الحرب على كورونا: معركة جديدة مصيرية للسوريين

الحرب على كورونا: معركة جديدة مصيرية للسوريين

الخطر الجديد الذي يُهدد دول العالم كلها، يبدو أنه سيكون أكثر خطورة في سوريا المنكوبة جراء تعرض بعض مدنها لدمار كبير، وغياب أو ترهل البنية التحتية الطبية، واكتظاظ المهجرين\ات في مخيمات للنازحين\ات داخلياً أو مخيمات لللاجئين في دول مجاورة.

 ونظراً لغياب الشفافية في قضية مصيرية كهذه، في وقت تبدو الشفافية ضرورة قصوى من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه ومواجهة هذا الوباء،  يحاول موقع ”صالون سوريا“  تسليط الضوء على ردود فعل السوريين وآليات مقاومتهم، وما الذي يمكن أن يعولوا عليه في هذه “الحرب الجديدة”. ويستطلع من الميدان، آراء سوريين من خلفيات مختلفة وفي مدن مختلفة بحثاً عن حقيقة ما يجري على صعيد تفشي الوباء والإجراءات القائمة للحد من انتشاره، بالإضافة إلى مخاوف السوريين\ات.

 ستنشر المواد الواردة تباعاً وتفعل روابطها:

كورونا في سوريا، ومسرح اللامعقول

كورونا، حرب جديدة في دمشق

السويداء وكورونا واحتمالات المجهول المرعبة

حملة في إدلب لمنع كارثة كورونا

القامشلي تواجه كورونا بشوارع خاوية من إيقاع الحياة

كورونا في اللاذقية

فقراء دمشق لا يمتلكون حتى خيار الخوف من كورونا

فلسطينيو سورية على وقع جائحة كورونا يصرخون: يا وحدنا

الطب البديل :علاجات تزدهر في زمن الكورونا

أطفال اللاجئين والحجْر المزدوج

العنف غير المعلن في زمن الكورونا

كيف يواجه أطفال سوريا الكورونا؟

يوميات الحجر السوري: بعض الابتلاء الأسري!

مخترع سوريّ يبتكر نقالة معزولة للحماية من نقل عدوى كورونا

عيد الفطر في سوريا زمن الكورونا: فرحة مقننة

الحكومة تضع الكرة في ملعب الشعب: النجاة فردية!

كيف يؤثر وباء كورونا نفسياً واجتماعياً على السوريين

سوريا على حافة المجاعة

كورونا وطلاب الشهادات الثانوية العامة والإعدادية

حوامل سوريات في زمن الكورونا: مزيج من الفزع والفرح

إنجازات “التربية”: حفلة “ردح” وتصريحات فارغة

ما لا يُقال

ما لا يُقال

الجبال لا تعرى

 في الأوقات الصعبة أستبدل مدُني

بجبال خبأتُها في عينيَّ.

الجبال لا تَعْرى

قلبها من حجر

ورداؤها عويل ذئاب.

وحدها المدن تندثر

تعْرى وتغرق أو تحترق.

هنا أو هناك في هذه المواقيت

يتجمع الناس خلف النوافذ

يطفئون نيرانهم بالنظر.

 

المطرُ، واثقاً من موسيقاه

يدمع فوق كل شيء

وتشربه الحياة كاملاً.

 

 اللا نهاية

شجرة وحيدة في قرية مهجورة:

العالم كاملاً يعيش بداخلي.

*

ما لايقال،

يشغل الفسحة الأكبر من الحياة.

*

لم تعد مقاهي المدينة تكفي وحدتي

العزلة في صمت:

أحاول تجسيد اللانهاية.

  

خشخشة                                                                                                                             

كان فضولي إلى الغد يأكلني

يأتيني كل يوم بشكل مختلف

مرة يسحرني مثل سماء على صفحة الماء

وأحيانا ً مثل صحراء تبكي من العطش.

اعتدت على تبدل أهوائه وصرت الأرض التي تستجيب.

صار بعدها يركض محملاً بما بعد الأفق

ثم غيّر اسمه فأمسى أمساً

يذوي من مجرد لمسة مني.

وينزل الليل

الآن، أستدير إليه بكلي

فلا أراه

لكنني بالكاد أسمع خشخشة.

دون قصد

 لا تكتب شعراً وأنت حزين

ولا حين تغمرك سعادة صادمة

اكتب وأنت بين حياة وموت.

*

الموتى يكتبون الشعر دون قصد

يحفرونه في ذاكرتنا

من قلوب تساقطت

بعد أن شربت من نهر أعمى.

  

اليوم العاشر من دمشق

 في اليوم العاشر من دمشق

هناك طفلٌ على الأقل

لا يتوقف سعاله في هذه اللحظة من الفجر.

*

في جانبٍ من رأسي قصص هزلية حزينة،

وفي الجانب الأرحب منه جمال منقوص.

*

ترتعش يدي حين تصدق اللحظة.

*

الكلمة أشجع من الصورة،

توقعنا في فخ التحقق،

وأما الخيال فهو لا يستحي.

*

بالكلمة أمحو حزني على نفسي

وبها أيضاً أعبر الحقيقة.

*

في اليوم العاشر من دمشق

يزداد نباح الكلاب.

