بواسطة Maha Rabah | مايو 31, 2021 | Reports, غير مصنف
أنهى أحمد العمر دوامه في معهد “البيادر” الخاص في مدينة معرة مصرين، لينتقل الآن إلى “المعهد التخصصي” في بلدة كللي شمال ادلب ليدرس مادة الفيزياء والكيمياء لطلاب الثانوية العامة الفرع العلمي.
أحمد كما المئات من الطلاب، اتجهوا للدراسة في المعاهد الخاصة في الشمال السوري بالفترة الأخيرة، نتيجة تدهور العملية التعليمية بسبب ظروف الحرب، إذ تساهم هذه المعاهد برفد التعليم، ويدرّس فيها العديد من الأساتذة المعروفين في مختلف المواد، أغلبهم من النازحين.
منهم المدرس أحمد العمر، الذي نزح من مدينة حلب بسبب استيلاء قوات النظام عليها عام 2016، يقول أحمد :“ بعد أن انقطع الدعم المادي عن التعليم، لم يبق رواتب للمدارس العامة والحكومية بسبب الحرب، فقررت أنا ومجموعة من زملائي المدرسين أن ننشئ معهداً لتعليم المراحل الأساسية كالشهادة الإعدادية والثانوية، واعتمدنا فيها على تأسيس الطالب بالمعلومات الأساسية إضافة لمنهاجه الجديد كي يعوض فترات الانقطاع عن المدرسة ”
تتوزع هذه المعاهد على كافة المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة، فبحسب دائرة التربية والتعليم يوجد في إدلب نحو مائتي معهد خاص تم ترخيصها من قبل مديرية التربية، إضافة لخمسة وعشرين معهدا لاتزال قيد الترخيص، و”نظرا لأن هذه المعاهد تحظى بقبول واسع، فقد تم تقديم وتسهيل حصولها على التراخيص المطلوبة من قبل مديرية التربية” بحسب تصريح المديرية.
وبالإضافة لمساعدة الطلاب، ساهمت المعاهد الخاصة بخلق فرص عمل لعشرات المدرسين، يقول المدرس جمال وهو مدرس لمادة الرياضيات من مدينة الدانا أنه تعاقد مع عدة معاهد خاصة بآن واحد، محاولة منه لإيجاد عمل يؤمن من خلاله مصروفاً لعائلته، ويوضح جمال “ان ازدياد أعداد المعاهد الخاصة نابع أساسا من رغبة الأهالي بتعويض الفقد التعليمي لأولادهم، وتحسين ظروفهم التعليمية التي تضررت بسبب الحرب”.
ولا تقتصر الدراسة في هذه المعاهد على ميسوري الحال، فالبرغم من أن هيا، 16عاما، تقيم مع عائلتها في مخيم للنازحين إلا أن فقر الحال لم يمنع والديها من تسجيلها في المعهد الخاص، فقد باعت أمها ما تملكه من مصاغ لتسديد أقساط المعهد.
وتختلف اقساط التسجيل بين معهد وآخر بحسب عدد الطلاب، وتجهيزات كل معهد والميزات التي يمنحها للطلبة، بحسب مدير معهد التخصصي في بلدة كللي الأستاذ مصعب عربو، وتبلغ رسوم التسجيل لمعهده ب 175 دولاراً لطلاب البكلوريا العلمي و 150دولاراً لطلاب البكلوريا الأدبي و100دولار لطلاب الشهادة الاعدادية.
ويوضح عربو بأن “هذه الأقساط تستعمل لتغطية أجار المعهد، وكلفة تجهيزه وأجور المدرسين والدعم اللوجستي اللازم للعملية التعليمية”، وتتقاضى المعاهد الخاصة رسوم التسجيل مباشرة لكن معاهد أخرى تقبل بتقسيطها على أشهر الدراسة تسهيلا لدفع الرسوم.
تقول هبه وهي طالبة بكلوريا إن الذي شجعها على التسجيل في معهد كللي الخاص “هو القسط المريح الذي يتوزع على أشهر حيث تدفع 17 دولاراً كل شهر فقط”.
ويختلف عدد الطلاب بين معهد وآخر بحسب القدرة الإستيعابية للمعهد، وحسب مهارة المدرسين المشرفين عليه، حيث يتفاخر الأستاذ عمر بالعدد الكبير من الطلاب الذين يدرسهم، ويرجع هذا لسمعته الحسنة في مهارته لإيصال المعلومات إلى طلابه بشكل مبسط، ويقول “أقوم بتدريس مادتي الفيزياء والكيمياء لأربع شعب في معهد واحد ناهيك عن المعاهد الأخرى التي أتعاقد معها للتدريس”.
اضطرت بعض المعاهد إلى النزوح بكوادرها مع الأهالي بعد الهجمة على ريف إدلب الجنوبي، وسيطرة النظام على أجزاء منها، أحمد تعتاع مدير معهد الهدى في كفرنبل يقول :“ بالرغم من أننا نقلنا مقر معهدنا إلى إدلب المدينة إلا أن الإقبال عليه لايزال ممتازا، خاصة وأننا تعاقدنا مع كوادر تدريسية جيدة مما شجع الطلاب على الإقبال للتسجيل”، ويوضح تعتاع أن السبب الرئيسي الذي يقف وراء إقبال الطلاب على هذه المعاهد هو : أسلوبها وطريقتها بالتدريس الذي يختلف عن اسلوب المدارس العامة، حيث تبدأ دوامها قبل العام الدراسي، وتقوم بمراجعة المعلومات السابقة قبل البدء بالمنهاج الجديد، مما يساعد الطالب على فهم واستيعاب المعلومات الجديدة.
كما يجري التعتاع وزملاؤه اختبارات مستمرة، لمراقبة استيعاب الطلاب للدروس قبل نهاية العام الدراسي، ويجري لهم امتحانا رئيسيا مشابها للامتحان العام الوزاري، بهدف إدخال الطلاب لأجواء الامتحان، “ليعرف الطالب مستواه بشكل أفضل مما يدفعه لمضاعفة جهده” بحسب قوله
ولتشجيع الطلاب تقوم إدارات هذه المعاهد بتكريم المتفوقين من الطلاب، فقد تم تكريم 31 طالبا عام 2020، من بين المكرمين طلاب حصلوا على المجموع التام أو نقصتهم درجة واحد في معهد “الهدى” مثل عائشة خطيب، من بلدة كللي وهي تدرس في جامعة إدلب، التي تمكنت بفضل “المعهد التخصصي” من تحقيق حلمها بدخول كلية الطب البشري.
بواسطة طارق علي | مايو 28, 2021 | غير مصنف
من صاحب شركة رائدة في صناعة الديكور ومعدات المطابخ إلى عامل في سوق الهال، ومن ثم صاحب بسطة دخان، إلى مستأجر لمحل صغير بعد أن تمكن من جني مبلغ صغير نتيجة تنقله في عدة أعمال، مما مكنّه من جمع المبلغ بالتشارك مع صديق له لافتتاح محل صغير لبيع زينة الهواتف النقالة، هذا ملخص رحلة زين مع الحرب.
الرحلة التي مرت بعشرات المطبات، أولها تدمير شركته في عام 2011 في حي دير بعلبة الحمصي وكذلك منزله، بعيد اندلاع المعارك هناك، ومن ثم ليبدأ رحلة حياته من جديد، الرحلة التي اعتقد أنه انتهى من بناء مقوماتها يوم عاد من الخليج إلى سوريا في عام 2007. لتحول الحرب مستقبله الذي كان ينمو ويزدهر إلى أثر، فقد حطمت الحرب أحلامه وأعادته تحت خط الصفر.
