بواسطة Ibrahim Hamidi | أكتوبر 19, 2018 | News, غير مصنف
رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي يريد خلال سنواته الثلاث في الحكم أن ينفض آثار «الحرب الباردة». الإبقاء على العلاقة الاستراتيجية مع أميركا. حل مشكلة العالقين مع كوريا الشمالية. «تطبيع» العلاقة مع الصين.
لكن الأهم، بالنسبة إلى آبي، هي التركيز على حل «النزاع التاريخي»، أي تطوير العلاقة مع روسيا للوصول إلى «بيئة آمنة ومستقرة» بين طوكيو وموسكو، قوامها الاقتصاد والاستثمار.
في سبتمبر (أيلول)، بادر آبي خلال مشاركته في منتدى روسي إلى دعوته الرئيس فلاديمير بوتين لـ«حل القضايا العالقة». بوتين، كتب بخط يده على ورقه جانبية، ثم قال أمام الحاضرين بأنه مستعد لتوقيع اتفاق سلام قبل نهاية العام لحل مشكلة الجزر الأربع المتنازع عليها منذ سبعين سنة.
منذ ذاك، عكف مسؤولون في البلدين للوصول إلى صيغة لاتفاق السلام، في وقت تجري خطوات بناء ثقة بين البلدين. يسعى دبلوماسيون روس ويابانيون للوصول إلى اتفاق. لن يكون قبل نهاية العام. توقعات طوكيو أن يكون منتصف العام المقبل «لكن النيات الطيبة لا تكفي. لا بد من حل مشكلة الأراضي وقبول السيادة اليابانية ثم توقيع اتفاق سلام».
سوريا، إحدى الساحات: كيف يمكن لطوكيو أن ترضي موسكو في سوريا من دون إغضاب واشنطن؟
وكان وزيرا الخارجية والدفاع في روسيا ونظيراهما اليابانيان عقدوا اجتماعات في موسكو في يوليو (تموز) الماضي، وجرى الاتفاق على مواصلة حوار الجانبين حول مختلف المواضيع ومنها ملف المساعدات الإنسانية الموجهة إلى سوريا في إطار التعاون الروسي – الياباني في المجتمع الدولي.
زائر اليابان يشعر أنها في محيط متغير في الكثير من التحديات في الجوار: روسيا والصين وكوريا الشمالية وأميركا. الرئيس الأميركي دونالد ترمب وجد مع رئيس الوزراء الياباني علاقة خاصة معه. كما أن آبي وجد علاقة خاصة مع بوتين. ترمب يريد تطبيع العلاقة مع بوينغ يانغ. دخل في «حرب تجارية» مع الصين.
تدرك اليابان أن الصين في صعود. هذا الصعود الاقتصادي على المسرح العالمي يفتح شهيتها في البحر الصيني الجنوبي. هي تواصل استعراض قوتها العسكرية. يلاحظ زيادة موازنة الدفاع. بدأت بتعزيز مواقع عسكرية وغيرها من وصول عدد كبير من السفن الصينية حول جزر سينكاكو اليابانية في بحر الصين الشرقي، وأيضاً قامت بتوسيع سيطرتها في مجال مياهها الإقليمية ومجالها الجوي وقواعد الاشتباك البحري في بحر الصين الجنوبي.
منشور رسمي في طوكيو «يحشد» ضد موقف بكين من جزر سينكاكو في بحر الصين الشرقي. ينتهي: «بصرف النظر عن التحديات التي تفرض نفسها، فإن اليابان ستستمر في تطوير العلاقات مع الصين والدول المجاورة عموماً باعتبارها دولة تقوم بدور مهم في صون السلام والاستقرار في آسيا والمجتمع الدولي».
كان الرئيس باراك أوباما سبق ووضع «خطا أحمر» لمنع الصين من تغيير الوقائع في بحرَي الصين، لكن لم يواجه بكين عندما فعلت. إدارة ترمب تريد بحر الصين الجنوبي «ثنائي القطبية» على أمل إعطاء بكين «دوراً مسؤولاً وبنّاء» في العلاقات الدولية وفي الإقليم. الصين هي «هدف لإدارة ترمب». لذلك، فإن الصين بالنسبة إلى اليابان فرصة وتحدٍ.
هناك الكثير من التاريخ الاستعماري بين البلدين، لكن اليابان تريد أن تنتقل العلاقة من بكين من سيئة إلى «طبيعية». الرهان على «التطبيع». لطوكيو الكثير من الشكوك إزاء نيات كوريا الشمالية ومدى تحويل «كلماتها إلى أفعال». ويقول دبلوماسيون: «من تجربتنا لا بد من التسلح بالكثير من الحذر مع كوريا الشمالية. ونقترح اتباع أسلوب خطوة – خطوة، لأن الطريق المرن لم ينجح في التوصل إلى اختراقات خلال عشرين سنة».
بين هذا وذاك، يسعى آبي لفتح ثغرة من البوابة الروسية. طوكيو تريد أن تتسلح بحل النزاع مع موسكو حول الجزر الأربع المستمر منذ نهاية الحرب العالمية الثانية 1945 والبناء على البيان المشترك في 1956.
لا تبخل الخارجية اليابانية في توزيع منشورات تشرح الموقف الرسمي من الجزر المتنازع عليها. تشرح الموقف القانوني والتاريخي والسياسي وينتهي كل منها بتمسُّك الحكومة اليابانية بالحوار والحلول السلمية والعلاقات الاقتصادية.
الرئيس بوتين زار طوكيو وآبي زار موسكو. يعمل بوتين على استغلال التغير في الميزان الدولي لفرض وقائع جديدة في المحيط الاستراتيجي. تغيير المسار مع موسكو يستند إلى القراءة الواقعية لحكومة «الحزب الليبرالي الديمقراطي» الحاكم التي جعلت رئيس الوزراء يحشد مبكراً لإجراء بعض التغييرات، قد تعتبر «ثورية». قوات الحماية الذاتية اليابانية كانت مقيدة بموجب الدستور بعد هزيمة الحرب العالمية الثانية، بعمليات حفظ السلام فقط وترك الأمور الجدية إلى الأميركيين أمراء القواعد العسكرية، لكن مشت خطوة أبعد في قواعد «الاشتباك العسكري». وفي 17 يناير (كانون الأول) 2013. جرى إقرار أول وثيقة لـ«استراتيجية الأمن القومي» بحيث توفر نقاطاً استرشادية لقضايا الأمن القومي وتطبيق مبدأ «المساهمة الفعالة في تحقيق السلام» ورصدت متطلبات ذلك في موازنة وزارة الدفاع.
اليابان التي كانت مكتفية لسبعة عقود بالتحالف الاستراتيجي مع أميركا، بات عليها توسيع خياراتها في البيئة الآسيوية المعقدة. مبادئ آبي ثلاثة: «على الدول أن تعلن مطالبها بموجب معايير القانون الدولي، وعدم استخدام القوة أو التلويح بها لتحقيق مكاسب، بل استخدام وسائل سلمية لفض النزاعات».
