريق مواز عبر البوكمال.
– أجواء مفتوحة
وفي مقابل محدودية السيطرة على الحدود ومعابرها، فإن الحكومة تملك النفوذ على الموانئ البحرية والمطارات، بما فيها مطار القامشلي في مناطق الأكراد شرق نهر الفرات، علماً بأن التحالف الدولي أقام شرق الفرات عدداً من القواعد العسكرية التي تسمح له باستخدامها لهبوط وإقلاع وإقامة طائرات مروحية وشاحنة شرق نهر الفرات. كما حولت روسيا مطار القامشلي إلى قاعدة عسكرية لها.
ورغم وجود منظومات صواريخ «إس-300» و«إس-300 متطور» و«إس-400» تابعة للجيش الروسي الذي يملك قاعدتين في طرطوس واللاذقية، لا تزال الأجواء السورية «مفتوحة» أمام التحالف الدولي والطائرات الإسرائيلية التي شنت مئات الغارات على «مواقع إيرانية» في سوريا.
وإذ يعلن مسؤولون سوريون، واللاعبون الدوليون والإقليميون، بشكل دائم «التمسك بالسيادة» ووحدة البلاد، وأن مناطق النفوذ «مؤقتة، وليست دائمة»، فإن «التوازنات» بين خمسة جيوش، روسيا وأميركا وتركيا وإيران وإسرائيل، والتفاهمات بين أميركا وروسيا شرق الفرات، وبين روسيا وإيران وتركيا في «صيغة آستانة» في شمالها، تجعل الرغبات الرسمية السورية خاضعة للعبة دولية – إقليمية تحد -إلى الآن- من تحقيق «السيادة الكاملة»، وترجمة التصريحات إلى واقع ملموس.
بواسطة Safi Khattar | فبراير 4, 2021 | News, Reports, Roundtables, غير مصنف
* تُنشر هذه المادة ضمن ملف صالون سوريا “المعاناة اليومية في سوريا“
على الرغم من التقارير والأخبار اليومية عن فيروس كورونا وانعكاساته المباشرة على حياة كل البشر، لازال هناك الكثير من الأسئلة العالقة دون إجاباتٍ حتى هذه اللحظة، ومنها على سبيل المثال ما يتعلق بالوقت اللازم للخلاص من هذا المرض والسيطرة عليه فهل سيبقى بيننا للأبد كما فيروس الرشح مثلاً أم أنه سيختفي بعد فترة ؟ كذلك الأسئلة الكثيرة التي رافقت الإعلان عن إيجاد لقاح للفيروس سواءٌ بما يتعلق بفاعلية اللقاح أو آثاره الجانبية أو ما يشاع حوله من نظريات المؤامرة المنتشرة، وغيرها الكثير من الأسئلة المفتوحة التي حولت المرض من حالة طارئة ومؤقتة إلى واقع قائم ودائم. ومن هنا فإنّ العلاقة ما بين الإنسان والمرض أخذت شكلاً أكثر وضوحاً وواقعيةً إذ أصبح التعامل مع الفيروس مواجهةً لا تخلو من أبعاد وجودية وفلسفية سواء من ناحية فهم المرض والتعامل معه أو من ناحية ما حمله من تغييراتٍ جذرية في علاقات البشر ونظم حياتهم الموجودة وأنماط عملهم وما نتج عن ذلك من ضرورة إيجاد لغة ومفاهيم جديدة تعبر بنا إلى ما بعد الفيروس كخطوة ربما تكون الأهم لنا كبشر لنرى الحياة على هذا الكوكب من زاوية جديدة. وربما يصحُ القول “أنّ ما قبل كورنا ليس كما بعده أبداً”، ليس لأن هناك أشياء جديدة فحسب بل لأن الجائحة قد وضعت كل الأسئلة المؤجلة في الواجهة وبات هناك اليوم الكثير من الوقت للتأمل والتفكير فيها، بدءاً من كيفية التعامل مع المرض والنتائج الكارثية التي خلفها في كل نواحي الحياة ووصولاً لإعادة النظر بالسياسات التي تتبعها الدول وشروط الأولوية فيها، ما دفع الكثيرين لاعتبار أن جائحة كورونا قد تكون بداية التغيير نحو نظام عالمي جديد.
