بواسطة Motaz al-Hinawy | يوليو 26, 2017 | Reports
تمتد أحراج السنديان في السويداء على مساحة مئات الدونمات في قرى الكفر والسهوة وقنوات وعلى أطراف المدينة الشرقية فيما يعرف بمحمية الضمنة، وحتى بداية الحرب السورية كانت مقصدا للاستجمام والرحلات ومتنفساً لأهل المدينة بما تحتويه من مناظر طبيعية وهواء نظيف.
السنديان أشجار دائمة الخضرة وبطيئة النمو ومعمرة قد تصل إلى مئات السنين تتميز بخشب قاسي ومتين ويعتبر من أفضل أنواع الخشب، كما أنّ هكتاراً واحداً من السنديان يمتص ما يقارب 15 طن من غاز ثاني اكسيد الكربون في السنة ويطرح ما يعادلها من الاكسجين، ويعدل من سرعة الرياح بمقدار 40 بالمئة وتستجلب الرطوبة من مسافة 100 كم تقريباً، كما أنّ ثمارها كانت تستخدم فيما مضى في الغذاء في سنوات الجفاف والقحط.
خلال فترة حكم العثمانيين والفرنسيين تعرضت الأحراج إلى الكثير من الأذى والقطع الجائر لاستخدامها في صناعة الفحم والمفروشات، ولكنها صمدت رغم ذلك فسكان المنطقة حافظوا عليها بشكل جيد حيث لم يعتمدوا عليها في التدفئة. بدلاً من الاحتطاب اعتمد السكان المحليون على روث الحيوانات المتواجد بكثرة في قراهم لصناعة ما يعرف بالجلة حيث يخلط مع بقايا القش والتبن ويجفف على شكل كرات يسهل تخزينها واستخدامها في الشتاء. واقتصر استخدام الأخشاب على صناعة بعض الأثاث البسيط وأدوات الزراعة ومهابيج القهوة التي اشتهرت بها المنطقة، وقد روى الرحالة والمستشرق السويسري جون لويس بركهارت (1784 – 1817) مشاهداته في حوران التي زارها في أوائل القرن التاسع عشر: “وقد رأيت الأهالي يطحنون القهوة في (نجر) مصنوع من خشب السنديان ويبلغ ثمنه من عشرين الى خمسة وعشرين قرشا”[1]
أما حديثًا فلم يكن هناك حاجة لاستخدام الخشب في التدفئة بسبب وفرة المحروقات بأسعار رخيصة وسهولة الحصول عليها مما ساهم في بقاء الاحراج ونموها.
خلال السنوات العشر التي سبقت الانتفاضة فالحرب السورية، أدت سياسات التحرير الاقتصادية ورفع الدعم الحكومي وانخفاض عائدات النفط إلى تقلبات في أسعار الوقود التي كانت تدعمها الدولة. فبين عامي 2008 و2012 تغيرت أسعار المازوت أربع مرّات، وقبل شهر أيار من العام 2008 كان سعر اللتر الواحد 7 ليرات سورية[2] (كان سعر صرف الدولار يعادل 46.5 ليرة سورية[3]) قبل أن يقفز فجأة إلى 25 ليرة سورية. خلال السنوات التي تلت، تمت محاولات لتخفيض سعر اللتر ليصل مع بداية 2011 إلى 15 ليرة سورية، ولكن مع بداية الحرب السورية تغير كل شيء.
بدأت الأزمة بارتفاع أسعار المحروقات بشكل كبير وعدم توافرها بالكميات اللازمة للتدفئة. ففي 2012-2013 ومع اتساع العمليات العسكرية والمواجهات بين أطراف النزاع السوري برزت أزمة المحروقات بشكل كبير، فمن المعلوم أن الآليات العسكرية تحتاج إلى كميات كبيرة من الوقود لتشغيلها، هذا عدا عن خروج كثير من مناطق الآبار والمنشآت النفطية عن سيطرة الدولة وصعوبة التنقل والحركة مع ظهور أمراء الحرب بالإضافة إلى العقوبات الاقتصادية الخارجية الأمر الذي زاد الحالة سوءاً وفاقم من حدّة الأزمة.
تجلّت أول انعكاسات أزمة المحروقات بانقطاع التيار الكهربائي وزيادة ساعات التقنين حيث بلغت في بعض المناطق 20 ساعة في اليوم، كما برزت أزمة أخرى في توفر أسطوانات الغاز المنزلي وصعوبة الحصول عليه، هذا عدا عن الارتفاع الجنوني لأسعار المحروقات حيث وصلت أسعار المازوت في أعوام 2012-2013-2014 إلى 200 ليرة للتر الواحد في حال توافره أولاً وفي حال لم يتلاعب الموزعون وأصحاب محطات الوقود بالأسعار، وارتفعت مجدداّ بين عامي 2016-2017 لتصل حتى 300 ليرة سورية وأحيانا إلى أكثر من ذلك وخصوصا في أوقات الشتاء. وبحسبة سريعة تحتاج الأسرة في أيام الشتاء ما بين 5-10 لتر من المازوت لمدفأة واحدة في اليوم، أي ما يعادل 800 لتر خلال فصل الشتاء (200-300 ألف ليرة كلفتها التقديرية)، فيما لا تتجاوز رواتب الموظفين 40 ألف ليرة شهرياً. كانت إجراءات الحكومة بهذا الصدد محدودة جداً حيث تم توزيع مازوت التدفئة لكل أسرة بحدود 100-150 لتر خلال موسم شتاء كامل، ما يغطي حاجة الأسرة لعشرين يومًا بأحسن الأحوال.
دفعت هذه الظروف مجتمعة، بدءاً من عدم توافر المازوت إلى غياب وسائل التدفئة البديلة كالغاز والكهرباء، الناس لإيجاد حلول لمواجهة البرد القارس في السويداء. بدأ الكثير من السكان المحليين والنازحين إلى المنطقة بجمع الأغصان من البساتين بعد عمليات التقليم لاستخدامها في التدفئة، ولكنها لم تكن تفي بالغرض، وسرعان ما بدأت عمليات التحطيب والتعدي على الأحراج بقطع الأغصان التي تنمو على جذوع الأشجار والأفرع غير الرئيسية في الشجرة بحجة أن هذه الممارسات لا تؤذي الأشجار بل وتعطيها منظرا جميلا وموحداً. وبحجة “بدي دفّي اولادي” تحوّلت الأشجار إلى ما يشبه الأشباح بساقٍ طويلةٍ جرداءَ وكُبة أغصانٍ وورقٍ في رأسها.
بدأت الأصوات تعلو هنا وهناك للحثّ على ضرورة حماية الأشجار التي تشكلّ جزءاً من هوية المنطقة ودعت إلى تنظيم عمليات الاحتطاب. فكانت إحدى الاقتراحات تقوم على تولي مديرية الزراعة الإشراف على عمليات القطع من خلال لجانٍ تابعة لها ومختصة في ذلك على أن يتم بيع الحطب للأهالي ضمن ضوابط بمعدل نصف طن للأسرة وبسعر 6000 ليرة. لكن هذه التجربة لم تستمر طويلا وكانت نتائجها كارثية فقد تورطت تلك اللجان بعمليات قطعٍ جائرة وبفسادٍ مستشري لتقوم بدورها ببيع الأخشاب لمن يدفع أكثر. لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فحتى النواطير الذين تم تعيينهم لحماية الأحراج زادوا الطين بلة، فمنهم من كان يستغل موقعه لقطع الأشجار وبيعها دون أن يحاسبه أحد، ومنهم من كان يغض النظر عن معارفه وأصدقائه مقابل رشاوي مالية.
ونتيجة لكل ذلك من غياب الرقابة والمحاسبة والحماية، وازدياد الطلب بشكل كبير على الأخشاب، أبيد أكثر من نصف الأحراج وتحولت عمليات القص والتحطيب إلى سوق مزدهرة والى فعل يومي وجماعي وفي وضح النهار. وفي ظلّ غياب أي بدائل وضمن اقتصاد الحرب المتنامي وجد العديد من العاطلين عن العمل والفقراء في بيع الحطب مصدر رزقٍ سهلٍ ومربح. إلى جانب العمل الفردي والعشوائي، نشأت عصابات مسلحة متخصصة في ذلك، حيث تقوم بقطع بقع كاملة (صورة 1) وعلى مساحات كبيرة بواسطة مناشير آلية، ووصل بهم الحال إلى تهديد من يحاول منعهم بقوة السلاح. كما أصبحت المناشير ومدافئ الحطب من أهم البضائع التي توفرّها محلات بيع المعدّات الزراعية والصناعية.
صورة (1) تظهر الاحتطاب الجائر خلال سنوات الحرب (المصدر: ستوديو حيان للتصوير، سهوة بلاطة، السويداء)
ظهرت محاولات عديدة لوقف هذه المجزرة وإنقاذ ما تبقى من الأشجار، ولكنها بقيت محاولات فردية ومحدودة وغير منظمة أيضا نذكر منها: توقيف بعض الأشخاص وتغريمهم، إنشاء دوريات ولجان محلية لحماية الأحراج وإغلاق الطرق المؤدية إليها، حملات توعية على مواقع التواصل الاجتماعي وتوزيع مناشير ولافتات تُجرّم قطع الاشجار وتحضّ الناس على عدم شراء الأخشاب، الحرم الديني والاجتماعي من رجال الدين، والمحاولات الفردية كحالة هاني (اسم مستعار) حيث يقول:
“أمضيت ثلاثة سنوات وأنا أذهب صباح كل يوم من أيام الشتاء إلى الأحراج في قريتي محاولاً منع أي تعدّي عليها بحجة أن كرومي تقع بالقرب منها، واستطعت أن أحميها بشكل جيد على مساحة تقدر ب 200 دونم. ولكن في العام الماضي أصبحت تنشط أعمال التحطيب في فصل الصيف حيث معظم الناس مشغولة في أعمالها، أو تتم في الليل حيث لا يوجد إمكانية لحراسة الأحراج ليلاً، اليوم فقدت 70 بالمئة من الأشجار التي كانت تحيط بكرومي بالإضافة أنهم انتقموا مني بشكل شخصي، حيث قاموا بقطع شجرة سنديان معمرة في مدخل الكرم وكذلك شجرة زعرور بري، كما أنهم قطعوا بعض أشجار الزيتون والعنب كذلك.” (صورة 2).