تم نشر هذا المقال في «الشرق الأوسط»
بواسطة Motaz al-Hinawy | أكتوبر 16, 2018 | News, غير مصنف
يشغل هاجس الخدمة الإلزامية الشباب السوري ويأخذ حيزاً كبيراً من همومهم وحياتهم منذ سنوات، إلا أن القصة اتخذت بعد الحرب أبعاداً أخرى كثيرة، لتتحول لمشكلة حقيقية يعاني منها الآلاف في عموم سوريا وفي السويداء بشكل خاص.
تشير أرقام تقديرية غير رسمية إلى أن عدد المتخلفين عن الخدمة العسكرية في السويداء تجاوز ٣٠ ألفاً بين فار من الخدمة و متخلف عنها، بنسبة قد تصل الى ٥٠ بالمئة من عدد شبان المحافظة الذين تتراوح أعمارهم بين ١٩ و٤٢ عاماً وهو سن التكليف والخدمة.
يقول نايف الذي يعمل شرطياً في إحدى القرى وهو على أبواب التقاعد: “باتوا يلقبونني بالقرية بالبومة أو وجه النحس، فمنذ خمس سنوات، اقتصر عملي على تبليغ المطلوبين للخدمة العسكرية، وبت ألحظ توجس الناس مني ونفورهم عند رؤيتي، لكن هذا عملي وعليّ القيام به.”
لم يتوقف الشبان عن الالتحاق بالخدمة أو البقاء فيها في الأشهر الأولى من الاحتجاجات، لكن الوضع تغير مع تصاعد العنف والتحول نحو المواجهات المسلحة، إضافة لإيقاف الحكومة لقرارات التسريح وطلب جنود للاحتياط، وبهذا أصبحت الخدمة العسكرية أشبه بالدخول إلى نفق مجهول النهاية.
وخلافاً لباقي المناطق السورية، لم يؤثر الموقف الشعبي من الحرب في هذه المسألة (معارضة وموالاة)، حتى أنه يمكن القول أن التخلف عن الخدمة في السويداء جعل موقفها مما يجري محايداً وبدت خارج الاصطفافات التي فرضتها جغرافية الحرب وطوائفها.
رفض عدد من الشبان الالتحاق بالجيش نتيجة لموقفهم السياسي أو الفكري، لكن للنسبة الأكبر من الرافضين أسباباً أخرى مختلفة شخصية أو عامة، مادية أو نفسية.
عن أسبابه الخاصة يقول عبد السلام وهو جندي فار من الخدمة “لم أستطع تحمل مشاهد الحرب اليومية، فما عانيناه لا يوصف أبداً، كنت على حافة الانتحار، وقررت الفرار من الحرب.” يضاف إلى الأسباب النفسية أيضاً التمييز والفساد داخل الجيش بالإضافة إلى المعاملة السيئة والإهانات المتكررة التي يتلقاها المجندون، وعن هذا يروي رواد، وهو أحد الجنود الذين شاركوا في جبهات الغوطة، “حتى في أشد اللحظات قسوة وأكثرها خطراً كان التمييز على الأساس الطائفي أو المناطقي موجوداً في طريقة التعامل وفي طبيعة المهمات الموكلة إلينا.”
كذلك لم تعد للخدمة العسكرية في زمن الحرب فترة محدودة يقضيها الشاب ويمضي في حياته بعدها، بل أصبحت حياة كاملة لا يُعرف متى تبدأ ولا متى تنتهي، فقرار التسريح بيد السلطات العليا فقط.
الموت على الجبهات أو الموت جوعاً
جاءت طلبات الجيش لتجنيد قوات احتياطية من الشبان، كارثية مع تردي الوضع المعيشي والأزمات الاقتصادية الحادة التي مرت في السنوات الماضية، فمعظم من طُلبوا معيلون لأسرهم، والذهاب للخدمة يعني موت باقي أفراد أسرتهم جوعاً، فراتب العسكري لا يكفيه شيئاَ في ظل الظروف الحالية، وإن حدث ومات في الحرب فلا تعويضات لأسرته تحميها من العوز وتأمن حياتها بعده.
يشرح أكرم الذي رفض الذهاب للخدمة ظروفه قائلاً: “ما هذه السخرية والاستخفاف بحياة الناس، يعوضون قتلى الحرب بساعة حائط أو درع شرف وبأحسن الحالات برأس من الماعز! أبي وأمي عاجزون تقريباً وأنا لدي ثلاثة أطفال وزوجة، ومسؤول عن إعالتهم جميعاً، فإن مت في الحرب هل ستكفيهم العنزة؟”
أما عن نتائج التخلف عن الخدمة العسكرية، فهي تعميم الاسم على الحواجز والحدود وكافة الدوائر الرسمية والأمنية، ليصبح الشاب مطلوباً لها، وتتجمد حياته بالكامل فلا يستطيع استصدار أي ورقة رسمية مهما كانت، من جواز السفر وصكوك الملكية وعمليات البيع أو الشراء، حتى تسجيل الزواج أو المواليد الجدد وتجديد أوراق ثبوته. إضافة إلى ذلك يصبح التنقل بين المدن مستحيلاً أيضاً نتيجة انتشار الحواجز في كل مكان.
من تداعيات المشكلة أيضاً الملاحقة القضائية والقانونية وبالأخص لموظفي القطاع العام أو المشترك؛ فبمجرد التخلف عن الخدمة، يُفصل الموظف من عمله، ويحرم من تعويضاته كاملة، ويصدر بحقه حكم قضائي أيضاً وغرامات مالية، وأدى هذا إلى حدوث أزمة في أعداد الموظفين بالمنطقة إذ بات من النادر أن تجد مدرساً أو موظفاً شاباً في تلك الدوائر.
ممنوع من السفر ومن العودة
تعتمد السويداء في اقتصادها بشكل أساسي على الموارد التي تأتيها من عمل أبنائها في الخارج سواء في المدن السورية الأخرى أو في دول الجوار وأميركا الجنوبية، إلا أن تفاقم مشكلة الخدمة العسكرية حرم الكثيرين من السفر، ومنع الكثيرين أيضاً من الزيارة، حتى أن بعض الشبان الذين جاؤوا لقضاء إجازتهم في البلد تفاجؤوا بطلبات الاحتياط تنتظرهم ليُمنعوا من السفر ويخسروا عملهم وأرزاقهم في الخارج، وبهذا أصبحت الكثير من العائلات منقسمة ومشتتة بين الداخل والخارج.
توضح قصة مهند هذه التداعيات، فهو مدرس تاريخ متزوج ولديه طفل، اعتاد في كل صيف الذهاب إلى لبنان للعمل في محلات أقربائه ثم العودة مع بداية العام الدراسي ليتابع عمله في سوريا. إلا أن حياته انقلبت إلى كارثة خلال إحدى سفراته الحديثة، عندما أخبرته زوجته بأنه طُلب للخدمة العسكرية، يقول مهند: “لا أستطيع التحمل أكثر، أشتاق إلى زوجتي وابني، هم وحيدون في السويداء وأنا هنا، والتكاليف المادية مرهقة لا أقوى على تحملها، زوجتي موظفة أيضاً ولم يُقبل طلب استقالتها لتنتقل للعيش معي، تضطر لزيارتي كل ستة أشهر، ولا حل يلوح في الأفق.”
