المنقلة: لعبة الأجداد الحيّة في الحسكة

المنقلة: لعبة الأجداد الحيّة في الحسكة

لا تخلو أي من قرى الحسكة وبلداتها من لعبة “المنقلة” التراثية الشعبية المفضلة لدى كبار السن، والحاضرة في جلسات الترفيه طوال أوقات النهار، وخلال سهرات السمر والأنس في صيف وشتاء أهل الحسكة.

ولعبة “المنقلة” هي الأكثر استحواذاً للذاكرة الشعبية، فقد سادت الألعاب المحلية طيلة عقود من الزمن، ولازالت تقاوم الاندثار متحدية الألعاب الحديثة بما فيها الالكترونية.

فـ”المنقلة” لعبة مميزة تخلق الحماسة والمنافسة، كما يروي العم جميل السبعيني لـ”صالون سوريا”، ويضيف :”هي لعبة المعمرين وجزء من ذاكرتهم الحية، لارتباطها بموروثهم الاجتماعي الشعبي، ومن شدة تعلقي بهذه اللعبة، أحبها أحفادي رغم صغر سنهم، وهم يحاولون أن يضعوا حصوات المنقلة في جرنها”.

وتتكون المنقلة من قطعة مستطيلة من الخشب السميك بطول 65 سم وبعرض 15 سم، سماكتها لا تتجاوز الخمس سنتمترات وتحوي على صفين من الحجرات الدائرية المفتوحة، كل واحدة منها مكونة من سبعة فراغات  تسمى “جونات او حفر”، توزع فيها 98 حجرة صغيرة ناعمة الملمس تلتقط عادة من على ضفاف الأنهار وتسمى “حصو المنقلة”.

وبحسب جميل فالمنقلة مؤلفة من أربعة عشر جرنا ومجموعة حصوات، في كل جرن توزع سبع حصوات، يتناول أحد اللاعبين الحصوات الموجودة في أحدها، ويوزع على كل جرن بحصة بدءاً من اليمين، وهكذا حتى تنتهي بحصاته، ويستمر اللاعبان في هذا حتى تنتهي الحصوات من الجرون.

ينظم هذه الحركة رقم النرد، وتبدأ قواعد اللعبة بثلاثة يجهد فيها اللاعب بملء كل الحفر امامه بأعداد زوجية من الحجارة بعد تقديره عدد كل منها، والفائز هو من يجمع أكبر عدد من الحصوات، أي من يجمع ما يزيد عن 49 حصوة.

من ناحيتة يصف العم السبعيني فؤاد اللعبة بانها الأكثر تسلية ومتعة، وهي تتميز بطابع خاص، فالكبار يعشقونها، والصغار يتسلون في مراقبة الجد الفائز، ويقول الجد فؤاد لـ”صالون سوريا”: ” احفادي يعشقون المنقلة رغم أن أعمارهم صغيرة، وهم يتمتعون دائما بمشاهدتنا نلعب لساعات طويلة وتقليدنا، وفي أيام العطل ألعب مع أبنائي وأحيانا مع مع أصدقائي من أبناء جيلي، لاسيما في الحدائق في الصيف، وفي الشتاء إما في المنازل او في المقاهي”.

ولتوريث اللعبة للجيل الجديد في منطقة الجزيرة السورية، قرر كبار السن إقامة بطولات خاصة في المنازل لإثارة فضولهم للتعرف على اللعبة ولعبها، كما يقول أبو شيار الستيني المتحدر من حي النشوة في الحسكة، ويضيف أبو شيار :”نشجع احفادنا منذ الصغر على حب لعبة الأجداد، خاصة في القرى والبلدات المحيطة بالحسكة كي لا ينساها أبناؤنا وشبابنا، اليوم هذه اللعبة المتوارثة منذ آلاف السنين مازالت صامدة رغم هوس الألعاب الالكترونية المنتشر بين الجيل الجديد”

وفي أجواء “حماسية” كما يصفها أبو شيار تضم الأصدقاء والمحبين للمنقلة، تقام بطولات اللعبة، حيث يلتف المشجعون/ات للاعبي المنقلة ومراقبتهما وهما يلعبان بشكل متقابل.

ويقول أبو شيار “تعتمد اللعبة على مهارات اللعب الذهنية، وذكاء الشخص وفطنته في العد السريع والحساب، وهذه هي المعايير الاساسية المتحكمة في جولات المتنافسين في المنقلة، والتي تحدد في النهاية من هو الفائز.”

عن هذه البطولات، تقول الباحثة الاجتماعية رغد الوصال لـ”صالون سوريا” : “مدينة الحسكة تنظم سنويا عدة بطولات للعبة المنقلة، وبمشاركة مختلف الشرائح العمرية من الصغار والشباب، فأغلب ممارسي اللعبة حالياً هم من كبار السن”.

وتضيف “لعبة المنقلة لازالت حاضرة رغم ظروف الحرب القاسية، وهي تقاوم وسائل التسلية والترفيه الحديثة لاسيما الالكترونية منها التي تؤثر سلباً على الأطفال، وتعلمهم العنف والإدمان، عكس لعبة المنقلة التي تحفز الذاكرة وتنميها فهي لعبة حساب وأرقام”.

ويرجع عالم الآثار هادي مجد أصول العبة “المنقلة” للسودان، التي كانت امتدادا للحضارة الفرعونية، ويروي لـ”صالون سوريا” بأن المكتشفات الأثرية والحفريات العلمية اكدت أن مصر القديمة، والتي كانت السودان جزءا منها، هي الموطن الأصلي للمنقلة، التي تم اكتشافها في وادي النيل ويرجع تاريخها إلى 1400 سنة قبل الميلاد.

