بواسطة Manahil al-Sahwe | مارس 28, 2018 | Culture, Roundtables, غير مصنف
على الفِراشِ الرقيق أتمدّدُ بحزنٍ
أديرُ وجهي نحو الحائط
أبتسمُ
أرسمُ اسمكَ بإصبعي على الجدار
أُغمضُ عينيَّ مع صوتِ انفجارٍ بعيدٍ،
أستطيعُ الآن النوم دون أنْ أحلم بشيء
دون أنْ أنتظر شيئاً.
أعلمُ أنّ كثيرينَ مثلكَ
رحلوا إلى أوروبا
رحلوا لأجل الذلّ والموت،
لكن بعد سنين
حين سيسألُ أطفالهم عن سببِ قدومهم
سيقولون:
لأنَّ أجسادَ الأوروبياتِ أكثرُ دفئاً من نسائنا،
نسائنا اللواتي مُـتْـنَ وحيداتٍ هناك.
* * *
حين يأتي الموت
حين يأتي الموتُ
سيسحبُ كلَّ الرجال
الواحدَ تلو الآخر من أصواتنا
لننكسرَ كغصنٍ طريٍّ تحت قدميّ عصفور،
حين يأتي الموتُ
“لن تكونَ لهُ عيناكَ“
ولن يتلمّس أجسادنا
بحثاً عن شهوة مخبّأةٍ في البطن،
سنكون نساء قبيحاتٍ
بأصواتٍ مشوّهة
تُخرِجُ طيوراً مُختنقة
وأوجاعاً باردة.
كلُّ الرجال الذين عرفناهم
وخبّأناهُم في خلايا صوتِنا
ليرمّمُوا جُملَنا الناقصة في الوحدة
سيسحبونَ ما تبقّى من الكلام داخلنا.
حين يأتي الموتُ كاملاً
أو ربما بلا ثقلٍ
حين يأتي في وقته أو بعده
أو متأخراً جداً..
سيكون حنوناً
أكثر من كلِّ الرجال في أصواتنا
سيضمُّنا ويزجرهم بعيداً..
لنبتسمَ بخبثِ النساء
حين يطردنَ رجُلاً ويستبدلنَ آخرَ به.
* * *
الرجال وحسب
في المساء تتمدّدُ النساءُ على ظهورهنّ،
الظهورُ أحواضُ وردٍ
وعشبٌ تحت أقدامِ الرجال،
في المساء تتمدّدُ النساءُ على ظهورهنّ
ينظرنَ إلى فوق
الطائرةُ تستعدُّ لقصفِ مدينة
السماءُ تشدُّ أطرافها
كفتاةٍ تستحييْ من عُريٍ أسودَ كهذا،
يتابعنَ النظرَ إلى ما فوقهنّ
الرجالُ يمرّون
والطائراتُ
والألمُ الذي يزحفُ
كدبابةٍ تجعلُ الأرضَ تحتَها أكثرَ قسوةً…
هكذا أدركتُ أنّ كلَّ الرجال
يتحوّلونَ فجأةً
إلى آلةٍ ضخمةٍ
بعضُهم يُسمّيها دبابةً
وآخرونَ طائرةً
وقليلونَ مثلي
يعرفون أنهم الرجالُ وحسب.
* * *
بواسطة Amarji | مارس 23, 2018 | Culture, Roundtables, غير مصنف
من نصٍّ طويلٍ بعنوان (فيلُولوجيا الأزهار)
لماذا لا نؤقِّتُ أعمالَنا على السَّاعةِ البسيطةِ في زهرةِ السَّاعة؟
ماذا تتعبَّدُ في اللَّيلِ زهرةُ عبَّاد الشَّمس؟
ألَمْ يَفِضْ حليبُ المجرَّةِ مِن زهرةِ أفيون؟
لأجلِ أيِّ قدَّاسٍ مسائيٍّ ترنُّ زنابق الوادي؟
أليست النَّيلوفراتُ هي المآوي البيضاء التي تهبطُ فيها جفونُ اللَّيل؟
هل قشَّرَ أحدٌ السَّماءَ والقشرُ المنفوضُ على الأرض هو أزهارُ الونكة؟
أليست أزهارُ البنفسج وثائق شعريَّة؟
أثمَّة في الأرض موقدٌ أبسطُ من زهرةِ خشخاش؟
كم غسقاً حُوصِرَ في زهرةِ زعفران؟
أليست في آنٍ واحدٍ قنديلاً ودَلْواً زهرةُ التَّوليب؟
هل انتبهَ أحدٌ إلى الزَّورقِ في كلمةِ خُزامى؟
كيف لا نرى أنَّ هناك وحدةً بين تثاؤب طفلٍ وتَفَتُّحِ زُهيرة آستر؟
من أين تفقسُ النُّجومُ إن لم يكن من زهرة فاوانية مُنتفخة؟
كم ضعفاً تُكبِّرُ أزهارُ الختميَّةِ الصَّيفَ؟
كيف تحوَّلَتْ أزهارُ البهشيَّةِ من حبَّاتِ زَبَدٍ إلى قطراتِ دم؟
أتريدُ أن تغترفَ من الأبديَّةِ، زهرةُ القبَّار، بكلِّ هذه الأذرع الممدودة؟
أرأيتُم كيف يعانقُ الجرحُ أجنحتَه في زهرةِ بخور مريم؟
إذا أمسكتُ أقحوانةً بيضاءَ بيميني وأقحوانةً صفراء بشِمالي، هل سأدورُ كَكَوكب؟
أيتهادى العاشقان في أزهار الدَّهليَّةِ نجومَ الشَّيطان؟
أيُّ مفاتيحَ أفضَلُ لأقفالِ الشِّتاء من أزهارِ السُّورنجان؟
ماذا تريدُ أن تمحوَ أزهارُ الصَّاصَلِ البيضاءُ في حديقةِ المقبرةِ المظلمة؟
أهناك حقَّاً وحدةُ دمٍ بين القرنفل الأحمر وشِفاه العاشقين؟
كيف استطاعت الوستارية هكذا، أن تصنعَ مِن نفسِها كاتدرائيَّةَ نفسِها؟
أيُّ نهارٍ في خاصرةٍ في قبَّةٍ في سحابةٍ محضونٌ بلا حدٍّ في الأرطاسيا؟
* * *
إلى أطفالِ سوريا
ثمَّةَ، بينما تموتون، طائرُ حُمَيراء
يضعُ مُنتشياً، في جوفِ حورةٍ سوداء،
بيضتَه الزَّرقاء الأولى.