كان الاقتصاد السوري ينمو بوتيرة جيدة نسبياً، مما جعل الاستثمار في المشاريع الصغرى والصغيرة والمتوسطة فعالاً، أما الحديث عن المشاريع الاستثمارية الضخمة، فهذا بحث آخر وهو شائك للغاية، فرجال أعمال ما قبل الحرب كانوا بمعظمهم شركاء بالقوة في أي مشروع جديد في بلدهم، أما بعد الحرب، فلم يختلف الحال كثيراً، فالأثرياء الجدد حلوا محل القدامى، وبات لهم من كل استثمار نصيب.
لا يغْلَبُ الصحفي السوري إذا أراد الحديث عن قصص الناس في الحرب، بل إنّ هناك مقولةً يتداولها الصحفيون بكثرة خلال تحضيرهم لإعداد فكرة ما، مقولةٌ تنص على أنه تحت كل حجر في بلادهم ثمة قصة، وعلى بساطة القول، إلا أنّه يخفي ما يخفي خلفه من قفز فوق حال الوجع الذي صار عنواناً لمشهدية تتكرر في كل مدينة، كل حي، وداخل كل منزل أيضاً، فهل ثمة سوري لم تتغير حياته في سنوات الحرب الطويلة والمريرة؟
أحلام مُدمّرة..
تقول سماح، وهي مهندسة مدنية في دمشق إنها لم تكن تتخيل أن يصل بلدها إلى ما وصل إليه، و تضيف: “كانت أحلامي كبيرة حين تخرجت من الجامعة، وظيفة دولة براتب ممتاز يساوي بضع مئات من الدولار، وبدأت أخطط كيف سأشتري سيارة بالتقسيط، وكذلك منزلاً، وكيف وكيف وكيف، ولكن الحرب عاجلتنا وسرقت طموحنا وآمالنا، اليوم أذهب لعملي وأعود بباصات النقل الداخلي، راتبي ينتهي في أوائل أيام كل شهر، كنت أسعى لأكون علامةً فارقة في مجتمعي، وكنت أنظر للمجد الذي ينتظرني، وكيف أنّ ابنة المزارع الفقير ستتطور حياتها بشكل لافت وسريع، ولكن، الآن، صغرت أحلامي كثيراً، صار حلمي أن أعثر على مقعد في باص النقل الداخلي الذي أستقله إلى مكان عملي”.
حلمت منال ذات العشرين عاماً دائماً أن تكمل تعليمها، ولا زالت تحلم، لولا أنها الآن أم لطفلين، منال التي تربي أطفالها وترفض الاعتراف أنّها صارت أما، إذ تعتبر أنها فجأة وجدت نفسها بين أحضان رجل يكبرها بعشرين عاماً، الفتاة المنحدرة من دوما زوّجها أهلها بالإكراه إبان سيطرة جيش الإسلام على الغوطة الشرقية لقريب والدها، “كنت متفوقةً في دراستي، وكنت الأولى على مدرستي الابتدائية، ولكن مع تقدم الحرب انقطعتُ عن الدراسة مكرهةً، وفجأة وجدت نفسي متزوجة من رجل لا أحبه، أنا أساساً لم أكن أعرف ما هو الحب، كيف لفتاة صغيرة أن تعرف ما هو الحب والزواج والارتباط، أنا الطفلة التي كانت كلما سألتها معلمتها ماذا تريدين أن تصبحي حين تكبرين كنت أقول بكل ثقة طبيبة، طبيبة، حقاً كنت أقول ذلك، أما الآن فكل شيء انتهى”، تقول منال.
المتفوق المتنازل عن حلمه
أما سليمان حامد، مهندس الميكانيك الذي تخرج من جامعته بدرجة امتياز فيقول “كنت أنتظر بفارغ الصبر أن أتخرج من الجامعة وأسافر إلى أوروبا لأعمل هناك، ولكن فجأة وجدت أن طريقي إلى أوروبا سيكون عبر (البلم)، وغالباً سأغرق في طريقي البحري تهريباً إلى اليونان، الآن أنا بأفضل حال، لأنني تصالحت مع فكرة أني صرت لاشيئاً، وأن مستقبلي انتهى، الآن أفكر كل يوم لأي شركة منتجات غذائية سأقدم سيرتي الذاتية الفارغة من الخبرة العملية ليوظفوني بمئة ألف ليرة سورية، في اختصاص غير اختصاصي حكماً، ربما محاسباً، وربما عاملاً، اليأس يفعل أكثر من ذلك”.
شوفينية التفرد بالألم
يبدو الإيجاز أكثر الأمور منطقية في الحديث عما تغير في حياة السوريين خلال الحرب، الأجدى أن نقول: ما الذي لم يتغير؟. الحرب لم تتسبب الخسارات الجسدية وحسب، بل أيضاً خسارة الأمنيات والأحلام والآمال، فقتل الحلم هو ذاك النوع من القتل الذي تصير حياة الأجيال المتواترة بعده أكثر تعقيداً و حدةً، فالدم يجيء بالدم، والكره بالكره، والحزن بالحزن، والفقر بالفقر، كل شيء يجيء بمرادفه، إلا الماضي –وإن كان جميلا- وهذا عينه موضع شك، لكنه على الأقل أفضل من الحاضر، إلا أنّه لن يجيء بالمستقبل المنشود.
الأسى الذي عاشه السوريون في عشرة أعوام، لا يبالغون حين يقولون عنه إنّه ما مر شبيه له في التاريخ الحديث، فالحرب تخلق الشوفينية، وهي شوفينية سلبية بالتأكيد، إنها من النوع الذي يتآمر مع الحاضر على الناس، على قاعدة أنّ ما لم تخربه الحرب ستخربه آثارها النفسية الهائلة في النفوس.
السوري بات سقف طموحه جرة غاز، عشرين ليتراً من البينزين، مئة ليتر من المازوت، ربطة خبز، صاحب بقالية لا ينصب عليه، تأمين قوت عياله، وكذا صارت أحلام الناس في البلاد، حقيقةً هي كوابيس، كوابيس يتمنون أن يصحوا منها ليجدوا أنفسهم في عام 2010.
بواسطة Hadia Al Mansour | مايو 26, 2021 | News, Reports
تتأمل مرام حاج موسى (٢٥عاماً) طفلها رائد بحرقة وحزن، فرغم أنه بلغ العامين من عمره إلا أن حجمه ووزنه يوحيان بأن عمره لا يتجاوز ستة أشهر فقط، عيناه غائرتان وجسده نحيل، وبشرته جافة، وهو لا يكف عن البكاء المستمر.
تقول حاج موسى إن طفلها أصيب بمرض سوء التغذية منذ نزوحهم من بلدة تلمنس بريف إدلب الجنوبي بعد العمليات العسكرية التي شنها نظام الأسد على تلك المناطق، وابنها “لا يكاد يتحسن حتى يعود إليه المرض، نتيجة الفقر والأوضاع المعيشية القاسية التي تواجهنا في مخيمات النزوح شمال إدلب” بحسب قولها.
ويشهد الشمال السوري الخارج عن سيطرة النظام زيادة ملحوظة في حالات وأمراض سوء التغذية ومضاعفاتها الإجتماعية والنفسية، وهي تلاحق فئة الأطفال بشكل خاص، نتيجة عدم حصولهم على القدر الكافي من الغذاء اليومي بسبب الفقر والغلاء وتراجع الخدمات الطبية الأساسية.
وتوسعت الظاهرة نتيجة غلاء أسعار الحليب وعدم قدرة الأهالي على تأمينه لأطفالهم، واللجوء لبدائل كالنشاء والأرز المطحون وغيره من الممارسات غير السليمة لتغذية الأطفال والرضع.
