في طريقه للذهاب إلى ”ساحة الصبارة“، المجاورة لحي المالكي في العاصمة السورية دمشق، لا يهتم عادل وغيره من قاصدي المكان للتنظيم الراقي للأبنية والسفارات والوزارات والمصارف على جانبي شارع أبو رمانة المتصل بالساحة. تبدو الحارة وكأنها معزولة عن الحرب، نظراً لحالة الهدوء والأمان التي تعيشها المنطقة.
”هي فسحة سماوية“ بهذا يصف عادل الذي يعمل كمهندس برمجيات في إحدى الدوائر الحكومية ساحة الصبارة، التي يرتادها بشكل متكرر هو وأصدقاؤه دون انقطاع.
يقول عادل لـ “صالون سوريا”: “لا مكان أفضل لكي نجتمع أنا ورفاقي في كل الأوقات، ليلاً ونهاراً وبجميع الفصول، في هذا الهواء الطلق نسرد أخبارنا وقصصنا مع صحن من الفول النابت، وكأس مرقة الفول، أو بعض البطاطا الحلوة المشوية على الجمر في الشتاء، أما في الصيف فبالتأكيد صحن من الصبار أو البطيخ كفيل بأن يبرد لهيب حرارة الجو“.
ويقصد عادل وأصدقاؤه الساحة بعيداً عن حالة القلق عن تواتر انقطاع الكهرباء في بيوتهم.
يتوسط ساحة الصبارة دوار مروري، على يمنيه ويساره كشكان متقابلان مع طاولات كثيرة يبيعان الصبار والفول النابت والذرة والكستناء والبطاطا المشوية، حسب الموسم. يبدو كل شيء هنا خارجاً عن المألوف، فقط طاولات وكراسي بلاستيكية وبعض مشاتل الورود ولا غطاء إلا السماء وجنونها في فصل الشتاء الذي يشكل بحد ذاتها حالة مغرية للجلوس تحت أمطاره للكثيرين، كل ذلك بعيداً عن تقاليد وأعراف المطاعم الفاخرة التي لم يعد يرتادها إلا ميسوري الحال وقد أصبحوا قلة قليلة جداً، أما الحصة الأكبر في هذه الأماكن الغالية فهي من نصيب سادة الحرب، “ومن يدري، قد يأتي يوم يلتهمون فيه ساحة الصبارة نفسها”، يقول عبد السلام العكام في معرض حديثه ل “صالون سوريا” عن آخر مرة تمكن فيها من الجلوس بمطعم معروف.
حكايات الساحة
وكما الحكايات التي يتشاركها عادل مع أصدقائه في الساحة، قصص كثيرة يتردد صداها مع ذكريات من مروا/ن في هذه الساحة، وباحوا/ن لها بمكنوناتهم/ن و أسرارهم/ن وأحلامهم/ن قبل أن يغادروها/نها إلى غير رجعة، فقد شهدت الساحة على آلاف الأحاديث لرفاق ورفيقات اجتمعن/وا بها قبل أن يتفرقوا/ن كل منهم/ن إلى دولة ومكان، بعد أن أودت الحرب بالملايين بين قتيل وجريح ومفقود ومهاجر.
ميرنا سالم فنانة تشكيلية تجلس وحيدة على أحد الزوايا بجانب بسطة البائع، وأمامها طاولة عليها صحن فول وكأس مرقة الفول، تشيح بنظرها بعيداً غير مهتمة بحركة المارة أو بالجالسين حولها على الطاولات.
مضيفةً ”خالد خطيبي الذي لم يفارقني لحظة، وهذه الساحة شاهدة على كل ما بيننا من أسرار وأحلام استشهد بقذيفة هاون، أما محمد فلم يستطع تحمل ثقل الأيام وتبعات الحرب التي طالت كل نواحي الحياة، فقرر الرحيل وهاجر مع الكثيرين إلى ألمانيا أملاً ببناء مستقبل أفضل، بالنسبة لسلمى فربما حالفها الحظ هي الأخرى برجل تزوجته وذهبت لتسكن معه في السعودية، فلم يبقى غيري هنا”.
تستذكر ميرنا ليال كثيرة قضتها هنا مع أصدقائها، تشق ضحكاتهم/ن هدوء المنطقة، متجاهلة أصوات القذائف والمدافع التي كانت تكدر صفو المكان، والمسموعة من أرياف دمشق، تتنهد ميرنا وتقول:” يا ليت العمر لم يمض وليت الحال لم يتبدل، فقد فرقت الحرب مجموعتي المكونة من أربعة أشخاص، ولم يتبق غيري أنا أعيش على أطلال الذكريات الجميلة“.
ورغم البعد مازالت ميرنا على تواصل مع محمد وسلمى، ”وأحاديثنا تدور دائماً حول حفلات سمرنا هنا في ساحة الصبارة“ كما تقول.
تعتذر ميرنا عن الظهور في صورة نلتقطها للمادة مبررة ”مو حابة أتصور، بدي أتصور لما نجتمع كلنا هون من جديد”.
رحمة أسعارها
بالإضافة لخصوصية الاجتماعات والذكريات في الساحة، فهي تجذب روادها بمغريات أخرى كانخفاض تكلفة الجلوس فيها.