ومن الصحيح القول أيضاً أنّ كل ما سبق قد لا يعني للسوريين شيئاً، فكورونا ليس سوى مجرد تفصيلٍ صغيرٍ في واقعٍ معيشيٍ يزداد سوءاً يوماً بعد يوم. خلال دوامها اليومي تضطر سلمى (40عاماً، موظفة في قطاعٍ حكومي) أن ترتدي الكمامة لتعبرَ فقط من الباب الرئيسي، وتخبرنا بأنه “ممنوع الدخول إلى العمل بدون لبس الكمامة، فالحراس على الباب الرئيسي يجبرون الموظفين والمراجعين أن يرتدوا الكمامة عند الدخول، ليس قناعةً منهم بضرورة ذلك ولكن لأن الباب مراقب بكاميرات موصولة بمكتب المدير العام والتعليمات صارمة حيال ذلك حيث وُضعت في كل مكان من العمل. لكنّ المضحك والمزعج أيضاً في الموضوع أنّ الجميع حال دخولهم من الباب وعبور الكاميرات يخلعون الكمامات ويدسونها في جيوبهم ضاربين بعرض الحائط كل التعليمات الصحية بضرورة التباعد ولبس الكمامات والتعقيم وكذلك الأمر بالنسبة للمراجعين أيضاً. إضافة لذلك يوجد بسطة على الشارع بالقرب من الباب الرئيسي تبيع الكمامات لمن نسي أن يحضر كمامته بمختلف أشكالها وألوانها، كمامات جديدة وحتى مستعملة أيضاً، والطريف بالقصة أنّ البسطة ذاتها التي تبيع المراجعين تعود وتشتري الكمامة منهم بنصف ثمنها إذا أرادوا أن يبيعوها عند خروجهم”.
وتضيف سلمى “في مشهدٍ يبعث على الحزن والأسف أيضاً طلبت معلمة ابنتي من الطلاب في الصف الثالث الابتدائي أن يرسموا لوحاتٍ تعبر عن كورونا للمشاركة في مسابقة حول ذلك، في الوقت التي تكتظ فيه قاعات التدريس والصفوف بأكثر من أربعين طالباً يجلسون كل ثلاثة منهم في مقعد وكما الحال في دوائر الدولة كذلك في المدارس وبين الطلاب، فالهدف الأساسي من الالتزام بالقواعد هو الخوف من العقوبة وتجنبها فقط، فالمهم أن يقف الطلاب في الاجتماع الصباحي في الأماكن المخصصة لكل واحد منهم والتي رسمت بعناية على أرضية الباحة بالإضافة لارتداء الكمامة أمام المدرسين والإدارة”.
إلى جانب الاستهتار بقواعد التباعد الاجتماعي وطرق الوقاية من جهة، والعجز بسبب الفقر وحاجة ملايين السوريين للعمل اليومي من جهة أخرى، فإنّ البيانات التي تنشرها وزارة الصحة السورية والتي تقوم بتحديثها دورياً، تعوزها الشفافية والدقة، خاصةً وأنّ العديد من المصابين لا يمتلكون تكاليف الفحص وبالتالي فإنهم غير ممثلين بالإحصاءات، ولا سبيل للتحقق من أسباب الوفاة والتي وصلت إلى 929 حالة وفاة فقط بسبب الكورونا بحسب الإحصاءات الرسمية (الصورة رقم ١).
