سوريا في أسبوع 11 شباط / فبراير 2019

سوريا في أسبوع 11 شباط / فبراير 2019

أنفاس أخيرة لـ “داعش

10 شباط /فبراير

تخوض “قوات سوريا الديمقراطية” الكردية – المدعومة من واشنطن الأحد اشتباكات ضارية في شرق سوريا في إطار “المعركة الحاسمة” التي تشنها لطرد التنظيم من آخر معاقل “الخلافة” التي أعلنها “داعش”.

ومني التنظيم الذي أعلن في العام 2014 إقامة ما أسماها “الخلافة الإسلامية” على مساحات واسعة سيطر عليها في سوريا والعراق المجاور تقدر بمساحة بريطانيا، بخسائر ميدانية كبرى خلال العامين الأخيرين. وبات وجوده حالياً يقتصر على مناطق صحراوية حدودية بين البلدين.

وكانت “قوات سوريا الديموقراطية” أعلنت السبت بدء “المعركة الحاسمة” لإنهاء وجود عناصر التنظيم الذين باتوا يتحصنون في آخر معاقلهم في شرق البلاد، بعد توقف دام أكثر من أسبوع للسماح للمدنيين بالفرار.

ولا يزال هناك نحو 600 متطرف غالبيتهم من الأجانب محاصرين فيها. وليس معروفاً إذا كان زعيم التنظيم المتطرف أبو بكر البغدادي موجودا في الجيب المحاصر. ودفعت العمليات العسكرية، وفق المرصد، أكثر من 37 ألف شخص إلى الخروج من آخر مناطق سيطرة التنظيم، غالبيتهم نساء وأطفال من عائلات عناصر التنظيم، وبينهم نحو 3400 عنصر من التنظيم، بحسب المرصد.

إدلب بين “حلين

9 شباط /فبراير

ظهر سباق بين الحليفين الروسي والتركي لملف «مثلث الشمال» السوري بين تلويح موسكو بـ«عملية محدودة» في ريف إدلب وسط استمرار القصف من قوات الحكومة السورية وبين مساعي أنقرة لـتذويب عناصر محليين من «جبهة النصرة» في تكتل عسكري تابع للمعارضة.

وكثفت الاستخبارات التركية اتصالاتها مع معارضين لـ«تشكيل عسكري ومدني يتم من خلاله تذويب السوريين في جبهة النصرة مع قوات الجيش الوطني» التابعة لحكومة المعارضة، وأنه يجري بحث «توزيع الصلاحيات والمهام بين الجسمين» ومصير الأجانب الموجودين في «هيئة تحرير الشام» التي تضم «النصرة».

في المقابل، تعرضت أمس مدينة خان شيخون جنوب إدلب لقصف وسط استمرار دمشق بإرسال تعزيزات إلى أرياف مجاورة وتلويح موسكو بدعم «عمل عسكري محدود» قد يشمل جسر الشغور، حيث يقيم «الحزب الإسلامي التركستاني».

جاء ذلك قبل أيام من القمة الروسية – التركية – الإيرانية في منتجع سوتشي الروسي الخميس المقبل.

ثلاثة ملفات وثلاثة رؤساء

 8 شباط / فبراير

ثلاثة ملفات سورية مطروحة على طاولة الرؤساء الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب إردوغان والإيراني حسن روحاني في سوتشي يوم الخميس المقبل: ملء الفراغ بعد الانسحاب الأميركي، مصير «مثلث الشمال» السوري، اللجنة الدستورية والتوافق على القائمة الثالثة.

 يختلف اهتمام كل من روسيا وتركيا وإيران إزاء كل واحد من الملفات الثلاثة، ما يفتح الباب مشرعاً لإمكانية المقايضات بين «الضامنين». أحد السيناريوهات، أن تكتفي موسكو بـ«عملية محدودة» في إدلب وإعطاء مزيد من الوقت لأنقرة مقابل «مرونة» تركية في اللجنة الدستورية وقبول أنقرة اعتماد خيار «اتفاق أضنة» بديلاً من «المنطقة الأمنية”.

تحذير من كارثة

7 شباط/فبراير

حذر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة من أن أوضاع أكثر من 40 ألف شخص في مخيم الركبان للاجئين جنوب سوريا، تشهد تدهوراً حاداً.

وقالت مروة عوض، المتحدثة باسم برنامج الأغذية العالمي في سوريا إن الأمر يتعلق بواحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية التي شهدتها حتى الآن، وأضافت: «الناس منهكون. يمكن رصد الكثير من الإنهاك في أعينهم».

تجدر الإشارة إلى أن عوض ضمن قافلة الإغاثيين التي وصلت يوم الأربعاء الماضي إلى المنطقة. وضمت القافلة أكثر من 130 شاحنة محملة بمواد غذائية وأدوية وملابس ثقيلة. وهذه أول قافلة إغاثة تصل إلى المنطقة منذ ثلاثة أشهر، وهي الأكبر في سوريا في تاريخ الأمم المتحدة، بحسب بيانات عوض.

يشار إلى أن أغلب اللاجئين في الركبان من النساء والأطفال. ويقع المخيم في منطقة صحراوية بالقرب من الحدود الأردنية. وبسبب نقص الإمدادات وانخفاض درجات الحرارة في فصل الشتاء، توفى خلال الأسابيع الماضية الكثير من الأطفال، وبينهم رضع.

وفي يونيو (حزيران) من عام 2017، أعلن الأردن الركبان منطقة عسكرية مغلقة في أعقاب هجوم استهدف نقطة حدودية أردنية قريبة كانت تقدم خدمات للاجئين، وأسفر عن مقتل ستة جنود وإصابة آخرين. وأعلن «داعش» مسؤوليته عن الهجوم آنذاك.

انسحاب كامل ليس “كذبة نيسان

7 شباط/فبراير

ذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية أن الجيش الأميركي يستعد لسحب جميع قواته من سوريا بحلول نهاية أبريل (نيسان) المقبل.

وقالت الصحيفة، إنه ما لم تغير إدارة ترمب مسارها، فإن الجيش يعتزم سحب جزء كبير من قواته البالغ قوامها ألفي جندي بحلول منتصف مارس (آذار) مع انسحاب كامل بحلول نهاية أبريل.

ورفضت وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) التعليق على هذه الخطط. وقال القائد البحري شون روبرتسون، للصحيفة: «نحن لا نناقش الجدول الزمني للانسحاب الأميركي من سوريا».

وقال الرئيس الأميركي دونالد ترمب أول من أمس إنه يعتقد أنه بحلول الأسبوع المقبل سيكون قادراً على الإعلان عن هزيمة تنظيم داعش.

وقال ترمب خلال اجتماع لوزراء خارجية التحالف الدولي ضد التنظيم المتطرف في واشنطن: «أريد أن أنتظر الكلمة الرسمية. لا أريد أن أقول ذلك مبكراً». وكان ترمب قد أمر الجيش بإنهاء وجوده في سوريا، رغم أنه لا يوجد جدول زمني محدد وسط مخاوف متزايدة حول ما يمكن أن يعنيه غياب الولايات المتحدة. وأعرب مسؤولون من دول أوروبية عدة عن قلقهم حول «الفراغ» المحتمل الذي يمكن أن يخلفه انسحاب القوات الأميركية.

إيران تحشد لـ “ملء الفراغ

 6  شباط/ فبراير

كثفت إيران من التحركات الميدانية لتجنيد عناصر في ميلشياتها شرق سوريا في محاولة لـ«ملء الفراغ» بعد الانسحاب الأميركي.

وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن «وفداً إيرانياً زار مدينة الميادين، وحث الشباب في المدينة وريفها على العودة إلى مناطقهم، والالتحاق بصفوف القوات الإيرانية والميليشيات الموالية».

جاء ذلك غداة إعلان وزير الطرق وإعمار المدن الإيراني محمد إسلامي تدشين طريق سريعة تربط كرمان شاه في غرب إيران بمدينة حميل شرق سوريا. واستقبلت طهران أمس وزير الخارجية السوري وليد المعلم، الذي التقى الرئيس الإيراني حسن روحاني لتفعيل التعاون الاقتصادي.

من جهته، أبلغ وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف وسائل إعلام روسية، أن بلاده ستسعى إلى لعب دور وساطة بين أنقرة ودمشق. وفي انتقاد غير مباشر لإصرار أنقرة على إقامة منطقة أمنية، قال ظريف: «لا يمكن استبدال احتلال باحتلال آخر».

واستضاف وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أمس في واشنطن، اجتماع وزراء الخارجية الذين يمثلون «المجموعة الصغيرة» للحلفاء الأميركيين الذين يركزون على سوريا، قبل اجتماع التحالف الدولي ضد «داعش». وقال بومبيو إن الولايات المتحدة «ستواصل قيادة» التحالف الدولي للتصدي لـ«داعش» رغم انسحابها المزمع من سوريا.