حامد شماس أستاذ جامعي جاء مع زوجته وولديه إلى الساحة لتناول الذرة والصبار، يروي لـ“صالون سوريا“: “لم يعد بقدورنا دفع فاتورة غداء أو عشاء أو حتى إفطار في مطاعم دمشق، أسعار الوجبات في المطاعم قفزت بشكل غير معقول، والحجة الدائمة صعود الدولار وقلة الموارد وصعوبة الاستيراد“.
كل هذا لم يجعل للأستاذ حامل وعائلته من متنفس إلا في هذه الساحة، فالأسعار هنا ”أرحم“ من أي مكان آخر بحسب تعبيره، ويضيف ” الصحن الواحد لمختلف ما يقدم هنا من الذرة أو الصبار أو الفول لا يتعدى الأربعة آلاف ليرة، وهذا مقبول بالنسبة للراتب الذي أتقاضاه من عملي، شو بدنا أحسن من هيك متل ما بقول المثل: في ومي ووجه حسن”، ينهي كلامه متأملا ضحكة زوجته.
شبح الغربة
كثرة مشاغل الحياة والركض سعياً وراء لقمة العيش، إضافة لعدم تزويد وسائل النقل العامة من مكيروباصات وسرافيس بمادة المازوت يومي الجمعة والسبت، جعلت من ساحة الصبارة تبدو فارغة في هذين اليومين، فبالطبع من لا يملك مالاً كافياً للذهاب إلى المطاعم والمقاهي، فمن أين يأتي به لدفع طلب سيارة أجرة قاصداً الساحة؟
يخيم السكون على البسطة والكراسي والطاولات الفارغة التي تمتد على جنبات الدوار لا يؤنسها إلا سيارات فارهة تمر بجانبها مرور الكرام.
زرع أبو أحمد أرضاً بمساحة عشرة دونمات بالقمح، لكن مع قلة الأمطار هذه العام، فإن الدونم الواحد لا ينتج أكثر من 50 كيلوغراماً قمحاً، “أي أقل من سنوات الخير السابقة“ بحسب قوله، في إشارة إلى سنوات الأمطار الوفيرة.
يقول أبو أحمد، وهو أحد مزارعي القمح في ريف القامشلي شمالي شرق سوريا: “إن الأراضي في غالبيتها بعلية وليست مروية، وتعتمد على الأمطار فقط، وهو ما يؤثر على الإنتاج؛ وفضلاً عن ذلك، فإن صعوبة حفر الآبار، وعدم وجود مصادر الطاقة، وارتفاع أسعار المحروقات كلها عوامل تؤثر على إنتاجية القمح”.
ويبيّن أبو أحمد أن نقص الأمطار هذا العام، وقلة الغطاء النباتي وتراجع إنتاج القمح، سيؤثر على الثروة الحيوانية التي يملكها المربون في المنطقة أيضاً، وربما يضطر بعضهم إلى بيعها بأسعار متدنية نتيجة قلة الأعلاف.
من جهته أوضح أحمد حميدي، رئيس دائرة المحاصيل الحقلية في مديرية الإنتاج النباتي بوزارة الزراعة في تصريح لوكالة الأنباء الرسمية (سانا) في شباط/فبراير 2022 أنه تمت زراعة 1,161,798 هكتاراً من محصول القمح في الموسم الحالي من إجمالي المخطط البالغ 1,503,068 هكتاراً وبنسبة تنفيذ 77%، منها 547,916 هكتاراً مروياً وبنسبة تنفيذ 91%، ونحو 613,882 هكتاراً بعلاً بنسبة تنفيذ 68%، لافتاً إلى أن المساحات المزروعة توزعت بشكل أساسي على الحسكة أولاً بنحو 324 ألف هكتار، فحلب بأكثر من 264 ألف هكتار.
وتراجعت المساحات المزروعة من القمح في مناطق الزراعة البعلية للعام الحالي بالمقارنة مع العام الفائت، كما أعلن مدير الإنتاج النباتي بوزارة الزراعة السورية، أحمد حيدر في حديث لإذاعة ”ميلودي إف إم“، المحلية في آذار/مارس 2022، وذكر حيدر أن المساحة المزروعة لهذا العام بلغت 1,2 مليون هكتار، في حين كانت 1,5 مليون هكتار نتيجة تأثر المناطق البعلية بتأخير الأمطار والإحجام عن الزراعة البعلية في بداية الموسم.
وبّين حيدر أن الاعتماد الأساسي في محصول القمح يكون على المساحات المروية، ولا يوجد فارق كبير في مساحتها المزروعة عن العام الفائت، مشيراً إلى أن تقديرات إنتاج الموسم في العام الماضي بلغت 1,9 مليون طن على مستوى كامل سورية، تسلمت منه المؤسسات الحكومية بحدود 435 ألف طن فقط.
ويذكر زكريا وهو من فلاحي ريف حلب لـ“صالون سوريا أن قلة الأمطار أثرت بشكل سلبي على الزراعة البعلية هذا العام، ولم تنتج أرضه نصف ما جناه في الموسم السابق، ويشتكي زكريا من ارتفاع التكاليف مقارنة بالأرباح المنخفضة، نتيجة غلاء أسعار المحروقات وأجور الزراعة والحصاد.