ويضيف مجد “عثر علماء الآثار على الواح المنقلة الحجرية في مقابر الفراعنة في مصر، وفي مقابر حضارة الكوش في السودان وكشفت تقارير علمية عن العثور على لوح حجري على سطح معبد في مدينة منفيس بولاية طيبة والأقصر ذكرت فيها تفاصيل اللعبة “.

وقد عبرت هذه اللعبة عبر التجار موطنها باتجاه بلاد الرافدين والشام وافريقيا، حيث عثر الأثريون على آثار المنقلة في الواح حجرية لبقايا ممالك مالي وغانا المندثرة واريتريا واثيوبيا.

 لكن المختلف بحسب هادي بين منقلة الماضي والحاضر ان عدد الحفر كانت عشرين فراغاً على شكل صفين متقابلين، لكل  صف عشر فجوات توزع عليها 100 بحصة.

آثار القرية السورية التي زارتها آجاثا كريستي

آثار القرية السورية التي زارتها آجاثا كريستي

لازال أهالي عامودا الواقعة على الحدود السورية التركية، يستذكرون زيارة ملكة روايات الغموض والجريمة الكاتبة البريطانية “آجاثا كريستي” لبلدتهم الصغيرة قبل سنوات عديدة.

حيث تعتبر البلدة من اقدم بلدات محافظة الحسكة، ويُحكى فيها عن قصة شرائها لتمثالين اثريين صغيرين من احد حوانيت البلدة كتذكار، قدم فيما بعد للمتحف البريطاني في برلين.

وقد زارات “كريستي” سوريا مع زوجها عالم الاثار البريطاني “ماكس مالوان” الذي كان ينّقب في تلال عامودا عن حضارة “أوركيش القديمة”، فقضت اياماً قليلة في التل وسافرت بعدها إلى مدينة حلب، ودونت عن رحلتها القصيرة تلك في روايتها الشهيرة “قطار الشرق السريع”.

وينقل “فؤاد أبو محمد ” (70 عاماً) لـ”صالون سوريا” أن أهالي عامودا الذين عايشوا فترة قدوم آجاثا كريستي وصفوا لأبنائهم تجوالها في عامودا، وبحسب روايتهم فهي كانت ترتدي ثياباً غير مألوفة على أهالي البلدة، وتميزت بقبعتها الجميلة وقفازاتها، وقد عرفها الناس من خلال زوجها عالم الآثار، ولم يعرفوا انها كاتبة روايات.

حضارة دفينة

تل موزان أو مدينة اوركيش الأثرية بنيت في الألف الثالث قبل الميلاد، وهي تقع حوالي 10 كم شرقي مدينة عامودا الواقعة غرب مدينة القامشلي وإلى الشمال من مدينة الحسكة بنحو 100 كم.

 هذه المدينة الأثرية التي حيرت علماء الآثار بموقعها، ووصفها بعضهم “بالضائعة”، ليتبين بعد اكتشافها انها تقع شمال شرق سوريا وهي عاصمة الحوريين او الهوريين الميتانيين.

ويعتقد أبو محمد بحسب روايات المعمرين أن البلدة تقبع على مدن اثرية غابرة تمتد حتى مدينة القامشلي ونصيبين في تركيا، بناها اسلافهم الكرد من الميتانيين والحوريين والميديين والحثيين وغيرهم، فقد كان يعثر في طفولته وشبابه على قطع خزفية مكسورة ومتناثرة في الطرقات والحقول والبراري الممتدة بين عامودا الى الحسكة والقامشلي، وعن هذا يقول أبو محمد: “كنا نجد تماثيل صغيرة واحيانا  قطعاً من الواح طينية مكتوبة باللغات القديمة في أراضينا وقرانا وحقولنا وبساتين منازلنا، كنا نعرف بأن هناك حضارة قديمة مدفونة تحت الأرض”.

بدأت عمليات التنقيب في أوركيش الأثرية سنة 1934 من قبل عالم الآثار البريطاني “ماكس مالون”، والتي نقب فيها على نحو محدود في تلالها ومنها التل المركزي الداخلي الذي قدر مساحته بنحو 30 هكتاراً، وبحسب فؤاد سالم عالم الآثار المتحدر من مدينة الحسكة والذي رافق عدة بعثات أوربية في سوريا، فان البعثة الأمريكية التابعة لجامعة لوس انجلوس عاودت العمل في تلال أوركيش في ثمانينات القرن الماضي بعد توقفها لخمسة عقود. وبين سالم لـ”صالون سوريا” أن البعثة الأمريكية كانت بإشراف زوجين من الأثريين وهما “جورجيو” وزوجته “مارلين كيلي” وكشف فريقهما في الموقع عن عدة سويات تعود للألف الثاني والثالث قبل الميلاد، وأعلن الزوجان ان التل يضم اول عاصمة للحوريين الميتانيين وهي مدينة اوركيش.

وتعود السويات الأثرية الأولى والثانية لفترات 2750 ق.م و1500ق.م ويرجح أن تاريخ السوية الثالثة يرجع ل 2750ق.م,

 آثار مكتشفة وأخرى منهوبة

وعن أهم مكتشفات تل موزان أشار عالم الآثار فؤاد إلى سور المدينة البالغ سماكته ستة أمتار، والمقبرة، والمعبد، والخندق المائي الذي يلف المدينة بالإضافة لتماثيل، ورقم وفخاريات مزخرفة بهندسة ساحرة مطلية باللونين الأسود والأحمر، وجرار مسنودة بقواعد وأواني فخارية وكؤوس ودبابيس معدنية وبرونزية، وأختام وغرفة تخزين لأرشيف المدينة الدال على الأهمية الإدارية التي تمتعت بها اوركيش في المملكة الحورية.

