كانت الطفلة تُجاهد حتى تبقى واقفة على قدميها بعد أن أعياها الجوع، أوقفت الشاب عدنان ز، وقالت له “حباب، الله يخليك اشتريلي صندويشة، وبعطيك الي بدك ياه”، يروي الشاب عدنان لـ”صالون سوريا”، مضيفاً “نهرتُها، وأشحت بوجهي عنها وأنا أتمتم, روحي عمو الله يعطيكي ويستر عليكي”. انفجر طوفانُ دمعٍ من مقلتيها لتنتهي الحكاية بمشهد جسد صغير يهوي فوق “جسر الرئيس” وسط العاصمة دمشق.
لم يتعرف أحد على الطفلة، ولم يعرف اسمها أحد، عاشت وماتت مجهولة.
سرديات الانتحار السوري
تتوالى اخبار الانتحار، من صبيةٍ رمت بنفسها من على شرفة منزلها في الطابق السادس بمنطقة الحمراء في دمشق، ورجل كبير بالسن وضع حدٍ لحياته بإلقاء نفسه من إحدى نوافذ مستشفى المواساة وهو عارٍ كما ولدته أمه. مراهقان انتحرا بتفجير قنبلة يدوية، وصبيةٌ انتحرت بعد أن قتل أخوها، الشاب الذي أحبها وأحبته. فما الذي أوصل السوريين لهذه الحال؟
الحرب، يقول الباحث في علم الاجتماع السياسي زياد موسى لـ”صالون سوريا” مضيفاً: “في هذه البلاد التي تعصف بها الحرب تتزايد حالات الانتحار، فالمشافي في سوريا باتت تصلها بشكلٍ منتظم أجسادٌ محطمة لأشخاص حاولوا الانتحار”، وتتنافس حكايا المنتحرين/ات في القهر، ومن أقساها تلك التي أنهى فيها وائل أيوب وصديقه محمود أبو حسون وهما في الـ 17 و18 من العمر حياتهما أمام كاميرا الموبايل، صرخ الشابان: “سئمنا الحياة، سامحونا، أحزناكم كثيرا، ظروف حياتنا تسوء يوماً بعد الآخر، ليس لدينا الحق لنعيش”.
نعى المراهقان نفسيهما، قبل أن يخلعا مسمار الأمان من قنبلةٍ يدويةٍ كانا يحملانها، ليُقدما على الانتحار في حديقة الفيحاء بالسويداء، تاركين فيديو لعائلتيهما ورفاقهما.
في السويداء أيضاً وضع الشاب راغد سيف ذو الـ20 عاما حدا لحياته بتفجير نفسه بقنبلة لأنه لم يتمكن من الارتباط بمن يحب نتيجة الفقر، وفي حماة أقدم الشاب يزن كيوان من بلدة سلحب على قتل نفسه برصاصة في الرأس بعد أن أجهز على الشابة ساندي التي رفضت الزواج به، وفي اللاذقية انتحر الشاب طارق علي بإلقاء نفسه من على سطح مستشفى تشرين في المدينة، وفي دمشق انتحر الخمسيني حكمت علي بعد أن قتل مدير توزيع الغاز في منطقة نهر عيشة جنوب دمشق إثر غلاء سعر أسطوانة الغاز.
وصلت حالات الانتحار لذروتها في العام 2020 لتسجل 197 حالة، بحسب مدير عام الهيئة العامة للطب الشرعي في سوريا الدكتور زاهر حجو، وأحصت الهيئة بحسب آخر الأرقام المتوفرة، منذ بداية العام 2022 وحتى الأول من آب الماضي، 101 حالة انتحار، 24 بالمئة منها لنساء و17 بالمئة لأطفال.
احتلت محافظة حلب المرتبة الأولى في تعداد المنتحرين بـ28 حالة، بينما جاءت محافظة ريف دمشق في المرتبة الثانية بتسجيل 21 حالة، ثم طرطوس بـ13 حالة، تلتها دمشق بـ11 حالة، ثم اللاذقية بـ9 حالات، والسويداء 7 حالات، فحماة 6 حالات، أما في مناطق سيطرة المعارضة شمال سوريا, فسُجلت منذ مطلع العام الحالي 31 حالة انتحار، بينها 11 طفلاً، و11 امرأة.
وبحسب ما كشفه الدكتور حجو، فإن محاولات الانتحار التي انتهت بالوفاة، تضمنت الانتحار بالشنق وهو الأكثر بواقع 60 حالة، والطلق الناري 21 حالة، وتناول مواد سامة 11 حالة والسقوط من على مرتفع 9 حالات، مؤكداً أن أعداد المنتحرين الحقيقية قد تتجاوز عشرة أضعاف ما يتم الإعلان عنه سنويا.
من جهته كشف مدير مستشفى ابن خلدون للأمراض النفسية في حلب الدكتور بسام الحايك لـ”صالون سوريا” عن إنقاذهم للغالبية العظمى من حالات الانتحار التي تصل لمستشفاهم أسبوعياً، مما يشير للعدد الكبير من المحاولات.