ويتشابه الأمر في أرياف إدلب ودرعا، كما وصف فلاحون يعتمدون على الزراعة البعلية، ويعتبر القمح من المحاصيل الاستراتيجية في البلاد، وتعتمد عائلات سورية تمتهن الزراعة عليه في تلبية احتياجاتها السنوية.
وبحسب تقرير خاص لبعثة منظمة الأغذية والزراعة (FAO) -مقرها روما-إلى سوريا لتقييم المحاصيل والإمداد بالأغذية في كانون الأول/ديسمبر 2021، أسفر شح الهطولات المطرية وسوء توزعها في الموسم الزراعي 2020/2021 الذي ترافق مع العديد من موجات الحر وارتفاع تكاليف المستلزمات، ومحدودية توافر المياه اللازمة للري، وكذلك ارتفاع تكاليف الوقود اللازم للضخ، عن تقلص المساحة المخصصة لزراعة الحبوب. أما إنتاج القمح في عام 2021 فقُدر بنحو 1.05 مليون طن، متراجعاً عن كمية 2,8 مليون طن المسجلة عام 2020، ليكون بذلك مجرد ربع المعدل المسجل قبل الأزمة (في المدة من 2002 حتى 2011) والبالغ 4,1 مليون طن.
وتسعى الحكومة السورية إلى شراء موسم القمح من منطقة الجزيرة، وحددت دمشق سعر شراء كيلو القمح من الفلاحين للموسم الحالي بسعر 1,700 ل.س، بمقابل منح مكافأة 400 ل.س لكل كيلوغرام يُسلّم من مناطق خارج سيطرة الحكومة ليصبح 2,100 ل.س.
وتستهلك سوريا 2,5 مليون طن قمح سنوياً، يؤمن جزء منه من الإنتاج المحلي، في حين يُستورد القسم الأكبر من روسيا، وصرح وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية محمد سامر خليل في كانون الثاني/يناير 2022 “أن سورية بحاجة إلى استيراد أكثر من 1,5 مليون طن من القمح سنوياً، يُستورد معظمها من دولة روسيا الاتحادية”؛ بحسب ما نقلت وكالة “إنترفاكس” الروسية للأنباء.
ويرى أستاذ اقتصاد في جامعة دمشق، فضل عدم ذكر اسمه، في لقاء مع ”صالون سوريا“ أن الإنتاج المنخفض المتوقع من محصول القمح هذا العام، سيؤدي إلى زيادة الاعتماد على الاستيراد في ظل تنامي الطلب على مادة الخبز، والمواد الغذائية الأساسية الأخرى المرتبطة بالقمح، كما إن فاتورة الاستيراد مرشحة للزيادة حكماً، وبالتالي فإن قيمة الدعم الحكومي ستزداد في ظل استمرار عملية دعم الخبز؛ ويترتب عليه أثران: أثر نقدي متمثل باستنزاف القطع الأجنبي، وأثر مالي متمثل بزيادة عجز الموازنة العامة للدولة، حسب كلام الأستاذ الجامعي.
وأسهمت الأزمة الاقتصادية المحلية؛ بالإضافة إلى انخفاض إنتاج مواسم القمح، في ارتفاع أسعار مادة الخبز، حيث نقلت وكالة ”سانا“ عن معاونة وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك رشا كركوكي في كانون الثاني 2022 قولها “إن السعر الحر للخبز يبلغ 1300 ل.س، في حين أن كلفته الفعلية التي تتحملها الدولة 1800 ل.س”؛ بينما وصل سعر ربطة الخبز السياحي (الوزن: كيلو غرام) في الأسواق إلى 3500 ل.س بزيادة 1000 ل.س عن آخر سعر لها، وتقنّن الحكومة مادة الخبر المدعوم والمحدد بـ 250 ل.س للربطة الواحدة عبر بيعها بموجب بطاقات ذكية للأسر السورية حسب عدد أفرادها.
ووفق برنامج الأغذية العالمي (WFP) في تشرين الثاني/نوفمبر 2021، بلغ عدد الأشخاص الذي يعانون من انعدام الأمن الغذائي في سوريا 12,4 مليون نسمة في أواخر عام 2020، أي 55% من السكان، بزيادة قدرها 57% مقارنة بعام 2019. وبحسب التقرير، ارتفعت أسعار الأغذية بنسبة 236% نهاية 2020 بالمقارنة مع السنة السابقة نتيجة تراجع قيمة الليرة السورية.
بعد 11 سنة على بدء الاحتجاجات واندلاع النزاع، وبعد أكثر من سنتين على ثبات خطوط التماس بين مناطق النفوذ الثلاث في البلاد، هل هناك تغيير محتمل؟ هل هو خارجي أم داخلي؟
حصلت تقلبات عسكرية وسياسية كثيرة في العقد الماضي. توسعت مناطق وتقلصت أخرى. ارتفعت توقعات وانخفضت أخرى، إلى أن استقر المشهد السوري على تقسيم البلاد إلى «دويلات» ثلاث: واحدة تحت سيطرة الحكومة بدعم روسي وإيراني، وثانية تحت إدارة «قوات سوريا الديمقراطية» الكردية – العربية بدعم التحالف الدولي الذي تقوده أميركا، وثالثة، تحت سيطرة فصائل مقاتلة وإسلامية وجيوب متطرفة بتأييد تركي.