موت السينما والحياة الثقافية في اللاذقية

موت السينما والحياة الثقافية في اللاذقية

لا يليق باللاذقية التي تُسمى عروس الساحل أن تتعرض لكل تلك الإنتهاكات والتشويه، فلا يزال سكان اللاذقية (وغيرها من المدن) مُروعين بجريمة تبليط البحر وإزالة أجمل المقاهي البحرية بحجة توسيع المرفأ. لقد أصبحت اللاذقية مدينة ميته تماماً، فلا مسرح راقي حقيقي ولا سينما. وأريد أن أعرض واقع دور السينما في اللاذقية.

بداية أريد أن أحكي عن مرحلة في الستينيات والسبعينيات كانت فيها عدة دور سينما في اللاذقية تعرض أهم الأفلام، ولا أنسى يوم كنت لا أزال في بداية مراهقتي وكنت في مدرسة الكرمليت الخاصة التي تشرف عليها الراهبات كيف اصطحبونا (نحن المراهقات) إلى السينما لنحضر فيلم (رجل وامرأة). وأثناء دراستي للطب البشري من عام 1977 إلى 1984 في اللاذقية كنا نتفق أصدقائي وأنا بعد تقديم كل امتحان أن نحضر فيلماً سينمائياً، وفعلاً حضرنا أروع وأجمل الأفلام في صالات سينما اللاذقية وأشهرها: سينما الكندي، وسينما الأهرام، وسينما أوغاريت.

ولا أنسى كم تأثرت بفيلم (الفراشة) لداستن هوفمان لدرجة أنني حضرته مرة ثانية. وكان أخي مولعاً بأفلام الكاوبوي وحضر عشرات الأفلام، أما سينما أوغاريت الأكبر والأجمل والمؤلفة من طابقين، فقد اشتهرت بعرض الأفلام الهندية وكم ذرفنا من دموع ونحن نحضر هذه الأفلام. وكانت صالة سينما أوغاريت فخمة ونظيفة وجميلة وقد قدمت فيها المطربة المشهورة جين مانسون حفلة حضرها معظم شباب وشابات اللاذقية بكثير من الاستمتاع. كنتُ أكتب على دفتر صغير اسم كل فيلم أحضره وبضعة أسطر عنه. وتجاوز عدد الأفلام التي حضرتها في صالات السينما في اللاذقية المئتي فيلم.

كان الأجمل والأروع أن المسؤولين (في تلك الحقبة من السبعينات وبدااية الثمانينات) سمحوا للشباب والشابات ومعظمهم جامعيون\ات أو أنهوا دراستهم الجامعية أن يُحضروا أفلاماً مهمة أو حديثة قيمة في سينما الأهرام حيث كانت  تُقام بعد كل فيلم جلسة حوار لمناقشته. أذكر أنني كنت لا أزال طالبة في كلية الطب حين كنت أحضر كل خميس أروع الأفلام في سينما الكندي وسط جو فني وثقافي رائع، وبعد انتهاء الفيلم كان الصديقان الشاعر الصديق منذر مصري (والذي كان يملك مكتبة فكر وفن التي كانت علامة حضارية في اللاذقية) والصديق مصطفى عنتابلي يقفان على المنصة في سينما الكندي ويبدآن بالتحدث عن الفيلم وكل الحضور يشارك في الحوار. كم كانت هذه الحوارات مفيدة وغنية. ولا أذكر التاريخ الدقيق لانهيار أهم منبر ثقافي وفني في اللاذقية أي صالات السينما، إذ كنت قد انتقلت إلى دمشق للاختصاص في طب العيون عام 1986 وماتت السينما تماماً في اللاذقية، ولم يتم عرض أية أفلام إلا فيما ندر وتحديداً في سينما الكندي لأن سينما الأهرام وسينما أوغاريت تحولتا إلى خراب، وتكومت هضاب الزبالة في مدخلهما.أما سينما الكندي فكانت تعرض بشكل شبه حصري أفلام عبد اللطيف عبد الحميد، ولم تتم أيه صيانه لسينما الكندي إذ كانت مقاعدها مهترئة والصوت فيها مشوش. وأحب أن أذكر تلك الحادثة حين كان عمر ابنتي خمس سنوات، وأردت أن تعرف معنى السينما وأن تحضر فيلماً سينمائياً، وللعجب كانت سينما الكندي تعرض فيلماً لعمر الشريف هو المواطن مصري، وكنت أعرف أن الموضوع لا يناسب طفلة لكنني اصطحبت ابنتي إلى السينما، وكانت القاعة خالية تماماً! كنتُ وحدي مع طفلتي التي لم تكمل الخمس سنوات وصعب علي إقناعها بالجلوس فكانت تتسلى بصعود الدرج في صالة السينما والنزول، ولأنني كنت أعرف قاطع التذاكر في سينما الكندي فوجئت أنه أحضر لي طاولة صغيرة وضعها بجانبي وفنجان قهوة وبسكويت، وشعرتُ أنني في مقهى وأظنه كان ضجراً لحد الانفجار فأخذ يتحدث إلي متنقلاً من موضوع إلى موضوع فيما الصوت الرديء للفيلم مستمر ولم أعد أركز على أحداث الفيلم إذ أحسست أنني في مقهى أرشف القهوة وأتابع ابنتي تلهو في صالة السينما بصعود الدرج ونزوله. وخرجتُ بعدها بخيبة أمل كبيرة وغصة ولم أجرؤ أن أسأل طفلتي إن كانت السينما قد أعجبتها!