صورة (2) تظهر ما تبقى من غابات السنديان والبلوط والزعرور (المصدر: أرشيف الكاتب الخاص. 15شباط 2017)
ويكمل هاني متحسراً “أتعلم، لا ذاكرة لهذا المكان بعد اليوم. أصبحتُ أكره الشتاء كثيرا فمن أجل دفء سنة سنبرد طوال حياتنا. أنا شاهدٌ على كل ما يجري، أكثر من نصف الغابات أبيدت، حتى أشجار الطرقات والحدائق لم تسلم أيضاً…لم أعد أستطيع تحمل ما يجري ولا أملك أي وسيلة لحمايتها”
هناك…في جبال السنديان البعيدة في البيرينيه أسطورةٌ تقول:
“(من يقطع شجرة مقدسة تحلٌ عليه اللعنة”
أيةُ لعنةٍ هذه …هي قصة بلادٍ بأكملها وقد أصابتها اللعنة.
[1] بيركهارت، جون لويس، رحلات في سورية والبلاد المقدسة، ترجمة شاهر حسن عبيد، دار الطليعة الجديدة، 2007، ص 62.
2 قرقوط، تامر ومحمود، وسام: دخاخني: لن يتوقف المواطن عند السعر الجديد إن توفرت المادة- رفع سعر ليتر المازوت 5 ليرات بعد عام على خفضه. صحيفة الوطن. 15 أيار، 2012.
3 عزيزي، محمد و نعساني، زكريا: بالأرقام.. مسيرة هبوط الليرة السورية منذ 2011. أخبار الآن. 18 تموز، 2016.
وانظر أيضاً: داغر، ألبر: تدهور سعر صرف الليرة السورية: قراءة مقارنة. صحيفة الأخبار. العدد2038 الأربعاء26 حزيران 2013
نشر هذا المقال بنائا على شراكة مع جدلية.
[.This article is published jointly in partnership with Jadaliyya]
بواسطة Salon Syria Reports | يوليو 24, 2017 | Reports
الباب (ريف حلب): محمد الخطيب
عادت الحياة لتنبض من جديد في مدينة الباب، شمال شرقي حلب بعد أشهر من القصف والمعارك بين «الجيش السوري الحر» وتنظيم داعش. إذ يجتمع عشرات في طوابير أمام محلات بيع المعجنات وبائعي التمر الهندي في شهر رمضان المبارك، بعدما عادت المحلات لتفتح أبوابها وتنفض الغبار عنها.
في أطراف الباب، يعمل محمد الشيخ (30 سنة) على ترميم منزله. وقال: «لم نتلقَ أي مساعدات، أو دعم، لترميم منازلنا، وكل تكاليف الإصلاح أو إعادة الإعمار تقع على عاتق الأهالي».
وخلال ثلاثة أشهر من المعارك تعرضت الباب لقصف جوي عنيف، ألحق في المدينة دماراً هائلاً، إلى أن انسحب «داعش» من المدينة في 23 من فبراير (شباط) الماضي. وقال الشيخ إن «كثيراً من الأهالي لا تتوفر لديهم الأموال الكافية، لإعادة الإعمار. رغم أن منزلي لم يتعرض لقصف مباشر، فإني أنفقت حتى الآن نحو 3 آلاف دولار أميركي ولم أنتهِ من إصلاح الأضرار بعد».
وتعكس حركة إعادة الإعمار وعودة التجار والصناعيين لمزاولة عملهم من جديد شعوراً لدى الأهالي بنوع من الأمان، ذلك رغم أن المدينة تشكل خط تماس مع قوات النظام السوري، التي تتمركز في بلدة تادف المجاورة. وغالبا ما تعكر ألغام وضعها «داعش» هدوء المدينة.
ولا يتوقع أحمد عثمان، وهو صاحب محل تجاري أن تكون لقوات النظام مطامع في الهجوم على مدينة الباب. وقال: «إن التفاهمات (الروسية – التركية) حول المنطقة، تجعل مدينة الباب ومنطقة درع الفرات (اسم العملية التي شنتها المعارضة بدعم الجيش التركي) عموماً من حصة قوات المعارضة».
ودفع عثمان ما يقارب 12 ألف دولار لإعادة ترميم متجره، وملئه بمختلف أصناف البضائع. وهو يشعر بنوع من الأمان، بما يشجعه لينفق على متجره بسخاء من دون خوف من الخسارة، أو أن يضطر لإخلاء متجره لاحقاً بسبب تردي الأوضاع الأمنية.
لكن في مقابل ذلك، فإن أصحاب المشاريع الضخمة لم يعودوا بعد إلى مدينة الباب لأن غالبيتهم شقوا حياتهم في تركيا، خلال سنوات سيطرة التنظيم على مدينة الباب، وربما لا يشعر هؤلاء بأمان كافٍ، يحمسهم لإعادة فتح مشاريعهم الضخمة. وليس ببعيد عن متجر عثمان، تعمل ورشات تابعة للمجلس المحلي التابعة للمعارضة، على ترحيل أنقاض المباني المدمرة. وانتهت هذه الورشات من ترحيل النسبة الأكبر من الأنقاض في المدينة.
ويتولى المجلس المحلي لمدينة الباب، الإشراف على المرافق الخدمية في المدينة وتقديم الخدمات للسكان، بالتعاون مع الحكومة التركية وبعض المنظمات الدولية.
وتنتشر بشكل ملحوظ دوريات تابعة لجهاز الأمن العام والشرطة الوطنية في شوارع ومداخل مدينة الباب. ويبدي الأهالي ارتياحاً من وجود الشرطة، التي باشرت مهامها خلال الأسابيع الماضية، فهم يرون فيها أملاً بإنهاء فوضى السلاح، وضبط الأمن في المدينة. وتدعم الحكومة التركية جهاز الشرطة، وهي تشرف على تدريبه في معسكرات تقام على الأراضي التركية. كما تدعم الكثير من المشاريع في مدينة الباب، فهي قد قامت بتأهيل غالبية المدارس وإصلاحها، وكما تعمل على إنشاء مشفى بالقرب من المدينة.
لكن سكان الباب يعانون من مشكلة عدم توفر المياه، ذلك أن سيطرة قوات النظام على محطة الخفسة في ريف حلب الشرقي، حرمت المدينة من المياه، التي يجري استجرارها عبر القنوات من نهر الفرات.
لذلك تنشط حركة صهاريج المياه، التي تنقل المياه من الآبار المنتشرة في المدينة وأطرافها إلى السكان، غير أن الطلب الشديد عليها، وارتفاع درجات الحرارة، رفع سعر الصهريج إلى ثلاثة آلاف ليرة سورية. (الدولار يساوي 500 ليرة).
وتضاف هذه المصاريف التي تحتاجها العائلة المتوسطة كل أسبوع تقريباً، إلى اشتراك يدفعه الأهالي لأصحاب المولدات الكهربائية، حيث تدفع كل عائلة أسبوعياً نحو أربعة آلاف ليرة سورية، للحصول على خط كهرباء يعمل نحو 8 ساعات يومياً.
واللافت أن الباب يسكنها آلاف من مهجري مدينة حمص الذين قدموا من حي الوعر، بعد تهجيرهم، ويقدر عدد سكان مدينة الباب حالياً بنحو 100 ألف شخص.
ولم يعد من السهل العثور على منزل فارغ للإيجار في المدينة حيث يتراوح الإيجار الشهري بين 50 إلى 75 دولارا في حين أن الكلفة في مدينتي أعزاز وجرابلس تصل إلى 300 دولار. وتنافس الباب لأن تكون المركز البشري والعاصمة الاقتصادية لمنطقة «درع الفرات» بسبب موقعها المتوسط في المنطقة والامتداد العمراني الواسع لها، ووقوعها على الطريق بين معبر الراعي على الحدود مع تركيا، والذي من المنتظر فتحه للحركة التجارية.
نشر هذا المقال في الشرق الاوسط
[This article was originally published on Aawsat.]
بواسطة Salon Syria Reports | يوليو 24, 2017 | Reports
دمشق: «الشرق الأوسط»
بدأ النظام السوري بإزالة نقاط تفتيش تابعة لقواته الأمنية وبعض الميليشيات مع الاحتفاظ بحواجز عسكرية تابعة للقيادة العامة لجيش النظام على المداخل والمخارج الرئيسية، على أن تكون مدن دمشق وحمص وحماة واللاذقية وطرطوس خالية من الحواجز بداية الشهر المقبل، بحسب مصادر في دمشق.
وقالت المصادر إن وزارة الداخلية أصدرت أوامرها بإزالة «جميع الحواجز ضمن مراكز مدن دمشق وحمص وحماة واللاذقية وطرطوس، مع الاحتفاظ بالحواجز العسكرية التابعة للقيادة العامة للجيش والقوات المسلحة على مداخل ومخارج تلك المدن، إضافة لإزالة جميع الحواجز الإسمنتية والتعزيزات التي تقطع الطرق أمام أفرع الأمن التابعة لوزارة الداخلية وقيادة الشرطة والمؤسسات العامة، ومراكز المحافظات ومنازل المسؤولين».
وباشرت أمس محافظة دمشق إزالة الحواجز الإسمنتية من بعض الشوارع. وقال أحد المواطنين إن هناك صعوبة في إزالة الحواجز بدمشق، وإن المطروح «تخفيفها» لحل أزمة المرور الخانقة وسط المدينة.
ويشار إلى أن مدينة دمشق ومحيطها يقطعها نحو 284 حاجزا أمنياً وعسكرياً وميليشياوياً، منها 45 حاجزاً تابعاً لـ«سرية المداهمة 215 – أمن عسكري»، و56 حاجزاً لـ«فرع فلسطين»، و30 حاجزاً لـ«الفرقة الرابعة» و«الحرس الجمهوري»، و33 حاجزاً للجيش النظامي «الجيش السوري». ونحو 50 حاجزاً للميليشيات التي تدعمها إيران و«قوات الدفاع الوطني» واللجان الشعبية و«كتائب البعث» و«الحرس القومي العربي» و«جمعية البستان».