الجمود على خطوط التماس بين «الدويلات» الثلاث، صار له أكثر من 27 شهراً، وهي أطول فترة تستقر فيها السيطرة الجغرافية منذ 11 سنة. وتقوم هذه المناطق على مدن وقرى وأحياء مدمرة، تغييرات ديموغرافية، نازحين ولاجئين. أكثر من 12 مليون شخص تركوا بيوتهم، هم نصف عدد السكان السوريين. أيضًا، هناك أكثر من سبعة ملايين شخص غادروا البلاد، بينهم أكثر من مليون إلى الدول الغربية.
سيل الهجرة، لم يتوقف وإن كانت أسبابه باتت اقتصادية وليست عسكرية أو سياسية. الجامع بين السوريين حيثما كانوا هو المعاناة من الأزمة الاقتصادية، حتى إن التطبيع العربي لم يحل مشكلتهم الاقتصادية، كما أن المدد الذي كان سيأتي به «أنبوب الغاز العربي»، تبدد طالما أن سيف «قانون قيصر» الأميركي والعقوبات الغربية قائمان، إلى حد أن البلاد غرقت قبل ايام في الظلام لساعات. هناك تعاون واتفاقات وتجارة وتفاهمات بين «الدويلات» الثلاث. والفاعلون في كل منها يتصرفون على أن الجمود مستمر إلى فترة طويلة، وأن «الفرج سيأتي من الغير”
هل من تغيير محتمل على هذه الصورة؟
الواضح، أن المعادلات استقرت على توازنات بعد مقايضات خارجية، ولم يعد السوريون قادرين على القيام بأي تغيير جوهري فيها. بالتالي، فإن التغيير الوارد، مصدره خارجي وهناك أربعة احتمالات آتية من أربع قوى عسكرية خارجية:
أولاً، تركيا: يتحدث المسؤولون الأتراك مراراً عن احتمال شن عملية عسكرية في شمال البلاد. هم يعتقدون أن الحرب الأوكرانية والصدام الروسي – الغربي فيها، أديا إلى تقوية أوراقهم التفاوضية في سوريا والإقليم. يحاولون الاستثمار في ذلك، عبر شن توغل يضعف أي كيان كردي محتمل على حدودهم الجنوبية شمال سوريا. هناك تركيز تركي على منبج الخاضعة لسيطرة حلفاء أميركا أو تل رفعت الخاضعة لسيطرة شركاء روسيا، إضافة إلى تصعيد شرق الفرات، الذي تسيطر عليه أميركا في شكل أعمق.
أي توغل تركي من دون تفاهمات من روسيا وشركائها وأميركا وحلفائها، سيؤدي إلى تغيير خطوط التماس، ويفتح الباب إلى تصعيد عسكري جديد. ما حدود التغيير؟ هل ستخلط الأوراق؟
ثانيًا، إيران: أمام انشغال روسيا في الحرب الأوكرانية، واحتمال امتداد تلك الحرب، تحاول إيران وغيرها ملء الفراغ في سوريا. تقابل إسرائيل ذلك بتكثيف عملياتها العسكرية ضد «أهداف استراتيجية إيرانية» في سوريا، وكان آخرها ضرب مطار دمشق الدولي وعزل العاصمة السورية عن العالم.
بالتوازي، مع هذا، فإن «حرب الظل» بين طهران وتل أبيب انتقلت إلى قلب إيران مع حديث إسرائيلي عن استراتيجية «رأس الأخطبوط». إلى أي مدى يبقى التصعيد الإيراني – الإسرائيلي في سوريا، مضبوطاً من روسيا؟ هل تتحول سوريا إلى ساحة لصدام مباشر واحتمال شن إيران هجمات «مسيرات» من الأراضي السورية؟
ثالثًا، روسيا: هناك اتفاق «منع صدام» بين الجيشين الروسي والأميركي منذ منتصف 2017، غرب نهر الفرات لموسكو، شرق الفرات لواشنطن. حصلت بعض المناوشات، لكن استراتيجياً كان هناك التزام بالاتفاق. الجديد، أنه أمام التصعيد بين الطرفين في أوكرانيا، بدأت روسيا تختبر الأميركيين عسكرياً في سوريا سواء فوق قاعدة التنف جنوب شرقي سوريا أو شمالها. إلى أي حد يبقى التوتر مضبوطاً بينهما؟ هل تتحول سوريا ساحة للانتقام سواء من أميركا أو روسيا؟
رابعاً، أميركا: منذ وصول الرئيس جو بايدن، استقر الوجود العسكري الأميركي في سوريا خصوصاً بعد «الإهانة الأفغانية»، على عكس ما كان عليه الحال زمن إدارة الرئيس دونالد ترمب، عندما كان وجود جيشه وجيوش حلفائه رهن تغريدة. هل يبقى قرار بايدن صامداً أمام مغامرات الرئيس المجروح فلاديمير بوتين؟ هل تتغير الأمور بالانتخابات الرئاسية المقبلة بعد نحو سنتين؟
يعرف السوريون، معظمهم أو بعضهم، أنهم خارج اللعبة والقرار في بلادهم، وأن سوريا تحولت من لاعب إلى ملعب. كل طرف منهم يراهن على مفاجأة يحملها حليفه العسكري الخارجي، وعلى نكسة تضرب خصمه المحلي بأدوات خارجية. بين الضربة والنعمة، يسهر السوريون في قعر المعاناة وينامون في الظلام… بانتظار الفرج.