ومن الأشخاص الذين تأثروا أيضاً بتداعيات الخدمة العسكرية، سليم الذي اعتاد العمل كسائق على خط دمشق—السويداء، حيث كان يذهب كل يوم بسيارته لسوق الهال في العاصمة ويأتي محملاً بالخضار والمواد الغذائية ليبيعها في السويداء. “منذ طلبت للخدمة، تغيرت حياتي بالكامل لا أستطيع الالتحاق لأسباب كثيرة، ولم يعد بمقدوري العمل على السيارة، فأصبحت عاطلاً عن العمل وخسرت كل شيء” يقول سليم.
إضافة لتشتت العائلات وقطع الأرزاق والسجن داخل المحافظة، يعاني الفارون من الخدمة من صعوبات صحية، إذ لا تتوفر الكثير من الخدمات الطبية الاختصاصية بالسويداء، ويضطر العديد من السكان أن يذهبوا لدمشق لقربها الجغرافي، إلا أن الحواجز على الطرقات الآن تمنع المطلوبين من فعل هذا.
يروي أحمد وهو شاب في الـ٣٧ من عمره ومطلوب للخدمة العسكرية: “تعرضت لأزمة قلبية وأحتاج لإجراء عملية قثطرة في دمشق، ولأن السويداء لا يتوفر فيها جهاز طبي لوضعي الصحي، بات خطر المرض يهدد حياتي”، وليس لدى أحمد أي حل فإما يعتقل لفراره من الخدمة أو ينتظر مصيره في السويداء.
تزداد مشكلة المتخلفين عن الخدمة اليوم تعقيداً في ظل الأوضاع الأمنية والاقتصادية الصعبة التي تمر بها السويداء، ومع غياب الحلول وازدياد أعداد المطلوبين سقطت المدينة فيما يشبه الغيبوبة، وهي أمام خيارين إما أن تقدم صك براءتها أمام الحرب والاصطفافات و تدفع بأبنائها إلى الموت أو تتحول إلى سجن كبير لهم.
بواسطة Moataz Nader | أكتوبر 15, 2018 | News, غير مصنف
لم تكن مؤتمرات السلام السورية يوماً مشروعاً لصياغة عملية سلام تنهي الاقتتال، وإنما جزءاً من مشروع عسكري تتخلله بعض الوقفات السياسية، فبعد نهاية كل مؤتمر يتم التصعيد عسكريا في منطقة ما من البلاد، ويبدو هذا واضحاً عند مراجعة ما تخللته مؤتمرات جنيف وأستانة ومؤخراً سوتشي وانسحاب وفد المعارضة.
تكشف مراجعة هذه المؤتمرات أيضاً أن المجتمع الدولي مزيف وخائف وفقير إنسانيا مثلما لم يكن من قبل، كما تكشف تراجع الرؤية المبدئية للمعارضة الرسمية -وأعني هنا الائتلاف السوري المعارض- بوصفه كان الواجهة الجامعة لكل السوريين.
فالمعارضة فقدت مبدئيتها بالطرح وتراجعت عن منطق الثورة النقية لاحقاً وتدريجيّاً لدرجة تقبل العسكرة بكافة إيديولوجياتها ومن ثم الاقتناع بفصيل كجبهة النصرة إلى التحالفات الإقليمية غير البريئة، كذلك المساهمة باصطفافات مناطقية ذاتوية لا تفيد إلا النظام وحلفاءه.
ولذا على كافة القنوات والشخصيات الفكرية الثقافية أن تتبنى المسؤولية التاريخية في رفض هذا الظلم بحق سوريا المُتجسد عام٢٠١١ والتخلي عن الشكل السياسي العسكري القائم حاليا، وعليهم السعي لتصدير أفكار وقيم تمرّد ٢٠١١ للعالم دفاعاً عن مبدئية الثورة السورية وإنسانية قضيتها، بوصفها تمرداً شجاعاً بالمقام الأول –يهدف لمقارعة الظلم استنادا لاعتبار لا يقبل المقايضة مفاده: أن مُحيط الثورة السورية هو محيٌطٌ لكل إنسانٍ رافضٍ للظلم وعاشق للحرية في العالم أجمع.
البداية
لا يمكن اختزال الوضع السوري الراهن في نطاق مصطلحات مرحلية أو اجتماعية تقليدية سياسية تُعرّف تشابكات ذاك الوضع من الناحية السياسية الدولية من جهة، ومن زاوية التعقيد المحلي المغرق في الخصوصية والتكتل من جهة أخرى. لذلك من الوارد واقعياً أن يُنظر لفكرة إنهاء الثورة السورية من خلال زاوية التحالفات والتفاهمات الإقليمية والدولية ومن ثم المحلية، إلا أن الكلام عن وحشية النظام بات كلاسيكياً ينطق به كل من يدعّي التعاطف أو الولاء للثورة السورية بشكلٍ صادق أو بشكلٍ وسطي دون تصميم لاحق لتحقيق ما تصبو إليه تلك الثورة، وهنا السؤال إذاً، ما هو معيار الولاء الحقيقي الذي يمنح الدافع لبقاء فكرة التمرد؟
الغَاية من الاحتجاج الثوري
يقود السؤال الأول لمجموعة من التساؤلات: ما هي الغاية من الاحتجاج الثوري في ظل التعبئة التي تقوم بها الدول الراعية للحرب السورية على المستوى الشعبي الاجتماعي؟
فمثلاً تركيا الحليف “الظاهري” للثورة السورية تستضيف قرابة ثلاثة ملايين لاجئ سوري على أرضها بشرط طبيعي، وهو ألا يعارضوا أي خطوة تركية داخل الأراضي السورية كأن يساندوا نَظريا العمليات العسكرية في الشمال السوري. فهل الولاء هو لسوريا الدولة كبقعة جغرافية؟
تعدد اليوم الولاءات بين السوريين عموماً لروسيا وإيران وتركيا، وللنقطة الأضعف حاليا – وهو تيار الثورة النقية أو إن جاز التعبير جيل ٢٠١١ في الحراك السوري العام الذي لا يملك إلا أفكاره المتجذرة وإيمانه الراسخ بالقضية، وعكس الولاءات الأخرى ليس لديه تحالفات تعبث بالواقع السوري لمصلحتها.
و الولاء لفكرة الثورة بنقائها وغايتها هو مصلحة محلية جامعة تغري الجيل الحالي أو القادم بتقليدها أو على الأقل على التمسك بفكرتها كقيمة تغييرية تنضوي تحتها النزعة الوطنية.
هو يعني ألا تصبح الغاية الوطنية بطبيعتها الفطرية شرعية للحد الذي يجعلنا كمعارضين نقبل بأي تحالف أو سلوك ميلشيوي يحقق غايتنا الثورية وينسينا من حيث المبدأ ما هو هدفنا من حقيقة الثورة السورية التي بدأت في ٢٠١١. ولاءات كولاء الائتلاف المعارض وفصائل الجيش الحر لتركيا مثلا، وولاء الأكراد لأمريكا وبطبيعة الحال ولاء النظام لروسيا وإيران.
