تركيا…مشروع توسعي في سوريا؟

تركيا…مشروع توسعي في سوريا؟

جددت حكومة أنقرة تهديداتها بشن عملية عسكرية ضد وحدات حماية الشعب في منطقة شرق الفرات وقالت حديثاً على لسان وزير دفاعها ” خلوصي آكار”، إن تركيا لديها خطط بديلة ستطبقها في حال عدم التزام واشنطن بوعودها بشأن المنطقة الآمنة شرق الفرات.

ونقلت وكالة سبوتنيك الروسية عن آكار قوله أن أنقرة لديها خطة (ب) وخطة (ج) في حال لم تلتزم الولايات المتحدة بوعودها حول المنطقة الآمنة مشيراً إلى استعداد حكومته لتطبيقها.

وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في كلمة ألقاها خلال مراسم تخرج بجامعة الدفاع الوطني في إسطنبول بأن قواته ستبدأ بعملية أحادية لإقامة المنطقة الآمنة على امتداد الحدود التركية السورية شرقي نهر الفرات إذا فشلت المحادثات مع الولايات المتحدة في منح القوات التركية السيطرة على المنطقة خلال أسابيعوتطهيرها من بؤر الإرهاب.

وردّاً على تصريحات الرئيس التركي الأخيرة، أكدت قوة المهام المشتركة لعملية العزم الصلب ضد تنظيم داعش أهمية الدور الذي تلعبه قوات سوريا الديمقراطية في مكافحة الإرهاب. وقال اللواء إريك هيل من القوات الجوية الأميركية ومدير قوة المهام المشتركة: “يواصل شركاؤنا تنفيذ العمليات الصعبة لملاحقة داعش بلا هوادة والقضاء على مستقبل وجوده في شمال شرقي سوريا، وتُعد جهود قوات سوريا الديمقراطية المستمرة حاسمة الأهمية لسلامة واستقرار المنطقة”

واستهجن “رياض درار“، الرئيس المشترك لمجلس سوريا الديمقراطية تهديدات الرئيس التركي وقال: “استجبنا للإجراءات الأمنية كلها في ما يتعلق بإنشاء المنطقة الآمنة ولم يبقَ لدى أردوغان أي حجة للتطاول على مناطقنا، لكن إذا نفذ تهديداته، فأبناء المنطقة في شمال وشرق سوريا إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية، سيقاومونه بكل تأكيد”. منوهاً بأن “استمرار التهديدات التركية بهذا الشكل يعني إدخال مناطقنا في فوضى لن نقبل بها.”

وفي وقت نفى فيه إردوغان أطماعه في احتلال سوريا والعراق،كان تقرير قد نشرته محطة سكاي نيوزالإخبارية على موقعها الإلكتروني قد كشف عزم الرئيس التركي طيب رجب أردوغان تأسيس مشروعه التوسعي المسمى بتركيا الكبرى في سوريا والعراق وإنشاء المنطقة الآمنة بالتفاهم مع واشنطن كمدخل لتوسعها الجغرافي داخل سورية وفرض منطقة آمنة مؤقتة كتكتيك مرحلي ليتسع ويشمل مدن حلب والحسكة ودير الزور والرقة وحماة وحمص واللاذقية وإدلب وطرطوس في حين تشمل خارطة التوسع في العراق مدن الموصل ودهوك وأربيل والسليمانية، وكركوك، وصلاح الدين.

ويعتقد عمران سلمان الباحث المتخصص في قضايا الإصلاح والتنوير في العالم العربي أن أنقرة تسعى للاستيلاء على النفط في شرق الفرات. وبحسب تقديرات بعض الخبراء فإن 75 في المئة من حقوق النفط السورية تقع في المناطق التي يسيطر عليها الأكراد وهي “منطقة حقول الحسكة (بما فيها رميلان والسويدية وكراتشوك)، ومنطقة الشدادي أو حقول الجبسة (بما فيها جبسة وغونة وكبيبة وتشرين)”. وهاتان المنطقتان تنتجان النفط الثقيل، بينما منطقة الفرات ـحقول دير الزورـ تنتج النفط الخفيف.وهذه الحقائق النفطية تعرفها الحكومة التركية بطبيعة الحال، ولذلك فإنها تعتبر الوصول إلى تلك المنطقة والسيطرة عليها وسرقة نفطها مسألة حيوية بالنسبة للدولة التركية.

وتتباحث أنقرة وواشنطن بشأن إنشاء “منطقة آمنة” تفصل الحدود التركية عن مواقع تابعة لوحدات حماية الشعب، غير أنهما تواجهان مسائل إشكالية، أبرزها عمق هذه المنطقة في الأراضي السورية وفقاً للمباحثات التي جرت في مقر وزارة الدفاع التركية بأنقرة مع مسؤولين عسكريين أمريكيين، بين 5 و7 أغسطس/ آب. فتركيا تريد أن تكون المنطقة الآمنة بعمق يتراوح بين 30 و40 كيلومتراً داخل الأراضي السورية، بينما اقترحت واشنطن منطقة آمنة منزوعة السلاح لمسافة 5 كيلومترات تعززها منطقة إضافية خالية من الأسلحة الثقيلة لمسافة 9 كيلومترات وضمان عودة  اللاجئين السوريين إلى بلادهم. و طلبت تركيا أيضاً أن تكون لها السلطة المطلقة على المنطقة وهي نقطة اختلاف أخرى مع الولايات المتحدة.

وبدأت أنقرة وواشنطن التحضيرات الأولية لإقامة مركز العمليات المشتركة لتنسيق إنشاء وإدارة المنطقة الآمنة في شمال سوريا بعد وصول 6 عسكريين أميركيين 13 آب/أغسطس إلى ولاية شانلي أورفا التركية للبدء بتنفيذ الخطة التي تقرّر بموجبها إنشاء مركز عمليات مشتركة شبيه بمركز عمليات حول مدينة منبج الواقعة في غرب الفرات الذي أقيم في غازي عنتاب جنوب تركيا عقب الاتفاق التركي الأميركي على خريطة الطريق حول منبج في 4 حزيران/يونيو 2018.