لم تستطع فاطمة حميدان العشرينية أن تحتمل نظرات المجتمع ”الدونية“ لها، ومعاملة أهلها السيئة بعد طلاقها من زوجها، ما دفعها للانتحار بتناول حبة غاز” فوستوكسين” بعد مرورها بأزمة نفسية حادة، وذلك بتاريخ ٢٥ مارس/ آذار ٢٠٢٢.
جارتها سهيلة البيوش (٣٥ عاماً) قالت لـ“صالون سوريا“ أن الشابة فاطمة نازحة من مدينة كفرنبل إلى مخيمات باريشا شمال إدلب، يتيمة الأب والأم وتعيش في منزل أخيها، وكانت تشكو المعاملة السيئة من الأقارب والمجتمع المحيط بعد طلاقها من زوجها، الذي حرمها من كافة حقوقها وطردها من حياته خالية الوفاض.
وتضيف البيوش ” كانت تشعر بالظلم والإهمال والتهميش، وقلما تخرج من خيمتها، ودائمة الشرود والبكاء“، ولكنها لم تكن لتتخيل أن تكون فاطمة عازمة على الانتحار.
حالة فاطمة ليست الوحيدة التي سمع عنها أهالي الشمال السوري مؤخراً، حيث تكررت حوادث الانتحار بين النساء في إدلب وشمال غرب سوريا نتيجة عوامل عدة، أهمها الضغوطات النفسية الناجمة عن حالات التفكك الأسري، الطلاق، انهيار الوضع الاقتصادي وخاصة بعد انهيار الليرة التركية أمام الدولار الأمريكي، الذي خلف فوارق كبيرة في أسعار المواد الأساسية وارتفاع نسبة البطالة.
ففي ٢٢ شباط/ فبراير ٢٠٢٢ أقدمت فتاتان مراهقتان على الانتحار في مدينة الفوعة التابعة لمحافظة إدلب، لم يُعرف السبب بشكل محدد، لكن الأحاديث المتناقلة أشارت إلى الظروف المعيشية القاسية، وحالة اليأس التي تمر بها الكثير من الفتيات بعد القضاء على أحلامهن الدراسية وحياة الفقر والنزوح والتشرد التي يواجهنها.
وتتراوح أعمار الفتاتين بين ١٣-١٥ عاماً، وهما نازحتين من مدينة خان شيخون جنوب إدلب، ولقت إحداهما حتفها على الفور بعد تناولها حبة غاز، بينما نقلت الأخرى إلى إحدى المشافي القريبة في محاولة لانقاذها دون جدوى.
صديقة إحدى الفتاتين وتدعى ريم السلوم (١٧ عاماً) قالت إنها كانت على علم بنية صديقتها بالانتحار لكنها لم تصدق في بادئ الأمر، ”اعتبرته كلام وحسب يعكس تمرد صديقي على وضع عائلتها المادي السيئ، وحرمانها من تعليمها، وعدم السماح لها بالخروج من المنزل خوفاً من الأوضاع الأمنية المتدهورة“ بحسب قولها.
ولم تمر ستة أشهر، وتحديداً في تاريخ ٢٤ أيلول/ سبتمبر ٢٠٢١ أقدمت روعة الحسين (١٩ عاماً) على شنق نفسها، وتنحدر روعة من قرية كنصفرة، وهي أم لطفلة وكانت تعيش مع عائلة زوجها بعد نزوحهم إلى إدلب المدينة، وقالت مصادر مقربة من أهل الزوج أن الفتاة كانت تعاني أزمة نفسية حادة، على إثر تكرر المشاكل العائلية مع زوجها وأهله، وهو ما أفضى لانتحارها في نهاية المطاف.
المرشدة الاجتماعية أمل الزعتور (٣٥ عاماً) تقول ”أنه يصعب توثيق جميع حالات الانتحار في المنطقة، وسط إخفاءها من قبل الأهل لتجنب الوصمة الاجتماعية“، بينما تسود توقعات بأن الأعداد الحقيقية تفوق أضعاف ماتم توثيقه.
وترجع المرشدة الزعتور أسباب انتحار فتيات ونساء في إدلب إلى خيبة الأمل والضغوطات النفسية المتراكمة، والحالة المعيشية المزرية التي يعيشها السواد الأعظم من المدنيين، وسط الفقر والنزوح والغلاء وانعدام الفرص وضعف القطاع التعليمي، يضاف إلى ذلك ”المشاكل العائلية، وزيادة وتيرة العنف القائم على النوع الإجتماعي، الذي يضع المرأة دائماً موضع الضعيف ومن عليه تحمل كل تلك التبعات“ كما تقول.