تمّثل هذه الولاءات -باستثناء علاقة النظام بروسيا وإيران- شراكات مصلحية مؤقتة محكومة بظروف المرحلة، لكنها بالمحصلة تعبّر عن نية واضحة لدى تلك الأطراف بما يتعلق بالمستقبل السوري “المتشبع بالفكر التقسيمي.”
الفكرة النقية ليست وهماً
يتقاطع النقد اللاذع لتركيا أو للدول الخليجية الداعمة مع موقف عداء النظام لهذه الدول، لكن تشابهنا بالصدفة مع نقطة يتحدث بها إعلام النظام بشكل مزرٍ ومبتذل، لا يعني أبدا بأننا قريبون من عقليته، وإنما يعني بأننا ننظر للأمور بطريقة أعمق وأكثر شمولية تساعدنا على فهم إجرامه كي نستطيع أن نهزمه لاحقاً. بالصدفة أيضا سنجد أنفسنا كمعارضين نشترك مع النظام بأننا نتاج البيئة السورية، وهذا لا يعني بأننا نجابه كل ما هو سوري بشخصية النظام، وإنما نجابه ونكره كل ما هو مجرم وعدواني ومدمر بشخصيته.
الإعلام الكاذب والحقيقة الثورية
يعمل النظام في الداخل السوري على تعبئة الأجيال لصالحه، يجعلهم يصدقون أن كل معارض في الخارج هو إرهابي خارج عن القانون، وعلينا نحن المعارضين أن نصدّر لهم أفكاراً تجعلهم يلمسون الفارق بين الإعلام الكاذب والحقيقة الثورية، يجب أن يفهموا الفارق بين الثورة والإرهاب.
عندما يرى اليافعون بالداخل السوري مثلا أداء معارضة سياسية هشة لا ثقل لها، ولا تستطيع حتى أن تصدر بيان شجب يستهدف المدنيين في المناطق الساخنة، و يرون فصائل المعارضة المسلحة تقاتل لحساب دول معينة، إضافة لتلك المتشددة التي لا تمت لعقلية أي ثورة بالعالم بأي صلة، لن يصدقوا أن ثمة أنقياء وأوفياء بين ذلك الحشد، وهذا ما يجب تصديره لهم.
تغيير جذري ورؤية جديدة
يجب أن تتعلم الأجيال من ١٣ حتى ٢٠ سنة في الداخل معنى التمرد على الظلم، لا أن نجعل من تجربتنا الثورية التي لن تتكرر ركيزة لتقبّل الظلم.
ففي هذه المرحلة بالذات يجب ألا تتكرس لدى أي مثقف أو شاعر أو مفكر أو كاتب هاو فكرة أن مايكتبه في هذا الشأن دون قيمة، مامن شك بأن الشعور باللاجدوى يسود، لكن كتابة أي شيء جديد يهدف لنسف الولاءات الحالية السياسية والعسكرية، سيترك أثراً لاحقاً.
إذا صدقنا أن النظام انتصر يوماً ما فهو انتصر على فئات لم نعد نعتبر أنها تمثلنا، النظام لم ينتصر على إرادتنا. هو انتصر على محاكاة إرادتنا التي تمثلها تلك الفئات الغريبة عن جسم الثورة. فالثورة بمعناها الواقعي الذي لا يقبل اللبس، هي ليست الحدث السياسي ضد السلطة المستبدة، بل هي الموقف الرافض للظلم بكافة أشكاله.
بواسطة Sonya Al Ali | أكتوبر 10, 2018 | News, غير مصنف
تلقي سنوات الحرب في سوريا بآثارها المدمرة على كافة شرائح المجتمع ومناحي الحياة، حيث أدت لانتشار عادات اجتماعية خطيرة كالإدمان على المخدرات. ففي مناطق سيطرة المعارضة السورية ظهرت أنواع كثيرة ولا متناهية من الحشيش والأفيون والهيروين والكبتاجون وحبوب الهلوسة وغيرها، يغذيها الفلتان الأمني وانعدام الرقابة. ويُروج تجار المخدرات هذه الأنواع خاصة لجيل الشباب بمافيهم تلاميذ المدارس وطلاب الجامعات، حيث استغل المروجون والتجار ظروف الحرب التي تعصف بسوريا لجني أرباح كبيرة، كما ساعد النظام السوري على تسهيل إدخال المخدرات إلى المناطق سيطرة المعارضة السورية بكثرة، وبيعها بأسعار زهيدة ما جعلها في متناول الأيادي كأحد الأسلحة الفتاكة للقضاء على الشباب وتدميرهم.
يتحدث النقيب عبد الرحمن البيوش من شرطة إدلب الحرة عن انتشار الظاهرة بقوله: “يقوم النظام بإدخال المخدرات إلى سوريا عبر الساحل السوري والحدود اللبنانية، ثم تقوم عناصره بتسهيل دخولها إلى مناطق سيطرة المعارضة السورية عبر أشخاص متعاملين معهم لتدمير عقول الشباب وتصعيد الفوضى، وفي إحصائية النصف الأول من عام ٢٠١٧ فقد تم ضبط مايقارب ٦٩٠٠ غرام من مادة الحشيش المخدر إضافة إلى ١٢٠٠ حبة ترامادول و١٢٣٨ حبة كبتاغون و٢٠٠٠ حبة زولام.”
كما قامت الشرطة الحرة في بلدة كفرومة بريف إدلب شمال سوريا مؤخراً بإلقاء القبض على ثلاثة أشخاص يتعاطون المخدرات دون التمكن من إلقاء القبض على العصابة المروجة لها، وعن ذلك تحدث نايف العقدي رئيس مخفر الشرطة في البلدة قائلاً: “أبلغنا بتاريخ ١٧/٧/٢٠١٨ بوجود شبان في القرية يتعاطون المخدرات، وبعد مراقبتهم وإلقاء القبض عليهم اعترفوا بما نسب إليهم وأعطوا اسم الشخص الذي يحصلون من خلاله على المواد المخدرة، كما ألقينا القبض بتاريخ ٢٨/٨/٢٠١٨ على عصابة أخرى تتألف من عدد من الشبان وبحوزتهم مواد مخدرة من حبوب وحشيش، ولا يزال التحقيق معهم مستمراً للقبض على بقية أفراد العصابة المتعاونة.”
كما قامت الشرطة الحرة في مدينة معرة النعمان بريف إدلب الجنوبي بإلقاء القبض على بائع حبوب مخدرة بتاريخ ٢٧/٨/٢٠١٨.
وفي السياق يعتبر الشباب واليافعين من أكثر الفئات العمرية عرضة للوقوع في فخ الإدمان، وذلك بسبب الضغوطات النفسية التي تأتي نتيجة الفقر وانتشار البطالة وتراجع فرص التعليم إضافة إلى تناول الأدوية النفسية دون استشارة الطبيب وضعف الرعاية والإرشاد فضلاً عن الفلتان الأمني وضعف الإجراءات الأمنية الرادعة التي أدت إلى انتعاش تجارة المخدرات وزيادة ترويجها، ناهيك عن قلة التوعية والإرشاد بمخاطر التعاطي وأضراره وفتح حدود البلاد أمام المليشيات الإقليمية القادمة من إيران ولبنان وغيرها من البلدان المنتجة والمصدرة للمخدرات.