ووصف سالم البناء الملكي الذي يمثل القصر الملكي بـ”المذهلة” فالحفريات كشفت منطقة التخزين للقصر وأماكن الخدمة وقسم المدخل، واللافت هو العدد الهائل للأختام التي عثرت عليها وطبعاتها ودلالتها الهامة في الاستعمال الواسع لها في القصر الملكي، من بينها أختام تخص الحاشية الملكية ((الملك والملكة)).

ولفت عالم الآثار السوري إلى أن :” ما ميز اكتشاف الباحثين هو معرفة أسم الملك توبكيش ولقبه (اندان) وأسم الملكة أوكنيتوم التي لعبت دوراً بارزاً في حكم مملكة تل موزان التي بناها أسلاف الشعب الكردي”.

وعن آثار تل موزان المنهوبة قال فؤاد سالم :” أن التل كان يحوي على تمثالين لأسدين ضخمين سرقا، و بعد تعقبهما عثر على أحدهما في متحف اللوفر الفرنسي في باريس، والأخر وجد في متحف المتروبوليتان الأمريكية”.

زوجات الفراعنة الكرديات

ذكرت مملكة اوركيش في رقم تل العمارنة بمصر القديمة بحسب مفتش الآثار المصري وعضو مجلس الدولي للمتاحف حسام عبد الفتاح، الذي اكد في حديثه لـ”صالون سوريا” أن اوركيش مدينة الجمال سقطت علي يد مملكه ماري.

وحول علاقة الهوريين الميتانيين بالفراعنة كشف عبد الفتاح انها ترجع لعصور موغلة في القدم، وأكد في الوقت ذاته على أن اميرات ميتانيات تزوجن من الملوك الفراعنة وقال :” الأميرة الميتانية (موت ام اويا) تزوجت الملك تحتمس الرابع وكانت زوجته الثانوية، وأنجبت له امنحوتب الثالث، واعتقد ان (ام اويا) كانت ابنه الملك  الميتاني (ارتاما) وهي ليست الأميرة الوحيدة التي تزوجت من ملك فرعوني فطبقا لما ورد  في كتاب (الحوريون وحضارتهم) فأن الملكة نفرتيتي كانت تنتمي للميتانين، فهي نقلت معتقدات شعبها الميتاني إلي المصريين القدماء وخاصة طقوس وعادات دينها الذي يتعلق بعبادة الشمس بحسب ما ذكره مؤلف الكتاب، وباعتقادي الشخصي فأن نفرتيتي جيناتها مصريه، كما ان المصريين ارتدوا عن عباده الأله أتون بعد وفاه نفرتيتي وزوجها الفرعون اخناتون”.

 ووصف العضو الدولي لمجلس المتاحف علاقة امنحوتب الثالث والميتانيين  بالوطيدة ولفت إلى أشهر الزيجات التي عقدت بين الفراعنة والأميرات الكرديات كان زواج كيلوجيبا وتادوجيبا.

وأضاف :”إذا عدنا بالذاكرة للوراء وتحديداً لعصر الملك العظيم رمسيس الثاني نجده قد تزوج من أبنة الملك خيتا الحثي، والتي اطلق عليها المصريون بالملكة (ماعت نفرو رع ) و شيد لها زوجها مدينه كبيرة في محافظه الشرقية شمال شرق مصر سماها بر رعمسسو”.

  قامشلو جزء من أوركيش

وعن مدينة القامشلي كشف عالم الآثار المصري حسام  عبد الفتاح أن مدينة قامش (قامشلو = قامشلي) هي امتداد لمملكة اوركيش، عكس ما كتب عن تاريخ المدينة بأن عمرها أقل من 100 عام وقال :” هذا الاعتقاد خاطئ لأن مدينة قامش والتي تعني بالأساس باللغة الكردية قصب السكر هي مدينة قديمة وهي أحد مدن مملكة اوركيش وقد ذكرت في الرقم الفرعونية  كجزء من الحضارة الحورية او الهورية، فكيف تكون مدينه حديثه وقد ذكرها الفراعنة منذ آلاف السنين ودونوا عنها في رقمهم”.

وفي ذات السياق أكد عالم الآثار السوري فؤاد سالم وجود مدينة اثرية كاملة تقع بين القامشلي ونصيبين في منطقة البدن قبل أن يستولي عليها الأتراك قبل سنوات وأضاف أن القامشلي الحديثة بالفعل ترقد على حضارة قديمة والاعتقاد السائد انها امتداد لحضارة أوركيش العظيمة.

الكوليرا تعود لسوريا

الكوليرا تعود لسوريا

“اضطررت لأخذ جرعات وريدية مدعمة لتعوضني عن فقدان السوائل مرت أيام عصيبة، كانت إصابتي من النوع الشديد، ولو تأخرت في طلب العلاج كان يمكن أن يكلفني ذلك حياتي، بحسب ما قاله الأطباء لي بعد أن تعافيت”، يروي الشاب منصور ريحانة لـ “صالون سوريا” ماحدث معه مؤخراً عندما أصيب بالكوليرا في دمشق.

احتاج ريحانة لتطبيق البروتوكول العلاجي من الدرجة العليا، “وصلت المستشفى في حالة تجفاف خطير نتيجة إسهال لم يتوقف وأعراض إضافية، ما جعل حياتي عرضة للخطر” يضيف.