وتضيف الزعتور “لا بد من مد يد المساعدة إلى تلك الحالات التي اصطدمت بواقع مؤلم وشعرت بالعجز عن تحسين واقعها، وتعزيز العامل الديني والأخلاقي في المجتمع، ومحاولة التخطيط للمستقبل وفق الإمكانيات المتاحة وخاصة في مخيمات النزوح، حيث الأوضاع الإنسانية المتدهورة والافتقار لأدنى مقومات الحياة”.
وبهذا الصدد، أطلقت منظمة “إحسان للإغاثة والتنمية” مبادرة توعوية بالتعاون مع منظمة “أنقذوا الأطفال الدولية”، تضمنت ندوات وورشات عمل في مدينة سلقين بريف إدلب.
ورفعت المبادرة شعار “كلمات قليلة تصنع فرقاً.. لنعمل معاً على الحد من الانتحار”، والتي ألقت الضوء على موضوع الانتحار وسعت إلى تقديم أساليب للوقاية منه.
وعن هدف المبادرة قال خالد فتال مسؤول البرامج في المنظمة ”هو إيصال رسالة مفادها أن المجتمع قادرعلى التأثير ومد يد المساعدة للأشخاص اليائسين ولو بكلمات قليلة“.
وتضمت المبادرة التوعوية، التي شارك بها أطباء وأستاذة وقضاة وبعض المختصين والعاملين في الشأن الإغاثي-الإنساني، تقديم “خدمات نفسية” لجميع المحتاجين لها.
وشددت على ضرورة الاهتمام بالصحة النفسية، باعتبارها لا تقل أهمية عن الصحة الجسدية، وقدمت نصائح ومبادئ توجيهية للإسعافات الأولية للانتحار قبل وقوعه بحسب الفتال.
ووثق فريق “منسقو استجابة سوريا ” تسجيل حالات انتحار جديدة في محافظة إدلب وريفها ومناطق من ريف حلب الشمالي، ليصل عدد محاولات الانتحار التي شهدتها هذه المناطق إلى 33 حالة منذ مطلع 2022 الحالي.
وبحسب بيان للفريق، الأحد 5 من يونيو/ حزيران، أدت 26 حالة من محاولات الانتحار إلى الوفاة، كان من بين أصحابها تسعة أطفال وعشر نساء، بينما فشلت سبع محاولات، من بينها حالات لأربع نساء.
“أصبحت أعيش على هامش الحياة بعد الإعاقة، وأقصى أحلامي العودة للمشي من جديد، دون أن أطلب المساعدة من أحد” تقول سوسن التناري (31 عاماً) النازحة من مدينة معرة النعمان إلى مخيم في بلدة “كللي” بريف إدلب الشمالي، التي حكم عليها أن تبقى أسيرة كرسيها المتحرك بقية حياتها، فهو وسيلتها الوحيدة في الحركة والتنقل من مكان إلى آخر، بعد تعرضها لشظية قذيفة في منطقة الظهر، وحول ذلك تقول لصالون سوريا: “أحتاج عدة عمليات جراحية على أمل الشفاء، لكنني أعجز عن دفع تكاليف العلاج .”
تعاني نساء في إدلب من بتر الأطراف والإصابات الناجمة عن القصف العشوائي وانتشار السلاح، ورغم أنّ جميع فئات المجتمع عرضة لهذه المعاناة، إلا أن المجتمع المجحف والنظرة الدونية للمرأة وتغييب دورها وانتقاص حقوقها، تجعل حياة النساء اللواتي يتعرضن للإعاقة أكثر صعوبة وتعقيداً.
بحزن كبير تستذكر التناري لحظة إصابتها فتقول: “بشهر نوفمبر من عام 2019 كنت في طريق عودتي من مكان عملي إلى المنزل، حين سقطت قذيفة على مقربة مني، فاستقرت إحدى شظاياها في عمودي الفقري وتسببت لي بالشلل .”
وتلفت التناري أنها خسرت عملها وكل أمل بعيش حياة طبيعية، وتضيف: “كنت أرعى أطفالي الثلاثة الأيتام، وأؤمن نفقات المنزل من مردود عملي كمعلمة، ولكن بعد إصابتي اضطررت للانتقال للعيش مع والدتي المسنة التي ترعاني مع أطفالي، وأصبحنا جميعاً ننتظر المساعدة من أهل الخير لنؤمن مصروفنا ونبقى على قيد الحياة .”
كما تعجز معظم مصابات الحرب عن تأمين أطراف صناعية بسبب تردي أوضاعهن المادية، وغياب أي جهة أو منظمة تهتم بتقديم أطراف صناعية مجانية لمصابات الحرب وتهتم بهن وترعى شؤونهن .