بينما تموتون، يَدخلُ قلبي معكم
في الغيمةِ الأخيرةِ لِعالَمٍ بدأ مُنتهياً،- أدخلُ معكم
في الخشخاشِ الأبيضِ، في البحر المتباطئ.
بينما تموتون، الله والقاتلُ،
على شرفةٍ واحدةٍ، يشربان النِّسكافيه ويضحكان.
فقط؛ يشربان النِّسكافيه ويضحكان.
* * *
في هذه البلاد
في هذه البلاد، اللَّيلُ
لا يهبطُ على نهارٍ،
النَّهارُ لا يطلعُ مِن ليلٍ،
اللَّيلُ لا يُولَجُ في النَّهارِ،
النَّهارُ لا يُولَجُ في اللَّيلِ،
في هذه البلاد، اللَّيلُ
يهبطُ على ليلٍ آخر،
اللَّيلُ الآخرُ يطلعُ مِن ليلٍ قبلَه،
اللَّيلُ يُولَجُ في ليلٍ
داخلَ ليلٍ
داخلَ ليلٍ
داخلَ ليل.
* * *
نصوصٌ متفرِّقة
ما اسمُ اليَنبوعِ
قبلَ أن يُباشِرَ انبجاسَه؟
طائرُ الصُّفَيرِ الذَّهبيِّ، ما اسمُهُ
وهو بَعْدُ فرخٌ أخضر؟
ماذا كان يُسَمَّى اللونُ البنفسجيُّ
قبلَ أوَّلِ زهرةِ بنفسَج؟
ومِن دون الخريفِ ما اسمُها
شجرةُ القيقبِ الأحمر؟
*
هل الزَّنابقُ السَّوداءُ في الشَّمس
دُفعاتٌ صغيرةٌ من الليل؟
وهل أزهارُ الجِربارةِ الصَّفراءُ في الليل
لمساتٌ مُخَفَّفَةٌ من الشَّمس؟
*
مَن يئنُّ في الوادي؟
شجرةُ الحورِ التي تنهشُها الرِّياح
أمِ الرِّياحُ التي عَلِقَتْ
شجرةُ حَورٍ بأسنانها البيضاء؟
*
لا أعلمُ أبندقيَّتان أم كستنائيَّتان
عيناكِ: أعلمُ
أنَّ قلبي أمامَهما يقفزُ كَسِنجاب.
*
تتدحرجُ مع الليلِ وتعذِّبُني
فكرةُ الضَّوءِ
في المصابيحِ المُطْفَأة.
*
هل تنظرُ السَّماءُ في الليل
إلى بآبئ عيونِ القِطَط
كما ننظرُ نحنُ إلى النُّجوم؟
*
لا أتخلَّصُ أبداً
مِن حُزنِ بكرةِ التَّحبير المعطَّلة
في آلةٍ كاتبةٍ قديمةٍ ومُهمَلَة.
*
لكي أصنعَ ليلي
أرمي قلبي كلَّ غروبٍ في الزَّبَدِ الأحمر
وأنتظرُ فَحْمَتَهُ
أنْ تأتي إليَّ
بالغابةِ الخرِبَةِ المدلهمَّة.
*
لا أفعلُ في الرَّبيع
سوى أنَّني أَخرُجُ
لأساعدَ الاحتقانَ الورديَّ
في كلِّ الأكمامِ الزَّهريَّةِ
على التَّشقُّق.
*
اللَّيلُ كاتدرائيَّتي الكبيرة
حيثُ كلُّ الآلهةِ
تدخلُ بِظِلالٍ مُرتعشةٍ لِتَعبُدَني
وأنا البسيطُ
أتثاءبُ مُشيحاً بوجهي عنها
نحوَ نجمةٍ مُحتارةٍ
بين ثوبٍ بنفسجيٍّ وآخرَ أحمر.
