“Shooting a Revolution: Visual Media and Warfare in Syria” by Donatella Della Ratta (The Nerdiest Show on the Internet)

“Shooting a Revolution: Visual Media and Warfare in Syria” by Donatella Della Ratta (The Nerdiest Show on the Internet)

 

Welcome to another Chapter of The Nerdiest Show on the Internet: A Glorified Books Received List!

This is Chapter 1 from Episode 4 of the show, featuring Natalie Khazaal’s “Pretty Liar: Television, Language, and Gender in Wartime Lebanon” (Syracuse University Press 2018).

The show is hosted by Bassam Haddad and Nadya Sbaiti, with regular guests Hatim El-HibriAbdullah Al-ArianZiad Abu-RishNoura Erakat, and others.

This is NOT a book review show!

The Nerdiest Show (TNS) features researchers talking about books received at the desk of the Arab Studies Journal and Jadaliyya. Lightheartedly, we discuss each book in five minutes or so, including the author, title, table of contents, praise on the back cover, and the books’ pedagogical utility.

Tune in for a thoroughly nerdy affair and don’t tell anyone you’re doin’ it.

Check out more Episodes and Chapters as well as other content at Status and www.TheNerdiestShow.com. Subscribe to the podcast on iTunes.

[This article was originally published by Jadaliyya as part of their series “The Nerdiest Show on the Internet” on 20 May, 2020.]

شركة روسية تتجه إلى جنوب سوريا لتطويع مقاتلين في ليبيا

شركة روسية تتجه إلى جنوب سوريا لتطويع مقاتلين في ليبيا

بالرغم من انتشار مقاطع مصورة وشهادات فردية وجماعية لمقاتلين سوريين في ليبيا، إلا أن أنقرة وطرابلس وموسكو المسؤولة عن تجنيد السوريين في الحرب الليبية، تنفي مراراً وتكراراً وجود مقاتلين سوريين في ليبيا. بينما كشفت صحيفة “غارديان” البريطانية أن أكثر من 2000 مقاتل سوري سافروا من تركيا إلى ليبيا، للمشاركة في ساحات القتال ودعم حكومة الوفاق الوطني، كما انضم ما يقارب من 3000 سوداني إلى قوات اللواء خليفة حفتر، بالإضافة إلى 600 مقاتل روسي.

هيئت الظروف الاقتصادية السيئة وانتشار الفقر والملاحقات الأمنية، جواً ملائماً لطرح أحد الشركات الروسية مشروعها لكسب شباب سوريين وتجنيدهم بإغراءات مادية وسلطوية، ونقلهم للقتال في ليبيا مع قوات حفتر. بالنسبة لمناطق جنوب سوريا (درعا – القنيطرة – السويداء)، وتعاطيها مع ظاهرة تجنيد الشباب وإرسالهم للقتال في ليبيا، تشير الأحداث الأخيرة إلى أن روسيا ترى في المقاتلين السابقين المعارضين للنظام فرصة لدعم حلفائهم في ليبيا، عبر تجنيد شبان ينحدرون من مناطق مختلفة بريفي درعا والقنيطرة الخاضعة لاتفاق التسوية والمصالحة مع النظام السوري برعاية روسية، حيث أكد أحد سكان بلدة ممتنة في محافظة القنيطرة التي انطلقت منها أولى عملية تطويع شباب من جنوب سوريا وإرسالهم للقتال في ليبيا، أن عشرات الشباب من القنيطرة الذين كانوا قد تطوعوا للقتال قي ليبيا عادوا بعد نقلهم إلى معسكرات التدريب في حمص، عندما أبلغهم أحد ضباط النظام السوري هناك أن مهامهم لن تكون فقط حماية منشآت نفطية، وإنما تمتد لتكون قتالية لجانب قوات حفتر، ما يتناقض مع العقود التي كانوا وقعوا عليها مع شركة فاغنر بأن مهامهم حماية المنشآت النفطية في ليبيا، مقابل 1000 دولار شهرياً وتعويض وتسوية أوضاع المطلوبين وإنهاء الخدمة العسكرية المفروضة عليهم في سوريا.

وأوضح المصدر أن الشركة الروسية اعتمدت على أحد قادة المعارضة سابقاً الذين دخلوا اتفاق التسوية المعروف باسم “أبو جعفر ممتنة” في المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية في القنيطرة لتجنيد الشباب في مناطق مسحرة وممتنة والكوم ودرعا وقد وصل عددهم إلى 125 شخص، لكن توقفت عملية التطويع في المنطقة بعد ضغط الأهالي على أبو جعفر وعودة أبنائهم الذين كانوا قد ذهبوا إلى معسكرات التدريب في حمص، واتضاح المهام الأساسية التي سيذهبون من أجلها إلى ليبيا.

وكشفت مصادر خاصة أن وكلاء عن شركة روسية وضباط من النظام السوري اجتمعوا مع عدد من أبرز قادة المعارضة سابقاً في درعا في محاولات منهم لإقناعهم بتجنيد الشباب وإرسالهم إلى ليبيا بمهام مختلفة منها قتالية يكون فيها راتب المتطوع فيها 1500 دولار أو بمهمة حماية المنشآت النفطية براتب 1000 دولار، مع إنهاء كافة الملاحقات الأمنية بحق المتطوع وإنهاء استدعائه للخدمة الإلزامية والاحتياطية في سوريا.

وقال المصدر إن بعض من قادة المعارضة سابقاً صاحبة النفوذ في المنطقة حالياً لم تبد رفضها أو قبولها تاركة الأمر والقرار بشكل فردي، بينما رفض أحمد العودة خلال الاجتماع العرض المقدم للقتال في ليبيا، وهو أبرز قادة فصائل التسويات والتنسيق مع الروس وقائد للواء الثامن في الفيلق الخامس الروسي في سوريا.

وأضاف المصدر أن الشركة الروسية تعمل على التواصل مع قادة المعارضة سابقاً لتسهيل عملية كسب شباب المنطقة الذين كانوا يقاتلون النظام سابقاً، باعتبارهم الأكثر حاجة لتسوية أوضاعهم وإنهاء الملاحقات الأمنية بحقهم.

وأوضح أن الرفض الشعبي كان سيد الموقف في جنوب سوريا من دعوات التجنيد، واستنكر الأهالي تحويل شباب المنطقة إلى مرتزقة، ولم تستمر عملية التجنيد في القنيطرة، ولم تسجل حالات انضمام في درعا بعد، وعلى أثر ذلك أصدرت اللجان المسؤولة عن التفاوض مع روسيا والنظام في المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية جنوب سوريا بياناً بتاريخ 26 أبريل 2020، ترفض فيه أي محاولات تجنيد للشباب في المنطقة الجنوبية ونقلهم للقتال في مع الأطراف المتصارعة ليبيا، مقابل إغراءات ماليّة وأخرى تتعلق بالوضع الأمني، وجاء البيان بعد أن انتشرت مؤخراً أنباء تحدثت عن دعوات تقوم بها شركة روسية بهدف تجنيد عدد من شباب محافظة القنيطرة والسويداء وغوطة دمشق وحمص للقتال في ليبيا، مقابل مغريات مادية وأمنية للمنظمين.

وفي محافظة السويداء جنوب سوريا كشفت مصادر خاصة لشبكة «السويداء 24» الموقع المسؤول عن نقل أخبار السويداء المحلية، عن تورط حزب سياسي مرخص لدى الحكومة السورية، في العمل على تجنيد مرتزقة من المواطنين في محافظة السويداء (جنوب سوريا)، ومحافظات أخرى، بدعم من شركة أمنية روسية، بغية إرسالهم للقتال في ليبيا.

وقالت الشبكة إنها حصلت على تسجيلات صوتية ومحادثات نصيّة، تعود لمسؤول في فرع حزب «الشباب الوطني» في السويداء، يدعو من خلالها شباباً للقتال في ليبيا، مقابل عروض مختلفة، منها «تسوية أوضاع المطلوبين في قضايا أمنية أو الخدمة الاحتياطية». ويقول أيضاً إن القتال في ليبيا سيكون تحت إشراف شركة «فاغنر» (شركة روسية مختصة بتأمين مقاتلين من خارج الجيش الروسي).

وفي تلك التسجيلات يعرض المسؤول رواتب مغرية، فيقول: «إن الرواتب الشهرية في ليبيا تتراوح بين 1000 دولار أميركي للتطوع في حماية المنشآت، و1500 دولار لمن يتطوع في مجموعات قتالية، فضلاً عن تعويضات إضافية لذوي العناصر في حال مقتلهم أو فقدانهم».

وفي الحين الذي تصل فيه رواتب العسكريين السوريين النظاميين إلى نحو 30 دولاراً، تتراوح رواتب المتطوعين في الميليشيات الرديفة بين الخمسين والمائة دولار. وتشير المعلومات التي أوردتها شبكة «السويداء 24» إلى أن أمين فرع الحزب في السويداء «هو المسؤول عن ملف تجنيد المرتزقة في السويداء لإرسالهم إلى ليبيا، لمساندة قوات المشير خليفة حفتر التي تدعمها روسيا ضد قوات حكومة الوفاق التي تدعمها تركيا».

وحزب «الشباب الوطني السوري» هو أحد الأحزاب المحلية التي سمح النظام السوري بإنشائها وممارسة نشاطها، بوصفها «أحزاباً معارضة وطنية»، بعد اندلاع الاحتجاجات الشعبية ضده عام 2011. وتعرض الحزب لانشقاق في صفوفه عام 2018 على خلفية توقيف أمينه العام ماهر مرهج في قضايا تتعلق بالفساد.

وبحسب شبكة «السويداء 24» يمتلك الحزب ميليشيا مسلحة، سبق أن أرسلت للقتال في تدمر إلى جانب قوات العميد سهيل الحسن الملقب بـ«النمر»، والمدعوم من روسيا. واتهمت الشبكة الحزب «بتجنيد مواطنين سوريين ضمن ميليشيات مسلحة منذ عام 2014، للقتال في محافظات مختلفة، عبر مكاتب الحزب المنتشرة في معظم المحافظات». وقالت إن الحزب مسؤول عن «تجنيد شباب من السويداء ضمن ميليشيات مسلحة غير رسمية، للقتال إلى جانب قوات النمر، خلال السنوات الماضية، وبتنسيق أيضاً مع ميليشيا (فوج مغاوير البادية)، التابعة للمخابرات العامة فرع 221 في تدمر ودير الزور، ومناطق سورية أخرى».