الأسباب
تقول الباحثة الاجتماعية غادة عبد الرحمن أن السوريين يعيشون ضمن ما يُعرف في علم النفس بمجتمع المخاطر، وهذا ما يجعلهم غير قادرين على استيعاب التسارع الرهيب للأحداث التي تحيط بهم وتدور حولهم.
وتضيف في حديثها لـ”صالون سوريا”: “الأسباب متعددة منها الهروب من جحيم الحرب، والظروف الاقتصادية والمعيشية، ونسب البطالة العالية، والقمع”، فيما يرى الباحث في علم الاجتماع السياسي زياد موسى أن الأسباب السياسية بالدرجة الأولى هي التي أسهمت بشكل كبير في خلق ما ذكرته الباحثة غادة عبد الرحمن من أسباب.
في رسالة الوداع التي خطها محمد شرف 32 عاما قبل انتحاره كتب “إذا كنت لا أستطيع شراء اللباس المدرسي لأطفالي، إذاً لا معنى لحياتي”.
“لم أعرف يوماً معنى العناق، ولم يعانقني أحد بحياتي، فمنذ طفولتي وجدت نفسي بدون أم، ومجبرة على تلقي إهانات زوجة والدي، ثم الناس في الشارع. المكان الوحيد الذي عرفت فيه العناق هو هنا مع زميلاتي السجينات”، تقول أحلام المُقيمة في معهد خاص بالفتيات السجينات دون سن الثامنة عشرة بدمشق.
أحلام (اسم مستعار) بدأت قبل عدة شهور بتعلم اليوغا بفضل جهود متطوعات من “المركز السوري للتأمل واليوغا”، وبعد أن استغربت الأمر في البداية، وتعاملت معه بعدم اهتمام، عشقت تمارين اليوغا، وأصبحت تنتظر الحصة بفارغ الصبر.
تقول أحلام لـ”صالون سوريا”: “هذه الرياضة تدخل الراحة إلى قلبي، وتجعلني أنسى الكثير من اللحظات السيئة التي مررت بها، وأحلم بالاستمرار بها لو ساعدتني الظروف بذلك”، وعن علاقتها مع المدربات تؤكد أحلام بأنها تشعر بالأمان معهن، وبفضلهن تغير تعاملها مع المحيطين بها وأصبحت أكثر هدوءاً وقدرة على تحمل الآخرين.
علا زينة مدربة اليوغا المسؤولة في هذا المشروع تقول بأن البحث عن الفرص لمساعدة الاخرين دون توقف هو من فلسفة اليوغا وقوانينها، وتضيف “لأننا مؤمنات بالتغيير الذي تحققه ممارسة اليوغا، اتجه المركز لكل فئات المجتمع، وخاصة الأطفال والمراهقين، ووجودنا مع فتيات المعهد هو جزء من خدمات مركزنا، لأن هؤلاء الفتيات ضحايا المجتمع الذي ورطهن بمشاكل وجرائم أكبر منهن”.
وتختلف التهم وفترات الأحكام في المعهد المخصص للفتيات، ولكنهن جميهن يتشاركن المكان وأوقات الفراغ التي قررت متطوعات المركز ملء جزء منها بجلسة أسبوعية، تنتظرها العديد من الفتيات بشغف، وقد غير هذا الشغف شخصية فداء (اسم مستعار) التي توقفت عن إيذاء نفسها كما كانت تفعل بالسابق.
وتوضح علا بأن الأثر الذي تتركه دروسهم يعتبر فردي نوعا ما لعدم وجود ثبات بالأعداد، فكل اسبوع تقريبا يوجد فتيات جديدات، كما تغادر فتيات مقيمات، ولكن بشكل عام “الأثر موجود وجميل جداً” بحسب علا، فبعض الفتيات غيرن سلوكهن مع النفس، وإحداهن كانت تفكر بالانتحار في السابق لكنها عدلت عن ذلك، وأخرى كانت عنيفة في ردود أفعالها وبدلّت هذا، كما تعلمت الفتيات القيام بالتأمل مع بعضهن بمهاجعهن قبل النوم، إضافة لممارسة تمارين التنفس.
وتعمل المتطوعات على خطة تتضمن عدة محاور منها التنفس الذي يخلق تغييراً حقيقياً عن طريق التأثير بموجات الدماغ وتحويلها للموجات الأكثر هدوءاً، ما يوفر راحة لكل من الدماغ والجملة العصبية، أما الفكرة الثانية في البرنامج، فهي التأمل.
وتشرح علا “أهمية هذه الخطوة هي مساعدة الدماغ على التخلص من الصدمات والنزعات، وبعد هاتين الخطوتين تأتي مرحلة التمارين الجسدية التي تريحهن من الألم والتعب، خاصة وأن هذا النشاط مترافق مع وجود مدربة يوغا اخصائية بالصحة العامة، تشرح لهن عن الغدد الهرمونية وافرازاتها، وكيف يمكنهن مع التنفس والحركات التحكم بأجسادهن، كما تقدم لهن شرحاً عن خلايا الدماغ وتأثير الأوكسجين على صحة الخلايا وصحة الجهاز العصبي”.