وفي بداية 2011 أصبح وضع صالات السينما كارثياً بدرجة أكبر مما ذكرته سابقاً؛ حيث تحولت سينما أوغاريت إلى ثكنه عسكرية وشُيد مقابلها بناء يضم عناصر من الجيش السوري، وتم إنشاء سور عريض يحيط بمساحة واسعة حول سينما أوغاريت . كان هذا السور مكوناً من دواليب الشاحنات السوداء العملاقة والتي يزداد إرتفاعها كل مدة، حتى أن بعض الجنود وضعوا أصص نباتات في قلب دواليب الشاحنات (أي سور ساحة سينما أوغاريت)، وبعضهم وضع بوطاً عسكرياً ضخماً في داخله تختنق وردة حمراء، ولأن سينما أوغاريت تحولت إلى ثكنة عسكرية وسجن أيضاً فمن وقت لآخر كان المواطنون السوريون في اللاذقية يشاهدون العديد من الجثث يُخرجونها من السينما، ولصق مدخل السينما امتدت بسطات تبيع أرخص وأردأ أنواع المكياج وملاقط الشعر الملونة والمقصات والأهم حبال من شحاطات النايلون. وكنتُ أشعر أن فن السينما الراقي تحول إلى شحاطة في اللاذقية، كنتُ أتعجب من هذا الكم الهائل من الشحاحيط حول سينما أوغاريت، وتعفنت اللافته التي تحمل اسم سينما أوغاريت وصار المشهد كله كما لو أننا في مسرح اللامعقول أو مسرح تمجيد القبح والرداءة واغتيال فن السينما. وإنتعشت محلات بيع الأفلام المُقرصنة، وكان حلاً لا بد منه بل رائعاً أن يحضر الشباب المحرومون من السينما أفلام الأوسكارات وأحدث الأفلام العالمية لكن جماليات شاشة السينما وصوت الديجيتال والجلوس باحترام في صالة السينما وذلك الشعور بالألفة مع الحاضرين حُرمنا منه في اللاذقية. واضطررنا لشراء الأفلام المُقرصنة، وتفجرت فضيحة سينما الأهرام التي يملكها ثري مسيحي عجوز ولا وريث له، وسطا عليها أحد كبار الشبيحة، وصارت ملك الشبيح، لكن مالك سينما الأهرام وبدعم من أصدقائه ومن كل الوطنيين من كل الطوائف لجأ إلى أشهر محامي في اللاذقية لتعود ملكية سينما الأهرام له. وحاول المحامي جهده وتمكن بعد جهود جبارة ووساطات عالية أن يُعيد سينما الأهرام لصاحبها لكنه نصحه أن يتبرع بها للكنيسة الأرثوذوكسية لأن احتمال أن ينقض عليها شبيح آخر ويسلبها من مالكها وارد جداً خاصة أن مالكها رجل عجوز وأعزب ولا وريث له. وفعلاً تم التبرع بسينما الأهرام إلى طائفة الروم الأورثوذكس في اللاذقية.

والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا لم تُجدد صالات السينما في اللاذقية؟ ولماذا أغلقت وتحولت إلى ثكنه عسكرية كسينما أوغاريت أو خرابة تزينها القمامة كسينما الكندي أو شبح سينما صغيرة هي سينما دمشق التي حضر فيها كل أهالي اللاذقية فيلم الفهد؟ لماذا تُصرف الملايين لتشويه أجمل شاطىء في اللاذقية ويُلون الفنار الحجري للكورنيش الجنوبي في اللاذقية بألوان فاقعة قبيحة كما لو أنها تتهافت لدخول موسوعة غينيس في القبح!! لماذا تُهدر الملايين مثلًاً في تبديل الأبواب الخشبية العالية في المشفى الوطني واستبدالها بأبواب من الخشب الرخيص الأشبه بالورق المُقوى! ومن سرق أجود أنواع الخشب (الأبواب في المشفى الوطني). وما معنى الملايين التي هُدرت لسد كل نوافذ غرف المرضى في المشفى الوطني بشبك معدني، بحجة أن المرضى يسرقون أغطية السرير بطريقة رميه من النافذة، لذا فحين يضعون شبكاً معدنياً على النوافذ لن يتمكن المريض من سرقة الغطاء الصوفي الرديء ورميه من النافذة.