*
لماذا أيَّتُها اللغةُ
كلُّ بابٍ أحرِّرُكِ منهُ
تحبِسينني خلفَه؟
بواسطة Lina Atfeh | مارس 21, 2018 | Culture, Roundtables, غير مصنف
لم تتغيّرِ الحروب
الخوفُ رتّبَ حضورَه
والحضارةُ أعادتْ صياغة المشاهد
الجوعُ قتلٌ لا يلطّخُ الأيدي
القصائدُ كما هي ذاهلةٌ لكنّها ليست بمستوى أبطالها
البلادُ نعاسٌ
وفي غرفةِ الإعدامِ في سجنِ المزّة
كان يلتمعُ على الجدار بيت قطريّ بن الفجاءة:
روحي شَعاعاً تطير،
لا مشاهدَ تأخذني
لا ممرّاتٍ يعبرها الحزن
الخيامُ تخطُّ مشاهدَ العراء
والرمالُ تقهقه تحت الطرائد
موتُنا حياةٌ غيرُ مُنجزةٍ
وحياتُنا أقلُّ من ماءٍ وأكثرُ من زبد
لا مشاهدَ تأخذني لا ممرّاتٍ يعبرها الحزن
لا أفقاً يرفعُ القصائد خياماً على رملِ اللّغة
الموتُ فقط
الموتُ يمتحنُ الحقيقة
ويمتحنُ النصّ
يثبت أنه عصيٌّ على التصديق
لا يمكن أنْ تستبطن الموت
ولا يمكن أن تقول أنْ ثمّةَ حياةٌ بعده
إلّا إذا كان الموتُ خاتماً لحديد الحرب،
لم تتغيَّر الحروب
رتّبوا الجثث بملامحها المطموسة
صوتُ الرّياح يشبه الملامح الضّائعة
صوتُ طقطقة حوافرِ الخيلِ على الإسفلت يشبه وحشتي،
لم تتغيّر الحروب
لم يتغيّر الشّهود ولا الضحايا
ثمّة أبطالٌ مفضّلون جدُدٌ يُضفون على المعارك جوّاً من المرح
وثمّة أبطالٌ قدامى يستحضرهم القتل
أتابع المشهد من بعيد
أتابع المشهد وأعلم أنّ القتل اكتمالٌ مسبقٌ لما سنكون عليه
لا تكتملُ البلادُ إلّا بمشهدٍ دمويّ يعلّقهُ التّاريخ في مطبخه،
لا يحزنني الموت
تحزنني الطّرُق المفضيةُ إليه
الإيمان لا يرمّم حزني
أنا المؤمنة كمَثَل إيمان أجدادي القرامطة
الخناجرُ مغروزةٌ في وسائدِ أعدائنا النائمين
لأنّنا أندادٌ وأكثر
ولأنّنا نمنحُ الأعداءَ فرصةً ليصافحونا في الهُدَنِ والمصالح،
لا يحزنني الموتُ
أنا التي لم أحملْ معي كتاباً ولا سيفاً
ولم أسرجْ حصاناً ولا نملةً
ما حاجتي إلى كلّ ذلك؟!
وأنا التي قرأتُ حزن البلاد من الدمّ إلى الدّم
وحاربتُ بأصابعي وأسناني اللبنيّة
وأسرجتُ قدَمَيّ بالحفاء ومشيت.
* * *
بواسطة Mohammad Sha'baan | مارس 21, 2018 | Culture, Roundtables, غير مصنف
ينبوع
خُطواتكِ وردٌ يَهيمُ في أروقةِ الليل
بالأمس حَمَلتُ القناديلَ لها
لأضيءَ لِعِطْرِكِ الطَّريق إلى داخلي.
كاللؤلؤِ كنت جاريةً
في نَسْغِ غدي
حين رأيتك في حلمي نبعاً
بسطت لأرتوي
كفَّ يدي .
( ولم يعودوا)
انكفأت راياتي
في انهيار ألوانها
وجفت دمائي حول مسلاتهم
ولم يعودوا ..
بحثتُ عنهم
في بقايا الضوء
في الزوايا الاكثر فقراً للهواء
في الدروب الضريرة المعتمة
في الجبال وفي الندوب
في شراييني
في ذرات الملح العالقة
بين خيوط وجهاتي وأيامي
في كواكب الصمت الأحد عشر
في الأشلاء الطافية في نهر الأيام
في الغابات التي لبستها
وفي وهج الندى ..
في مغيبهم
تمتد الطحالب الداكنة
على رواق الصمت
ويغدو الفجر خيطاً نحيلاً
كأنه النسيان …
(قطارات)
قطارات ..قطارات ..
قطارات لا حصر لها،
على امتداد الشرايين
فوق خطوط السكك
المتجهة صوب الحدود،
كانت البلاد الحائرة المائجة
تضخُّ دمها المُتسربل في معاطف رمادية ..
قطارات تجرف الأشواق
تتسربل بجسد من الغيم الغامض
ويلفها لهاث المسافات،
موحشة تنحدر عبر الأنهار القديمة
وفي طوفانها ترخي ضوضاء الهدير على الجبال الخائفة ..
إنها جسور مسرعة يتراكض إليها الشجر على صفحة الماء
هناك عند الأفق تتعرى الأبراج المتعالية ممّن بناها
وتنحني في جهة رمادية.