ومن مظاهر الخطر في قضية المخدرات هي انتشار الصيدليات المخالفة في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة السورية. وتزيد الصيدليات المخالفة من فرص حصول المدمنين والراغبين بالتعاطي على المواد المخدرة التي تتوافر على اختلاف أنواعها حتى دون وصفات طبية، حيث يتم تعاطيها بكميات أكبر من الجرعات الدوائية المحددة مما يؤدي إلى الإدمان عليها.
يتحدث الطبيب وليد الرحمون من مدينة إدلب عن ذلك بقوله: “٨٠ ٪ من ضحايا المخدرات هم من الشباب دون سن الخامسة والعشرين، حيث ساعد الانفلات الأمني على انتشار بائعي الدواء الذين لا يمتون إلى مهنة الصيدلة بأي صلة، حيث يكون همهم الوحيد هو الكسب المادي فحسب، لذلك يقومون ببيع الأدوية المخدرة والمهدئة دون وصفات طبية كالبالتان والترامادول والأوبرفال وغيرها علماً أن الأطباء لا يقومون بوصفها للمرضى إلا عند الضرورة القصوى.” ويضيف الرحمون متحدثاً عن مخاطر المخدرات: “الإدمان سلوك قهري يجعل الإنسان يعيش تحت رحمة إدمانه، لما للمخدرات من تأثيرات سلبية على النفس والجسد، فهي تؤثر على الجملة العصبية للإنسان، وقد تؤدي إلى الوفاة عند تعاطيها بجرعات زائدة، وتعتبر أيضاً أحد مسببات انتشار أمراض خطيرة كالتهاب الكبد الوبائي والاضطرابات القلبية. كما تعمل أيضاً على خلق مجتمع مضطرب بكل المقاييس وعلى مختلف الأصعدة، حيث يرتبط تعاطي المخدرات بفساد أخلاقي في المجتمع، حيث تكثر جرائم القتل والسرقة والخطف وتجارة الأسلحة على خلفية تعاطي المخدرات.”
تعرض الشاب أيمن من مدينة جسر الشغور لإصابة حربية أدت لبتر مفصل الكتف، وأدت لدخول شظايا في المعدة، وبسبب الألم الشديد الذي كان يلازمه وصف له الطبيب مسكناً لتبدأ رحلته مع الإدمان، وعن ذلك يتحدث قائلاً: “وصف لي الطبيب أحد الأدوية المخدرة، وبدأت أزيد الجرعات من حبتين في اليوم إلى ثمان حبات، وبعد فترة من الزمن اكتشفت بأنني وصلت إلى مرحلة الإدمان، وبدأت في البحث عن حل لمشكلتي.”
كان الشاب أحمد العبود من مدينة إدلب أيضاً أحد ضحايا الإدمان واستطاع برغبة كبيرة منه وبمساعدة أقاربه من التخلص من هذا الوباء وعن ذلك يتحدث قائلاً: “خسرت مستقبلي وخسرت معه الأمل بالحياة، لذلك دفعتني حالة اليأس التي وصلت إليها إلى الإدمان على تعاطي المخدرات ظناً مني أنها قد تعوض ما أعانيه من مصاعب وهموم.”
ويضيف العبود: “كنت في السنة الأخيرة من دراستي الجامعية في كلية الآداب حين تم اعتقالي من قبل قوات النظام، وبعد مساع كثيرة من قبل عائلتي تم إطلاق سراحي بعد تسعة أشهر، فاضطررت لترك دراستي خوفاً من اعتقالي ثانية، وتوجهت بعد ذلك للعمل في البناء الذي كان صعباً وقليل المردود ولايتناسب مع الأهداف والطموحات التي وضعتها لمستقبلي، فلم أجد أمامي سوى الحبوب المخدرة التي كانت تساعدني في الوصول إلى حالة من فقدان الإدراك تشعرني بالانفصال عن محيطي وتمنحني شعوراً بالراحة. “ويؤكد العبود بأنه أدرك متأخراً الحالة السيئة التي وصل إليها وبأن المخدرات هي الوهم القاتل، فبدأ بمساعدة أهله بزيارة الأطباء للتخلص من الإدمان.”
أمام هذا الواقع وعلى الرغم من ضعف الإمكانيات المادية دفعت الحاجة الملحة عدداً من المتطوعين لافتتاح مركز إشراق لمعالجة الإدمان بريف إدلب، تحدث الطبيب النفسي سعيد عز الدين أحد العاملين في المركز عن عمله قائلاً: “المركز هو الوحيد في المنطقة وقد تم علاج تسعة مدمنين داخله، حيث يتم استقبال المدمنين في العيادة الخارجية وتحويل الحالات المستعصية منهم إلى دار الاستشفاء الداخلية لتلقي العلاج.” ويؤكد عز الدين أن كادر المركز يتألف من عدد من الأطباء النفسيين والمرشدين والممرضين، وقد تلقوا تدريباً خاصاً بكيفية التعامل مع الحالات التي يتم استقبالها، علماً أن معظم الذين راجعوا المركز وصلوا إلى مراحل متقدمة من الإدمان وتسببوا بأذية كبيرة لأجسادهم وعقولهم، لذلك فإن الحاجة ماسة لدعم المركز مادياً كي يستمر في عمله، باعتبار الإدمان خطر كبير يهدد الشباب والمجتمع بشكل عام. ويضيف عز الدين: “لكل حالة إدمان نوع خاص من العلاج وفترة زمنية تختلف عن غيرها من الحالات، ولكن كلما بادر المريض إلى طلب العلاج مبكراً كلما زادت فرص شفائه بسرعة وفاعلية أكبر.”
كما انطلقت حملة (لا للمخدرات) في الشمال السوري بداية العام الحالي ٢٠١٨ بهدف التحذير من مخاطر المخدرات وإظهار الجوانب الخطيرة والهدامة لها، وتكريس الوعي في عقول الشباب، والترغيب بالعلاج لكل من سقط في براثنها وإعادة الأمل إليه بإمكانية التحرر من إدمانه، والعودة إلى حياته الطبيعية من جديد. يقول مدير الحملة محمد حاج بكري أن (لا للمخدرات) “انطلقت في ريف الساحل وجسر الشغور وريف إدلب الغربي بتاريخ ١/٢/٢٠١٨، وضم فريق الحملة إعلاميين ونشطاء ومعلمين ومرشدين نفسيين، قاموا بتوزيع بروشورات تحذر من مخاطر المخدرات وأضرارها الجسيمة، إضافة لعقد جلسات حوارية وندوات توعية للأهالي والنازحين.”
تعد المخدرات وباء ينتشر كالنار في الهشيم في المجتمع السوري بعد أن وفرت ظروف الحرب بيئة خصبة لتداولها من اتجار وتعاطي، والأشد خطراً كونها تستهدف شرائح عمرية مبكرة من النشء والشباب وتؤثر في مستقبلهم، بعد أن جعلهم الإحباط وفقدان الأمل أكثر عرضة للوقوع في براثن هذه الآفة المدمرة.