وبحسب “الإدارة الذاتية” فإن المنطقة الآمنة تمتد من منطقة رأس العين شمالي محافظة الحسكة إلى منطقة تل أبيض شمالي الرقة المجاورة بعمق خمسة كيلو مترات وتصل لتسعة  كيلومترات في بعض المناطق.ويتخوف الأكراد من تكرار سيناريو عفرين واحتلال أنقرة لشرق الفرات وضمها لتركيا تحت ذريعة حماية أمنها القومي.

وفي هذا الصدد حذر آلدار خليل، القيادي الكردي السوري من التهديدات التركية وتداعياتها الكارثية على المنطقة برمتها لا سيما مع وجود الآلاف من معتقلي تنظيم داعش الخطيرين المنحدرين من 50 دولة مع عوائلهم وأطفالهم الذين تشبعوا من الأفكار المتطرفة، مبيناً أن هذا كله خطر على العالم أجمع والتهديدات التركية تزيد من هذا الخطر وقال: “في الوقت الذي نحاول فيه أن يكون هناك حل لهذا الموضوع الخطير الذي يهدد العالم بأسره، تركيا تهددنا وتريد الهجوم على منطقتنا تحت حجج وذرائع لا أساس لها من الصحة ولا تمت إلى الحقيقة بصلة”.

ونقلت وكالة الأناضول التركية عن الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” يوم الإثنين  26 آب قوله (خلال كلمة ألقاها بقضاء ملاذكرد بولاية موش خلال الاحتفال بالذكرى 948 لمعركة ملاذكرد التي انتصر فيها السلاجقة على البيزنطيين) أن قوات بلاده البرية ستدخل إلى شرق الفرات في وقت قريب جداً.

وأشار إلى أنّ تركيا مستعدة تماماً لتنفيذ خططتها البديلة، في حال تم إجبارها على اتباع طريق آخر غير الذي تريده فيما يخص بشرق الفرات.

جاءت تهديدات أردوغان آنذاك ضدّ قوات سوريا الديمقراطية بعد يومين من الاجتماع السنوي لقادة تشكيلات قوات سوريا الديمقراطية الذي عقد يوم السبت 24 آب  في مقر القيادة العامة لقوات سوريا الديمقراطية بمدينة الحسكة وحمل شعار “من دحر الإرهاب نحو إرساء دعائم الاستقرار”  بهدف إعادة تشكيل المجالس العسكرية، وتنظيم هيكلة قوات سوريا ديمقراطية من خلال مجلس عسكري عام يضم جميع المجالس العسكرية. وقد حضر الاجتماع ممثلون عن التحالف الدولي ضد داعش.

وأكد “نيكولاس بوند” قائد قوات التحالف الدولي في سوريا ونائب قائد التحالف الدولي ضد تنظيم داعش خلال مشاركته في الاجتماع السنوي العام لقادة تشكيلات قوات سوريا الديمقراطية إلى أنهم سيطبقون الآليات الأمنية لحماية حلفائهم من قوات سوريا الديمقراطية ضد أي هجوم غير منسق”؛ مبيّناً أن “الولايات المتحدة الأمريكية والتحالف الدولي سوف تتفق مع تركيا لإنشاء مركز عمليات والذي سيتم على عدة مراحل”.

ونوه بوند إلى استمرار قوات التحالف الدولي في دعمها لقوات سوريا الديمقراطية لإحلال السلام والقضاء على داعش.

وتوصلت الولايات المتحدة وتركيا بعد جولات من المحادثات الثنائية، إلى اتفاق على إنشاء منطقة آمنة ذات طبيعة أمنية وعسكرية تفصل بين مناطق سيطرة المقاتلين الأكراد، والحدود التركية، وتمتد بين مدينتي سري كانية (رأس العين) وكري سبي (تل أبيض) بطول 70 – 80 كم وبعمق بين /5-14/ كم، على أن تشمل المناطق غير المأهولة بالسكان، بعد تقسيمها إلى ستة قطاعات. وسيتم تسيير دوريات أميركية تركية مشتركة في المنطقة، فيما ستكون تركيا ضمن القوات الجوية للتحالف الدولي التي تحلق في سماء المنطقة وتعمل على إعادة اللاجئين السوريين. أما بعض شروط القبول من الجانب الكردي بالاتفاق أن لا تقوم أنقرة بإعادة لاجئين سوريين من مناطق أخرى إلى هذه المنطقة، وهو ما وافقت عليه السلطات التركية.

من جانبه قال الكاتب والصحفي الكردي نور الدين عمر “بأنه ليس هناك منطقة آمنة، بل إقامة مركز عمليات مشتركة داخل الأراضي التركية وبعمق 5 كم ولن تشمل المدن السورية، كما لن تتواجد فيها فصائل مسلحة موالية لأنقرة”.

وأجرى وفد من قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية في 22 آب سلسلة اجتماعات مع المجالس العسكرية والمدنية وقوى الأمن الداخلي في سري كانية (رأس العين) وكري سبي (تل أبيض).

وتعهد الوفد بأنهم سيعملون مع قوات سوريا الديمقراطية على تقسيم المنطقة المحددة بين مدينتي سري كانية (رأس العين) وكري سبي (تل أبيض) لتسيير الدوريات العسكرية المشتركة بين القوات الأمريكية والتركية إلى ستة قطاعات في طول /88/كم وعرض ما بين /5/ إلى /14/ في المناطق غير المأهولة بالسكان.

وعن القوات العسكرية التي ستتولى حماية  المنطقة العازلة قال عمر: “ستحميها قوات محلية بالتنسيق مع التحالف الدولي بعد أن تنسحب قوات سوريا الديمقراطية مع أسلحتها الثقيلة وتسلم حماية الحدود لتلك القوات التي جهزت ودربت على يد قوات التحالف التي لازالت مستمرة في دعمها اللوجستي والعسكري لقسدوستمنع أي هجوم تركي على شرق الفرات “

وفي السياق ذاته وضح “حسن قامشلو” وهو من قادة قوات سوريا الديمقراطية في تصريحات إعلامية خلال انضمامه للاجتماع السنوي لقادة قوات سوريا الديمقراطية بأن المجالس العسكرية لمناطق شرق الفرات ستحل مكان وحدات حماية الشعب والمرأة وستنتشر بمحاذاة منطقتي رأس العين شمال الحسكة وتل أبيض شمال الرقة بعمق خمسة كيلو مترات. وأضاف “قامشلو” أن المجالس العسكرية ستعمل على حماية المنطقة الآمنة، وسيضمن وجود القوات الدولية في المنطقة الآمنة الحد من الهجمات التركية.