وعن تلك الأعراض يشرح أنّها كانت عبارة عن صداع وإقياء وآلام معوية متنوعة، إضافة للإسهال الشديد، قبل أن يسعفه أهله إلى المستشفى الذي أجرى له تحاليل فورية، ليصار إلى ادخاله لقسم العناية المخصص لهذا الغرض، وتم وضعه تحت المراقبة اللحظية حتى تم الاطمئنان على صحته.

حالة ريحانة هي واحدة من العديد من الحالات التي أصبح السوريون/ات يسمعون/ن عنها يومياً، وقد صار معروفاً أنّ الكوليرا قد انتشر فعلياً في سوريا، لكن الخلاف كان حول مدى انتشاره، لتدخل منظمة الصحة العالمية على الخط مؤكدةً انتشاره في 13 محافظة من أصل 14، وبأنّها فعلياً قد خصصت ملايين الدولارات لمواجهة الوباء.

المنظمة أكدت في بيانها أيضاً وجود أكثر من 13 ألف حاله اشتباه بالمرض، ويضاف إليها 60 حالة وفاة ناجمة عن الوباء في أكثر من محافظة.

وحتى نهاية الأسبوع الثاني من شهر تشرين الأول / أكتوبر من العام الجاري بلغ عدد الإصابات قرابة 825 حالة، في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة فقط، أما الوفيات فبلغت 40 وفية، وذلك بحسب بيانات ومعطيات وزارة الصحة، وهذه الأرقام تتعارض بصورة واضحة مع أرقام منظمة الصحة العالمية.

من يتحمل المسؤولية؟

الطبيب أحمد الزائر يشكك بالأرقام الرسمية لأكثر من اعتبار، أبرزها غياب دقة الملاحظة وإمكانية المسح الطبي الشامل في ظل ما تتعرض له سوريا من تدمير على أكثر من صعيد، وبالتأكيد فإنّ الصعيد الطبي هو ميدان من ميادين الصراع تلك، بحسب الطبيب.

يقول الزائر لـ”صالون سوريا”: “اتفق مع تصريح مدير دائرة الأمراض السارية والمزمنة الأخير بأنّ عدد الحالات المشتبه بإصابتها بالكوليرا كثيرة، وفي نفس الوقت لا اتهم الوزارة ولا امنحها صك البراءة، فهي تجود من الموجود، والدليل على غياب قدرتنا على المسح هو تدني أعداد مصابي كورونا في سوريا، قياساً بكل دول العالم، إضافة لوجود الكثير من العوامل المتداخلة، سواء في مناطق العشوائيات، أو الأرياف المحررة، أو خلافه من تلك المناطق التي يصعب تأمين مياه شرب نظيفة لها بسبب الواقع الحالي من دمار البنى التحتية الهائل”.

وكان مدير دائرة الأمراض السارية والمزمنة في وزارة الصحة قد أدلى مؤخراً بتصريح لوسيلة إعلام محلية أكد فيه كثرة الإصابات قائلاً إنّ المشكلة أنّها غير مشخصة، “إنما هي اضطرابات معوية نتيجة تغيرات الطقس واختلاف درجات الحرارة”، وأضاف “الحل الوحيد للوقاية من المرض هو الالتزام بسلوكيات الصحة العامة، وتناول طعام مأمون، وشرب مياه من مصدر آمن، وغسل اليدين جيداً”.

سالم اسم مستعار لطبيب في دمشق فضل عدم ذكر اسمه بعد أن بيّن لـ “صالون سوريا” شكوكه الكبيرة بآلية عمل وزارة الصحة ومنظومتها في كل المحافظات السورية، قائلاً: “في سوريا تتوافر كل العوامل المساعدة على انتشار الكوليرا بشراسة، ولكن الوزارة لا تذكر الأرقام الحقيقية، كما درجت العادة، ببساطة كيف يمكن أن تكون مصادر مياه الشرب في المناطق الشرقية والشمالية ملوثة وتحمل الوباء ويكون هذا العدد فقط مصاباً”، ليختتم حديثه ساخراً: “أم أنّ الوزارة تظن الناس جميعهم يشترون المياه الصحية المعبأة للشرب؟”.

يرى بدوره المهندس مازن الجرف أنّ وزارة الصحة تقع تحت احتمالين اليوم، “إما هي عاجزة عن المسح، أو أنّها تعلم وتخفي الأرقام الحقيقية، وفي الحالتين الأمر كارثي”.

ويتفق الأكاديمي صلاح مؤنس مع الجرف في خطورة عدم معرفة أو عدم الإعلان عن حقيقة أرقام الإصابة، ويقول: “وزارة الصحة لن تنسلخ عن الحكومة بطبيعة الحال، وهذه الحكومة لن تنسلخ عن طبيعة عمل سابقاتها، في الهرب إلى الأمام من المشاكل، ومحاولة التنصل من المسؤولية، وعلاوةً على ذلك محاولة إبراز قدرة قد تكون وهمية على التصدي للمخاطر في مختلف جوانب حياة السوريين”.

ويختلف الحقوقي ساري بيرقدار مع تلك النظرية التي تحمل وزارة الصحة المسؤولية وتتهمها بالتقصير أو إخفاء الأرقام، ويقول لـ “صالون سوريا”: “ليس قليلاً ما مرّ على سوريا في هذه السنوات العجاف، القطاع الصحي مدمر ومحطم والنهوض به يحتاج سنيناً طويلاً وتظافراً محلياً ودعماً دولياً، فأن تتمكن الوزارة من علاج حالات الكوليرا في مستشفياتنا المحلية، فهذا إنجاز، وإنجاز كبير صدقاً”.