عرب وأكراد لـ “ملء الفراغ

6 شباط/فبراير

عرض رئيس «تيار الغد» السوري أحمد الجربا على مسؤولين أميركيين وأتراك ورئيس إقليم كردستان السابق مسعود بارزاني نشر نحو 10 آلاف مقاتل عربي وكردي في «المنطقة الأمنية» شمال شرقي سوريا.

وتعمل واشنطن وأنقرة على وضع اللمسات الأخيرة على خطة لإقامة «منطقة أمنية» بعمق بين 28 و32 كيلومتراً بين جرابلس شمال حلب وفيش خابور قرب حدود العراق بعد الانسحاب الأميركي من شرق الفرات. وطالب الجانب التركي بأن تكون المنطقة خالية من القواعد العسكرية والسلاح الثقيل الأميركي وإخراج نحو 7 آلاف من «وحدات حماية الشعب» الكردية.

وأوضحت مصادر أن مسؤولين أميركيين وأتراكاً وبارزاني دعموا اقتراح الجربا بنشر بين 8 و12 ألف مقاتل من «قوات النخبة» التابعة له ومن «البيشمركة» التي تضم مقاتلين أكراداً وسوريين تدربوا في إقليم كردستان، وإمكانية توفير دعم جوي أميركي للقوة من قاعدة «عين الأسد» غرب العراق ومن قاعدة التنف جنوب شرقي سوريا.

في المقابل، شكك قياديون في «الوحدات» بإمكانية نجاح هذا المقترح وواصلوا محادثاتهم مع موسكو ودمشق للوصول إلى ترتيبات بعد انسحاب أميركا. واقترحت روسيا، من جهتها، تفعيل «اتفاق أضنة» السوري – التركي.

والتقى الجربا ووفد من شرق سوريا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في موسكو للحصول على دعم لخطته.

بيدرسون والمعلم في طهران

5 شباط/فبراير

زار وزير الخارجية السوري وليد المعلم، والمبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسون العاصمة طهران في أول زيارة له لإيران، لعقد جولة من المباحثات مع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف.

وذكرت وكالة أنباء فارس الإيرانية أن بيدرسون التقى وزير الخارجية الإيراني وكبير مستشاري وزير الخارجية الإيراني للشؤون السياسية الخاصة حسين جابري أنصاري.

وهذه هي أول زيارة لبيدرسون إلى العاصمة الإيرانية طهران منذ تعيينه مبعوثاً أممياً خاصاً إلى سوريا خلفاً لستيفان دي ميستورا.

وتأتي زيارة المعلم وبيدرسون لطهران في الوقت الذي سيشهد منتجع سوتشي الروسي في الرابع عشر من الشهر الجاري قمة ثلاثية للدول الضامنة لعملية آستانة، وهي إيران وروسيا وتركيا.

وقف أوروبي لـ “الهرولة” العربية

4 شباط /فبراير

عقد في بروكسل اجتماع مؤتمر وزاري للدول العربية والأوروبية، كان أحد ملفاته الرئيسية ضبط «التطبيع العربي مع دمشق».

وجرى جهود لتبني «الانخراط المشروط» خلال القمة الأوروبية – العربية القادمة في العاصمة المصرية، إضافة إلى تمسك الدول الأوروبية والمانحة بموقفها من «ربط المشاركة في إعمار سوريا بتحقيق تقدم بالعملية السياسية ودعم مهمة المبعوث الدولي غير بيدروسن».

وقالت مصادر مطلعة إن «بعض الدول اشترط التريث في مسيرة التطبيع مع دمشق لعقد القمة الأوروبية – المتوسطية، وإن دولاً أوروبية كبرى لن تقبل أن تشكل القمة المشتركة شرعية لقرار قمة تونس التطبيع مع النظام السوري». وبحسب المصادر، فإن «نصائح» أميركية وأوروبية ساهمت أيضاً في «فرملة التطبيع»، سواء عبر احتجاجات قدمها سفراء غربيون، أو عبر زيارة وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو إلى المنطقة العربية الشهر الماضي، إضافة إلى عقوبات أوروبية ضد شخصيات مقربة من دمشق، وإقرار الكونغرس الأميركي مشروع قرار ينتظر موافقة الرئيس دونالد ترمب يتعلق بـ«معاقبة المشاركين في الإعمار».

اليسار السوري.. التباس الهوية والخطاب

اليسار السوري.. التباس الهوية والخطاب

*ينشر هذا المقال ضمن الطاولة المستديرة ما الذي تبقى من اليسار السوري؟

يلتبس تعريف اليسار في سورية، فمن النادر أن نجد حزباً يسارياً راديكالياً أو واضح الهوية والتوجه، إذ إن أحزاب اليسار بمعظمها باتت هجينة ورمادية، تفتقر إلى ماهية واضحة، حتى أنها تتماهى مع اليمين أحياناً.

يُجمع العديد من السوريين على أن أفكار اليسار خلال العقود الماضية كانت أقرب إلى “الطوباوية والوردية الحالمة”، وقد عجزت تلك الأفكار التي وعدت الناس بمجتمع مثالي عادل، عن تطبيق أيديولوجياتها وتصوراتها.

الموظف المتقاعد والشيوعي السابق خالد عماد يرى أن “جميع أيديولوجيات اليسار قد فشلت، رغم أنها بنيت على أفكار نبيلة وعادلة، وذلك لأن الممارسة لم ترتق إلى مستوى التنظير والشعارات، والتصورات جاءت من رؤيا جاهزة ومعلّبة لم تستقرئ طبيعة وظروف المجتمع السوري، ما جعلها عاجزة عن إحداث التغيير المنشود”. ويصف خالد التجربة الشيوعية السورية بأنها كانت “أشبه بعملية استيراد للشيوعية السوفيتية والعالمية، دون محاولة تكييفها وتطويعها لتتلاءم مع الواقع السوري”.

فيما تعزو خريجة علم الاجتماع عبير أبو محسن فشل أحزاب اليسار إلى “هيمنة النزعة الفردية والشللية داخل الحزب نفسه”، وتستقي رأيها هذا من تجاربها الشخصية: “معظم أعضاء الأحزاب اليسارية الذين التقيتهم كانوا يكيلون الاتهامات لبعضهم البعض ويشوّهون سمعة من يخالفهم الرأي من زملائهم، كوصفه بالعمالة للمخابرات”. وتشبّه عبير بعض الأحزاب اليسارية بـ “الطوائف الدينية”، كونها “تبني قوتها وقواعدها عبر انتقادها ونسفها للأحزاب النظيرة، وتحاكي قياداتها أدوار رجالات الدين بتكريم المقربين منها وتخوين من يشذَّ عن القاعدة أو ينتقد سلوكياتها وممارستها، كما تحتكر القيادة وتتناقلها بالوراثة، لتحاكي بذلك سياسة السلطة” بحسب أبو محسن.

 وبالمقابل يرى سامر عواد، الموظف في شركة قطاع خاص، جانباً مضيئاً للتجربة الشيوعية “فهي ساهمت، رغم شللها وعجزها سياسياً، في نشر حالة من الثقافة وعادات القراءة بين الناس، وزرعت بعض الوعي والأفكار الثورية في أذهان الكثيرين، كالوقوف في وجه الظلم والسعي نحو فكرة العدالة “. ويضيف عواد “التجربة أنصفت الكثير من النساء وحررتهن من قيود الدين والمجتمع، حيث خلقت حالة مدنية في بعض المجتمعات المصغَّرة وجابهت العادات والتقاليد فيها، كما حررت بعض العقول الرجعية من التخلف، فمن نشأ في بيتٍ شيوعي كان أكثر تنوراً وثقافةً وانفتاحاً من غيره”.

أما الماركسي معتز عيسى، الذي يعمل في ورشة صناعية، فيرى أن حزب العمل هو التجربة الفدائية الوحيدة التي “اتخذت نهجاً راديكالياً مقاوماً يُذكِّر بأدبيات اليسار، في وقت نهجت فيه معظم أحزاب اليسار نهج السلطة، بل وجلست في حضنها”. مشيراً إلى أنه “كان يمكن للتجربة أن تحدث تغييراً سياسياً حقيقياً لو تمكنت من تأسيس أرضية صلبة ومتينة لها، لكن اعتقال معظم كوادر الحزب ساهم في التسريع في موت التجربة”.