تُهدر الملايين من أجل الفساد وتشويه المدينة بينما يقولون: لا توجد ميزانية لتجديد صالات السينما. ومنذ ثلاث سنوات تم تجديد سينما الكندي لكنها بقيت لسنتين دون أن يُعرض فيها أي فيلم! حتى أتحفونا منذ أشهر بفيلم لنجدت أنزور قد يبقى سنوات. وكي أقدم شهادة حق كانت وزارة الثقافة ترعى كل سنة أسبوعاً تعرض فيه الأفلام ذاتها في سينما الكندي وهي: رسائل شفهية لعبد اللطيف عبد الحميد؛ بيت الأرواح لإيزابيل إيلندي؛ وبضعة أفلام أخرى لا تسعفني ذاكرتي بتذكرها. المهزلة وقمة الاحتقار لسكان اللاذقية أنه على مدار أكثر من سبع سنوات كانت تُعرض الأفلام ذاتها في سينما الكندي تحت شعار: أسبوع الأفلام السينمائية. كم هو مُحزن ما يُمارس في حق مدينة جميلة كاللاذقية التي مسحوا فيها عن وجه الأرض أجمل سلسلة مقاهي بحرية كانت متنفساً لأهلها وتحول البحر إلى بحر واسع من الإسمنت، وماتت فيها كل صالات السينما وتحولت إلى ثكنات عسكرية أو خرابة تتراكم الزبالة حولها وتتقافز الجرذان فيها، ولا يجد جيل الشباب المسكين أي بديل أو معين لهم لصرف طاقات الشباب سوى في هدر الوقت في مقاهي الأركيلة المتكاثرة والتي تنافس محلات البالة، فعنوان الحياة في اللاذقية (وفي سوريا عامة) الأركيلة والبالة. أما الفن فلا وجود له، فالمحاضرات الثقافية كلها مختصرة لمواضيع حول الغزو والتطبيع ومعاداة أميركا. المحزن بالنسبة لي أن مدينة بدون سينما هي مدينة بلا روح. ولا زلت أحتفظ بالدفتر الصغير الذي شحبت أوراقه وقد سجلت فيه أسماء حوالي مئتي فيلم حضرتهم لما كانت اللاذقية حقاً عروس الساحل بمقاهيها البحرية ساحرة الجمال وصالات السينما فيها وجرائدها، أما الآن فاللاذقية شاحبة حزينة.

سوريا في أسبوع  16-23 آذار/مارس 2020

سوريا في أسبوع 16-23 آذار/مارس 2020

الجنرال “كورونا” يفرغ السجون

22  آذار/مارس

أصدر الرئيس السوري بشار الأسد الأحد مرسوماً تشريعياً يقضي بمنح عفو عام عن الجرائم المرتكبة قبل الأحد للتصدي لفيروس كورونا .

وذكرت وكالة الأنباء السورية (سانا )، أن المرسوم  يقضي استبدال عقوبة  الإعدام بعقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة، واستبدال عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة بالأشغال الشاقة المؤقتة لمدة 20 عاماً، وكذلك

استبدال عقوبة الاعتقال المؤبد بعقوبة الاعتقال المؤقت لمدة 20 عاماً.

وأشارت إلى أنه لا تطبق أحكام التخفيف المنصوص عليها في المرسوم في الجنايات التي ينتج عنها ضرر شخصي إلا إذا أسقط المتضرر حقه الشخصي، لافتة إلى أنه لا يعد تسديد مبلغ التعويض المحكوم به بحكم الإسقاط.

وقالت مصادر حقوقية سورية في دمشق، إن  المرسوم الرئاسي جاء لأجل تفريغ السجون المكتظة في إطار جهود الحكومة السورية للتصدي لفيروس كورونا. وأضافت أن مرسوم العفو لم يشمل الأشخاص الذين تم إلقاء القبض عليهم  وسجنهم بسبب التعامل بالعملات الأجنبية .

 سوريون في قبرص

21  آذار/مارس

أعلنت سلطات الشطر الشمالي من جزيرة قبرص السبت إنقاذ مجموعة من 175 سورياً كانوا على متن مركب وجرى منعهم من الرسو على شواطىء جمهورية قبرص.

وقالت الشرطة في “جمهورية شمال قبرص التركية” إنّ اللاجئين، وبينهم 69 طفلاً، استقبلوا ليلاً بعد غرق مركبهم على بعد نحو عشرة أمتار من الساحل في جنوب شبه جزيرة كارباس. وأضافت أنّهم نقلوا إلى صالة للألعاب الرياضية في منطقة ايسكليه في شمال-شرق الجزيرة، موضحة أنّهم سيخضعون لفحوص طبية.

والجمعة، منعت سلطات جمهورية قبرص المركب من الرسو في الشطر الجنوبي، ولم يكن تعرف من أين أتى.

وتقع الجزيرة على مسافة 100 كلم من لبنان و80 كلم من تركيا، وهما بلدان استقبلا وحدهما أكثر من أربعة ملايين سوري فروا من الحرب في بلادهم.

ووصلت في الأشهر الأخيرة عدة مراكب إلى قبرص، آتية من سواحل مدينة مرسين التركية.

 الجيش والوباء

20  آذار/مارس

أوقف الجيش السوري عمليات التحاق مكلفين جدد بالخدمة العسكرية بسبب الأوضاع الصحية وتحسباً من انتشار فيروس كورونا .

وأعلنت القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة السورية في بيان لها الجمعة وقف عمليات التجنيد الإجبارى حتى 22 نيسان/ أبريل المقبل وذلك بسبب الأوضاع الصحية التي يمر بها العالم حالياً .وتابع البيان “سيتم أيضاً إيقاف كافة الإجراءات القانونية الخاصة بدعوة المكلفين وملاحقتهم بالتخلف عن السوق بسبب الأوضاع الصحية التي يمر بها العالم حاليا”.

منعت سوريا دخول الأجانب الوافدين من دول عديدة يتفشى بها فيروس كورونا، وذلك في إطار توسيع إجراءات مكافحة الوباء.