الأسباب

السبب الأبرز لانتشار الكوليرا المطرد في سوريا يعود لمياه الشرب الملوثة والتي تلوثت لأسباب عدة، أبرزها الدمار الهائل في البنية التحتية في سوريا، ما سمح لبعض خطوط الصرف الصحي أن تتسرب وتجد طريقها للاختلاط بالمياه النظيفة، وفوق ذلك سقاية بعض المزارعين خضرواتهم بتلك المياه الملوثة، كما حصل خلال الفترة الماضية في غوطة دمشق، وإلى جانب ذلك فإن تلوث مكعبات الثلج المستخدمة في الحالات الطبيعية لعب دوراً في الأمر.

في الشمال يُضاف لهذه الأسباب انخفاض منسوب نهر الفرات ونهر “قويق” بحيث تتحول المساحات المائية لمستوعب رئيسي للجراثيم، بسبب تحولها إلى مصب لمجاري الصرف الصحي، خصوصاً بعد توقف محطة تنقية مياه الصرف في منطقة الراموسة بحلب عن العمل، حيث يعتبر النهر المصدر المائي الوحيد لريّ الأراضي الزراعية لقرى منطقة ريف حلب الجنوبي. وفوق ذلك ضعف القدرة على تأمين الوقود لتشغيل محطات الطاقة الضرورية لإتمام عملية جرّ المياه وتأمينها.

كل ذلك دفع الأهالي –مكرهين-  للاعتماد على مصادر مياه بديلة وغير مأمونة، ولا زالوا حتى الآن يعتمدون عليها في ظل غياب الحلول الجذرية.

ومن الجدير ذكره أنّ نحو نصف السكان في سوريا يعتمدون على مصادر بديلة تكون غالبا غير آمنة لتلبية أو استكمال احتياجاتهم من المياه، بينما لا تتم معالجة 70% على الأقل من مياه الصرف الصحي، وفق منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف).

وكانت قد أعلنت مديرية زراعة ريف دمشق في وقت سابق عن اتلاف محاصيل زراعية بمناطق عدة لمخالفات السقاية بمياه الصرف الصحي للمزروعات.

وقد قدرت الكميات المتلفة بالغوطة الشرقية وحدها بـ 45 دونم مزروعة بمحاصيل صيفية َمثل (باذنجان – فليفلة – ملوخية – سبانخ – بامية – كوسا – خيار).

وفي الكسوة فقد قدرت بحوالي 46 دونم مزروعة بمحاصيل صيفية (باذنجان . كوسا – بامية – ملوخية – بامية، و ذرة ودوار الشمس).

وكذلك صدر تعميم فوري من وزارة الصحة للمطاعم بالامتناع عن تقديم جميع أنواع الخضراوات الورقية ضمن المطاعم ولدى بائعي الساندويش تحت طائلة الإغلاق بسبب كونها عاملاً مساعداً في انتقال الكوليرا.

الحماية

لا تحدث اعراض سريرية واضحة لدى القسم الأكبر من المصابين، بينما يظهر المرض متوسط الشدة لدى 80 بالمئة ممن تظهر لديهم الأعراض المعروفة، و20 بالمئة منهم تتطور الحالة لديه مسببةً الوفاة ما لم يتم تدارك الوضع والمعالجة الوريدية الفورية.

وحول العلاج فإنّ معظم الحالات تشفى باستخدام أملاح الإماهة الفموية، بينما تعالج الحالات الشديدة في المستشفى، ويمكن تحضير محاليل الإماهة في المنزل كخطوة إسعافية ريثما يتم تأمين الوصول إلى المستشفى، وتحضير المحلول يكون عبر استخدام نصف ملعقة صغيرة من ملح الطعام، مع ست ملاعق من السكر، وواحد ليتر ماء نظيف.

وللوقاية يجب على الأشخاص السليمين تجنب مخالطة الأشخاص المصابين، واستخدام مياه نظيفة للشرب، وغسل اليدين جيداً، والأهم الإسعاف الفوري لأي مصاب حالته شديدة.

روث الحيوانات أبرز بدائل التدفئة في الشمال السوري

روث الحيوانات أبرز بدائل التدفئة في الشمال السوري

يخشى ملايين السكان في الشمال السوري من قدوم فصل الشتاء، الذي يُشكل عبئاً على كثير منهم، خاصة الفقراء والنازحين، وسط تفاقم أزمة البلاد الاقتصادية، وقسوة المناخ والبرد التي تشهدها المنطقة في كل عام، فضلاً عن نقص المواد الأساسية والمساعدات الإنسانية.

يزيد الأزمة عدم توفر التيار الكهربائي في كثير من المناطق، وإرتفاع سعر الاشتراك به، وتعتبر 85 بالمئة من مخيمات الشمال السوري أقدم من عمرها المتوقع وأكثر عُرضة للتلف، وأقل مقاومة للظروف الجوية، بحسب تقرير صادر عن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (أوتشا)، في تشرين الأول 2021.

في سبيل التدفئة، يعمل معظم سكان المخيمات على جمع بقايا الخردة والأغصان، ومنهم من يجمع روث الحيوانات، في ظل انعدام فرص العمل والفقر الذي يحول دون شرائهم مواد التدفئة الأخرى كالحطب، والقشور بأنواعها، والفحم الحجري، والمازوت.

نجلاء النحاس واحدة من هؤلاء النازحين، تقيم مع أربعة من أبنائها في “مخيم الكرامة” الواقع على أطراف بلدة “باتبو” بريف حلب الغربي، بعد أن فقدت أثر زوجها منذ أكثر من خمسة سنوات.