الصورة رقم (١): الإحصاءات الرسمية لحالات الإصابة بفيروس الكورونا بحسب وزارة الصحة السورية
ويدور الحديث اليوم عن مشاوراتٍ ومراسلاتٍ تجريها الحكومة السورية لجلب لقاحات كورنا لكن حتى الآن بقي اللقاح مجهول المصدر في الوقت الذي يرجح فيه اللقاح الصيني أو الروسي مع استبعاد الأمريكي، ولم يُعرف حتى اليوم فيما إذا كانت الحكومة ستدفع ثمن اللقاحات أو ستأخذها كمساعداتٍ من الدول الداعمة. لكن ما فتح أبواب الإشاعات بين عامة الناس تلك التسريبات عن عدد اللقاحات التي ممكن أن تصل إلى سوريا والتي يُرجح أنها بحدود المليوني لقاح، وهنا بدأت التكهنات والتعليقات حول الموضوع فبرأي محمد (بائع أحذية، 38 عاماً)”سيفتح اللقاح باباً جديداً للفساد والربح، يُضاف إلى القائمة الطويلة في البلد وسنرى الكثير من المحسوبية في توزيع اللقاح، بحيث لن يتم إعطاؤه حسب الأولويات الطبية بل لمن يدفع أكثر أو ممن لديه معارف وأصدقاء يدعمونه”
يضرب محمد مثالاً يؤكد رأيه عن حادثة جرت معه في مستشفى البيروني بدمشق أثناء مرافقته لوالده لأخذ جرعة الدواء الكيماوي كونه مصاباً بسرطان الأمعاء. يقول محمد “سمعت الممرضات في المشفى يتكلمون نقلاً عن أحد الأطباء المشهورين قوله بأنّ هناك احتمالاً بأن يُستثنى مرضى السرطان من أخذ اللقاح بحجة أنّ الكميات محدودة ولا أمل كبير لديهم في الشفاء بحيث تبقى الأولوية للأصحاء، ما دفعني لمقاطعة الممرضات بغضبٍ كبيرٍ، فسواء كان الكلام صحيحاً أو مجرد إشاعة فالمنطق المبني عليه بشع للغاية ولا يمكن تحمل طرحه أو الحديث فيه لما فيه من فوقية واستعلاء وتجني أيضاً، علماً أن مرضى السرطان هم أحوج الناس للقاح كونهم مصنفين ضمن الفئات الأعلى خطورة في شدة الإصابة إذا ما حدثت وقد تؤدي بنسب كبيرة إلى وفاتهم”.
يبقى إنكار كورونا المشكلة الأكبر حتى الآن، فعلى الرغم من مضي عامِ على تفشي الوباء في كل مكان والوفيات الكثيرة التي سببها، لا يزال قسمٌ كبيرٌ يعتبرون الأمر “مجرد إشاعات وأوهام ليس أكثر وأنّ ما يجري هي مؤامرة عالمية لبسط السيطرة والنفوذ والتأثير في الاقتصاد والسياسة وتكريس هيمنة الدول الرأسمالية على العالم” على حدّ تعبير سامر ( موظف سائق في شركة خاصة، 46 عاماً) فهو مقتنع بما يقول ويؤكد بأنّ الكثير من الوفيات لأشخاص يعرفهم سجلت بسبب كورونا بينما الحقيقة أنها حدثت بسبب مرضٍ آخر، لذا فهو لن يقبل بأخذ اللقاح أبداً.
نتيجةً لذلك فقد علت الكثير من الأصوات عبر مواقع التواصل الاجتماعي تطالب بجعل اللقاح إلزامياً على الجميع وتوفيره مجاناً وإلا فلا نفع من أي إجراءاتٍ للتغلب على المرض.
ومن جهةٍ أخرى يُحاول السوريون التعايش مع حالة المرض واعتباره من “أهل البيت” بحسب رأي سعيد (صاحب دكان صغير، 56 عاماً) حيث يرصد من أمام دكانه ما يحمله له الشارع من قصصٍ وحكاياتٍ، ومن تلك القصص يقول سعيد “أمام المحل هناك سيارتا أجرة تنتظران الزبائن وقد خرج السائقان من داخل سيارتهما متفحصين وجوه المارة، وإذ بفتاتين تفتحان باب إحدى السيارتين وتهمان بالصعود، فما كان من السائق الآخر إلا أن صاح مازحاً بالفتاتين إياكما الصعود إلى السيارة لأنّ زميله مصاب بكورونا، ما جعل الصبيتين تصدقان الأمر في البداية وتتراجعان قبل أن ينفجر السائق ضاحكاً ساخراً من صديقه”.