(أبجدية )
مَأهُولةٌ رُوحي بِكَائِنَاتٍ أَبْجَدِيَّةٍ
وَعَلّمَتْنِي غَيْمَةٌ اسْمُهَا أُوْغَارِيت
أَنَّ المَنفى جَرِيْرَةُ الأسْئِلة
وَهَذِه إِشَارَتِي وُجُوْهٌ كَثِيْرَةٌ
لا تُفْضِي مَلامِحُهَا إِلى أَثَر
وَمِنْذُ انْحَدَرت الظِبَاءُ مِنْ المَرَايا إلى الليّلِ
بِتُّ لا أُصَدِّقُ القِطَارَات ..
أَلوذُ بِالمَعْنَى حينَ أَتَكَبَّدُ لِقَاءَ العَابِرينَ
وَأَتْرُكُ وَصِيّتي للنَبِيذ:
لا أَسْمَاءَ للغُرَبَاء
سَتَبْرأُ بُوْصِلتِي مِنْ إِدْمَانِ المَعَاجِمِ
حِيْنَ أَفْرَغُ مِنْ هَاجِسِ الجِهَاتِ .
(أصوات )
في فتنةِ الأناجيل
يُوقظني طَيفهم من الكنائس
فأترك الريح للأجراس
وأغسل وجهي بالبحيرة
أصواتهم تأتي من الغابات
ومن الأكاليل الضئيلة
وتسمع واضحةً في أقاصي الظلام
كأن نبرها مَحمولٌ على الجبال
والقصب الكفيف
تتوكأ على الصمت
هشة مُضرجة بالأعالي
محفوفة بالبنفسج والسراب
ترحل من حوافِّ الضوء
وتنضو في رائحة التراب …
( القطار )
القطار عبر تسع مدن وثلاثين بلدة
اجتاز المحطة ولم يأت بها،
العتمة التي تركها وراءه
غطت السياج الحجري
تسلقت الأغصان الفضولية للشرفة
مرت من الواجهة البلورية
وغيبت ساعة الجدار.
لم يعد مرجحا
رؤية معطفها على المشجب
أو شالها المبلل قرب الموقد
لم يعد مرجحاً أن نعثر ثانية على كنوزها الخاصة أو مراياها المضيئة.
الغبار انتشر على النضدد
وكسا مقاعد الضيوف زحف إلى الرفوف الخشبية ولامس الأكواب
ثم وصل إلى مسارب الماء في جوف المغسلة
الفراغ القاسي المحسوس بعد عبور الأبواب التي تفضي إلى الحجرات
القضبان الدفينة التي تلمح من الطلاء
وتلك الزاوية ضاقت وبدت موحشة خلف تمثال الرخام.
وحدها الأصوات الخفيفة الحية الآتية من اللوحة تقاوم الصمت
هناك حيث عمد الرسام كائناته المتوارية
وترك العشب ينمو على مهله.
(الصدى)
الأعشاب التي تزج برائحة مقترنة
ومحروسة بذكريات منسية
هاهي الآن تواصل زحفها على الممرات والطرق
وعلى العجلات الدؤوبة للوقت
كائنات الحديقة المتوارية في نومها رمادية وذاوية
والضوء الذي تسلل من الغيم
جعل الممر يبدو بعيداً جداً،
السياج المحكم كالوهم
والجبل أيضا بدا قابلا للعطب وأكثر فقراً.
كل شيء تغير في الخارج
ساكنو الليل وموقدوا النار لم يظهروا
لعلهم اقتفوا أثر الطيور واختفوا ..
وجهك تسلل بعد نومنا القصير
من النوافذ إلى أحلامنا
وترك أثره على المكان
العتمة المرهفة
الحواف الهشة غير المرئية لقطع الأثاث
التجاعيد الجديدة على الفاكهة،
البيانو المغلق كنعش
والكرسي الوحيد .
ليلك بات بعيدا الآن
لكن الصدى العميق للسوبرانو
الذي تركته حنجرتك
بقي يرن بوهن ويجرح فراغ المكان .
(الهدوء)
هاهو الهدوء قد رأب صدوع المكان
ردم الحفر وهدم الأوكار التي تركها الضجيج،
حط الرحال هنا كاملا وحيا
وصل محمولا على عجلات الوقت
من تلك الأمكنة هناك حيث ينأى المشاة
من الجبهات البعيدة ومن المتاريس الرثة والسواتر المدعمة
هناك حيث لجم هدير العتاد
وأوقف أنين العربات و دوي المدافع المرتدة ..
الهدوء تناهى هنا إلى الرابية عند أطراف البيوت
تخطى الأسيجة والجنائن وصل سليما ومعافى
واستراح على المصاطب والمقاعد تحت عناقيد الدالية
التي بدت ملامحها صافية ورقيقة الآن
همس برفق في بهو الممر فامتثلت له مقابض الأبواب
تلمس الأثلام العميقة التي تركها الخوف وراء الجدران
احتضن الزوايا التي نهشها الذعر
نزع الريبة والهواجس من الحجرات
خلص الستائر من الأضواء الهائجة
و أزال الأصداء الميتة من فراغ الممرات.