بواسطة Abdullah Al Hassan | أكتوبر 5, 2018 | News, غير مصنف
بدأ اختلاف وجهات النظر حول التعاطي مع قضية الشمال السوري يظهر بين الدول الثلاث الضامنة للقاء أستانا (روسيا وتركيا وإيران) بعد اجتماع طهران الأخير، جاء ذلك بعد تنسيق وتعاون كبير بين هذه الدول نتج عنه نجاح الخطة الروسية لوقف إطلاق النار في مناطق خفض التصعيد، ثم مساعدة الجيش السوري للسيطرة عليها، في الغوطة الشرقية وجبال القلمون الشرقية، ثم جنوب دمشق ومخيم اليرموك، وبعدها في ريف حمص الشمالي، وأخيراً في درعا في الجنوب السوري. إلا أن مصالح وأولويات هذه الدول بدأت تتعارض فيما بينها عندما وصل الأمر إلى محافظة إدلب، وخاصة بعد أن تراجعت الولايات المتحدة الأمريكية عن نيّتها سحب قواتها من منطقة شرق الفرات في الوقت الراهن.
معادلة معقدة من المصالح والرغبات تدير علاقات الدول الثلاث، إضافة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ورغم أن الحكومة الروسية تدير الحل في سوريا، إلا أنها لا تستطيع الاستغناء عن التعاون والتنسيق مع هذه الدول، فكل منها تملك أدوات مؤثرة قادرة على تعطيل الحل، وبالتالي يتحتم على روسيا المساومة وفي بعض الأحيان تقديم المكاسب لتلك الدول، مقابل تحقيق التقدم على مسار الحل في سوريا.
فلولا التعاون مع تركيا لما تمكنت روسيا من تحقيق التقدم في خطتها للحل منذ تدخّلها في سوريا، في نهاية سبتمبر/أيلول ٢٠١٥، إذ تملك تركيا العديد من المفاتيح الهامة في الداخل السوري، وخاصة في الشمال، كما ظهر واضحاً في إعادة سيطرة الجيش السوري على مدينة حلب في ديسمبر/كانون الأول ٢٠١٦. بدا أيضاً التأثير التركي في جولات محادثات أستانا العشر ومناطق خفض التصعيد، وكان واضحاً في عملية ”غصن الزيتون“ في مدينة عفرين السورية، وكذلك الأمر في إنجاح ”مؤتمر الحوار الوطني السوري“ في سوتشي، والذي نتج عن كواليس تحضيره توافق دولي بشأن اللجنة الدستورية السورية.
أما تركيا فلديها مخاوف على أمنها القومي بعد تعاظم قوة حزب الإتحاد الديمقراطي PYD الكردي في الشمال السوري، والذي تضعه على قائمة المنظمات الإرهابية، ولتأمين حدودها والدخول بجيشها للشمال السوري كان عليها أن تتعاون مع الحكومة الروسية، فجرت المقايضة على تسليم مدينة حلب للنظام السوري، مقابل عملية ”درع الفرات“ التركية في مدينتي الباب وجرابلس، ومن ثم عملية ”غصن الزيتون“ في مدينة عفرين. كذلك استطاعت تركيا نشر قواتها في اثنتي عشرة نقطة مراقبة على كامل حدود سيطرة المعارضة السورية في محافظة إدلب بعد اتفاق أستانا ٤، مما جعل المنطقة بما فيها من فصائل المعارضة تابعة بشكل كامل ومباشر للمخابرات التركية، وهذا أعطاها مزيداً من أوراق القوة لتحقيق مصالحها، وربما أصبحت تهدد وحدة الأراضي السورية خاصة في مناطق سيطرة ”درع الفرات“ و ”غصن الزيتون“.
أما التنسيق الروسي – الأمريكي، فبدأ مع التدخل الروسي في سوريا بعيداً عن وسائل الإعلام، إلا أن نتائجه ظهرت مع سيطرة الجيش السوري على مدينة درعا والجنوب السوري بعد تخلي الولايات المتحدة الأمريكية عن فصائل المعارضة هناك.
جاءت هذه السيطرة بعد تفاهمات ثلاثية روسية – أمريكية – أردنية وثنائية بين روسيا واسرائيل، حيث ضمن الجانب الروسي الحفاظ على أمن إسرائيل من خلال إعادة العمل باتفاق ”فك الإشتباك“ بين سوريا وإسرائيل لعام ١٩٧٤، وإبعاد ميليشيا تدعمها إيران إلى ما وراء محور دمشق – السويداء، إضافة إلى منح إسرائيل ضوءاً أخضر لشن عمليات عسكرية داخل الأراضي السورية على مصادر الخطر المحتملة عليها.
بكل الأحوال أبقت الولايات المتحدة الأمريكية قاعدة ”التنف“ جنوباً في زاوية الحدود السورية الأردنية العراقية بحجة مراقبة تنفيذ ما اتفقت عليه هذه الأطراف. وبالعودة للشمال، سارع ”مجلس سوريا الديمقراطية“ -والذي يشكل ”حزب الاتحاد الديمقراطي“ الكردي عموده الفقري،- لعقد لقاء في دمشق مع ممثلي النظام السوري في نهاية يوليو/تموز ٢٠١٨.
وجاء هذا اللقاء بتسهيل روسي ومباركة أمريكية، بعد إعادة سيطرة النظام السوري على كامل مناطق المعارضة في وسط وجنوب البلاد، وإثر حديث سابق للرئيس الأمريكي دونالد ترامب أوضح فيه نيته سحب قواته من شمال شرقي سوريا بعد القضاء على “داعش،” أما ما نتج عنه فهو تشكيل لجان بين الطرفين لحل القضايا العالقة.
في ظل كل هذه الظروف المواتية، حشد النظام السوري وحلفاؤه الروس قواتهم لحصار محافظة إدلب، آخر معقل للمعارضة في سوريا، بهدف استرجاعها، لكن الولايات المتحدة الأمريكية خلطت الأوراق و ظهرت تسريبات تفيد بأن الحكومة الأمريكية حسمت قرارها بالإبقاء على جنودها شمال شرقي سوريا، لمحاربة ”داعش“ ومنع تشكيلها من جديد، إضافة لمراقبة الوجود الإيراني في سوريا والضغط لسحب هذه الميلشيات وعودتها إلى بلادها. كما يمكن أن يستخدم التواجد الأمريكي شرق نهر الفرات للضغط نحو تحقيق حل سياسي في سوريا وتنفيذ القرار ٢٢٥٤ وإجراء إصلاحات دستورية.
أفزع هذا القرار الأمريكي الحكومة التركية، وأصبحت المصلحة التركية تقتضي التمسك بمحافظة إدلب والحفاظ على فصائل المعارضة المتواجدة فيها لحماية الأمن القومي التركي، وهذا ما عبّر عنه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في كلمته الافتتاحية في قمة طهران حين قال ”إن مستقبل منطقة إدلب لا يتعلق بمستقبل سوريا فقط، وإنما يتعلق بمستقبل تركيا أيضاً، وبالأمن والاستقرار في تركيا“. ويبدو أن موقف إيران تماشى مع الموقف التركي، فمن مصلحة إيران أيضاً التخلص من التهديد الأمريكي في المنطقة، والذي يرصد كامل الحدود الشرقية لسوريا، كاشفاً الكثير من نقاط العبور والانتشار الإيراني في الداخل السوري، مما يمّكن إسرائيل من تحديد تلك الأهداف وضربها.