تشرح النحاس خوفها من البرد القادم وتقول “ابني البكر يعاني من التهاب مزمن في العين نتيجة فقدانه لعينه اليسرى ببرميل متفجر في حلب، فيما تعاني ابنتي البالغة من العُمر سبعة سنوات من ألم مزمن في يديها وظهرها، وكلا المرضين تزداد حدتهم عند البرد الشديد، فأخشى أن يأتي هذا الشتاء وأنا لا أستطيع تدفئتهم بالشكل المطلوب”.

وتضيف: “إن خياري الوحيد منذ ثلاث سنوات للوقاية من البرد الشديد، هو روث الحيوانات، إذ أقوم أنا وأطفالي في كلِ عام بجمع روث الحيوانات في مكان مخصّص ثم نقوم بصب الماء عليه ثم نتركه ليجف قبل أن أستخدمه للتدفئة والطهي”.

وأشارت النحاس إلى أن أكثر النساء المقيمات داخل المخيمات يستخدمون نفس الطريقة.

من وسائل التدفئة البديلة التي يعتمد عليها بعض النازحين في مخيمات الشمال السوري هي إحراق الملابس المستعملة، إذ تعمد العائلات لشراء الألبسة المستعملة الرخيصة التي لا يتجاوز سعر الكيلو الواحد منها 7 ليرات تركية.

عن يقول “أبو محمد” وهو نازح من حريتان: ” لست الوحيد الذي أقوم بذلك فاليوم باتت عائلات عدّة هنا تستخدم الملابس كوقود في الشتاء، في الشتاء الماضي كنا نستخدم أربعة كيلوغرامات من الملابس خلال اليوم الواحد وكنا نستخدمه في التدفئة والطبخ وتسخين المياه”، ويضيف أبو محمد “لدي الآن أكياس ملابس مستعملة كثيرة، كنا قد خزناها منذ انتهاء الشتاء الماضي، لكي نستخدمها في الشتاء المقبل”.

مدافئ قشور الفستق

في محلٍ على أحد الطرقات العامة لبلدة “حزانو” شمالي إدلب، ينهمك عمال مهجرين من ريف حماة، في تصنيع المدافئ ووضع اللمسات الأخيرة على عدد منها. وتتألف كل مدفأة من أسطوانة طويلة، تُضرم فيها النيران، مثبتة على لوح مرتفع قليلاً عن الأرض، وملتصقة بصندوق مستطيل الشكل مصنوع من الألمنيوم، توضع فيه قشور الفستق ويكون موصولاً ببطارية سيارة.

تباع هذه المدافئ المُستحدثة بأسعار تتراوح من 100 دولار أمريكي حتى 225 دولار بحسب مواصفاتها بدءاً من جودة المدفأة إلى صندوق الحافظ للقشور ومحرك التشغيل ومنظرها الخارجي، وفقاً لصاحب هذه الورشة الشاب المهجر “محمد جدوع” من بلدة كفرزينا شمال غربي حماة.

“أبو وليد” أب لستة أطفال يعيش في تل الكرامة شمالي إدلب، قال لـ”صالون سوريا”: “نتيجة انقطاع مادة المازوت بحثنا عن بديل من أجل التدفئة، ولجأنا إلى مدفأة قشر الفستق، الأكثر صحيّة من باقي المدافئ، فهي لا تبعث روائح أو دخان، كما أنها أقل كلفة من المازوت غير المتوفّر حالياً”.

وتحتاج العائلة إلى أطنان من قشور الفتسق، وعن أسعار القشور يقول تاجر القشور ديب عبد الرحيم وهو من مدينة الأتارب غربي حلب، “إن سعر طن الواحد من قشر الفستق التركي الأول بلغ 250 دولاراً أمريكياً، والنوع الثاني 240، أمّا قشور البندق فبلغ سعر الطن الواحد 225 دولار، وقشور الكرز 220 دولار، أمّا سعر طن قشر المشمش فبلغ 255 دولار، إذ يتميز قشر المشمش بسمكه الذي يدوم أكثر داخل المدفأة”.

من جهته يجد نعيم الحسين من سكان بلدة الدانا شمالي إدلب، أنّ اللجوء إلى التدفئة بالحطب بديلاً أفضل من قشور الفستق، ويقول: “أنا أقوم بشراء الحطب غير المجفف في نهاية كل شتاء، ثم أقوم بتجفيفه بشكل مناسب خلال الصيف، لاستخدمه في الشتاء اللاحق”، ويبلغ سعر كيلو الحطب الزيتون والسنديان في الوقت الحالي 190 دولار أمريكي، بينما كان ربيع العام الماضي بـ 125 دولار.

ويشير نعيم إلى أن طنين من الحطب يكفيانه وعائلته المؤلفة من 6 أشخاص طوال فصل الشتاء.

الجانب الصحي ..غائب

الطبيب محمد عبيد المختص في أمراض الصدر في مركز عيادات بلدة معرمصرين شمالي إدلب يقول إن مواد التدفئة البديلة تحمل الكثير الأمراض في كل شتاء، وخصوصاً ما يتم استخدامه حالياً لدى الكثير من العائلات النازحة كإحراق البلاستيك وأكياس النايلون والألبسة المستعملة وحتى مدافئ الحطب.

ويقول د.عبيد: “استنشاق الأبخرة المنبعثة من هذه المواد لفترات طويلة يتسبب بأمراض إلتهاب الحنجرة والجيوب الأنفية، وقد تصل لدرجة الشعور بالغثيان والتعب وحتى الاختناق أيضاً، فضلاً عن تسببها بأمراض السرطان، ولعلّ أكثر المتضررين من ذلك هم الأطفال وخصوصاً حديثي الولادة، والأشخاص الذين يعانون من نقص المناعة وبعض الأمراض الأخرى”.