وفي حزيران الماضي أعلنت قوات سوريا الديمقراطية عن تشكيل مجالس عسكرية في كل من تل أبيض وكوباني والطبقة والرقة وديريك وعامودا والحسكة والقامشلي. ويتألف المجلس العسكري من قيادات محلية وقادة للألوية وقادة للأفواج إلى جانب مسؤولي المكاتب العسكرية بالمنطقة.

وقالت وكالة رويترز في يناير 2018 إن التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة يعمل على تشكيل قوة حدودية جديدة قوامها 30 ألف مقاتلستنشرهم على طول الحدود مع تركيا شمالاً والحدود العراقية باتجاه الجنوب الشرقي وعلى طول وادي نهر الفرات الذي يعتبر خطاً فاصلاً بين قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة والقوات الحكومية السورية المدعومة من إيران وروسيا.

وأعلن الرئيس المشترك لمكتب الدفاع في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، زيدان العاصي، في27 آب تنفيذ الخطوات الأولى من التفاهمات الثلاثية بخصوص أمن الحدود مع تركيا، وأكد في تصريحات إعلامية أن الخطوات الأولى من التفاهمات بُدئ تنفيذها في 24 آب في سري كانية/ رأس العين، حيث انسحبت وحدات حماية الشعب مع أسلحتها الثقيلة إلى نقاطها الجديدة وتم تسليم النقاط الحدودية للقوات المحلية”.

وضمن خطة تطبيق الترتيبات الأمنية سيرت القوات الأمريكية دورية مع قوات سوريا الديمقراطية يوم الثلاثاء 3 /أيلول على الشريط الحدودي في مدينة تل أبيض والتي ضمت ست عربات تُتابع إجراءات المنطقة الآمنة وتُراقب إخلاء الشريط الحدودي من الأسلحة الثقيلة.

“مقاتل لا قاتل”.. حملة تدعو لتحييد المدنيين عن المعارك

“مقاتل لا قاتل”.. حملة تدعو لتحييد المدنيين عن المعارك

“في زمن الحرب، ليس كل شيء مباحاً” عبارة عبر بها المقاتل عمران الشعراوي (32عاماً) عن استيائه، فهو لم يحتمل أن يرى فصيله الذي انتسب إليه بغية إسقاط النظام الحاكم، يتبع أساليب ملتوية أهمها قتاله لفصيل ثوري آخر، وهو ما دفعه للانشقاق عنه على الفور واعتزال العمل العسكري الذي “انحرف عن مساره الصحيح” على حد تعبيره.

مع مرور ما يزيد عن ثمانية أعوام على الثورة السورية، سُجلت العديد من الانتهاكات التي قام بها مقاتلون تضمنت إعدامات ميدانية وسرقة وخطفاً وتهديداً واغتيالات واستهدافاً للمدنيين، وهو ما دفع مجموعة من الشباب الناشطين لإطلاق حملة على مواقع التواصل الاجتماعي تهدف إلى نشر الوعي بين المقاتلين. أطلق على الحملة اسم ” مقاتل لا قاتل” وهي عبارة عن رسالة موجهة لجميع المقاتلين دون استثناء سواءً الموالين منهم للنظام السوري أو المعارضين له.

يوضح عمران دوافع اعتزاله لفصيله: “حين انتسبتُ للثورة المسلحة وضعت أمامي هدفاً واحد وهو التخلص من نظام استبد بحكم البلاد وظلم العباد على مدى عقود، غير أن محاربة فصيلي لفصيل آخر يحمل ذات الأهداف التي خرجنا من أجلها كان بالنسبة لي تقاعساً عن أداء الواجب والأمانة وانحرافاً عن مسار الثورة المحقة. وهو ما دفعني لاعتزال العمل العسكري، لأنني لا أريد أن أتحول من مقاتل إلى قاتل.” ويؤكد عمران  أنه يجب على المقاتل أن يتمتع بالأخلاق والالتزام بقواعد حقوق الإنسان، وبذل كل جهد ممكن للحفاظ على مسار الثورة بما يحقق أهدافها في نيل الحرية والكرامة والانتقال إلى دولة مدنية تحترم جميع مواطنيها دون أي تمييز.

تعتبر حملة ” مقاتل لا قاتل” جزءاً من مشاريع منظمة نداء جنيف وهي منظمة إنسانية غير حكومية، تتميز بحيادها وعدم تحيزها، مكرسة للجهات الفاعلة المسلحة غير الدولية لحثها على الامتثال لقواعد القانون الإنساني وشرعة حقوق الإنسان. وتركز المنظمة على الجهات المسلحة كالمنظمات المسلحة التي تدير عملياتها خارج سيطرة الدولة الفعلية، الأمر الذي ينطبق على الحالة السورية.

