سوريا في “الفخ” الأميركي – الإيراني

سوريا في “الفخ” الأميركي – الإيراني

أظهرت وثيقة أميركية لـ«استراتيجية جديدة» تحول سوريا إلى ساحة للصراع الإقليمي والدولي خصوصاً ما يتعلق بـ«تقليص» نفوذ إيران والتجاذب الأميركي – الروسي، مع تراجع البحث الجدي عن حل سياسي وفق صيغته السابقة القائمة على «الانتقال السياسي» أو «تلبية تطلعات الشعب السوري».

وإذ يواصل المبعوث الدولي غير بيدرسن مساعيه لإبقاء عجلة البحث عن تسوية سياسية من بوابة مسار جنيف عبر تشكيل لجنة دستورية والاتفاق على قواعد العمل وتقديم مقاربة شاملة لتنفيذ القرار 2254، فما زال اعتقاد اللاعبين الدوليين والإقليميين بضرورة ترك المسار السياسي حياً إلى حين نضوج المحاصصة الخارجية في المسرح السوري المرتبط أصلاً بعلاقات استراتيجية أكبر بين اللاعبين. وحاول بيدرسن البناء على ذلك عبر اقتراح تشكيل منصة جديدة تجمع «ضامني آستانة» (روسيا وإيران وتركيا) مع «المجموعة الصغيرة» التي تضم أميركا وبريطانيا وفرنسا ودولا عربية بعد إضافة الصين، لكنه صدم بالتوتر بين أميركا وإيران.

كان لافتاً أن رسالة رفعها 400 عضو (من أصل 535 عضوا) من مجلس النواب والشيوخ «الديمقراطيين» و«الجمهوريين» إلى الرئيس دونالد ترمب لإقرار «استراتيجية جديدة» حول سوريا تبين مدى تراجع الاهتمام بالشأن الداخلي السوري، بل إن الرسالة التي تقع في ثلاث صفحات خلت من أي إشارة إلى القرار 2254 أو الحل السياسي. وجاء في الرسالة: «يتسم الصراع السوري بدرجة كبيرة من التعقيد، كما أن الحلول المحتملة المطروحة لا تتسم بالمثالية، ما يبقي خيارنا الوحيد هو تعزيز السياسات التي من شأنها الحد من التهديدات المتصاعدة ضد مصالح الولايات المتحدة، وإسرائيل، والأمن والاستقرار على الصعيد الإقليمي في المنطقة، وتتطلب هذه الاستراتيجية توافر القيادة الأميركية الحازمة… مع التهديدات التي يجابهها بعض من أوثق حلفائنا في المنطقة».

أربعة تهديدات

ما التهديدات الآتية من سوريا بحسب رسالة غالبية أعضاء الكونغرس؟

أولاً، الإرهاب، جاء في الرسالة أن «جيوب المساحات غير الخاضعة لحكومة من الحكومات سمحت لكثير من الجماعات الإرهابية، مثل (داعش) و(القاعدة) وما يتفرع عنهما من جماعات أخرى، بالاحتفاظ بأجزاء من الأراضي السورية تحت سيطرتهم». ورغم أن الهدف المعلن الرئيسي لعناصر هذه التنظيمات هو القتال داخل سوريا، فإنهم «يحافظون على قدراتهم وإرادتهم للتخطيط وتنفيذ الهجمات الإرهابية المروعة ضد الأهداف الغربية، وضد حلفائنا وشركائنا، وضد الولايات المتحدة الأميركية نفسها».

ثانياً؛ إيران، إذ أشار المشرعون إلى أن منطقة الشرق الأوسط «تشهد زعزعة لاستقرارها وأمنها بسبب تصرفات النظام الإيراني الباعثة على التهديد. حيث تعمل إيران في سوريا جاهدة على إقامة وجود عسكري دائم من شأنه أن يهدد حلفاءنا في المنطقة»، إضافة إلى «استمرار إيران في برنامجها الهادف إلى إقامة طريق سريعة مباشرة من إيران (عبر سوريا والعراق) حتى لبنان. ومن شأن تلك الطريق أن تسهل على إيران إمداد (حزب الله) اللبناني، وغيره من الميليشيات الموالية لإيران، بالأسلحة والذخائر الفتاكة». كما أشارت إلى أن «النظام الحاكم في طهران يواصل توسيع نفوذه محاولا زعزعة استقرار وأمن دول الجوار لخدمة أغراضه ومصالحه الخاصة».

ثالثاً؛ روسيا، إذ نصت الرسالة على أنها على غرار إيران «تواصل العمل كذلك على تأمين وجودها الدائم في سوريا، لما وراء القاعدة البحرية التي تسيطر عليها في طرطوس. وتمكنت روسيا من تغيير قوس الحرب الأهلية في سوريا على حساب الشعب السوري صاحب الأرض مستعينة في ذلك بالقوات والطائرات الروسية، وبالحماية الدبلوماسية الرامية إلى ضمان بقاء نظام الأسد على رأس السلطة». واعتبرت أن تزويد دمشق بالأسلحة المتطورة مثل منظومة «إس – 300» «يعقد القدرات الإسرائيلية للدفاع عن نفسها ضد الأعمال العدائية المنطلقة من الأراضي السورية، وإن الدور الروسي المزعزع للاستقرار يكمل نظيره الإيراني سواء بسواء – حيث إنه لا يبدو لدى روسيا أي استعداد يذكر لاستبعاد القوات الإيرانية خارج سوريا».

رابعاً؛ «حزب الله»، إذ إنه يشكل، بحسب الرسالة «أبلغ التهديدات على أمن إسرائيل. ووجه (حزب الله)، انطلاقا من لبنان، أكثر من 100 ألف صاروخ وقذيفة ضد إسرائيل من الأنواع التي تتميز بالدقة الفائقة والمدى الطويل، الأمر الذي يمنح الحزب القدرة على توجيه الضربات في أي مكان داخل إسرائيل»، إضافة إلى أنه «متهم بقتل خمسة جنود أميركيين في العراق، ويعمل الآن على إنشاء شبكة على الحدود بين إسرائيل وسوريا».

ثلاث خطوات

وبعد تحديدها لـ«التهديدات» الآتية من سوريا، فإن الرسالة «حثت» الرئيس ترمب على تبني «استراتيجية» تتضمن ثلاثة عناصر، هي:

أولاً: «حق إسرائيل في الدفاع عن النفس»، إذ أشارت إلى أنه «نظرا للأوضاع شديدة التقلب في الشرق الأوسط، فلا يزال من الأهمية بمكان التأكيد للصديق والعدو في المنطقة أننا لا نزال ندعم حق إسرائيل في الدفاع عن النفس»، إضافة إلى تنفيذ «مذكرة التفاهم ذات العشر سنوات بين الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل والرامية إلى ضمان وصول إسرائيل إلى الموارد والمواد التي تحتاج إليها للدفاع عن نفسها في وجه التهديدات التي تجابهها على طول حدودها الشمالية».