مريم المعمار (28 عاماً) من مدينة سرمين، أم لطفلين، لم تتمكن من تأمين ثمن طرف صناعي سفلي، بسبب سوء أحوالها المعيشية، وعن ذلك تقول: “فقدت قدمي اليمنى بشظية برميل متفجر منذ خمس سنوات، وبعد انتظار دام قرابة سنة حصلت على طرف صناعي، محلي الصنع من جمعية خيرية، لكنه تسبب لي بآلام كثيرة، ولم يساعدني على المشي، لذلك تخليت عنه وعدت للسير بمساعدة العكازين .”
وتشير المعمار أن معاناتها لم تقف عند حدود الإعاقة، حيث زاد معاناتها عدم تقبل زوجها وأهله لإعاقتها، فعمد لهجرها والزواج من امرأة أخرى، وعن ذلك تضيف بعيون دامعة: “أحاول أن أرعى أولادي وأقوم بواجباتي كأم، ولكن أكثر ما يؤلمني هو تخلي زوجي عني، علماً أنه لو كان مكاني، ما كنت لأتخلى عنه مهما كانت الظروف .”
الشابة رولا السلوم (19 عاماً) نازحة من بلدة خان السبل إلى مدينة حارم، كانت تفضل الموت على إكمال حياتها مبتورة القدمين، وعن معاناتها تقول: “غارة من الطيران الحربي كانت كفيلة بقلب حياتي إلى جحيم وتدمير مستقبلي، حيث أدت لمقتل والدي وبتر قدمي .”
وتضيف: “لم يعد لحياتي معنى، فقد كنت سابقاً مقبلة على الحياة ومفعمة بالنشاط والحيوية، وأسعى للتفوق وإكمال الدراسة، ولكنني اليوم منطوية ومنكسرة، وأخشى الخروج من المنزل خوفاً من رؤية الشفقة والانتقاص في عيون الناس، فهي تذكرني بما وصلت إليه من عجز وبؤس وشقاء .”
وتلفت أنها محملة بذكريات مريرة، وأحلام مقيدة بمواصلة التعليم والعودة للاندماج بالمجتمع بفعل غياب الدعم، وضعف الإمكانيات، وحاجتها الماسة لكرسي كهربائي متحرك، يمكّنها من الذهاب للمدرسة، ثم تضيف بصوت خافت: “حتى لو أتممت دراستي مَن سيوظف معاقة مثلي! .”
من جهتها المرشدة النفسية علا خمورة(33 عاماً) من مدينة إدلب تتحدث عن معاناة النساء ذوات الإعاقة بالقول: “شكلت الإعاقة نقطة تحول قاسية في حياة الكثيرين، وخاصة النساء اللواتي يقع على عاتقهن مهمة رعاية الزوج والأولاد، وتحديات وأعباء كثيرة في ظل محدودية مراكز الرعاية والتأهيل الخاصة بهن، والنظرة القاصرة التي تنحصر بين الشفقة والسخرية، لذا يزداد شعورهن بالقلق والإحباط وفقدان الثقة بالنفس، إلى جانب العزلة والانطواء وتراجع المستوى الدراسي والعملي، والفشل في تكوين علاقات جيدة مع الآخرين، فضلاً عن الإحساس بالشفقة على الذات والغضب والانفعال المستمر . “
وأكدت الخمورة أن غالبية النساء لا يحصلن على الحد الادنى من الحقوق، وينعدم لديهن أي حافز للتحدي وإثبات الذات، نتيجة لثنائية التهميش الناتج عن الإعاقة من جهة والنظرة السلبية للمرأة في المجتمع من جهة أخرى، لذا أوصت بضرورة توفير الرعاية الصحية والتعليم وتحسين المعيشة من خلال محاربة الفقر، والتدريب والتأهيل والعمل، وتوزيع الأخصائيين النفسيين والاجتماعيين على كل المراكز والجمعيات والمخيمات التي تتواجد فيها النساء ذوات الإعاقة، للتعرف على أفضل الأساليب في التعامل معهن وجعلهن ناجحات ومنتجات وواثقات، فضلاً عن توفير العلاج اللازم، وتردف قائلة: “هؤلاء النساء بحاجة إلى فرص فقط، لا إلى شفقة.”
سلبت الحرب أجزاء من أجسادهن ليعانين الأمرين في محاولة التأقلم مع الإعاقة والالتزام بمسؤولياتهن وأعباء الحياة المضاعفة رغم الظلم والإقصاء وإجحاف المجتمع .
بعد أن حلّت أسوأ أزمات الكهرباء نتيجة شح وصعوبة تأمين موارد الطاقة اللازمة لتشغيل المحطات الكهربائية بأنواعها المختلفة، بدأت “الأمبيرات” تنتشر في محافظة حلب، و امتدت إلى محافظات جديدة تحت وطأة زيادة ساعات التقنين، رغم عدم حصولها على ترخيص قانوني حتى اليوم.
يقول نور من سكان حي الحمدانية في حلب لـ”صالون سوريا”: إن ساعات التغذية الكهربائية لا تزيد في كثير من الأحيان عن ساعتين فقط، مع تحسن في يومي الجمعة والسبت بشكل طفيف؛ إذ تصل إلى ساعتي تغذية كل 4 ساعات في فصل الربيع”، هذا ما دفع حيّه وأغلب أحياء المدينة تقريباً لاستخدام نظام “الأمبيرات” لتوفير الكهرباء اللازمة للمنازل. كذلك تفعل المحلات التجارية في الأسواق، وهو مصدر طاقة كاف لتشغيل الإنارة وبعض الأدوات الكهربائية البسيطة، مثل: التلفاز.