وحول نشاطات الحملة يحدثنا وائل الحسن (26عاماً) أحد نشطاء الحملة بأنها عبارة عن سلسلة من الأفلام القصيرة التي تبلغ مدتها حوالي النصف دقيقة، تعتمد على المزج بين صوت الراوي والمشهد الذي ترسمه يد تعبر عن محتوى الحلقة التي حملت عدة عناوين ومنها: “لا تستهدف أو تهاجم ممتلكات مدنية أو مبانٍ عامة؛ لا تستهدف ولا تهاجم المدنيين؛ عامل جميع الناس الذين تحت سيطرتك بإنسانية؛ احترم عناصر الخدمات الطبية وأمن الحماية لهم؛ لا تستخدم أسلحة ممنوعة ولا تنخرط في أساليب حرب غير قانونية ولا تجند الأطفال ولا تستغلهم في القتال أو الأعمال العدائية.” ويشير الحسن إلى أن الوضع الإنساني في سوريا يواصل تدهوره، فالمرافق الطبية تُستهدف بانتظام، ويتم استهداف السكان المدنيين “دون رحمة وينتشر التعذيب في المعتقلات، والملايين من الأشخاص أجبروا على مغادرة بيوتهم بسبب القتال المتواصل، ولذا فإن الحملة تهدف إلى رفع مستوى وعي المقاتلين من كل الأطراف وتذكيرهم بواجباتهم في حماية السكان المدنيين.” ويضيف الحسن إلى أنه يتوجب على كل مقاتل سواءً كان جندياً أو مسؤولاً أو ضابطاً اتخاذ تدابير وإجراءات وقائية، سواءً قبل اندلاع العمليات العسكرية أو أثنائها وحتى بعد انتهائها. والهدف من هذه التدابير هو محاولة الإسهام في حماية الأشخاص غير المشتركين بالعمليات العسكرية ومحاولة الحفاظ على المواد التي لاغنى عنها لبقاء السكان المدنيين. وهذا الواجب يدخل في إطار مايعرف بمعادلة التناسب التي تعرف بتحقيق التوازن بين قاعدة الضرورة العسكرية ومبدأ الإنسانية، وتحقيق هذا التناسب والتوازن من قبل المقاتلين يتطلب منهم الوعي الكافي حول وضع مخطط يتناول فيه كل الجوانب التي تساعد في الوصول إلى الهدف، مع مراعاة حماية المدنيين من أي خطر عسكري. ومن هنا تظهر أهمية الحملة التي  تهدف إلى تشجيع المجتمع المدني على الترويج لهذه المعايير والقيم  وفق ما أكد الحسن.

لم يقتصر ترويج الحملة على مواقع التواصل الاجتماعي، وإنما كان هنالك تدريبات من قبل بعض المنظمات للمقاتلين على الجبهات وتوعيتهم في مجال قواعد القانون الدولي الإنساني والدعم النفسي والتخطيط الاستراتيجي. ومن تلك المنظمات كانت أكاديمية آفاق للتطوير والتغيير التي أنشأت ستة تدريبات في هذا المجال تم من خلالها توزيع كتيبات “مقاتل لا قاتل” على كل المتدربين وقد أعطي القادة عدداً أكبر من الكتيبات بغية توزيعها على العناصر التي تقاتل معهم.

وعن التدريب وأهدافه يُبين المرشد النفسي محمد السيد (30عاماً) بأن التدريب لا يقدم برنامجاً نفسياً للمشاركين وإنما آليات للدفاع عن أنفسهم والحفاظ على توازنهم النفسي في حال تعرضهم لصدمات خلال القتال، ومهارات إدارة الضغوط للوصول إلى درجة عزل بين نفسية المقاتل وبين الحدث للتصرف بطريقة أسلم في حال الأزمات. وينوه السيد إلى أن الكتيب الذي قدمته الأكاديمية للمشاركين يحوي نصائح قانونية للمقاتلين عن كيفية التصرف أثناء النزاعات بأسلوب سهل وطريقة محببة تعتمد على الصورة أكثر منها من الكلمة، ناهيك عن حجمه الصغير الذي يجعل من السهل حمله في كل مكان.

وأثنى علاء النجار (40عاماً، أحد القادة الميدانيين الذين حضروا التدريب) على الحملة ووصفها بالإيجابية قائلاً: “لقد استفدنا من التدريب بصقل خبراتنا حول كيفية تحديد الأهداف وامكانية استهدافها من عدمه في حال كان استهدافها يوقع أضراراً أكبر من الفوائد العسكرية المرجوة، وكيفية اتخاذ قرار عسكري ضمن إطار القانون الدولي الإنساني.” وأضاف بأن الحملة أبرزت للمقاتلين العديد من الأخطاء التي يقعون فيها عادةً مما يرتب عليهم مسؤولية قانونية في المستقبل، ما يدفعهم لتلافيها. كما وبين النجار بأن الحملة والتدريب قدما لهم الكثير من المعلومات الهامة والتي من شأنها أن تساعدهم في معالجة أغلب الإشكاليات التي تواجههم وأهمها قضية الأسرى واستهداف المقرات العسكرية المتواجدة بين المدنيين وغير ذلك.

لم تنتشر حملة مقاتل لا قاتل فقط في سوريا، وإنما عملت منظمة نداء جينيف سابقاً على نشرها في دول أخرى متأثرة بالنزاع المسلح كالعراق في عام 2015، وفي جمهورية الكونغو الديمقراطية في عام 2016، حيث تمت مشاهدتها من قبل ملايين الأشخاص ويُعتقد أنه كان لها أثر لا يستهان به في حث المقاتلين على التمييز بين الأهداف المدنية والعسكرية والعمل على حماية المدنيين وخاصة النساء والأطفال.

جندرما تركية بالرصاص تمنع سورييين من العبور

جندرما تركية بالرصاص تمنع سورييين من العبور

لازال القتل هو الحدث الأبرز الذي يشهده الشريط الحدودي الفاصل ما بين الأراضي السورية التركية، فلم يعد هناك متسع سوى للمزيد من الضحايا  الذين تتصيدهم بنادق الدرك التركي، ولم تعد هناك شراهة إلا لإطلاق النار وقتل مزيد من الضحايا الفارين من جحيم الحرب السورية أو استهداف من زالوا على أرضهم وقراهم في شمال وشرق سوريا.

 استهدفت قناصة حرس الحدود التركي بالرصاص الحي “ماهر محمد حسين” (17 عاماً) بطلقة أصابته في الرأس ظهر يوم الثلاثاء 30 تموز(يوليو) في قرية سفتك الحدودية (غربي مدينة كوباني شمال شرقي سوريا) أثناء مساعدته لعائلته في ترميمهم لسطح منزلهم، وتوفي يوم الأحد 4 آب متأثراً بجروحه الخطيرة بعد نقله لمشفى مدينة “منبج”.

وجاء ذلك بعد ستة أيام من إطلاق حرس الحدود التركي المعروف باسم “الجندرما” الرصاص الحي على قرية “قره موغ” شرقي مدينة كوباني الواقعة على بعد 30 كيلو متراً غرب نهر الفرات، حيث أصابت بطلقتين المزارع “كانيوار شاهين جزائر” (29 عاماً) في كتفه أثناء عمله في أرضه، ليسعف بعدها إلى مشفى مدينة كوباني لتلقي العلاج.