بعد محاولات عدة لم ينجح النازح رامي الحلاق (٣٣عاماً) من تأمين حليب الأطفال لطفلته الرضيعة راما البالغة من العمر ثمانية أشهر إذ يقول” عملي متقطع وغير دائم، أبدأ بالعمل في مجال البناء المرهق منذ ساعات الصباح الباكر وحتى نهاية اليوم، مقابل أجر زهيد لا يتجاوز ال٢٥ ليرة تركية في اليوم، وهي لا تكفي لشراء الخبز وبعض الخضار لعائلتي الذين ينتظرون عودتي بما يسد رمقهم، فكيف لي أن أشتري علبة حليب الأطفال المرتفعة الثمن؟ والتي يبلغ سعرها أجر يوم كامل، وهي لا تكفي الطفل أكثر من ثلاثة أيام فقط”.
ويضيف رامي أن أوضاعهم المعيشية داخل المخيم “صعبة جداً ” فالمواد الغذائية لم تصلهم منذ قرابة السنة، فضلاً عن شح مياه الشرب، والبطالة المنتشرة بين رجال المخيم وشبابه، الذين باتوا بمعظمهم يعيشون على ما تقدمه بعض المنظمات الخيرية “التي تمر بالمخيم مرور الكرام” على حد تعبيره.
ويشير رامي إلى أن الدعم” قليل جداً لا يكاد يسد احتياجات عدة عائلات، والخضار والفواكه، كما غدت اللحوم حلماً لمعظم ساكني المخيمات”.
ومرض سوء التغذية هو مصطلح يستخدم للتعبير عن وضع لا يحصل فيه الجسم على كل المواد الغذائية الأساسية التي يحتاجها أو على جزء منها، ليتمكن الجسم من القيام بوظائفه بصورة طبيعية مثل البروتينات والفيتامينات والدهون والمعادن، أو بسبب سوء امتصاص المواد الغذائية الموجودة في الطعام رغم توفر الكمية والعناصر المطلوبة، وتتراوح حدة سوء التغذية بين الطفيفة وبين الحالات الشديدة التي تسبب أضراراً غير قابلة للإصلاح.
وعن سبب إنتشار سوء التغذية في إدلب والشمال السوري المحرر تقول نسرين مناع (٣٢ عاماً) رئيسة شعبة الصحة المجتمعية والتغذية في مديرية الصحة بإدلب “إن لمرض سوء التغذية أسباباً عدة قد تكون ناتجة عن اضطرابات استقلابية أو الآفات العضوية، اضطرابات نفسية، عادات غذائية سيئة، إنتانات مزمنة وخاصة الإنتانات العضوية، أيضاً بعض الأدوية ممكن أن تكون سبب نقص التغذية ومنها المضادات الحيوية والسيتروئيدات لأنها تزيد من حاجة الجسم للمغذيات”.
وتضيف نسرين الأسباب المعيشية “وهي الأهم كالفقر والنزوح في البلدان التي تشهد حروباً وكوارث كمنطقتنا التي تشهد حرباً شعواء منذ أكثر من عشر سنوات” بحسب قولها.
وعن مدى خطورة المرض توضح أنه يعتبر من أهم أسباب الوفيات عند الأطفال، ويؤثر نقص التغذية على الأداء المعرفي والمدرسي عندهم، وله تأثير سلبي على الصحة الذهنية والنشاط البدني وعدم القدرة على العمل بشكل جيد، وهو يصيب كافة الفئات العمرية وبالأخص الأطفال حديثي الولادة، وقد ينتح عن سوء التغذية أمراض عدة منها الكساح وضعف النمو، ضمور الدماغ، هشاشة العظام، تضخم الغدة الدرقية وفقر الدم.
وعن إجراءات مديرية الصحة في إدلب لاحتواء المرض والحد منه تقول المناع “إن مديرية الصحة تتعاون مع المنظمات الشريكة لتأمين أماكن لمعالجة سوء التغذية، سواء ضمن المراكز الصحية أو بمراكز خاصة بسوء التغذية وتأمين المغذيات والمكملات الغذائية وتعمل على إجراء المسح الدوري لمرض سوء التغذية من خلال فرق الصحة المجتمعية التي تحول الحالات المكتشفة إلى العيادات الخاصة للبدء بعلاجها”.
وقد أحصت منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة”، أكثر من 800 إصابة بمرض سوء التغذية، غالبيتهم يعانون من سوء التغذية الحاد وبحاجة إلى دخول المشفى بشكل سريع، وكل ذلك نتيجة سوء الأوضاع الإنسانية والطبية في المخيمات.
وبحسب منظمة الأمم المتحدة فقد تم تسجيل ٣٤ إصابة من أطفال الشمال الغربي في سوريا بحالات تقزم بسبب سوء التغذية وأن أكثر من ٨٠٪ من سكان المنطقة لا يتقاضون أجور تغطي احتياجاتهم.
بواسطة عامر فياض | مايو 24, 2021 | Reports, Roundtables
* تُنشر هذه المادة ضمن ملف صالون سوريا “في العقد الجديد، إلى ماذا يشتاق السوريون؟“
كانوا أطفالاً حين بدأت الحرب، كبروا وتربوا على ثقافتها التي حرمتهم من بناء ذاكرة وطنية حقيقية، فلم تحفل ذاكرتهم سوى بصور الموت والدمار وشتى أنواع المعاناة، ولم يتبلور لديهم أي انتماء راسخ لسورية الواحدة، ذات الهوية الجامعة، فسورية التي عرفوها خلال الحرب ليست كتلك التي عرفتها الأجيال التي سبقتهم، حيث ضاق مفهوم الوطن لدى الكثير منهم، وكانت سورية بالنسبة لبعضهم، خلال الحرب، لا تتعدى حدود محافظتهم، التي لم يغادروها، أو حتى حدود مدينتهم.
“لم أتعرف إلى سورية سوى من خلال نشرات الأخبار والصور ومقاطع الفيديو. أشعر أن معظم المحافظات السورية أماكن غريبة عني، لا يربطني شيء بها وكأنها من بلاد أخرى. يتحدث أبي وأخوتي الكبار عن سورية بكثير من الحب والحنين ويسردون لي الكثير عن جمالها وسحرها وتنوعها وعن أجواء الألفة والمحبة والتآخي التي عاشوها في أغلب المحافظات، حيث زاروها مراراً وتكراراً قبل الحرب، بمدنها وقراها، التي كانوا يرونها مكاناً واحداً رغم اختلاف جغرافيتها، وبالمقابل لم أكن أشعر بالأمان، خلال الحرب، حتى في مدينتي، وكان سقف حلمي أن أتعرف إلى أحياء دمشق القديمة”. هذا ما يقوله الطالب الجامعي أنس (22 عام) الذي كان في الصف السادس حين بدأت الحرب، ويضيف “لم أغادر دمشق سوى في رحلة سريعة إلى اللاذقية منذ عامين وكانت أول مرة أتعرف فيها على مكان خارج دمشق. الغوطة القريبة منا والتي قرأت وسمعت الكثير من الروايات عن جمالها وتغني الشعراء بها، لم أتعرف عليها سوى كمكان للموت والدمار، وأحزن حتى من ذكرها. ببساطة كبرت وأنا أشعر أن سورية هي مدينة دمشق فقط”.
إسراء (20 عام) التي نزحت بعمر الحادية عشر لا يذكرها اسم سورية سوى بالألم والمآسي. والوطن بالنسبة لها هو عائلتها فقط، وتبرر ذلك بقولها : ” منذ طفولتي لم أرَ سوى الحرب التي قتلت أبي والتهمت كل شيءٍ حولنا، وحين نزحت وعائلتي من الغوطة إلى دمشق، شعرنا بغربة كبيرة وعشنا ظروفاً قاهرة، من المعاناة والحرمان والسكن البائس، أجبرَت أخوتي على ترك الدراسة والتوجه نحو العمل والتسول أحياناً، ليساعدوا العائلة في تأمين لقمة العيش المريرة”.