 اليسار بين السُبات والشلل

تم تقزيم وتقييد معظم أحزاب اليسار مع بدايات السبعينيات بضمِّها إلى “الجبهة الوطنية التقدمية” التي يقودها حزب البعث الحاكم، ويحتل أكثر من نصف مقاعد قيادتها، وهو أمرٌ “قصم ظهر اليسار وأصابه بالشلل والمرض” وفقاً لرأي المحامي ياسر (اسم مستعار) الذي يسخر من الأمر متسائلاً ” كيف ليسارٍ يدّعي مناصرة الفقراء والمظلومين والنضال ضد الاستبداد أن يكون تحت جناح حزب سلطوي؟ وكيف لقياداته أن ترضخ تحت وصاية من اشتراها بإشراكها نظرياً في بعض المناصب الهامشية والشكلية، بطريقة تضمن عجزها عن رفع صوتها السياسي أو التدخل في صنع أي قرار؟”.

ويصف المحامي ياسر انضمام الحزب الشيوعي إلى الجبهة بـ “التنازل المذل”، مشيراً إلى أنه “فتح باب الانشقاقات داخل الحزب وأسهم في انحسار نفوذه وخسارته للكثير من جماهيره التي فقدت الثقة به، فقلّ بذلك عدد المنتسبين إليه وفشل باستقطاب منتسبين جدد، باستثناء من ورث الانتماء الحزبي عن عائلته”.

ونتيجة شلل الدور السياسي للأحزاب اليسارية خلال نهايات القرن الماضي وبدايات القرن الحالي، توجه معظمها نحو النشاط المدني والأهلي، كعقد عدّة اجتماعات شكلية، وتقديم الندوات والمحاضرات الثقافية، وإقامة الرحلات والحفلات الفنية، بالإضافة للاحتفال ببعض المناسبات والأعياد الوطنية.

يقول الكاتب اليساري أحمد -الذي فضل عدم ذكر اسمه الكامل- في وصف تلك المرحلة: “ابتعدت خطابات اليسار عن معترك السياسة ووجع الشعب المقموع، لتتبنى قضايا خارج الساحة السورية، كالقضية الفلسطينية ومناهضة الرأسمالية والإمبريالية العالميتين وانتقاد النفوذ الأمريكي المهيمن عالمياً”. مضيفاً” اكتفى بعض اليساريين بتشكيل تيارات سياسية ذات توجه عالمي كـ (تيار مناهضة العولمة) بالإضافة لتأسيس منتديات وتجمعات مصغرة ذات صبغة ثقافية مدنية، لا تتبنى أي خطاب سياسي”. وعن تجربة إعلام الأحزاب الشيوعية يقول الكاتب أحمد “باستثناء تجربة المناشير والجرائد السرية، كـ(الراية الحمراء ونداء الشعب(، لم يقدم الإعلام الرسمي لليسار أي خطاب سياسي فاعل أو مؤثر”. ويعطي أحمد مثالاً عن هذا  جريدتي “قاسيون” و”النور”، فخطاب الأولى اقتصر برأيه على “بعض الانتقادات الخجولة، كالحديث عن الواقع المعاشي والاقتصادي وغلاء الأسعار والبطالة، فيما أفردت معظم صفحاتها للحديث عن اليسار العالمي والمشاريع الإمبريالية وغيرها”. أما جريدة “النور” فهي”تشبه الصحف الحكومية كالثورة والبعث، مع فارق أنها تتطرق إلى بعض مشاكل المجتمع والخدمات بشكل سطحي، وتتناول بعض المواضيع الثقافية وقضايا المرأة” بحسب أحمد.

اليسار بعد عام 2011

مع انطلاق الحراك الشعبي في سوريا، تلقى اليسار بمعظم أحزابه وتياراته انتقاداتٍ واسعة من قبل من توقعوا منه أن يكون في طليعة المنخرطين بالحراك أو الداعمين له على الأقل، إلا أن اليسار خذل من آمن به أو وثق بأفكاره وعجز مرة أخرى عن لعب دور فاعل، باستثناء بعض أفراده، الذين انضموا للحراك انطلاقاً من مواقف شخصية خارجة عن رؤية وتوجه أحزابهم.

يقول المهندس مازن عروة عن حال اليسار خلال هذه المرحلة “اقتصر خطاب قسم كبير منه على انتقاد تجمعات المتظاهرين الخارجة من دور العبادة، إذ رأى فيها تهديدًا للعلمانية التي يزعم أنه يتبناها، دون أن يقدم خطاباً ثورياً مدنياً بديلاً يوافق تصوراته وأفكاره التي نظَّر لها طويلاً”، ويضيف مازن ذو النشأة الشيوعية” قسم آخر غلبته النزعة البراغماتية، فركض خلف مصالحه لينال قسمته من أرض الواقع على ما في ذلك من تنازلاتٍ أيديولوجيةٍ وأخلاقية، فيما ترك بعض اليساريين، رغم نزعتهم الثورية، الساحة لقوى الأمر الواقع  ليكتفوا بالتنظير والتحليل وكتابة مؤلّفاتهم”.

وبرأي الفنانة التشكيلية سلوى، التي فضلت عدم ذكر كنيتها، منحت هذه المرحلة الأحزاب الشيوعية التقليدية “فرصة ذهبية”، كان يمكن أن تعيدها إلى صفوف اليسار الحقيقي، لتسترجع احترام من فقد الثقة بها “لكنها فضلت الاستبداد المألوف على التغيير المجهول” بحسب تعبيرها.

 وتنتقد سلوى، ذات التوجه اليساري، “حزب الإرادة الشعبية”، قائلةً “رغم تنظيره عن معاناة الشعب المضطهد، وقف الحزب موقف المتفرج على ما يجري في البلاد، وبدا وكأنه يعيش حالة فصام، فهو يريد أن يكون في السلطة وفي ذات الوقت يسارياً ومعارضاً لها، إذ كيف لأمينه العام أن يصبح وزيراً في الحكومة التي لطالما انتقد سياساتها سابقاً؟”.

من جهته ينتقد المدرس وليم حسون تحالفات بعض أحزاب اليسار، كتحالفها مع الأخوان المسلمين ضمن “المجلس الوطني السوري”، واصفاً تلك الأحزاب بـ”الخائنة لتاريخها النضالي”. كونها “تجاهلت فكرها وشعاراتها ومبادئها لتلتقي مع قوى يمينية ورجعية -كانت تناضل ضدها في مراحل سابقة- تحت حجة “ضرورات المرحلة” و”الغاية تبرر الوسيلة”، ويقول حسون “خضعت بعض تيارات اليسار لتبعية الغرب وسياساته وتلقت دعماً خارجياً، ما جعلها تقع في فخ الأجندات السياسية التي أوجدها المال السياسي، وبذلك حادت عن مسارها اليساري متخذةً مساراً ليبرالياً لطالما حاربته في خطاباتها السابقة”.

Syria in a Week (29 January – 4 February 2019)

Syria in a Week (29 January – 4 February 2019)

The following is a selection by our editors of significant weekly developments in Syria. Depending on events, each issue will include anywhere from four to eight briefs. This series is produced in both Arabic and English in partnership between Salon Syria and Jadaliyya. Suggestions and blurbs may be sent to info@salonsyria.com.

 

Ankara “Communicating” with Damascus

3 February 2019

Turkish President Recep Tayyip Erdogan said on Sunday that his country has maintained low-level contacts with the Syrian government even though Ankara has supported the armed opposition who fought for years to topple the government. He said that intelligent services operate differently to political leaders. “Leaders may be cut out. But intelligence units can communicate for their interests,” Erdogan said. “Even if you have an enemy, you should not break the ties. You may need that later,” he added.

Foreign Minister Mevlut Cavusoglu said in December Turkey and other countries would consider working with Assad if he won a democratic election. Last month, Cavusoglu said Ankara was in indirect contact with Damascus via Russia and Iran.

Erdogan is due to meet Russian President Vladimir Putin and Iranian President Hassan Rouhani for talks on Syria in the Russian resort of Sochi on 14 February.

Al-Hol Children Freezing to Death

1 February 2019

The UN High Commissioner for Refugees said on Friday that it asked the US-backed Syrian Democratic Forces (SDF) to designate a site on route to al-Hol camp where civilians fleeing fighting in harsh winter can get aid after twenty-nine children died.

The SDF are fighting ISIS in the Hajin enclave of Deir Azzor governorate in northeast Syria. They are in “de facto” control of the zone, but have not replied to the request made two weeks ago, the UNHCR said.

Civilians, mainly women and children, are fleeing towards al-Hol camp, whose population has tripled in two months to thirty-three thousand.

At least twenty-nine children and babies are reported to have died in the camp in northeastern Syria over the past eight weeks, mainly due to hypothermia and malnourishment, the World Health Organization (WHO) said on Thursday.

Near End of ISIS Pocket

29 January 2019

The acting US Defense Secretary Patrick Shanahan said on Tuesday that ISIS is expected to lose its final bits of territory in Syria to US-backed forces within a couple of weeks.

The Kurdish-led Syrian Democratic Forces, which have been backed by two thousand US troops and air support, are preparing for a final showdown with Islamic State in eastern Syria after helping drive the fighters from the towns and cities that once formed the group’s self-proclaimed caliphate.