وصرح أحد العناصر الذي كان ضمن المتطوعين في الميليشيا التي شكلها حزب «الشباب» للشبكة، مفضلاً عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية، بأن المسؤول الحزبي أرسله ضمن مجموعة تتألف من 35 مقاتلاً، جميعهم من أبناء السويداء، إلى مدينة تدمر لقتال تنظيم «داعش» أواخر عام 2016، بعدما خدعهم بوجود مغريات مادية ومعنوية، مؤكداً أن المجموعة تم زجها في منطقة خطيرة جداً منذ اليوم الأول لوصولها، وقد قتل وجرح ما لا يقل عن 10 عناصر منها، وفقد آخرون، ليتفاجأ أهالي المفقودين والجرحى والقتلى، لاحقاً، بعدم اعتبار أبنائهم تابعين لأي جهة رسمية في الدولة، وبالتالي عدم حصولهم على تعويضات، خلافاً للوعود والمغريات التي قدمتها الميليشيا.

وأكدت الشبكة أن تجنيد المرتزقة إلى ليبيا لا يزال محدوداً، وأن عدد الذين سجلوا أسماءهم في السويداء طيلة شهر لا يتجاوز 25 شخصاً.

وأكد تقرير للأمم المتحدة وجود مرتزقة روس وسوريين لدعم حفتر في ليبيا، وجاء فيه أن خبراء في الأمم المتحدة يراقبون الحظر المفروض وأكدوا شحن الأسلحة إلى ليبيا ووجود مرتزقة من مجموعة فاغنر الروسية ومقاتلين سوريين جاؤوا من دمشق لدعم المشير خليفة حفتر.

وأوضحت الوثيقة التي تم تسليمها إلى مجلس الأمن الدولي في 24 نيسان/ابريل وحصلت وكالة فرانس برس على ملخص لها الأربعاء أن العلاقات على الأرض بين مجموعة فاغنر ورجل الشرق الليبي القوي الذي يسعى منذ نيسان/ابريل 2019 للسيطرة على طرابلس، تشوبها خلافات.

وتحقيق الخبراء هو تحديث لتقريرهم السنوي الذي صدر في كانون الأول/ديسمبر الماضي وتحدث أساسا عن وجود مجموعات مسلحة أجنبية قدمت من تشاد والسودان، في النزاع. لكنه لم يشر إلى مرتزقة روس.

ويفيد الملخص أن “مجموعة خبراء رصدت وجود عسكريين خاصين من تشي في كا فاغنر في ليبيا منذ تشرين الأول/أكتوبر 2018”. ويضيف أن عدد هؤلاء “لا يتجاوز ال800 إلى 1200″، لكنه يؤكد أن مجموعة الخبراء “ليست قادرة على التحقق بشكل مستقل من حجم انتشارهم”.

لكن المعلومات عن وجود مقاتلين سوريين جاؤوا من دمشق لمساعدة حفتر لم تكشف من قبل. وكانت سلطات شرق ليبيا أعادت في بداية آذار/مارس فتح سفارة ليبية في دمشق بعد ثماني سنوات من قطع العلاقات الدبلوماسية بين ليبيا وسوريا. وأوضح الخبراء في تقريرهم أنهم غير قادرين على تحديد المسؤولين عن تجنيد وتمويل المرتزقة الذين أرسلوا للقتال مع المشير حفتر.

ويقول التقرير إن “مجموعة الخبراء تحققت من أن العديد من هؤلاء المقاتلين السوريين تم نقلهم إلى ليبيا من سوريا عن طريق أجنحة الشام وهي شركة طيران سورية خاصة مقرها دمشق، ويضيف أنه منذ الأول من كانون الثاني/يناير تم تسيير 33 رحلة جوية من قبل “أجنحة الشام للطيران”. وكتب في الملخص أن “بعض المصادر على الأرض تقدر عدد المقاتلين السوريين الذين يدعمون عمليات المشير حفتر بأقل من ألفين”، ويتابع أنه “إذا كانت بعض المصادر تقدر عدد المقاتلين السوريين في ليبيا بنحو خمسة آلاف، فهذا يشمل بالتأكيد الذين جندتهم تركيا لمصلحة حكومة الوفاق الوطني”.

ولم يؤكد الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش في تقرير عرضه على مجلس الأمن الدولي في الخامس من أيار/مايو وحصلت فرانس برس على نسخة منه الأربعاء أن روسيا أو سوريا هي مصدر هؤلاء المرتزقة.

لكنه أدان “المعلومات المتواصلة حول تورط مرتزقة أجانب لصالح حكومة الوفاق الوطني والجيش الوطني الليبي” الذي يقوده حفتر، “في انتهاك لحظر الأسلحة الصادر في 2011. لكن لم يوص غوتيريش ولا خبراء الأمم المتحدة بمعاقبة المسؤولين المفترضين عن الانتهاكات.

قال مسؤولان أمريكيان بارزان الخميس الماضي إن الولايات المتحدة لا تدعم هجوم قوات خليفة حفتر المتمركزة في شرق ليبيا على العاصمة طرابلس وتعتقد أن روسيا تعمل مع الرئيس السوري بشار الأسد لنقل مقاتلين وعتاد إلى ليبيا.

وقال نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي هنري ووستر في مؤتمر صحفي عبر الهاتف “الولايات المتحدة لا تدعم عمل الجيش الوطني

الليبي (قوات شرق ليبيا) ضد طرابلس، الهجوم على العاصمة يحول الموارد بعيدا عما يعتبر أولوية لنا وهو محاربة الإرهاب”. وشن حفتر حربا قبل عام لانتزاع السيطرة على العاصمة طرابلس ومناطق أخرى بشمال غرب ليبيا. وليبيا مقسمة منذ عام 2014 بين مناطق تسيطر عليها حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا في طرابلس وشمال غرب البلاد وأخرى خاضعة لسيطرة قوات حفتر المتمركزة في بنغازي بشرق البلاد، ويحظى حفتر بمساعدة الإمارات ومصر وروسيا، في حين تدعم تركيا حكومة الوفاق الوطني، وفرض مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة حظر السلاح على ليبيا في عام 2011 في خضم انتفاضة أطاحت بمعمر القذافي، الذي حكم البلاد لفترة طويلة. وليبيا ميدان قتال مضطرب مع تزايد انخراط مقاتلين أجانب فيه.

ويقول دبلوماسيون إن الولايات المتحدة والأمم المتحدة حذرتا من تزايد وجود قوات من المتعاقدين العسكريين الروس في حين نشرت تركيا والإمارات طائرات مسيرة.

وفي تصريحات للصحفيين في ذات المؤتمر الصحفي، قال مبعوث أمريكا الخاص بشأن سوريا جيم جيفري إن ميدان المعركة قد يشهد مزيدا من التعقيد. وأضاف “نعرف ذلك. بالتأكيد يعمل الروس مع الأسد على نقل مقاتلين، ربما من دولة ثالثة، وربما من السوريين إلى ليبيا إضافة إلى العتاد”. ولم يذكر جيفري تفاصيل.

بينما أشار تقرير سري للأمم المتحدة اطلعت عليه رويترز منذ فترة قصيرة إلى أن مجموعة فاغنر العسكرية الروسية الخاصة نشرت زهاء 1200 فرد في ليبيا لتعزيز قوات حفتر.

وكانت التفاهمات بين حفتر ودمشق والإمارات سرية وبرعاية الأخيرة، حسب ما كشفه موقع “إمارات ليكس” المعارض، الذي قال إن التفاهمات نصّت على “إرسال آلاف المرتزقة السوريين للقتال في ليبيا ضمن مليشيات حفتر، على أن تتولى الإمارات توفير التمويل المالي اللازم لذلك”. كما تتضمن التفاهمات تنسيقاً أمنياً وعسكرياً بين النظام السوري ومليشيات حفتر انطلاقاً من علاقة الجانبين الوثيقة مع روسيا وعدائهما المشترك لتركيا، حسب الموقع.

كما عبر مسؤولون أمريكيون عن عدم ارتياحهم تجاه العلاقات بين حفتر والأسد. وقال ووستر “هناك أمر آخر مزعج للغاية وهو… إقامة حفتر ما يسمى بعلاقات دبلوماسية مع نظام الأسد وهو جزء من مسألة المرتزقة السوريين على الأقل من جانبه”.

وكان حفتر قد افتتح سفارة في سوريا في مارس\ آذار ودعا دمشق لتوحيد الجهود في حربهما المشتركة ضد الجماعات والمتشددة التي تدعمها تركيا. وتدعو أنقرة منذ فترة طويلة لرحيل الأسد ودعمت مسلحين سوريين ضد قوات النظام السوري.

حروب الارتزاق بين سوريا وليبيا

حروب الارتزاق بين سوريا وليبيا

تتحرك تركيا داخل الساحة الليبية في خطوطٍ متوازية، فهي تقدم دعماً علنياً لكتائب مسلحة غير تركية، وتستقطب القيادات التي تقبل التعاون معها حتى لو كانت لا تحمل مواقف أيديولوجية واضحة ومؤيدة لها.

أفرزت التدخلات التركية في الأزمة الليبية العديد من الانعكاسات السلبية على مستوى العلاقات الداخلية والخارجية بعدما شهدت ليبيا حالة من الانقسامات السياسية منذ 2014 مما أسفر عن تعقد المشهد على الصعيد الدولي. كما كان لطلب حكومة الوفاق الليبية في 19 ديسمبر2019 من 5 دول هي “الولايات المتحدة الأمريكية، والمملكة المتحدة، وإيطاليا، والجزائر، وتركيا” تفعيل اتفاقيات التعاون الأمني دورٌ في مفاقمة حدة الأزمة.

مكالمة تكشف مسؤول سوق الرقيق

تمكن الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير حفتر من اختراق تسجيل صوتي لمكالمة هاتفية جرت مع أحد قادة الفصائل السورية الموالية لأنقرة الذي يخوض مع مسلحيه  في ليبيا معاركاً ضارية بأمرة ضباط أتراك لصالح حكومة الوفاق، ذات النفوذ الإخواني، والمدعومة تركياً وقطرياً .