وتضيف: “في المدرسة، بعد نزوحنا، لم أكن أشعر أنني كباقي الطلاب، فالفروق الطبقية كانت واضحة للغاية، بين طلاب أثرياء جداً وآخرين غارقين بالفقر، حتى أن بعض زملائي كانوا ينظرون إلي بعين الشفقة والدونية أحياناً، وهم يرون حقيبتي الممزقة وثيابي الرثة، وعجزي حتى عن شراء قطعة بسكويت أو سندويشة فلافل. تركت الدراسة وأنا في الصف الثامن وتوجهت للعمل في معمل لخياطة الألبسة، وما زلت أزاول هذا العمل حتى اليوم، في ظروف من القهر والاستغلال”.
ونتيجة لذلك الواقع تقول إسراء “لم أشعر حتى اليوم بأي انتماءٍ حقيقي لمكان إقامتنا الحالي وبالمقابل حين أتذكر قريتنا في الغوطة تمتزج ذكريات طفولتي بصور الحرب فلا أشعر بأي حنين إليها”.
عندما أهديت محمد (16 عام) عامل توصيل الطلبات، كتابين لليافعين عن حضارتي أوغاريت وتدمر، كانت صدمتي كبيرة، فحين نظر إلى صورة الغلافين تساءل: هل تقع هذه الأماكن في سوريا؟. محمد الذي نزح مع عائلته إلى مدينة جرمانا بعمر السادسة، لم يرَ منذ ذلك الوقت شيئاً من سورية سوى الحارة التي يسكنها وبعض شوارع المدينة والسوبر ماركت الذي يعمل به منذ نحو خمس سنوات، هو أيضاً لا يجيد القراءة والكتابة، فقد ترك المدرسة في الصف الثاني، حاله حال مئات آلاف الأطفال الذين تسربوا من الدراسة ليتجهوا نحو سوق العمل قبل أن يعيشوا طفولتهم التي كانت بحاجة لوطنٍ يحتضنها.
جيل بلا بوصلة وطنية
جيل تعرف إلى ثقافة الانقسام السياسي قبل أن يتعرف إلى مفهوم الوطن الواحد والهوية الجامعة، إذ تشكل وعيه الوطني وهو يرى معظم من حوله من أبناء الجيل القديم يختلفون سياسياً على أبسط البديهيات والمفاهيم الوطنية، ويتبادلون الاتهامات ويوزعون أدوار الوطنية والتخوين كلٌ حسب أهوائه وتوجهاته، لذا زُرعت به آلاف المفاهيم والإيديولوجيات والقناعات الخاطئة قبل أن يتبلور لديه أي مفهوم واضح وحقيقي عن الانتماء الوطني، وذلك في ظل غياب أي مرجعيات وطنية حقيقية يمكنه أن يقتدي بها أو يستعين بخطابها وأفكارها لتكون بوصلته الوطنية، فمعظم القامات والرموز الوطنية خلال الحرب أصبحت منقسمة و ضائعة، لا تُجمع على شيء، تطغى وجهة نظرها الإيديولوجية وأجنداتها السياسية على كل ما هو وطني، وبعضها تقزم وأثبت فشله أو أُخمد صوته وأُنهكت قواه وشلّتَ أفكاره.
” كبرت وأنا أرى أبي ومعظم أقاربي وأصدقاء العائلة يختلفون وتعلو أصواتهم كلما تناقشوا في أمرٍ يخص واقع البلاد، فيشتمون فناناً أو كاتباً سورياً نتيجة موقفه السياسي، ويخوِّنون معظم السياسيين والمفكرين، لذا كنت أكره أو أحب أحداً ما دون أن أعرف السبب. وحين كنت ألجأ لبعض الكبار، المهتمين بالشأن السياسي والثقافي، لأسأله شيئاً عن الوضع السوري، لا يُقدم لي سوى آراء كيدية ويحاول إقناعي بوجهة نظره فقط ليبدأ بتخوين وشتم كل من لا يوافقه الرأي”. بتلك الكلمات يلخص طالب الطب فادي (23 عام) واقع حال معظم أبناء جيله، ويضيف “جيلنا لم تتشكل لديه أي قناعة وطنية راسخة إذ تشكلت القناعات والمفاهيم السياسية والوطنية لمعظمنا من خلال المحتوى الذي تقدمه نشرات الأخبار والبرامج السياسية -التي تحكمها الأجندات والمال السياسي- ووسائل التواصل الاجتماعي التي تكتظ كل يوم بالكثير من المغالطات الفكرية والسجالات والمناكفات وتبادل الاتهامات. كل ذلك جعل منا جيلاً مشتتاً لا يمتلك أي يقين وطني”.
جيل عاجز وناقم
بعد تحول الأزمة السورية إلى أزمات وموت أي بارقة أمل بانتهائها، وفي ظل تردي الواقع الاقتصادي وغياب معظم متطلبات الحياة، وُلِد عند الجيل الجديد شعور دائم بالضياع واللاجدوى وانسداد الأفق، وهو ما قَتل حماسهم وأخمد طاقاتهم، وغيَّب أي صوت أو تأثير لهم، فجعلهم عاجزين عن القيام بأي دور وطني فاعل، تمضي سنوات أعمارهم بلا أي هدف أو مستقبل واضح. كل ذلك جعلهم ينقمون على كل ما حولهم، ليفقدوا أي شعور بالمواطنة والإنتماء حتى تجاه مجتمعهم الذي تشرذمت روابطه وعلاقاته الإنسانية والأخلاقية والاجتماعية.
“أشعر اليوم أنه لا قيمة لوجودي وأنني عالة على عائلتي ومجتمعي. أهدر أيامي في الانتظار الذي يقتل قدراتي وأحلامي وطموحاتي. بات تفكيري محصوراً فقط بتأمين فرصة عمل والبحث عن أي طريقة لمغادرة البلاد، فمنذ مراهقتي تربيت على أن السفر هو الخيار الوحيد ولا مستقبل لدي في هذه البلاد”. هذا ما يقوله أحمد (24 عاماً) وهو واحد من مئات آلاف الشباب الذين باتت أحلامهم متعلقة بالسفر، خاصة أن الكثير من أصدقائهم وأقاربهم سافروا من قبلهم وأصبحوا قدوة لهم.
ويضيف أحمد: “هل نحن أبناء وطن واحد؟. كيف سأشعر بالانتماء إلى وطن لست جزءاً منه، أعيش فيه على الهامش، لا أستطيع أن أمارس إنسانيتي أو أن أقوم بأي دورٍ فاعل حتى تجاه أبناء مدينتي أو حارتي؟. لقد كبرت وأنا أعبر من جنب الأطفال النائمين في الشوارع والحدائق عاجزاً عن مساعدتهم. الفقراء الذين يعتاشون من حاويات القمامة أصبحت أراهم بشكل طبيعي ومألوف دون أن أحرك ساكناً. بت أشعر أنه لا جدوى من بقائي في هذه البلاد، فهي ليست سوى للأثرياء وتجار الحرب”.
وطن بديل
كثير ممن غادروا سورية، من أبناء الجيل الجديد، وجدوا وطنهم في بلدان لجوئهم في أوروبا وغيرها، اندمجوا بعادات البلد المضيف وبثقافته وتكيفوا مع حياتهم الجديدة، لذا قد ينسون مع الوقت ثقافتهم وذاكرتهم وهويتهم السورية. وإن طالت إقامتهم أكثر فقد ينسلخون عن سورية بشكل كامل، لاسيما أولئك الذين عاشوا في الخارج أكثر مما عاشوا فيها، وربما يلغون مع الوقت فكرة العودة إليها و يفقدون شعورهم بأي انتماء نحوها، خاصة إذا ما حصلوا على جنسية أخرى.