The SDF said on Tuesday that Islamic State fighters in eastern Syria are pinned down in a tiny pocket with their wives and children, forcing the SDF to slow its advance to protect civilians.

“I’d say 99.5 percent plus of the ISIS-controlled territory has been returned to the Syrians. Within a couple of weeks, it will be 100 percent,” Shanahan told reporters at the Pentagon.

Senate Rebukes “Symbolic Withdrawal”

1 February 2019

The Republican-led US Senate advanced largely symbolic legislation on Thursday opposing President Trump’s plans for any abrupt withdrawal of troops from Syria and Afghanistan. The Senate voted sixty-eight to twenty-three in favor of a non-binding amendment, drafted by Republican Majority Leader Mitch McConnell saying it was the sense of the Senate that ISIS groups in both countries continue to pose a “serious threat” to the United States.

The amendment acknowledges progress against ISIS and al-Qaeda in Syria and Afghanistan but warns that “a precipitous withdrawal” without effective efforts to secure gains could destabilize the region and create a vacuum that could be filled by Iran or Russia. It calls upon the Trump administration to certify conditions have been met for the groups’ “enduring defeat” before any significant withdrawal from Syria or Afghanistan.

Coalition Planes Target Syrian Army

3 February 2019

US-led coalition jets attacked a Syrian army position near the battle front against the ISIS pocket late on Saturday, causing damages and injures.

“U.S. coalition aircraft launched an aggression this evening against one of the Syrian Arab army formations operating in the Albukamal area in the southeastern countryside of Deir Azzor,” Syrian Arab News Agency (SANA) cited a military source early Sunday. The attack injured two soldiers and destroyed an artillery piece, SANA added.

Our partner forces were fired upon and “exercised their inherent right to self-defense,” the coalition spokesman said, adding that the incident is under investigation.

Army Bombardment of Idlib

29 January 2019

Rescue workers and the Syrian Observatory for Human Rights (SOHR) said that Syrian army shells killed more than ten people on Tuesday in the opposition pocket in northwest Syria, where Russia and Turkey agreed on a truce in September.

The civil defense said Tuesday’s shelling hit the town of Maarat al-Numan, killing twelve civilians and injuring twenty-five, as well as other towns and villages in the southern part of the enclave. The SOHR said two children were among eleven people killed on Tuesday.

Syrian state news agency SANA said: “The army carried out precise operations against the positions of terrorist groups in the southern countryside of Idlib… Syrian Arab Army units in the northern countryside of Hama responded to terrorist violations of the truce in the de-escalation zone with concentrated attacks on their movement and infiltration towards military posts and villages.”

Targeting of the Salvation Government

29 January 2019

The Syrian Observatory for Human Rights said that a female suicide bomber targeted the headquarter of the National Salvation Government in Idlib, which is a governing council linked to Nusra, on Tuesday, killing one person and injuring three others.

The attack follows a series of attacks in the opposition-held northwest in recent months, where rival factions have fought for control.

US Ruling in Colvin’s Killing

31 January 2019

A US judge has ruled that Syrian President Bashar al-Assad’s government is liable for at least $302.5 million in damages for its role in the 2012 death of renowned American journalist Marie Colvin while covering the Syrian civil war for Britain’s Sunday Times.

Judge Amy Berman Jackson said in a ruling made public on Wednesday that the Syrian government was “engaged in an act of extrajudicial killing of a United States national.” Colvin (56 years) and French photographer Remi Ochlik were killed in the besieged Syrian city of Homs in 2012 while reporting on the Syrian conflict.

Iranian-Syrian “Eternal” Deals

28 January 2019

Iran struck economic and trade deals with Syria on Monday. The Iranian Vice President Eshaq Jahangiri said that Tehran reached “very important agreements on banking cooperation” with Syria. Iran will also help repair power stations across Syria and set up a new plant in the coastal governorate of Lattakia, he added.

Syrian Prime Minister Imad Khamis said Syria and Iran signed an agreement on Monday for long-term economic cooperation which includes industry, trade, and agriculture.

The two countries signed several memorandums of understanding during Jahangiri’s visit to Damascus which Khamis described as historic. Officials said they covered education, housing, public works, railways, investment, and other fields.

Safe Zone for Return of Refugees

28 January 2019

Turkey is aiming to form safe zones in northern Syria so that around four million Syrian refugees hosted by Turkey could return, President Recep Tayyip Erdogan said on Monday. Speaking in Istanbul, Erdogan also said nearly three hundred thousand Syrians had already returned and that he expected millions of Syrian nationals would return to the safe areas.

US President Donald Trump announced in December the withdrawal of all US troops from Syria and Erdogan subsequently said they had discussed setting up a twenty-mile-deep safe zone in Syria along the border.

France Preparing for the Return of Jihadists

29 January 2019

The French Interior Minister said on Tuesday that his country is preparing for the return of dozens of French jihadists held by Kurdish authorities in Syria after the United States announced the withdrawal of its forces, marking a shift in Paris’ policy on the issue.

Government policy until now has been to categorically refuse to take back fighters and their wives. Foreign Minister Jean-Yves Le Drian has categorized them as “enemies” of the nation who should face justice either in Syria or Iraq.

“The Americans are disengaging from Syria and there are people who are in prison and held because the Americans are there and they will be released. They will want to come back to France,” Castaner said. “I want all those who return to France to be put immediately into the hands of justice,” he added.

The Kurdish-led Syrian Democratic Forces, which have been backed by two thousand US troops and air support from nations including France, are holding about one hundred and fifty French citizens in north-eastern Syria, according to military and diplomatic sources.

Excluding families, officials estimate two hundred and fifty French jihadists are still fighting in Syria, including one hundred and fifty in the Hajin area, one of the final bits of territory held by Islamic State in eastern Syria, and one hundred others in Idlib governorate.

 

 

Syria in a Week (29 January – 4 February 2019)

سوريا في أسبوع 29 كانون الثاني/يناير – 4 شباط/فبراير 2019

أنقرة “تتواصل” مع دمشق

3 شباط/فبراير

قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الأحد إن بلاده تواصل الاتصال، على مستوى منخفض، مع الحكومة السورية حتى على الرغم من دعم أنقرة لمسلحي المعارضة الذين يحاربون النظام منذ سنوات. وأضاف أن أجهزة المخابرات تعمل بشكل مختلف عن الزعماء السياسيين. وتابع أن ”الزعماء قد لا يتواصلون. ولكن أجهزة المخابرات يمكنها التواصل لمصلحتها. وقال ”حتى إذا كان لديك عدو فعليك عدم قطع العلاقات. فربما تحتاجه فيما بعد“.

وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو في ديسمبر كانون الأول إن تركيا ودولاً أخرى ستفكر في العمل مع الأسد إذا فاز في انتخابات ديمقراطية وقال الشهر الماضي إن أنقرة على اتصال غير مباشر مع دمشق عن طريق روسيا وإيران.

ومن المقرر أن يلتقي أردوغان بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الإيراني حسن روحاني في منتجع سوتشي الروسي يوم 14 فبراير شباط لإجراء محادثات بشأن سوريا.

أطفال “الهول” يموتون برداً

1 شباط/ فبراير

قالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين الجمعة إنها طلبت من قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة تخصيص موقع على الطريق إلى مخيم الهول يمكن فيه تقديم مساعدات للمدنيين الذين يفرون إلى المخيم في أجواء شديدة البرودة هرباً من المعارك، وذلك بعد وفاة 29 طفلاً.

وتقاتل قوات سوريا الديمقراطية تنظيم داعش في جيب هجين بمحافظة دير الزور في شمال شرق سوريا. وقالت المفوضية إن قوات سوريا الديمقراطية تسيطر “فعلياً” على المنطقة التي تضم الموقع لكنها لم ترد على الطلب الذي قدمته المفوضية لها قبل أسبوعين.

ويفر مدنيون، معظمهم نساء وأطفال، باتجاه مخيم الهول الذي زاد عدد سكانه إلى ثلاثة أمثاله خلال شهرين ليصبح 33 ألفاً.

كانت منظمة الصحة العالمية قد قالت يوم الخميس إن هناك تقارير عن وفاة ما لا يقل عن 29 من الأطفال وحديثي الولادة في المخيم الواقع بشمال شرق سوريا خلال الأسابيع الثمانية الماضية أغلبهم نتيجة الانخفاض الحاد في درجة حرارة الجسم والتعرض للبرودة.

قرب انتهاء جيب “داعش”

29 كانون الثاني/يناير

قال باتريك شاناهان القائم بأعمال وزير الدفاع الأمريكي يوم الثلاثاء إن من المتوقع أن يفقد تنظيم داعش آخر أراض يسيطر عليها في سوريا لصالح قوات تدعمها الولايات المتحدة خلال أسبوعين.