وعن حادثةٍ أخرى يتابع سعيد سرد قصصه “بعض الباعة القريبين مني استغلوا هلع الناس بالمرض، فأصحاب محلات الألبسة وضعوا عروضاً وهدايا لكل من يشتري وهي عبارة عن جوز قفازات وكمامة بالإضافة لوضع علبة معقم كبيرة بمدخل المحلل لتعقيم أيدي الزبائن، ووصل الأمر لوضع إعلانات مكتوبة على الواجهة تحت عنوان (تنزيلات كورونا، أو عروض كورونا)، بينما بائع بسطة الخضرة القريب يصيح بأعلى صوته (ليمون وبرتقال للكورونا، قرب يا حباب على فيتامين سي) “
أخيراً يبدو أن كورونا قد أصبح حقاً من أهل البيت، فلم تعد الإرشادات الطبية بالتباعد والتعقيم والكمامات هي وحدها من يحدد كيفية التعامل مع الجائحة بل أصبح للناس طرقهم في التأقلم مع المرض واستيعابه ومجاراة مستجداته، لذا فلا عجب أن نرى بعض الأشخاص وقد ارتدوا الكمامات في يوم وخلعوها في يوم آخر أو عانقوا وصافحوا في مكانٍ وامتنعوا في آخر وكأنّ الكورونا تأتي وتذهب على هواهم، يبقى القول في النهاية أن ما حملته هذه الجائحة من تغيرات ربما لن يبقى محصوراً بما نعرفه اليوم بل قد يتعدى ذلك إلى مفاصل جديدة في قادم الأيام.
بواسطة Ibrahim Hamidi | فبراير 3, 2021 | News, Reports
المبعوث الرئاسي الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرينتييف، الذي يتردد على دمشق كثيراً، قام و«جنرالات كبار» بزيارة سرية إلى العاصمة السورية نهاية الأسبوع الماضي، والتقى الرئيس بشار الأسد. فلماذا لم تعلن موسكو ودمشق عن هذه الزيارة؟
حسب المعلومات المتوفرة، السبب المباشر كان له علاقة بانعقاد اجتماع اللجنة السورية في جنيف وكيفية ترميم الفجوة بين دمشق وموسكو. والسبب الأعمق، له علاقة بثبات تفاهمات إدلب وتعزيزها بترتيبات ميدانية لوقف التدهور العسكري جنوب سوريا وشمالها الشرقي، خصوصاً مع تسلم إدارة الرئيس جو بايدن وقرب «استحقاق» الانتخابات الرئاسية السورية منتصف العام، الذي تدعمه روسيا وتريده «منعطفاً» بعلاقة دمشق والخارج.
تطابق «الضامنين»
بعد لقائه الأسد في دمشق، توجه لافرينتييف إلى جنيف لمتابعة أعمال «الدستورية» ولقاء الطرفين الآخرين لـ«ضامني» آستانة، والمبعوث الأممي غير بيدرسن. كان لافتاً «مدى التطابق» بين «الضامنين» الثلاثة، روسيا وإيران وتركيا، خلال اجتماعهم في جنيف. تقييم المتحدثين الثلاثة لأعمال «الدستورية» كان واحداً، مفاده ضرورة الاستمرار في عملها رغم البطء وعدم تحقيق اختراق، وضرورة التمسك بـ«هذا الإنجاز السياسي» ورفض فرض أي برنامج زمني من الخارج على هذه «العملية، وهي ملكية سورية وبقيادة سورية». ليس جديداً التقارب بين روسيا وتركيا، لكن الجديد كان قرب التقييم التركي من قراءتهما. الاعتقاد السائد لدى دبلوماسيين غربين، أن الفجوة تضيق بين الأطراف الثلاثة مع تسلم الرئيس بايدن وقناعتهم أن فريقه داعم لـ«قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) التي بقيادة «وحدات حماية الشعب» الكردية.