إلا أن أكبر وأهم الحواجز الأمنية والعسكرية فهي تلك المتموضعة على مداخل المدينة، كحاجز نهر عيشة التابع لـ«فرع فلسطين» في الاستخبارات العسكرية، عند المدخل الجنوبي بداية أوتوستراد دمشق – درعا، وهو أشبه بنقطة حدودية، حيث يقوم بإجراء تفتيش أمني للداخلين إلى دمشق مع مسح إلكتروني للسيارات. وحاجز الليوان التابع لـ«سرية المداهمة 215 – أمن عسكري» عند مدخل كفر سوسة من جهة المُحلق، ويعد من أخطر الحواجز، إذ يمنع دخول الناس إلى منطقة الليوان إلا بموافقة أمنية وإيداع بطاقاتهم الشخصية لدى الحاجز. وحاجز القطيفة على مدخل دمشق الشمالي على أوتوستراد دمشق – حمص، وهو من أكبر الحواجز ويجري فيه تفتيش دقيق مع فيش أمني للداخلين إلى العاصمة من المحافظات الأخرى، وعبر خمس سنوات تم اعتقال آلاف الشباب عنده، وخصوصاً المشتبه بأسمائهم أو المطلوبين للخدمة العسكرية.
وهناك «حاجز الفرقة الرابعة» على المدخل الغربي لدمشق، ويقع على طريق دمشق بيروت، ويعد من أسوأ الحواجز على الإطلاق، فعدا التفتيش الدقيق والفيش الأمني، يتعرض المسافرون القادمون من وإلى بيروت لمضايقات وإذلال وابتزاز بهدف الحصول على إتاوات.
بالتوازي مع تخفيف الحواجز في العاصمة، بدأت محافظة حماة في إزالة الحواجز الإسمنتية من الطرق الحيوية داخل شوارع مدينة حماة وفتحها أمام الحركة المرورية. وقالت مصادر أهلية في حماة لـ«الشرق الأوسط» إن «الوضع الأمني تحسن في مدينة حماة خلال الشهرين الماضيين، وتراجعت جرائم السرقة والخطف كثيرا، بعدما تم إرسال الشبيحة من عناصر الدفاع الوطني واللجان الشعبية الذين كانوا في حماة إلى مدينة حلب، بعد سيطرة النظام عليها».
وفي حمص أزيل أمس عدد من الكتل الإسمنتية قرب قيادة الشرطة بجانب الساعة القديمة وسوق الحشيش، وفي حي بابا عمرو وشارع الملعب أيضا، وبعض الشوارع في منطقة التوزيع الإجباري. ومدينة حمص التي لقبها معارضون بـ«عاصمة الثورة» لخروج غالبية أحيائها على النظام عام 2011، ولنيلها النصيب الأكبر من التدمير في وقت مبكر، شهدت شهر مايو (أيار) الماضي آخر عملية تهجير للمعارضين المسلحين من حي الوعر، ليعلنها النظام مدينة خالية من المسلحين، بعد أن هجر وقتل أكثر من نصف سكانها، والذين يقدر عددهم الإجمالي بـ800 ألف نسمة.
وفي طرطوس تمت إزالة الحواجز من أمام مبنيي المحافظة وفرع «حزب البعث» الحاكم، مع فتح كامل لـ«شارع الثورة» من دوار المرفأ، وإزالة حواجز منطقة الحمرات ومحيطها وشوارع سوق الخضراوات. وتعتبر محافظة طرطوس الساحلية من المدن الموالية للنظام، والخزان البشري الأول لقواته وللميليشيات التابعة له.
وفي اللاذقية تم أمس الانتهاء من إزالة كافة الحواجز عند مداخل حي الرمل الجنوبي الفلسطيني الذي انطلقت منه مظاهرات المعارضة ضد النظام عام 2011. كما أزيلت الحواجز مقابل مديرية التربية وطريق الشاطئ الأزرق وأوتوستراد الثورة. وأعيد فتح كافة الطرق الرئيسية والفرعية أمام السائقين والمارة. وأكدت مصادر أهلية في اللاذقية أنه جرى إزالة 22 حاجزاً وسط مدينة اللاذقية، وتشمل عملية إزالة الحواجز مدينة جبلة الساحلية، ذات الغالبية السنية والتي شهدت مظاهرات معارضة للنظام بداية الحراك الشعبي السوري عام 2011.
وترافقت حملة إزالة أو تخفيف الحواجز داخل المدن الرئيسية، مع حملة إزالة الزجاج المعتم عن السيارات وملاحقة السيارات المشبوهة التي لا تحمل لوحات مرورية واضحة، وأصحابها غير حاصلين على مهمات خاصة، ومصادرة السلاح من غير المكلفين.
نشر هذا المقال في الشرق الأوسط
[This article was originally published on Aawsat.]
بواسطة Dina Mansour Ille | يوليو 13, 2017 | Reports, غير مصنف
By Dina Mansour-Ille and Emma Samman
Syrian refugees across the Middle East and North Africa face very challenging circumstances. In 2015, UN High Commission for Refugees (UNHCS) concluded that eighty-six percent of these refugees in Jordanian host communities (i.e., outside camps) were living below the poverty line (Ritchie 2017). Relatively few working-age refugees are in paid work—twenty-eight percent overall but just seven percent of women (Stave and Hillesund 2015: 43). This is a result of legal prohibitions on their employment, a lack of jobs, and—for women—additional gendered barriers relating to family responsibilities, poor transportation infrastructure, discrimination, and fear of harassment. To address these restrictions with the aim of opening economic opportunities, the international community and Jordanian government recently agreed to the “Jordan Compact.”
In this article, we draw principally on a forthcoming research report (September 2017) collaboratively conducted between the International Rescue Committee (IRC) and the Overseas Development Institute (ODI). This report explores avenues for work that are not constrained by the local economy and labor market, and could potentially overcome the social and cultural restrictions affecting refugee women. We argue that while the Jordan Compact marks an important step forward, it is insufficiently attentive to the constraints that refugee women face. The Compact aims to provide incentives to the Jordanian government to integrate Syrian refugees into the country’s labor market in return for investment, which has led to a renewed focus on the economic opportunities available for both refugees and Jordanian nationals. A thorough understanding of the Compact and its impact requires an in-depth analysis of the Syrian refugee presence as well as the broader dynamics of the Jordanian political economy as well. In this article, we limit ourselves to some findings on some limitations of the compact and some preliminary reflections on possible alternatives for paid work such as the nascent ‘gig’ economy. Our analysis highlights several broader challenges including a lack of regulation, irregular internet connectivity, societal and family restrictions, and limited freedom of association. We argue for the need to understand better what gig work offers in practice and how to enact safeguards where these are needed.
What Does the Jordan Compact Propose?
In February 2016, representatives from the Jordanian government, development partners, and international and non-governmental organizations came together at the London conference, “Supporting Syria and the Region,” to explore ways to create jobs and investment opportunities for countries most affected by the Syrian refugee crisis. One resulting agreement was dubbed the Jordan Compact. More than one year on, the Compact has already secured 923.6 million US dollars of contracted loans of which, over 834 million US dollars are dedicated to budget support and 89 million to development projects (Petra 2017). In return for this concessional finance, the Jordanian government agreed to facilitate the integration of Syrian refugees into the country’s labour market.
In 2014, only 6,000 of the 160,000 Syrian refugees estimated to be working in Jordan (less than half a percent) had a work permit (SNAP 2014). Those working in the informal economy, which is thought to employ some forty-four percent of the Jordanian labor force (UNDP 2010), work “under hazardous conditions and low pay” (Verme et. al. 2016, p. 50). As a result, a significant component of the Compact was dedicated to “measures that could in the coming years provide about 200,000 job opportunities for Syrian refugees, contributing to the Jordanian economy without competing with Jordanians for jobs” (Jordan Compact 2016, p. 2). This meant easing barriers to acquiring work permits, such as high fees and the requirement that Syrians produce their original identity documents, which they may have lost en route, as well as efforts to formalize existing businesses and set up new ones (ILO 2015; UNHCR 2016).
But despite the Compact, many jobs and professions remain fully or partially closed to foreigners, including Syrian refugees, by law—including hairdressing, driving and certain professions in agriculture, education and construction. In several of these areas, Syrians are likely to have a comparative advantage—for example, in 2009, fifteen percent of employment in Syria was in agriculture compared to only three percent in Jordan (Verme et. al. 2016).
More importantly, gender disparities remain entrenched. The government pledged to issue 50,000 work permits to Syrian refugees in 2016. While the government came through on its pledge as of 5 May 2017, only five percent of the 50,909 permits issued went to women (Khatta 2017).
Therefore, although the Compact marks an important step forward in identifying solutions and highlighting labour market issues, more work is needed (see IRC 2017b). In particular, the compact makes no mention of promoting gender equality in accessing the labour market nor does it provide any guidelines on overcoming the barriers that may specifically hinder women’s employment. Our analysis suggests these gendered barriers are sizeable.
What Constraints Do Women Face?
A 2016 survey revealed that most Syrian refugee women in Jordan expressed a desire to work (UN Women 2017). While those with more education were more likely to be employed, our research showed that education alone does not sufficiently explain the low share of Syrian women in the Jordanian labour market.
In focus group discussions conducted as part of our research in Amman, Irbid, Mafraq, and Al-Ramtha in March and April 2017, the major factors that Syrian women refugees stated as impeding their access to the labour market and restricting their choices were social/cultural and logistical.
Duties in the home toward families and children are a key priority, one that restricts women taking up long working hours or commutes. Finding home-based work, according to our informants, is particularly attractive given such barriers. Interestingly, many women spoke of their own home-based projects (e.g., knitting and selling clothes and make-up, and hairdressing, among others), which they promoted via social media. Home-based work has its own set of well-documented challenges—including isolation, poor working conditions and difficulty organizing (Chen 2014)—but nonetheless women’s own perspectives need to be accounted for when considering sustainable livelihood options.