وتستعد قوات سوريا الديمقراطية، التي يقودها الأكراد والمدعومة بألفي جندي أمريكي ومساندة جوية، لشن معركة نهائية ضد تنظيم الدولة الإسلامية في شرق سوريا بعد أن ساعدت في طرد مقاتليه من بلدات ومدن كانت تشكل ذات يوم دولة الخلافة التي أعلنها التنظيم.

وقالت قوات سوريا الديمقراطية يوم الثلاثاء إن مقاتلي التنظيم في شرق سوريا محاصرون في آخر جيب صغير مع زوجاتهم وأبنائهم مما أرغمها على الإبطاء من تقدمها لحماية المدنيين.

وقال شاناهان للصحفيين في البنتاجون “أود أن أقول إن 99.5 بالمئة من الأراضي التي كان تنظيم “داعش” يسيطر عليها أعيدت إلى السوريين. وسيصبح ذلك 100 في المئة في غضون أسبوعين”.

مجلس الشيوخ يرفض “انسحابا رمزيا”

1 شباط/ فبراير

دفع مجلس الشيوخ الذي يقوده الجمهوريون يوم الخميس بتشريع رمزي إلى حد بعيد يعارض خطط الرئيس ترامب لأي سحب فوري للقوات من سوريا وأفغانستان. وجاء تصويت مجلس الشيوخ بواقع 68 صوتا مقابل 23 لصالح تعديل غير ملزم صاغه زعيم الأغلبية الجمهورية ميتش مكونيل ويعبر عن رؤية المجلس أن تنظيم داعش في كلتا الدولتين لا يزال يشكل “تهديداً خطيراً” للولايات المتحدة.

ويقر التعديل بالتقدم الذي تم إحرازه في مواجهة تنظيمي داعش والقاعدة في سوريا وأفغانستان لكنه يحذر من أن “انسحاباً متعجلاً” دون جهود فعالة لتأمين المكاسب ربما يقوض استقرار المنطقة ويوجد فراغاً قد تسده إيران أو روسيا. ويطالب إدارة ترامب بالإقرار بأنه تم الوفاء بشرط إلحاق “هزيمة دائمة” بالتنظيمين قبل أي انسحاب كبير من سوريا أو أفغانستان.

طيران التحالف يقصف الجيش

3 شباط/فبراير

هاجمت طائرات التحالف بقيادة الولايات المتحدة موقعاً للجيش السوري قرب جبهة القتال ضد جيب لتنظيم داعش في ساعة متأخرة ليل السبت فتسببت في أضرار وإصابات.

ونقلت الوكالة العربية السورية للأنباء عن مصدر عسكري قوله في ساعة مبكرة من صباح الأحد “شن طيران التحالف الأمريكي مساء اليوم عدواناً على أحد تشكيلات الجيش العربي السوري العاملة في منطقة البوكمال بريف دير الزور الجنوبي الشرقي”. وأضاف المصدر أن الهجوم أسفر عن إصابة جنديين وتدمير مدفع.

وقال متحدث باسم التحالف إن حلفاءه المحليين تعرضوا لإطلاق النار و”مارسوا حقهم في الدفاع عن النفس” مضيفاً أن الواقعة قيد التحقيق.

قصف للجيش في إدلب

29 كانون الثاني/يناير  

قال مسعفون والمرصد السوري لحقوق الإنسان إن قصفاً للجيش السوري أودى بحياة أكثر من عشرة أشخاص يوم الثلاثاء في آخر جيب للمعارضين في شمال غرب سوريا حيث اتفقت روسيا وتركيا على هدنة في أيلول/سبتمبر.

وقال الدفاع المدني إن قصف يوم الثلاثاء أصاب بلدة معرة النعمان وقتل 12 مدنيا وأصاب 25 بجروح كما أصاب بلدات وقرى أخرى في الجزء الجنوبي من الجيب. وقال المرصد السوري إن طفلين كانا بين 11 قتيلا سقطوا يوم الثلاثاء

بينما قالت الوكالة العربية السورية للأنباء “الجيش ينفذ عمليات دقيقة على مواقع المجموعات الإرهابية بريف إدلب الجنوبي”. وأضافت “ردت وحدات الجيش العربي السوري العاملة في ريف حماة الشمالي على خروقات الإرهابيين لاتفاق منطقة خفض التصعيد بضربات مركزة على تحركات ومحاور تسللهم باتجاه النقاط العسكرية والقرى”.

استهداف حكومة الإنقاذ 

29 كانون الثاني / يناير

قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن انتحارية استهدفت مقر رئاسة وزراء حكومة الإنقاذ الوطني في مدينة إدلب، وهو مجلس حاكم مرتبط بجبهة النصرة السابقة، يوم الثلاثاء مما أسفر عن مقتل شخص وإصابة ثلاثة آخرين.

واستهدف الهجوم حكومة الإنقاذ الوطني التي ترتبط بهيئة تحرير الشام المتشددة التي تسيطر على أغلب أرجاء المنطقة الواقعة في شمال غرب سوريا. ويأتي الهجوم، الذي قال المرصد إن منفذته امرأة، بعد سلسلة هجمات في الشمال الغربي الذي تسيطر عليه المعارضة في الأشهر القليلة الماضية حيث تتقاتل فصائل تتنافس على السيطرة.

حكم أميركي في مقتل كولفين

31 كانون الثاني/يناير

أصدرت قاضية أمريكية حكماً يحمل حكومة الرئيس السوري بشار الأسد المسؤولية القانونية عن مقتل الصحفية الأمريكية الشهيرة ماري كولفين عام 2012 أثناء تغطيتها للحرب الأهلية لصالح صحيفة صنداي تايمز البريطانية. ويعني الحكم دفع تعويضات لا تقل عن 302.5 مليون دولار لدور الحكومة السورية في مقتلها.

وقالت القاضية آيمي بيرمان جاكسون في الحكم الذي نشر يوم الأربعاء إن الحكومة السورية “ضالعة في عملية قتل مواطنة أمريكية خارج إطار القانون”. وقتلت كولفين (56 عاما) مع المصور الفرنسي ريمي أوشليك في مدينة حمص المحاصرة بسوريا عام 2012 أثناء تغطية الصراع السوري.

اتفاقات “أبدية” إيرانية-سورية

28 كانون الثاني/ يناير

أبرمت إيران اتفاقات اقتصادية وتجارية مع سوريا يوم الاثنين، وقال نائب الرئيس الإيراني إسحاق جهانجيري في العاصمة السورية دمشق إن طهران توصلت إلى اتفاقات “مهمة جداً بشأن التعاون المصرفي” مع سوريا. أضاف أن إيران ستساعد في إصلاح محطات كهرباء في أنحاء سوريا وستنشئ محطة جديدة في محافظة اللاذقية.

وقال رئيس الوزراء السوري عماد خميس إن بلاده وإيران وقعتا يوم الاثنين اتفاقاً للتعاون الاقتصادي الطويل الأجل يشمل الصناعة والتجارة والزراعة.

ووقع البلدان عددا من مذكرات التفاهم خلال زيارة جهانجيري لدمشق، وصفها خميس بأنها تاريخية. وقال مسؤولون إن الاتفاقات شملت التعليم والإسكان والأشغال العامة والسكك الحديدية والاستثمار ومجالات أخرى.

منطقة آمنة لعودة اللاجئين!

28 كانون الثاني/يناير

قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الاثنين إن بلاده تهدف إلى إقامة مناطق آمنة في شمال سوريا حتى يتمكن نحو أربعة ملايين لاجئ سوري تستضيفهم تركيا من العودة لبلادهم. وذكر أردوغان الذي كان يتحدث في اسطنبول أن نحو 300 ألف سوري عادوا بالفعل وأنه يتوقع عودة ملايين السوريين إلى المناطق الآمنة.

كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أعلن في ديسمبر كانون الأول سحب كل القوات الأمريكية من سوريا وأعلن أردوغان بعد ذلك أنهما ناقشا إقامة منطقة آمنة بعمق 20 ميلاً داخل سوريا على الحدود مع تركيا.

فرنسا تستعد لعودة المتشددين!

29 كانون الثاني /يناير

قال وزير الداخلية الفرنسي كريستوف كاستانير يوم الثلاثاء إن بلاده تستعد لعودة عشرات المتشددين الفرنسيين الذين اعتقلتهم السلطات الكردية في سوريا بعد أن أعلنت الولايات المتحدة سحب قواتها من هناك مما يمثل تحولاً في سياسة باريس بشأن هذه المسألة.

وتمثلت سياسة الحكومة حتى الآن في الرفض التام لعودة المقاتلين وزوجاتهم، والذين وصفهم وزير الخارجية جان إيف لو دريان بأنهم “أعداء” يجب محاكمتهم إما في سوريا أو العراق.