جورج وهو من سكان حي الميدان بحلب في نظام “الأمبيرات” منذ سنوات مقابل 60 ألف ل.س شهرياً (حوالي 23,8 دولاراً أمريكياً حسب النشرة الرسمية لمصرف سورية المركزي).
ويبلغ سعر “الأمبير” الواحد ما بين 8 إلى 10 آلاف ل.س أسبوعياً حسب كل منطقة، وتحتاج العائلة إلى 2 أمبير على الأقل، وبذلك تنفق نحو 16 إلى 20 ألف ل.س (حوالي 8 دولارات) بشكل أسبوعي، ويغطي “الأمبير” عموماً الفترة المسائية من الساعة الرابعة مساء حتى منتصف الليل بمعدل 8 ساعات يومياً، في حين توفر “الأمبيرات” الصناعية 13-14 ساعة تغذية للفعاليات التجارية، لكن بسعر أعلى من المنزلي.
ولم يحصل نظام “الأمبيرات” على ترخيص قانوني في البلاد، كما نفى وزير الكهرباء غسان الزامل في تصريح نشر على وكالة الأنباء السورية في تشرين الثاني/نوفمبر 2020 مناقشة أي مشروع لـ”الأمبيرات” في دمشق وريفها، مؤكداً أن وزارته “صاحبة الحق الحصري في توزيع الكهرباء”.
ويتشابه واقع الكهرباء في الريف الدمشقي مع حلب، حيث لا تتجاوز عادة ساعات التغذية الكهربائية 4-5 ساعات يومياً، ما أجبر الأهالي وبعض أصحاب المحلات التجارية على تأمين بدائل، مثل: المولدات التي تعمل على البنزين أو المازوت، ومؤخراً الاشتراك في نظام “الأمبيرات” لأنه أقل كلفة.
أحمد وهو من سكان معضميّة الشام، اشترك مؤخرا في نظام “الأمبيرات” الذي دخل إلى المدينة في الأشهر الماضية. عن تجربته يقول لـ”صالون سوريا”: “بلغت كلفة تركيب الكابلات والساعة الكهربائية وأجور العمال نحو 350 ألف ل.س، تحسب التكلفة الأسبوعية على أساس حجم الاستهلاك مهما بلغ، استعمل كهرباء الأمبير من أجل الإضاءة وشحن الهواتف فقط “.
ودخلت “الأمبيرات” محافظة طرطوس على غرار محافظات أخرى في ظل الانقطاعات الطويلة للتيار الكهربائي، وأكد مدير عام كهرباء طرطوس عبد الحميد منصور لصحيفة “الوطن” المحلية في كانون الأول/ديسمبر 2021 أن الشركة ترفض ترخيص عمل هذه “الأمبيرات”، وهي ممنوعة لعدم وجود أي بند في قانون الاستثمار يشرع عملها، مضيفاً أن 10 مولدات “أمبير” تعمل في مدينة طرطوس من دون رخص قانونية.
وتناقلت وسائل إعلام محلية أنباء عن دراسة تجريها لجان رسمية في محافظة حماة لاستثمار مولدات أمبير في المدينة.
وذكر مدير التخطيط والتعاون الدولي في “وزارة الكهرباء” أدهم البلان في تصريح لصحيفة “الوطن” المحلية في تشرين الثاني/نوفمبر 2021 أن القطاع الصناعي يستهلك نحو 500 ميغاواط يومياً، وبالتالي يستحوذ على 25% من الطاقة الكهربائية المتاحة حالياً، وتقدر بـ 2000 ميغاواط.
وبلغت الخسائر المباشرة وغير المباشرة لقطاع الطاقة الكهربائية في سورية نحو 6 مليارات ل.س (حوالي 2,4 مليون دولار)، وانخفض إنتاج الكهرباء من 49 مليار كيلو واط ساعي في عام 2011 إلى نحو 19 مليار كيلو واط ساعي عام 2016، ثم عاد للنمو، حيث وصل في عام 2020 إلى 27 مليار كيلو واط ساعي، بحسب تقرير صدر عن “وزارة الكهرباء” في آب/أغسطس 2021.
وصرح رئيس مجلس الوزراء حسين عرنوس مؤخراً أن واقع الكهرباء في سورية سيشهد تحسناً ملحوظاً خلال النصف الثاني من عام 2022، وذلك بعد تأهيل ووضع عدد من مشاريع ومحطات توليد الكهرباء بالخدمة والاستثمار.
وتعمل “وزارة الكهرباء” على إنشاء مشاريع أو تسهيل الاستثمار في الطاقات المتجددة للتخفيف من استهلاك الطاقة التقليدية، وبخاصة من قبل القطاع الصناعي، لكن مساهمة هذه المشاريع في المنظومة الكهربائية ما زالت ضعيفة نسبياً.