وعن تجربتها تحدثنا نور (25 عام) المقيمة في ألمانيا منذ سبع سنوات: ” عشت مراهقتي في ظل الحرب وكوارثها التي أجبرتني وعائلتي على مغادرة سورية خوفاً من الموت. ومنذ وصولي إلى ألمانيا شعرت بالأمان والسلام، وتمكنت من الاندماج بثقافتها وتعلُم لغتها بسرعة فائقة، وهكذا بدأت أحقق أحلامي وأعيش كل التفاصيل التي أحبها، فلقد منحتني حياة جديدة وآفاقاً واسعة، لذا بت أشعر بكثير من الانتماء إليها وأراها وطناً بديلاً” . وتضيف نور: ” اليوم وبعد هذه السنوات لم يعد هناك شيء يربطني بسورية، سوى وجود بعض الأقارب والأصدقاء، الذين أتألم حين أفكر بالحياة التي يعيشونها، جميع الذكريات والأشياء التي كنت أحبها في طفولتي دمرتها الحرب ولم يعد لها وجود، لذا لا أفكر في العودة إلى سورية سوى في زيارات قصيرة على المدى البعيد”.
خلال الحرب ولد نحو خمسة ملايين طفل في سورية، فيما ولد نحو مليون طفل سوري لاجئ في دول الجوار، وذلك بحسب تقرير اليونسف آذار 2020. اليوم إذا نظر هؤلاء الأطفال إلى جيل الشباب، الناقم على كل شيءٍ حوله والغارق في جحيم معاناته اليومية وانهزاماته وخسائره المتتالية، فماذا سيتذكرون عن بلادهم وكيف سيشعرون تجاهها، وكيف ستكون علاقتهم بها مستقبلاً؟.
بواسطة Ghassan Nasser | مايو 21, 2021 | Reports, Roundtables
[fusion_builder_container hundred_percent=”no” equal_height_columns=”no” menu_anchor=”” hide_on_mobile=”small-visibility,medium-visibility,large-visibility” class=”” id=”” background_color=”” background_image=”” background_position=”center center” background_repeat=”no-repeat” fade=”no” background_parallax=”none” parallax_speed=”0.3″ video_mp4=”” video_webm=”” video_ogv=”” video_url=”” video_aspect_ratio=”16:9″ video_loop=”yes” video_mute=”yes” overlay_color=”” video_preview_image=”” border_size=”” border_color=”” border_style=”solid” padding_top=”” padding_bottom=”” padding_left=”” padding_right=””][fusion_builder_row][fusion_builder_column type=”1_1″ layout=”1_1″ background_position=”left top” background_color=”” border_size=”” border_color=”” border_style=”solid” border_position=”all” spacing=”yes” background_image=”” background_repeat=”no-repeat” padding_top=”” padding_right=”” padding_bottom=”” padding_left=”” margin_top=”0px” margin_bottom=”0px” class=”” id=”” animation_type=”” animation_speed=”0.3″ animation_direction=”left” hide_on_mobile=”small-visibility,medium-visibility,large-visibility” center_content=”no” last=”no” min_height=”” hover_type=”none” link=””][fusion_text]
* تُنشر هذه المادة ضمن ملف صالون سوريا “في العقد الجديد، إلى ماذا يشتاق السوريون؟“
مع تقلبات حياة السوريين وتمزّق الجغرافيا السوريّة بعد عقد دام من الثورة/الحرب، بات موضوع هويّة سوريا والسوريّين واحدًا من أبرز الموضوعات المثيرة للجدل على الساحة الوطنيّة والسياسية والاجتماعيّة السورية، وهو ما دعانا إلى طرح هذا الموضوع مع عدد من النخب السياسيّة والأكاديميّة السورية المنشغلة في هذه المسألة، فكان أن استضفنا في هذه الفسحة الحواريّة كلًّا من: السياسيّة والباحثة الأكاديميّة في علوم الأنثروبولوجيا والبيئة الدكتورة سميرة مبيض، عضوة اللجنة الدستوريّة السوريّة عن كتلة المجتمع المدني، والباحث الأكاديمي السوري، بروفسور. دكتور. نجيب جورج عوض، بروفسور اللاهوت المسيحي والفكر المسيحي الشرقي، ومدير برنامج الدكتوراه في الدراسات الإسلاميّة والعلاقات الإسلاميّة – المسيحيّة في كلية “هارتفرد للدراسات بين – الدينيّة” في كونكتكت بالولايات المتّحدة الأمريكيّة، والكاتب السياسي والمعارض الكردي السوري البارز صلاح بدر الدين، والكاتب والباحث الأكاديمي الدكتور مضر الدبس. ووجهنا لهم الأسئلة التالية: هل كان للسوريّين هويّة جامعة قبل عشر سنوات؟ ما الذي كان يجمعهم؟ وماذا حصل لهذه السرديّات الجامعة الآن؟ ومن قبل هل كان النسيج الاجتماعي السوري متماسكاً فعلاً قبل العقد الدامي أم مجرد مظاهر سطحية للعيش المشترك؟ وأخيرًا، ما هي المآلات المستقبليّة للهويّة السورية الجامعة/المتعدّدة؟ فكان هذا الرصد لإجاباتهم..
مبيض: خلق مسار صاعد يضمن تجدّد الهويّة السوريّة
بداية حديثنا كانت مع السياسيّة والباحثة الأكاديميّة في علوم الأنثروبولوجيا والبيئة
الدكتورة سميرة مبيض، عضوة اللجنة الدستوريّة السوريّة عن كتلة المجتمع المدني، والتي قالت لنا: إنّ استمرارية نظام الحكم الشمولي تعتمد على فرض هويّة واحدة ولا يمكن تسميتها بالهويّة الجامعة، بل هي حالة تعايش مُفترضة وفق الإطار المحدّد. يعتمد تحقيقها على القوة حيناً لمنع بروز هويّات أخرى، وعلى تغيير عوامل المحيط حيناً آخر لوسمه بالهويّة المفترضة. وذلك برأيي ما كان سائداً طيلة العقود المنصرمة، وبالتالي فإنّ تماسك المجتمع بدوره كان تماسكًا قائمًا على عوامل مرتبطة بالسلطة الحاكمة وبالإطار الأيديولوجي الذي فرضته لصنع هذا التماسك، ومنه أذكر بعض النقاط فيما يلي:
- عوامل أيديولوجيّة كنظريّة المؤامرة والتهديد الخارجي، أي نظريّة خلق العدو وبالتالي فرض التوحّد بمقابل هذا العدو المُفترض.
- عوامل ثقافيّة كمنع تداول اللغات السوريّة المتعدّدة، وإغفال عوامل هامة من التاريخ السوري ضمن المناهج الدراسيّة أو توحيد اللباس المدرسي باللباس العسكري.
- عوامل سياسيّة كمنع نشوء تيّارات حزبيّة مختلفة عن توجّه تيّار الحزب الواحد القائد، والمرتبط بدوره بشخصيّة محوريّة هي الأب القائد للمجتمع والدولة.
- عوامل تسخير الأديان لخدمة السلطة تعتمد على النفاق الاجتماعي الظاهري والذي يقابله نشر الفتنة الداخلي غير المعلن بين هذه الأطياف والفئات.