وقال كاستانير”الأمريكيون ينسحبون من سوريا وهناك أشخاص في السجن محتجزون بسبب وجود الأمريكيين هناك وسيفرج عنهم. وهم سيرغبون في العودة إلى فرنسا”. وأضاف “أرغب في أن يمثل جميع العائدين إلى فرنسا على الفور أمام العدالة”.

وتقول مصادر عسكرية ودبلوماسية إن قوات سوريا الديمقراطية، التي يقودها الأكراد وتحظى بدعم ألفي جندي أمريكي ومساندة جوية من دول من بينها فرنسا، تحتجز نحو 150 فرنسياً في شمال شرق سوريا.

وباستبعاد أفراد الأسر، تشير تقديرات المسؤولين إلى أن 250 فرنسياً متشدداً ما زالوا يقاتلون في سوريا، بينهم 150 في منطقة هجين وهي واحدة من آخر الجيوب التي تسيطر عليها الدولة الإسلامية في شرق سوريا، والمئة الآخرون في محافظة إدلب.

نحو مادية ديالكتيكية “مثاليّة” للضياع العربيّ الأخير!

نحو مادية ديالكتيكية “مثاليّة” للضياع العربيّ الأخير!

*ينشر هذا المقال ضمن الطاولة المستديرة ما الذي تبقى من اليسار السوري؟

“يُقال: إنَّ الظلامَ هو غيابُ النُّور،

 ولكن في النورِ الخالصِ

 لا نرى أكثر ممّا نرى في الظلامِ الخالصِ”

(لينين، خلاصة علم المنطق لهيغل)

 يجب من أجل فهم القيمة الحقيقيّة للتجربة الماركسيّة في العالم العربيّ استحضار الياس مرقص؛ ذلك أنَّ طريقة تفكيره داخل اليسار العربيّ تُعَدُّ ثورة ثقافيّة على هذا اليسار نفسه، فكيف يكون الأمر إذن بالنسبة إلى بقية الاتجاهات أو التوجّهات؟

 إنَّ الماركسيين العرب في رأيه مثاليون لم يعرفوا المعنى الحقيقيّ للماديّة، لذلك فشلوا في تغيير الواقع العربيّ، لكن لم يفشلوا فقط بسببٍ من عجزهم عن تحقيق أيِّ تغييرٍ سياسيّ؛ بل بسبب عجزهم أيضاً عن فهم الماركسيّة بصفتها فلسفةً تنبني، أساساً، على تغيير العالم. لذلك اضطر مرقص إلى العناية بالتفسير عوضاً عن العنايةِ بالتغيير، أي وجد نفسه مرغماً على العودة إلى موقف فلسفيّ كلاسيكيّ تناقضه الماركسيّة نفسها، أعني به التفسير؛ لكن وجدَ هذا المفكّر مسوّغاً لنزعته الماركسيّة التفسيريّة في تجاوز النزعة المثاليّة عند الماركسيين العرب، ولئن كانت تسمية الماركسيين العرب ذات عموميّة كبيرة تفتقد إلى التحديد، إلا أنها كانت مصطلحاً اعتاد مرقص على استخدامه، وهدفه من ذلك الإنباه إلى فشل الماركسيّة العربيّة بعامّة، والماركسيّة السوريّة بخاصّة.

 هذا، ومن أجل الإقدام في موقف تفسيريّ عميق لم يجد مرقص ضالته في ماركس؛ بل في هيغل، أي آثر الرجوع إلى ينبوع دافق من ينابيع الماركسيّة، أعني به المثاليّة الهيغليّة، أو بالأحرى الجدل المثالي الهيغليّ، إذ اكتشفَ مرقص أنَّ ذلك ملائمٌ للواقع العربيّ، بمعنى أنّه ينبغي على الماركسيين العرب أن يتدرّبوا على فلسفة هيغل قبل التمسّك بأهداب ماركس؛ ذلك أنَّ ماركس عصيٌّ على فهمهم بمعزل عن هيغل؛ غير أنه يمكن القول: إنَّ مرقص وجد في فلسفة هيغل أمراً مناسباً لأنطولوجيا الواقع العربيّ، على أساس أنَّ هيغل فهم العالم الشرقيّ ومنه العالم العربيّ على أنّه ملكوت العهد الحيوانيّ للروح المطلق أو للفكرة الشاملة.

 إذن، العالم العربيّ هو المطلق في حيوانيته، في مقابل العالمِ الجرمانيّ الذي هو المطلق في إنسانيته، علماً أنه لا قيمة للمطلق نفسه في فلسفة هيغل إذا لم يرتقِ إلى الإنسانيّة، أي إذا لم يثبت أو يُحقّق أو يؤكد ذاته في الإنسانيّة، وبما أنَّ المطلق في حيوانيته في عالم العرب، فإنَّ الماركسيّة ليست صالحة في هذا الاتجاه، لأنها متقدّمة على الثقافة العربية، إذ إنَّ الماركسيّة، أساساً، قوّضت تاريخ الفلسفات المثاليّة الغربيّة، ومنها فلسفة هيغل عندما قلب ماركس الديالكتيك الهيغليّ المثاليّ المعبّر عن عقل الألوهيّة، ليجعله ديالكتيكاً ينبثق من أعماق المادّة وينظم العالم على أساس هذا الانبثاق.

هذا، ورغم انقلاب ماركس على هيغل، إلا أنَّ مرقص عاد إلى هيغل، لكن مُؤوَّلاً على طريقة لينين في “الدفاتر الفلسفيّة”. إذن، وكما يقول مرقص نفسه في مقدمة ترجمته لكتاب روجيه غارودي فكر هيغل: “هيغل هو الماديّ، وخلفاء بوغدانوف العرب وأقرانهم في أوروبا وعلى امتداد العالم الثالث هم مثاليون ذاتيون، حاملو المثالية الأسوأ..” (١).

 لم يقتنع مرقص بتنظيرات الماركسيين العرب ولا بفهمهم لمعنى الماركسيّة، إذ إنَّ تعويلهم على المنهج الماركسيّ، في حركيّة تكامله، استناداً إلى الماديّة الديالكتيكيّة والماديّة التاريخيّة والاقتصاد السياسيّ العلميّ، -أقول: إنَّ تعويلهم على هذا المنهج نفسه ليس إلا ادعاءً فارغاً؛ ذلك أنهم خدعوا أنفسهم باعتقادهم أنهم صاروا ماديين بمجرد اتخاذهم موقفاً إلحاديّاً إزاء الدِّين. غير أنّهم وقعوا في شِراك أكثر خطورة. يقول مرقص في مقدمته نفسها: “لنعترف بأنَّ أصحابنا “الماركسيين العرب صورة (كاريكاتوريّة، مضخّمة، نوعيّة، جاهلة، شرقيّة) عن وضعٍ دوليّ”(٢).

يعني كلام مرقص هنا أنَّ الماركسيّة العربيّة ضربٌ من المستحيل، إذ إنَّ مصطلح “ماركسيّة عربيّة” ينطوي على ضربٍ من السُّخرية، إذ إنّه لا يمكن تكوين أيّة ماركسيّة في مجتمعات ليست إلا انعكاساً لملكوت العهد الحيوانيّ للروح المطلق!

إنَّ مرقص يسخر سخرية مريرة من أعرق التجارب الماركسيّة في العالم العربيّ، سخرية تثير مشاعر اليأس والقنوط وفقدان الرجاء، إذ إنَّ سخريته تنبعُ من موقفٍ نقديّ لا يُعنى بأعداء الماركسيّة من العرب بقَدْر ما يُعنى بنقد الماركسيين العرب أنفسهم. ويمكن أن نجازف بالقول: إنَّ مشكلته الرئيسة تكمن في الماركسيين العرب، وليس في أعداء الماركسيّة من العرب. إنّه يواجه أبناء جِلدته من الماركسيين العرب، لأنّه معجب جداً بعبارة عميقة جداً للفيلسوف اليونانيّ هِرقليطُس قال فيها: “إنَّ العيون والآذان شهود سيئون عندما تكون النفوسُ بربريّةً”، بمعنى: أنه لن يثق بحواس أو بماديّة الماركسيين العرب، لأنَّ نفوسهم أو عقولهم مثاليّة؛ لذلك ذهب في نقده للماركسيين العرب إلى حدّ بعيد-قد يكون غير مقبول أحياناً-إذ قال في كتابه “نقد العقلانيّة العربيّة” عن خالد بكداش: “…بكداش إمام الماديّة والعلميّة والإلحاد. بكداش يجهل موقف ماركس من هذا المصطلح…-”ماديانيّة“…”(٣).