ثانياً: الضغط على إيران وروسيا في سوريا، واقترحت «الخطة» الأولية على إدارة ترمب «العمل مع حلفائنا وشركائنا لزيادة الضغوط على إيران وروسيا بغية تقييد أنشطتهما المزعزعة لأمن واستقرار المنطقة» وبين ذلك مواصلة الجهود الاقتصادية والدبلوماسية لـ«مواجهة الدعم الإيراني لـ(حزب الله)، والجماعات الإرهابية الأخرى، فضلا عن الدعم الروسي المباشر لنظام (الرئيس) بشار الأسد الاستبدادي». وتابعت أن التصرفات الأميركية الواضحة والمستدامة «جنبا إلى جنب مع التنسيق المكثف مع الحلفاء والشركاء، من شأنه أن يبعث برسالة قوية ومهمة حول العزم الأميركي ضد الجهات المستفيدة من ضرب الأمن والاستقرار في المنطقة».

ثالثاً: زيادة الضغط على «حزب الله»، عبر التنفيذ الكامل والقوي لقانون منع التمويل الدولي للحزب الصادر عام 2015، ومذكرته التعديلية الصادرة عام 2018، بحسب الرسالة، التي أضافت أن «العقوبات التي تستهدف (حزب الله) ومن يشرفون على تمويله تمكن (واشنطن) من الإقلال من قدراته على تهديد وتحدي إسرائيل والضغط على (قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان) (يونيفيل) لتنفيذ تفويض مجلس الأمن الدولي بالتحقيق في والإبلاغ عن الأسلحة والأنفاق التي يُعثر عليها عبر الحدود اللبنانية مع إسرائيل».

عشرة إجراءات

بحسب مصادر دبلوماسية غربية، فإن الخطة التي تتبناها الإدارة الأميركية التنفيذية حالياً، تتضمن عشر خطوات تنفيذية بهدف الوصول إلى «حكم جديد في سوريا بسياسة جديدة مع شعبه ومع جواره»، وتتضمن: أولا، البقاء في شمال شرقي سوريا عبر التنسيق مع دول أوروبية بحيث يكون الانسحاب الأميركي وتقليص عدد الألفي جندي متزامنا مع نشر قوات أوروبية تعوض النقص. ثانيا، منع إيران من ملء الفراغ في شرق نهر الفرات حيث تقيم «قوات سوريا الديمقراطية» الكردية – العربية التي تضم 60 ألف مقاتل بغطاء من التحالف الدولي الذي يضم 79 دولة. ثالثاً، تمديد اتفاق مذكرة «منع الصدام» بين الجيشين الأميركي والروسي في أجواء سوريا. رابعا، دعم الحملة الإسرائيلية في ضرب «مواقع إيران» و«حزب الله» لالتزام «الخطوط الحمر» في سوريا، خامساً، التنسيق الأميركي – الأوروبي في فرض عقوبات اقتصادية على الحكومة السورية ومؤسساتها وشخصيات مقربة منها. سادساً، الضغط على الدول العربية لمنع التطبيع الثنائي (بين الدول) والجماعي (عبر الجامعة العربية) مع دمشق. سابعاً، تجميد المساهمة في تمويل إعمار سوريا قبل تحقيق المعايير السابقة (المبادئ ومعالجة التهديدات) وفرض عقوبات على رجال أعمال سوريين منخرطين في مشاريع الأعمار (كما حصل في القائمة الأوروبية الأخيرة، حيث ستصدر قائمة جديدة قريبا). سابعاً، منع إعطاء شرعية إلى الحكومة السورية في المؤسسات الدولية والدول الغربية والعربية. ثامناً، الضغط على الدول المجاورة لسوريا لعدم التعاون مع خطة روسيا لإعادة اللاجئين قبل توفر ظروف عودتهم. تاسعاً، توجيه ضربات مركزة على مواقع حكومية سورية في حال استعمال السلاح الكيماوي، واعتبار الكلور سلاحاً كيماوياً.

*تم نشر هذا المقال في «الشرق الأوسط»

كارثة الأمن الغذائي… معظم السوريين فقراء

كارثة الأمن الغذائي… معظم السوريين فقراء

شكل الصراع المسلح «كارثة للأمن الغذائي» للسوريين، إذ يعيش أكثر من 93 في المائة منهم في حالة «فقر وحرمان» بينهم نحو 60 في المائة يعيشون في «حالة فقر مدقع»، ذلك جراء تراكم مجموعة عوامل، بينها مزاوجة «السياسات التسلطية» واستمرار النزاع وصراع الجهات المسلحة على مصادر الغذاء، إذ «استخدم حرمان الناس من الغذاء بشكل ممنهج كأداة من أدوات الحرب من قبل القوى المتنازعة».

وإذ قدرت الخسائر الإجمالية في الاقتصاد السوري بنحو 380 مليار دولار أميركي حتى نهاية عام 2017، استمرت التكاليف المعيشية بالازدياد في ظل تراجع مصادر الدخل وانخفاض الأجور وتراجع فرص العمل، إضافة إلى تضخم وسطي الأسعار أكثر من ثمانية أضعاف خلال الفترة بين 2010 و2017. واستراتيجياً، انخفض إنتاج القمح من أكثر من ثلاثة ملايين طن في 2010 إلى 1.2 مليون في العام الماضي.

جاء ذلك في بحث أجراه «المركز السوري لبحوث السياسات» بالتعاون مع الجامعة الأميركية في بيروت، من المقرر أن تعلن نتائجه اليوم. وأفاد أن الاقتصاد السوري «تعرض لخسائر فادحة تتجاوز 380 مليار، أي نحو سبعة أضعاف الناتج المحلي الإجمالي لسوريا في عام 2010. والأكثر خطورة هو خسارة الاقتصاد لرأس المال البشري نتيجة الهجرة أو القتل أو الإصابة، كما تدهور دور المؤسسات التي تنظم العلاقات الاقتصادية لتتمحور حول العنف والإقصاء واستنزاف الموارد والثروات»، علماً بأن تقديرات روسية أشارت إلى أن تكلفة الإعمار تبلغ نحو 400 مليار.

واستهدف بحث «المركز السوري» تحليل الاقتصاد السياسي للأمن الغذائي قبل 2011 وبعد ذلك. ولوحظ أنه رغم تراجع الصراع المسلح مؤخراً في بداية العام الجاري، فإن مقومات العنف مستمرة مع تراكم الخسائر البشرية والمادية والمؤسسية وتفاقم الظلم والاحتياجات الإنسانية، إذ «حول النزاع سوريا إلى بلد يعاني سكانه من أزمة غذائية حادة واستخدم حرمان الناس من الغذاء بشكل ممنهج كأداة من أدوات الحرب من القوى المتنازعة».

وبلغ عدد السكان 19.4 مليون نسمة في عام 2018. حيث شهدت البلاد ارتفاع معدلات الوفيات وتراجع معدلات الخصوبة وموجات لجوء إلى الخارج ليصل عدد اللاجئين المقدر إلى 5.3 مليون نسمة «ما جعل 21 في المائة من السوريين خارج البلاد».