Transportation, especially for women residing outside the capital of Amman, is also a serious impediment to accepting job offers. This puts them at a disadvantage compared to their male counterparts. As one participant explained, “jobs are more available to men than women, because men can work from anywhere, and no one controls them or controls their opinion.” Moreover, greater mobility allows men to form larger networks of friends and contacts, who can assist them in finding and securing a job. In addition, the poor transportation infrastructure is associated with gender-based harassment, which deters women from looking for jobs outside their vicinity.
Digital connectivity is another challenge. Previous research shows that smartphone access in Jordan is widespread, albeit with a marked gender divide (Pew Research Centre 2016, GSMA 2016). Yet among refugees, access to mobile Internet appears to be intermittent at best. Moreover, some participants in our focus groups explained that their husbands prohibited or restricted their internet use. Others felt that Syrian refugee women might not have the knowledge to use the internet to find work.
Although a major barrier to accessing work opportunities, none of the participants mentioned the lack of a work permit as a concern and a barrier to their integration in the job market. Instead, their focus is on gendered barriers to accessing the labour market.
What is Needed Next?
The Jordan Compact has prompted a welcome and renewed focus on how jobs can be created in the country for Syrian refugees, as well as for Jordanian nationals. In the light of this need for work, and the gendered barriers that affect women’s participation in the labour market, our study explored the feasibility of the newly-emerging gig economy as a source of economic opportunity for Syrian refugee women.
The gig economy, which is still very nascent in Jordan, operates through online platforms that bring together workers and purchasers of their services globally. Two main categories fall under the term gig economy: “crowdwork” (i.e., tasks commissioned and carried out virtually, via the Internet) and “on-demand” (i.e., tasks which are carried out locally, with the service purchaser and provider based in physical proximity). Only a handful of participants in our focus groups understood the meaning of the gig economy and what it can offer. One implication is that the gig economy is not yet established enough to offer large numbers of jobs or for its impacts nor implications to be fully understood.
Our analysis suggests that the gig economy could overcome many of the gendered barriers women face in Jordan—for example, the use of online platforms can help in finding clients in Jordan and in other countries; it provides a market for home-based work, including types of microwork in which many Syrian refugee women are already active; and in principle, it can offer greater flexibility in choosing and scheduling work.
However, turning the gig economy into an opportunity for Syrian refugee women will need focused action. Efforts will be needed to raise awareness about it among potential workers, to train interested job-seekers to find the platforms best suited to their backgrounds, and to regulate this type of work under Jordanian Labour Law to afford workers necessary protections and safeguards. This means that the government would have a substantial role to play in an area that is so far in Jordan, as elsewhere, characterised by a lack of clarity around applicable labour regulation or its enforcement. There is also a need to enable refugees to associate freely and to promote digital connectivity, especially for women.
The Jordan Compact has been hailed as an opportunity to put in place a “new paradigm” to benefit both Jordanians and Syrian refugees. Yet its lack of reference to the social and cultural considerations that may hinder women’s access to the job market is a large omission. Studying and understanding those limitations will allow devising solutions that can truly turn a crisis into opportunities for development for both women and men in Jordan and beyond.
[This article is published jointly in partnership with Jadaliyya.]
بواسطة Motaz al-Hinawy | يوليو 11, 2017 | Reports
تمتد أحراج السنديان في السويداء على مساحة مئات الدونمات في قرى الكفر والسهوة وقنوات وعلى أطراف المدينة الشرقية فيما يعرف بمحمية الضمنة، وحتى بداية الحرب السورية كانت مقصدا للاستجمام والرحلات ومتنفساً لأهل المدينة بما تحتويه من مناظر طبيعية وهواء نظيف.
السنديان أشجار دائمة الخضرة وبطيئة النمو ومعمرة قد تصل إلى مئات السنين تتميز بخشب قاسي ومتين ويعتبر من أفضل أنواع الخشب، كما أنّ هكتاراً واحداً من السنديان يمتص ما يقارب 15 طن من غاز ثاني اكسيد الكربون في السنة ويطرح ما يعادلها من الاكسجين، ويعدل من سرعة الرياح بمقدار 40 بالمئة وتستجلب الرطوبة من مسافة 100 كم تقريباً، كما أنّ ثمارها كانت تستخدم فيما مضى في الغذاء في سنوات الجفاف والقحط.
خلال فترة حكم العثمانيين والفرنسيين تعرضت الأحراج إلى الكثير من الأذى والقطع الجائر لاستخدامها في صناعة الفحم والمفروشات، ولكنها صمدت رغم ذلك فسكان المنطقة حافظوا عليها بشكل جيد حيث لم يعتمدوا عليها في التدفئة. بدلاً من الاحتطاب اعتمد السكان المحليون على روث الحيوانات المتواجد بكثرة في قراهم لصناعة ما يعرف بالجلة حيث يخلط مع بقايا القش والتبن ويجفف على شكل كرات يسهل تخزينها واستخدامها في الشتاء. واقتصر استخدام الأخشاب على صناعة بعض الأثاث البسيط وأدوات الزراعة ومهابيج القهوة التي اشتهرت بها المنطقة، وقد روى الرحالة والمستشرق السويسري جون لويس بركهارت (1784 – 1817) مشاهداته في حوران التي زارها في أوائل القرن التاسع عشر: “وقد رأيت الأهالي يطحنون القهوة في (نجر) مصنوع من خشب السنديان ويبلغ ثمنه من عشرين الى خمسة وعشرين قرشا”[1]
أما حديثًا فلم يكن هناك حاجة لاستخدام الخشب في التدفئة بسبب وفرة المحروقات بأسعار رخيصة وسهولة الحصول عليها مما ساهم في بقاء الاحراج ونموها.
خلال السنوات العشر التي سبقت الانتفاضة فالحرب السورية، أدت سياسات التحرير الاقتصادية ورفع الدعم الحكومي وانخفاض عائدات النفط إلى تقلبات في أسعار الوقود التي كانت تدعمها الدولة. فبين عامي 2008 و2012 تغيرت أسعار المازوت أربع مرّات، وقبل شهر أيار من العام 2008 كان سعر اللتر الواحد 7 ليرات سورية[2] (كان سعر صرف الدولار يعادل 46.5 ليرة سورية[3]) قبل أن يقفز فجأة إلى 25 ليرة سورية. خلال السنوات التي تلت، تمت محاولات لتخفيض سعر اللتر ليصل مع بداية 2011 إلى 15 ليرة سورية، ولكن مع بداية الحرب السورية تغير كل شيء.
بدأت الأزمة بارتفاع أسعار المحروقات بشكل كبير وعدم توافرها بالكميات اللازمة للتدفئة. ففي 2012-2013 ومع اتساع العمليات العسكرية والمواجهات بين أطراف النزاع السوري برزت أزمة المحروقات بشكل كبير، فمن المعلوم أن الآليات العسكرية تحتاج إلى كميات كبيرة من الوقود لتشغيلها، هذا عدا عن خروج كثير من مناطق الآبار والمنشآت النفطية عن سيطرة الدولة وصعوبة التنقل والحركة مع ظهور أمراء الحرب بالإضافة إلى العقوبات الاقتصادية الخارجية الأمر الذي زاد الحالة سوءاً وفاقم من حدّة الأزمة.
تجلّت أول انعكاسات أزمة المحروقات بانقطاع التيار الكهربائي وزيادة ساعات التقنين حيث بلغت في بعض المناطق 20 ساعة في اليوم، كما برزت أزمة أخرى في توفر أسطوانات الغاز المنزلي وصعوبة الحصول عليه، هذا عدا عن الارتفاع الجنوني لأسعار المحروقات حيث وصلت أسعار المازوت في أعوام 2012-2013-2014 إلى 200 ليرة للتر الواحد في حال توافره أولاً وفي حال لم يتلاعب الموزعون وأصحاب محطات الوقود بالأسعار، وارتفعت مجدداّ بين عامي 2016-2017 لتصل حتى 300 ليرة سورية وأحيانا إلى أكثر من ذلك وخصوصا في أوقات الشتاء. وبحسبة سريعة تحتاج الأسرة في أيام الشتاء ما بين 5-10 لتر من المازوت لمدفأة واحدة في اليوم، أي ما يعادل 800 لتر خلال فصل الشتاء (200-300 ألف ليرة كلفتها التقديرية)، فيما لا تتجاوز رواتب الموظفين 40 ألف ليرة شهرياً. كانت إجراءات الحكومة بهذا الصدد محدودة جداً حيث تم توزيع مازوت التدفئة لكل أسرة بحدود 100-150 لتر خلال موسم شتاء كامل، ما يغطي حاجة الأسرة لعشرين يومًا بأحسن الأحوال.
دفعت هذه الظروف مجتمعة، بدءاً من عدم توافر المازوت إلى غياب وسائل التدفئة البديلة كالغاز والكهرباء، الناس لإيجاد حلول لمواجهة البرد القارس في السويداء. بدأ الكثير من السكان المحليين والنازحين إلى المنطقة بجمع الأغصان من البساتين بعد عمليات التقليم لاستخدامها في التدفئة، ولكنها لم تكن تفي بالغرض، وسرعان ما بدأت عمليات التحطيب والتعدي على الأحراج بقطع الأغصان التي تنمو على جذوع الأشجار والأفرع غير الرئيسية في الشجرة بحجة أن هذه الممارسات لا تؤذي الأشجار بل وتعطيها منظرا جميلا وموحداً. وبحجة “بدي دفّي اولادي” تحوّلت الأشجار إلى ما يشبه الأشباح بساقٍ طويلةٍ جرداءَ وكُبة أغصانٍ وورقٍ في رأسها.
بدأت الأصوات تعلو هنا وهناك للحثّ على ضرورة حماية الأشجار التي تشكلّ جزءاً من هوية المنطقة ودعت إلى تنظيم عمليات الاحتطاب. فكانت إحدى الاقتراحات تقوم على تولي مديرية الزراعة الإشراف على عمليات القطع من خلال لجانٍ تابعة لها ومختصة في ذلك على أن يتم بيع الحطب للأهالي ضمن ضوابط بمعدل نصف طن للأسرة وبسعر 6000 ليرة. لكن هذه التجربة لم تستمر طويلا وكانت نتائجها كارثية فقد تورطت تلك اللجان بعمليات قطعٍ جائرة وبفسادٍ مستشري لتقوم بدورها ببيع الأخشاب لمن يدفع أكثر. لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فحتى النواطير الذين تم تعيينهم لحماية الأحراج زادوا الطين بلة، فمنهم من كان يستغل موقعه لقطع الأشجار وبيعها دون أن يحاسبه أحد، ومنهم من كان يغض النظر عن معارفه وأصدقائه مقابل رشاوي مالية.