إنَّ الماركسيين العرب لم يعرفوا ماركس، لأنهم لم يفهموا معنى الوجود في جملته الجامعة على أساس لفظة بسيطة ومُركّبة في آن، أعني بها، استناداً إلى مرقص “العمل”. إذ إنَّ “العمل الخلّاق” وفقاً لاصطلاح ماركس نفسه، هو المعنى النهائيّ لوجود الإنسان، ولا يوجد، ماركسيّاً، ما هو أبعد من ذلك.

إنَّ ما يريد مرقص تأسيسه عند العرب هو أنطولوجيا ماركسيّة للعمل، أو علم وجود ماديّ للعمل، فإذا كانت الأنطولوجيا، وفقاً لتعريفها الكلاسيكيّ، هي علم الوجود بما هو موجود، فإنَّ الوجود لا يتجلّى إلا إنسانيّاً، ولأنّه كذلك، فإنّه موجود بوساطة العمل، لذلك لا يوجد مكان هنا للحديث عن علل أو أسباب أو ماهيّات يمكنَ إرجاع الوجود إليها، ذلك أنَّ الوجود في مُختلف درجاتِ تَنَاسُبِهِ أو هرميته، لا معنى له بمنأى عن الإنسان، لذلك هو-أعني الوجود-بذاته وفي ذاته ومن أجل ذاته ليس إلا إنسانيّاً، وما هو إنسانيّ لا قيمة له، إلا على أساس العمل، أو على حدِّ تعبير إلياس مرقص “الشُّغل”. إذن ما يشغلني بصفتي إنساناً هو العمل؛ ذلك أنَّ الإنسان هِرمينوطيقيّاً أو تأويليّاً، هذا إذا أخذنا التأويل بالمعنى الماديّ، أي بمعنى تفجُّر ينابيع الحقيقة الأنطولوجيّة للمادّة، هو في نهاية المطاف مادة تعمل، أو عمل يصير مادة، أي مادة تعمل على تكوين نفسها، وهنا تتجلّى نزعة مرقص الهيغليّة –هذا إن أصاب كاتب هذه السطور- أعني أنّها تتجلّى في فهم هيغل للمعنى النهائيّ للوجود: موضعة الذات وتذويت الموضوع، أي وفقاً لقلبٍ ماركسيٍّ للهيغليّة، بوساطة لينين، لا بدّ من ترسيخ العمل، أنطولوجيّاً، في الثقافة العربيّة، في أفق الصياغةِ الماركسيّة لها؛

 لكن مرقص، انطلاقاً من هيغليته، يريد أن يُبيّن فشل الماركسيين العرب، لأنهم لم يؤصّلوا العمل أنطولوجيّاً، كما يريد في الوقت نفسه أن يُبيّن فشل الإسلامويين العرب، لأنهم أيضاً لم يؤصّلوا الله أنطولوجيّاً، يقول مرقص: “الله مُغيّب! لا سيما في خطاب “الأصوليين الرجعيين” الذين قرروا البقاء أو التفاعل مع الفكر القوميّ” (٤). إذن، هناك فشلٌ متضافر عند العرب، ماديّاً ومثاليّاً، أو بالأحرى، ماركسيّاً ودينيّاً، وهنا تظهر ثقافة مرقص الضاربة بجذورها عميقاً في حقيقةِ الأمور، إذ إنّه يتوسّل المعطيات كلّها، انطلاقاً من مَرجِعِيَّتيه الهيغليّة واللينينيّة، فالعالمُ العربيّ منسوجٌ بالمثاليّة والماديّة معاً، لكن الماديّة، كما فهمها لينين الذي يعاني من الطبيعة الإقطاعيّة لروسيا التي تجعله، أحياناً، يعمل على تعديل المنهج الماركسيّ الذي يحتاج لتطبيقه، ثوريّاً، إلى دولة مثل بريطانيا وليس مثل روسيا، لذلك العالم العربيّ في رأي مرقص بحاجة إلى هيغل بقدْر حاجته إلى ماركس، ولذلك هو أساساً بحاجة إلى لينين. يقول مرقص معبِّراً بذكاء بالغ عن هذا التداخل بين الماديّة والمثاليّة في العالم الشرقيّ: ” براهما (“الإله-الكلمة “) يُخيم علينا (وعلى غيرنا). واللوجوس هو، نوعاً ما، كلّ الفلسفة. اللوجوس أي الربط، العقل، النطق، الكلام، الحساب. هيراكليت، وهيبوقراط، أفلاطون وأفلوطين، القبالة اليهوديّة Kabbalah والصوفيات والباطنيات، وعرب هذا الزمان وثوارهم“(٥) .

الهوامش

١- مقدمة الياس مرقص لترجمة كتاب روجيه غارودي، فكر هيغل، دار الحقيقة، بيروت، بدون تاريخ، ص:8-9.

٢ -المصدر نفسه، المعطيات السابقة نفسها.

٣ -الياس مرقص، نقد العقلانية العربيّة، دار الحصاد، دمشق، 1997 ص:462.

٤ -مرقص، نقد العقلانيّة العربيّة، مصدر سابق، ص: 374.

٥ -مقدمة ترجمة مرقص لكتاب روجيه غارودي: فكر هيغل، ص:50.

(نايف بلوز /الماركسي المختلف (1931-1998

(نايف بلوز /الماركسي المختلف (1931-1998

*ينشر هذا المقال ضمن الطاولة المستديرة ما الذي تبقى من اليسار السوري؟

كان من أوائل الشيوعيين السوريين الذين اتسموا بثقافة موسوعية وامتلكوا منهجاً نقدياً متطوراً نقدوا من خلاله سياسة الحزب، داخلياً وخارجياً، ومواقفه من مجمل القضايا الملحة آنذاك، كما أنه من الأوائل الذين انتقدوا “عبادة الفرد”. لقد كان يحاضر في جامعة دمشق بكل ثقة دون القراءة من أي كتاب، وكان أستاذاً متميزاً مختلفاً على صعيد المعرفة والسلوك، وكان له الدور البارز في تشكيل الوعي الفلسفي لجيل من الأساتذة والطلاب، وهو من الأوائل الذين أدخلوا المنهج الجدلي الماركسي إلى قسم الفلسفة، جامعة دمشق، دون أية نزعات أيديولوجية شيوعية، وكان يسخر مما كان يسميها (النزعة التخطيطية للمنهج الماركسي المتداول)، وكان نهماً للقراءة ومقلاً جداً بالكتابة، إن مسيرته تشبه مسيرة الفلاسفة الكبار الذين لم تستوعبهم أحزابهم، مثل الياس مرقص، وروجيه غارودي وهنري لوفيفر.. وغيرهم الذين طردوا من أحزابهم الشيوعية نظراً لسعة آفاقهم المعرفية والفلسفية والعلمية والتي لا يمكن أن تتكيف مع الأطر الضيقة للأحزاب الأيديولوجية ولا لأي أيديولوجية دوغمائية.

درس في ألمانيا في مطلع الستينات من القرن الماضي، وأنجز أطروحة الدكتوراه في الفلسفة في (جامعة هومبولدث)، وهي بعنوان “الإسلام ونشأته وفرقه ومدارسه” مهتماً بالمرحلة الأولى من الإسلام، حيث كانت تتسم بالحيوية، قبل مرحلة التقديس والانقسامات، مستخدماً المنهج الماركسي بمرونته من أجل قراءة التراث العربي الإسلامي عبر تطوراته التاريخية، معتقداً أن الإسلام جاء ضمن الظروف الموضوعية التاريخية في وقته الطبيعي، وحين ظهر الإسلام في مجتمع الجاهلية العربية في أوائل القرن السابع الميلادي، لم يظهر بشكل مفاجئ منقطع الأسباب والصلات عما كان يعتمل في حياة تلك الجاهلية، أو كما كان يتحرك في ذلك المجتمع بشكل ظاهرات اقتصادية واجتماعية ودينية وبيانية، شعر، خطب، وقد آن الأوان كي يتغير ذلك المجتمع القبلي من الأساس، وكانت تلك الظاهرات، إيذاناً بالأمر المنتظر الذي سيخرج من رحم الواقع الجاهلي نفسه، لينطلق نحو العالم كله خارج شبه الجزيرة العربية، ومن هنا لم تكن المفاجأة التي حدثت، بظهور الإسلام، والتي لم تقتصر على صعيد شبه الجزيرة العربية فقط، وإن ما حدث، شكل اقتحاماً واختراقاً لأسس النظام القبلي البدائي الذي يعيش في ظله مجموعة من قبائل مبعثرة، وإن هذا التبعثر القبلي سيتحول بحكم الضرورة الموضوعية إلى كيان آخر مختلف كلياً، أي إلى زمن يتأطر فيه عرب الجزيرة بإطار من التوحيد يجمعهم نواة لشعب عربي أو يشكل إرهاصاً لأمة عربية، بهذا المعنى كان يرى أن الإسلام الأول في سياقه التاريخي شكّل نقلة نوعية تقدمية في تاريخ الفكر الديني، ومن خلال رؤيته المنهجية النقدية كان يرى بلوز، العمق الثوري للإسلام وهو ينطلق انطلاقته الكونية، منذ أربعة عشر قرناً، مستجيباً للضرورات التاريخية لحاجة أهل الجاهلية  العرب، في شبه الجزيرة إلى ذلك التحول الكبير.