تضيف صاحبة «الشهيدة السوريّة الأولى.. (تاريخ عائلة مسيحيّة تحت اضطهاد حكم الأسد)»، إنّ التراكم السلبي لهذه العوامل هي ما انفجر كشروخ عميقة بين السوريّين خلال عقد الثورة المنصرم. لا يعني ذلك أنّ الهويّة السوريّة الجامعة غير موجودة لكنّها لم تتبدَ خلال العقود المنصرمة لأنّ ظروف المحيط منعت ظهورها وحاربت كلّ ما يخرج عن الأطر المفروضة على المجتمع، فالهويّة بحدِّ ذاتها ليست مفهومًا ثابتًا بل هي مجموعة عوامل متداخلة وديناميكيّة تنتظم بتراتبيّة تُحَدّدها الظروف المحيطة والعوامل المؤثّرة، والعوامل الجامعة للسوريّين في هويّة مشتركة هي عوامل موجودة وقائمة وإحياؤها ممكن بشكلٍ تدريجي لغاية الوصول لتماسك مجتمعي مبني على عوامل حقيقيّة وليست زائفة أو مفترضة.
تتابع صاحبة «كيف أرى الثورة السوريّة»، قائلة: إنّ أهم هذه العوامل ترتكز برأيي على البعد المكاني والتاريخي لسوريا، وهذه العوامل تعبر بوضوح عن حالة تعدّديّة على كافّة الصعد، القوميّة، الدينيّة والثقافيّة أي أنّ الهويّة السوريّة الجامعة ليست نابذة لأيّ من مكوّناتها المجتمعيّة الطبيعيّة وتستطيع احتواءها جميعًا، في حين لا تستطيع أيّ من الهويّات القوميّة أو الدينيّة أو الثقافيّة احتواء التعدّديّة السوريّة، كذلك يمنح البعد المكاني والتاريخي الهويّة السوريّة سمة الانفتاح الإقليمي والدولي فهذه المنطقة شكّلت رافدًا هامًا لتطوّر الحضارة البشريّة على مرّ التاريخ.
د. مبيض ترى في ختام حديثها معنا، أنه يبقى العامل الأهم لإحياء هذه الهويّة هو مواجهة التحدّي باندثارها الذي يقف أمامه السوريّون اليوم في واقع من التقهقر والتشرذم الإنساني، والذي قد يشكّل بدوره الدافع الأكبر لبناء هويّة جامعة على أسس صلبة تسمح بخلق مسار صاعد يضمن تجدّد الهويّة السوريّة واستمراريّتها.
- عوض: الفصل بين مسألة الهويّة ومسألة المواطنة والانتماء الدولتي
من جهته، أوضح الباحث الأكاديمي السوري، بروفسور. دكتور. نجيب جورج عوض، بروفسور اللاهوت المسيحي والفكر المسيحي الشرقي، ومدير برنامج الدكتوراه في الدراسات الإسلاميّة والعلاقات الإسلاميّة – المسيحيّة في كلية “هارتفرد للدراسات بين – الدينيّة” في كونكتكت بالولايات المتّحدة الأمريكيّة، أنه في العقود السابقة للثورة السوريّة، لم يكن هناك هويّة جامعة ينضوي تحتها السوريّون. فالسوريّون لم يعط لهم الحرّية والحقّ بتشكيل وعيهم الذاتي بأنفسهم، بل فُرضت عليهم هويّة مسبقة الصنع جمعيّة (وليس جامعة) وشموليّة وصائيّة قرّرها لهم أصحاب السلطة والوصاية والمرجعيّة في المؤسّستين السياسيّة والدينيّة. لهذا لم يطوّر السوريّين بنيانًا متجانسًا وموحدًا في قلب تنوّعه، وعلى قاعدة هذا التنوّع ومن منطلق الاغتناء به.
يضيف صاحب «أحفورات الفهم، تاريخانيات المعنى: دراسات في الثقافة والدين والسياسة»، تحوّل التنوّع والتعدّد إلى عناصر مهدّدة للهويّة المؤدلجة التي اُسقطت على السوريّين من علٍ، إما وفق خطاب سياسي إيديولوجي قوموي وعروبوي، أو وفق خطاب تديني دوغمائي تطأيفي وثقافي عرقي تفريقي. ولا واحدة من تلك التوجّهات تخلق مجتمعًا متجانسًا على قاعدة التنوّع والتعدّديّة، بل تفرض تجانسًا مسبق الصنع على قاعدة الولاء والتماثل والتنميط. هذا الواقع ساد في سوريا قبل الثورة، وتعزّز وتمّ توظيفه منهجيًّا خلالها، وهو سيبقى في ساحة سوريا ما بعد الثورة أيضًا.
يتابع صاحب «ما بعد الحداثة.. ومستقبل الخطاب الديني في الغرب»، قائلًا: إنه من جهة أخرى، لا يجب للتجانس المجتمعي أن ينبني على مفهوم “الهويّة“. مؤكّدًا أنه لا يوجد – برأيي – “هويّة جمعية“، فالهويّة خيار حرّ مرتبط بوعي الفرد لذاته وخياراته الشخصيّة الماهويّة. مضيفًا: أنّ العالم مابعد–الحداثوي لم يعد يتحدّث عن “هويّة جمعيّة” شاملة، بل عن هويّات متعدّدة، أنا أسميها “هويّة سيروريّة متعدّدة الأوجه“. أضف لهذا، لا علاقة للنسيج الاجتماعي ووحدته وتماسكه برأيي بمسألة الوعي الذاتي (الهويّة). التماسك المجتمعي ينتج عن قرار الأفراد “الواعين لذواتهم” أصلًا ومسبقًا بالتعاقد المدني والدستوري مع بعضهم البعض وقرارهم الانضواء تحت مظلّة دولتيّة ودستوريّة اختاروا بحرّيتهم الانضواء تحتها والالتزام بها، لا بل وتشاركوا معًا وبشكلٍ متساوٍ ومتكافئ في صنع هذا الدستور وإدارة هذه الدولة المنبثقة عنه. هذا لم يتحقق بعد في سوريا في الماضي ولا يبدو لي أنه سيتحقق في المستقبل المنظور. علينا أن نفصل مسألة الهويّة (وعي الذات) (سواء الوعي السياسي، الثقافي، الديني، العرقي، الجندري، أو اللغوي) ومسألة المواطنة والانتماء الدولتي. فهما مختلفان عن بعضهما ولا يجب لإحداهما أن تتحكّم بحقوق الإنسان وواجباته أو أن تقرّره له فوقيًّا.
يختم صاحب «الله، الإنسان والشر»، حديثه معنا بالقول: إنّ الاجتماع المدني المواطني يقوم على تلاقي واجتماع الأفراد والجماعات الحرّ والتعايشي والتلاقحي، بمعزل عن الخيارات الهوويّة، ويقوم كذلك على قاعدة الانتماء الدستوري والدولتي والالتزام بهما. لافتًا إلى أننا لم نصل بعد لهذه المرحلة، وسوريا القادمة إما ستمر بمرحلة كارثيّة تفتيتيّة أو بمرحلة إعادة إحياء الوصائيّات والسلطات الفوقيّة والعرفيّة على الأفراد، قبل الوصول لها.
- بدر الدين: نحو دستور سوري جديد يضمن حرّية التعدّدية
بدوره، بيّن الكاتب السياسي والمعارض الكردي السوري البارز صلاح بدر الدين، في أنه منذ استقلال سوريا في ظلّ أوّل دستور انطلق من مفهوم – الأحاديّة القوميّة والثقافيّة – والسوريّون يبحثون عن هويّة وطنيّة جامعة، وبات البحث في تعريف الهويّة، وأعمدتها، وأسسها الثقافيّة، والاجتماعيّة، ومضامينها الإنسانيّة، وتجلياتها من بنى فوقيّة، الشغل الشاغل للنخب السياسيّة والثقافيّة والفكريّة، ولم يكن ذلك بمنأى عن جوهر الصراع المتواصل بين الحركة الوطنيّة الديموقراطيّة السوريّة من جهة والأنظمة والحكومات المتعاقبة على الحكم منذ أكثر من سبعة عقود وحتى الآن.