مقتل جنديين تركيين

19  آذار/مارس

قالت وزارة الدفاع التركية الخميس إن اثنين من جنودها قتلا في محافظة إدلب بشمال غرب سوريا في هجوم صاروخي نفذته “بعض الجماعات الراديكالية”. وأضافت الوزارة أن جنديا آخر أصيب وأن قواتها فتحت النار على أهداف في المنطقة.

كانت تركيا، التي تدعم مسلحين يعارضون الرئيس السوري بشار الأسد، قد توصلت قبل أسبوعين لاتفاق مع روسيا لوقف إطلاق النار بعد اشتباكات استمرت عدة أشهر أدت إلى تشريد نحو مليون شخص في إدلب. وتدعم موسكو قوات الحكومة السورية.

والحادث هو الأول من نوعه الذي يُقتل فيه جنود أتراك في إدلب منذ تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار.

خفض الرواتب

10  آذار/مارس

ذكر “المرصد السوري لحقوق الإنسان” الخميس أنه علم أن تركيا خفضت رواتب المقاتلين السوريين الذين جرى إرسالهم للقتال في ليبيا. وأشار إلى أن هذا جرى “بعدما فاق تعداد المجندين الحد الذي وضعته تركيا  وهو ستة آلاف مقاتل”.

ولا يتسنى التأكد من هذه المعلومات من مصادر أخرى.

وذكر “المرصد” أيضاً أن عدد قتلى الفصائل السورية الموالية لتركيا بمعارك  ليبيا ارتفع إلى 129 مقاتلاً، وذلك خلال الاشتباكات على محاور حي صلاح  الدين جنوب طرابلس، ومحور الرملة قرب مطار طرابلس ومحور مشروع الهضبة،  بالإضافة لمعارك مصراتة ومناطق أخرى في ليبيا.

مأساة إدلب

18 آذار/مارس

حذرت منظمة إغاثة الأربعاء من العواقب المأساوية في حال تعرض اللاجئين العالقين في شمالي سورية بسبب العنف للإصابة بفيروس كورونا.

وقال ديرك هيجمانس المدير الإقليمي لإدارة سورية بمنظمة مكافحة الجوع الألمانية: “على ضوء وحشيته الظاهرة، فإنه يمكن توقع حدوث إبادة جماعية إذا ما وصل فيروس كورونا إلى شمال غربي سورية”.

وأضاف أن الهجوم الحكومي، والذي بدأ على محافظة إدلب في شمال غرب سورية في أواخر نيسان/أبريل الماضي، دمر عشرات المستشفيات.

وفي السياق ذاته، حذرت منظمة أطباء بلا حدود، من أن انتشار الفيروس في شمال غرب سورية يمكن أن يؤدي إلى وضع حرج سريعاً إذا لم يتم اتخاذ تدابير وإجراءات إضافية.

وقال شتيفان دولد، المسؤول الصحفي للمنظمة في برلين، “إن المرض سينتشر بسرعة كبيرة، خاصة في أماكن المخيم”.

وأعربت منظمة الصحة العالمية عن قلقها الشديد إزاء تأثير مرض كوفيد 19  الناجم عن الفيروس في شمال غرب سورية.

وقالت المنظمة في بيان إن اللاجئين في المنطقة يعيشون في ظروف تجعلهم  عرضة للإصابة بأمراض الجهاز التنفسي.

وقال رائد صالح، رئيس منظمة الخوذ البيض: “سنقوم بحملات توعية مكثفة ابتداء من يوم الجمعة بالتنسيق مع الجمعيات الصحية في شمال غرب سورية”.

معارك إدلب

17  آذار/مارس

قُتل أربعة عناصر تابعين لقوات النظام السوري ومقاتل من الفصائل المسلّحة المعارضة الثلاثاء في اشتباكات عنيفة في الريف الجنوبي لإدلب الواقع على أطراف آخر معاقل المعارضة في شمال غرب سوريا، والمشمول باتفاق وقف إطلاق النار الذي بدأ تنفيذه في السادس من آذار/مارس.

وعلى الرغم من تسجيل اشتباكات في الساعات الأولى من الهدنة أوقعت ستة قتلى في صفوف قوات النظام وتسعة جهاديين، إلا أن الاتفاق سمح بإرساء هدوء واضح في محافظة إدلب التي شهدت طوال أشهر قصفا ًعنيفاً لطائرات قوات دمشق وموسكو تسبّب بكارثة إنسانية.

وكان الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب إردوغان قد توصلا للاتفاق خلال قمة عقدت في موسكو مطلع آذار/مارس الحالي.

ويتضمن الاتفاق تسيير دوريات مشتركة، اعتبارا من 15 آذار/مارس، على جزء كبير من الطريق السريع “إم 4”.

كما ينصّ الاتفاق على إنشاء “ممر آمن” بعمق ستة كلم على جانبي هذا الطريق السريع.

وأوقع هجوم النظام السوري المدعوم من روسيا على المنطقة نحو 500 قتيل مدني وأدى إلى نزوح نحو مليون شخص منذ كانون الأول/ديسمبر.

تحريض أميركي

17  اذار /مارس

حملت الولايات المتحدة ولأول مرة روسيا الثلاثاء مسؤولية مقتل عشرات الجنود الأتراك في سوريا، وفرضت مزيداً من العقوبات على مسؤولين سوريين.

