القبَّار أو الكُبَر أو الأصَف أو الشفَّلح، جميعها أسماء لنبات برّي ينمو في حوض المتوسط الشرقي عموماً، ومناطق شمال غرب سوريا خصوصاً بسبب طبيعة التربة الكلسية فيها.
ويبدأ موسم “الشفَّلح” سنويًا في أشهر الصيف، مع بداية الشهر السادس وحتى بداية الشهر التاسع، حيث تعمد العديد من العائلات في ريف إدلب الجنوبي على حصاد النبتة كمصدر للرزق، فهم يقومون ببيعه ليتم تصديره لأوروبا والخليج العربي حيث يدخل في صناعتي الأدوية والمخللات.
سيف (16 سنة) لا يعرف عن تلك النبتة سوى أحد اسمها (شفَّلح)، رغم انه يعمل بقطفها بشكل يومي وعلى مدى عدة أشهر مع عشرات العوائل من نساء ورجال أطفال يتناثرون على أطراف الطرقات وبين المنحدرات وفي بعض المناطق الجبلية المنتشرة في ريف ادلب.
نزح سيف من ريف إدلب لمخيمات كللي شمالي ادلب، يقول لـ ”صالون سوريا“: ”منذ نزوحنا من بلدتنا وبعد ان خسرنا أرضنا الزراعية التي كانت مصدر رزقنا، اعتدت الذهاب مع عائلتي خلال كل موسم الصيف منذ الصباح الباكر حتى غياب الشمس وبشكل يومي لقطاف الشفَّلح، حيث أصبح مصدر رزقنا“.
وعلى أنغام الضحك والغناء أو سرد ذكريات ما قبل النزوح، تمضي العائلات وقتها على الطرقات من وإلى حقول ”الشفلح“ محاولين تناسي عناء القطف والتغلب على تعبه.
ويضيف سيف الذي يمتزج حديثه بكلمات طفولية مع مصلحات البالغين، انه لا يحب العمل بالشفَّلح بسبب صعوبة قطف ثمار القبار، ووخز الأشواك المحيطة بها والتي يصعب استخراجها من اليد. يتنهد ويتابع ” لكن وخز أشواك الشفَّلح هو أقل ألماً بكثير من حياتنا بعد النزوح“، فتصرخ أمه التي كانت تسترق السمع لمقابلتنا قائلة بلهجتها المحلية ”أشو هالنفخة يلي بتطبخ طبخة _حاج بقي مهيصة وقوم اشتغل“.
على الطرف المقابل من سيف تعمل رحمة، وهي مهجرة من معرة النعمان في ريف ادلب الجنوبي نحو مخيمات مشهد روحين بالقرب من الحدود السورية التركية، فقدت رحمة زوجها قبل عشرة أعوام، وهي تعمل مع أسرتها في جني ثمار الشفَّلح منذ سنوات.
تقول رحمة لـ”صالون سوريا“ :”معاناتنا في العمل بقطف الشفَّلح كبيرة، بدءاً من السير لمسافات طويلة، إلى العمل تحت اشعة الشمس في ظل الحر الشديد، بالإضافة إلى ذلك فإن عمليات القطاف صعبة كون النبات مليء بالأشواك، كما ينبغي علينا قطاف البراعم الناعمة، حيث يرفض التجار شراء البراعم الكبيرة كونها أقل رواجاً في أسواق التصريف، وهنا مشكلة إضافية وهي ان البراعم الصغيرة خفيفة الوزن، فمحصول قطف يوم كامل لا يتعدى الكيلو غرام الواحد حيث لا يتجاوز سعره الـ2 دولار أمريكي، وهو مبلغ قليل ولا يوازي ابدا حجم التعب والجهد المبذول“، وتضيف “لكن في النهاية لا يوجد حل ثاني أمامنا، مكره أخاك لا بطل“.
من جهته يقول حسن المحمود، وهو أحد تجار نبتة الشفَّلح، ”إن قطف هذا النبات من العادات القديمة جدا، ولكن ما اختلف اليوم هو استعمالاته، فسابقاً كان يُستخدم فقط في بعض الادوية لدى الرومان واليونانيين كما ورد ذُكر الشفَّلح في ملحمة “جلجامش” السومرية، وحتى تخزينه لليوم مازال يتم بذات الطريقة وهو وضعه بالماء والملح، ولكن تم استبدال الاواني الفخارية بالبلاستيكية“.
وبحسب محمود فان العمل في قطاف الشفلح قبل الحرب كان يقتصر على الأطفال الذين يبحثون عن عمل خلال عطلتهم المدرسية الصيفية، إضافة لبعض العائلات الفقيرة، ولكن اليوم مع سوء الأوضاع المعيشية زاد عدد العوائل الي تعمل بقطاف الشفلح.