بحسب التسجيل فإنّ (أبو خطاب الأدلبي)، كما عرف عن نفسه في مكالمة هاتفية مع قيادي عسكري تابع للقوات الخاضعة لحكومة الوفاق، طالب بإرسال فتياتٍ له ولمسلحيه لممارسة الجنس معهن. وكشف أبو خطاب عن إجمالي الرواتب الشهرية التي تستلمها كتيبته البالغ عدد أفرادها 25 مقاتلاً، وقد قدرها بـ 50ألف دولار، حيث خُصّص لكل مقاتلٍ منهم راتب شهري وقدره 2000 دولار.

عرضنا التسجيل الصوتي الذي تناقلته وسائل إعلام ليبية ومنصات وسائل التواصل الاجتماعي على ناجيةٍ إيزيدية كانت قد حُرّرت قبل حوالي السنتين من مدينة إدلب بعد أن انتقلت كسبيةٍ من أسواق النخاسة في مدينة الرقة مركز “دولة الخلافة” سابقاً لتُعرض للبيع داخل سجون هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) في مدينة إدلب. وتمكنت الشابة  الناجية من التعرف على صوت أبو خطاب وأسمته بالاسم بأنه كان أحد تجار الرقيق في إدلب وأنه كان وكغيره من قادة الهيئة على علاقة وطيدة مع بعض مسؤولي وأمراء تنظيم داعش.

صناديق الموت

تعبُر توابيت الموت الخشبية وبداخلها جثث عشرات المرتزقة من المقاتلين السوريين  الذين قضوا في المعارك في ليبيا بعد وصولها جواً من مطار طرابلس إلى مطار إستنبول ومنها إلى معبر حور كلس على الحدود السورية التركية  ليستلمها مسلحو الفصائل السورية ويدفنوها حسبما كشف لنا نشطاء من عفرين في أرياف مدينة عفرين وسط تكتم قادة الفصائل عن مكان مقتلهم.

وكشف رضوان خليل مدير شبكة نشطاء روجآفا المختصة بالشأن السوري عامة والكردي خاصة عن وصول دفعة جديدة من جثث المرتزقة السوريين يوم الجمعة إلى (حور كلس) مقر فرقة السلطان مراد الذي يقوده التركماني السوري فهيم عيسى شمال حلب على الحدود السورية التركية، قادمة من ليبيا. وأكد خليل، أن الدفعة الجيدة من القتلى تضم/21/ جثة من مرتزقة ألوية السمرقند وصقور الشمال وفرقة السلطان مراد و لواء السلطان سليمان شاه المعروف بالعمشات دخلت يوم العطلة إلى مناطق درع الفرات.

يقول شيخو، وهو ناشط من مدينة عفرين، إنّ الأعداد الكبيرة التي تصل دورياً من جثث المرتزقة السوريين يتخلص منها قادة الفصائل السورية وبالتنسيق مع الاستخبارات التركية بوضعها داخل شاحنات محروقات أو داخل مراكز عسكرية تابعة لهم وتفجيرها بمفخخات ومنها التفجير الكبير الذي استهدف سوقاً شعبياً وسط مدينة عفرين  في 28 أبريل/نيسان 2020. وقد تسبب تفجير صهريج مازوت مفخخ بمقتل وجرح عددٍ من المدنيين لكن أكثر الضحايا كانوا من العسكريين، واتهمت أنقرة وحلفاؤها من الفصائل، كهيئة أركان الجيش الوطني السوري، قوات سوريا الديمقراطية بالتفجير، لكن هذه الأخيرة نفت هذه الاتهامات ودعت المجتمع الدولي لفتح تحقيق عادل حول الانتهاكات التي يتعرض لها مدنيو عفرين.

كتائب من المرتزقة بقيادة ضباط أتراك

كشف الناطق باسم الجيش الوطني الليبي، اللواء أحمد المسماري في مؤتمر صحفي في الرابع من شهر شباط / فبراير عن أسماء وصور قادة فصائل سوريين أرسلتهم تركيا إلى ليبيا للقتال إلى جانب حكومة الوفاق ضد الجيش الوطني في طرابلس. وأشار المسماري إلى أنّ ضابطاً في الجيش التركي، يدعى أبو الفرقان، الملقب  بـ”سليماني تركيا” نسبة للجنرال الإيراني قاسم سليماني، ومعاونه عكيد غازي، يقود القوات التركية والمرتزقة الأجانب والسوريين في ليبيا، ولديه أعمال سابقة في قيادة التحركات التركية في سوريا.

كما يُشارك في العمليات العسكرية في ليبيا النقيب السوري المنشق مصطفى الشيوخ قائد “لواء الشمال”، بالإضافة إلى مسؤول تجنيد المقاتلين  الأجانب في ليبيا محمد حافظ التابع لفيلق المجد الخاضع لقيادة الرائد ياسر عبدالرحيم،  وهذا الأخير كان المسؤول عن أسر المقاتلة الكردية جيجيك كوباني خلال العملية العسكرية التركية المسماة بنبع السلام التي نفذتها تركيا ضد المقاتلين الأكراد في أكتوبر من العام الماضي حيث عاملها بطريقة مهينة وسط تهديدها بالذبح وإطلاق ألفاظ نابية بحقها.

كما تضم قائمة المشاركين مقاتلين من “قوات النخبة” في “الفيلق الأول” بقيادة العقيد المنشق معتز رسلان وقادة الفصائل التركمانية ومنهم فهيم عيسى قائد فرقة السلطان مراد، وهو مرافق شخصي للمدعو أبو الفرقان، ومحمد الجاسم الملقب “أبو عمشة” قائد فرقة السلطان سليمان شاه المتهم بارتكاب انتهاكات وجرائم حرب بحق مدنيي عفرين. وبحسب المسماري فإن كلاً من القادة العشرة المشاركين قد تلقى مبلغاً قدره مليون دولار أمريكي من قبل حكومة الوفاق المعترف بها دوليًا، برئاسة، فائز السراج، لقتال الجيش الوطني الليبي، واتهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بإدارة “شبكة إرهابية دولية من خلال الشركة الأمنية التي أنشأها”.

8000 مقاتل في ليبيا

أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان، عن مقتل  268 مقاتلاً بين عناصر قوات المرتزقة السوريين في ليبيا خلال العمليات العسكرية في العاصمة طرابلس. وأكد المرصد أن تركيا مازالت تنقل المرتزقة السوريين إلى ليبيا وأنّ عدد المرتزقة الذين وصلوا من سوريا إلى ليبيا بلغ 8 آلاف، وأن أكثر من 3 آلاف يتلقون التدريبات في المعسكرات التركية تحضيراً لنقلهم للقتال في ليبيا.

كما كشفت تقارير عن تجنيد أنقرة لأطفال سوريين للقتال بجانب مليشيات حكومة الوفاق في ليبيا حيثُ نُقل ما لايقل عن 2000 طفل دون سن الثامنة عشر للقتال ضمن مليشيات فرقة السلطان مراد في ليبيا، وجُند هؤلاء الأطفال من مناطق درع الفرات وغصن الزيتون وإدلب بعد اخبار ذويهم أنهم ذاهبون للعمل في تركيا، وبعد إتمام تدريبهم على استخدام مختلف أنواع الأسلحة ينقلون جواً الى ليبيا ليزج بهم في معارك الموت لصالح أنقرة .

وبحسب نشطاء من مدينة عفرين فقد قُتل أكثر من 20 طفلاً في ليبيا ودفنوا في جنديرس ومازالت هناك أعداد  أكبر من الجثث العالقة في ساحات القتال.

الاقتصاد ومشاريع التوسع

 منذ اندلاع الأزمة الليبية في 2011 كان الموقف التركي حاضراً بقوة.  ويُقدر حجم المصالح الاقتصادية التركية في ليبيا بنحو 15 مليار دولار، كما تشكل السوق الليبية مجالاً حيوياً للنشاطات التجارية التركية حيث توجد نحو 120 شركة تركية فاعلة. وكان للسياسة التركية الداعمة للتنظيمات المسلحة كميليشيات مدينة مصراتة، والقوات التي شاركت في تحالف فجر ليبيا في مواجهة عملية الكرامة التي أطلقها الجيش الوطني الليبي في مايو 2014، بقيادة “خليفة حفتر” دورٌ كبير في توتر العلاقات مع شرق ليبيا؛ وأصدر حفتر آنذاك قرارًا بإيقاف التعامل مع الشركات التركية كافة في ليبيا؛ ردّاً على سياساتها الداعمة لتحالف فجر ليبيا.

وتحاول تركيا تعزيز مصالحها في مناطق نفوذها عبر الهيمنة على الفصائل العسكرية الموالية لها بحيث باتت تحركهم علناً وفق إرادتها من بلدٍ لآخر دون أن تتضح ملامح نهاية الصراع.

سوريا في أسبوع 11 -18 أيار/مايو 2020

سوريا في أسبوع 11 -18 أيار/مايو 2020

تحذيرات مخلوف

17  أيار/مايو

 كشف رجل الأعمال السوري رامي مخلوف الأحد عن أن جهات، لم يسمها طلبت، منه التخلي عن منصبه في شركة

“سيريتل” للهاتف النقال في سورية، محذراً من كارثة كبيرة على الاقتصاد السوري.

ويعد مخلوف ، وهو ابن خال الرئيس السوري بشار الاسد ، أكبر داعم للأجهزة الأمنية خلال الحرب الأهلية في البلاد  .

وقال مخلوف، في ثالث تسجيل فيديو يبثه على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” اليوم، إنه لن يتخلى عن منصبه كرئيس لمجلس الإدارةفي الشركة.

وأضاف أن حملة اعتقالات لمديري شركة اتصالات “سيريتل” ستوقع “كارثة” بالاقتصاد السوري ، مقدماً اعتذاره لأهالي الموظفين في شركاته الذين تم وتوقيفهم من الجهات الأمنية، مؤكداً استمرار “اعتقالهم دون اتخاذ اجراءات قانونية بحقهم.. هذا النهج سيؤدي إلى خراب الشركة”.

وكشف مخلوف عن مفاوضات مع السلطات السورية لإطلاق سراح موظفي “سيرتيل” المعتقلين، مضيفاً أن الجهات التي يتفاوض معها اشترطت عليه دفع المبالغ المطلوبة منه والتعاقد مع شركة محددة لتخديم شركة “سيرتيل” للمعدات التقنية، وهي تؤمن متطلبات الشركة ومشترياتها .

وأشار مخلوف إلى أنه خلال اجتماع رسمي مع مؤسسة الاتصالات، طلبت المؤسسة منه التنازل عن جزء من أرباح الشركة تحت طائلة التهديد بالسجن ووضع اليد على الشركة .