وقتل 34 جنديا تركياً الشهر الفائت في محافظة إدلب في ضربة جوية، وألقت أنقرة المسؤولية على القوات السورية وتوصلت إلى اتفاق وقف إطلاق نار جديد مع موسكو.

وفي إعلانه عقوبات جديدة على مسؤولين سوريين، ألقى وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو بالمسؤولية على روسيا التي تدعم إضافة إلى إيران، نظام الرئيس السوري بشار الاسد في مسعاه للقضاء على المسلحين المعارضين في إدلب، آخر معاقلهم.

معاقبة وزير ووفاة سلفه

17 آذار/مارس

فرضت الولايات المتحدة الثلاثاء عقوبات على وزير الدفاع السوري العماد علي عبد الله أيوب لمسؤوليته عن العنف والأزمة الانسانية شمالي سورية.

وفي 20 آذار، أعلنت وفاة وزير الدفاع الأسبق العماد علي حبيب عن عمر يناهز واحداً وثمانين عاماً. وكان حبيب قد قاد القوات السورية في حرب الخليج في بداية تسعينات القرن الماضي، وقائد معركة السلطان يعقوب في البقاع اللبناني ضد القوات الإسرائيلية عام 1982.

السويداء وكورونا واحتمالات المجهول المرعبة

السويداء وكورونا واحتمالات المجهول المرعبة

* تُنشر هذه المادة ضمن ملف “الحرب على كورونا: معركة جديدة مصيرية للسوريين\ات

شكّل الانتشار الكبير لفيروس كورونا على مستوى العالم وتصّدر أخباره وسائل  الإعلام لحظة بلحظة هاجساً للجميع، وبالرغم من خطورة الموضوع والتقارير المقدمة عن عدد الإصابات والوفيات حول العالم إلا أن المشهد في سوريا اتخذ صبغة خاصة حول ذلك. تم تسجيل إصابات مؤكدة في كل دول الجوار إلا أن سوريا لم تُسجل أي إصابة حتى اليوم حسب الرواية الرسمية، الأمر الذي أثار موجة من الأسئلة في الشارع السوري حول مصداقية التقارير المقدمة وخصوصاً أن هناك الكثير من الأخبار التي انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي تؤكد وجود حالات إصابة بالمرض في أغلب المدن، إلا أن الحكومة تتكتم على الموضوع لأسباب أمنية واقتصادية في ظل واقع الحرب الذي مازال قائماً في البلاد.

وفي خطوة وصفتها بالاحترازية قررت الحكومة السورية فرض مجموعة من التدابير لمنع انتشار المرض مستقبلاً والوقاية منه، ومن هذه التدابير إغلاق المدارس حتى مطلع نسيان وتخفيض نسبة الدوام الرسمي للموظفين واعتماد مبدأ المناوبات وتجهيز المستشفيات وفرق الطوارئ ومقرات الحجر الصحي. كما منعت التجمع في المطاعم والنوادي والأسواق والأماكن الدينية، وقامت بحملات تعقيم للمرافق العامة بالإضافة لحملات التوعية بالمرض وضرورة الالتزام الطوعي بالبقاء في المنزل وتقليل الاختلاط والازدحام ما أمكن.

قوبلت الإجراءات الحكومية المفاجئة من الشارع السوري بردود أفعال متباينة، ففي السويداء على سبيل المثال نرى اختلافاً واضحاً في التعامل مع التحذيرات والقرارات الجديدة بين من يعتبرها ضرورية ولازمة لمواجهة المرض، وبين من يعتبرها إجراءات مبالغاً فيها كثيراً ولا داعي لها أبداً طالما لا توجد حالات إصابة على حد قولهم.

يعتبر بيان (47 عاماً، طبيب) ما تقوم به الحكومة من إجراءات في غاية الأهمية، لكن يبقى التعويل الأهم على وعي الناس في التعامل الجدي مع الوباء. يقول .بيان: “الجميع يدرك مدى محدودية الخدمات والرعاية الصحية الموجودة نتيجة الحرب، ففي حال انتشر الوباء في سوريا سيكون كارثياً بكل معنى الكلمة، المستشفيات والمراكز الصحية لا تستطيع التعامل مع جائحة بهذا الحجم فيما لو حدثت، ولذا يجب على الجميع عدم الاستهتار بالموضوع والالتزام بخطوات الوقاية والتي للأسف لحد اليوم لازالت محدودة وغير جدية.” ويعلق مازحاً: “على غير العادة هذه المرة لم تعقد حلقات الدبكة في الساحات العامة لمواجهة فيروس كورونا، هي فترة محدودة وستمر فإما أن ندخل التاريخ أو نخرج من الجغرافيا”.

ويضيف بيان: “المفارقات التي نراها في الشارع تدعو للقلق، فرغم قرار إغلاق المدارس إلا أن الأطفال يتجمعون في الحارات وكأنها فرصة أو عطلة للعب والتسلية، كذلك الأمر في المناسبات الاجتماعية والزيارات العائلية حتى أن البعض أسماها بعيد الكورونا، حيث وجدوها فرصة للتواصل أشبه بأيام الأعياد. فما نفع الكمامات والمعقمات طالما بقي التواصل الاجتماعي على ما هو، الأمر يحتاج جدية في التعامل حتى لو اضطرت الحكومة لفرضه على الناس فرضاً.”