الغذاء وآثار النزاع

ويعتبر القطاع الزراعي أحد أهم القطاعات في الاقتصاد السوري حيث بلغ وسطي معدل النمو السنوي للقطاع للفترة 1970 – 2010 نحو 3.9 في المائة، مع مساهمة في النمو الكلي بلغت نحو 23 في المائة. وبعدما كان الناتج الزراعي يشكل 32 في المائة من إجمالي الناتج في السبعينات، أصبح يشكل 14في المائة في عام 2010. وأفاد التقرير: «ترافقت سياسات الإقصاء المتزايدة للفلاحين من المشاركة في صناعة القرار، في ظل ضعف التمثيل والمساءلة والفعالية في المؤسسات، مع تبني السياسات النيوليبرالية (الليبرالية الجديدة) منذ التسعينات التي همشت الزراعة والمزارعين وقلصت الاستثمار العام والدعم، وساهمت في زيادة التفاوت وسوء التوزيع وهدر الموارد، وعززت دور القطاعات الريعية كالعقارات». وأدت السياسات العامة تجاه زيادة الهجرة من الريف إلى الحضر وارتفعت من 43 في المائة من السكان عام 1970 إلى 54 في المائة من السكان عام 2010. وانعكست هذه السياسات في الأجور المتدنية للعاملين في الزراعة بحيث إن «58 في المائة من العاملين في الزراعة يعيشون في حالة فقر شديد إذا اعتمدوا على أجرهم من العمل في الزراعة فقط».

وشكل النزاع «كارثة للأمن الغذائي»، حيث تراجع دليل الأمن الغذائي بنحو 40 في المائة بين عامي 2010 و2018 «لكن الأكثر تراجعاً كان مكون النفاذ، أي حصول الأسر على الغذاء بنحو 46 في المائة، والتي تأثر بحالات الحصار والتهجير القسري والقيود على الانتقال وتراجع القدرة الشرائية ومصادر الدخل».

وبحسب منظمة مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، قُدر عدد السوريين الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي بنحو 6.5 مليون شخص و4 ملايين معرضين لخطر الوقوع في الحالة نفسها، أي ما نسبته 54 في المائة من السكان داخل سوريا.

كما تدهور الناتج المحلي الزراعي. وأفاد التقرير: «رغم تراجع حدة القتال في 2018، فإنها شهدت تدهوراً في الإنتاج الزراعي وخاصة للمحاصيل غير المروية التي تعتمد على الأمطار نتيجة الظروف المناخية غير الملائمة. كما أدى النزاع إلى تدمير هائل ومتفاوت لمقومات الإنتاج البشرية والمؤسسية والمادية والبيئية، فمن ناحية القوة البشرية قتل مئات الآلاف وجرح الملايين وتعرض نحو نصف السكان للتهجير القسري، وتراجعت العمالة الزراعية إلى نحو النصف بين 2010 و2018 وخسر القطاع الكثير من الكوادر المؤهلة».

وتشكل الأراضي القابلة للزراعة نحو 33 في المائة من المساحة الإجمالية البالغة 185 ألف كلم مربع ويعتمد 70 في المائة منها على الأمطار. و90 في المائة من هذه المساحة معدل أمطارها أقل من 300 ملم في السنة، وهو الحد الأدنى اللازم لإكمال المحاصيل الشتوية دورة حياتها.

وخلال النزاع انتشرت التعديات على الأراضي الزراعية بصورة مدمرة وأدت إلى خروج الأراضي الخصبة والأراضي المستصلحة من الاستثمار الزراعي، كما تعرضت مناطق المروج والمراعي ومناطق الغابات والمناطق الحراجية خلال النزاع إلى تعديات كبيرة بالحرق والقطع. كما أدى النزاع إلى تدمير الكثير من أجزاء البنى التحتية في سوريا ومنها البنى الخاصة بقطاع المياه، فقد تعرضت شبكة مياه الشرب للكثير من التدمير والنهب والتخريب، وأدى وقوع المصادر الرئيسية الكبيرة للمياه في المناطق الساخنة إلى عجز كبير في قدرتها على تأمين المياه للسكان. كما توقف العمل في المشاريع الكبرى.

ورغم ذلك، بقي تراجع الإنتاج الزراعي أقل من بقية القطاعات، مما زاد في أهميته النسبية في الناتج المحلي الإجمالي، إذ ارتفعت حصة الزراعة من الناتج من 17 في المائة عام 2010 إلى نحو 31 في المائة في عام 2017. أي أنه «شكل شبكة حماية للكثير من السوريين لتأمين الغذاء والحد الأدنى من الدخل. لكن من الناحية المؤسسية تشكلت عدة منظومات حددت السياسات الزراعية بحسب القوى المسيطرة عسكرياً خلال النزاع».

سياسة الحصار

وتعد سياسة الحصار الأخطر حيث يتم تجويع السكان من خلال «العقوبات الجماعية» حتى الخضوع، بحسب التقرير. وأضاف: «تعرض نحو 2.5 مليون شخص للحصار منذ عام 2015 لغاية عام 2018 ووصلت ذروتها في 2017 حيث خضع نحو 970 ألف شخص للحصار في وقت واحد، في الغوطة ودير الزور وحلب والرستن وغيرها، وتضمن الحصار الحرمان من الحصول على الغذاء والمساعدات الإنسانية وتقييد حركة السكان واستهداف المناطق المحاصرة بمختلف أنواع الأسلحة».عموماً، استمرت التكاليف المعيشية بالازدياد في ظل تراجع مصادر الدخل وانخفاض الأجور وتراجع فرص العمل. وأظهرت ارتفاعاً حاداً في مؤشر أسعار المستهلك والذي وصل في بعض السلع الأساسية إلى أكثر من عشرة أضعاف، قياساً إلى ما قبل النزاع. وساهمت سياسات تقليص دعم السلع الرئيسية مثل المشتقات النفطية والكهرباء وانخفاض القدرة الشرائية لليرة السورية في قفزات كبيرة في الأسعار. وشكل وسطي الأجر الحقيقي نحو 24 في المائة من الأجر الحقيقي لعام 2010.

وخلال النزاع، تراجع إجمالي العمالة بشكل حاد حيث انخفض معدل الاستخدام من 39 في المائة في 2010 إلى 20.9 في المائة في 2017، ووصل معدل البطالة إلى 52.7 في المائة في عام 2017. وتفاقم الانخراط في اقتصاديات العنف من قتال وتهريب ونهب، مما أدى إلى تحول رأس المال البشري المنتج ليصبح أحد مقومات استمرار العنف.

وأكد التقرير على «الدور الإيجابي لرأس المال الاجتماعي المتمثل بالثقة والشبكات الاجتماعية والقيم المشتركة في الحفاظ على مستويات أعلى للأمن الغذائي، بينما ساهم كل من المؤسسات الإقصائية واقتصاديات العنف في الحرمان من السيادة الغذائية. وبذلك يتطلب إعادة الأمن الغذائي استثماراً في تفكيك اقتصاديات العنف وتعزيز رأس المال الاجتماعي وفعالية وتشاركية المؤسسات».

مصير الشمال السوري..من يحدده؟ وكيف يحدده؟

مصير الشمال السوري..من يحدده؟ وكيف يحدده؟

مع نهاية عام ٢٠١٨ شهد الشمال السوري بعض التطورات السياسية والعسكرية المؤثرة، بدأها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتغريدة على حسابه الخاص على التويتر أعلن فيها ”قرار انسحاب كامل وسريعفي ديسمبر/ كانون الأول قال فيها بعد انتصارات تاريخية ضد داعش، حان الوقت لإعادة شبابنا إلى الوطنمعللاً ذلك بهزيمة داعش في العراق وسوريا، وهو الأساس لوجود القوات الأمريكية هناك بحسب قوله، وشكلت هذه التغريدة الدافع الأساسي لتحريك وتيرة المفاوضات بين مسؤولين أكراد مع النظام السوري.