الهدوء طاف النواحي وأوقف تردي الهواء
محى ندوبا كثيرة سببتها الأصوات العمياء
أتى بالكثير من أمتعة العزلة وحقائب الصمت
أعاد الطيور إلى أرصفة الحور
أصلح بلطف أثواب النباتات الصغيرة
وشفى العشب المريض
في زيارته إلى الساقية
عانقته الجداجد مجدت صمته وهيأت حناجرها
و جوقة الليل وبزات الكرنفال .
(جميعهم)
جميعهم ذهبوا في التجليات المسكونة بالانتظار
وواظبوا على كسر الهواء ثم سكنوا في أعماق الشظايا
جميعهم أحرقوا البخور أو رفعوا كتباً سماوية
ثم تركوا قلوبهم لباعة متجولين
جميعهم أوقظوني من حلمي وحملوا الكلمات إلي
ولطالما أفقت ولم أجدهم
جميعهم اقتنعوا بالصمت و توحدوا ليبايعوا الظنون
كانوا مدججين بالعزلة يخفون ندوبهم
رأيتهم يحصون السنين ولا يلتفتون …
(الممحاة)
ووددتُ لو تركت بقيتي للريح ..
أتوضأ بأشلاء الجهات العميقة
وأنضوي في طيات الضوء
رذاذا داكن اللون، غيماً،
أو ملحاً لايرادفه الطحين …
قطعتني القطارات وأرخت هديرها
على هشاشة الثلج في ضباب هويتي،
عائداً من شمال الخريف
أخفي الصمت بثرثرة عابرة ،
اعتنقت رداتي لأكمل صلواتي
تتسع الأرض في شمسها وتضيق ممحاتي .
(مقهى)
لِوَجْهِكِ نَشْوَةُ أَوْلِّ الصَّحْوِ فِي صَبَاحِ بعيد
الزَنْبَقُ المُكْتَنِزُ فِي ثَنَايَاهُ
يَهِبُ لِكُلِّ زَاوِيَةٍ فِي سَرِيْرِكِ ذَاكِرة
لِيَدِيْكِ الصَّغِيْرَتِيْنِ مَقَامُ الرَّصْدِ
وَالأَنَامِلُ سَنَابِلُ تَسْتَكْتِبُ الأُرْجُوَان
وَحْدَهُ الشِّعْرُ يَقْرَأُ أَسْرَارَ لِيْلهُمَا
عِنْدَ أَوّل الفَجْرِ
يَصْعَدُ البُنُّ مِنْ خُطُوْطِ يَدِيْكِ
وَ يَمْنَحُ مَقْهَى لِرُوَّادِ هَذَا الحُلم .
بواسطة لامار اركندي | مارس 20, 2018 | Culture, News, غير مصنف
تحتضن نيران عيد “النوروز” فرحة المحتفلين الأكراد بقدومه في 21 آذار من كل عام، فتمتزج حلاوة استقباله بشغفِ آلامِ شعبٍ واكبَ القدرُ أزماته، فشهرآذار كما تقول “هيوا جميل” مدرسة اللغة الكردية: “لايمرّ مرور الكرام على الأكراد إلا ويجرّ خلفه مجزرةً، ويمضي بعد أن يأخذ حصته من قرابين احتفائه، لكن يبقى نوروز العيد الذي يتوج الفرح على بروج قلوبنا، ففي النوروز تمتزج الكرديات مع الطبيعة بزيهن الفلكلوري الذي يسحر بريقه ولمعانه وألوانه الزاهية الناظرين إليه، فأنا حين أرتدي زيي الشعبي أشعر أنني أصبحت ملكة، فألوانه وتصاميمه تشعرني بالماضي النابض في حاضري ومستقبلي.”
يُعتبر عيد النوروز من الأعياد القديمة والعريقة للأكراد فهم يحتفلون به منذ آلاف السنين، وهو يعتبر عيد ميلاد للطبيعة وعيد الحركة والنشاط والنمو والازدهار وتفجر الطاقات، وكما تضيف هيوا: “يصادف التحول الطبيعي في المناخ والدخول في فصل الربيع الذي هو فصل الخصوبة والنماء، وتجدد الحياة، فهو يحمل بعدًا قومياً عند الكرد، وصفةً خاصة مرتبطة بقضية التحرر من الظلم”.
صورة رقم 1: تظهر جزء من احتفالات عيد “النوروز”
شعلة كاوا الحداد
في ليلة العشرين من آذار (مارس) تضرم شعلة “كاوا الحداد” في كل المناطق الكردية إعلاناً عن قدوم عيد رأس السنة الجديدة عندهم.
بحسب الباحث والكاتب الإيزيدي “سالم الرشيداني” فإن عيد نوروز الربيعي يعني عند الأكراد ذكرى قومية ليوم تحررهم من الظلم والعبودية، حتى وإن كان ذلك من خلال ملحمة رمزية شعبية (كاوا الحداد) فالأسطورة الكردية تقول باختصار “إنّ ملكاً آشورياً شريراً اسمه (ضحاك أو زوهاك)، وفي مصادر أخرى كان ملكاً فارسياً، وبسبب شروره الكبيرة، كذبحه لأطفال الكرد، تغيب الشمس وترفض أن تشرق ثانية، وحتماً غيابها أدى إلى موت الحياة النباتية وجوع البشر. وبعد حزمةٍ من الأحداث المأساوية يبزغ نجم بطل قومي كردي اسمه (كاوا الحداد)، الذي يوقد النار في قلعة الضحاك ويقتله. عندئذٍ تشرق الشمس ثانيةً حسب الأسطورة، وتعود للأرض خصوبتها ورونقها واخضرارها، وبهذا تصبح نار قلعة الضحاك رمزاً لعيد النوروز الكردي.”