وتحدث “بلند محمد” مدرس تاريخ منحدر من مدينة كوباني، وهو مستقر في مدينة القامشلي، بأن حرس الحدود التركي لا يفرق بين طفل أو رجل أو حجر، فهو يصوب بنادقه باتجاه القرى الحدودية على طول الشريط الحدودي بين تركيا وسوريا، ويطلق رصاصاته عشوائيا بعمق الداخل السوري، وفي كل مرة يكون هناك ضحايا من المدنيين الأبرياء وغالبيتهم من المزارعين. وأضاف “محمد”: “قتل الدرك التركي طفلة عمرها 6 سنوات في قرية تل فندر بريف مدينة تل أبيض في شهر تشرين الثاني إضافة إلى مئات الضحايا غيرها”.

ووثق المرصد السوري لحقوق الإنسان وهو مجموعة رصد مقرها المملكة المتحدة في 19 تموز مقتل شاب من أبناء مدينة سلقين برصاص قوات حرس الحدود التركي “الجندرما” أثناء مروره على الطريق الواصل بين بلدة دركوش وقرية الدرية الحدودية مع لواء اسكندرون غرب إدلب.

وبحسب المرصد قتلت سيدة منحدرة من قرية “شهرناز” بريف حماة الشمالي برصاص الحرس التركي في 10 حزيران الماضي أثناء محاولتها الهرب من المعارك ودخولها الأراضي التركية من جهة لواء اسكندرون.

و تحدث الصحفي “دلوفان جتو” (الذي يعمل مراسلاً تلفزيونياً في مدينة القامشلي شمال شرق سوريا) عن تقرير تلفزيوني كان قد أعده لصالح قناة “كردستان 24″، وقام فيه بتغطية حادثة مقتل شاب كردي يدعى “بهاء جميل” على يد حرس الحدود التركي في أواخر سنة 2018. ويتهم والد بهاء وأشقاؤه في التقرير التلفزيوني حرس الحدود التركي بقتل بهاء (وهو أب لطفل تيتم من بعده) وسرقة أعضائه بعد كشفهم أمام عدسة الكاميرا عن جثة “ابنهم” التي يظهر عليها آثار التعذيب وأماكن سلب الأعضاء.

وبهاء ليس الضحية الأولى فـ”خليل اسماعيل” الرجل الخمسيني المنحدر من مدينة القامشلي فقدَ ابنه البالغ من العمر 20 عاماً بعدَ  أن قُتل برصاص القوات التركية في أثناء محاولته العبور من مدينة القامشلي إلى تركيا عبر وساطة مهربي البشر. ويشتكي “اسماعيل”: “قبل عامين قتلت الجندرما ابني ورمت بجثته على الطرف السوري من الحدود بعد أسبوع وبعد أن سُلبت منه أعضاؤه”.

وكشفَ تحقيق استقصائي لقناة ألمانية عن تورط السلطات التركية في تهريب الأعضاء البشرية للجرحى السوريين الذين يصلون إلى الأراضي التركية و يتم تجريدهم من أعضائهم بعد تخديرهم ليتم قتلهم لاحقاً ودفنهم في الأراضي التركية أو إرسالهم إلى الحدود. ومعظم الأعضاء التي يتم الاتجار بها هي الكبد والكلى والقلوب، والتي تُعطى للأشخاص الذين ينتظرون العلاج في تركيا.

ووثق مركز توثيق الانتهاكات في شمال سورية والتي تعرف بـVDC-NSY (وهي منظمة سورية توثق انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبت منذ بداية الحرب الأهلية السورية) في تقرير نشرته في 24 تموز بأن عدد الضحايا السوريين برصاص الجندرما التركي ارتفع إلى أكثر من 812 شخصاً، وقتل منهم 436 ضحية بينهم 79 طفلاً دون سن 18 عاماً و53 سيدة)، وسجل عدد المصابين بطلقات نارية واعتداءات بـ376 مواطناً أثناء محاولة اجتيازهم الحدود السورية باتجاه تركيا هرباً من الحرب المندلعة في سوريا منذ 8 سنوات.

وكشف تقرير تلفزيوني نشر في السادس من شهر نيسان عن تصويب حرس الحدود التركي رصاصاته عن قرب نحو أم وأطفالها الستة قرب معبر “باب الهوى” الحدودي شمال غرب مدينة إدلب، وذلك أثناء محاولتهم العبور إلى داخل الأراضي التركية. نتج عن ذلك مقتل الطفلة (حلا صوّان) مع المسعف الذي حاول إنقاذها، بينما جرحت أمها وأخواتها بجروح خطيرة. وأشار التقرير إلى مقتل طفلة أخرى في نفس التوقيت تدعى “دعاء مصطفى عيد” (11 عاماً) مِن أبناء قرية “كفر عروق” شمال إدلب، وذلك برصاص حرس الحدود التركي أيضاً، أثناء عبورها مع ذويها الحدود التركية.

ونددت وسائل إعلام غربية عن استمرار قتل السوريين برصاص الدرك التركي حيث كشفت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية في تقرير نشرته في 20 نيسان عن مقتل 8 سوريين، معظمهم من النساء والأطفال، على يد حرس الحدود الأتراك أثناء محاولتهم الهرب من بلادهم التي تعاني من الحرب ومن ممارسات التنظيمات الإرهابية في مناطق المعارضة السورية المسلحة.

واتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقرير نشرته العام الفائت حرس الحدود التركي باستخدامه الرصاص الحى ضد النازحين السوريين الذين يحاولون العبور إلى تركيا، ودعت المنظمة في تقريرها أنقرة إلى وقف إعادتهم “قسرياً”، وفتح الحدود أمامهم. وذكر تقرير المنظمة المنشور في 30 تموز بأن حرس الحدود التركي تسبب بمقتل العشرات من السوريين، وبأنهم يطلقون النار بشكل عشوائي على اللاجئين السوريين الفارين من المعارك في بلادهم.

ويتهم مزارعون أكراد من القرى الحدودية السلطات التركية بالاستيلاء على أراضيهم ومنعهم من زراعتها بعد بناء الحكومة التركية جداراً إسمنتياً على الحدود الدولية وغيرت مجرى نهر دجلة في منطقة “عين ديوار“شرق مدينة “القامشلي” شمال شرقي سوريا. وباتت المناطق الزراعية حتى الجسر الروماني (وهو معلم أثري يعرف باسم  بـ” بافت “ضمن المنطقة المحرمة من قبل تركيا والتي غمرتها بمياه النهر.