فالقوات الكردية وُضعت أمام خيار المفاوضة مع النظام السوري أو مواجهة غير متكافئة وحيدة مع الجيش التركي وحلفائه من فصائل المعارضة السورية في سيناريو مكرر لما حصل في مدينة عفرين سابقاً.

علما أن جلسات التفاوض المتعددة بينهما لم تصل لأية نتائج ملموسة حتى اللحظة.

وفي يناير/ كانون الثاني ٢٠١٩م دخلت هيئة تحرير الشام منطقة ريف حلب الغربي لتبسط سيطرتها عليها بشكل كامل بعد انسحاب عناصر حركة نور الدين الزنكيمن منطقة نفوذهم الأساسية باتجاه مدينة عفرين، جاء هذا مع اشتباكات متقطعة كانت قد بدأت منذ منتصف ديسمبر/كانون الأول ٢٠١٨ لمناطق ريف حماة الشمالي، مع قصف زادت كثافته باتجاه وسط وجنوب محافظة إدلب، مما أطلق الكثير من الأسئلة والشكوك حول مصير المحافظة ومصير الاتفاق الروسي التركي الخاص بها والذي نتج عن قمة طهران الأخيرة.

فما هي مصالح اللاعبين الأساسيين في الشمال السوري وأوراق اللعب القوية بيد كل منهم؟.

موسكو كانت تدفع باتجاه استعادة سيطرة الجيش السوري على محافظة إدلب ومحيطها قبل نهاية ٢٠١٨، إلا أن قمة طهران أوقفت العملية العسكرية على محافظة إدلب (انظر مقال بعنوان: مصالح اللاعبين في الشمال السوري)، و حوّلت الأنظار باتجاه منطقة شرق الفرات وذلك بضغط من الجانب التركي ومساندة إيرانية، إذ ترى الأخيرة في بقاء القوات الأمريكية شرق الفرات تهديداً لنقاط عبورها ومصالحها.

ولضمان الأمن القومي التركي (أسوة بما حصل في الجنوب السوري، حين أعادت روسيا إحياء اتفاقية فض الإشتباك في الجولان المحتل بين سوريا وإسرائيل) أعاد الرئيسان الروسي والتركي إحياء إتفاقية أضنةالأمنية المُوقّعة بين الجانبين السوري والتركي عام ١٩٩٨، وعن هذه الاتفاقية قال الرئيس بوتين لا تزال قائمة، وبإمكانها مساعدة تركيا على حماية حدودها الجنوبية مع سوريا“.

وما تزال الحكومة التركية ترى في الإبقاء على وضع محافظة إدلب الحالي سبيلاً وحيداً لضمان أمنها القومي المهدد من شرق الفرات، رغم إظهارها نوعاً من المرونة فيما يخص محافظة إدلب أمام الجانب الروسي. ومن مصلحة تركيا أن يُعيد الجيش السوري سيطرته على شرق الفرات، وأن تُدار المؤسسات والمديريات العامة هناك من طرف الحكومة السورية بحسب رؤية النظام السوري لا رغبة الإدارة الذاتية، عندها فقط يكون لإعادة العمل باتفاقية أضنة معنى حقيقي وضامن للأمن القومي التركي، لأن خيارها البديل سيكون الدخول بجيشها إلى تلك المناطق، كما حصل في عمليتي درع الفراتو غصن الزيتون، وهذا مكلف جداً على الصعيد المادي والبشري.

والأهم بالنسبة لها هو ألا يقوم النظام السوري بإعادة تفعيل حزب الاتحاد الديمقراطي PYD المعروف بارتباطه المباشر مع حزب العمال الكردستاني PKK (كلاهما مُدرَجان على لوائح الإرهاب في تركيا) وإعادة الوضع إلى ما قبل اتفاق أضنة عام ١٩٩٨م مما يضر بتركيا وبأمنها الداخلي.

وبالتالي لن تتنازل الحكومة التركية عن تمسّكها بمحافظة إدلب ودعمها لفصائل المعارضة السورية الموجودة فيها طالما بقي للقوات الكردية أو لحزب الاتحاد الديمقراطي أثر شرق الفرات، لذلك يبقى مصير محافظة إدلب مرهوناً بما يتم إنجازه شرق الفرات.

من جهتها، تدرك الولايات المتحدة الأمريكية بأن بقاء قواتها شمال شرق سوريا يعني خلط أوراق اللاعبين من جديد، وتعطيل الحل الذي تدفع إليه باقي الأطراف، وبالتالي تُبقي خياراتها مفتوحة.

وقد نقل بعض المسؤولين الأكراد بأنها دفعت نحو التوصل إلى حل بين المسؤولين الأكراد مع النظام السوري، وفي الوقت نفسه تبدو محاولاتها للتودد مع تركيا عبر وعود إقامة منطقة آمنة بعمق ١٥٢٠ ميل داخل الأراضي السورية، بحسب ما ذكره الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في اتصال هاتفي مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

على صعيد متصل، بدا في الآونة الأخيرة رصد واهتمام إسرائيلي في مناطق الشمال السوري، وهذا ما كشفت عنه الغارة الإسرائيلية على محيط مطار حلب الدولي ومنطقة الشيخ نجار في المنطقة الصناعية بتاريخ ٢٧ مارس/آذار ٢٠١٩م لمواقع مستودعات ذخيرة تابعة للقوات الإيرانية والميليشيا الموالية لها بحسب الرواية الإسرائيلية.

وبهذا بدأت تتصدر فكرة أمن إسرائيلخطاب واهتمام الساسة الأمريكيين، وذلك عن طريق مراقبة تدفق الأسلحة و الميليشيا الإيرانية عبر الحدود السورية العراقية، لذلك بحسب ما كشفت عنه صحيفة نيويورك تايمزتم تعديل الخطة الأمريكية للانسحاب الكلي من شرق الفرات إلى انسحاب تدريجي وبطيء سيتوقف عند حاجز الـ ٤٠٠ جندي، حيث يتولّى قسم من الجنود المتبقين محاربة النفوذ الإيراني من تمركزهم في في قاعدة التنفجنوب شرق سوريا، وينضوي مثلهم ضمن قوّة مشتركة في شمال شرق البلاد مع حلفائهم من قوات سوريا الديمقراطيةبحسب الصحيفة ذاتها.

إن قراراً أمريكياً كهذا، سوف يعرقل بشكل واضح مخطط روسيا للحل في سوريا، وسيفرض حلولاً جانبية بين واشنطن وأنقرة لتفعيل فكرة منطقة آمنة داخل الحدود السورية كما اقترح الرئيس ترامب، ولكن هذا في المقابل سوف يعطّل العمل باتفاقية أضنة التي تم تفعيلها مؤخراً بحضور الرئيسين الروسي والتركي، وسوف يضع مصالح الروس والأتراك في سوريا في مواجهة شديدة قد تبدأ من محافظة إدلب ومحيطها، وربما تصل حتى مناطق درع الفرات وغصن الزيتون، ناهيك عن تعطيل مسار أستانة وغيره بين روسيا وتركيا منذ بداية تحالفهما داخل سوريا. كذلك سينسحب هذا على الموقف الإيراني الذي يرى في الترتيب الأمريكي الجديد تهديداً كبيراً لتمركزه في الشمال السوري، أو عبور سلاحه الذي أصبح مرصوداً من قبل القوات الأمريكية ومُهدَّداً بغارات إسرائيلية.