ويُقدّم البرنامج للفتيات أسئلة يومية لتتمكن من فهم أنفسهن مثل: “هل أنا عنيفة؟ كيف أرد عندما أغضب؟”، بحيث يراقبن ردود أفعالهن وحركاتهن وألفاظهن، “ومع التنفس تبدأ الأفكار السلبية بالمغادة بالتدريج، ومع الوقت يصلوا لفكرة أن بداخلهن سلام، ولهذا كرسنا مفهوم العناق، وعلمنا الفتيات معانقة أنفسهن وبعضهن” تقول علا.
ولتعزيز هذه النتيجة تأتي مرحلة “التوكيدات الإيجابية” تجاه أنفسهن أولاً، ثم تجاه الآخرين، فيتعلمن قول :”أنا لطيفة ودودة، أنا استحق الحب، أنا استحق ان اعتني بجسدي واحترمه”، كما يتعلمن خلق عادة ايجابية ونوايا ايجابية جديدة تجاه أنفسهن، أما الخطوة الأخيرة في النشاط فهي العمل الجماعي، من خلال جمعهن بألعاب وحوارات ونشاطات مثل تحضير الطعام وغيرها.
زين الهادي ٥ سنوات، كان لديه تشوه في القلب يدعى “رتق او انسداد الصمام الرئوي، مع فتحة بين البطينين وضمور في حجم الشرايين الرؤية”، أما أخاه يزن الهادي 4 سنوات، فيعاني من تشوه يدعى رباعي فالو.
يقول والد الطفلين حمود الهادي، 45 عاما، وهو من قرية الهيت شمال شرق السويداء :”وضع زين كان معقد جدا وصعب، فلديه تشوه ولادي بالقلب، وقد عرفنا هذا مذ كان عمره 20 يوما في مشفى السويداء ، وبعد رحلة علاج في دمشق لم نصل الى نتيجة، وكل الاطباء ابدوا تشاؤمهم “.
إثر الوضع الصحي الصعب للصبيين، قطع الهادي رحلة اغترابه من أجل العام وعاد لسوريا ليحاول إنقاذهما “لم نترك فرصة عند طبيب، او مشفى، تعرضنا لحالات استغلال كثيرة، وطلب منا مبالغ خيالية، وكله لم ينفع” بحسب قوله.
كان هم الهادي انقاذ ابنه زين، و زاد همه مع حالة الابن الثاني، استمرت رحلة عذاب العائلة طيلة خمس سنوات، أنفقت فيها كل مدخراتها وباعت بيعها، “لكنني لم أيأس، وما إن سمعت بمبادرة (قلب جديد)، تواصلت مع الطبيب المسؤول فوراً وقد أبدى ترحيبه وأجرينا العملية للصبيين في لبنان العام الماضي، وكلاهما بخير الآن وحياتهما عادت لوضعها الطبيعي” يقول الهادي.
و “قلب جديد – أمل جديد”، هي مبادرة انسانية تعنى بعلاج الأطفال السوريين المصابين بأمراض قلبية، ممن تتطلب حالاتهم إجراء عمليات جراحية. أطلقت المبادرة من قبل الدكتور عصام قماش، وهو اختصاصي واستشاري أمراض القلب عند الاطفال، وذلك في آذار عام ٢٠٢١، منذ ذلك التاريخ تكفّلت المبادرة بعمليات عشرات الأطفال السوريين مجاناً على نفقة جمعية “الإخاء” الفرنسية
الدكتور قماش يحمل الجنسيتين السورية والفرنسية، وهو مقيم في فرنسا منذ ١٧ عاماً، وعن المبادرة يقول :” أعرف جيدا الصعوبات التي يواجهها السوريون لإجراء عمليات قلب معقدة لأطفالهم، وأثناء اجازاتي السنوية في سوريا سمعت عن العديد من الأطفال الذين يحتاجون لهذه العمليات إلا أنهم لم يتمكنوا من إجرائها، مما أدى لتدهور وضعهم الصحي تدريجيا” .
وتهدف المبادرة لمساعدة الأطفال الذين يعانون من تشوهات قلبية ولادية عبر عمليات جراحية في فرنسا، بالتعاون مع جمعية “الإخاء”، وهي جمعية غير حكومية تُمول من التبرعات والشركات والمدارس الفرنسية. حيث تتم دراسة كل حالة تصل للمبادرة، ويتم تجهيز الملف بعد ترجمه لتأمين قبول طلبه، وتوفير تسهيلات السفر والرعاية قبل العملية وبعدها.
وهذه المبادرة هي واحدة من عدّة مبادرات طبيّة، تشكل ملاذا للمصابين بحالات مرضية مستعصية، أو تلك التي تتطلب عمليات جراحية دقيقة، وتكاليف باهظة، لا يمكن للعديد دفعها في بلد مثل سوريا، يعاني تبعات الحرب من دمار وفقر.