الحياة الاجتماعية في مدينة كالسويداء لا تزال تحكمها كثير من العادات التي تعتبر تهديداً حقيقياً في حال انتشر المرض فعلاً، الزيارات بين الناس، والتجمعات في المناسبات، وعادات شرب القهوة المرة من نفس الفنجان، و شرب المتة بكأس مشتركة، أو حتى المصافحة والتقبيل، كلها عادات تشكل خطراً حقيقياً ويمكن أن تؤدي لانتشار المرض. ورغم تعليمات الصحة والهيئات الدينية والاجتماعية في المدينة لإلغاء هذه العادات في الوقت الراهن إلا أن الكثيرين يقللون من أهمية تلك الإجراءات واعتبارها خارج سياق الوقاية الفعلية.

يتساءل أبو أحمد (55 عاماً، موظف حكومي) عن فائدة هذه الإجراءات الحكومية في الوقت الذي لا تطبق بشكل جدي على باقي مناحي الحياة في المدينة، ويقول: “لا تكون الوقاية بالشكل فقط وتطبق على أشياء دون غيرها، فما نفع هذه القرارات طالما بقيت أزمة المحروقات قائمة والناس تتدافع على منافذ بيع الغاز والكازيات، وعلى الأفران والمؤسسات الاستهلاكية لشراء مخصصاتهم من المواد التموينية، ماذا عن وسائل النقل العامة والخاصة، كيف يمكن تعقيم أوراق العملة مثلاً والتي يقوم الجميع بتداولها، ماذا عن وحدات الجيش والقطع العسكرية والجنود في المعارك، من يريد تطبيق الوقاية يجب أن تكون شاملة وإلا فهي حبر على ورق.” ويتابع القول: “تطالبنا الحكومة بالبقاء في المنازل والالتزام بالتعليمات بينما لا تخبرنا ماذا ستفعل في حال انتشر المرض ونحن نعلم جميعاً مدى سوء الرعاية الصحية في البلد. هناك تقارير تؤكد أن في سوريا كلها لا يوجد أكثر من 30 منفسة وجهاز إنعاش. الحكومة التي تطالبنا بالنظافة وغسيل الأيدي والتعقيم هي نفسها المسؤولة عن أكوام القمامة المنتشرة في الحارات والشوارع. الأجدى بالحكومة أن تقوم بواجباتها أولاً وبعدها فلتطلب من الناس الالتزام. إن صور مركز الحجر الصحي التي انتشرت على مواقع التواصل في ريف دمشق تُثير الرعب وتبعث على التشاؤم والإحباط، هذا عدا عن أن غالبية الناس تضطر للخروج والعمل لتأمين قوت يومها في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة والمنهارة التي يعانيها الجميع ليأتي قرار المنع وإغلاق الكثير من المرافق فيزيد الطين بلّة، في حين لم تصرح الحكومة عن أي إجراءات لمساعدة الناس أو تعويض المتضررين إلى الآن.”

يبدو الخوف واضحاً في كل مفاصل الحياة في مدينة السويداء وإن بدا في بعض الأحيان عكس ذلك، خوف يخالطه الكثير من العبث واللامبالاة، الجميع يعلم في قرارة نفسه مدى خطورة وباء كورونا فعلاً، لكن إحساسهم بالعجز والخوف يتجاوز التعامل الجدي مع الموضوع لينقلب إلى شيء أشبه بالدعابة في بعض الأحيان أو التقليل من أهمية الموضوع والتسليم في أحيان أخرى. سيرى المتابع لصفحات التواصل الاجتماعي ذلك بوضوح، وسيلمس المتنقل في بعض شوارع مدينة السويداء ذلك حتماً، فحركة الأسواق بدأت تتأثر بالموضوع، وقل الطلب على أغلب السلع باستثناء المواد الغذائية والطبية والتي شهدت إقبالاً كبيراً وزيادة ملحوظة في أسعار بعض المواد وبالأخص مواد التعقيم والمنظفات والكمامات الطبية وغيرها، حتى أنني لم أوفق بالحصول على علبة فيتامين c  رغم سؤالي لأكثر من 10 صيدليات في المدينة.

اللافت في السويداء سرعة الاستجابة لقرارات الوقاية في الريف بشكل كبير، فقد قامت العديد من القرى بمبادرات محلية لتعقيم جميع المرافق والطرقات وحث الأهالي على الالتزام بالنظافة وارتداء القفازات والكمامات وبالأخص أصحاب المحلات التجارية أو سائقي المركبات العامة، بالإضافة لمنع كافة أشكال الاجتماعات والفعاليات وتخصيص صندوق لجمع التبرعات في حالة الطوارئ.

قد تتدبر الناس أمرها وتتحايل في التعامل مع الواقع اليوم سواء بالإنكار أو الامتثال أو حتى بالسخرية، لكن ما يثير القلق هو السؤال: ماذا لو بات المرض واقعاً فعلياً؟ كيف سيواجهه السوريون\ات وهم بهذه الحالة بعد كل ما حل بهم؟ سؤال يبقى مفتوحاً لاحتمالات المجهول المرعبة.