وارتفع الدولار الأمريكي منذ بث مخلوف أول فيديو له في أول أيار / مايو الجاري حوالي 400 ليرة سورية وسجل الدولار الأمريكي اليوم في السوقالسورية السوداء / 1670 / ليرة سورية.

ويمتلك مخلوف إمبراطورية أعمال في مجالات متنوعة مثل الاتصالات والعقارات والمقاولات وتجارة النفط

رسائل روسية جديدة

16 أيار/مايو

اتجهت أوساط في موسكو إلى النأي عن «الرسائل الإعلامية» التي عكست استياء أو غضب أوساط روسية، لكنها اتهمت الرئيس بشار الأسد بـ«التعنت» ورفض الإصلاح ولجوئه إلى إيران.

ومع غياب موقف رسمي، نشرت وكالة «نوفوستي» الحكومية مقابلات مع أطراف معروفة بمواقفها المؤيدة للنظام، قللت فيها من أهمية تصريحات أقطاب المعارضة بوجود تحول في الموقف الروسي، وبأن موسكو تستعد للتخلي عن الأسد. كما برز فجأة عضو مجلس الدوما ديمتري سابلين وندد بالحملات الإعلامية، قائلاً إن «الأسد ما زال يحظى بشعبية واسعة، وسيفوز بالانتخابات المقبلة إذا رشح نفسه».

من جهته، قال زاور كارايف، الباحث في شبكة «سفوبودنايا بريسا»، إن «عدم وجود بديل، عملياً يشكل عنصر القوة بيد الأسد، وهو يحاول استغلال الثغرات في العلاقات بين موسكو وطهران، وانتهاج سياسة أكثر ابتعاداً عن موسكو، ما يعني أنه لن يستسلم للإصلاحات المطلوبة من دون مقاومة ضارية، وهذا أمر يزيد من صعوبة الموقف بالنسبة إلى موسكو».

إجراءات لبنانية

16  ايار/مايو

أعلن الجيش اللبناني السبت توقيف 16 شخصاً غالبيتهم سوريون يقومون بأعمال صرافة غير شرعية وتحويل أموال إلى سوريا، في وقت تكثّف السلطات ملاحقة الصرافين المخالفين في خضم أزمة سيولة وشح الدولار.

وأورد الجيش في بيان أنّ “قوة من مديرية المخابرات نفذت عمليات دهم متزامنة في 12 منطقة لبنانية مختلفة، تمكنت خلالها من توقيف 16 شخصاً، وضبطت الحواسيب والأجهزة الخلوية المستخدمة من قبلهم في عمليات التحويل إضافة إلى مبالغ مالية كبيرة”.

والموقوفون هم 13 سورياً وثلاثة لبنانيين يعملون، وفق البيان، “في مجال تحويل الأموال والصرافة غير الشرعية، بعضهم تحت ستار مكاتب وشركات قانونية باستخدام منصة إلكترونية غير مرخصة” عائدة لإحدى الشركات المالية.

وقال مصدر أمني لوكالة فرانس برس إن “الأجهزة الأمنية أوقفت صرافاً لبنانياً في بيروت الأسبوع الحالي، وعُثر على مئات آلاف الدولارات في منزله”. وأوضح أنه “بموجب التحقيق معه ومراجعة اتصالاته وهاتفه، تمّ توقيف سوري مقيم في لبنان منذ فترة طويلة ويتعاون معه في تحويل أموال إلى سوريا وتحديداً منطقة إدلب” (شمال غرب).

وكشفت التحقيقات عن تورط مجموعة لبنانيين وسوريين في عملية تهريب الأموال. ودأبت على إرسال الأموال عبر سائقين وأفراد الى سوريا، إلا أنه بعد إقفال الحدود منذ آذار/مارس لمواجهة فيروس كورونا المستجد، باتوا يعتمدون على تحويل الأموال عبر المنصة غير المرخص لها التابعة للصراف اللبناني الموقوف، وفق المصدر.

وانعكست الأزمة الاقتصادية في لبنان سلباً على سوريا المجاورة، حيث تشهد العملة المحلية تراجعاً كبيراً في قيمتها مقابل الدولار. وتتحدّت تقارير إعلامية وشخصيات سياسية عن “تهريب” الدولارات من لبنان إلى السوق السورية.

 9,3 مليون في أزمة

14 أيار/مايو

يعاني 9,3 مليون سوري من انعدام الأمن الغذائي في ارتفاع ملحوظ جراء وباء كوفيد-19 وارتفاع أسعار المواد الغذائية وسط أزمة اقتصادية خانقة في بلد يشهد نزاعاً دامياً منذ أكثر من تسع سنوات، وفق ما أفاد برنامج الأغذية العالمي.

وذكر البرنامج التابع للأمم المتحدة على حسابه على موقع تويتر أن “الارتفاع القياسي في أسعار المواد الغذائية ثم وباء كوفيد-19 دفعا بعائلات في سوريا إلى ما يتجاوز طاقتها”.

وقدر البرنامج أن 9,3 مليون شخص باتوا يعانون اليوم من انعدام الأمن الغذائي، مقارنة بـ7,9 مليون قبل ستة أشهر.

ودعا البرنامج إلى الحصول على “تمويل عاجل لإنقاذ حياة” السوريين.

وكان البرنامج أفاد نهاية الشهر الماضي عن ارتفاع في أسعار المواد الغذائية بنسبة 107 في المئة خلال عام واحد في سوريا على خلفية الأزمة المالية في لبنان التي تنعكس على اقتصادها وتفشي فيروس كورونا المستجد.

روسيا والصين تقاطعان

13 أيار/مايو

قاطعت روسيا والصين الثلاثاء اجتماعاً مغلقاً عبر الفيديو في مجلس الأمن حول الأسلحة الكيميائية في سوريا، وصفته موسكو بأنه “غير مقبول”.

وأفاد دبلوماسي طلب عدم كشف هويته أن نافذتي روسيا والصين على الشاشة خلال الاجتماع الافتراضي كانتا فارغتين.

وقال السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزا في مؤتمر صحافي عبر الانترنت إن لموسكو مطلباً واحداً هو “أن يجري التفاعل في إطار مفتوح”.

وأضاف “للأسف فإن شركاءنا الغربيين وحلفاءهم أصروا على عقد هذا الاجتماع خلف ابواب مغلقة (…) على الرغم من شعارات الانفتاح والشفافية في مجلس الأمن”.

وتابع “مقاربة كهذه غير مقبولة بالنسبة إلينا، لأنها تقوّض صلاحيات الدول الأطراف في اتفاقية الأسلحة الكيميائية”.

وخلال الاجتماع الشهري كان من المقرر أن يستمع أعضاء مجلس الأمن إلى تقريرين من الممثلة الأممية السامية لشؤون نزع السلاح إيزومي ناكاميتسو والمدير العام لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية فرناندو أرياس.

كما كان من المقرر أن يستمع المجلس الى سانتياغو أوناتي لابورد، منسق فريق التحقيق والتحديد التابع لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية.

ونشرت لجنة التحقيق في بداية نيسان/ابريل تقريرا تتهم فيه دمشق للمرة الأولى بشكل صريح بشن ثلاثة هجمات بالأسلحة الكيميائية عام 2017.

ونفت دمشق مسؤوليتها عن الهجمات التي وقعت عام 2017.

درس مؤلم

12 أيار/مايو

قال النجم الدولي السوري ولاعب الأهلي السعودي عمر السومة، إن خروج منتخب بلاده من دور المجموعات في كأس آسيا 2019 لكرة القدم التي أقيمت في الإمارات، كان بمثابة اللحظة الأصعب في مسيرته.

وخرج المنتخب السوري من الدور الأول بعدما حقق المركز الرابع الأخير في المجموعة الثانية، حيث حصل على نقطة واحدة من ثلاث مباريات، بتعادل سلبي مع فلسطين في المباراة الافتتاحية قبل أن يخسر أمام الأردن صفر / 2

وأمام أستراليا 2 / 3 .

وقال السومة 31/ عاما/ في مقابلة مع قناة “سما” التليفزيونية السورية، نشرها موقع الاتحاد الآسيوي للعبة اليوم الثلاثاء :”خروج المنتخب من كأسآسيا عام 2019 كان من أكثر اللحظات صعوبة في مسيرتي نظرا لسيناريو تلك المشاركة والآمال التي كانت معقودة علي وعلى زملائي اللاعبين.”

ويعتبر السومة من أفضل المهاجمين السوريين وحقق العديد من الإنجازات أهمها لقب الدوري السعودي مع الأهلي عام 2016 وذلك بعد غياب النادي عن منصات التتويج في تلك المسابقة لـ32 عاما، ونال لقب أفضل لاعب حينها، كما توج بلقب هداف الدوري السعودي لثلاثة مواسم متتالية في 2015 و2016 و2017 .

معارك إدلب

10 أيار/مايو

قتل 48 عنصراً على الأقل من قوات النظام السوري وفصائل مقاتلة أبرزها تنظيم “حراس الدين” المتشدد خلال اشتباكات في شمال غرب سوريا، رغم سريان وقف لاطلاق النار منذ شهرين، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان الأحد.

ويسري في إدلب وأجزاء من محافظات مجاورة وقف لإطلاق النار منذ السادس من آذار/مارس، أعقب هجوماً واسعاً شنّته قوات النظام بدعم روسي، ودفع قرابة مليون شخص للنزوح من مناطقهم.

وأفاد المرصد عن مقتل 35 عنصراً من قوات النظام ومسلحين موالين لها مقابل 13 من مقاتلي تنظيم “حراس الدين” ومجموعات جهادية، جراء اشتباكات عنيفة في منطقة سهل الغاب في ريف حماة الشمالي الغربي.

وتعد حصيلة القتلى هذه “الأعلى منذ سريان الهدنة”، وفق ما قال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس، موضحاً أن “الاشتباكات اندلعت بعد منتصف الليل إثر هجوم للفصائل على مواقع لقوات النظام”.

وينشط فصيل حراس الدين، المرتبط بتنظيم القاعدة ويضم نحو 1800 مقاتل بينهم جنسيات غير سورية، وفق المرصد، في شمال غرب سوريا. ويقاتل مع مجموعات متشددة إلى جانب هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) التي تعد التنظيم الأوسع نفوذاً في إدلب.