قبل اجتماع «الضامنين» الثلاثة، حصل كل طرف على قراءة لنتائج الجولة الخامسة لـ«الدستورية». 5 أيام، كانت أشبه بـ«ندوة ثقافية» بين نشطاء وخبراء ومحللين، و«ليس تفاوضاً سياسياً». وفد الحكومة، كان يقول إنه «قبل الدخول في صياغة الدستور» لا بد من إجراء مزيد من «النقاش والإعداد» حول السيادة وحدودها والرموز الوطنية والعروبة وعلمانية الدولة واللامركزية الإدارية والموقف من «الاحتلالين التركي والأميركي». رئيسه أحمد الكزبري قدّم ورقة خطية بهذا المعنى هي نسخة مختصرة من ورقة قدّمها بالدورة السابقة. وفد «هيئة التفاوض» المعارضة، الذي فقد ممثلي «منصتي» القاهرة وموسكو، كان مستعداً للدخول في صياغة مبادئ الدستور والاتفاق على آليات العمل للجولات المقبلة. ورئيسه هادي البحرة، قدّم ورقة لـهذه «المبادئ».
المبعوث الأممي غير بيدرسن كان يراقب هذا الخلاف، ونقله إلى «الضامنين». لأول مرة اقترب بيدرسن، المعروف باختيار كلماته بدقة، من تحميل وفد الحكومة مسؤولة الفشل. قال علناً إنه أصيب بـ«خيبة» وإن الكزبري لم يقبل مقترحات البحرة. وكان لافتاً أن بيدرسن لم يعلن في ختام الجولة الخامسة موعد الجولة المقبلة بداية مارس (آذار)، لأنه يريد «ممارسة بعض الضغط» على موسكو ودمشق للوصول إلى «صفقة كاملة»، تتضمن موعد الجولة المقبلة، وآليات العمل وصياغة الدستور، وآلية التنسيق بين الكزبري والبحرة.
ترتيبات عسكرية
لافرينتييف، القادم من دمشق ولقاء الأسد، كان يتابع الفجوة السورية والتقارب الثلاثي. يعرف أن فرنسا تدفع لإعلان وفاة «اللجنة الدستورية». يعرف أن إدارة بادين ستدفع لـ«شرعنة سياسية» لحلفائها الأكراد، هو يعرف أن ضغوطاً تمارس على بيدرسن لفتح بوابات أخرى لتنفيذ القرار 2254. كان يتوقع أن «تلعب دمشق شكلياً بطريقة أفضل»، وكان هذا أحد أسباب زيارته لدمشق. لكن أغلب الظن، هناك أسباب أخرى يريدها الجيش الروسي وجنرالاته، تخص أموراً ميدانية.
خطوط التماس ثابتة في إدلب بفضل تفاهمات موسكو وأنقرة، لكن هناك 3 ملفات ميدانية ساخنة حالياً؛ درعا، السويداء، الحسكة. بالنسبة إلى الملف الأول، الخاص بالوضع في غرب درعا، سعى ضباط قاعدة حميميم بالتوسط بين «لجنة التفاوض» المحلية و«الفرقة الرابعة» بقيادة اللواء ماهر الأسد شقيق الرئيس السوري، للوصول إلى صيغة تحول دون اقتحام عسكري لطفس. جرت جولات وتأجلت المهلة برعاية روسية للوصول إلى صيغة في منطقة تخص التفاهمات الأميركية – الروسية التي وافقت عليها إسرائيل في منتصف 2018. تفاهمات ساهم مسؤولون في إدارة باراك أوباما بصوغها والتمهيد لها، هم الآن في إدارة بايدن.