وأدت هذه الزيادة في عدد من يعمل بالمهنة إلى هبوط سعرها بسبب وفرة الناتج وانقطاع طرق التصدير، ”فقبل عام 2011 كان التصدير يتم بالغالب نحو الخليج عبر الأردن او على أوربا عبر البحر عن طريق مرفأ اللاذقية وهذه الطرق لا يمكننا الوصول إليها، مما أدى الى اللجوء لتصدير عبر تركيا ولكن هذا يزيد التكليف علينا“ بحسب قول محمود.
وتتنوع استخدامات الشفلح الطبية فالبعض يصفه كدواء لفتح الشهية وخفض الضغط وطرد البلغم، وآخرون لعلاج زيادة التعرق وآلام الفخذ، والبواسير، كما يستخدمه البعض لعلاج الأمراض الصدرية والحساسية وسيلان الأنف وأمراض المعدة، وتستخدم أوراقه في علاج آلام النقرس والروماتيزم وآلام الظهر والرقبة، .وعلاج الأورام والكدمات، وفي تسكين الألم بشكل عام، كما يعتبر منشط جنسياً
“نحن مظلومات من ناحية الرواتب والمشاركات والتكريم، لا يتم معاملتنا مثل الرياضيين الآخرين” تقول إحدى اللاعبات؛ التي فضلت عدم ذكرها في معرض حديثها عن معاناة رياضيي/ات ذوي/ات الإعاقة في سوريا.
ويصل عدد رياضيي/ات سوريا من ذوي/ات الإعاقة إلى 1500 لاعب/ة تقريباً، حسب تصريح سابقٍ لرئيس اتحاد الرياضات الخاصة، بعد تراجع العدد مؤخراً، نتيجة ابتعاد البعض منهم عن اللعب، أو مغادرتهم/ن البلاد.
ويعاني هؤلاء اللاعبون واللاعبات من صعوبات عدّة تفاقمت في السنوات الأخيرة، منها قلة فرص التدريب والتجهيز، وما يزيد الطين بلة؛ بحسب قولهم هو العقوبات من اتحاد الرياضات الخاصة والاتحاد الرياضي العام في حال الحديث عن أوضاعهم عبر وسائل الإعلام.
ولهذا طلب كل من تحدثنا إليهم/ن إخفاء أسمائهم/ن خوفاً من العقوبة، وإبعادهم/ن عن المشاركة في البطولات.
التمييز
يعاني رياضيو ورياضيات ذوي الإعاقة بمختلف الألعاب من عدم المساواة والتعامل بالمثل مع أقرانهم/ن الأصحّاء في العديد من المجالات، رغم أن الكثير منهم/ن يحصد ميداليات عربية وآسيوية.
وتبين لاعبة ألعاب قوى -طلبت عدم ذكر اسمها- أن هناك فرقاً كبيراً قد يصل إلى أكثر من 150 ألف ليرة من ناحية الرواتب، فالأصحاء يحصلون على رواتب أعلى رغم أن إنجاز ذوي الإعاقة قد يكون مماثلاً أو أعلى كالميدالية الذهبية.
وتقول: “من يطالب بحقه تتم مضايقته، نحن مظلومون من ناحية الرواتب والمشاركات والتكريم، لا يتم معاملتنا مثل الرياضيين/ات الاصحاء”.
وتشير اللاعبة إلى أن لاعبي ذوي الإعاقة لم يُستقبلوا أو يكرموا عند عودتهم من أولمبياد طوكيو كما اللاعبين الآخرين.
وتضيف بحرقة “هذا يحز بقلبنا، هناك تفرقة ونشعر أننا لا نشبه الأصحاء وأنهم أفضل منا”.
نقص بالتجهيزات والتحضير
تفتقر الرياضة السورية إلى الكثير من التجهيزات والأدوات الخاصة برياضات ذوي الإعاقة، كما أنها غير مصممة لخدمتهم.
كذلك لا يوجد أماكن مخصصة لدخول وخروج لاعبي/ات ذوي/ات الإعاقة في الصالات الرياضية، وأدوات التدريب والمعدات قليلة والصالات تحتاج إلى صيانة.
ويبين أحد اللاعبين أن هناك تقصيراً بتحضير اللاعبين للمنافسات على الرغم من تحقيق البطولات، وعلى سبيل المثال من المفترض إقامة العديد من المعسكرات بشكل مستمر على مدار السنة، لكن هذا لا يحدث بل يقام معسكر بسيط قبل أيام عدة من أي بطولة.
ويوضح أن الأماكن التي يقيم فيها الرياضيين ضمن فنادق الاتحاد الرياضي، تعاني من قلة الاهتمام وخاصة من ناحية النظافة.
المشكلة في الإدارة
تولى السباح فراس معلا أعلى سلطة رياضية في سوريا وهي رئاسة الاتحاد الرياضي العام واللجنة الأولمبية عام 2020، خلفاً للواء موفق جمعة.
ويبين أحد اللاعبين (رفع أثقال) أنه مع قدوم معلا إلى رئاسة الاتحاد الرياضي لم يحصل أي تغيير على جميع الرياضات، وإنما أصبحت “السلطة للمال والواسطة“ بحسب قوله.