وغابت الطائرات الحربية التابعة لدمشق وحليفتها موسكو عن أجواء المنطقة منذ بدء تطبيق الهدنة، في وقت أحصت الأمم المتحدة عودة نحو 120 ألف شخص الى مناطقهم، بينما يتكدس عشرات الآلاف في مخيمات مكتظة، وسط مخاوف من “كارثة إنسانية” في حال تفشي فيروس كورونا المستجد.

إجراءات تقشفية

10 أيار/مايو      

توقفت وزارة النفط في سوريا الأحد عن تزويد السيارات التي تستهلك كميات أكبر من الوقود، بالبنزين المدعوم، في إجراء تقشفي جديد يعكس حاجة دمشق لتوفير النفقات والمشتقات النفطية.

وتعاني سوريا، خصوصاً في العامين الأخيرين، من نقص كبير في موارد الطاقة لا سيما البنزين وأسطوانات الغاز المنزلي، ما دفع الحكومة الى اتخاذ سلسلة اجراءات تقشفية تباعاً بهدف ترشيد الاستهلاك.

وأعلن وزير النفط والثروة المعدنية علي غانم إيقاف تزويد السيارات الخاصة ذات سعة المحرك من “2000 سي سي” وما فوق، وكل من يملك أكثر من سيارة، سواء أكان فرداً أو شركة، بالبنزين المدعوم” على أن توظّف الإيرادات التي سيتمّ توفيرها في “مشاريع خدمية وتنموية” لم يحدد ماهيتها.

وكان يحقّ للسيّارات الخاصة، بغضّ النظر عن سعة محركها، الحصول على مئة ليتر من البنزين المدعوم شهرياً، على أن يتحمل مالكوها نفقة أي كمية إضافية.

وبات يتوجب على المشمولين بالقرار تأمين الوقود لسياراتهم على نفقتهم الخاصة، أي بالسعر غير المدعوم والمحدد بتسعة آلاف ليرة سورية (12 دولار تقريباً) لصفيحة البنزين (20 ليتراً) فيما كانوا يحصلون عليها بخمسة آلاف ليرة فقط.

وأثار القرار انتقادات على مواقع التواصل الاجتماعي وفي الشارع. وكتبت الممثلة شكران مرتجى على صفحتها في فيسبوك “هل من المعقول أن أنفق على سيارتي أكثر مما أنفقه على بيتي؟ .. قررت بيعها”.

وشاركها الرأي عشرات المعلّقين بينهم رامي عبيدو الذي كتب “ما يحصل هو اجتهاد لجلب أموال لصندوق الدولة من جيبة المواطن العادي”.

ويلقي مسؤولون حكوميون بشكل مستمر المسؤولية في أزمة الوقود على العقوبات الاقتصادية التي تفرضها دول عدة عربية وغربية، ما يحول دون وصول ناقلات النفط. وفاقمت العقوبات الأميركية على طهران، أبرز داعمي دمشق، أزمة المحروقات في سوريا التي تعتمد على خط ائتماني يربطها بإيران لتأمينها.

على طرقي البحرية

على طرقي البحرية

فوق المحيط

١

سأرشّ حول جسدكِ طحيناً

كما فعلَ أنكيدو حول جسد جلجامش

كي أتوهّج في شمس أحلامكِ

كي تشعري بطعمي
في لقمة الخبز في فمك.
فأنا أعيشُ في النار
التي تُنضجُ الرغيفَ الذي تأكلين منه.

 

٢

ليس الحبّ قصةً أرويها

فأنا لا أعودُ إلى الذكريات

ولا أفتحُ صناديق في زوايا غرفتي

كي أبحث عن رسائل قديمة

بل أترك باب حياتي مفتوحاً

كي تدخلي إلى الغابة

التي أعيش فيها وتبحثي عني

وهنا، إذا ما عثرتِ عليّ

سنزرع شجرة أخرى باسم الحب.

 

٣

بحثنا عن أيام أكثر راحة

عمّ يختصر المسافات بيني وبينك.

سافرنا في أذهاننا قليلاً

إلى أمكنة عشنا فيها

حين كنتِ تصعدين الدرج

وكنت أراقب خطواتك

وأخالهما في أوقات كثيرة

جناحين يرفعانك

وكنت أنظر إليهما يحلقان بك

ويتغلغل فيهما الضوء في الأعالي.

 

٤

كان الحب أحياناً

يصنع الفضاء ويوسّعه

يفتح أبوابه كلها ويزيح الستائر.

وفي أحيان أخرى

كان يوزع غيومه

يرعد ويبرق وتسقط أمطاره

وحينها نكون متعانقين

في صاعقة جسدية

تسقط فوق شجرة الرغبة.

 

٥

حين جاء الموت

لم يكن هناك حياة إلا في وجهكِ.

وحين جاء الظلام

لم يكن هناك وهج إلا في عينيك.

لم نلمح طريقاً آنذاك

كان المحاربون يعبرون على الدراجات النارية

وكنا نلمح التوابيت فوق كتفيْ

المدينة وهي تحني رأسها

في طريقها إلى المقبرة.

 

٦

في فجر أحد الأيام أيقظتْنا انفجاراتٌ

صنعتْ سماء من الدخان

وأصواتٌ خدشتْ لحم السماء بأظافرها الفولاذية.

غادرنا حينها البيت

أغلقنا الباب وراءنا

محونا أشياءنا وراءنا

لم يكن يتوهج في أعيننا

إلا ضوء الرحيل.

 

٧

وفي طائرة في الفضاء

شعرنا أننا ضائعان

أننا لن نصل إلى أي مكان.

كان كل شيء خلفنا يختفي في الدخان

وأيامنا القادمة

ضائعة في صوت المحركات العملاقة

فوق المحيط.

  

المدينة التي عشتُ فيها

 السماءُ فيها سقفٌ لصالات العزاء

والضوء غبارٌ يتساقط، تنثرهُ الريح

على ملامح وجهها الممحوة.

نهرُها الذي يجفّ في جسدٍ متصحّر

حنجرةٌ من الرمل ترتّل الأناشيد لمطرٍ لا يهطلُ.
أما ليلها الذي يعشقهُ الشعراء فمبقّع
بأضواء تنطفىء الواحد بعد الآخر
ليس لأن الفجر قادم بل لأنها
لم تعد قادرة على التوهج.
الأشجار التي بقيت فيها
ضيّع الربيع طريقه إليها.
تعرفُ هذا كلماتٌ تخرج مذعورةً
من الأفواه في المقاهي.
يعرفُ هذا من يرى كلمات كاذبة
تخنقُ عناوين الصحف.
تعرف هذا أحلامٌ لا تتحقّق
وأعينٌ ترى من ثقوب في الحصار.
فوق حاراتها الملوّثة
حيث يتدفّقُ نَهْر الأسلاك
تبدو الشمسُ باهتةً ككرة قدم مغبرّة
شاطها أحدهم وبقيت عالقةً في الأعلى.
المدينةُ التي أمضيتُ فيها نصف حياتي
كانت دوما تفتحُ لي الباب
لا لكي أدخل إليها بل كي أغادرها.

 

ريح الخوف

١

شيءٌ ما يرجّ الكوكبَ

يرميه

في ريح الخوف.

 

٢

كان الكوكبُ دوماً

على حافّة الهاوية.

الغريب أنه لم يسقط.

 

٣

شوارعُ المدن خالية.

الموتُ ينتظرُ في الشوارع

في السيارات المركونة

على شواطئ البحار

على خشبة المسرح

في الأوراق الأولى للصحف

في البارات

والمدارس

في القبل والمصافحات

في عواء الكلاب الضجرة

وتصريحات السياسيين.

 

٤

سجادة الصلاة

تحلّ خيوطها

كي تصنع كمّامة.

الدعاء

لا يعثر على خشب

كي يصنع سلماً للصعود.

 

٥

أنشغلُ الآن

بترتيب المائدة

كي أجلس إليها

أنا والوحدة.

 

٦

الكأس الممتلئ أمامي

يشعر أنه فارغ.

يدي تشعر أنها

ليست يدي.

صرنا جسوراً

يعبر عليها الموت

وها أجسادنا تتدلى منتظرة

على أغصانها الذابلة.

 

٧

كما يعيشُ الموتُ في قبرٍ

يعيش في اللامبالاة.

في أيد لا تعرفُ معنى عناق

لا حاجة إليه.

 

٨

بما أنني خلف الجدران الآن

أحبّ أن أسأل نفسي:

ألم أكن خلفها من قبل؟

 

٩

العالم موحشٌ الآن

شوارعه مهجورة

والبشر يهربون من بعضهم.

واقعٌ أراد

أن يكون أكثر وضوحاً.

 

١٠

لو وُضع للجسد البشري تاريخ،

ماذا هناك غير الموت؟

 

١١

حتى في أوج شعوركَ بأنك نَفَسٌ عابر

حفيفٌ في أوراق أشجار اللحظات،

حتى لو كنت تعرف

أنك لا تستطيع التمسك

بأي شيء

ابْنِ، ابْن حديقة للفرح

وازرعْها بالورود.

 

١٢

لا أحب الدعاء

وإذا ما استمرت الحياة

حتى العكاز يمكن أن يكون

حفيداً، كما قال الهنود الحمر.

 

١٣

يسير البشر واضعين كمامات على وجوههم

نظراتهم قلقة

ثمة شيء ما يتربّص بهم في الخارج.

لكن في الأعين نفسها وهج

لا يمكن أن يطفئه أي شيء.

 

١٤

كان الشاطئ مهجوراً

خُيّل لي أن الأمواج والغيوم خائفة

وهي على حق إن كانت هكذا

تعرف أنه لا معنى لها

دون أعين تنظر إليها.

 

١٥

كان الشاطئ مهجوراً

والطيور قلقة.

كان صوت الريح مختنقاً

وهي تهب فوق دروب خالية.

 

هذا هو الجسد

 ١

رغم أنه يتمنى ذلك أحياناً،

لا يستطيع الجسدُ

أن يصبح حجراً.

 

٢

الجسد موجةٌ

وفي غالب الأحيان

يكون البحر في داخله.

 

٣

تتجمّع الغيوم في السماء

وتلعب الريح بأشكالها وتبدّدها.

هذا هو الجسد.

 

٤

حين ييدأ الطريق ولا ينتهي

حين تبحر السفينة وتضيع البوصلة

هذا هو الجسد.