يتعلق الملف الثاني بالوضع في السويداء. ليست المرة الأولى التي يحصل توتر في هذه المحافظة ذات الغالبية الدرزية. لكن اللافت هذه المرة هو خروجه إلى العلن بالتفاصيل، تسريبات من أن رئيس فرع الأمن العسكري العميد لؤي العلي «وجّه إساءات» للزعيم الروحي للدروز بهجت الهجري. وتسريبات أخرى حول مطالبة الأخير بـ«اعتذار رسمي» وإقالة العلي، وعدم اكتفائه باعتذارات من مسؤولين محليين. اللافت، هو تسريب حصول اتصال بين الأسد والهجري. لم يعلن الخبر رسمياً من دمشق، لكن مواقع تواصل اجتماعي موالية لدمشق، أعلنت مساء الأحد، أن «السيد الرئيس اطمأن على صحة سماحة الشيخ الهجري، وأكد على اللحمة الوطنية وأن المسيء لا يمثل إلا نفسه». وأشارت إلى «إقالة العلي وتكليف العميد أيمن محمد بدلاً منه».
لم تعلن هذه التفاصيل رسمياً، لكن مصادر محلية في السويداء أشارت إلى بعد أوسع من التفصيل المحلي. هناك اعتقاد أن «مرونة دمشق وتظهير التوتر، جاءا بجهد روسي، يرمي إلى استمالة أهالي السويداء وفصائلها المحلية لإبعادهم عن إيران و(حزب الله) اللذين يعملان على الانتشار في أطراف المدينة». وهناك اعتقاد دبلوماسي، أن هذا يمس الصورة الأوسع الخاص بالعلاقة بين واشنطن وموسكو وتل أبيب والملف الإيراني.
أما الملف الميداني الثالث، فيخص التوتر شمالاً. قوات «الإدارة الذاتية» تحاصر «المربع الأمني» التابع لدمشق بالحسكة. قوات الحكومة ترد بمحاصرة جيوب الطرف الآخر في حلب، وخطوط في القامشلي. ضباط قاعدة حميميم، أيضاً، دخلوا على الخط. حققوا بعض الاختراقات التي تخص تبادل إطلاق موقوفين من «قسد» وقوات الحكومة، لكن الاستعصاء لا يزال قائماً لأنه يخص الصورة الأوسع، العلاقة بين موسكو وواشنطن وأنقرة، بعد وصول بايدن الذي يضم فريقه مغرومين بالأكراد، ومجروحين من روسيا، ومشككين بتركيا.
حسب اعتقاد مسؤولين غربين، هذه العناصر هي على الطاولة السورية – الروسية، وبعضها بحث خلال زيارة لافرينتييف، في وقت ظهرت أصوات أميركية تدعو لـ«انخراط مشروط» عبر مقاربة «خطوة من دمشق مقابل خطوة من واشنطن». دمشق التي تسعد للانتخابات الرئاسية تواصل تصعيد الخطاب ضد «قسد» من جهة، وضد العقوبات الغربية من جهة ثانية، وترمم علاقتها مع «حلفائها القدامى» من جهة ثالثة؛ حيث لوحظ إعلانها لتفاصيل اتصال وزير الخارجية فيصل المقداد بنظيره الصيني وانغ يي، و«إدانة الإجراءات الاقتصادية القسرية المفروضة بشكل غير شرعي».
**تم نشر نسخة من هذا المقال في «الشرق الأوسط».
بواسطة طارق علي | فبراير 2, 2021 | Cost of War, News, Reports, غير مصنف
تستمر أزمة البنزين في الداخل السوري لتدخل شهرها الثاني، مشهد الازدحام لا يبدو أنه انخفض أو سينخفض في الأيام القليلة المقبلة، إذ صار من الواقع بما لا يدعو للقياس أكثر من مرةٍ، أن معظم الكازيات تشهد ازدحاماً مطابقاً ليومها السابق، وهناك طوابير وصل بعضها إلى ثلاثة كيلومترات، ما يحتم على السائق في أحيانٍ الانتظار لـ48 ساعة لتعبئة المادة في سيارته المحدودة لثلاثين ليتراً فقط لا أكثر، وبتباعد زمني عن التعبئة السابقة يكون أسبوعاً على الأقل. ورغم أن هذا الارتجال الحكومي حمل معه وعداً للسوريين بأنهم سيلحظون انخفاض الازدحام، ولكن ذلك لم يحصل حقاً، الطوابير ازدادت، ساعات الوقوف ازدادت، التعب ازداد، الغضب ازداد، الصبر وحده انخفض، انخفض وبدأ يحمل معه غضباً واضحاً على ملامح الناس، في المحطات، في الأسواق والطرقات، على اعتبار أن الأزمة التي بدأت من البنزين لن تقف بتأثيرها عنده، بل كان للأسعار التي ارتفعت فجأة في أسواق الهال حديث آخر.