وذكر صاحب «الصراع في سوريا.. (النظام – الكرد – المعارضة)»، إنه في العقد الأخير الذي شهد اندلاع الثورة الوطنيّة من أجل التغيير الديموقراطي، ظهرت عملية البحث عن الهويّة السوريّة الجامعة بأجلى صورها، ليس في مجال تصحيح كتابة تاريخ سوريا والسوريّين حيث تمّ – تزييفه بدوافع عنصريّة وأيديولوجيّة – بل بإعادة تعريف الشعب السوري، وتشخيص عناصره القوميّة، والثقافيّة، وحوامله الدينيّة والمذهبيّة، والاعتراف بكلِّ ذلك وجوديًّا ودستوريًّا وحقوقيًّا في إطار الهويّة السوريّة الشاملة الى جانب الاجتهاد في اختيار الهويّة السياسيّة لنظام الحكم القادم وهذا ما نلاحظه في برامج ومبادرات ومشاريع سياسيّة متعدّدة يتمّ التنافس حولها من أجل سوريا القادمة.
صاحب «الحركة القوميّة الكرديّة في سورية.. رؤية نقدية من الداخل»، أضاف: نعم كان هناك تماسك اجتماعي شكلي وملزم في ظلّ الدكتاتورية، وقد نجد البعض من أعوان نظام البعث في كلٍّ من سوريا والعراق في عهدي – حافظ الأسد وصدام حسين – يزعمون في مجال مدح النظامين بأنهما وفرا وحدة المجتمع، ومنعا ظهور أيّ انقسام، والأصح أنهما منعا بقوة الحديد والنار والإبادة والسلاح الكيمياوي، والقمع الممنهج، ووسائل الإرهاب الدولتي، ظهور أيّ صوت مخالف، وعملا على وأد أيّ مطالب بالتغيير، وأيّ محاولة في البحث عن هويّة جديدة، وأي مساس بالحدود المرسومة من فوق.
ويؤكد صاحب «الكرد بين إرهاب الدولة القوميّة والاسلام السياسي»، على أنّ كلّ الوثائق والقرائن التي خلفتها عقود الدكتاتوريّة والظلام تشير إلى أنّ قضايا الخلاف والصراع بين غالبيّة السوريّين من جهة والنظم الحاكمة من الجهة الأخرى كانت تتركّز على إعادة النظر بالدستور، وتعريف الشعب السوري، ووجود قوميّات وثقافات متعدّدة، تُحفظ حقوقها الأساسيّة، والقوانين، وشكل النظام، ومسألة أحاديّة القوم، والمذهب، والحزب، والعائلة، وهي كلّها تدور حول بنية الهويّة الوطنيّة ومضمونها وجوهرها، الكفيلة باستيعاب كلّ السوريين طواعية تحت خيمة واحدة، على قاعدة العيش المشترك، والاتّحاد الاختياري وليس القسري.
بدر الدين شدّد في ختام حديثه معنا على أنّ الهويّة الحقيقيّة للسوريّين ليست (أمة عربيّة واحدة ذات رسالة خالدة) أو أنّ كلّ من يتكلم العربيّة فهو عربي. كما أنها ليست (الإسلام هو الحلّ) أو أنّ (الحلّ المواطني هو المطلوب)، بل تكمن في الاعتراف بدستور سوريا الجديدة بأنّ سوريا كدولة ليست بسيطة بل مركبة، ومجتمع متعدّد الأقوام والثقافات والديانات والمذاهب، ولا بدّ من ضمان حقوق الجميع وشراكتهم، إضافة الى حرّية التعدّدية الفكريّة والسياسيّة، وبذلك سيعتز الجميع بالهويّة المشتركة الجامعة، وسيدافعون عنها بالغالي والرخيص.
- الدبس: مُعالجة عيوب السياسة السوريّة بالاجتماع..
أما الكاتب والباحث الأكاديمي الدكتور مضر الدبس، صاحب كتاب «في ضوء الألم.. تفكير في بنى الاجتماع السياسي السوري»، فيقول إجابة على تساؤلاتنا: إنه على الرغم من أنّ السؤال عن وجود هويّة سوريّة جامعة يتضمّن تفكيرًا في الماضي، إلّا أنه بالضرورة ينتمي إلى جملة الأسئلة التي تستهدف المستقبل، ولذلك يبدأ الجواب عنه في تقديرنا من الأمام إلى الوراء: أي انطلاقًا من التفكير في آفاق الوطنيّة السوريّة الجامعة إلى ماضيها، وليس العكس. ولذلك أميل إلى إعادة طرح السؤال بصيغةٍ أخرى: هل سيكون للسوريّين هويّة وطنيّة في المستقبل؟ ويفترض هذا السؤال – بطبيعة الحال – تفاهمًا واضحًا وناجزًا على دلالة “الهويّة السوريّة الجامعة“، ولا أعتقد أنّ هذه الدلالة ناجزة وواضحة، بل إنّ مفهوم الهويّة قبل تخصيصه بصفة “الوطنيّة” لا يبدو واضحًا ولا تبدو دلالته واحدة. عند هذه النقطة أرى العائق الأكبر أمام تقديم الإجابة عن السؤال المطروح، وربما تبدأ الإجابة بالوقوف على ماهيّة العائق وتحديد أسبابه تمهيدًا لإزالته، ففي هذه النقطة، وعلى هذا العائق يعيش وهمًا يعطي نتائج كارثيّة، وهو الوهم بأنّ أدوات التفكير والاستنتاج ومن ثمّ السلوك مشتركة بين الجميع، وهي في الحقيقة ليست كذلك. هذا العائق بتقديرنا عائق سياسي محض.
يتابع صاحب «مفهوم المواطنة»، محللًا: يكفي أن يتابع المرء سياقات استخدام مفردة “الهويّة” ومن ثمّ عبارات “الهويّة الجامعة“، و“الهويّة الوطنيّة“، ليلاحظ أنها سياقاتٌ لم يمنع تطابق الكلمات المستخدمة في التعبير عن معناها من اختلاف دلالاتها وتوجّهاتها؛ فالهويّة الوطنيّة في السياق الإسلامي مثلًا، تختلف عن الهويّة الوطنيّة في السياق اليساري، بل يختلف مفهوم الهويّة بمجمله. مضيفًا: بالتأكيد، هذا النمط في التفكير طويل، وفيه الكثير من التفاصيل، ولكن في هذه العجالة، أذهب مباشرة إلى طرح مفهومين دائمًا أميل إلى مقاربتهما بوصفهما مفتاحي الوطنيّة السوريّة، الأوّل هو ابتكار فضاء عمومي سوري حقيقي، والثاني مراكمة رأس مال اجتماعي وطني سوري في هذا الفضاء.