أمهات دون أعياد

أمهات دون أعياد

ورثتُ بعد سفر أصدقائي إلى مختلف بقاع العالم، أهلهم وذكرياتهم وصارت رائحتي تشبه رائحة كل بعيد، أجلسُ بينهم شاهدة على أثر الغياب. أراقبُ الخالة سعاد كيف تعتني بما تبقى من ثياب ابنتها وكتبها المدرسية وتعتني بقطة لطالما انزعجت من اعتناء ابنتها بها، تلاعبُ بحنانِ جدةٍ أطفال القطة ذاتها وكأنهم أحفادها التي تمنت أن تلاعبهم في يوم ما، تقول: “لم يبق لي غيرهم يؤنسني بعد رحيل الأبناء”.

ويؤلمني النحيب المكتوم لوالدة صديقتي الأخرى كلما احتضنتني، تخبرني بغصّة: “رهنتُ كلّ ما أملك لمنح ابنتي فرصة حياة أفضل في أوروبا، حياة تليق بابنةٍ أفنيتُ عمري في تنشئتها، والآن أقف عاجزة يحاصرني السؤال هل كان أمامي خيارات أفضل؟ سأحرمُ رؤيتها ما تبقى من حياتي وسأموتُ هنا وحيدة.” واليوم تكادُ تنهار وهي تتابع أخبار انتشار كورونا في أوروبا خوفاً من أن تفقد ابنتها الوحيدة.

لم يمض عيدُ أمٍ منذ توفيت صديقتي حلا بمرض السرطان منذ 8 أعوام إلا وأزور أمها الخالة أم حلا، وما أن تراني مقبلة من باب البيت حتى تنتفض واقفة وهي العجوز السبعينية وتأخذني بحضنها لننتحب في بكاء طويل وهي تصيح “هلا بريحة الحبايب”. أم حلا التي تعيش وحيدة بعد وفاة زوجها وابنتها وسفر باقي أبنائها تخبئ لي أخبار القرية لتقصها علي دون أن تنسى الكثير من التنهيدات عندما يمر ذكر ابنتها أو عندما تتذكر الأيام الماضية السعيدة يوم كان أبناؤها يملؤون البيت، وبدوري أحكي لها عن قصص نساءٍ في المدينة وما فعلت بهنّ وبأبنائهن الحرب، ثم أودّعها وأعدها بألاّ أتأخر في زيارتها المرة القادمة.

أكاد أجزم أنه لا يوجد أم سورية لم تحترق بالدموع خلال هذه الحرب المجنونة، الكل بكين أبناءهن سواء الضحايا أو المعتقلين أو المفقودين أو الهاربين من الجيش أو العاطلين عن العمل، أو اللاجئين الذين  توزعوا في كافة أرجاء الأرض. لم أزل هنا بينهم أراقب حزنهنّ اللانهائي، وأحسد من استطاع النجاة والهروب بعيداً.

في عيد الأم أفتقد جدتي، لو أنها على قيد الحياة اليوم لمسحت بيدها قلبي المليء بالحكايات ولشكوتُ لها عن خلاف خالاتي، فالكبرى فقدت أحد أبناءها أثناء خدمة العلم وترفضُ الاعتراف بموته معللة “لم أر جثته، هو في مكان ما وسيعود حتماً”؛ يأكلها الانتظار بعدما فقدت بصرها من كثرة ما بكت عليه، تستلم راتبه كل شهر وتخبئه لتزوجه فور عودته.

 أما خالتي الصغرى التي التحق أحد أبنائها بفصائل الجيش الحر حالماً بغدٍ أفضل وبحرية شاسعة تشبه البراري التي نشأ بها قبل أن يُفقد أيضاً في الحرب ولا أحد يعلم عنه شيئاً، فإنّ كل ما تفعله هو إشعال الشموع والنذور له كل ليلة والنحيب الطويل عليه. أمي ذات الولد الوحيد والذي لم يذهب للحرب ولازال بقربها يعاني قسوة الحياة ويشقى بلا طائل، يذوب أمامها وتذوب معه، وتحاول بشجاعة أن تقف بجانب الأختين اللتين تحولتا إلى عدوتين لدودتين ولا يمكن أن تعزي إحداهما الأخرى وفي أعماق كل واحدة حقدٌ وقناعة بأنّ “ولدك قتل ولدي”. وأمي التي تفتتت بين أختيها تبكي معهما وتعيش مأساة الفقد هي الأخرى آسفةً على شابين رائعين نشآ معاً كأخوة وفرقتهما الحرب.

أسيرُ في طرقات هذه المدينة وأقول في نفسي لن تقسو الحياة هذه المرة على السوريات المنكوبات، ولن تأتي أعيادُ أمٍ أخرى والدموعُ تملأ المحاجر والقلوب، أضحك بمرارةٍ من تفاؤلي أو ربما من حماقتي، لا أدري حقاً، ولكني أتذكر مشهداً من فيلم الفراشة (Papillion)، عندما وصل البطل إلى جزيرة المصابين بالجذام وكان لزاماً عليه أن يصافح أحدهم، وقتها ورغم كل ما عاناه أثناء هروبه ليحصل على حريته يتقدم ويصافح الرجل بشجاعة وبثقة العارف أنّ الحياة لن تقسو عليه هذه المرة أيضاً، وأنه سينجو ولن يصيبه الجذام، وينجو فعلاً في النهاية.

آه يا جدتي .. هل ستحيا السوريات أياماً جميلة قادمة؟ وهل ستفتقدني حفيدةٌ ما بعيدِ الأم كما أفتقدك؟