وهكذا اتفق الجانبان التركي والإيراني على أن تكون الأولوية لشرق نهر الفرات وليس لغربه، على الرغم من أن ذلك يتعارض مع خطة الحل الروسي في سوريا، والتي تهدف لإعادة السيطرة على كافة مناطق وجيوب المعارضة السورية بحجة القضاء على جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام) قبل نهاية عام ٢٠١٨. أما مشكلة الأكراد شمال شرق سوريا، فتعتبر موسكو أنها قابلة للحل عبر الحوار بين ”مجلس سوريا الديمقراطية“ والنظام السوري، خاصة بعد الدرس القاسي الذي تلقاه الأكراد في مدينة عفرين، حين تخلّت الولايات المتحدة الأمريكية عنهم، كذلك فعلت روسيا، بعد أن رفض الأكراد مقترحاً روسياً يقضي إلى دخول الجيش السوري إلى المدينة لحمايتها من تقدم الجيش التركي وحلفائه في المعارضة السورية ضمن عملية “غصن الزيتون.”
الآن، وبعد الاتفاق التركي – الروسي الأخير حول إدلب، تتجه الأنظار نحو مناطق سيطرة القوات الكردية، ومن المتوقع أن تكون البداية من مدينة تل رفعت لاختبار مدى تجاوب الأكراد مع دمشق، وحتى اللحظة يبدو أن كفة سيطرة الجيش السوري على المدينة هي الراجحة، وذلك مع تواتر تقارير عن وصول تعزيزات للجيش السوري إلى بلدة دير جِما غرب تل رفعت، فيما تقوم فصائل المعارضة السورية التابعة لعملية ”غصن الزيتون“ بمدينة اعزاز برفع سواتر ترابية على طول الخط الفاصل بين المدينتين بغاية الحماية، فيما يبدو أنه تحضير لسيطرة قوات النظام السوري على تل رفعت.
من جهة ثانية، تعمل تركيا على استبدال عناصر جبهة النصرة بآخرين من الفصائل المعتدلة على طول حدود المنطقة الفاصلة بين سيطرة المعارضة وسيطرة النظام السوري في محافظة إدلب حتى عمق ١٥ إلى ٢٠ كم، وذلك بناء على الاتفاق المبرم مع روسيا، مما يعني هدنة طويلة الأمد في محافظة إدلب حتى تنتهي قضية شرق الفرات على الأغلب، أو يحدث أمر يُغيّر قواعد المعادلة من جديد.
يبدو أن حديث وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف هو الأكثر وضوحاً في هذا الشأن، فخلال مؤتمر صحفي مشترك عقده في ساراييفو مع وزير خارجية البوسنة والهرسك، قال لافروف “أما بخصوص الاتفاق الروسي التركي بشأن إدلب فهو يهدف بالدرجة الأولى إلى القضاء على تحدي الإرهاب، وهو خطوة مرحلية من دون أدنى شك، لأن الحديث يدور فقط عن إنشاء منطقة منزوعة السلاح، لكنها خطوة ضرورية لأن ذلك سيتيح منع القصف المتواصل من منطقة خفض التوتر في إدلب لمواقع القوات السورية وقاعدة حميميم” الروسية وأضاف بأن أكبر تهديد لسيادة سوريا ووحدتها “يأتي من شرق الفرات” وهي المناطق الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من قبل التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن، حيث تُقام تحت إشراف أميركا هياكل تتمتع بحكم ذاتي.
يبقى أن نذكر بأن مصير هذه المناطق مرتبط أيضاً بمدى تجاوب النظام السوري مع اللامركزية التي يطمح إلى تحقيقها الأكراد ومن معهم في الشمال السوري، ففي حين أن النظام السوري يرى ذلك محققاً من خلال المرسوم التشريعي رقم ١٠٧ للعام ٢٠١١ المتضمن قانون الإدارة المحلية الجديد، إلا أن المرسوم لم يُطبَّق في مناطق سيطرته حتى الآن.
وهكذا تنتقل عملية التوازن في الشمال السوري من كفة لأخرى، وتبقى الأمور معلّقة برغبة ومصالح اللاعبين الأساسيين، فيما يستمر كل منهم بترديد عبارة “الشعب السوري وحده من يقرر مصيره بنفسه.”
بواسطة Ibrahim Hamidi | سبتمبر 30, 2018 | News, غير مصنف
في منتصف عام 2015، كانت الحكومة السورية تسيطر فقط على نحو 15 في المائة من مساحة البلاد، وعلى البوابات الحدودية مع لبنان، مقابل سيطرة «داعش» وفصائل المعارضة وقوات كردية على باقي البلاد، ومعظم بوابات الحدود الـ19 مع العراق وتركيا والأردن، وخط الفصل مع إسرائيل.
التدخل العسكري الروسي المباشر، في سبتمبر (أيلول) 2015، قلب ميزان السيطرة؛ باتت قوات الحكومة حالياً تسيطر على نحو 65 في المائة من مساحة البلاد، البالغة 185 ألف كيلومتر مربع، فيما تتقاسم «قوات سوريا الديمقراطية» الكردية – العربية، بدعم أميركي، من جهة، وفصائل عربية تدعمها أنقرة، السيطرة على باقي الأرض.
وإذا كانت لاستعادة السيطرة على درعا (مهد الثورة في عام 2011) أهمية رمزية، فإن لفتح معبر نصيب أهميته الاستراتيجية أيضاً، إذ تجري حالياً محادثات بين عمان ودمشق لإعادة فتح هذا المعبر بين سوريا والأردن، بعدما سيطرت قوات الحكومة على الجنوب، وعلى الجانب السوري من نصيب، بعد نحو 3 سنوات من خسارته في أبريل (نيسان) 2015.
وفي حال جرى فتح نصيب أمام البضائع في العاشر من الشهر المقبل، سيتزامن ذلك مع بدء تنفيذ الاتفاق الروسي – التركي الخاص بإدلب، وإزالة السلاح الثقيل من «المنطقة العازلة» في الشمال، قبل «التخلص من المتطرفين» في 15 الشهر، و«استعادة» الطريق الرئيسية بين حمص وحلب، ليحل بدل «طريق الموت» الخفي عبر خناصر – أثريا، إضافة إلى السيطرة على طريق حلب – اللاذقية قبل نهاية العام، بموجب الاتفاق الروسي – التركي الخاص بإدلب.
والواضح لمتابع سير المعارك أن لروسيا أولوية بفتح شرايين «سوريا المفيدة»، وربط بواباتها الحدودية بالعالم، لفك العزلة الغربية عن دمشق:
المعابر الحدودية
بين المعابر الـ19، تسيطر دمشق على 5 مع لبنان، ومعبر مع الأردن، وآخر مع العراق، ومعبرين مع تركيا التي أقفلتهما. وبحسب تقرير سابق لوكالة الصحافة الفرنسية، ومعلومات من المعارضة ودبلوماسيين، هنا توزيع السيطرة:
– نصيب، يقع بين دمشق – درعا: سيطرت الفصائل المعارضة عليه في أبريل 2015، لكن قوات الحكومة استعادته في يوليو (تموز) الماضي.