ونتيجة لكل ذلك من غياب الرقابة والمحاسبة والحماية، وازدياد الطلب بشكل كبير على الأخشاب، أبيد أكثر من نصف الأحراج وتحولت عمليات القص والتحطيب إلى سوق مزدهرة والى فعل يومي وجماعي وفي وضح النهار. وفي ظلّ غياب أي بدائل وضمن اقتصاد الحرب المتنامي وجد العديد من العاطلين عن العمل والفقراء في بيع الحطب مصدر رزقٍ سهلٍ ومربح. إلى جانب العمل الفردي والعشوائي، نشأت عصابات مسلحة متخصصة في ذلك، حيث تقوم بقطع بقع كاملة (صورة 1) وعلى مساحات كبيرة بواسطة مناشير آلية، ووصل بهم الحال إلى تهديد من يحاول منعهم بقوة السلاح. كما أصبحت المناشير ومدافئ الحطب من أهم البضائع التي توفرّها محلات بيع المعدّات الزراعية والصناعية.
صورة (1) تظهر الاحتطاب الجائر خلال سنوات الحرب (المصدر: ستوديو حيان للتصوير، سهوة بلاطة، السويداء)
ظهرت محاولات عديدة لوقف هذه المجزرة وإنقاذ ما تبقى من الأشجار، ولكنها بقيت محاولات فردية ومحدودة وغير منظمة أيضا نذكر منها: توقيف بعض الأشخاص وتغريمهم، إنشاء دوريات ولجان محلية لحماية الأحراج وإغلاق الطرق المؤدية إليها، حملات توعية على مواقع التواصل الاجتماعي وتوزيع مناشير ولافتات تُجرّم قطع الاشجار وتحضّ الناس على عدم شراء الأخشاب، الحرم الديني والاجتماعي من رجال الدين، والمحاولات الفردية كحالة هاني (اسم مستعار) حيث يقول:
“أمضيت ثلاثة سنوات وأنا أذهب صباح كل يوم من أيام الشتاء إلى الأحراج في قريتي محاولاً منع أي تعدّي عليها بحجة أن كرومي تقع بالقرب منها، واستطعت أن أحميها بشكل جيد على مساحة تقدر ب 200 دونم. ولكن في العام الماضي أصبحت تنشط أعمال التحطيب في فصل الصيف حيث معظم الناس مشغولة في أعمالها، أو تتم في الليل حيث لا يوجد إمكانية لحراسة الأحراج ليلاً، اليوم فقدت 70 بالمئة من الأشجار التي كانت تحيط بكرومي بالإضافة أنهم انتقموا مني بشكل شخصي، حيث قاموا بقطع شجرة سنديان معمرة في مدخل الكرم وكذلك شجرة زعرور بري، كما أنهم قطعوا بعض أشجار الزيتون والعنب كذلك.” (صورة 2).
صورة (2) تظهر ما تبقى من غابات السنديان والبلوط والزعرور (المصدر: أرشيف الكاتب الخاص. 15شباط 2017)
ويكمل هاني متحسراً “أتعلم، لا ذاكرة لهذا المكان بعد اليوم. أصبحتُ أكره الشتاء كثيرا فمن أجل دفء سنة سنبرد طوال حياتنا. أنا شاهدٌ على كل ما يجري، أكثر من نصف الغابات أبيدت، حتى أشجار الطرقات والحدائق لم تسلم أيضاً…لم أعد أستطيع تحمل ما يجري ولا أملك أي وسيلة لحمايتها”
هناك…في جبال السنديان البعيدة في البيرينيه أسطورةٌ تقول:
“(من يقطع شجرة مقدسة تحلٌ عليه اللعنة”
أيةُ لعنةٍ هذه …هي قصة بلادٍ بأكملها وقد أصابتها اللعنة.
[1] بيركهارت، جون لويس، رحلات في سورية والبلاد المقدسة، ترجمة شاهر حسن عبيد، دار الطليعة الجديدة، 2007، ص 62.
2 قرقوط، تامر ومحمود، وسام: دخاخني: لن يتوقف المواطن عند السعر الجديد إن توفرت المادة- رفع سعر ليتر المازوت 5 ليرات بعد عام على خفضه. صحيفة الوطن. 15 أيار، 2012.
3 عزيزي، محمد و نعساني، زكريا: بالأرقام.. مسيرة هبوط الليرة السورية منذ 2011. أخبار الآن. 18 تموز، 2016.
وانظر أيضاً: داغر، ألبر: تدهور سعر صرف الليرة السورية: قراءة مقارنة. صحيفة الأخبار. العدد2038 الأربعاء26 حزيران 2013
نشر هذا المقال بنائا على شراكة مع جدلية.
[.This article is published jointly in partnership with Jadaliyya]
بواسطة Salon Syria Reports | يوليو 11, 2017 | Reports
افتتاحية
في السابع من أيلول من العام المُنصرم، داهمت سلطات الاحتلال الإسرائيلي قرية مجدل شمس السورية، ونفّذت أمام أعين عشرات السكّان، مُستخدمةً جرّافاتها الثقيلة، أمر هدم منزل السيّد بسام جميل إبراهيم وزوجته داليا بدعوى تشييده دون ترخيص بناء، معلنةً بذلك نيّتها عن هدم عشرات المنازل التابعة للسكان السوريين في قرى الجولان المُحتل1. بالرغم من أن عملية الهدم هذه قد تبدو سابقة في قرى الجولان المُحتل في العقد الأخير، إلّا أنها في الواقع لا تشكّل حدثًا مفصليًا وفريدًا من نوعه، بل حتى بعيدة كل البعد عن ذلك. كَيف لنا قراءة مُمارسة المشروع الصهيوني تجاه الحيّز والجغرافيا في الجولان؟ وأين يمكن مَوضَعة هدم البيوت اليوم في السياق التاريخي الأوسع، وأية عمليات للبناء تقوم مقابل هذا الهدم، بأية أشكال، وأية أجسام قائمة على تنفيذها؟ إن تاريخ المشروع الصهيوني واستحواذه على الجغرافيا وعلى الأرض، وهندسته العنيفة للمكان (والزمان) في الجولان السوري طويلٌ، مُتشعّبٌ وشائكٌ وسآتي على ذكر البعض منه في ما يلي.
الهَدم أولًا: هَوس تطهير المكان
انتاج وتشكيل الحيّز المُستَعمَر في الجولان تاريخيًا، استهلَّ من خلال عمليات إسرائيليّة ركّزت بالأساس على تدمير واسع النطاق لِما كان، وعلى تهجير قَسري للسوريين تَمحْوَر بالأساس على الترهيب والقتل ونهب الأرض ومن ثم تدميرها. فبعد الحرب عام 1967 مباشرة، لم تُبقِ إسرائيل في الجولان سوى سبع قرى فقط من أصل 139 قرية عربية، و61 مزرعة كانت مُسجّلة بأسماء أصحابها العرب السوريين قبل الحرب2. وخَلقَ تهجير الجيش الإسرائيلي شبه الكامل للسكان السوريين من الجولان إبان الحرب الظروف المواتية لشن حملة مُمنهجة استهدفت تدمير القرى والمزارع والمنازل. وسرّع التدمير الإسرائيلي واسع النطاق هذا من إعادة إنتاج المكان في الجولان (جغرافيًا وديموغرافيًا) ليتلائم والمشروع القَومي الصهيوني ومُبتغاه. وكان هذا التدمير بمثابة استكمالًا (شبيهًا) للتدمير الذي طال فلسطين التي كانت مأهولة عقب النكبة عام 1948. 3 أي بكلمات أخرى، خَضع المشهد الجغرافي في الجولان (وبالأساس الديموغرافي منه) لعمليات انطوت على مَحو عنيف، كَون أن “الاستعمار الاستيطاني يُدمّر المشهد القائم لكي يحل محله ويقوم مَقامه”، حسب الوصف الذي يسوقه لنا الباحث الاسترالي باتريك وولف.4
إنَّ تَبنّي الحالة الاستعمارية الاستيطانيّة للجولان كإطار مَعرفي تحليلي يأتي بقصد تمييز الظرف الراهن عن مُمارسات إحلاليّة قسريّة أخرى، مثل الاحتلال أو الظرف الاستعماري الكلاسيكي. ففي مُلاحظة لا بُد منها هنا، يوضّح الباحث الإيطالي فيرتشيني في كتابه “الاستعمار الاستيطاني: إطار نظري عام”،5 الاختلاف ما بين أشكال الاستعمار الكلاسيكي وأشكال الاستعمار الاستيطاني. فعلى سبيل المثال (لا الحصر)، في حين الدولة المُستعمِرة، حسب الشكل الاستعماري الكلاسيكي، تدير استعمارها التوسّعي وتحرّكه انطلاقًا من دولة أم، أو ميتروبول بعيد جغرافيًا (بريطانيا في أفريقيا، أو فرنسا في الجزائر على سبيل المثال)، يقوم الاستعمار الاستيطاني على مُمارسة الاستعمار من داخل الأراضي المُستعمَرة ذاتها (إسرائيل في فلسطين والجولان على سبيل المثال). بهكذا، تكون الدولة حديثة المنشأ، هي نفسها مشروع استعماري (كما أنها امتدادًا للتوسّع الإمبريالي الأوروبي)، ومشروع استيطاني (كَونها تستهدف الأرض ومَن عليها بهدف البقاء)، إلى جانب كونها دولة “أم”، ومشروع قومي للشعب اليهودي في الحالة الصهيونيّة.6 وتباعًا لذلك، يُكمل فيرتشيني، بأنه وعلى عكس القوى الكولونيالية في الشكل الكلاسيكي الأول – من ضبّاط وعسكريين وجنود وباحثين مُستشرقين وغيرهم – الذين يعودون أدراجهم إلى دولتهم “الأم” بعد انتهاء وجلاء عملية الغزو والاستعمار الذين شاركوا فيها وكانوا جزءًا منها، يبقى المستوطنون في المُستعمَرة في الشكل الاستعماري الاستيطاني (كندا على سبيل المثال).