ويذكر أن مشكلة الرياضة هي “برأس الإدارة” فهم يطلبون من الاتحادات أن تسير كما يريدون، والاتحاد القوي يعمل على خدمة لاعبيه، والضعيف يهمه المنصب والكرسي وينفذ ما تطلبه الإدارة حتى وإن كان ضد مصلحة لاعبيه”.
بينما تقول لاعبة أخرى إن: “القيادة الجديدة لاتحاد الرياضات الخاصة هدفها المال وخلفها واسطة كبيرة، ولا أحد يستمع إلى هموم اللاعبين/ات، وإنما يستفيدون من المناصب والكراسي ولا يهمهم الرياضة أو الرياضيين/ات”.
من يطالب بحقه.. يطرد
تتاح العديد من المشاركات لرياضيي ذوي/ات الإعاقة في سوريا، لكن الكثير منها يُرفض أو يتأخر الاتحاد الرياضي العام بالبت بالمشاركة فيه.
وتبين إحدى اللاعبات أن حجج عدم المشاركة باتت معروفة إما ”عدم وجود قطع أجنبي، أو لا نريد أن نفتح باب انتقادات الجمهور في حال عدم تحقيق نتائج جيدة“ وتضيف “الكثير من اللاعبين/ات يحرمون/ن من المشاركات، أو تتم الموافقة على المشاركة قبل أيام من البطولة، وبالتالي لا نستعد بشكل جيد، ورغم ذلك يطالبوننا بتحقيق نتائج وميداليات، ورغم كل هذه الأمور السلبية فإن الانتقاد ممنوع”.
وعن عدم رغبتها بذكر اسمها تقول هذه اللاعبة إنها تخشى إبعادها عن المشاركات أكثر بعد أن تحدثت سابقاً، وتوضح أن أغلب اللاعبين/ات الذين ينتقدون/ن الوضع السيء تعرضوا/ن للإبعاد عن الرياضة.
كما تشير اللاعبة عن وجود إعلاميين يجملون الواقع رغم كل الأخطاء التي ترتكب من قبل الاتحاد الرياضي العام.
وتقول: “الصحفيون يجملون الواقع الرياضي المزري، ولا يستمعون لنا مهما تحدثنا لن نستفيد لأن هناك أناساً تطبل وتزمر، وعندما نفضح الفساد نُتهم بأننا نهاجم المنظمة الرياضية“.
وفعلاً فقبل مدة تحدث بعض لاعبي الملاكمة عن أوضاعهم السيئة عبر أحد البرامج التلفزيونية المحلية، ليتم ابتعادهم عن المشاركات.
لاحلول.. والباب مغلق
يقول معظم اللاعبين واللاعبات اللواتي تحدثنا إليهم/ن إنهم/ن حاولوا/ن الاجتماع مع معلا لمناقشة الأمور السلبية التي تواجههم، لكنهم/ن فشلوا /نبالدخول إلى مكتبه بسبب منعهم/ن من قبل مدير مكتبه.
وتقول إحدى اللاعبات: “لا نستطيع الوصول إلى معلا والحديث معه، ومن حوله لا يوصلون له شيئاً مما نتعرض له، ومدير مكتبه يمنعنا من الاجتماع معه”.
وأغلب اللاعبين واللاعبات اللواتي تحدثنا معهن/م يشعرون/ن باليأس، ولا يأملون/ن بأية حلول ممكنة.
تنتهي إحدى اللاعبات حديثها بالقول: “كل كلامنا لن يغير شيءً.. فقدنا الأمل.. ونشعر أننا غير قادرات على عمل شيء”.
“أنام لأهرب من الواقع والذكريات، فتلاحقني الكوابيس حتى في أحلامي” بهذه الكلمات تختصر علية الأحمد (26 عاماً) معاناتها بعد خروجها من ظلام سجنها الذي ذاقت فيه كافة أنواع التعذيب النفسي والجسدي، وتضيف متحدثة عن معاناتها لـ“صالون سوريا“: “أثناء عودتي من جامعتي في مدينة حلب تم اعتقالي من قبل أحد حواجز النظام بتهمة التعامل مع الإرهابيين والخروج في المظاهرات، إضافة للرغبة بالانتقام من أخي الذي انشق عن صفوف الجيش وانضم لفصائل المعارضة .”
وتؤكد الأحمد أنها كانت في طريق عودتها إلى محافظة إدلب مع غيرها من الركاب حين تم إنزالها من السيارة، واقتيادها إلى فرع المنطقة في مدينة حلب ثم إلى السجن المركزي، وهناك تم التحقيق معها عدة مرات، كما تعرضت للضرب والشبح والحرق والصعق بالكهرباء، لإجبارها على البوح بمعلومات عن أخيها وغيره من المقاتلين في فصائل المعارضة.