ومن المنطقي أيضاً أن ذلك سوف ينسف حوار المسؤولين الأكراد مع النظام السوري، وبالتالي ستتعطل فكرة إعادة سيطرة النظام السوري على مناطق شرق الفرات، مما يعني بقاء وضع شرق الفرات على ما هو عليه.

كل ذلك قد يحصل في حال قبلت تركيا بالوعود الأمريكية، لتنتقل من لاعب مؤثر وفاعل (عسكرياً وسياسياً) إلى لاعب تابع للمصالح الأمريكية المرهونة بِتغريدة للرئيس ترامب.

في النهاية نجد أن تلك الدول تملك من أوراق تعطيل الحل ما يجعل الوضع السوري مجمّداً، وتضع مصالحها كأولوية على مصالح سوريا والسوريين، وعندما تتعارض مصالح تلك الدول مع بعضها البعض داخل سوريا، فهي لن تُحرّك جيوشها لتتواجه وتتشابك بشكل مباشر، بل سيكون الفاعل هم سوريون بأسلحة غير سورية وأجندة غير وطنية مهما تقاربت مصالح بعض هؤلاء السوريين من مصالح تلك الدول.

وربما سيكون الموقف التركي بمثابة بيضة القبان لترجيح الحل الروسي أو الوعد الأمريكي في الشمال السوري، ذلك إن استثنينا تصوراً يفيد بأن هناك تنسيقاً روسياً أمريكياً على طول خط الأزمة السورية، يتلاقى كثيراً ويتعارض أحياناً ولكنه لم يخرّب الحل الروسي حتى الآن.

تملك روسيا الصِّلات المناسبة مع جميع اللاعبين والمؤثرين في الداخل السوري، وهي تدير الدفة حتى الآن بنجاح لتحقيق (مرادها)، مع أنها تحمل العبء الأكبر لإرضاء جميع الأطراف، لكنها بنفس الوقت تتجاهل سبب الأزمة الحقيقي في سوريا، وتتغاضى عن مطالب الشعب السوري لأجل العيش بحرية وكرامة.

الحلفاء والخصوم ينتزعون “التنازلات المؤلمة”  في سوريا

الحلفاء والخصوم ينتزعون “التنازلات المؤلمة” في سوريا

يواصل خصوم دمشق وحلفاؤها الضغط والإفادة من نقاط الضعف السياسية والاقتصادية للحصول على تنازلات سيادية تتعلق بالجغرافيا والامتيازات الاستراتيجية تحدّ من خيارات أي حكومة سورية لعقود مقبلة.

وتضمنت تنازلات الحلفاء والخصوم حصول إيران على عقد لتشغيل مرفأ اللاذقية على البحر المتوسط، ثم استئجار روسيا لمرفأ طرطوس، بينما اعترف الرئيس الأميركي دونالد ترمب لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالسيادة الإسرائيلية على هضبة الجولان السورية المحتلة، مع موافقته على تمديد البقاء مع الأوروبيين شمال شرقي سوريا، بالتزامن مع تكريس تركيا لوجودها في مناطق شمال سوريا، وتحويلها إلى منطقة نفوذ.

إيران

منذ بداية العام الحالي، زاد التواصل بين مسؤولين سوريين وإيرانيين، إذ قام الرئيس بشار الأسد بزيارة طهران ولقاء المرشد الإيراني علي خامنئي في نهاية فبراير (شباط)، وعقدت اجتماعات اللجنة العليا المشتركة في نهاية يناير (كانون الثاني)، وأسفرت عن توقيع سلسلة من الاتفاقات بينها «اتفاق اقتصادي طويل الأمد»، إضافة إلى إعطاء أولوية لإيران في إعمار سوريا.

لكن الضغط الإيراني على دمشق استمر من بوابة عدم الاستنفار لحل أزمة الوقود ومشتقات النفط. وبحسب صحيفة «الوطن»، في دمشق، فإن خط الائتمان الذي كانت تقدمه إيران سنوياً توقف في 15 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ومع ذلك «بدأ الحديث عن السيناريو الأسوأ المحتمل، وهو أن البلد بات بحاجة إلى سيولة مالية ضخمة لتغطية الفجوة الكبيرة التي تركها توقُّف الخط، فمنذ توقفه قبل ستة أشهر وسوريا تفتقد النفط، وبهذا المعنى، ووفقاً لوزارة النفط، فإنه لا ناقلة نفط خام وصلت منذ ذلك الوقت».

وتحتاج سوريا إلى ما قيمته 200 مليون دولار شهرياً لتغطية فاتورة مشتقات النفط، في وقت انخفض فيه إنتاج سوريا من 380 ألف برميل إلى 24 ألفاً يومياً خلال السنوات الثماني الماضية (هناك كمية موازية تنتج شرق الفرات). وقالت الصحيفة: «نحن بحاجة إلى توريدات، وهنا، تحديداً، جاءت أزمة توقّف الخط الائتماني الإيراني الذي كان الرافد الأساسي ي هذا الإطار».

في بداية 2017، وافقت طهران على تقديم خط ائتمان جديد، بقيمة مليار دولار أميركي، علماً بأنها قدمت منذ 2013 خطوط ائتمان بقيمة 6.6 مليار دولار، خُصّص نصفها لتمويل تصدير النفط الخام ومشتقاته. ووفق وكالة الطاقة الدولية، كانت إيران تصدر 70 ألف برميل من النفط يومياً إلى سوريا.

واستفادت طهران من الأزمة الاقتصادية الأخيرة للحصول على تنازلات، بينها العمل على تنفيذ اتفاقات ثنائية كانت جُمّدت في بداية 2017. لكن الأهم استراتيجياً كان الوصول إلى البحر المتوسط. وفي 25 فبراير، طلب وزير النقل السوري من المدير العام لمرفأ اللاذقية العمل على «تشكيل فريق عمل يضم قانونيين وماليين للتباحث مع الجانب الإيراني في إعداد مسودة عقد لإدارة المحطة من الجانب الإيراني»، تلبية لـ«طلب الجانب الإيراني حقّ إدارة محطة الحاويات لمرفأ اللاذقية لتسوية الديون المترتبة على الجانب السوري»، بسبب الدعم المالي والعسكري الذي قدمته طهران لدمشق.

ويُشغّل مرفأ اللاذقية منذ سنوات بموجب عقد بين الحكومة و«مؤسسة سوريا القابضة» التي وقّعت شراكة مع شركة فرنسية لإدارة المرفأ. لكن الحكومة طلبت من «سوريا القابضة» التزام الاتفاق بين دمشق وطهران لمنح الأخيرة حق تشغيل المرفأ اعتباراً من سبتمبر (أيلول) المقبل.

إلى هذا، تشمل الاتفاقات أيضاً استثمار إيران حقول الفوسفات في منطقة الشرقية، قرب مدينة تدمر التاريخية لمدة 99 سنة واستحواذ شركة إيرانية، يدعمها «الحرس الثوري»، على مشغّل ثالث للهاتف النقال، والاستحواذ على 5 آلاف هكتار من الأراضي للزراعة والاستثمار.