الطفل مصطفى الحريري، ١٢ عاما من مدينة داعل محافظة درعا، أجرى عملية قلب في شهر تموز الماضي، لتأتي بعد ذلك “أفضل شهور حياته صحياً” بحسب قوله والدته التي أضافت “كان مصطفى يعاني منذ الولادة من مشكلة بالقلب، في الشريان الابهر تحديداً، فلديه فتحة في القلب، و تضييق رئوي، وقد تمت معالجة كل هذه المشكلات في فرنسا، واليوم مصطفى بصحة جيدة، ومواظب على دراسته”.
وتروي والدة مصطفى رحلة سنوات من العذاب، حيث حذر الأطباء في دمشق من صعوبة اجراء هذا النوع من العمليات، وبسبب توقف البعثات الطبية الدولية عن القدوم لسوريا، أصبح الأمل بنجاته ضئلاً.
وتتذكر والدة مصطفى ، ما قاله لها آخر طبيب زارته في دمشق “طفلك يحتاج الى زراعة قلب”، “وكيف أجهشت بالبكاء، وخرجت وهي فاقدة للأمل”.
من جهته لا زال الطفل يوسف، من طرطوس، في باريس بانتظار العملية، لينضم للبنى، جود، حلا، لمار، وغيرهم ممن أعطتهم المبادرة مع المنظمة الفرنسية أملاً جديداً.
ويذكر أن “جمعية الإخاء” عمرها ٢٥ عاما، وقد عالجت حوالي ٤ ألاف طفل قدموا من مختلف الدول الإفريقية، الشرق الاوسط وأسيا واوروبا الشرقية، وتتكفل بإجراء العمليات اذا توفرت جملة من الشروط ؛منها أن تكون حالة الطفل قابلة للعلاج والجراحة، اضافة الى موافقة الأهل على سفر الطفل لوحده.
ويتم احضار الاطفال وإعادتهم عن طريق جمعية “طيران بلا حدود” من مطار بيروت عند انتهاء العلاج، ويتم استقبال الطفل أثناء علاجه في فرنسا عند عائلة تعرفها الجمعية، وهي تتكفل بنفقات العلاج وتذاكر سفر الطفل، وعلى الأهل فقط تكاليف معاملة الحصول على الفيزا.
يتندر سكان دير الزور، بأن محمد فارس عندما صعد للفضاء ضمن رحلته الشهيرة، شاهد مدينتهم حمراء اللون لأن أسطحتها كانت مفروشة بأوانٍ مملؤة بعصير البندورة، الذي يجب ان يجفف تحت أشعة الشمس ليصبح “دبس البندورة”، وهو أحد أساسيات المطبخ السوري.
حاولت العودة لكل ما قاله “محمد فارس”، حينها عن الرحلة لكن لم أجد سنداً لهذا التندر في كلامه، ربما هو من باب أن رحلته كانت في فصل الصيف، حيث تضع النسوة جهداً كبيراً لإعداد المونة، خاصة “رب البندورة”، وبكميات كبيرة تكفي للشتاء كاملاً، بما لا يحيج الأسرة لشراء أية كمية مُعلبة..
كان المصلّح “أبو عجاج”، يطوف بمنازل أحياء من الحسكة ليقوم بإغلاق “صفائح الجبن”، من خلال لحام فوهاتها المعدنية بالقصدير المسال، بعد تسخين ما يشبه المطارق على نار” بابور الكاز”، وكانت النسوة تعمد لشراء كميات كبيرة من الجبن لتقوم بتقطيع أقراصها لمكعبات قبل غليها بعد “تمليحها”، بـ “الملح الصخري”.
ورغم أن “أبو عجاج”، لُقب بالمصلّح لأن مهنته مزيجاً من تعبئة الغاز المنزلي وتصليح بابور الكاز والمدافئ المنزلية والحدادة، لكنه يستثمر موسم “الجبنة”، ليقوم بمهمة إضافية، وهي الطواف على دراجته الهوائية ليغلق “تنك الجبن”.
في أيلول تحديداً كانت النسوة تحوّل سطح المنزل أو فسحته إلى ورشة لتصنيع المونة، فيحفرن كميات من “الباذنجان – الكوسا”، ويقمن بتجفيفها تحت الشمس بعد تمرير خيط بواسطة إبرة لتصبح “قلادة”، وهذه القلادة ستكون جاهزة لتكون جزءاً من طبخة “محاشي”، في الشتاء.
وبمثل هذه الطريقة تجفف “البامية”، و “الفليفلة الحمراء”، وبواسطة “ماكينة الكبة”، تطحن كميات من هذه “الفليفلة”، لتصبح “دبس”، أو “شطة”، وهي لازمة في صناعة “المكدوس”، أولاً ومن ثم “المحمرة”، وتدخل في وصفات العديد من الوجبات التقليدية.