قضت الأحمد في السجن حوالي سنة ونصف قبل أن تخرج بتاريخ 5 من شهر ديسمبر من عام 2019 ، وبعد خروجها من السجن لم تعاني الأحمد من مطاردة ذكريات الاعتقال فحسب، وإنما لم تجد الرحمة في مجتمعها أيضاً. فما إن أصبحت خارج أسوار السجن وافق أهلها على تزويجها من رجل مسن يكبرها بأكثر من ثلاثين عاماً بدافع “السترة”، وحين رفضت الزواج قامت والدتها باصطحابها إلى تركيا، للعيش مع أسرة أخيها، هرباً من نظرات الناس وأسئلتهم المتكررة، فيما إذا كانت قد تعرضت للاغتصاب داخل السجن .
ليست الممرضة حنان (31 عاماً)، التي رفضت الكشف عن اسمها، أفضل حالاً، فقد واجهت ظلم زوجها والمجتمع، وعن ذلك تتحدث بالقول: “تم اعتقالي من فرع الهجرة والجوازات بمدينة حماة، وبقيت في السجن لمدة ستة أشهر بتهمة العمل في مشافي الإرهابيين، ثم خرجت مقابل مبلغ مالي دفعه أهلي لأحد ضباط النظام، وحين تنفست الحرية كنت في شوق كبير لرؤية ولدي وزوجي، ولكني تفاجأت بأنه تخلى عني وتزوج من امرأة أخرى، كما حرمني من تربية طفلي حرصاً عليه من كلام الناس و نظرة المجتمع التي ستلاحقني بقية حياتي.”
تصمت قليلاً لتلتقط أنفاسها وتستعيد حروفها وتضيف: “لم أدخل السجن بإرادتي، وبعد نجاتي من المعتقل، لم أنج من غياهب الأعراف الاجتماعية التقليدية الظالمة، ولم أجد يداً حانية تعينني على الحياة، وتجنّبني شعور الخذلان وخيبة الأمل.”
وفوق التعب النفسي وظلم المجتمع، تقع أيضاً الكثير من الناجيات فريسة الأمراض التي تحرمهن من تجاوز مرحلة الاعتقال والعودة للحياة الطبيعية، وتضعهن أمام حاجة كبيرة لتلقي الرعاية الطبية.
وئام العثمان (29 عاماً) النازحة من بلدة التمانعة إلى مدينة إدلب، اعتقلت عام 2018 في مدينة دمشق أثناء ذهابها للحاق بزوجها الذي يعمل في لبنان، ومنذ خروجها من المعتقل تعاني من مرض الصرع، وعن ذلك تقول لـ“صالون سوريا“: “تعرضت خلال فترة اعتقالي للضرب على رأسي وسائر جسدي بالأنبوب البلاستيكي الأخضر، فأصبت بمرض الصرع وآلام حادة ومستمرة في الرأس، ولا أزال أعاني منه حتى الآن، كما أعاني من ارتفاع في الضغط وتسارع في نبضات القلب نتيجة الضغط النفسي، وما عشته من ترويع وإهانة .”
وتشير العثمان أنها تتلقى العلاج لدى طبيب مختص، لكنها تعتقد أن حالتها النفسية والجسدية تزداد سوءاً يوماً بعد يوم .
وتلفت العثمان أن النساء المعتقلات في سجون النظام يتعرضن للإهانات والضرب والتحرش والاغتصاب وشتى أشكال التعذيب، ومن يكتب لهن حياة جديدة خارج غياهب السجون يعشن بأمراض وعاهات مستديمة مدى الحياة .
المختصة بالإرشاد النفسي سلام كرامي (36 عاماً) من مدينة سرمدا شمال إدلب، تشير أن الأضرار النفسية التي تلحق بالناجيات قد تستمر لمدة أطول من الأضرار الجسدية، وزوالها أكثر صعوبة، وعن ذلك تتحدث بالقول:”اتخذ النظام السوري من اعتقال النساء وسيلة وسياسة ممنهجة لقمع المنخرطين بالثورة، ولكن بعد خروجهن تواجهن سجناً أكبر ومجتمعاً قاسياً يحاول تهميشهن .
وتؤكد كرامي على أن أغلب الناجيات يعانين من الاكتئاب والإحباط والانعزال عن المحيط، إلى جانب الإصابة باضطرابات ما بعد الصدمة والشعور بعدم الرغبة بالحياة، ومنهن من يصارعن الأفكار الانتحارية .
وتشير أن النجاة الحقيقية للنساء تتطلّب دعماً كبيراً من قبل المجتمع المدني والمنظمات، فضلاً عن ”تسليط الضوء على معاناتهن ونظرة المجتمع الدونية لهن، والتأكيد على كونهن ضحايا لا ذنب لهن، ومساعدتهن على الاندماج مجدداً في المجتمع المحلي والانخراط في مجالات الحياة، وتوعية المجتمع لتغيير الصورة السلبية الاجتماعية التي تعصف بهن“.