صورة رقم 2: الكاتب سالم الرشيداني
وللتأكيد على رمزية كاوا كبطل قومي في الحكايات الشعبية المتداولة بين الكرد، يزعم الباحث الرشيداني أنّ اندلاع ثورة (كاوا) قد تزامن مع “نوروز السنة الإيزيدية التي أرجئت الاحتفالات بها وإشعال النيران المقدسة خلالها بسبب وقوع الشعب الإيزيدي الكردي تحت اضطهاد حكم الضحاك الجائر. وعند قيام البطل كاوا الحداد بقتله أشعل النيران الاحتفالية علامةً للانتصارالمقدس للنور على الظلمة لأن شمس الحرية للكورد عادت من جديد. فلا غرابة من الجزم بأنّ عيد النوروز عيد كردي، لكن لا بد من الإشارة إلى اليوم الذي كان يحتفل به قديماً والذي يصادف يوم “سري سالي الإيزيدية” (أي رأس السنة الإيزيدية)”.
صورة رقم 3: دبكة جماعية بمناسبة عيد “النوروز”
نوروز (اليوم الجديد)
يشير ابن مدينة كوباني الشاعر (جان إبراهيم) إلى أن نوروز كلمة مركبة، فشقها الأول هو نو Nû ويعني الجديد، والشق الثاني إلى روج (ro j) وتعني اليوم، وبذلك تكون تسمية نوروز أصلها نوروج Nûroj وتعني اليوم الجديد في السنة الجديدة، أي رأس السنة الذي يعتبر أيضاً رأس السنة لدى شعوب آسيا الوسطى وغربي آسيا وبلاد القوقاز، وبعض شعوب الشرق الأوسط كالمصريين الذين مازالوا يحتفلون به باسم “عيد شم النسيم،” والإسماعيليين، وعند الأمازيغ يسمى عيد «ثافسوث».
ويتابع جان إبراهيم حديثه موضحاً بأن الزرادشتيين يعتقدون أنّ الإنسان قد خلق في الحادي والعشرين من آذار، وأنّ الملك ضحاك في الرواية الفارسية الذي انتصر عليه كاوا الحداد هونفسه الملك “جمشيد،” وأنّ النوروز هو ثورة على الظلم والطغيان والخلاص من الاستعباد والقتل.
وبحسب رواية الباحث المصري”عبد الكريم شاهين “كان ذاك الملك يقوم بقتل خيرة الشباب الكرد وبشكل يومي واستخدام مخاخهم كدواء للداء الذي ألم به، ولكنه قتل على يد الثائر كاوا الحداد وبذلك تحقق النصر على الطغيان، وأشعلت النيران في كل مكان احتفالاً بالنصر العظيم، وأقيمت الدبكات والاحتفالات وحلقات الرقص على أنغام الموسيقا الشجية”.
صورة رقم 4: الشاعر جان إبراهيم
طقوس الاحتفالات
تُشير “عزيزة فرحو” مسؤولة منظمة الدفاع عن حقوق المرأة الكردية في سورية ورئيسة تحرير مجلة بيلا سابقاً إلى أنّ الكرد يحتفون بعيد نوروزفي أحضان الطبيعة بارتداء زيهم الفلكلوري الزاهي وبأغانيهم الشعبية الحماسية. أما اليوم فقد باتت هذه الاحتفالات أكثر ثراءً بطابعها الخطابي والمسرحي والفني من حيث العروض الفنية الفلكلورية، أما بقية شعوب بلاد فارس فقد كانوا قديماً يحيون طقوسها باختيار ملكٍ مغلوبٍ من العامة يركبونه الحمار بالمقلوب تعبيراً عن إذلال الملك الطاغية، ويجوبون به ساحات المدينة والمحتفلون يرافقونه ساخرين منه.”
صورة رقم 5: نساء كرديات بأزياء ذات تصاميم مختلفة
الزي الكُردي… فلكلور توارثته الأجيال
اللباس الكردي جزء هام من ثقافته، ومُعبّر عن هويته رغم اختلاف بعض تصاميمه من منطقة كردية إلى أخرى. فالزي يعبر عن شعبه وحضارته وجذوره، والزي الكردي كما نوهت عزيزة فرحو :”جميلٌ بكل تفاصيله لكنّه لا يناسب الحياة العملية اليومية، ولذلك يبقى عند الكرد الزي الخاص للاحتفالات والأعياد، والمناسبات الرسمية فقط. فتصاميم الحداثة لم تنل من الزي الكردي بل أبقته محافظاً على لمساته الفلكلورية وألوانه المتشعبة والمتناسقة فيما بينها، وهذا ما يجعل المرأة الكردية محط إعجاب ناظريها. فزي المرأة الكردية مُكون من دشداشة طويلة تغطي في الغالب أخمص القدمين، وذات كمين طويلين يرتبطان بذيلين مخروطيين طويلين، ومنها ماتسمى بالكراس والخفتان. أما عند الرجال فتسمى بالشال والشابك والمؤلف من قطعتين، قميص وسروال.”