– الرمثا الأردني: استعادته دمشق قبل أسابيع، بعدما فقدت السيطرة عليه منذ عام 2013.
– كسب، في ريف اللاذقية: مقفل من الجانب التركي بعد معارك في 2014، وإن كان لا يزال تحت سيطرة دمشق.
– باب الهوى، شمال إدلب: وهو تحت سيطرة إدارة مدنية تابعة لفصائل معارضة.
– باب السلامة، في منطقة أعزاز بمحافظة حلب (شمال): تحت سيطرة فصائل سورية معارضة موالية لتركيا.
– جرابلس، في حلب (شمال): تحت سيطرة فصائل «درع الفرات» المدعومة من الجيش التركي.
– تل أبيض، في الرقة (شمال شرقي البلاد): تحت سيطرة «وحدات حماية الشعب» الكردية، ضمن «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة أميركياً، بعد طرد «داعش» في 2015، لكنه لا يزال مغلقاً، وتشترط أنقرة إبعاد «الوحدات» عنه.
– عين العرب (كوباني)، شمال حلب: تحت سيطرة «وحدات حماية الشعب» الكردية، وهو مغلق رسمياً، وتريد أنقرة إبعاد الأكراد عنه، وتقع قربه قاعدة عسكرية أميركية.
– رأس العين، في الحسكة: شهد معارك عنيفة، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية، في صيف عام 2013، بين «داعش» والمقاتلين الأكراد الذين تمكنوا من طرده من المعبر، ومن مدينة رأس العين.
– القامشلي – نصيبين: هو المعبر الوحيد في محافظة الحسكة الذي لا يزال تحت سيطرة قوات الحكومة، لكنه مقفل من السلطات التركية.
– عين ديوار، في الحسكة: وهو تحت سيطرة المقاتلين الأكراد، ويتم الإفادة من معبر زاخو للعبور من الخابور بين شمال شرقي سوريا وكردستان العراق.
– اليعربية – الربيعة: يقع في محافظة الحسكة، ويربطها مع العراق، وهو تحت سيطرة المقاتلين الأكراد.
– البوكمال – القائم، بين ريف دير الزور والعراق، وهو تحت سيطرة قوات الحكومة والميليشيات الإيرانية، وقد أرسلت دمشق رسائل إلى بغداد لإعادة فتحه، بديلاً عن معبر التنف.
– التنف، أو الوليد من الجهة العراقية: يقع جنوب دير الزور، وتسيطر عليه قوات التحالف الدولي، بقيادة أميركية، مع فصائل معارضة تدعمها، منذ طرد تنظيم داعش منه. وتقع قربه قاعدة التنف، وتقول أميركا إنها لن تنسحب منه أو من مناطق شرق سوريا، ما بقيت ميليشيات إيران وقواتها في سوريا.
– المعابر الحدودية بين لبنان وسوريا، وهي خمسة: جديدة يابوس والمصنع من الجانب اللبناني، والدبوسية والعبودية من الجانب اللبناني، وجوسية والقاع من الجانب اللبناني، وتلكلخ (البقيعة من جانب لبنان)، وطرطوس (العريضة من الجانب اللبناني). وتوجد على طول الحدود معابر كثيرة غير شرعية، معظمها في مناطق جبلية وعرة، بحسب الوكالة الفرنسية.
إسرائيل وسوريا في حالة حرب رسمية، ولا توجد معابر بين البلدين، لكن فصائل كانت تسيطر على القنيطرة، غير أن قوات الحكومة عادت إليها بدعم روسي. وأعاد الجيش الروسي العمل باتفاق فك الاشتباك في الجولان، ونشرت الشرطة الروسية «القوات الدولية لفك الاشتباك» (أندوف). وزير الدفاع الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، قال أول من أمس إنه يدعم فتح معبر القنيطرة أمام تنقل أهالي الجولان المحتل، ونقل البضائع، خصوصاً بيع التفاح «الجولاني» في سوريا، كما كان الأمر قبل 2011.
الجزء المتبقي من الحدود مفتوح على البحر المتوسط، والمرافئ البحرية كلها تحت سيطرة الحكومة، وتقيم روسيا قاعدة بحرية في ميناء طرطوس، وقاعدة جوية في قاعدة حميميم في ريف اللاذقية. وتسيطر الحكومة على مطارات دمشق وحلب واللاذقية، إضافة إلى مطار القامشلي في مناطق الأكراد، لكن عدداً من الشركات الدولية لا تزال تقاطع السفر إلى المطارات السورية.
الطرق الرئيسية
الطريق بين نصيب على حدود الأردن وباب الهوى على حدود تركيا يعرف بـ«إم – 5» أو «شريان الحياة» للاقتصاد السوري، ويمتد نحو 450 كيلومتراً، ويربط أوروبا عبر تركيا بالخليج عبر الأردن. وإذا ضم إليه طريق اللاذقية – حلب، المعروف بـ«إم – 4»، وتم ربطه بطريق ممتد من حلب إلى دير الزور والعراق، وإذا تم تشغيل طريق بيروت أو طرابلس بنصيب، يكون الربط بين المتوسط والعراق والخليج قد تم عبر البوابة السورية.
ولم يكن «شريان الحياة» بشكل كامل تحت سيطرة دمشق خلال السنوات السبع الماضية، إذ بدأ التحول في نهاية 2016، عندما سيطرت قوات الحكومة على شرق حلب.
وبعد التدخل العسكري الروسي، بات واضحاً إعطاء موسكو أولوية لاستعادة الطرق الرئيسية، لتنشيط الاقتصاد واستعادة السيادة.
وكانت الفصائل المعارضة قد ركزت منذ عام 2011 على قطع أجزاء من الطريق في محافظتي دمشق وحمص، قبل أن تسيطر على أجزاء رئيسية منه في العام التالي. ويمر نحو 30 كيلومتراً من هذا الطريق في مناطق في الغوطة الشرقية وجنوب دمشق، وقسم مشابه في ريف حمص.
وتمكنت قوات الحكومة في الأشهر الثلاثة الأخيرة، بدعم روسي، من استعادة كل الأحياء الخارجة عن سيطرتها في جنوب العاصمة، وطرد الفصائل المعارضة من الغوطة الشرقية، قرب دمشق، ومن مدن عدة في محافظة حمص (وسط)، تقع جميعها على الطريق الرئيسي بين نصيب والشمال والشمال الغربي.
وتم الاحتفال رسمياً في مايو (أيار) بتشغيل القسم الواقع في ريف حمص، ثم ترميم القسم الآخر في حرستا، شرق دمشق.
وتأمل دمشق وموسكو، مع استعادة السيطرة على نصيب، في إعادة تفعيل هذا الممر الاستراتيجي، وإعادة تنشيط الحركة التجارية مع الأردن ودول أخرى، ومع لبنان، إضافة إلى إعادة تشغيل الطريق بين تركيا والجنوب السوري، وبين الساحل وشرق البلاد، وتحريك التجارة، وفك العزلة السياسية، إضافة إلى فتح شقوق في موقف الدول الأخرى التي تضع شروطاً للمساهمة في إعمار سوريا، التي تقدر كلفة الحرب فيها بـ400 مليار دولار أميركي.