وتقدّر “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” إن 9774 امرأة ما زلن قيد الاعتقال والاختفاء القسري في سوريا، ومنهن 8096 مغيبات في سجون ومعتقلات النظام. وتعاني العديد منهن عند الخروج من السجن من وصمة المجتمع الذي يمعن في ظلمهن، فتلاحقهن تداعيات الاعتقال اجتماعياً وأسرياً في ظل مجتمع تحكمه عادات وتقاليد تختصر شرف العائلات في أجساد النساء، وتربط الانتهاكات ضدهن بما يسمى “العار” .
“شو يلي جبرك على المر غير الأمر منه” عبارة تختصر معاناة علي الأحمد الذي لم يتجاوز الخامسة عشر من عمره، حين أُجبر على إعالة عائلته، وراح يعمل بأخطر المهن في محطات تكرير المحروقات، وهي ذات المهنة التي أدت لوفاة والده أواخر عام ٢٠٢١، حين انفجرت إحدى الحراقات على مقربة منه.
لم يسلم علي من تبعات هذه المهنة أيضاً، حين تعرض هو الآخر لحروق ناجمة عن انفجار حراقة بدائية لتكرير المحروقات في ترحين شرقي حلب في مايو/أيار ٢٠٢٢.
بحث علي طويلاً عن عمل لكنه لم يوفق، ما دفعه للعمل في تكرير المحروقات، يقول لـ“صالون سوريا“: “مع أنه الشغل فيها صعب كتير، وأبي توفى بسبب العمل فيها، وما بتفارقني لحظات حياته الأخيرة لما كان يتنفس بصعوبة، لكن كنت مضطر لأني اشتغل تحت كل الظروف”.
عن لحظات إصابته يضيف علي “كنت أعمل بين الحراقات، وفجأة غبت عن الوعي لثوان، و صحيت بعدها وفتحت عيوني وشفت النار حوالي ودخان أسود والدم ينزل مني، وسمعت أصوات الناس تصرّخ (فجرت الحراقة) فعرفت أن الحراقة القريبة مني انفجرت”.
نجا علي من الموت وأسعف إلى المشفى حيث تم تضميد الحروق والجروح في جسده المتعب، ليخرج بعد أيام إلى منزله لاستكمال العلاج بعد أن نصحه الطبيب بالراحة وعدم التعرض لأشعة الشمس مطلقاً.
يأمل علي أن يتعافى بسرعة كي يعود إلى العمل من أجل الإعالة بأمه وأخوته، وتأمين متطلبات الحياة التي باتت ”صعبة المنال“ على حد تعبيره.
وفي الوقت نفسه يحلم علي بالرجوع لمقاعد الدراسة وتحقيق أحلامه بوظيفة مستقبلية آمنة، لكنه سرعان ما يصطدم بواقعه الأليم.
أما رائد الحلاق (١٢ عاماً) فقد أصيبت قدمه بإصابة بليغة تسببت له بإعاقة دائمة حين انفجرت عليه إحدى مخلفات الحرب أثناء عمله بالبحث عن المعادن والخرداوات في مكبات النفايات.
يقول رائد أنه كان على مقربة من مكب النفايات الواقع أمام مخيمهم في البردقلي شمال الدانا بإدلب، حين رأى إحدى الكتل الغريبة، فاقترب منها وحاول لمسها لكنها انفجرت عليه وأدت لإصابته بتمزق داخل عظامه وعضلات قدمه.
لم يعد رائد قادراً على المشي بشكل طبيعي بعد التهشمات التي أدت لتضرر كبير في ساقه وقدمه جراء انفجار القنبلة التي كان يحسبها قطعة معدنية يمكن بيعها والاستفادة منها.
يعيش الطفل رائد مع أمه وإخوته الثلاثة في إحدى المخيمات بعد نزوحهم عن بلدتهم خان شيخون أواخر عام ٢٠١٩، وبات المعيل الوحيد بعد وفاة والده في القصف على مدينتهم، لكنه لم يعد قادراً على العمل بعد إصابته تلك.
المرشدة النفسية والاجتماعية أمل زعتور (٣٦ عاماً) تقول أن ”عمالة الأطفال تقتل الطفولة ويترتب عليها أضراراً نفسية وجسدية خاصة إذا عمل الطفل في مجالات لا تناسب حجمه وقدراته كالعمل على آلات ثقيلة أو استخدام وسائل حادة“.
وتشير إلى أن الأضرار النفسية التي تؤثرعلى الأطفال العاملين المتمثلة بخسارتهم لطفولتهم والعيش في حاجة وحرمان وتعب واستغلال وغياب الاستقرار والأمان.
وأوضحت أن عمل الأطفال ووجودهم دائماً في الشوارع يجعلهم على تماس مباشر مع الإنحراف والجنوح والانخراط بأعمال لا تتناسب وأعمارهم الصغيرة، مايسبب لهم إصابة أو إعاقة أو ربما يفضي إلى الموت المحتم، وسط الغياب الكلي لإيجاد الحلول أو الوقوف على حل مشاكل هؤلاء الأطفال المادية، والعمل على إعادتهم إلى مدارسهم واستقرارهم في بيئات آمنة.