“نوهات الأحمدي” كغيرها من النساء الكرد تواظب على ارتداء هذا الزي في الأعياد والمناسبات السعيدة والأعراس، وتقول: “أفتخر بارتداء الزي الكردي الذي يميزني كامرأة كردية عن غيري من نساء القوميات الأخرى، فهو إرثنا الشعبي الذي ورثناه عن أجدادنا، زينا التقليدي له جمالية ينفرد به عن الأزياء الأخرى، والتغييرات البسيطة على التي طرأت عليه قد زادت من جماليته.”
صورة رقم 6: أسر كردية تحتفل بالنيروز
مآسي الكرد وثوراتهم في شهر نوروز
يعتبر قدوم النوروز مع بداية الربيع رمزاً يحمل في طياته كل معاني الخير والحب والجمال وسحر الطبيعة والسلام والحرية والخلاص من الظلم والاستعباد، لكنّ جعبته حملت بين طياتها الكثير من الألم والحروب التاريخية والإبادات وهم من قادوا أكثر من 40 ثورة منذ عهد السلطان العثماني (مراد الأول) سنة /1574/ إلى اليوم.
الكاتب الكردي ” شيرزاد شيخاني” يرفع الستار عن مآسي “آذار والأكراد” فيقول: ” في السادس من آذار من عام 1975 وقّع صدام حسين مع شاه إيران محمد رضا بهلوي معاهدةً في قمة الجزائر للدول المصدرة للنفط أوبك بوساطة من الرئيس الجزائري هواري بومدين عرفت في الأدبيات السياسية الكردية باتفاقية الجزائر المشؤومة التي أدت إلى انهيار الثورة التحررية الكردية، حيث قدّم صدام حسين الذي كان نائباً لرئيس مجلس قيادة الثورة حينذاك وهو أعلى سلطة تشريعية في البلاد تنازلاتٍ مشينةٍ عن مساحات واسعة من الحدود البرية والبحرية للعراق مقابل إيقاف الشاه دعمه للحركة الكردية بقيادة الزعيم الراحل الملا مصطفى البارزاني الذي بدأ ثورته في عام 1961. وقدّرت بعض المصادر عدد أفراد الجيش الذين زجهم النظام في حربه العنصرية منتصف شهر آذار من عام 1975 بأكثر من 200 ألف جندي وضابط معززين بألفي دبابة ومدرعة ومدافع ثقيلة ومتوسطة و70 طائرة عسكرية من مختلف الأنواع خصوصاً السوخوي والميغ الروسيتين والباجر الهندية الصنع من طرازات حديثة، يقابلهم في جبهة المواجهة المقاتلون البيشمركة ببنادق خفيفة من نوع البرنو وعدد صغير من الرشاشات المتوسطة ولكن بعزيمة قوية استطاعوا بها أن يصدوا الكثير من هجمات قوات النظام الدكتاتوري على جبهات القتال.”
كما شهد يوم 8 آذار 1921 قيام ثورة نوري ديرسمي، وفي 3 آذار من عام 1937 قيام ثورة ديرسم بقيادة سيد رضا، وفي 31 آذار 1947 أعدم القائد قاضي محمد وبعض من رفاقه بعد انهيار جمهورية مهاباد في إيران. وفي 16 و17و18 آذار 1988 قصفت حلبجة وخورمال والدجيلة بالسلاح الكيمياوي، والتي راح ضحيتها 5000 كردي من قبل نظام صدام حسين. وفي 6 آذار 1991 اندلعت انتفاضة كردستان العراق، وفي 12 آذار 2004 حدثت انتفاضة القامشلي. ومؤخراً في 18 آذار 2018 احتل الجيش التركي وفصائل المعارضة السورية المسلحة مدينة عفرين السورية وحطموا تمثال كاوا الحداد رمز مقاومة الظلم والطغيان.
صورة رقم 7: أسرة كردية من موقع الاحتفالات
نوروز يوم دولي
أُدرج عيد النوروز لأهميته الكبرى في قائمة اليونسكو التمثيلية للتراث الثقافي في 2009 بوصفه يمثل قيمة عالمية للإنسانية. وأعلنت الجمعية العامة، بموجب قرارها 64/253، يوم 21 آذار/مارس يوما دولياً للنوروز، بناءً على مبادرةٍ قدمتها في عام 2010 عدة بلدان منها (أذربيجان وأفغانستان وألبانيا وجمهورية مقدونيا اليوغوسلافية السابقة وطاجكستان وقيرغيزستان وكازاخستان والهند) بغرض مشاركة هذا العيد مع بلدان العالم وشعوبها.
بواسطة عمر الشيخ | مارس 16, 2018 | Culture, Roundtables, غير مصنف
إذا حزنتَ لا تُخبر النصوص التي تكتب أنك كذلك،
كي لا يُصاب الشعر بك، بالحزن.