 

٥

في منقار النورس المحلق فوق الماء

كائنٌ بحري يتدلى.

هذا هو الجسد.

 

٦

اليوم، في مزيجٍٍ

من الأصداف والرمال

رأيتُ آثار أجساد قديمة.

 

٧

في الأعشاب التي تطلع

من شقوقٍ في القبور وحولها

يشير الجسد إلى طرقه.

 

٨

يولد الجسد أكثر من مرة في الحب

وبعد ذلك إذا اختار مسكناً

يكون عادةً الريح.

  

حين عشقتُ أول مرة

١

حين عشقتُ أول مرة

كانت قدماي تتسلقان الجبال وتهبطان السفوح

كالهواء الذي تميل فيه الأعشاب.

 

٢

حين عشقتُ أول مرة

كنتُ أرى نفسي بعينيها

وكنتُ معجباً بنفسي.

 

٣

حين عشقتُ أول مرة

شعرتُ أن الانتظار

ثمرةٌ يتقطّر عصيرها بين شفتيَّ الظامئتين.

 

٤

حين عشقتُ أول مرة

لم أعرف قلبي ولم يعرفْني

كما لو أنه خفقَ في صدرٍ آخر.

 

٥

حين عانقتُ أول مرة

لم أر ما كنت أعانقه ولم أر نفسي

كنا جسدين ضائعين في بعضهما.

 

٦

حين قبّلتُ أول مرة

شعرتُ أنني ضائع ولا يمكن أن يخرجني

من المتاهة إلا قبلةٌ أخرى.

 

٧

حين قبّلْتُ أول مرة

عرفت أن للشفاه وروداً تتفتّح

وأن لها عطراً ينتشر.

 

٨

حين عانقتُ أول مرة

عثرتُ على نفسي بين ذراعيكِ

وحين خرجتُ من بينهما ضعتُ من جديد.

 

٩

حين يعشق المرء

يعشق دوماً لأول مرة

كما لو أن الحب ينجبه كل مرة.

 

الطائر الطنان 

١

حين يُحلّقُ الطائر الطنان

تُصْبح أجنحتهُ لامرئية.

هل يريد أن يتحوّل إلى هواء

أم لأنَّ الرحيق يُسْكره؟

 

٢

كما يعيشُ الطائر الطنان على رحيق الأزهار

أعيش على رحيق الكلمات

التي تهمسُ لي شيئاً.

 

٣

كان اللون الأخضر كثيفاً في ذلك اليوم

كانت الأشجار تنوء به

كأنها تتمنى عودة الضباب

كي يخفف من وطأته.

 

٤

العلاقةُ بين نسبة الرطوبة في الهواء

وسقوط الضوء على الطائر الطنان

هي ولادة قوس قزحٍ في ريشه .

 

٥

حين يسقط الضوء

على ريش الطائر الطنان

يهاجر من ذاته ويصبح آخر.

 

٦

ما الذي يجري لي؟

كلما رأيتُ جناحيْ الطائر الطنان

تمنيتُ لو أنهما على جسدي.

 

٧

يا مدينة ولادتي النائمة

فوق الشاطئ الصخري

لستُ طائراً طناناً

كي أحلّق نحو الأعلى والأسفل

كي أطيرَ جانبياً أو بالمقلوب

أو كي أحلّق مثله باتجاه الوراء

حين أحنّ إليكِ.

لا حاجة كي أفعل ذلك يا مدينتي

فأنت تعيشين في داخلي

والعلاقة بيني وبينك

تاريخٌ من الأجنحة

التي بلا فضاء.

  

على طرقي البحرية

الفجرُ ضبابيٌّ

على طرقي البحرية،

وصدْر المياه ليس رحْباً

كل شيء هاجعٌ

 وراء باب عزلته.

الريح تسرعُ كأنها تنوي

العودة من حيث جاءت

والضوء يبهت

 كأنه يفكر بالاحتجاب في مصدره.

شعرتُ بثقل وحْدتي

وبثقل الفراغ على جسدي.

ربما لن يغيبَ الضوء طويلاً

لكن هل سيكشفُ حين يأتي

غير ما حجبه الضباب؟

كانت المدينة تتقلب على سرير الأرق

تنتظر خبراً

يدلي حبله في الهاوية.

الملك هو الملك: قناع السُّلطة وجوهرها

الملك هو الملك: قناع السُّلطة وجوهرها

بعد عام 1978 دخل سعد الله ونّوس في صمته الطوعيّ الذي استمر عشر سنوات. عزلة الصمت والصيام هذه كانت صيامًا عن الكتابة المسرحيّة فقط، إذ شهدت فترة العزلة تلك أغزر فترات حياته نشاطًا في المسرح، حيث ساهم في إنشاء مجلة الحياة المسرحيّة، وتأسيس المعهد العالي للفنون المسرحيّة والتدريس فيه، إضافة إلى تأسيس المسرح التجريبيّ الذي غيّر المسرح السوريّ تغييرًا كليًا، وكتب في المسرح وعنه، وفي الثقافة وعنها، كما لم يكتب من قبل. ولكنْ برغم هذا النشاط الهائل، واصلَ ونّوس (وكلّ مَنْ كتب عنه) الإشارة إلى السنوات 1978-1989 بكونها «فترة الصمت»، وكأنّ ونّوس يعني أنّ الكلام لديه مرتبط بالكتابة المسرحيّة الإبداعيّة حصرًا، وبأنّ كلّ ما عداها – على أهميته – ليس إلا إسهامات جانبيّة ترفد كتابته ولا تحل محلّها. اللافت أنّ ثمة فترة صمت أخرى أقصر تلت عودته الموجزة إلى الكتابة عام 1989 حين كتب مسرحيّة الاغتصاب، إذ استمرّت أربع سنوات تقريبًا حتى عام 1993 حين صدرت مسرحيّته يوم من زماننا، والمشاهد الأولى من منمنمات تاريخيّة. لم تحظ فترة الصمت الثانية باهتمام كسابقتها لأسباب عديدة، إذ شهدت هذه الفترة نشاطًا أوضح وحضورًا أكبر، حيث نال جائزة كبرى، وساهم في مشروع قضايا وشهادات مع عبد الرحمن منيف وفيصل درّاج (لعلّه أعظم مشروع ثقافيّ في سوريا التسعينيّات)، عدا عن إصابته الأولى بالسرطان التي برّرت – ولو جزئيًا – سبب صمته الموجز. ولكنّ تلك الأسباب ليست الأهم. لدينا سبب آخر يبرّر فترتَيْ الصمت كلتيهما: الخيبة.

كانت أواخر السبعينيّات وأوائل الثمانينيّات أشرس فترة في تاريخ سوريا الراهن (قبل انتفاضة 2011) حيث تضاعف القمع إلى درجات مرعبة، وترافقَ مع ظروف إقليميّة وعربيّة شتّت أنظار الناس عمّا يحدث: اتفاقيّة كامب ديڨد والحرب العراقيّة-الإيرانيّة، ومن ثمّ اجتياح بيروت. كانت تلك الظروف صاعقةً بدرجة كبيرة أعمتْ دارسي ونّوس عن الأسباب الشخصيّة للخيبة. هل كانت الظروف السياسيّة وحدها ما دفع ونّوس إلى محاولة انتحار عام 1979، تلتها فترة الصمت الطويلة؟ نعم ولا، فالسببان متضافران. لا يمكن لنا فهم أسباب فترة صمته الأولى الطويلة إلا حين نحاول فهم أسباب فترة صمته الثانية القصيرة: خيبة ونّوس من تلقّي أعماله. لو تأمّلنا فترة صمته الثانية سنجد أنّها بدأت بعد عرض مسرحيّته الاغتصاب، وبعد خيبته التي عبّر عنها مرارًا بسبب إساءة الفهم الفادحة التي دمّرت النص. كان ونّوس قد طوّر معظم أدواته الكتابيّة في فترة صمته الطويلة، وغيّر زاوية نظره للكتابة وللمسرح، حيث خفّف من الأيديولوجيا الصارخة التي كانت تغرق فيها أعماله الأولى، وحاول تبيان أفكاره الجديدة من خلال مسرحيّة الاغتصاب، ولكنّ الفهم الأيديولوجيّ المختزل للمسرح ولقضيّة فلسطين كان ما يزال راسخًا لدى الجميع ما أدّى إلى تسطيح المسرحيّة وقولبتها ضمن الأفكار الأيديولوجيّة الجامدة للجمهور، فصمت ونّوس من جديد قبل أن يبدأ مرحلته الختاميّة المذهلة كمًا وكيفًا في الكتابة، مرحلة شهدت تغييرًا جذريًا في كتابته وأفكاره ليقدّم سبع مسرحيّات عظيمة خلال خمس سنوات (1993-1997)، تكاد لا تشبه مسرحيّاته السابقة على الإطلاق: دفقات جماليّة بديعة، تشريح سيكولوجيّ قاسٍ ورهيفٍ في آن، تخفّف هائل من الحمولة الأيديولوجيّة. المفارقة هنا هي أنّ التلقّي الأيديولوجيّ الجامد الذي خيّب أمل ونّوس بعد الاغتصاب كان هو ذاته الذي كانت تنضح به أعماله الأولى. خيبة أمله من تلقيّ الاغتصاب مماثلة ومعاكسة في آن لخيبة أمله من تلقّي مسرحيّتَيْ الملك هو الملك (1977) ورحلة حنظلة من الغفلة إلى اليقظة (1978). الهدوء الخانع في تلقّي مسرحيّتَيْ السبعينيّات يماثل التأدلج العاصف في تلقّي الاغتصاب. ونّوس السبعينيّات مرآة معاكسة لونّوس التسعينيّات: ونّوس الذي كان سيرقص فرحًا لو نجح التلقّي الصارخ لـ الملك هو الملك (في خروج مظاهرة مثلًا، كما كان يحلم دومًا) كاد يُجنّ بسبب تحقُّق هذا الصراخ في تلقّي الاغتصاب. الهدوء الذي خيّب أمله في نهاية السبعينيّات، كان هو ذاته الهدوء الذي كان يتمنّاه بعد عقدين. لا بدّ من التركيز على دراسة مسرحيّة الملك هو الملك على الأخص لنفهم عالم ونّوس كلّه: الملك هو الملك (ورحلة حنظلة التي يمكن لنا أن نراها جزءها الثاني أو المُكمِّل) هي النقطة الفاصلة في مسيرة ونّوس المسرحيّة. كانت نهاية مرحلة وبداية مرحلة مختلفة بل ومضادّة فعليًا.