ومع تدهور الأوضاع الإنسانية والتعليمية في إدلب وشمال غرب سوريا بعد مضي أحد عشر عاماً على الحرب، تسرب مئات الأطفال من المدارس وانخرطوا في الأسواق والشوارع والعمل في مهن لا تخلو من الخطورة، بحثاً عما يسد رمقهم ويساعد أهلهم على تحمل أعباء الحياة التي باتت مثقلة وخاصة مع غياب المعيل والداعم.
وتُعرّف الأمم المتحدة عمالة الأطفال بأنها أعمال تضع عبئاً ثقيلًا على الأطفال وتعرض حياتهم للخطر، وتعتبر ذلك انتهاكًا للقانون الدولي والتشريعات الوطنية، فهي إما تحرم الأطفال من التعليم وإما تتطلب منهم تحمل العبء المزدوج المتمثل في الدراسة والعمل في آنٍ واحد.
“أريد طفلاً يحمل اسمي، لقد نفذ صبري من الانتظار” بهذه العبارة كسر طارق قلب زوجته دارين (37) عاماً، التي تعاني مشكلات في الخصوبة، لتنتهي علاقة حبهما الطويلة بالطلاق، فهما غير قادران على تأمين الملايين المطلوبة لإجراء عملية طفل الأنبوب. فدارين لا تعمل و أجر طارق الزهيد الذي يتقاضاه من عمله في ورشة الخياطة بريف دمشق بالكاد يسد الرمق، ووالدته مريضة تشاركه المسكن، وهو معيلها الوحيد.
تلقي دارين اللوم على والدة طارق التي كانت تضغط عليه باستمرار ليتزوج من أخرى صغيرة تنجب لها حفيداً، تروي دارين لـ “صالون سوريا“ :”أثناء زيارتي الأخيرة للطبيب أخبرني باستحالة حدوث حمل طبيعي، وأن الأمل الوحيد لنا هو باللجوء للإخصاب المساعد، لكن طارق رفض إجراء العملية لعدم قدرته على تحمل تكاليفها المالية“، وتضيف: “من حقه أن يكون أباً، لكن لو أن المشكلة بالإنجاب عنده، لما تخليت عنه كما تخلى عني، ولما ضغط علي المجتمع لأفعل هذا”
تروي دارين تفاصيل معاناتها من حرمان الإنجاب، وهي تكره حالة الشفقة التي يظهرها المجتمع تجاهها، فتحاول أن تبدو قوية، لكن دموعها تنهمر حزناً عندما تكون وحدها.
خلطات للإنجاب
ودارين هي واحدة من مئات السوريات اللواتي أجبرهم ضعف الحال المادي على نسيان فكرة الإنجاب والأمومة، أمام التكاليف المالية المرتفعة لعمليات الإخصاب المساعد، إذ تنتظر ديمة (35) عاماً “معجزة سماوية ” تحقق حلمها بعد أن قررت التوقف عن متابعة علاجها عند الطبيب المختص، فهي لم تعد قادرة على إنفاق المزيد من الأموال لإتمام الرحلة.
بدلاً من ذلك لجأت ديمة للعطارين المختصين بتركيب خلطات عشبية بهدف المساعدة على الإنجاب، وهي تواظب على قراءة الأدعية والأوردة التي نصحتها بها إحدى الصديقات.
تشرح ديمة لـ “صالون سوريا ” :“الطبيب أخبرني أن احتمال نجاح طفل الأنبوب في حالتنا لاتتجاوز الـ5 % فقط، ومع أني أتوق شوقاً لاحتضان طفلي بين ذراعي، وأشعر بالأسى عندما تخفي جارتي أطفالها عني، ظناً منها أنني قد أحسدهم، ولكني لن أغامر بالمال مقابل هذه النسبة الضعيفة“.
بورصة الأطفال
و ازدادت مؤخرا مشكلات الخصوبة في المجتمع السوري ”وذلك نتيجة تأخر سن الزواج والرغبة بتأخر الإنجاب، إضافة إلى الملوثات البيئية والسموم المهنية وطرق التغذية الحديثة“، بحسب ما أشار إليه الدكتور مروان الحلبي مدير مشفى الشرق للإخصاب في إحدى مقابلاته لوسائل إعلام محلية، لافتا ًإلى عدم وجود إحصائية دقيقة لنسب العقم في سوريا، لكنها و بشكل تقريبي تتراوح مابين 13 ـ 18%من جميع الزيجات التي تحصل بحسب مواد صحفية.
و تبدو ملك (43) عاما من المحظوظات في هذه الإحصائية، فالوضع المالي الجيد لزوجها منحها فرصة لتحقيق حلمها بالإنجاب، و أصبحت أماُ لطفلة بعد تجارب عديدة فاشلة لعمليات أطفال الأنابيب، وبعد انتظار دام 16 عاماً.