تطور الأمر قليلاً، فظهر “قطرميز الضغط”، وهو آنية زجاجية يمكن وضع أي مُكوّن فيها وحفظه لفترات بعد تفريغ الهواء، وهذا ما جعل من “البامية – الفاصوليا – منزّلة الباذنجان”، تطبخ لتبقى محتفظة بنكهة طازجة نسبياً، ومع دخول “الثلاجة”، إلى الأسواق وإمكانية شرائها بـ “التقسيط”، تحولت النسوة نحو تجميد ما يردنه من خضار، فباتت أكياس حفظ المونة، تملأ “الفريزر”، الذي كانت قيمة قسطه لا تزيد عن 500-1000 ليرة حتى نهاية تسعينيات القرن الماضي.
في تلك الفترة أيضاً، كانت “الجاروشة” ماتزال حاضرة، وهي آلة طحن القمح التي تُحمل على عربة يجرها حصان أو حمار ليطوف صاحبها بالأحياء والقرى، ليطحن للناس بعضاً من القمح الذي اشتروه أو حصدوه.
ولأن الأسعار في ذلك الوقت كانت مقبولة قياساً على متوسط دخل المواطن، وقدرته الشرائية، تراجع دورها، وظلّت تلبي رغبة من يتمسك بـ “البرغل”، المصنوع منزلياً لكونه معروف المصدر.
كذلك في نهاية فترة التسعينيات تخلّت النساء عن استخدام “الغسالة اليدوية”، كأداة لعصر البندورة، ظن الناس حينها أن زمن “البحبوحة الحياتية” طويل، وفي هذا الوقت أيضاً غابت قلائدة “الكشك”، عن المطابخ لأن ثمة من يصنع منه كميات ليبيعه مطحوناً أو خشناً للعطارين، وهؤلاء يقدمونه للسكان بأسعار رخيصة.
تقول نور أنها عزفت عن إعداد الكميات الكبيرة التي كانت تصنعها من “المونة”، بسبب ارتفاع الأسعار، فمن المكدوس مثلاً، لن تصنع أكثر من 5 كغ من الباذنجان، وليس الأمر مونة للشتاء.
فهو إما حفظ ماء الوجه إن زارها قريب وقدمت له وجبة عشاء أو إفطار، أو لتلبي شهوة أحد أطفالها في الشتاء، أما صحن المكدوس الذي كان حاضراً دائماً على مائدة إفطارها شتاءً، فقد ألغي بفعل تكلفته الكبيرة التي حوّلت هذا الطبق الشعبي إلى عبء مادي على ذوي الدخل المحدود.
تضيف السيدة الأربعينية في حديثها لـ “صالون سوريا”، “فكرة إعداد مونة من الخضار ورب البندورة باتت مرهقة، صحيح إنها قد تحقق الوفر شتاء وتلبي أية حالة طارئة، لكننا كأغلب الأسر نعيش وفق مبدأ كل يوم بيومه، فالشتاء حاله كأي فصل، يحتاج لتدبير منزلي يقلل من المصروفات قدر الإمكان.”
أما أم عبد الله، فتقول أن “المونة باتت مشروعاً خاسراً لأية أسرة، فانقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة متواصلة يعني بالضرورة أن محتويات أي فريزر، ستكون معرّضة للتلف إن لم تستخدم، وبالتالي لابد من العودة للطرق القديمة، ولأني لم أجد قطرميز الضغط، في الأسواق بفعل تحوله لبضاعة غير مرغوبة طيلة سنوات خلت، فأني أكتفي بما ورثته عن أمي من هذه الأواني لأصنع بعضاً من “المونة”، من باب منح عائلتي طبخة أو اثنتين خلال الشتاء من كل صنف”.
وتشير أم عبد لله لأن مؤونتها لم تعد للتوفير وتأمين احتياجات الشتاء وإنما كما قالت نور هي “لسد الشهوة”، “فماذا لو قال لي أحد أبنائي ع بالي فاصوليا خضرا، خلال الشتاء..؟ بحسب قولها..
تضيف جارتها أم عامر، السيدة السبعينية خلال الحديث:” نشتري الجبنة حين حاجتها فقط، ورجعت لتيبيس الخضار التي زرعتها بحديقة منزلي الصغيرة، وبعضاً مما أشتريه من السوق، المكدوس لن يكون هذا العام بالكميات التي اعتدت على صناعتها خلال ما مضى من عمري، لقد تحولت المونة لواحد من هموم النساء، وهو همّ لا ينتهي”.
ويتخلى السوريون/ات اليوم عن واحد من أبرز طقوس فصل الصيف، فلا مقومات لصناعة ما يكفي من مؤونة، وعائلة مؤلفة من خمسة أشخاص تحتاج لما بين 1-1.2 مليون ليرة لصناعة كل ما تحتاجه من مونة للشتاء موزعة على كامل المواد المحتمل صناعتها تحت هذا المسمى فـ “المكدوس – الجبنة – البرغل – رب البندورة – الزيت – الخضار”.
وهي مواد بات السوريون/ات يفضلون/ن التخلي عن بعضها وشراء الآخر بكميات قليلة على أساس “تمشاية حال”، فمن الصعب المغامرة بمونة قد يفسد بعضها لعدم توافر التيار الكهربائي لتشغيل المجمدات، أو المغامرة باستدانة مبلغ يكفي للمونة سيكون من الصعب تسديده.