روسيا

أثارت الامتيازات الإيرانية حساسية روسيا التي كانت جمدت في العام الماضي تنفيذ الاتفاقات المتعلقة بالفوسفات والهاتف والميناء بين طهران ودمشق. لكن بالنسبة إلى موسكو، فإن الملف الأكثر حساسية كان سيطرة إيران على مرفأ اللاذقية لقربه من قاعدتيها في اللاذقية وطرطوس، إذ إنه سيكون أول وصول لإيران إلى المياه الدافئة، ويترك طريق «طهران – بغداد – دمشق – المتوسط» مفتوحاً للإمداد العسكري والاقتصادي. وقال القائد الجديد للحرس الثوري الإيراني، حسين سلامي، في أول تصريح له بعد تسلمه مهامه رسمياً، أمس: «(فيلق القدس) بقيادة قاسم سليماني وصل إلى البحر».

وسعت طهران قبل 2011 إلى تحويل ميناء طرطوس إلى قاعدة عسكرية، لكن موسكو اعترضت، ثم تدخلت عسكرياً في سبتمبر 2015، ونشرت منظومتي صواريخ «إس 400» و«إس 300» في اللاذقية، ثم قررت توسيع ميناء طرطوس، وحصلت من دمشق على عقدين للوجود العسكري؛ أحدهما «مفتوح الأمد» في اللاذقية، والثاني لنصف قرن في طرطوس.

ولم يتأخر رد موسكو، حيث وصل نائب رئيس الوزراء الروسي يوري بوريسوف إلى دمشق للقاء الأسد وبحث معه «التجارة والتعاون الاقتصادي، خصوصاً في قطاعات الطاقة والصناعة وزيادة التبادل التجاري وتجاوز جميع العوائق». ونقلت وكالة «تاس» للأنباء عن بوريسوف قوله إنه من المنتظَر أن توقع روسيا عقداً لاستئجار ميناء طرطوس لمدة 49 سنة.

وكانت دمشق وموسكو وقعتا في 2017 اتفاقاً يسمح لروسيا بإقامة قاعدة في طرطوس هي الوحيدة لها في البحر المتوسط لمدة 49 سنة، ذلك بعدما توقيعهما اتفاقاً لإقامة قاعدة برية روسية في حميميم قرب اللاذقية بمدى زمني مفتوح. وكما استفادت روسيا وإيران من الخسائر العسكرية لقوات الحكومة في 2015 في تعزيز وجودهما العسكري في سوريا عبر قيام قواعد عسكرية، فإنهما تستفيدان حالياً من الأزمة الاقتصادية للحصول على امتيازات استراتيجية. وبدا أن هناك نوعاً من الصراع أو التنافس بينهما على مناطق الحكومة ومستقبل البلاد.

أميركا

بالتوازي مع فرض عقوبات اقتصادية أميركية وأوروبية على دمشق وتفكيك شبكات كانت تصدر مشتقات نقطية إلى سوريا، وتجميد أي محاولات للتطبيع السياسي أو المساهمة في إعمار سوريا، تراجع الرئيس ترمب عن قراره بـ«الانسحاب الكامل والسريع» من شرق سوريا. وتستمر الاتصالات الأوروبية – الأميركية لبلورة تصور لمستقبل الوجود شرق الفرات وفي قاعدة التنف والانتقال من محاربة «داعش» جغرافياً إلى ملاحقة خلايا التنظيم هناك. واتفقت موسكو وواشنطن على تمديد اتفاق «منع الاحتكاك» في الأجواء السورية، إضافة إلى استمرار أنقرة وواشنطن المفاوضات حول إقامة منطقة آمنة بين نهري الفرات ودجلة.

وتدعم قوات التحالف الدولي، بقيادة أميركا، «قوات سوريا الديمقراطية» التي تسيطر على ثلث مساحة سوريا البالغة 185 ألف كيلومتر مربع، وتضم 90 في المائة من النفط السوري ونصف الغاز السوري، إضافة إلى معظم الموارد الزراعية والمائية. وتقع تلك المنطقة في زاوية الحدود السورية – العراقية – التركية وتتحكم بخط الإمداد بين إيران والعراق وسوريا ولبنان. وتردد أن صهاريج كانت تنقل مشتقات نفطية من العراق إلى سوريا تعرضت إلى قصف في اليومين الأخيرين.

إلى هذا، فإن الرئيس ترمب قرر، في 25 الشهر الماضي، الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان السوري المحتل. وقام نتنياهو أول من أمس بزيارة الهضبة واعتبرها جزءاً من «أرض إسرائيل». وكان هذا بمثابة نعي لجهود طويلة من الرعاية الأميركية للمفاوضات السورية – الإسرائيلية القائمة على مبدأ «الأرض مقابل السلام» وابتعاداً عن مبدأ في العلاقات الدولية، وميثاق الأمم المتحدة، بـ«عدم جواز الاستيلاء على أراضي الغير بالقوة».

قبل ذلك، رعى الرئيس ترمب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين إعادة «القوات الدولية لفك الاشتباك» (أندوف) إلى الجولان، المشكّلة بعد اتفاق برعاية أميركية في عام 1974. وعملياً، بات «خط الفصل» في الجولان قوامه البعد الأمني المتعلقة بالتزام اتفاق «فك الاشتباك» كأمر واقع من دون بعد سياسي أو تفاوضي يتعلق بـ«الأرض مقابل السلام»، بحسب الفهم الأميركي.

في موازاة ذلك، تواصل روسيا غض النظر عن الغارات الإسرائيلية على «مواقع إيران» في سوريا. ولم يحصل أن اعترضت منظومة «إس – 300» الجديدة أو القديمة هذه الغارات، مع «هدايا» قدمها بوتين إلى نتنياهو بينها رفات جندي إسرائيلي قُتِل بعد مشاركته في معركة السلطان يعقوب بلبنان في الثمانينات.

تركيا

في 1939، جرى ترتيب استفتاء في إسكندرون شمال غربي سوريا بموجب تفاهم فرنسي – تركي أسفر عن قرار ضم الإقليم إلى تركيا باسم «هاتاي». وخلال فترة «سنوات العسل» بين أنقرة ودمشق في بداية العقد الماضي، جرى توقيع سلسلة من الاتفاقات المتعلقة بالتجارة الحرة، وإزالة الحدود، تضمنت الاعتراف بالحدود كأمر واقع. كما أن البلدين كانا وقعا في 1998 «اتفاق أضنة» لمحاربة الإرهاب والسماح للجيش التركي للتوغل شمال سوريا لـ«ملاحقة الإرهابيين» و«حزب العمال الكردستاني».

في 17 سبتمبر الماضي، جرى توقيع اتفاق بين بوتين ونظيره التركي رجب طيب إردوغان تضمن إقامة منطقة «خفض تصعيد» في «مثلث الشمال» الذي يضم إدلب وأرياف حلب وحماة واللاذقية. وفي نهاية 2016، وبداية 2018، أسفر اتفاقان آخران بين روسيا وتركيا عن إقامة تركيا منطقتي نفوذ في «درع الفرات» وعفرين. وعليه، نشر الجيش التركي العديد من نقاط المراقبة في العمق السوري، وربط هذه المناطق التي تزيد على 10 في المائة من مساحة سوريا بتركيا اقتصادياً، وفي البنية التحتية الخدمية والإدارية والإلكترونية. وأعلن «الائتلاف الوطني السوري» المعارض والمدعوم من أنقرة أمس فتح مكتب له شمال سوريا، هو الأول منذ 2011.