وعلى الحدود السورية التركية الممتدة في منطقة “عين ديوار” في ريف مدينة القامشلي شمال شرقي سوريا، أشار المزارع “صالح محمد ” 40 (عاماً) بيده إلى الحدود الفاصلة بين عين ديوار من الجانب السوري ومدينة “جزير” من الطرف التركي مصرحاً بأن “تلك الأراضي البالغة 25 دونماً كانت حقولي وبجانبها أراضي أشقائي وأهل قريتي التي استولت عليها الحكومة التركية ومنعتنا بقوة الرصاص من زراعتها، ويواجه كل مزارع  الموت وهو يحاول الوصول إلى أرضه من قبل الدرك التركي”.

وأضاف: “لدينا أقرباء من الجانب الآخر من الطرف التركي وتحديداً من مدينة “جزير” المقابلة لعين ديوار، وقد طلبنا منهم أن يرفعوا شكوى رسمية  باسم مزارعي القرى الحدودية السورية إلى بلدية مدينة “جزير”، لكن الحكومة التركية رفضت الشكوى ومنعتنا من زراعة أرضنا أو حتى الاقتراب منها، لقد احتلت تركيا حقولنا”.

وكشف “جوان خليل” مزارع من “عين ديوار” عن استيلاء الحكومة التركية على 25 دونماً من أرضه الزراعية التي كانت تؤمن مصدر دخله الوحيد، وهو كغيره من مزارعي تلك القرى الحدودية قد خسر مصدر رزقه واضطر للسفر إلى إقليم كردستان العراق ليؤمن قوت عائلته. ويوضح “خليل”: “استولت تركيا على أراضي 6 قرى حدودية، ومنعتني من زراعة حقولي البالغة 30 دونماً واستولت على 150 دونماً من أراضي أقربائي منذ أربع سنوات”. وأضاف: “الجندرما التركية تقتل كل مزارع يحاول الاقتراب من أرضه وكذلك تقتل الرعاة ومواشيهم، فقد قتلت مزارعاً وراعياً مع أغنامه قبل حوالي الشهر، فتلك القرى الحدودية  من الجانب السوري تعتبرها تركيا منطقة محرمة على أصحابها الكرد السوريين”.

وتحدث تقرير نشرته وكالة “هاوار” الإخبارية المقربة من الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا عن بناء الحكومة التركية جداراً عازلاً بين سوريا وتركيا منذ عام 2016، واستولت على أراضي 20 قرية ممتدة على طول الشريط الحدودي قُدّرت بـ 4626 دونماً وحرمت المزارعين من الاقتراب من حقولهم وزراعتها.

وفتحت السلطات التركية مياه نهر “الجلاب” الذي يدخل الأراضي السورية شرقي “مدينة كري سبي/تل أبيض” غرب مدينة  “كوباني ” وغمرت ألفي هكتار من الأراضي الزراعية، حرمت مزارعي تلك المنطقة من زراعة أراضيهم بعد غمرها بالمياه. وقال المهندس عبد الله الخطاب: “بأن الحقول التي تضررت نتيجة ارتفاع منسوب المياه هي بطول 14 كيلو متراً، وتمتد على طول المنطقة الممتدة من جسر شريعان إلى قرية زحلة جنوب شرق مدينة كري سبي”. وأضرت المياه المتدفقة ببيوت 300 عائلة  كانت تقطن في منازل بالقرب من مجرى النهر الذي ارتفع منسوبه على نحو غير مسبوق بسرعة، بعد أن تعمدت السلطات التركية فتح المياه على تلك المناطق.

The Roofed Souk in Homs… A Memory that Has Awakened a Dream

The Roofed Souk in Homs… A Memory that Has Awakened a Dream

I recently visited the Roofed Souk (al-Souk al-Maqbi–in colloquial dialect “the domed souk”) in Homs for the first time in years. I entered through surroundings of destruction and ruins, driven by nostalgia for days when we had to walk one behind the other because of the crowds. We were now one week before Eid al-Fitr, and there were no more than two hundred people at the peak hour, in addition to a few open shops waiting for customers who may or may not come!

Before the war, this market, like others in Syrian cities large and small, was a hub for commercial activities in the city, where people exchanged various goods and commodities, and craftsmen, stall holders, and customers from the villages and countryside of Homs gathered. The market buzzed with stall holders calling out about their merchandise, quality, and prices, which suited various social classes. Here you could find various clothes and textiles, sewing supplies, old rugs, furs, various threads and ropes, shoes, clogs, socks, bags, stationery, decorative materials, make-up, gold, silver, oriental and copper goods, groceries, sweets, candy, fish, and meat. In al-A’tareen Souk (perfumers’ souk), a single shop contained more than five thousand types of herbs, plants, spices, oils, and perfumes. There were also workshops for jewelry, blacksmithing, whitening copper, dyeing fabrics, upholstery, and Arab sewing.

Many of the crafts that once filled these markets, such as squeezing molasses and tanning leather, have become extinct, and new ones have replaced them. According to the Directorate of Ruins and Museums in Homs, the number of shops before 2011 was 890 oriental, local, and heritage shops located in thirteen souks: al-Nouri, al-Hisbeh, al-Bazabashi[i], al-Mansoojat, al-Sagha, al-Qaisarieh near al-Qaisarieh Inn[ii], al-Ibi, al-Ma’sarah[iii], al-Ma’radh (al-A’tareen), al-Arab–the mediator between the nomads and the urbans, al-Faru, al-Nahhaseen, al-Khayyateen, and al-Najjareen. These souks, which go back to the Ayyubid and Mamluk eras, still preserve their heritage and architectural characteristics. Other parts go back to the Ottoman occupation period.

The architecture of these souks, just like their counterparts in Damascus and Aleppo, is Islamic, as they are mostly covered with cylindrical roofs, huge rock domes: the shops are built of rocks with semi-circled rock frontages and crowned columns, decorated in the old style with geometric shapes. Huge windows sit on the top with arches for ventilation and lighting. A big dome emerges where two souks meet to crown the road junction, while basalt stones cover the floor.