إضافة إلى ذلك، فإن محاولات إعادة إنتاج المكان في الجولان بعد احتلاله مُباشرة وهندسته قسرًا على يد الأجسام الإسرائيلية المختلفة ليصبح “مكانًا إسرائيليًا”، فُرِضَت (ولا زالت تُفرَض حتى اليوم) من خلال سياسات وممارسات الإبادة المُمنهجة تجاه الأرض، المزرعة، القرية والمدينة7 السورية في الجولان. كما وتَرافقَت بشكل وثيق مع العنف تجاه الإنسان السوري هناك وجسده وعائلته بهدف مَحوهم هم أيضًا و”تطهير” الأرض منهم. ودرجة التطهير الإثني في الحيّز المُستعمَر، على حد اعتبار فيرتشيني،8 تُعتَبر محورية لفهم النظام السياسي الجديد فيه، كَون أن وجود أو غياب “الآخر الأصلاني”، أي سكان الجولان السوريين في هذه الحالة، يُساعد في تحديد الحالة المكانيّة والقانونية التي يطمح المشروع الاستيطاني إلى انتاجها داخل الإقليم المُستعمَر الذي نُفِّذَت فيه عمليات التطهير الإثني.
لهذا، فلا يمكننا تجاهل حقيقة أنه ومن مُجمل السكان السوريين في الجولان الذين بلغ عددهم حوالي 130،000 نسمة قبل الاحتلال الإسرائيلي عام 1967، لم يبقَ سوى ستّة آلاف نسمة بعد الاحتلال، أي 5% فقط من عدد السكان الأصلي.9 ليسَ هذا فقط، إنما ترافَقا المَحو الجغرافي والديموغرافي هذان بجهود حركات صهيونيّة مُكثّفة هَدفت بالأساس إلى الاستحواذ على المكان وملأ “الفراغ الجديد” الذي تشكّل إبّان الحرب وعمليات المَحو الديموغرافيّة. فكانت المجموعات الأجنبية الأولى من المستوطنين الإسرائيليين التي “توسّعت وانتشرت في المكان” وجعلت من الجولان مَوطنًا لها بعد الاحتلال هي من أتباع حركة الكيبوتسات الموحّدة، التي كانت حليفة حزب العمل الإسرائيلي والتي انتقلت في نفس العام من احتلال الجولان للاستيطان في الثكنات السورية المُهجّرة.10
ازدادت أعداد المستوطنين الإسرائيليين في الجولان مع السنوات وازدادت مشاريعهم أيضًا، واقتلعوا القرى والمدن السورية وأسمائها11 وأحراشها وطرقاتها وطبيعتها في محاولة منهم لفَرض سرديّة جديدة خاصة بهم وجعلها تاريخيّة في المخيال الجَمعي الإسرائيلي.12 فما يُميّز الظرف الاستعماري الاستيطاني على حد اعتبار فيرتشيني،13 هو الحركة الجماعية الدائمة للمُستعمِر في المكان (movement across space to displace)، وحرصه الدائم على التأكيد على فَوقيّته (superiority)، إن كان عن طريق فَرض القانون الخاص فيه قسريًا، والاحتماء فيه، فرض الأسماء على المكان وبناء المستوطنات، وحظر التنقّل وتأميم الأماكن التابعة لأصحابها السوريين الغائبين وغيرها.
في تحليلهما شكل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية في الجولان، يشير كل من رام وغوردون إلى الظرف الخاص للجولان في السياق الإسرائيلي، ويوضّحان اختلاف هذا الشكل عن نظيره في الضفة الغربية على سبيل المثال. فما ميّز المشهد الديموغرافي في الجولان على مر السنوات، على حد اعتبارهما، هو أن “السوريين لم يشكّلوا تهديدًا ديموغرافيًا للطابع اليهودي للدولة بالنظر إلى بضعة الآلاف الذين بقوا منهم في الجولان”.14 لذلك، فإن ازدياد أعداد المستوطنين في الجولان على مر السنين لم يكن بنفس الوتيرة العالية لتلك التي كانت (ولا تزال) عليه في الضفة الغربية.15 إن هذا التحليل ذات أهمية في سياق الورقة الحالية، كَونه يسلّط الضوء على البُعد الجغرافي للتوسّع الإسرائيلي وحركته في المكان، ولا يحصرها فقط على مُركّبها الديموغرافي. فبعيدًا عن الوتيرة المحدودة (نسبيًا) لتزايد أعداد المستوطنين اليهود في الجولان، والذين يشكّلون اليوم، أي بعد مرور خمسون عامًا منذ احتلاله، ما يُقارب 50% من سكان الجولان عامةً،16 فإن الحركة الدائمة للمُستعمِر في المكان في الحالة المطروحة اليوم، هي بالأساس حركة جغرافية تتشكّل عن طريق ازدياد (عدد) المساحات الإسرائيلية (العامة والخاصة) في الجولان، كما التوسّع في البناء، مقابل استمرار تقنين ومَحو وإبادة المساحات السورية، أو تلك التي لا زال يسكنها السوريين حتى اليوم. فعلى سبيل المثال، في حين يسكن اليوم ما يقارب عشرون ألفًا من السوريين في خمس قرى فقط شمال الجولان وهم مجدل شمس، مسعدة، بقعاثا، عين قنية والغجر، يسكن حوالي عشرون ألف مستوطن في أكثر من 30 مستوطنة غير قانونية في الجولان.17
مع هذا، وفي ملاحظة لا بُد منها هنا، فإن الواقع الاستيطاني في الجولان اليوم لا يُمكن قراءته على انه بمثابة تحقيق كامل للمشروع الاستعماري والمخطط الاستيطاني الإسرائيلي. أي أنه وبالرغم من أن ممارسة المَحو والإبادة طالت 95% من السوريين خلال النكسة وبعدها، انما لم يتم تطهير الأرض من جميع سكّانها.18 ليس هذا فقط، انما سوريي الجولان الذين كان عددهم حوالي ستّة الاف بعد الاحتلال، تصل أعدادهم اليوم، كما ذكرت أعلاه، إلى ما يقارب عشرون ألفًا. هذا بالإضافة إلى أن نسبتهم تكاد تساوي، أو حتى تفوق بقليل، نسبة المستوطنين اليهود في الجولان، وهذا بعد خمسون عامًا من المحاولات الإسرائيلية في تجنيد كل ما لديها، من مخططات سياسية واقتصادية وتسويقيّة، لنقل مستوطنين جُدد إلى المنطقة. لذلك، فالحديث هنا يدور على محاولات مُستمرة للمحو السوري في الجولان، بدلًا من مشروع استعماري استيطاني خالص. وبناء على هذا، فإن قراءتنا لممارسات الهدم عليها أن ترتكز على أنها محاولات مُستمرة لجلب المشروع الاستيطاني إلى مراحله الأخيرة الخالصة.
ففي الهَدم الفعلي لمنزل السيد بسام إبراهيم في مجدل شمس مؤخرًا ونيّة السلطات الإسرائيلية في هدم بيوت أخرى بحجة “البناء غير الشرعي”، ما يعيدنا إلى مُعادلة التوسّع الإسرائيلي جغرافيًا في الجولان مقابل تقليص ومَحو الوجود السوري. وهو نفسه يُبطِل الفكرة القائلة بأن النكسة قد انتهت آنذاك وتوقّف معها توسّع المشروع الاستيطاني في الجولان، ويُشدد على استمرار حدوث المَحو كممارسة فعلية في الحاضر ليَكون بذلك “بُنيةً وليس حدثًا”، باستعمال مفهوم وولف للشكل الاستعماري الاستيطاني.19 فكما سبق وذكرت، إن التوسّع الدائم في المكان هو عنصر خاص لا يمكن اختزاله لشكل الاستعمار الاستيطاني هنا، وهو ذاته دلالة حيّة على عدم وصول المشروع لإتمام هدفه “الخالص” الذي لطالما طَمح لتحقيقه. فمن أجل تفسير مقولة “الاستعمار الاستيطاني يُدَمّر بهدف الاستبدال”، يقتبس وولف ملاحظة ثيودور هرتسيل، الأب المؤسس للصهيونية في روايته المجازية “إن كنت أرغب في استبدال مبنى قديم بجديد، فعلي أن أدمّر القديم قبل أن ابدأ بالبناء”.20
في تحليله للميّزات الجوهرية للحركة الصهيونية، أشار الباحث فايز الصايغ في كتابه “الاستعمار الصهيوني في فلسطين”21 والذي صدرت نسخته الأولى عام 1965، إلى حقيقة أن العنف والإرهاب هم ليسوا نتاج الحركة الصهيونية أو “أعراض جانبية” لها كَونها حركة استعمارية فحسب، انما شكّلوا عبر تاريخ الحركة، ولا زالوا يُعتَبروا حتى اليوم، ميّزة جوهرية واداة مركزية في جهود الاستعمار، والتي تم ممارستها ليسَ فقط ضد الفلسطينيين ومنازلهم وقراءهم قبل وخلال وبعد النكبة، انما أيضًا على مَن وقف ضد المساعي الاستعمارية لفلسطين من الجهات الأجنبية. إن هذا العنف والإرهاب الذي تم شرعنته قانونيًا منذ قيام الدولة، كمجزرة إقرث (كانون أول عام 1951)، وأبو غوش (أيلول، 1953) وكفر قاسم (تشرين أول، 1956) وعكا (حزيران، 1965) وغيرها من الأحداث، هي بمثابة عنف مُنظّم تجاه كل حَي وجماد في المكان وهو نفسه المُمارَس اليوم تجاه المسكن في الجولان.