ففي حين كان دخل الموظف أو العامل يتراوح بين 15-20 ألف ليرة قبل العام 2011 (ما يعادل حينها من 350 – 450 دولاراً)، فإن دخل هذه الأسرة اليوم بين 150-200 ألف ليرة (ما يعادل من 35-45 دولاراً)، إن الانخفاص في قيمة الدخل بلغ 100 بالمئة في أحسن الأحوال، وهذا يعني بالطبع ألا قدرة للسوري على صنع مؤنة شتائه.. ومن الطبيعي أن يُسأل: “كيف وماذا نموّن؟”
عبثاً يحاول لؤي شردوب (٢٢ عاماً) الإقلاع عن تعاطي الحبوب المخدرة، أدمن لؤي عليها منذ إصابته الحربية التي جعلت منه معاقاً، وهو في مقتبل العمر ليجد في تلك الحبوب ملاذه الوحيد للخروج من واقعه النفسي المضطرب.
بدأت حكاية لؤي مع التعاطي بعد أن أصيب خلال قصف طائرات النظام الحربية لبلدته معيشورين بريف إدلب الجنوبي أواخر عام ٢٠١٨، استهدف القصف السوق مخلفاً قتلى وجرحى وبينهم لؤي.
استيقظ لؤي في المستشفى على كابوس فقدانه لقدمه اليسرى وإعاقة في يده اليمنى جراء إصابة بليغة في تلك الحادثة كادت تودي بحياته.
ولم يكن من السهل على شاب بقمة نشاطه وحيويته أن يقتبل واقعه الجديد كمصاب بالإعاقة يحتاج المساعدة حتى في أبسط أمور حياته، وهو ما دفعه للبحث عما أعتقد أنه “أفضل الحلول” لخروجه من الحالة النفسية الصعبة التي يمر بها، وهو اللجوء إلى المخدرات وتحديداً حبوب الكبتاجون.
لا ينكر لؤي معرفته المسبقة بأنه يلجأ لحل يضر بصحته الجسدية ”أعرف أنه يسبب الإدمان، لكنني بحاجة لعلاج آلامي الروحية التي تعصف بي كل حين بلا رحمة، ولم أفكر بالعواقب، أردت تخدير نفسي وحسب“ يقول لؤي.
لم يكن ابراهيم السلوم (٢٦ عاماً) بأفضل حالاً من لؤي بعد أن وجد نفسه عاطلاً عن العمل بلا آمال أو طموحات، منفياً في مخيمات النزوح النائية التي تخلو من كل مقومات الحياة.
يقول ابراهيم الذي يحيط السواد بعينيه ويعتري الحزن ملامحه ”كنت أحلم كما كل الشباب في العالم بعمل دائم وحياة زوجية مستقرة، غير أن ما ألاقيه من ظروف معيشية صعبة جعلتني اصطدم بواقع قاسي، سيجعل مني هامشاً في الحياة طوال عمري“.
مامر به ابراهيم من اضطرابات نفسية، وخاصة بعد فشل عبوره إلى الأراضي التركية بغية العمل، وتحسين واقعه المعيشي دفعه للتعاطي بحسب قوله، ويضيف ابراهيم “بما أنني لا أستطيع تغيير هذا الواقع المقرف، ربما أتمكن من إيجاد مسكن لألم نفسي الذي لا يتوقف”.
حصل ابراهيم على الكوكائين من أحد المروجين في المخيمات، بدأ يعطيه الحبوب بكمية قليلة، ثم ازدادت مع مرور الوقت.
يعمل ابراهيم على تأمين ثمن تلك الحبوب من خلال عمله بالمياومة التي يحصل لقاءها على مبلغ مالي بسيط لا يتعدى الخمسين ليرة تركية في اليوم، يدفعها جميعها لشراء تلك الحبوب التي أصبحت جزءا من حياته.
وانتشرت شبكات لترويج المخدرات في أماكن متعددة من شمال غرب سوريا في الآونة الأخيرة، وتعمل هذه الشبكات على استقطاب زبائن جدد بشتى وسائل الإقناع ، مستغلة الظروف المعيشية الصعبة والضغوط النفسية بسبب التهجير والنزوح وظروف الحرب بشكل عام.
ومن أنواع المواد المخدرة المنتشرة في مناطق إدلب وشمال غرب سوريا الكبتاجون، الكوكايين، الهيروين، الحشيش، إضافة إلى الكريستال ميث او ما يعرف بالشبو او الاتش بوز.
كما ساهم في انتشار الإدمان انتشار الصيدلات غير المرخصة والعشوائية بانتشار الأدوية المخدرة التي راحت تباع لمن يطلبها دون الحاجة لوصفة طبية، وتصل تلك الأدوية إلى أكثر من ٣٠ نوع مثل ترامادول، ديالين، دبالين، فوستان، بيوغابالين، زولام، أوكسي كودون بلس، كايزول، سيدافيت بلس، موتيفال لكسوتان، لارجاكتيل، كلونازيبام، بحسب الصيدلانية رحاب العمر (٣٢ عاماً).