وخلال الشتاء الماضي وصل إلى مركز العيادات العديد من حالات الإختناق والأمراض التنفسية والصدرية جلهم من سكان المخيمات، ويستصعب شفائهم بشكل جيد لقضاء فترة العلاج في تلك الأماكن التي أصبحت ملوثة بشكل كبير.

مدير فريق “منسقو استجابة سوريا” المختص برصد حال النازحين والمهجرين محمد حلاج يقول لـ”صالون سوريا” إن “أبرز احتياجات النازحين في المخيمات، هو تأمين مواد التدفئة، بالإضافة لتأمين مدافئ جديدة أو استبدال القديمة منها بنسبة 56 بالمئة من اعداد النازحين في المخيمات، وتأمين عوازل مطرية جديدة للخيم بنسبة 85 بالمئة، وتسوية وعزل أراضي المخيمات بنسبة 92 بالمئة، ومستلزمات اخرى (ثياب شتوية، بطانيات،…)، بنسبة 84 بالمئة”.

مؤسسة البريد تعيش على المهام المالية

مؤسسة البريد تعيش على المهام المالية

مؤسسة البريد تعيش على المهام المالية

فرضت تقنيات وسائل التواصل الاجتماعي، وتداعيات الحرب نفسها بقوة على المؤسّسة السّوريّة للبريد، ما دفعها إلى إجراء انعطافه كبيرة في عملها، حيث أخذت على عاتقها القيام بالعديد من المهام المالية، دون أن تتخلى عن جوهرعملها في تقديم خدمات الرسائل، أو “البعائث” كما يسميها موظفو المؤسسة، للإشارة إلى إرساليات مؤسستهم، وهذا التغيير لم يطرأ على المؤسسة فحسب، وانما على جمهور المستفيدين/ات من خدماتها.

مع بداية الألفية، بدأت فكرة البريد والرسائل الورقية تختفى وتحل محلها مواقع التواصل الإجتماعي، بعد أن كانت الرسائل المكتوبة وسيلة التواصل الأكثر اعتماداً بين السوريين/ات الذين تفصلهم/ن المسافات.

إذ كانت العائلات السورية تنتظر رسائل الأقرباء والأصدقاء بالأيام والأشهر، وغالباً لا تصل هذه الرسائل بشكل مباشر بل بريد موجود في الصيدلية أو الدكان في الحي. اليوم أصبحت الرسائل الورقية شيئاً من الماضي تم الاستغناء عنه، وغابت الكتابة على الورق من يوميات السوريين والسوريات.

 من يدخل مبنى مؤسسة البريد في ساحة الحجاز وسط العاصمة دمشق، لن يرى أي أثر للرسائل القديمة المرصعة بالأختام والطوابع. الصور العائدة لربع قرن، وباب المؤسسة الخشبي الدوار، والزبائن الراغبين في ايداع رسائلهم عبر البريد العادي (محلي – دولي) لا وجود لها.

فالرسائل بمفهومها القديم، تكاد تختفي، والجمهور الذي كان يقصد المؤسسة لإيداع الرسائل، يأتي اليوم لاستلام راتب، أو حوالة بريدية، أو لإنجاز عمليات دفع، أو للحصول على وثائق.

هذا ما يؤكده أحد موظفي المؤسسة بقوله لـ”صالون سوريا ” :”في سياق إعادة طرح الهوية البصرية للمؤسسة، وعملية التسويق نقدم 20 خدمة جلها مالية، بالإضافة إلى خدمة البريد الحكومي.”

ويؤكد الموظف بأن الرسائل ماتزال موجودة، ولكن على نطاق ضيق، والرسالة كما يقول “تحمل مفهوما أشمل وأوسع من موضوع الاطمئنان والعلاقات الاجتماعية والمجاملات، فهذه انتهت مع وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة، لكن الرسائل بالمفهوم الاعم لازالت قائمة” مضيفاً “مراكز البريد منتشرة في كل المحافظات والمدن والمناطق السورية، و صناديق البريد موجودة، لكن الرسائل الشخصية لا تتجاوز 2%من مجموع البريد.”

الخدمات مالية

تتوزع خدمات مؤسسة البريد لأربعة أنواع؛ خدمات بريدية أساسية، البريد الحكومي، وهذا حصرا عن طريق المؤسسة، الناقل الحصري لبريد مؤسسات الدولة، والطرود البريدية.

إضافة للخدمات المالية من حوالات فورية، دفع التعويضات والمستحقات الماليّة للعسكريّين المسرحين، رواتب المتقاعدين عسكريين ومدنيين، خدمات التأمين والمعاش وتعويضات نهاية الخدمة، منح ورواتب ذوي الشهداء، حوالات المتفوقين، عمليات سحب وايداع، يانصيب، بطاقات صراف، وأقساط سكن.

وخدمات القيمة المضافة مثل تسديد أقساط الجامعة الافتراضية، وخدمات الوثائق وهي تشمل جميع وثائق النافذة الواحدة (بيان عائلي ،غيرموظف ،غير محكوم ،..الخ ).

وتعتبر الخدمـات التي تقدمها المؤسسـة جزءاً من نشاطها البريدي الذي تمارسه، فهي تقوم وعبر مكاتب بريد الطرود باستلام البضائع وشحنها إلى المحافظات، أو طلب سيارة شحن من أي مديرية بريد في المحافظة لنقل بضاعة أو أثاث ضمن شروط النقل في المؤسسة.