تطهير المكان تحت حجج “حماية الطبيعة” و”دعم السياحة المحلية”: البناء كأحد أنماط الهَدم
يبدأ باتريك وولف في مقالته “الكولونيالية الاستيطانية واستئصال/محو السكان الأصليين”،22 بمقولة “الأرض هي الحياة، أو على الأقل ضرورية للحياة”، وبالتالي، فإن “النزاع والصراع على الأرض يمكن أن يكون، وهو عادة ما هو، صراع على الحياة”. بعد تطرّقي أعلاه إلى سياسات الهدم الإسرائيلية في الأماكن السورية في الجولان (تلك التي كانت مأهولة سابقًا، وتلك التي لا تزال مأهولة حتى اليوم)، وقراءتها ضمن مفهوم العنف المُتجذّر في الحركة الصهيونية كحركة استعمارية استيطانية، سأحاول في الفقرات التالية توضيح نَوعين من مُمارسات البناء الإسرائيلية في الجولان، والهادفة إلى تغيير معالم المكان الأصلية: أولًا، البناء والتوسّع الإسرائيلي خارج القرى السورية المأهولة اليوم في الجولان بحجّة “التطوير والحماية والسياحة” ضمن مشاريع يتم تنفذيها على يد أجسام حكومية وهيئات شبه حكومية مختلفة تعمل بغطاء الدولة، وثانيًا، البناء والتوسّع الإسرائيلي داخل قرى الجولان السورية وطَمس معالمها بحجّة “تطويرها اقتصاديًا”. كَون أن البناء عادة ما يتم تعريفه كنقيض للهدم (ثنائية البناء والهدم، على أنها ثنائية الوجود والعدم)، ففي الحالة السورية في الجولان يشكّل البناء الإسرائيلي نمطًا آخرًا من الهدم والمَحو ذاتهما.
“المحميّات الطبيعيّة”: ذات التكتيك الاستعماري، وذات الجهات المُنفِّذة
لطالما انطلق المشروع الصهيوني من فكرة “الأرض الخالية”23 التي انتظرت قدوم الرجل اليهودي لانقاذها وزراعتها وحمايتها، ولطالما عَملت إسرائيل على تحقيق هذه الفكرة المُتخيّلة فعلًا في الجولان (كما في الأراضي الفلسطينية) منذ احتلالهما عامَي 1948 و1967. ومن الحقائق المعروفة أيضًا، أن تخطيط الأراضي في إسرائيل مُستثمَر (ومُستغَل) من قبل الدوائر الحكومية للدولة كوسيلة لتحقيق أجندة سياسيّة24 ترتكز على يهوديّة الدولة. وعلاوة على ذلك، تُعلَن هذه السياسة بصراحة، ويُعتَرف علنًا بشرعيّتها (مثل المخطط الإسرائيلي لتهويد الجليل، والحفاظ على الأهداف الديمغرافية للأغلبية اليهودية في القدس، ومشاريع ومخططات أخرى). وفي إطار هذه السياسة، كثيرًا ما تُجَنَّد المساحات والأراضي طوعًا، لتشكل عنصرًا أساسيًا في أي مُخطط حكوميّ، لتحقيق أهداف سياسية قومية. ليسَ هذا فقط، إنما غالبًا ما تَصب جهود الحفاظ على الطبيعة وحماية الأحراش والمساحات الطبيعية بخدمة السلطات كوسيلة للاستيلاء على الأراضي وتهويد الحيّز الإقليمي. ففي الجولان أيضًا، كما أشاروا إلى ذلك كل من غوردون ورام25 في بحثهما الأخير، أخذت “سُلطة المحميات الطبيعية الإسرائيلية” (Israel Nature Reserves Authority) دورًا مركزيًا مُباشرةً بعد احتلال الجولان، بحيث أعدّت قائمةً بالقرى التي تم تهجيرها قسرًا، وقررت تحويلها إلى “محميات طبيعية” وقدّمتها إلى “سلطة الأراضي الإسرائيلية 26(Israel Land Authority).
ولم ينحصر هذا آنذاك وحسب. فمؤخرًا، عادت السياسة الإحلاليّة الإسرائيلية إلى الطبيعة لتأخذ منها مسرحًا حصريًا لممارسة سياساتها، ولتلعب دورًا مركزيًا في تضييق المسكن على السوريين في الجولان وحصرهم في غيتوهات جغرافيّة ضيّقة. ففي العام 2013 أقرّت “سلطة الطبيعة والحدائق الإسرائيلية” خارطة هيكلية بعنوان “محمية حرمون الطبيعية” حملت رقم 27760/ج، والتي تبلغ مساحتها المقترحة حوالي 82 ألف دونم، وتلامس حدودها خَط الخارطة الهيكلية لقرية مجدل شمس، وبعض حدود قرية عين قنية لتبتلع منهما آلاف الدونمات، لتفاقم بذلك “أزمة السكن” الخانقة وحرمان السكان السوريين من مواصلة الاستفادة من هذه الأراضي لأغراض التمدد العمراني والزراعة والرعي وغيرها كما جرت عليه العادة منذ مئات السنين.
لم يأتِ اطلاق مصطلح “محمية طبيعية” على جهود الاستيلاء على أراضي السوريين في الجولان، آنذاك واليوم، محض صدفة. فغالبًا ما كان التبرير الأيديولوجي للاستيلاء على موارد السكان الأصليين في أشكال الاستعمار المختلفة هو “قدرة المستعمِر على استخدام الأرض بشكل أفضل من الأصلاني”، وليس “علاقته التاريخية مع هذه الأرض وعودته إليها”. هذا هو المنطق الذي تنطلق منه “سلطة الطبيعة والحدائق الإسرائيلية” في الجولان، فأرض الجولان على حد اعتبارها “خالية”، وتقضي الحاجة “لحمايتها”، وهو ما يَصب في قلب الخطاب الصهيوني الكولونيالي-القَومي.
يُعتبَر إنشاء “المحمية الطبيعية” هذه، وغيرها في الجولان، أحد أنماط البناء. فهو عمليًا إنشاء ما هو جديد، وخلق ظروف مكانيّة ثابتة في الفضاء المُستعمَر. إلّا أن هذا البناء يُشكّل في الحالة العينية شكلًا من أشكال الهَدم والمَحو كَونه يعمل على مستويين اثنين. الأول منهما يقتضي بالاستيلاء على الأرض التابعة للسوريين من سكان الجولان (والذين بمعظمهم اليوم متواجدين خارج الجولان نتيجة للتهجير القسري الإسرائيلي عام 1967)، وتغيير معالمها لتصبح مع الوقت جزءًا من الإرث اليهودي في الجولان. أما المستوى الثاني، فيعمل على خنق ما تبقّى اليوم من السوريين في قرى الجولان، والتضييق عليهم بهدف حصرهم جغرافيًا، لضمان عدم توسّعهم (وهو ما يدعم النتيجة المرجوة لدى السلطات الإسرائيلية بالتأكيد على عدم ازدياد السوريين في الجولان في المستقبل ديموغرافيًا، أو ما معناه إبادتهم ومحوهم البطيء).27
الطريق إلى/من القرية: التوسّع الإسرائيلي داخل القرية السورية
بعد الاحتلال الإسرائيلي للجولان، ومن أجل إدارة شؤون القرى السورية تحت الحكم العسكري آنذاك، عيّنت السلطات الإسرائيلية في السبعينات رؤساء مجالس محليّة. هذا التعيين كان خارجيًا ومفروضًا، فعلى سبيل المثال رئيس المجلس المحلي الذي تم تعيينه في قرية مجدل شمس آنذاك لم يكن أصلًا من أبناء القرية، كما ولم يحظَ التعيين بشكل عام بموافقة السكان السوريين الذين استمروا في إدارة شؤونهم المحلية بشكل مُستقل نوعًا ما في مجالات عدّة حتى يومنا هذا. 28
مع هذا، لم تكفّ المجالس المحلية في الجولان عن محاولاتها في تقديم واقتراح (وفي بعض الأحيان فرض) مشاريع مؤسرلة بهدف استكمال مشروع “ضم الجولان” الذي بدأ الكيان الإسرائيلي بتنفيذه رسميًا وحسب قانونه البرلماني مع بداية الثمانينات. هذه المحاولات اتخذت أشكالًا عدّة كان الأكثر حديثًا منها (وبالتأكيد ليسَ آخرها) محاولات زج الشبيبة من طلاب المدارس في الجولان في برامج الكشافة الدرزية التابعة للحركات الصهيونية، وإعلان المجلس المحلي في مجدل شمس عن نيّته جعل البلدة مُنتجعًا سياحيًا حيويًا عن طريق بناء حديقة عامة وترميم الشوارع والحارات المحلية. هذا الأخير هو ما سأركّز عليه في الأسطر الآتية كشكل من أشكال البناء الحديث الذي يَصب هو أيضًا في جهود المَحو والهدم المحليين.
فضمن مشروع “تطويري” أعلنت عليه السلطات الإسرائيلية في قرية مجدل شمس مؤخرًا كان ترميم مداخل القرية وترصيفها وزراعتها، إضافة إلى توحيد اليافطات فيها لتحمل أسماء المحلات التجارية، وهو مشروع شارفت على تخطيطه مجموعة مهندسين إسرائيليين. هذا الترميم على مداخل القرى والشوارع الرئيسية فيها هدف بالأساس إلى تجهيز البنية التحتية في القرية السورية للسائح الإسرائيلي لتشكّل بذلك مُنتجعًا سياحيًا يوفّر له تجربة فردية واستشراقيّة وحتى اكزوتيكيّة. ولتسهيل ذلك عليه، تُكتب اليافطات في لغته، وفقط في لغته ليصبح “النبي اليعفوري” على سبيل المثال “هنافيه ياعفوري” في العبرية. فتُمحى من اليافطات عناوين المكان العربية، لتبقى مكانها فقط تلك التي في اللغة العبرية (الصورة الأولى). ليس هذا فقط، انما تُفرَض على السكان السوريين قوانين عقابية وتشهيريّة لأولئك الذين يقومون برفع الأعلام السورية على سطوح بيوتهم في تلك الحارات “السياحيّة”، كما وتُمنَع اقامة الاحتفالات الوطنية (السورية) هناك، تحسبًا من إخافة السائح الإسرائيلي. هذه السياسات جميعها هي ليست فقط سياسات مَحو للتاريخ والهوية، انما أيضًا محاولات لتهجين المحلي وجعله مزوّد خدمات سياحيّة فقط.