Basalt stones, which characterize old buildings in Homs, were used because of their abundance in the area of al-Wa’ir, west of Homs, but you can find some souks with roofs made of limestone and hemp, some shaped as domes with air vents. An ironclad wooden shutter with a small door that goes back to 1300 AD characterizes the entrance of al-Qaisarieh souk. Then comes a roofed vestibule that leads to a stone staircase, which in turn leads up to the top floor of twenty-seven shops. Twenty columns made of white stones supporting wooden roofs surround the shops. You can see the ruins of a stone mill inside one of the shops.

The war overran these ancient markets in 2012, subjecting them to destruction and fires. Restoration and rehabilitation work over an area of forty-two thousand square kilometers began three years ago with coordination between Homs Governorate and the United Nations Development Program (UNDP), under the supervision of the General Directorate of Ruins and Museums. The restoration project will replace the damaged metal coverings with similar new ones in the style of the thirties’ period. The restoration includes fixing structural damage, replacing missing stones, and rebuilding some destroyed shops according to specifications set by the Directorate of Ruins and Museums and schemes for this project. The reconstruction will use the same old stones, after they have been sorted out and the rubble removed. There will be new roller shutters, uniform signs, and metal nets for windows and shops. The project will also restore the infrastructure and repair the stone floors.

Restoration will take place in four stages: the first and second ended in 2017 and the third began in 2018. The number of shops restored as part of the third stage reached 750 shops as of March, according to UNDP Representative in Homs Tareq Safar’s statement to the official Teshreennewspaper. However, Safar complained that the “lack of return on the part of shop owners after the restoration of their shops is causing embarrassment for us in front of visiting delegations and some donors,” calling on shop owners to remove the remaining rubble in their shops, so it can be moved away from the sight of the organization’s delegations, who are asking why the shops have not opened yet. This may cause donor countries to reconsider future assistance.

 

Financial Constraints and Burdens:

The restoration project is over ninety percent complete, according to official statements, but the revival in the market has not reached twenty percent in comparison to what it was prior to 2011. This is due to the sectarian division in Homs’s neighborhoods because of the checkpoints, the battles that erupted, the retreat of inhabitants to their neighborhoods, and the creation of micro markets that thrived separately in each neighborhood and later expanded after the war ended. However, these markets still lack crafts like whitening copper, oriental work, ropes, cloaks, and traditional clothing, which the old souk provided.

Merchants in the Roofed Souk suffer from high rents. The shop owners have to re-raise the columns and the roof so that they can be included in the restoration works, as the program is restricted to the shop fronts. In addition, the program has imposed a uniform interior cladding on them. All of this, along with accumulated taxes from previous years, costs the shop owners great sums of money.

Restoration works were supposed to include nearby markets in Abi al-Alaa al-Ma’ari Street, al-Na’ora Souk, Abo al-Ouf Street, Bab Hood, Vegetable Souk, and al-Jindi Souk in parallel with the old souk, so that they can be all connected[iv]. Because most of Homs’s neighborhoods are empty, the souk area has become more isolated. Although government institutions have started working, the neighborhoods of Bayyadha, Khaldieh, Wadi al-Sayeh, Bab Hood, al-Qosoor, al-Qarabis, and Joret al-Shayyah (the northern part of the city) are still semi-empty. One third of the displaced people have returned to the neighborhoods of al-Warsheh, Bab Hood, al-Hamidieh, and Bostan al-Diwan.

Many of the shop owners believe that returning to their homes and shops would be exhausting and very expensive. In addition, there is a lack of security inside the souk at night and delays in installing electricity meters. Some people prefer to open a “cart” in front of their shop until the souk starts to pick up again, so they can prove their presence.

Antoine al-Akhras, a jeweler, suggested closing infringing shops in residential areas, so that merchants will be compelled to go back. Abo Abdo, a soap and olive oil wholesale merchant who worked in the family shop he inherited from his father for more than forty years, has now switched to selling olive oil on the sidewalks after his shop burned down and he lost his goods because it is less expensive and more profitable, as he does not have the money for the restoration, cladding, and buying new products.

Abd al-Baqi al-Tarsheh, the owner of a clothing shop, believes that al-Na’ora Souk should be restored because it links al-Dablan market and the Roofed Souk. “We need financial and moral support so we can return,” he said. Morhaf Slaibi, the owner of a jewelry shop, cannot buy new equipment. Talhat al-Salqini says, “We did not get any financial support. We restored the shops at our own expense.”

A fifty-year-old lady, who frequently visits the souks, thinks that all the shops need to come back, including those selling textiles, jewelry, and tailors’ supplies, because “those who go to the souk want to find everything in one place. We need diversity,” she says. Another lady, who works as a tailor, has to go back and forth between the distant souks in the neighborhoods looking for her supplies, which she used to find all in one street in the Roofed Souk.

All attempts by the government to show that normal life has indeed returned to Homs are for media purposes only. The return of government institutions in the city center is not enough, as it is surrounded by destruction. It also seems that corrupt bureaucracy is not the only reason for not providing true incentives for the return of inhabitants and souks. Apparently, the government has no intentions in this regard, and it shows little or no concern for this matter.

The Roofed Souk still reserves its own corner in the collective memory of the inhabitants of Homs and its countryside. It has always been, and will remain, capable of encompassing all sectors of society. Its return is an indicator for the return of normal civil life. So, will the dream come true?

 

*This article was published in Arabic at Salon Syria here.

 

[i]Known as the ladies’ souk or the souk for second-hand clothing

[ii]Residents of Homs pronounce it as “Qaisawieh”

[iii]Named after the craft of squeezing molasses in old times

[iv]The infrastructure and sidewalks are currently being restored in al-Na’oua Souk, Abo al-Ouf street, and Bab Hood.

 

مايحصل في إدلب مرتبط بشرق الفرات؟

مايحصل في إدلب مرتبط بشرق الفرات؟

منذ صباح يوم الاثنين الواقع في ٥ آب/أغسطس ٢٠١٩ استأنف الجيش السوري عملياته العسكرية في مناطق ريف إدلب الجنوبي وبعض مما تبقى بيد فصائل المعارضة من ريف حماه الشمالي، وذلك بعد يومين من بدء سريان هدنةٍ متفقٍ عليها في محافظة إدلب ومحيطها، والتي نتجت عن لقاء استانا ١٣ للضامنين الثلاث روسيا وتركيا وإيران في ٢ آب/أغسطس ٢٠١٩.