إذا شعرت بالحب لا تعترف
وجرّب محو الحب بالبلاد الغافية على الجماجم،
ثم لا تعد للحرب كلما اتضحت غباشة الصور البطيئة،
إنهم يتعاهرون بالهدنة.
حين يصبح للموت كل هذا المديح و”البطولات”،
يكون الحطب قد أخذ اسماً دقيقاً: بشراً… بشراً…
ضع كوباً من الوقت على طرف سريرك،
وتناول كتاباً قديماً كنت قرأته حول محاربة المدن الكبيرة للمساحة،
أخبر الكتاب بأنك تكره الفراغات المتسعة في أي مشهد،
ثم ضع الكتاب على باب متاهاتك النائمة بالقرب منك، بئر الشهوات…
تلك التي تستعد لخطفك إلى أيقونات تسيل ماء بدل الزيت المقدس،
هنا ضع كوب الوقت لتأخذ اللحظات وقتها
بخروج روح الماء من أحزان الصور
وانظر للضوء الخافت، القادم من نافذ الغرفة،
ثمة نجم سوف يهبط على قلبك من العصور الطباشيرية،
عندما ينتهي نزيف الأيقونة
ويرتوي الوقت من لهاث متاهاتك ثم يتوقف للأبد،
تصبح هذه المتاهة امرأة غريبة.
أعد الحزن إلى مكانه الطبيعي، هناك في قفص الضوء،
لن تغرد أنفاسك 140 حرفاً فقط!
الحقائب المنتظرة أسفل الرحيل، هي حقائب الرئتين،
هيا أسرف في ذوبانك ولا تردّ على أحد،
احظر كل كائنات الإنس و اللعنة…
إنهم يريدون صوتهم من كهوف صدرك.
أبعد هواتف المعجزة عن باب رأسك،
الرنين الطويل للحلم لن يعد للوراء،
لن تتذكرك رائحة النهد،
لا تلمس هذا اليباس فقد تكسر ذكراه،
إنه ما بقي من عصير المشمش على صوتها،
هي كذلك، كل الزوايا ترتد إليك… بها،
ترتدّ اختناقاً في تقطيع الماضي الأخرس.
(لارنكا – 10 آذار 2017)
أنا… الغرباء
الغرباء يدخلون إليكَ من أوسع أبواب السؤال،
تطيح بهم جمعياً بحطام واحد منك!
على أن تكون العيون براميل الموتى الذين يقف الغرباء
بحثاً عليهم…
بحثاً عن تساقطهم من مروحية “النصر“!
وتسأل: إذا كان للضحايا كل تلك الصور في خرائط الشاشات،
لماذا لا يراك الغرباء إلا شبيهاً بالأسئلة،
وماء يديك ينخرط مرارات في كتب ذكرياتهم؟
الغرباء يطوّبون الوجوه السائلة على صفحة شفاههم،
ثم يدوّنون هذا الصوت…
يدوّنون فعلتهم تلك: أجل، لقد نظروا إليك،
كنتَ الغريب الوحيد بينهم،
وهم
أصحاب المكان
أصحاب الرحيل…
لارنكا – (بار 1900) 11 كانون الثاني 2018
موت ناصع
نحن افتراض الطُعون على منصات الحقوق!
لا طوابع على جباهنا، ولا أختام تعدّل لنا الحياة،
نحن عفونة الملح في أوراق الطُعون
فكرتها وسحاق شهوتها، نعبث في شاطئ خيالها
ويقدمنا قضاة الحزن في مرافعة الرحيل
نغرق في دعوة الرفض، ثم لا يمنحنا الآمنون رخصة للهواء…
نقسّم أحلامنا على رذاذ الرمال، يتضاعف خصامنا منّا وهو يحدق بهشاشة في أحشائنا الطينية.
من يعبق قرب عظامنا بالنهاية، فليحمل لنا ثعابين الخلاص أو يرسل إلى الله حبالاً لتسحب هذه الجثث من برزخ صراخها.
نتفوّق على حمرة دمنا في خَرق بياض الصفحات وتنقيط وحي الإله، وأقدار عجزنا المذوّبة طوال ثلاثين عاماً نرتدي نتوء القصائد المحترقة تحت نواح الموت الناصع…
تعالوا عربدوا على حكاياتنا وملفاتنا، وصورنا الإجرامية إلا قليلاً،
هيا اكتبوا نحونا صعود الرثاء، وعانقوا فينا الوحوش النائمة، أخرجونا من كبريائنا وذاكرتنا، وفصّلوا لنا أطقم الرمال النادمة، ربّما تكللنا أصابع أولادكم وهم يهيلون التراب على أحذيتنا قبل أن يشعلوا الفتيل…
نرجع إلينا في أرصفة المَهَاجر وطلائع العيون البيضاء تمشي أمامنا،
ترحب بنا كنائس المدينة ببطء الحروب التي صلبت حجارتها ورؤوسنا تنحني لتبعد عن دربها أصوات البحر العالقة بين قبور القديسين،
ها نحن نعبر إلى عصور العدم، لا هواء يدخل الجسد! والأرواح تحوم في العيون البيضاء، العيون التي اقتلعتها أقدرنا ومضت وراءنا…
لارنكا – 26 أيلول 2017