وتقول الصيدلانية رحاب ”أسعار هذه المواد رخيصة جداً مقارنة بالمواد المخدرة الأخرى، وكثيراً ما يقصدني المتعاطون لطلبها لكني أرفض بيعها دون وصفة طبية حصراً، لكن للأسف لا يفعل كل الصيادلة ذلك، البعض منهم امتهن الصيدلة دون أدنى خبرة والتزام بأخلاقياتها باحثين الربح لاغير.“
وعزت د.رحاب كثرة تعاطي هذه الحبوب إلى ”اﻹحباط والفقر وكثرة اﻹصابات الجسدية، بالتزامن مع قلة الرقابة على الصيدليات المخالفة وتجار المخدرات الذين راحوا يصولون ويجولون في المنطقة بلا رادع“ بحسب قولها.
من جهته بدأ جهاز الأمن العام في محافظة إدلب حملة أمنية تستهدف تجار ومروّجي المخدرات، بالتزامن مع حملة مشابهة يقودها “الجيش الوطني” المدعوم من تركيا شمالي حلب في أيار ٢٠٢٢.
وقال المتحدث الرسمي لجهاز الأمن العام، ضياء العمر، عبر معرّفه الرسمي في تلجرام، إن الجهاز الأمني أطلق بالتنسيق مع وزارة الداخلية في حكومة الإنقاذ حملة لاستهداف تجار المخدرات شملت مناطق واسعة من محافظة إدلب، شملت مخيمات النازحين على الحدود السورية- التركية بمدينة أطمة، إضافة إلى مدن وقرى حارم، وجسر الشغور، وسرمدا، ومدينة إدلب.
واعتقلت القوات التابعة للأمن العام عدداً من تجار ومروّجي المخدرات وبحوزتهم كميات منها، بحسب المتحدث الرسمي باسمها.
من ناحيته يقول المحامي عادل الويس المختص في القضاء الجزائي في إدلب ”لايمكن التهاون مع هذه القضية المدمرة للمجتمع بكل ما تعنيه الكلمة من معنى“. ويتم الحكم على المتعاطي والمروج والتاجر بالسجن الذي يترواح بين سنة وخمس سنوات بحسب الجرم الموجه إليه مع دفع غرامية مالية تصل إلى عشرين ألف دولار.
ووفقًا لتحقيق نشره موقع “الجريمة المنظمة والفساد” (OCCRP)، في ١٦ من حزيران ٢٠٢١، فإن تجارة المخدرات ازدهرت في سوريا بالآونة الأخيرة على يد مرتبطين بعائلة رئيس النظام السوري.
تتردد سيدتين إلى أحد محلات الملابس المستعملة (البالة) لشراء ملابس قطنية ممزقة وخرق مهترئة بأسعار رخيصة لإعادة حياكتها واستعمالها، فالسيدة الأولى تستخدمها كفوط لوالدتها المقعدة، وذلك بعد غلاء سعر فوط الكبار عدة أضعاف، فسعر الكيلو منها وصل إلى 14 ألف ليرة سورية، بينما السيدة الثانية اقتنت كنزتين قطنيتين بسعر ألف ليرة سورية، لصنع فوط لابنها المصاب بالشلل الدماغي، ليقوم البائع بإعطائهما كنزتين إضافيتين مجانا، بعد أن رأف بحال المرأتين حالما علم بأوضاعهما الصعبة.
من جهتها تستخدم سماهر الاقمشة لصنع مفارش أرض مميزة مستعينة بموهبتها بالرسم، عن هذا تقول سماهر: “أشتري من جاري الخياط قطع قماش متناثرة ومجتزئة فاضت عن حاجته بثمن بخيس، أختار منها الألوان التي تناسب أثاث منزلي وأحرص على اختيار السميك منها لتمنحنا بعض الدفء في فصل الشتاء، أقوم في البداية برسم الشكل، ثم أجمع عدة قطع بألوان مختلفة، وأحيكها جيدا”.
بدائل المشروبات الأساسية
استعانت نهى (28 عاماً) بنواة التمر لصنع القهوة فهي غير قادرة بدء يومها بدون هذا المشروب المنشط وقد ازداد سعره لحد كبير فلم يعد باستطاعتها شراءه، تقول نهى لـ”صالون سوريا”: “استهلك كيلين من البن خلال الشهر، كنت سابقا اخصص ميزانية لهذا المشروب، لكني لم أعد أستطيع تكبد نفقاته بسبب تغير سلم الأولويات، كشراء المازوت للتدفئة في شتاء، إلى جانب أجرة المنزل”، وتتابع حديثها:” كنت قد شاهدت في إحدى المرات على اليوتيوب طريقة تحضير القهوة من نواة التمر، فقررت إتباعها، وأعجبني طعمها، صحيح أن البن أشهى، لكنه لذيذ أيضا ويفي بالغرض، المهم أريد ما يبقيني يقظة خلال العمل والدراسة”.