الملك هو الملك ليست مسرحيّة مجهولة، بل لعلّها أشهر مسرحيّات ونّوس. حبكتها ليست مجهولة أيضًا، بل لعلّ رواج المسرحيّة أحد الأسباب الأهم في رواج حدوّتتها مع أنّها مأخوذة من قصة قديمة. ربما يعرف قراء كثيرون أنّ حبكتها مأخوذة من حكاية «النائم واليقظان» في ألف ليلة وليلة، ولكنّ عددًا أقل قرأ تلك الحكاية الأصليّة، وقلّة قليلة قرأت الحكاية نفسها في مدخل مسرحيّة شيكسپير ترويض السّليطة. القصة نفسها ولكنّ السياقات مختلفة. وكما هي الحال في الفن عمومًا، لا تهمّنا القصة بقدر ما تهمّنا معالجتها. ليس «ماذا» بل «كيف». ولذا سأتناول تلك السياقات الثلاثة المختلفة، وسأبيّن كيف نجح ونّوس بدرجة كبيرة في قلب التأويل السطحيّ للقصة، ليقدّم عملًا لا يشبه مصدره إلا بخطوطه العريضة.

اقتبس ونّوس حدّوتة مسرحيّته من ألف ليلة وليلة. أشهر طبعتين كاملتين لدينا من ألف ليلة وليلة هما طبعة بولاق وطبعة برسلاو، ولكنّهما ليستا متطابقتين إذ تختلفان باختلاف المخطوطات التي اعتمد عليها محقّقو الطبعتين. لم يعتمد ونّوس على أيٍّ من هاتين الطبعتين بل قرأ نسخة المطبعة الكاثوليكيّة التي حذفت المقاطع الجريئة وجمعت الحكايات من مصادر مختلفة. نجد حكاية «النائم واليقظان» في المجلّد الثاني من تلك الطبعة ولكن بعد «تهذيبها» من كلّ ما لا يتناغم مع المزاج المحافظ للكنيسة. لا نجد الحكاية في طبعة بولاق، ولكنّنا نجدها في طبعة برسلاو كاملة وبلغتها الأصليّة التي تمزج الفصيح بالمحكيّ. تبدأ الحكاية من نهاية الليلة الثانية والسبعين بعد المئتين وتنتهي بنهاية الليلة الثالثة والثمانين بعد المئتين، ولكن تحت عنوان مختلف: حكاية هارون الرشيد مع أبي الحسن الخليع. ولا نعرف من أين استمد شيكسپير تلك الحكاية، ولكن على الأرجح أنّه لم يقرأها بل سمعها كما تناقلتها الألسن لأنّ الحكاية دخلت ضمن التراث الفولكلوريّ لشعوب كثيرة: يشعر أحد النّبلاء أو الملوك بسأم فيقرّر اللعب حين يخدع شخصًا مغفّلًا سكرانًا بحيث يقتنع المغفّل أنّه بات الملك، وتنتهي اللعبة بعد يوم واحد حين يعود منطق السُّلطة المعتاد فيعود الملك ملكًا والمغفّل مغفًلًا. اختلاف حكاية ألف ليلة وليلة في أنّها سمحت للخليفة بخداع أبي الحسن مرّتين، وبذا زاد حبور الخليفة وتعالت قهقهاته وقهقهات القرّاء. الحكاية مضحكة حقًا، وتستحق قراءات عديدة، على الأخص بسبب لغتها المميّزة التي تمزج الفصيح بالمحكيّ والتي انتقلت إلى لغة السير الشعبيّة ولم تنتقل إلى «الأدب الجاد» فخسر الأدب العربيّ فرصة ثمينة لتطوير اللغة الأدبيّة. ولكن هذا خارج نطاق المقالة على أيّة حال.

لا يتعامل شيكسپير مع الحكاية بوصفها جزءًا جوهريًا من مسرحيّته، إذ يمكن لنا حذف المدخل من دون أن تتأثّر المسرحيّة. ولذا كان هذا المدخل مثار سجالات نقديّة طويلة تناولت سبب وجوده في هذه المسرحيّة دون غيرها، إذ يمكن إدخالها إلى مسرحيّات عديدة. يلتقي اللورد بكرستوفر سلاي وقد نام من فرط السَّكَر فتخطر له لعبة مسليّة: احملوا هذا السكّير إلى بيتي ليقتنع أنّه بات لوردًا. الاختلاف عند شيكسپير هو تصادف اللعبة مع دخول فرقة مسرحيّة تريد الترويح عن اللورد فيأمرها اللورد بعرض مسرحيّتهم أمام اللورد الجديد المغفّل. هذه المسرحيّة هي مسرحيّة ترويض السليطة نفسها. أي يبدأ شيكسپير هنا لعبته الأثيرة في إدخال المسرحيّة ضمن المسرحيّة، ولكن ما إنْ يبدأ تمثيل المسرحيّة حتّى ينتهي دور سلاي تمامًا، ويختفي من الأحداث. اختفاء سلاي من مسرحيّة شيكسپير يقوّي ثنائيّة الوهم/الحقيقة التي تقوم عليها مسرحيّة ترويض السليطة. يعيش أبو الحسن تجربة سلاي مضاعفةً: ينام ويستيقظ فيجد نفسه خليفة، ثم ينام ويستيقظ ليجد نفسه وقد عاد أبا الحسن، يُجنّ ويُضرَب لأنّه ظنّ أنّه الخليفة حقًا، ثم يعقل، فيستثمر الخليفة فرصة ذلك التعقّل الهش ليُدخله في التجربة مرةً ثانية. ينام أبو الحسن ويستيقظ فيجد نفسه خليفة مرة أخرى إلى أن يأتي الخليفة ويُبدّد الوهم وتسود «الحقيقة» من جديد.

لم يكتف ونّوس بهذه الحكاية بل جعل أبا عزّة يدخل في وهم أنّه الملك قبل أن تبدأ تجربته تلك. ربما كانت تلك إضافة ونّوسية أصيلة أو ربما قرأها في حكاية مختلفة من ألف ليلة وليلة، نجدها في طبعة برسلاو من نهاية الليلة الثالثة والأربعين بعد الخمسمئة إلى نهاية الليلة الرابعة والخمسين بعد الخمسمئة تُصوّر شخصًا يزعم أنّه الخليفة. محمد علي بن محمد الجوهريّ في حكاية «الخليفة الكاذب» لا يطمح لأن يصير الخليفة بل خلق عالمًا موازيًا يكون فيه هو الخليفة حقًا بقصوره وخدمه وجواريه. أما أبو عزة فيعيش في وهم ضمن الواقع: يتمثّل دور الملك في واقعٍ فيه ملكه الفعليّ. إضافات ونّوس إلى مسرحيّته ضاعفت الألعاب وجعلتنا نعيش في متاهة معقّدة يلعب فيها الجميع: لعبة الملك، لعبة عرقوب، لعبة الوزير، لعبة زاهد وعبيد. حوّل ونّوس حكاية بسيطة تقوم على لعبة مضحكة إلى عالمٍ مرعب شرّح فيه آليّات السُّلطة وأقنعتها وجوهرها. إنْ كانت حكاية سلاي قد بُترت قبل تطوّرها فهذا لا يعني بحال من الأحوال استحالة توقع مسارها، بل إنّ اختفاءه في ذاته هو النتيجة المتوقّعة: سيستمر وهم سلاي باستمرار غرقه في عالمه الكحوليّ بعيدًا من واقع الملوك والعامة على السواء. ما من فارق كبير إنْ صار سلاي لوردًا أم عاد إلى مهنته سمكريًا، وحتّى مهنته تلك عابرة لأنّه تقلّب في مهن عديدة وكأنّه يعيش في وهمٍ دائم لا واقع فيه. تغيّر ظاهريّ فيما الجوهر ذاته: كائن هش يعيش في دنيا هشّة مختلَقة رجراجة لا تعرف الثّبات ولا تكترث له. حين يصبح لوردًا فستكون محض حلقة من حلقات تقلّباته الوهميّة/الواقعيّة الكثيرة التي لن تنتهي إلا بموته. صحيح أنّه يتماشى مع اللعبة الجديدة حين ينتقل إلى التحدّث شعرًا كالنبلاء لا نثرًا كالعوام، ولكنّ تماشيه متّسم بتردّد خفيّ وكأنّ لاوعيه يرفض هذا التغيّر الجديد الذي لا يلائمه. حتّى في غمرة اقتناعه الظاهريّ بأنّه صار لوردًا لا يتخلّى سلاي عن البيرة ولا ينتقل إلى النبيذ، بل لا يجرؤ على طلب كوب كبير بل يطلب أصغر كوب ممكن لأنّه ما زال (وسيبقى) في تذبذب تام بين الوهم والواقع. سلاي هو سلاي ولن يصبح لوردًا. هذا ما يعرفه هو قبل غيره.

أبو الحسن حالة مختلفة لأنّ درجة تصديقه كانت أكبر ولكنّها لم تصل إلى مرحلة التماهي المطلق برغم هذا. لا ينبغي نسيان أن أبا الحسن كان يعيش أحلامه/أوهامه الموقّتة قبل أن يلقى الخليفة وتبدأ اللعبة. كان همّه وقتيًا زائلًا يبدأ ببداية الليل وينتهي بنهايته، يبدأ بسهرة وطرب مع أيّ شخص عابر وينتهي قبيل الفجر حيث يودّع ضيفه العابر محافظًا على قاعدة ألا يسهر مع الشخص نفسه مرتين. الثبات محض وهم بالنسبة إلى أبي الحسن، فأيّ ثبات مهما طال لن يدوم أكثر من ليلة واحدة يتبدّد بعدها الثّبات كما تتبدّد المنامات مع شمس النهار. ولذا وجدنا حيرته أقل حين تحوّل إلى خليفة: السهر والطرب بقيا على حالهما وما من اختلاف إلا في المكان والظروف. ولكنْ لا بدّ للعبة من تماهٍ ولو موجز، ولذا بات أبو الحسن يتمنّى أن تطول الليلة كي يؤخّر تبدُّد المنام الواقعيّ، إلى أن كاد يصدّق اللعبة حقًا فنام واستيقظ ظانًا أنّه الخليفة. ولكنّ شمس النّهار ستبدّد وهمه تبديدًا أقسى الآن لأنّه كاد يتماهى مع دوره في اللعبة. لا نرى نهار أبي الحسن إلا بعد تلك الليلة الوهميّة، إذ كانت سيرته ليليّة فقط. كان ليله هو الواقع فيما النّهار، النّهارات كلّها، مرحلة عابرة. أما الآن مزّق النّهار الأقنعة وكاد أبو الحسن يُجنّ لأنّ خيوط السُّلطة الجديدة أفلتت من يديه، ولم يعد – في الوقت ذاته – قادرًا على الإمساك بخيوط سلطة الليلة الواحدة التي كان ينتهجها دومًا. ولكن حين تكرّرت اللعبة وصار خليفةً مرة ثانية، لم يعد يكترث للمكان أو السياق، أو الوهم أو الواقع بل غرق في رقص جنونيّ ليعيش بهجة لحظته إلى أقصاها من دون أدنى تفكير أو تحليل ما إذا كان هذه المرة يعيش وهمًا أم واقعًا، ولم تتغيّر ردة فعله حين علم أنّه أسير لعبة مكرّرة. لا فارق إنْ كان خليفة أم لا، إذ عاود الإمساك بخيوط سلطته القديمة التي تبدأ وتنتهي في ليلة واحدة.