وبحكم خبرة ملك الطويلة في تجارب أطفال الأنابيب، فهي تعرف جيداً التقلبات الكبيرة التي طرأت على أسعار عمليات أطفال الأنابيب. فقبل الأزمة كانت تترواح تكاليف هذا الإجراء مابين 100-150 ألف ليرة، وفي الخمس سنوات الأولى من الأزمة في سوريا وصلت التكاليف لحوالي 600 – 750 ألف، ثم ارتفعت لتصل لما يقارب المليون ليرة. وفي عام 2021 بلغت ما يقارب 5-7 ملايين ليرة ، وهذا العام قفزت تكاليف العملية لتسجل رقماً قياسياً وصل لـ 10 ملايين ليرة سورية .
يعزي الدكتور زياد رمضان إخصائي نسائية وتوليد ارتفاع تكاليف هذه العمليات إلى الواقع الذي فرضته الأزمة، وارتفاع سعر الصرف، فجميع المواد الأولية الداخلة في هذا الإجراء الطبي مستوردة, بدءاً من الإبرة وانتهاء بالأواسط الزراعية، لافتاً إلى أن التكاليف الإنتاجية العالية لهذه المواد ربما تكون أحد أسباب العزوف عن تصنيعها محلياً، ويرى أن ”التكلفة لاتزال مقبولة مقارنة بالدول المجاورة لكن الدخل المالي المتواضع للمواطن يجعل كل شيء مرهقاً له“.
حلول بديلة
تطرح ليلى العاملة في مجال الخدمة الاجتماعية فكرة استبدال تكاليف عمليات الإخصاب المساعد وكل ما يرافقها من قلق بكفالة أطفال أيتام ممن فقدوا أهلهم نتيجة الأحداث التي شهدتها البلاد. أما زميلتها ديمة فتطالب بوجود جمعيات خيرية أو مشافي حكومية تتولى مساعدة الأزواج اللذين لا يملكون المال لإجراء عمليات أطفال الأنابيب بأسعار مقبولة، ولمنع استغلالهم من قبل المراكز الخاصة والمتاجرة بأحلامهم.
وقبل اندلاع الحرب في سوريا تم افتتاح شعبة طفل الأنبوب في مشفى التوليد الجامعي الحكومي، ولكنها أغلقت بسبب سفر الطبيب المسؤول عنها، ورغم التصريحات المتتالية من قبل كل إدارة جديدة تتولى المهام بالمشفى عن عودة افتتاح قريبة، غير أن الأمر لم يخرج عن نطاق التصريحات الإعلامية حتى اللحظة.
ويوجد مقابل شعبة طفل الأنبوب الحكومية المتوقفة عن العمل، حوالي 40 مركزاً خاصاً بالإخصاب المساعد، وقد حدد القرار التنظيمي رقم/ 18 / الصادر عن وزارة الصحة لعام/ 2008 جملة من الشروط للحصول على ترخيص لافتتاح هذه المراكز، من بينها انه لايجوز اللجوء إلى الإخصاب المساعد إلا بالنسبة لزوجين على قيد الحياة وبواسطة أعراس (أمشاح ) متأتية منهما فقط، ويحظر الإخصاب الطبي المساعد بقصد الحصول على بويضات ملقحة بغية استعمالها لغايات تجارية أو صناعية أو بقصد الدراسات والأبحاث. ويجوز بموافقة الزوجين معا الكتابية الحصول على بويضات ملقحة زائدة وحفظها بهدف إجراء محاولة جديدة لإعادة عملية الزرع غير أنه في حال وجود أعراس (أمشاح ) أو مضغ فائضة يمكن للزوجين المطالبة كتابيا بإتلافها أو حفظها بالتجميد ويحظر التبرع بالأعراس (الأمشاح ) والبويضات الملقحة في إطار الإخصاب الطبي المساعد، ولايجوز استعمال رحم امرأة أخرى لزرع البويضة الملقحة .
في السادسة من عمرها، كانت نيفين (21 عاما) ترتدي زيها المدرسي بانتظار والدها الذي اعتاد على إيصالها إلى مدرستها، لكنه في تلك المرة لم يأتي.
تروي نيفين لـ“صالون سوريا“: “بعد وفاة والدي بحادث سير، تنقلت أنا وأختي الصغرى بين منزل جداي، وعندما تفاجأت أمي بحملها بأخي الذي ولد مصاباً بالشلل الدماغي، لم تستطيع تكبد مصروفنا جميعا، فاقترحت عليها إحدى صديقاتها إيداعنا في الدار، على أن تبقى أمي مع أخي للعناية به لحاجته إلى الرعاية المضاعفة“.
”الوصم“ هو أبرز التحديات التي تواجهها فتيات الدار، مع انتشار نظرة نمطية لهن في المجتمع، تشوبها الاتهامات القاسية، أولها الرسوب الدراسي، الأمر الذي تنفيه نيفين بالقول: “أدرس تصميم الأزياء، وتعلمت الرسم في معاهد خاصة، كما أطمح لإكمال دراستي والتسجيل في الجامعة الافتراضية قسم إدارة الأعمال، لا تعنيني نظرة المجتمع لي، بالرغم من أنني كنت محظوظة بأصدقائي الذين لطالما أحبوني و لم يسيئوا لي بنظراتهم المريبة، سأبقى مجتهدة على الدوام“.