إن محاولات تهجين المحلّي عليها أن تكون دليل قراءتنا لخطط البناء والسياحة الداخلية في الجولان عامةً وفي قرى الجولان السورية المحتلة خاصة، فعلى حد اعتبار الباحث إسماعيل ناشف في كتابه معمارية الفقدان (2012)، 29 تُشّق الطرقات الجديدة والمرمَمة من مداخل القرى كشرايين إلى داخلها، وتجعل بذلك امتدادًا من المستعمَرة للقرية. فالنظام بشكل عام، والاستعماري بشكل خاص، مسكون بهوس تغيير معالم البلد وإعادة تسميتها، ماديًا ورمزيًا. كَون أن قرانا أصبح لها جادة، في مدخلها فقط، لا بد أن يعيدنا للاستثمار بمعمار جسدنا الخاص والعام. الجادة في القرية هي حلقة وصل بين فضاءَين علاقتهما مُحددة جدًا، وإلى حد كبير واضحة المعالم (فضاء مُستعمِر وآخر مُستعمَر).
خاتمة
ممارسات هَدم البيوت في الجولان والتي “أنعشتها” المؤسسة الإسرائيلية مُؤخرًا هي ليست سابقة من نوعها، ويعود تاريخها إلى تاريخ التوسّع الاستعماري الاستيطاني الصهيوني في الجولان. كما أنّها واحدة فقط من نماذج المَحو الاستعماري المختلفة التي تنتهجها مؤسسات وأجسام إسرائيلية مختلفة تعمل بغطاء الدولة بهدف استبدال الأصلي. لذلك، قراءتنا لممارسات الهدم يجب أن تأتي بالتوازي مع قراءتنا لممارسات البناء (إن كان عن طريق حجة تجديد المكان وترميمه، أو الاستثمار بالسياحة أو الحفاظ على الطبيعة). فكما ذكرت في بداية النص هذا، فهذا هو هَوس المُستعمِر الدائم، هَوس تغيير المكان والبيت والوجود، هَوس تغيير المُسمّيات والتاريخ، هَوس التطهير والترحيل. فالحلم الخالص بحسبه هو الأرض الفارغة التي لا شعب غيره فيها.
هوامش:
1. راجعوا البيان الصحفي الصادر عن مركز المرصد – المركز العربي لحقوق الإنسان في الجولان، بتاريخ أيلول 2016 حَول قضية هَدم المنزل
Changing the Landscape: Israel’s Gross Violations of International Law in the .2 Occupied Syrian Golan, November 2008. Al-Marsad – Arab Human Rights Centre in Occupied Golan
Leshem, N. (2013). Repopulating the emptiness: A spatial critique of ruination in .3 Israel/Palestine. Environment and Planning D: Society and Space, 31(3), 522-537
Wolfe, P. (2006). Settler colonialism and the elimination of the native. Journal of .4 Genocide Research, 8(4), 387-409.
Veracini, L. (2010). Settler Colonialism: A Theoretical Overview. Palgrave .5 Macmillan UK.
6. لقراءة موسّعة ونقاش حَول الحركة الصهيونية كحركة صاحبة مشروع كولونيالي مع مميزات قوميّة يرجى مراجعة: روحانا، نديم (2014). المشروع الوطني الفلسطيني: نحو إعادة الإطار الكولونيالي الاستيطاني. مجلة الدراسات الفلسطينية، 97، 18-36.
7. لقراءة شهادة بهيّة أبو جبل، من سكّان مدينة القنيطرة سابقًا، تسرد عن المدينة السورية في الجولان وحياتها قبل الاحتلال: “هزيمة حزيران: القنيطرة أجمل المدن صارت مدينة أشباح” .
8. راجعوا الملاحظة الهامشية رقم 5.
9. حلبي، أسامة ومرعي، تيسير (1993). الحياة تحت الاحتلال: مرتفعات الجولان. مجلة الدراسات الفلسطينية، 4(13)، 29.
10. صفحة رقم (78)، في النسخة المُترجمة من رام، موريئيل، وغوردون، نيف (2016). التطهير الإثني وتشكيل أنماط جغرافيا الاستعمار الاستيطاني. مدار – مجلة “قضايا إسرائيلية”، عدد 62، 70-93.
11. من هذه المستوطنات تُذكَر مُستوطنة “أفيك” على أطلال مدينة فيق السورية، مستوطنة “كاتسرين” على أرض قصرين، و”كفار حاريف” فوق أراضي كفر حارب، وهكذا. لمراجعة أسماء القرى والمدن السورية التي على أنقاضها قامت مستوطنات إسرائيلية راجعوا القائمة الصادرة عن المرصد – المركز العربي لحقوق الانسان في الجولان.
12. بالرغم من استمرار الرَفض الدولي حتى اليوم بالاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على أراضي الجولان المحتل.
13. راجعوا الملاحظة الهامشية رقم 5.
14. هدف المقارنة في تحليل كل من رام وغوردون هو الإشارة إلى الأنماط المختلفة للاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي وانشاءه جغرافيات استعمارية مختلفة كانت قد احتلت في العام 1967. صفحة رقم (85)، في النسخة المُترجمة من رام، موريئيل، وغوردون، نيف (2016). التطهير الإثني وتشكيل أنماط جغرافيا الاستعمار الاستيطاني. مدار – مجلة “قضايا إسرائيلية”، عدد 62، 70-93.
15. يجب التعامل مع هذا الادعاء بحذر شديد، والتشديد دائمًا على أن الأمن العسكري، في الجولان كما في غيره من المناطق، يستلزم الاستيطان اليهودي المدني على النمط الإسرائيلي. كما وأنه بالرغم من وجود هكذا ادعاء للتزايد الحذر لأعداد المستوطنين في الجولان، يرصد التقرير الخاص، الذي نشرته مجلة Report on Israeli Settlement in the Occupied Territories ، تطور الاستيطان الإسرائيلي في مرتفعات الجولان السورية المحتلة، منذ بداية الاحتلال سنة 1967 وحتى سنة 1994 ويذكر عدّة مخططات، منها اقتراح استيطاني قدم في تشرين الثاني / نوفمبر 1967 إلى إقامة 20 قرية زراعية في القطاعين الشمالي والجنوبي من الجولان، على أن يبلغ عدد سكانها 7000 نسمة سنة 1982. وفي سنة 1969،نشرت خطة أُخرى تعرض آمالاً تتوقع قرابة 45 ألف إلى 50 ألف نسمة خلال عشرة أعوام. وبحلول سنة 1969، كانت 11 مستوطنة تعاونية (عدد سكانها 300 نسمة) قد أنشئت. وكانت ترتبط بأحزاب تنتمي إلى الائتلاف العمالي الحاكم. لمراجعة التقرير: الاستيطان اليهودي في الأراضي المُحتلة، المستوطنات الإسرائيلية في مرتفعات الجولان 1967 – 1994. مجلة الدراسات الفلسطينية، مجلد 6، عدد 22 (ربيع 1995)، 130-138.
16. في عدّة مُناسبات سياسية كانت قد أعلنت الحكومة الإسرائيلية عن خطّتها لزيادة عدد المستوطنين الإسرائيليين في الجولان بحوالي مئة ألف مستوطن خلال الأعوام الخمس الآتية. لمراجعة تحديث دوري حَول المستوطنات للمرصد – المركز العربي لحقوق الإنسان في الجولان .
17. المصدر السابق.
18. بالطبع بالإمكان قراءة السياسة الإسرائيلية وقرارها في الإبقاء على سكان الجولان الدروز بالأساس ومحاولاتها بتجنيسهم (فرض الجنسيات الإسرائيلية عليهم قسرًا) في محاولة منها لدمجهم في المجتمع الإسرائيلي وفصلهم وتمييزهم عن شتّى السكان العرب كنمط من أنماط “الاحتواء” الذي يهدف “للإبادة”، وهي فكرة يقوم بشرحها بشكل موسّع الباحث فيرتشيني في كتابه “الاستعمار الاستيطاني: مدخل نظري” تحت مصطلح: ” elimination through assimilation”.
19. وولف، باتريك (2006). الكولونيالية الاستيطانية واستئصال/محو السكان الأصليين. مجلة دراسات الاستعمار الاستيطاني، العدد 2. صفحات: 226-252. ترجمة للعربية: داليا طه.
20. وولف، باتريك. المرجع السابق (صفحة رقم 228 في النسخة العربية).
21. Sayegh, F. (1965). Zionist Colonialism in Palestine. Beirut, Lebanon:
Palestine Liberation Organization.
22. راجعوا المراجع السابقة التي ذكرت مقالة باتريك وولف المترجمة للعربية. ظهرت العبارة في الإنجليزية على الشكل التالي:
“Land is life – or, at least, land is necessary for life. Thus contests for land can be – indeed, often are – contests for life.”
23. Said, E. (1979). The Question of Palestine. New York: Times Books, p. 9.
24. Bimkom – Planners for Planning Rights (2012). From Public to National: National Parks in East Jerusalem.
25. رام، موريئيل، وغوردون، نيف (2016). التطهير الإثني وتشكيل أنماط جغرافيا الاستعمار الاستيطاني. مدار – مجلة “قضايا إسرائيلية”، عدد 62، 70-93.
26. المرجع السابق.
27. إن إطلاق تسمية “أزمة المسكن” على القضية الحالية، إن كان في الخطاب المحلي أو الصحافي (وحتى العالمي منه)، هو أمر مغلوط، كَون أن التسمية تتجاهل الظرف الاستعماري مما يجري في الواقع. فالحديث هنا ليسَ على ازدياد طبيعي للسكان واحتياج متزايد في البناء والمساحات، إنما على ممارسات كولونيالية مستمرة تهدف إلى تقنين المساحات المُتاحة للبناء للسوريين في الجولان، وإعاقة حصولهم على تصاريح بناء، واراضي زراعية ومياه الري وأمور حياتيّة أخرى.
28. حلبي، أسامة ومرعي، تيسير (1993). الحياة تحت الاحتلال: مرتفعات الجولان. مجلة الدراسات الفلسطينية، 4(13)، 29.
29. انظروا صفحة 107 في: ناشف، إسماعيل. (2012). معمارية الفقدان: سؤال الثقافة الفلسطينية المعاصرة.الناشر: دار الفارابي.
نشر هذا المقال بنائا على شراكة مع جدلية.
[This article is published jointly in partnership with Jadaliyya]