أسئلة مشروعة
حاولت – ولا زالت – الحكومة السورية الارتجال في إيجاد الحلول، هذا إذا ما تم اعتبار أنه قد تم تحليل المشكلة وتشريحها لفهمها قبل الإدلاء بالتصاريح والبدء بتنفيذ استراتيجية لم تجد نفعاً، سيما مع التصريحات التي تأخذنا لتقول أن مصفاة بانياس تنتج معظم الحاجة السورية، وبأنها بعد العمرة ستنتج بزيادة عما سبق تصل إلى 25%، ما يقودنا نحو السؤال الملح، لماذا العمرة في هذا الوقت!.
هذا السؤال أجابت عنه وزارة النفط ومعها مؤسسات المحروقات، بأن ما يحصل الآن هو عمرة دورية، فالمصفاة وصلت لمرحلة قد تخرج فيها عن الإمداد ما لم يتم إجراء العمرة/الصيانة لها، وحالاً، وهنا السؤال، لماذا حالاً! أجابت الوزارة لماذا، ولكنها غابت تماماً وغيبت أجهزتها عن الإجابة الكاملة، أو حتى الشرح لماذا لم تتم العمرة سابقاً، وهي سبق وأن أسلفت أن آخر عمرة كانت في عام 2013، إذن، كان أمام الوزارة سبع سنوات كاملة لإجراء العمرة، يتخللها عاما 2014/2015، وفي هذين العام كان يمكن القول أن البلد غارقة بالمادة دون تسجيل أي نقص ولو طفيف بمستوى الإيراد والتحضير، فيما راح ناشطون يدونون أسئلتهم المتمحورة حول الجزئية ذاتها، متسائلين لماذا لم تجرى هذه العمر في الربع الثاني من العام الجاري!، على اعتبار أن البلد حينها كانت في مرحلة حظر الحركة والتجول، ما جعل الحاجة إلى المادة أقل بكثير قياساً بأي وقت آخر، وكانت المادة متوافرة في السوق دون أي ازدحام، ما يضعنا مجدداً في موضع المنتظر للإجابة من حكومة عينها لا تملك الإجابة، وإن ملكتها، فهي ستخبئها لا لأنه ثمة هدف سياسي من الأمر، بل سبب وراثي تكتسبه الحكومات السورية في الهرب من المواجهة بالمعلومة، وإن كانت صحيحة، سيما أن كل ما تفعله صار ثقيلاً على صدر المواطن غير المتقبل لأزمات تخلق عقب أزمات، إذ لا يكاد يخرج السوري من أزمة حتى تتلقفه أزمة أشد وطأة. فهناك أيضاً أزمة الخبز التي دخلناها في هذه الأيام مع البطاقة الذكية، البطاقة عينها التي جاءت لتنظم توزيع البنزين والخبز والسكر، فخلقت أزمة، ذاتها الآن ستتكفل بموضوع الخبز، والتي نجحت في أن تنقل الازدحام من نوافذ الأفران إلى (دكاكين) المعتمدين، ففي دمشق وطرطوس صار هناك طوابير جديدة للخبز، الخبز أي المادة الرئيسية في حياة المواطن.