وتختم نيفين بقولها “أنا فخورة أنني بنت الدار”، توافقها في الرأي نيرمين (22 عاما) التي تدرس الصيدلة، إذ تّكن الشابة مشاعر الامتنان للدار. تقول نيرمين :” تستهويني التركيبات الكيماوية والمواد الداخلة في صناعة الأدوية، دخلت الفرع لمحبتي الكبيرة به“. لم تسمح نيرمين لظروفها العائلية القاسية بالتأثير على مستقبلها، إذ عاشت تجربة “كفالة اليتيم” مرتين في حياتها ، عن هذا تشرح الشابة:” في عمر الرابعة، وقع الطلاق بين والداي، فتخلى أبي عني، بينما أمي أصيبت بالمرض ولم تعد تستطيع الاعتناء بي، فقامت جدتي بإيداعي عند أسرة غريبة تكفلت بي، عشت معهم إلى سن البلوغ في الثالث عشر من العمر، حينها أودعوني بدار الرحمة، لأن وجودي لم يعد مقبولا في ظل وجود 3 شبان في المنزل، وأنا أعيش هنا منذ تسع سنوات”. وعن تعامل المجتمع توضح نيرمين “عند ارتيادي المدرسة والجامعة، هناك من يعتبر أن وضعي الاجتماعي تهمة، ويتوجب عليّ الدفاع عن نفسي، لكني لا ألقي لهم بالاً، اتصرف بشكل طبيعي، عليهم تقبلي وانتهى الأمر”. وتتطلع الشابة لإكمال دراستها في الخارج إذا ما سمحت لها الفرصة عبر التقديم إلى منح دراسية مجانية، أما آية (20 عاما) فاختارت دراسة مجال التعويضات السنية بعد حصولها على الشهادة الثانوية، وقررت دراسة هذا الفرع عندما كانت تذهب برفقة والدتها التي كانت تعمل كمساعدة مخبري أسنان، وبعد أن انقطعت أخبار الزوج عنها وتم تهجيرهم من الغوطة الشرقية عاشت آية وشقيقتها مع أمها لمدة عامين إلى أن تزوجت ”فأودعتنا في دار الرحمة، ولم تعد تستطيع تحمل نفقاتنا، لكنها تزورنا على الدوام” تقول آية مضيفة ” أعلم جيدا أنني لو كنت مع والدتي ، لما وصلت إلى هذه المرحلة الدراسية، فتقاليد وعادات منطقتنا بالية جدا، لُحرمنا من التعليم، وأُجبرنا على الزواج، على غرار صديقاتي في الحي”.
دار الرحمة لرعاية الأيتام
تأسست دار الرحمة لرعاية الأيتام في عام 2007، وهي تابعة لجمعية الأنصار الخيرية التي افتتحت أبوابها عام 1995، بدأ عمل الدار باحتواء البنات في خطوة أولية، لكنه بعد سنوات شمل البنين أيضاً. مديرة دار الرحمة براءة الأيوبي تقول لـ“صالون سوريا”: ”مع بداية اندلاع الحرب في البلاد، كانت تقصدنا عائلات وأسر مكونة من فتيات وذكور، وعملنا كان يقتصر على استقبال الإناث فقط، من هنا بدأنا التفكير بإنشاء فرع للذكور، وبالفعل قمنا بذلك وأسسنا قسم خاص بالذكور الذين تتجاوز أعمارهم العاشرة ممن فقدوا ذويهما أو أحدهما، سواء بالموت أو في عداد المفقودين”.
ومن الحالات التي تستقبلها الدار أيضاً، هي حالات اليتم الاجتماعي، ويقصد به أن يعيش الطفل/ة في بيئة غير سليمة وتهدد حياته بالخطر، بسبب معاقرة أحد الأبوين للكحول أو المخدرات ، أو إصابته/ا بالمرض العقلي والنفسي الذي يشكل خطرا على الأطفال. إلى جانب عدم توافر القدرة المالية لإعالة الطفل، أو تخلي الوالدين عنه.
وتلفت الأيوبي إلى وجود ما يسمى بنظام “وديعة الطفل”، حيث يقوم أحد الوالدين أو كليها بإيداع طفلهم عند الدار لفترة غير محددة الأجل، لأسباب قاهرة قد تكون مرض أو سفر أو سجن، ثم يعود الوالدين لاسترجاع طفلهما بعد تغير الظروف،
ويخضع دار الرحمة لمجموعة من القوانين الصارمة من حيث مواعيد النوم والدراسة والاستيقاظ ومشاهدة التلفاز والاستراحة، كما يمنع استخدام الإنترنت، إلا لطالبات الجامعة. تحتوي الدار على عدة شقق، لتستوعب كل شقة حوالي 15 طفل وطفلة تتراوح أعمارهم من الأشهر الأولى إلى المرحلة الجامعية.