. كما تقوم ايضاً بخدمة ايصال الرواتب للراغبين في أماكن سكنهم مقابل عمولة 400 ليرة سورية،  أما فيما يخص التسوق الإلكتروني، فهو حسب أحد مسؤولي المديرية مختلف عن مفهوم البريد ، “فخدمات المؤسسة تتميز بالموثوقية، فهي جهة حكومية، وكل أعمالها تحظى بأثر قانوني.” بحسب قوله.

ويذكر أن المؤسسة العامة للبريد في سوريا أحدثت في العام 1975، وهي مؤسسة عامة ذات طابع خدمي واقتصادي ترتبط بوزارة الاتصالات والتقانة مركزها الرئيسي دمشق، ولها فروع ومكاتب وشعب في كافة مراكز المحافظات والنواحي.

وقد احتفل العالم  في 9 تشرين الأول/أكتوبر الجاري باليوم العالمي للبريد، وهو الذكرى السنوية لتأسيس الاتحاد البريدي العالمي في عام 1874 في العاصمة السويسرية برن.

مهرجان للرمان في بلدة دركوش في إدلب

مهرجان للرمان في بلدة دركوش في إدلب

نظّم المجلس المحلي هذا الشهر مهرجان “الرمان الخامس” في بلدة دركوش بريف إدلب الغربي، بمشاركة المزارعين والأهالي وممثلين عن هيئات المجتمع المدني وعدد من الناشطين والفنانين.

وتضمن المهرجان فعاليات ومسابقات عدّة في إطار دعم المزارعين وتسليط الضوء على ثمرة الرمان، وعادات المنطقة التي تشتهر بها بلدة دركوش، وكان أبرزها، إجراء مسابقات لاختيار أفضل منتوج من الرمان وتكريم المزارعين الفائزين.

وضم المهرجان أيضاً فعاليات وفقرات كرنفالية ومسرحيات قام الأطفال بتأديتها، ومعرضاً للمأكولات الشعبية، والأدوات اليدوية، ونشاطات عدّة فنية وشعبية كالرقصات والأمسيات الشعرية، كما كان هناك معرض لأعمال فنية انتجها مكفوفون/ات بمشاركة مركز “الأيادي المبصرة” لتأهيل المكفوفين في مدينة إدلب.

وتضمن المهرجان أيضاً سباقاً للزوارق، وعرضاً تمثيلياً عن نقل الجرحى عبر نهر العاصي وذلك بالتنسيق مع هيئات عدة في البلدة، وبحضور ما يزيد على 500 شخص.

يقول عبد الرؤوف القاضي وهو أحد المزارعين في البلدة: “إن مدينة دركوش تشتهر منذ القدم بزراعة الرمان، لأن نهر العاصي يمر بها، ولأن الرمان يحب الماء، ولهذا تصبح ثماره هنا من أفضل المنتوجات، إذ تكون الشجرة مشبعة بالمياه”.

أما عن المهرجان فيضيف عبد الرؤوف: “لقد أصبح أحد معالم البلدة وأصبحنا كمزارعين ننتظره في كل عام، لعرض ما لدينا من أصناف متنوعة من الرمان، وبمواصفات تضاهي جميع المناطق”.

من جهته يرى الحاج أبو قاسم، وهو مزارع أيضاً في البلدة ومشارك في المهرجان، أن هذا المهرجان يساعد المزارعين في التسويق وبيع الرمان “الذي نعتمد عليه نحن بشكل رئيسي كمورد أساسي لنا، فمن خلاله نُعيل عوائلنا” بحسب قوله، ويضيف أبو قاسم “بالطبع لو كان بإمكاننا تصدير الرمان لحصلنا على سعر أفضل من ذلك بكثير، وخاصة أن الموسم لدينا وحسب طبيعة الأرض مميز، ولكن ضعف سوق التصريف يؤدي لانخفاض سعره وعدم تصديره”.

من جهته، يقول التاجر وصاحب بستان رمان في البلدة إيهاب القاسم: “لقد كان هدفنا الأول من المهرجان تسليط الضوء على المنتج المحلي وعرضه وعرض أصنافه المتعددة والمتنوعة، خاصة أن الغالبية لا تعرف أنواع الرمان، فمن خلال المهرجان نركز على عرض الأصناف والمنتوجات وإظهار جودتها، بالإضافة لعرض بعض الأكلات الشعبية والتراثية، وعرض طريقة صناعة دبس الرمان المنتج في دركوش أيضاً، لأن هذا الموسم لا يُباع بأسعار تتناسب مع كلفة إنتاجه”.

وشارك في المهرجان أيضاً الفنانة سلام الحامض وهي رسامة تشكيلية، حيث عرضت خلال المهرجان لوحاتها والتي تضمنت قضايا عدّة كقضية المعتقلين والمهجرين، بالإضافة إلى المعالم الأثرية في سورية.

كذلك شارك فيه الفنان التشكيلي رامي عبد الحق والذي أكّد خلال حديثنا معه أن مشاركته تأتي من أجل إكمال المهرجان ليكون لوحة “فسيفسائية” متكاملة، ولتذكير الأهالي والزوار “بشهداء الثورة السورية” بحسب قوله.

وتشتهر بلدة دركوش بزراعة ثمرة الرمان بأنواعها المختلفة، وهي: “اللفان، العصفوري، الفرنسي، ناب الجمل، رمان القزم”، وكانت الزراعة تقتصر على أطراف البساتين كنوع من السياج، إلا أنه ومع دخول الصنف الفرنسي أصبح بالإمكان زراعة أشجار الرمان على مساحات واسعة، على اعتبار أن هذا النوع يتميز بإمكانية زراعته على مسافات متقاربة، عكس الأنواع الأخرى.