أبو الحسن وسلاي لم يكسرا شروط اللعبة الصارمة التي تقوم على الأقنعة من دون أدنى خلخلة لجوهر السُّلطة. عاش كلاهما حياته «الطبيعيّة» حتى حين كادا يتماهيان مع العرش. واصل سلاي شربه، وواصل أبو الحسن بهجته، ولم يستغلّا سلطتهما الجديدة إلا في موقف طفيف: أراد سلاي أن يضاجع «زوجته» الجديدة، فيما قرّر أبو الحسن تنفيذ انتقامه الشخصيّ من جيرانه الشّيوخ الذين كانوا ينكّدون عليه سهراته اليوميّة. تلخّصت السُّلطة والعرش في استغلالين باهتين بقيا ضمن شروط اللعبة. ولكنّ ونّوس لا يكتفي بشروط الأقنعة أو حتّى بتمزيقها، بل جعل أبا عزّة يخلخل شروط اللعبة كلّها، ويعبث بجوهر السُّلطة نفسه. وصل التّماهي إلى درجته القصوى في الملك هو الملك، ولم نعد أمام لعبة عابرة كما هي حال ألف ليلة وليلة وترويض السليطة. كلُّ من اشترك في اللعبتين كان يدرك أنّه يمثّل دورًا في لعبة تُخفّف سأم الملك، ولم يحدث أدنى تمرّد، لأنّ الأقنعة ستُرمى في نهاية المطاف ويعود كلُّ جوهرٍ إلى جوهره. ولكنّ ونّوس أوصل عبثيّة اللعبة إلى حدود مرعبة. حوَّل ونّوس الحكاية المضحكة إلى قصة رعب حين شرّح مفهوم السُّلطة في ذاته. ليس الملك شخصًا بل هو منظومة كاملة لا يؤثّر فيها استبدال ملك بملك. شعار «مات الملك، عاش الملك!» لا يعني نهايةً أو بدايةً، بل هو استمرار لعمل السُّلطة بلا أدنى تغيير. حاشية الملك لم تُنكر أبا عزّة حين صار ملكًا، ولم تتعرّف إلى ملكها القديم حين بدأ لعبته. أمّا أركان السُّلطة فلم يكترثوا ما إذا كان هذا الملك هو ملكهم القديم أم لا طالما أنّ مسار الحُكم لم ينقطع، وأنّ أدوارهم لم تتخلخل. الملك هو العرش والرداء والتاج، والملك يبقى ملكًا طالما أنّه لا يتخلّى عن رموز سُلطته. حتّى حين يصبح الملك عاريًا ستستمر عجلة السُّلطة بالدوران برغم صوت هنا وتعجّب هناك. ربما كان عاريًا حقًا وضحكنا مع عبارة الطفل الذكيّ، ولكنّ الملك عاد ملكًا في اليوم التالي ولم يتغيّر أدنى تفصيل. أما هنا فلم يخلع الملك ثيابه بل خلع سُلطته كلّها من أجل لعبة لأنّه ظنَّ واهمًا أنّ السُّلطة هي الملك، بينما هي فعليًا نظام كامل لا بدّ للملك من أن يلعب دوره فيه بدقّة وإلا استُبدل ببساطة.

لم يعمد أبو عزّة إلى استغلال طفيفٍ لسُلطته العابرة كما فعل أبو الحسن وسلاي، بل أصبح هو الملك حقًا. بدأت حياة الملك الجديد بلحظة تتويجه، وأما كل ما سبقها فحياة شخص آخر تصادفَ أنّ اسمه هو اسم الملك. ارتدى أبو الحسن اسمه ووضعه الجديد حين ارتدى تاج الملك وأمسك بصولجانه. يشير ونّوس ببراعة إلى هذا التحوّل حين غيّر أسماء المتحدّثين مع تغيُّر هويّاتهم: تحوّل اسم «أبو عزة» إلى «الملك» بعد أن أمسك صولجانه، فيما بقي اسم «عرقوب» على حاله لأنّ تماهيه مع الوزير لم يكن تماهيًا تامًا؛ وكذلك حين تنكّر الملك والوزير باسمّيْ «مصطفى» و«محمود» بقي الاسمان على حالهما إلى أن تمكّن محمود من استعادة منصبه وزيرًا، فيما بقي مصطفى الذي كان ملكًا محتفظًا باسمه وهويّته الجديدة. أعظم مشهدين في المسرحيّة هما حوار الملك أبي عزّة مع «وزيره» عرقوب، وحواره مع أم عزة وعزّة. لا يثق الملك الجديد بعرقوب حتّى حين ظنَّ عرقوب أنّ التحوّل يشملهما معًا. عرقوب ابن ذلك الواقع الذي ولّى ويظنّ أنّ ما يعيشه الآن محض وهم عابر، على عكس الملك الذي نسف الماضي كلّه بواقعه وأوهامه وولد من جديد في واقع أوحد يكون فيه هو الملك، أما عرقوب فليس أكثر من آثار جانبيّة لزمن الماضي الذي لا بدّ من انتهائه. يحاول عرقوب تذكير الملك الجديد بمزاعمه القديمة التي كان يصرّح فيها بوجوب الانتقام من شهبندر التجّار والشيخ، ولكنّ خصوم الأمس ذهبوا مع أمس، كما سيذهب عرقوب لأنّه لا يصلح لدوره الجديد. وحين تدخل أم عزة وعزة على الملك الجديد، تشكّ عزة في أنّ هذا الملك يشبه أباها، ولكنّ الملك يُنهي ماضيه تمامًا في لحظتين: يأمر لهما براتب سنويّ، ويأمر مباشرةً بمعاقبة زوجها الذي اختفى وبتجريسه بحيث يُقفل الملك الجديد بذلك باب الماضي كلّه بلا تردّد.

لم تُلاقِ مسرحيّة الملك هو الملك تجاوبًا يرضي ونّوس، إذ ظنَّ الجمهور أنّ المقصود بالمسرحيّة هو ذاته الذي كان مقصودًا في الحكاية القديمة ذاتها: أقنعة تُخلَع وتُرتدى. ولذا بادر ونّوس إلى إضافة تعقيبٍ نظريّ يشرح المسرحيّة كلّها. التعقيب مهم جدًا لا لفهم المسرحيّة فقط، بل لفهم عالم ونّوس كلّه ولفهم فهمه الخاص للسُّلطة. تبقى لهذا التعقيب أهميته البالغة اليوم أكثر حتّى من المسرحيّة التي لا يمكن أن نراها من أفضل أعماله لو طبّقنا قراءة نقديّة صارمة. تعج المسرحيّة في نصفها الثاني بتخبّطات كثيرة تُربك القارئ والمتفرّج، عدا عن غرقها في أمثولة مباشرة بدت فيها أقرب إلى البيان المسرحيّ لا إلى مسرحيّة بكامل فنيّاتها الجماليّة. خفَّ بريق المسرحيّة الآن ولكنّ التعقيب النظريّ بقي على أهميّته بلا تغيير، لأنّ فهمنا لمسألة السُّلطة ما يزال قاصرًا كما كان عليه الفهم السائد في السبعينيّات. يشير ونّوس إلى أنّ «تغيُّر الملك مع استمرار النّظام هو حدث عابر أو «انقلاب عسكريّ» ثانويّ الأهميّة. … إنّ حتميّة واحدة هي التي تتكلم وهي التي تتصرف. وهذه الحتميّة هي الهويّة الملموسة. أما الملك والملك، الأول والثاني، والثاني والأول، فيمكن باستمرار، ومكررين اللعبة مرة ومرة، أن نغيّر أحدهما بالآخر وتبقى الحتميّة واحدة لا تتغيّر. هنا ليس الجذريّ إبدال هويّة بهويّة، وما من إبدال حقيقيّ، بل إبراز تلك الاستمراريّة الطاحنة التي هي وحدها حقيقيّة وملموسة». لهذا التعقيب أهميته اليوم بعد «الربيع» كما كانت عليه أهميته قبله؛ بل لنا أن نستغرب موافقة الرقابة على عرض تلك المسرحيّة التي لا أظنّ أنّها ستلقى فرصة مماثلة اليوم. لعلّ جماليّات المسرحيّة لا تشفع لها كثيرًا ولكنّ لعلّ المسرحيّة لا تكتمل إلا في عرضها. فالقراءة ليست السبيل الأوحد لتبيان أهمية الدراما. وأخيرًا، تلفتنا نقطة مهمّة في الحكايات الثلاث وهي أنّ أبطالها «المغفّلين» لهم أسماؤهم الواضحة: أبو الحسن، كرستوفر سلاي، أبو عزة؛ أما أهل السُّلطة فأسماؤهم هي عروشهم: الخليفة (تشير ألف ليلة وليلة إلى هارون الرشيد في أغلب حكاياتها، ولكن لا يعني هذا بحال من الأحوال أنّ الرشيد يختلف عن غيره من الخلفاء من هذه الناحية)، واللورد، والملك. ليس للملوك أسماء، إذ يعلّمنا سعد الله ونّوس أنّ الملك هو الملك، أيًا يكن اسمه.

*تنشر هذه المادة بالتعاون مع جدلية.