مشاهد مكررة
أبو سامي، سائق سيارة عمومية، لليوم الثاني ينتظر دوره على محطة وقود حكومية، ويقول عن تجربته: “بنطر يومين لعبي، بروح بشتغل 3 أيام، برجع بنطر يومين على الكازية، وهيك، صرلي شهر، يعني فيك تقول قضيت شي 10 أيام من أصل 30 يوم بالشهر وأنا نايم ع لكازيات، وعلى اجا الصهريج وما اجا، عطل الفرد ولا اشتغل، خناقة مع اللي وراك من ضيقة خلاق العالم، دفشة صغيرة للي قدامك لأنو خلص بنزين سيارتو، هيك مقضيينها”.
وكذلك كان حال الأسبوعين الأولين مع مفتاح وهو أيضاً سائق عمومي: “أول فترة كنت انطر متلي متل هالعالم، بس ما بقى وفت معي، صرت روح اشتري بنزين حر الغالون بـ40 ألف، وبرفع أسعار طلباتي أربع أضعاف وبعرف أنو بيصير رقم فلكي وكبير ع لمواطن بس اللي مضطر بيطلع وأريح الي ما نام ع دوار الكازيات”.
السوق السوداء
علماً أن الحكومة تدعم مواطنيها ب100 ليتر بنزين بسعر 250 ليرة سورية لليتر الواحد، وتقدم له 100 لتر إضافية غير مدعومة بضعف سعر المدعوم، وكان نشط سوق البنزين السوداء بحضور وكثافة عالية على الطرقات الدولية، ومداخل المدن، ليسجل سعر الغالون الواحد (20 ليتر)، 40 ألف ليرة سورية، قياساً ب5 آلاف ليرة سورية للغالون المدعوم، أي بزيادة ثمانية أضعاف عن سعره داخل المحطة، ويرجع أمر توافر البنزين في السوق السوداء لعاملين، الأول نتيجة التلاعب في محطات الوقود وتوفير بنزين سري يتم بيعه إلى الخارج، والثاني عبر التهريب من المنافذ غير الشرعية بين سوريا ولبنان، وفي الحالتين لم تنفذ أي حملة من قبل الشرطة لمكافحة الظاهرة على الطرقات العامة، والتي تعرض بضاعتها على طرفي الطريق.
سوق الهال يحتاج البنزين
انعكست أزمة البزين على قطاعات أخرى، أبرزها أسواق الخضار، التي ارتفعت أسعارها مع انقطاع المادة، نظراً لأن المادة التي تمر من الفلاح إلى سوق الهال إلى المحال المنتشرة، تمر بمرحلتين من النقل، كل مرحلة تكلف أكثر من قبل على اعتبار أن بعض هذه السيارات تعمل على البنزين، وهو بالضرورة ما خلق ارتفاعاً بالأسعار لينعكس على الأسواق التجارية أيضاً، وعلى كل شيء يتم أو سيتم نقله باستخدام السيارات، وضمنها أجور النقل بين المحافظات، وفي المحافظة ذاتها.
وعود ناقصة
وعدت الوزارة أن ينتهي ترميم مصفاة بانياس خلال الثلث الأول من تشرين الأول المقبل، على أن تعود المصفاة لمد المحافظات بالتوريدات التي انخفض معظمها إلى النصف، دون أن يكون هناك ذكر لمصفاة حمص الرديفة لبانياس، والتي بدورها تحتاج عمرةً أيضاً. وبدون أن تتحدث الوزارة عن الأمر، فهي تضع المصفاة أمام احتمالين، إما عمرة مفاجئة أو نقص جديد في التوريدات ولو كان في وقت بعيد نسبياً، إلا إذا تم ربط الانتاجية بصورة كاملة بمصفاة الساحل واعتمادها بالتوريد التام إلى الداخل، مع الأخذ بعين الاعتبار أن سوريا في الوضع الراهن تنتج نحو ربع حاجتها من المشتقات النفطية يومياً، ما يجعل الأمر أكثر صعوبة سيما مع استمرار تطبيق بنود عقوبات قيصر التي تحظر الاستيراد في سوريا.