كان يعتقد أن الإسلام في عصرنا لا يمكن أن يقدم أجوبة على التساؤلات التي يطرحها هذا العصر، ولا يمكن أن يكون هو الحل، للقضايا الشائكة المعقدة التي تواجه الإنسان المعاصر، ربما نستطيع تكثيف مأثرته في المحاور: السياسي والمعرفي والعلمي الأكاديمي، من خلال منهجه النقدي، المفعم بطرح التساؤلات والشك في كل شيء، في زمن -عبادة الفرد- والاستكانة إلى ما يبدو أنها حقائق نهائية، وكان موقفه نقدياً من الفكر والفلسفة والدين، وحتى من نفسه، حيث كان ناقداً لاذعاً، وقد قدم دراسة نقدية عالية الأهمية لكتاب حسين مروة “النزعات المادية في الفلسفة العربية الإسلامية” حيث كان يتساءل دوماً، بعد قراءته لذلك الكتاب، عن مدى “حيازة التقدميين العرب لكفاءة نظرية وحرية في التحرك ورحابة في الرؤية تسمح لهم بوضع منجزاتهم الفكرية ولاسيما ما يدور منها على قضايا التاريخ الإسلامي. والحاضر العربي موضع التحليل والنقد العلميين”١. وهو يرى ضرورة مواجهة الصعوبات النظرية والسياسية مواجهة صريحة غير عابئة بشيء سوى مقتضيات الدقة العلمية ومطلب الحقيقة المضيئة للفكر والعلم، وإن هذه المراجعة النقدية البناءة التقدمية، وهذا الانصباب على الذات ليس أمراً مرغوباً فحسب بل إنه حاجة ضرورية على المستوى الفكري والسياسي، وقد يكون المستقبل مرتهناً لدرجة إسهام كل من السجال النظري الديمقراطي، والانفتاح الحي على الواقع، في صنع الوعي التنويري وصياغة الاستراتيجية العربية التقدمية، بهذه الرؤى، احتل بلوز موقعه المتميز بين المفكرين العرب، من خلال سعيه إلى ربط الفكر بالسياسة، وربطهما معاً بالواقع، عقلنة الفكر العربي وتحديثه من أجل عقلنة السياسة العربية وتحديثها، من أجل عقلنة المجتمع العربي وتحديثه مؤكداً على الدور النقدي التجديدي للفلسفة كي تكون بديلاً عن النظريات التقليدية التي تسعى لفهم الواقع وامتلاكه معرفياً فقط، بينما المطلوب هو تغيير هذا الواقع، ومن هذا المنظور النقدي قرأ العلاقة التي تربط جدل هيغل وجدل ماركس، معتقداً أن نظرية ماركس الاجتماعية ليست منفصلة عن فلسفة التاريخ الهيغلية. ومفردات العقل والحرية والتقدم تدلل على وجود التقاطعات بينهما، فالفكرة القائلة بأن التاريخ العالمي له علاقة بتوغل الحرية والعقل وتطور البشرية يمكن أن نلمح لها درجة من الترابط بين ماركس وهيغل، وقد نستطيع القول “إن الفيلسوفين يؤكدان على أن العقل يسود العالم في النهاية، وإن بأشكال مختلفة، هيغل يدع العقل والحرية يحددان العملية التاريخية، لكن ماركس يعتقد وحده أن قضاء البروليتاريا على البرجوازية يمكن أن يفهم بمثابة انتصار العقل على اللاعقل والظلم في العلاقات الاقتصادية – الاجتماعية” ٢.

وقد كان بلوز يلح على الأهمية الخاصة للنشاط النقدي في دراسة النصوص ودراسة الواقع، خصوصاً في تناوله النقدي للنصوص الماركسية، فمن المعروف أن التأويلات الماركسية في الواقع العربي يمكن إجمالها في مسارين، تمثل المسار الأول في النزعة الميكانيكية التي تمظهرت من خلال التأكيد الحاسم لدور البنى التحتية (الاقتصادوية)، وينظر إلى التاريخ على أنه تقدم مطلق لا مكان للإنسان فيه، لأن الاقتصاد هو المحرك الأساسي للتاريخ، بحسب هذا المنظور. والمسار الثاني يتمثل في النزعة الإرادوية، تلك التي تجعل من إرادة الإنسان محركاً للتاريخ.

وقد سعى بلوز من خلال منظوره النقدي إلى تجاوز ثنائية الاقتصادوية والإرادوية، وإلى الكشف عن علمية النظرية الماركسية بوصفها منهجاً للبحث وعبر تميزها عن الفلسفات الميتافيزيقية، المثالية الأخرى، وأراد أن يؤكد تميز الماركسية بوصفها علماً، وهذا ما بدا واضحاً في كتابيه مناهج البحث في العلوم الاجتماعية، ومناهج البحث في العلوم الطبيعية، إضافة إلى كتابه، علم الجمال، الذي قدم فيه محاضرات من كتابه المترجم لجورج لوكاتش عن الألمانية (دراسات في الواقعية 1972).

وقد كان يطرح السؤال ما أهمية المنهج الماركسي، وماذا يمكن أن يقدم اليوم لليسار، وكان يظن أن الفكر الماركسي لا يزال محافظاً على طموح الشباب وقوتهم الحاسمة ولا يزال يمتلك حيوية وقدرة كبيرة على الإلهام والسعي للتغيير، وإن هذا الفكر ينطوي على حافز يهيب بنا أن نواجه مشاكل عصرنا كما واجه ماركس مشاكل عصره، حيث أن دور ماركس يتضمن منهجاً عاماً يكمن خلف المشكلات المعالجة ورؤية نظرية توجه أسلوب معالجة هذه المشكلات. إن المشاكل الملتهبة اليوم هي التي يمكن أن نسترشد بالمهنج المادي الجدلي من أجل معالجتها بروح الماركسية المعاصرة (ويمكن اعتبار الماركسية اليوم موقفاً معاصراً للثقافة الأوربية المحدثة) ٣، وقد تكون عودة ماركس بقوة الآن إلى المسرح الثقافي العالمي مؤشراً على موقف نقدي من الرأسمالية المعاصرة.

انطلاقاً من رؤاه السابقة جعل من الواقع السوري موضوع معرفة منطلقاً من علاقة الفكر بالواقع، زاعماً أن هذه العلاقة ليست ذاتية فحسب، بل هي علاقة ديالكتيكية بين الذات والموضوع، وقد سعى إلى تفكيك مقولات ترسخت في الثقافة السورية، ورؤانا الفلسفية والسياسية، من أجل النهوض بالمجتمع عبر كل مؤسساته وجامعاته من خلال التنوير والنقد، ورأى أن الكتابات الماركسية الدوغمائية مقولات روج لها على أنها تقدمية ومحايثة لروح العصر، بينما التمحيص الدقيق لها يكشف أنها أيديولوجية جامدة، تدعم سلطة النص المدافع عنه على حساب الفهم النقدي والمثمر للنص وللواقع، فالأساس النظري الذي انطلق منه بلوز هو المفاهيم الماركسية التي أعاد إنتاجها وأنتجها بوصفها أدوات بحثية، فتحولت لديه إلى دليل يكشف من خلاله، تجدد المفاهيم، ومنطق حركة التاريخ ومحاولة الإجابة على أسئلة الواقع المتجددة والمتجدد أبداً، كما أنه كان يعتقد أن ماركس في رؤيته لم يكن يهدف إلا إلى تحقيق حرية الإنسان، وهذا الهاجس نفسه هاجس بلوز، وانعتاقه من عبودية العمل، وجعله حقاً من حقوقه لا فرضاً عليه.

الهوامش

[1] – بلوز وآخرون، الماركسية والتراث العربي الإسلامي، دار الحداثة للطباعة والنشر والتوزيع، بيروتـ لبنان، 1980، ص167.

[2] – النهج، صيف 1998، السنة 14- العدد 51، بحث د. نايف بلوز بعنوان “البيان الشيوعي وعصرنا” ص103.

[3] – النهج، مرجع مذكور، ص130.

مراجع البحث

[1] – بلوز وآخرون، الماركسية والتراث العربي الإسلامي، دار الحداثة للطباعة والنشر والتوزيع، بيروتـ لبنان، 1980.

2- النهج، صيف 1998، السنة 14- العدد 51، بحث د. نايف بلوز بعنوان “البيان الشيوعي وعصرنا”.