ويجري الحديث حالياً عن صفقة صغيرة تتضمن انسحاب روسيا من تل رفعت والسماح لتركيا وحلفائها للدخول إلى شمال حلب وفتح طريق غازي عنتاب – حلب مقابل دخول روسيا وحلفائها إلى مثلث جسر الشغور لحماية قاعدة حميميم والتفكير بتشغيل طريق اللاذقية – حلب.

وإذ فرضت موسكو على دمشق عدم شن هجوم واسع على إدلب لأن علاقاتها مع أنقرة أكبر وأوسع من إدلب وتتعلق بتفكيك «حلف شمال الأطلسي» (ناتو) والعلاقات الروسية – التركية واللعبة الكبرى، تواصل تركيا مفاوضاتها مع أميركا لإقامة «منطقة أمنية» بين الفرات ودجلة عبر نسخ تجربة «درع الفرات» شرق الفرات في منطقة تمتد بطول أكثر من 400 كلم وعمق 30 كلم، تضاف إلى مناطق النفوذ الأخرى شمال سوريا.

وتقول موسكو إن اتفاق «خفض التصعيد» مؤقت ومحكوم بفترة محددة، فيما يقول خبراء في العلاقات الدولية: «ليس هناك شيء دائم أكثر من الشيء المؤقت»، مع وجود تحذيرات من تحوُّل مناطق النفوذ الثلاث (الأميركية شرق الفرات، والروسية – التركية غرب الفرات، والتركية في الشمال) وجمود الصراع العسكري، إلى واقع مستمر.

*تم نشر هذا المقال في «الشرق الأوسط»

الـ “الفيس بوك”: العدو الوحيد للحكومة السورية…وأصل الأزمات

الـ “الفيس بوك”: العدو الوحيد للحكومة السورية…وأصل الأزمات

اتهمت وزارة النفط السورية موقعاً إخبارياً محلياً بإحداث أزمة البنزين الحالية التي تشل البلاد، علما أن الموقع الإخباري نشر عن الأزمة بعد حدوثها!

وابتداع عدو جديد يصرف انتباه المواطنين عن المشاكل الداخلية سياسة قديمة منذ عهود الممالك والإمارات القديمة، لكن أن يكون هذا العدو هو “الفيس بوك” فهذا ابتكار تعود حقوقه الفكرية لبعض المسؤولين الحكوميين.

وفي هذا الإطار يقول الشاعر طلال سليم ” وسائل التواصل الاجتماعي تخيف الجميع، وخصوصاً المقصرين والفاسدين، لأنها واسعة الانتشار وغير محددة بعدد قليل، هي مفتوحة على عالم فضائي مترامي الأطراف، لذلك يخشونها، ولو كانوا شرفاء لما همهم حتى لو كتب عنهم بالسوء كل كتاب الكون، اللصوص فقط هم يخافون من افتضاح أمرهم ومن تسليط الضوء على عيوبهم وتعريتهم، مما سيؤدي للمحاسبة ووصول يد العدالة لرقابهم.”

ويوافق الصحفي لؤي سلمان على ما ذهب إليه سليم بأن الكل يخاف من “الفيس بوك” لأنه “متابع ويكشف التجاوزات والأخطاء التي يقوم فيها بعض من المتنفذين” مشيراً إلى أنه أصبح قادراً على تشكيل “رأي جمعي ضدهم في الآونة الأخيرة، وهم لا يريدون أن تكون تجاوزاتهم وتقصيرهم على مرأى من السلطات العليا” بحسب قوله.

ويرى سلمان بأن “الفيس بوك” بات الوسيلة الوحيدة التي يستطيع أن يعبّر من خلالها الجمهور عن شكواه “لأن دور الصحف والإعلام غائب، وهم لا يقومون بهذه المهمة، حتى بات أغلب المسؤولين يقرؤون منشورات الفيس بوك بدلاً من متابعة الصحف” بحسب قوله، كما أن ضبط منشورات الصفحة الزرقاء غير ممكن مع وجود العديد من السوريين المنتشرين في العالم والذين يكتبون وينشرون عن الموضوع.

وتبرر المترجمة سلام عيد مهاجمة السلطات للـ”فيس بوك” بالخوف من الرأي المُخالف، وتقول “متلازمة الإنسان الأكبر هي خوفه من الرأي الذي لا يصبّ إيجاباً في رصيده، فكم قصة من التاريخ القديم وصلت لنا عن محاولات التعتيم على الرأي الآخر وقمعه، بشتى الطرق والدرجات. ويتفاوت نجاح التعتيم وأساليبه تبعاً لدرجة سلطة الجهة المعتّمة وإمكاناتها، ويتراوح من إحراق المخطوطات والكتب، إلى الاعتقال أو حتى الاغتيال، مروراً بتشويه السمعة وتوجيه الاتهامات”.

و تستدرك عيد بأن ذلك كان ممكناً إلى حد بعيد قبل الثورة الرقمية. أما اليوم “فلم يعد يكفي أن تغلق صحيفة أو دار نشر، أو أن تحرق كتاباً لا يروق لك، إذ لم يعد نشر المعلومة محصوراً في أشخاص أو جهات معينة، ناهيك عن سرعة انتشارها واستحالة إزالتها، وهذا ما يخيف” بحسب قولها.

من جهتها تعاضدت صفحات المؤسسات الحكومية على “الفيس بوك” لمواجهة “العدو”، فأخذت جميعها تتناقل الخبر الصادر عن الجهات الحكومية ذاته، وأضحت صفحة وزارة الكهرباء تنشر خبراً منقولاً عن صفحة وزارة الداخلية عن نفي حالة اختطاف أحد الأطفال في مدينة ما، وصفحة وزارة الأشغال العامة والإسكان تنشر تعليقاً عن عودة التيار الكهربائي إلى منطقة ما.

وأشار عدّة صحفيين يعملون في وسائل الإعلامية الرسمية وقد طلبوا عدم ذكر أسمائهم إلى أن التضييق وصل حداً لا يطاق، وقال أحدهم “نحن محاسبون اليوم على كل كلمة نقد سلبية نكتبها عبر صفحاتنا الشخصية”، فيما تمنى آخر أن تتغير الظروف نحو الأفضل.

الشاعر سليم لا يتوقع بأن هذا الأفضل سيحدث قريباً، فهو يعتقد بأن حرية صحفية لن تحدث إلا بعد التسوية السياسية في سوريا، أما الآن “فكل من ينتقد عمل الحكومة معرض للمساءلة فهي حكومة تجار تحاول أن تجني أكبر قدر من الثروات على حساب الشعب والوطن” بحسب قوله.

وعن إمكانية التضييق على الحريات العامة على “الفيس بوك” بشكل أكبر من قبل المسؤولين تعقب عيد “بلا أدنى شك، لكن لن يكون ذلك سهلاً أو حتّى ممكناً. أمّا المبررات، فلن يعدموها، وقد بدأت باتهام من يعانون معاناة لا تُطاق من نقص حاد في أساسيات الحياة، بالانجرار وراء الشائعات والتواطؤ مع الخارج مستسهلين إلقاء الاتهامات والتخوين، على أن يعترفوا بفشلهم في إدارة بلد أدمته الحرب، وفي مواجهة مرحلة مصيريّة جديدة بغير الخطب والتصريحات والاستعراض على فيسبوك ومشتقّاته فضلاً عن وسائل الإعلام الخاضعة لرقابتهم”.