تشارك الناشطة النسوية سلوى زكزك عبر صفحتها على “الفييس بوك” نصائحها في تأمين البدائل والتحايل على الغلاء بمواد أقل كلفة، فالسيدة استبدلت مع صديقاتها مشروب “المتة” بدزينة من الزهورات والأعشاب الطبيعية، كتبت زكزك في منشورها “اليوم حضرنا تحويجة متة جديدة لأنو ارتفع سعرها وريحتها مو طيبة وعم تمصل، زعتر نوعين، ونعناع نوعين، وميرمية وورق غار، وعطرة وشمرا وزنجبيل وقرنفل مطحون، ويلي ما عندو ضغط يحط أكليل الجبل، نرحب بأية إضافات أو ملاحظات طبية أو تتعلق بالنكهة والطعم”.
سائل الجلي كبديل لمنظف الشعر
نسفت جانسيت مستحضر تنظيف الشعر “الشامبو” من قائمة المشتريات الشهرية، لتستبدلها بسائل الجلي، حيث حرصت على شرائه مصنوع من مواد طبيعية لتضمن عدم تلف شعرها ، توضح جانسيت” طبيعة شعري دهنية، فأحتاج إلى غسله يوميا، فارتأيت تقليص النفقات وشراء سائل جلي طبيعي غير مضر من سيدة تعمل في صنع المنتجات المنزلية الطبيعية”.
من جهتها تعاني أم نور من سوء المياه في جديدة عرطوز بريف دمشق، فهي غالبا ملوثة ولا تصلح للاستخدام البشري، فاستعانت بالطريقة التقليدية لتنقيتها، تقول :” تسببت المياه بتسمم العديد من السكان هنا، ولا قدرة مادية لي لشراء غالونات مياه معقمة، فأقوم بغلي المياه ليلا عندما تكون الكهرباء متوفرة، ثم أبردها وأقوم بتعبئتها وحفظها في البراد، أخشى على أطفالي من التسمم ودخول المستشفيات الحكومية غير الآمنة”.
الزيت مقابل الدواء
تدخل سيدة أربعينية إلى إحدى الصيدليات ممسكة بيدها ليترين من زيت الزيتون الأصلي، تقدمه للصيدلي، ليناولها علبتين دواء القلب، خاتما حديثه معها “يسلم ايديكي”، سألته عن التفاصيل، فقال لي “السيدة لا تملك المال الكافي لشراء الدواء لزوجها المصاب باحتشاء عضلة القلب، فقايضتني بلترين من زيت الزيتون الصافي حصلت عليه من بستان زوجها الذين اعتادوا زراعته وبيعه كمصدر للدخل، الله يعين الناس”.
أما أم جبير فقد خبأت نصف ليتر من زيت الزيتون منذ العام الماضي بصبر عن أعين طفليها المتطفلة، إيذانا لاستخدامه عند افتتاح المدارس وتحضير السندويشات لطفليها، تقول:” أقوم بخداع ولدي عبر خلط ليتر كامل من المياه مع الزيت ليتماهى العنصرين مع بعضهما البعض، هكذا أحصل على كمية أكبر من الزيت، صحيح أنه سيكون لزجا وخفيفا وغير متماسك، لكن هذا أفضل من استخدام الماء لوحده، كما تفعل جارتي”.
صبغة شعر ببقايا القهوة
وجدت مها في بقايا القهوة حلا بديلاً لصبغ شعرها، فشعرها طويل وقد أصبحت العناية به مكلفة، حتى أنها تخلت عن قصّه بين الفينة والآخرى، وقررت الاعتماد على دقة ملاحظتها في قص شعرها بنفسها، تقول مها :” سمعت سيدة في البزورية تتحدث عن طريقة استعمال رواسب القهوة والشاي الأسود لصبغ الشعر، فاستفسرت منها أكثر عن الطريقة وجربتها، صنعت نقيع من العنصرين إلى جانب قشر الجوز وملعقة من زيت الزيتون ووضعته على شعري لساعات طويلة، أعجبتني النتيجة وهي غير مكلفة، فسأواظب عليها”.
استثمار في الفوارغ البلاستيكية
تتبنى أم طارق قاعدة ذهبية “لا ترم الأشياء، فسيأتي أوانها وتحتاجها لاحقاً”، فالفوارغ البلاستيكية والعلب المصنوعة من الورق المقوى لا تفلت من يدها وتدبيرها المنزلي الماهر، تقول لـ”صالون سوريا” :”استعمل فوارغ المنظفات وأعبئها بالزيت بعد تنظيفها جيدا، كما أقوم بإعادة تدوير الكراتين (الورق المقوى) وجمعها سوية لاستعملها كتعليقة للأقلام الجامعية والمدرسية لأطفالي”.
أما ريهانا فتقوم بإعادة تدوير الصناديق البلاستيكية، فراتبها يكفي فقط لأجرة الغرفة ونفقات الطعام ولا مجال للكماليات حسب قولها، “تقول:” أطلب من صاحب البقالية الاحتفاظ ببعض السحارات، لأغلفها بقطع قماش ملونة من ملابسي التي لم تعد تصلح للاستخدام، وأضع مستلزماتي الخاصة ومستحضرات التجميل وطلاء الأظافر”.