وأردف صاحب «عقل الجهالة وجهل العقلاء.. في المقدس والثقافة وإشكالية العلاقة بينهما»، قائلًا: إنّ ثورة الحرّية والكرامة التي بدأ بها السوريّون في آذار/ مارس عام 2011 كانت فرصة تاريخيّة، بما تحمل كلمة تاريخيّة من معنى، لبناء رأس مال اجتماعي وطني حقيقي، في فضاءٍ عمومي متقدم ومتطوّر، بدأ بصنعه السوريّين بصورة تعاون، وتنظيم، وتنسيق العمل الميداني، وحوارات سياسيّة علنية ومفتوحة. ومن دلالات هذه الروح التي سادت في بداية الثورة، أن الوعي بأهمية “الوطنيّة السوريّة” كان بالضرورة حاضرًا قبلها، وهذا الوعي – في الأقل – هو الذي يمكن أن نراه حقيقة علمية واضحة. وبقدر ما كانت الثورة – في إحدى أكثر صورها أهميةً – تجلياً لهذا الوعي على المستوى الاجتماعي، بقدر ما كانت فرصةً مُفوَّتةً على المستوى السياسي. ومن مجمل ما يدلنا إليه هذا الإخفاق السياسي الفرضية الآتية: كان للهويّة السوريّة الجامعة قواعد اجتماعيّة ووجدانية وأخلاقيّة راسخة، ظلّت حيّة قادرة على التعبير عن نفسها على الرغم من سنين القمع والتخويف والتقسيم والتفريق التي اتبعها النظام منذ بداية سبعينيات القرن الماضي، ولكن لم يمتلك السوريّون سياسةً وطنيّة قادرةً على إنتاج الوعي السياسي اللازم لتعيين هذه القيم الوطنيّة والأخلاقيّة بصورة تاريخيّة ملموسة، ولتعيينها بصورة دولةٍ وطنيّة سوريّة. وبالنتيجة الأوّليّة في هذه العجالة: كان الوعي السياسي بالهويّة الوطنيّة السوريّة بكُلّيّته وعيا مفوّتًا، ولو لم يكن كذلك لمّا فوّت هذه الفرصة التاريخيّة لتحقيق ما حلم به طيلة حياته: ما نريد قوله إنّ المعارضة التي كانت جناح الثورة السياسي منعت تحليقها على المستوى الوطني، وذلك بسبب عيب بنيوي في هذا الجناح. وخلاصة القول، من أجل الماضي والمستقبل معًا، من الضروري أن نُعالج عيوب السياسة السوريّة بالاجتماع السوري المُتعين في فضاءٍ عمومي، وأن يكنس العمومي النخبة السياسيّة كلّها.
[/fusion_text][/fusion_builder_column][/fusion_builder_row][/fusion_builder_container]
بواسطة لامار اركندي | مايو 19, 2021 | Culture, غير مصنف
تدور أحداث الفيلم السوري “رضا” وفقاً للمخرج السوري الكردي ياسر حمزة في قرية “سيكركى” في ريف مدينة القامشلي شمال سوريا. يحمل الفيلم اسم بطلته رضا وهي امرأة في الخمسين من العمر لينقل لوحة مأساة تمثل وجهاً من وجوه الحرب السورية وأزمتها.
وفي حديث خاص، يقول المخرج حمزة إن رضا أرملة عاشت بعد وفاة أمها وخالها بمفردها في كوخ طيني متهالك الجدران على أطراف قريتها وحيدة لا تملك أوراقاً ثبوتية في السجلات المدنية للدولة.
خاضت رضا معترك الحياة وكونت عائلتها الخاصة، فكانوا سندها في رحلة الصراع مع الوحدة فصنعت دمية بنفسها أسمتها زوزان وضمت لأسرتها الجديدة كلباً أسمته صورو إضافة إلى قطتها المدللة وملهمة صبرها عزيزة.
ولتأمين لقمة عيشها، يوضح حمزة أن رضا اعتمدت على دجاجاتها وبيع بيضهم لكسب دخل مادي إضافة لتوفير قوت يومي لنفسها ولعائلتها الجديدة.
تكريم عربي
وفي السابع من شهر نيسان (إبريل) الفائت، أعلنت إدارة مهرجان البحرين السينمائي أسماء الفائزين في فئات مسابقتها التي أقيمت بصورة استثنائية راعت الاجراءات الاحترازية وضوابط التباعد الاجتماعي بسبب تفشي فيروس كوفيد19. ومن أصل (450) وافقت إدارة المهرجان على مشاركة (92) فيلماً في الفئات الخمس للمسابقة وهي الأفلام الروائية القصيرة، والوثائقية، وأفلام التحريك، وأفلام المرأة إضافة الى أفلام الطلبة.
ورشح فيلم رضا من بين 20 فيلماً للقائمة القصيرة للجائزة التي شهدت تنافساً قوياً للمستوى العالي للأفلام المشاركة من حيث مضامينها وجودتها التصويرية. وبين ياسر حمزة أنه المخرج السوري الوحيد الذي شارك في قائمة الأفلام الوثائقية التي بلغت 33 فيلماً قدمت من 18 دولة.
وكرم مهرجان البحرين السينمائي في دورته الأولى المخرج السوري الكردي ياسر حمزة بجائزة (دورة فريد رمضان) التقديرية والتي حملت اسم الروائي والسيناريست البحريني الراحل فريد رمضان تكريماً لدوره الرائد في الإنتاج السينمائي، وتقديراً لجهوده في تقديم نصوص الأفلام السينمائية إضافة لدعمه خلال مسيرته الفنية كجزء من دعم الطاقات السينمائية الواعدة في البحرين والعالم العربي.
وحاز فيلم “رضا” على شهادة تقدير من إدارة المهرجان قسم الأفلام الوثائقية تكريماً للمستوى المتقدم لتقنية الصورة وللقفزة التكنولوجية المميزة التي ظهرت على مستوى الصورة والإخراج ونوعية الإنتاج ولقيمة قصة الفيلم الإنسانية.
وضمت لجنة تحكيم الأفلام الوثائقية للمهرجان: المخرجة الإمارتية “نجوم الغانم”، والناقد السينمائي البحريني “حسن حداد”، والأستاذ في جامعة البحرين “محمد السيد”.
مهرجانات وتقديرات
ونوه المخرج الشاب إلى أن فيلم “رضا” شارك في العديد من المهرجات العربية والدولية ومنها: مهرجان النهج السينمائي بالعراق، حيث رشح للقائمة القصيرة لأفضل فيلم وثائقي، و مهرجان “بي يوند” الدولي للأفلام القصيرة.
إضافة لذلك نال ياسر حمزة شهادة تكريم من مهرجان كركوك بدورته الثانية لعام 2021 تقديراً لمسيرته المهنية الممتدة لأكثر من 25 عاماً.
وعن آخر أعماله تحدث ياسر حمزة لسكاي نيوز عن إنهائه لفيلم تسجيلي بعنوان “أميرة” بالتعاون مع المخرجة رنا شاهين ويعمل حالياً على فيلم تسجيلي آخر بعنوان “لن ترى” مع المخرج أحمد عرفات.
من هو ياسر حمزة
ينحدر المخرج ياسر حمزة 43 عاماً من مدينة القامشلي. وكان قد بدأ مسيرته المهنية في مجال الإعلاموالاخراج كمصمم لوحات إعلانية للمحال التجارية ومصوراً فوتوغرافياً. وبعد إنهاء الخدمة العسكرية انتقل حمزة إلى دمشق وعمل بصفة مونتيراً ومصوراً مع شركة مرح للإنتاج الفني لأربع سنوات، قبل انتقاله بصفة مدير فني ومونتير ومساعد مخرج في شركة شيخاني للإنتاج الفني.
وعمل حمزة أيضاً مع العديد من الأقنية العربية والمخرجين العرب. ومن الأعمال الفنية التي شارك بها: مسلسل رحلة المليون للمخرج الأردني سالم الكردي و لقناة أبو ظبي؛ ومسلسل هوامير الصحراء بجزئية الثاني والثالث لقناة روتانا للمخرج أيمن شيخاني؛ ومسلسل “جاري يا حمودة” مع المخرج وليد العاقل لقناة (MBC). هذا إضافة لمسلسلات عديدة أخرى منها: بيني وبينك (فكاهي)، ومسلسل انباع الوطن (سياسي كوميدي)، ومسلسل الساكنات في قلوبنا (دراما)، وغيرها.
كما أخرج العديد من الكليبات العربية لفنانين من أمثال عامر الغريب، لبنى كمر، حسام طه، وغيرهم.
ويذكر أيضاً أن ياسر حمزة أخرج أفلاماً وثائقية عدة إضافة لفيلم “رضا” وهي “على عتبة الطفولة”، “وعد”، و”زوارق في الظلام”.