وتعتقد عيد بأن المسؤولين بادروا إلى الهجوم كنوع من الدفاع لتجنب نقاش ما تصفه بـ”فشلهم الذريع في الإدارة”، مشيرة إلى أن هذا “تخوين معمّم غير مقبول لشرائح واسعة من الشعب، وهي محاولة للتعميّة على أزمات تفشّى بعضها وصرنا نرى أرتالاً وتجمّعات مخيفة من المواطنين في أقسى الظروف المناخيّة للحصول على حاجة جدّ أساسيّة”.

The Internet – ISIS’s Trap for Recruiting the Youth

The Internet – ISIS’s Trap for Recruiting the Youth

It was the first time Anoud heard her two sons admiring ISIS, “They’re real and devoted men,” they said as they watched a video of the group’s militants stoning a woman to death for adultery in the countryside of Hama.

The true shock came in mid-August of 2015 when they disappeared. The fifty-year-old widow from the countryside of Tal Hamis said, “At first I thought they were kidnapped, but a month later my cousin said that they went to Raqqa and joined the ranks of the terrorist group.”

Her son Dhorgham was later captured by the People Protection Units (YPG), while Khalaf blew himself up in a terrorist operation in Deir Azzor last year. His widow married another fighter, forcing Anoud to work as a street vendor in various city allies in order to support her four grandchildren.

So’ad (a pseudonym for a teacher from al-Shaddadi in the countryside of Hasakeh) saw the bodies of her two young sons Ghaith and Laith on her mobile phone, who were killed in an airstrike by the international coalition on ISIS’s Raqqa stronghold two years ago.

So’ad fled al-Shaddadi with her family to live in Hasakeh three years ago, after the radical group took control. She suspected that her sons were affiliated to ISIS after they attacked their sole sister Israa and forced her to wear a black abaya (a long dress) and burqa (head cover). “Ghaith and Laith banned Israa from going to school and called her an apostate and out of religion. They spent most of their time on the internet, until early hours of the morning,” So’ad said.

These behavioral changes made So’ad and her husband check their sons’ mobile phones whenever they got a chance to read their private message. They saw numerous videos of slaughtering, killing, and burning carried out by ISIS extremists.

So’ad said that one day she “read a message from someone called Abu Homam on Twitter promising Ghaith (16 years) a safe passage along with his brother Laith (15 years) to the Caliphate.” Fearing her sons might join the group, So’ad borrowed twenty-five thousand dollars from her brother to pay the cost of sending them to Germany and protect them from ISIS propaganda.

“My husband and I found a human trafficker who promised to take them from Qamishli to Germany through Turkey and Russia. My brother who has lived in Germany for ten years was supposed to receive them there. They arrived to Russia after going through Turkey indeed. However, they went back to Turkey and then to Raqqa. They were killed nine months after their arrival. It is too late now. I failed in keeping the specter of ISIS away from my sons. The end has been catastrophic for us,” said So’ad.

Extremist Imams

Danial Mohammed became increasingly suspicious in his childhood friend and cousin Mohammed’s extremist views as the latter sent him links to Youtube videos for ISIS preachers on Whatsapp application, in which the preachers promised a rosy life after death and “virgins waiting for whomever blows himself up in the infidels, the enemies of the Caliphate.”

Danial finally realized that his cousin, who fled compulsory military service in mid-March 2011 and travelled to the Turkish city of Gaziantep, had soaked up ISIS intellect and was trying to drag him into the quagmire.

“Every time I asked Mohammed why he spoke in classic Arabic instead of our local dialect, he would smile and say because it is the language of Paradise,” said Danial. “ISIS has massive forums on social media to recruit victims. It was able to attract thousands of young people, including my cousin whom I did not hear from for a month. I was then surprised to see a post on his death along with his picture on one of the pages run by ISIS,” Danial added.

Danial believes that a large number of young people were influenced by extremist imams who deformed their thoughts. “When they communicate with them on the internet, it is easy to give them a large dose of hate for their society and further extremism. They become ready to justify the killing and slaughtering of individuals in society they see as infidels because of the extremist imams’ preaches. I think if they had been monitored from the beginning, society would not have produced such unnatural thinking examples,” he said.

Millions of Users

ISIS exploited the internet for its propaganda and to recruit the youth because of its ease of use and the rapid spread of new media among youth groups, according to Moayed Karim, an expert on social media and information technology. Karim said that the rapid development of the internet led to a change of view in the danger of electronic terrorism, from hacking government and big media websites to concern that extremist organizations could use social media to recruit the youth, especially now that the number of Arab Facebook users has exceeded ninety million. “The group’s members resort to their mobile smartphones to promote their extremist ideas, which makes it hard to monitor… ISIS uses psychological attacks against its declared enemies by disseminating horrifying videos of executions and beheading of hostages and prisoners.”

According to Karim, Twitter was the social media which ISIS relied on the most in its electronic war, as it facilitated public posts and direct blogging, which enabled sending tweets to an enormous number of users. The number of active twitter accounts was estimated last year at around two hundred and seventy million with more than four hundred million tweets per day, according to Karim.

Ahfad al-Rasoul (descendants of the Prophet), Dar al-Khilafah (house of the caliphate), and Zahret al-Maqdes (flower of Jerusalem) are all accounts that proliferated terrorism on social media platforms to gain the largest number of youth followers, as Tunisian journalist Zohoor al-Mashriqi put it. Al-Mashriqi mentioned a recent study which found that ISIS had seven media outlets, including Furqan, Itissam, Makateb al-Wilayat, Bayan radio, and Dabeq magazine, in addition to two hundred and ninety thousand pages on social media, especially Twitter and Facebook. They all seek to promote and market the group’s intellect around the world to recruit the largest number of young people, especially those who have extremist views from all parts of the world, according to the study.

Muslims and Psychological Experts… For Publicity

Recognizing the importance of electronic publicity, ISIS issued its strategy to make Muslims work as propagandists on the internet. The fifty-five-page document aims to attract Muslims and entice them to promote the organization by disseminating its violent and extremist message in the digital world. “Media weapons can actually be more potent than atomic bombs,” one of the passages states.

After translating the document, researchers at King’s College issued a report to counter the group’s attempt to deputize Muslims as propagandists by offering potential recruits, who may be young Muslims looking for a life purpose in a chat room, with positive messages that meet their needs and prevent their radicalization.

Aram Hasan, trauma consultant and head of the CoTeam center in Germany, mentioned studies and surveys that proved the group’s success in its electronic war, which surpassed its victories in wars on the ground in Syria and Iraq.

Hasan talked about ISIS using psychological experts in its attempt to recruit new members. “They have experience. It is evident in their print and visual media releases which are edited with high proficiency, not to mention the language used, control of voice levels, and other special effects. This all indicates expertise, knowledge, and professionalism,” says Hasan.

Regarding the methods to deal with this propaganda, Hasan said that diffusing the group’s influence on the youth can be accomplished on the individual, governmental, and international institutional levels by establishing centers to fight extremism and raise the awareness of internet users on the danger of such organizations to limit their impact on the minds of young people.

*This article was originally published in Arabic here.