 هناك الكثير من الكلام حول خرق الهدنة فقد اتهم الجيش السوري في بيان له المجموعات المسلحةبشنِّ العديد من الهجمات على المدنيين في المناطق الآمنة المحيطة. وبحسب البيان فإن أنقرة لم تفِ بالتزاماتها حول سحب المقاتلين في جبهة النصرةوالسلاح الثقيل بعمق ٢٠ كم من خط المواجهة؛ كما أعلن مصدرٌ عسكري سوري أنّ هذه التنظيمات استهدفت قاعدة حميميم في ريف اللاذقية بعددٍ من القذائف الصاروخية مما دفع بالجيش إلى متابعة عملياته العسكرية في المنطقة إثر هذه الخروقات.من جهةٍ أخرى، أكدّ قائد هيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني في مؤتمر صحفي صباح يوم الأحد في ٤ آب/أغسطس ٢٠١٩ على عدم انسحاب للمقاتلين ولا للأسلحة الخفيفة أو الثقيلة من خط منطقة خفض التصعيد في إدلب بحسب ما اشترط النظام السوري لتحقيق الهدنة.

 والسؤال الذي يطرح نفسه: هل كانت هذه الأقوال والأفعال فعلاً سبب انهيار الهدنة في محافظة إدلب ومحيطها، أم أنّ خلف الأكمة ما خلفها!

في مقالات سابقة عديدة حول وضع الشمال السوري كنّا نربط ما يحدث في محافظة إدلب بما يحدث شرق الفرات، ولا زال الوضع كذلك حتى الآن، فعندما يغرّد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول نيّته سحب قواته من سوريا، يتسابق ممثلون عن مجلس سوريا الديمقراطية للتواصل مع دمشق لأجل التفاوض والحماية من الجيش التركي المحتشد أصلاً على الحدود السورية التركية، بينما يستعدّ الجيش السوري لدخول محافظة إدلب وإعادة السيطرة عليها، وعندما يقرر الرئيس ترامب إبقاء قواته في سوريا تنقطع كافة الاتصالات الكردية مع النظام السوري، وتتوقف عمليات الجيش السوري لاقتحام محافظة إدلب والسيطرة عليها، مكتفياً بأساليب القصف والتدمير المعتادة مع مناوشات بدون تقدم يذكر.

 يمكننا تشبيه الوضع في الشمال السوري بمثلث تتموضع في زواياه الثلاث القوى الكبرى المهيمنة على الشمال السوري، روسيا وتركيا وأمريكا، وهذا المثلث تتغير طبيعته (حاد الزوايا، قائم الزاوية، منفرج الزاوية) كلما تحرك أحد اللاعبين الثلاثة في اتجاه توسيع مقدار زاويته على حساب زوايا أقرانه، وبالتالي كلما تغيرت طبيعة هذا المثلث تغيرت طبيعة الشمال السوري هُنيهة ثم يعود للاستقرار القلق من جديد، وهكذا دواليك. فروسيا تعمل جاهدة من أجل تغيير طبيعة الوضع القائم من خلال إحكام سيطرة الجيش السوري على كامل التراب السوري، ولذلك تارةً تتواصل مع الأكراد في شرق الفرات من أجل تذليل العقبات بينهم وبين النظام، وتارةً أخرى تركز جهودها على محافظة إدلب ومحيطها لضمان حماية الأمن القومي التركي من خلال إعادة العمل باتفاقية أضنة بين تركيا والنظام السوري. ولكن في معظم الحالات، اصطدمت روسيا بموقف أمريكي أو تعنت تركي كون أي تغيير يتوجب عليه أن يحظى بمباركة كليهما وتنفيذهما لبنوده، وهكذا عندما تقبل تركيا وتتقدم خطوة باتجاه الحل الروسي، تتراجع الولايات المتحدة وتتذرع بحجج كثيرة بعضها مرتبط بالشأن السوري كتموضع إيران في الشمال السوري مهددة بذلك أمن اسرائيل (لاحظنا الغارة الإسرائيلية في نهاية آذار الماضي لأول مرة في محيط مدينة حلب مستهدفة مستودعات ذخيرة تابعة للقوات الإيرانية والميليشيا الموالية لها بحسب الرواية الإسرائيلية)،وبعضها غير مرتبط بالشأن السوري كزيادة التقارب التركي الروسي وابتعاد الأولى عن حلف شمال الأطلسي وما نتج عنه شراء تركيا من روسيا منظومة S-400الصاروخية في سابقة من نوعها ضمن الحلف، ومنها أسباب واهية مثل حماية الأمن القومي الخليجي من تمدد إيران في سوريا ولبنان، أو حماية أكراد سوريا من بطش تركيا والنظام، أو عودة ظهور داعش في سوريا وتعزيز قدراته في العراق كما ذهبت الرواية الأمريكية مؤخراً.

بالنسبة لتركيا فهي متمسكة بأمنها القومي ولو استدعى ذلك دخول جيشها في مواجهة عسكرية ضد قوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية الشعب الكردي في شمال سوريا، كما حدث في عمليتي درع الفراتوغصن الزيتون، وهي أيضاً لن تتنازل عن محافظة إدلب لصالح روسيا والنظام السوري حتى تضمن ضغط روسيا على أمريكا وحل مشكلة الإدارة الذاتية الكردية، تشاطرها في ذلك إيران التي ترى في بقاء القوات الأمريكية شمال سوريا وفي قاعدة التنف جنوب شرق سوريا تهديداً ورصداً لسلاحها وميليشياتها المتدفقة عبر الحدود العراقية السورية.

 هذا الكلام نعرفه ولكن ما الذي تغير حالياً حتى بدأ الجيش السوري في خرق الهدنة والتقدم أكثر في بلدات ومدن ريف حماة الشمالي؟

 من الملاحظ بأنّ في أعقاب كل اجتماع يحدث في أستانا بين رعاته الثلاثة، روسيا وتركيا وإيران، تتغير خريطة التموضع والصراع في سوريا، وما اجتماع أستانا الأخير ببعيد عن ذلك، فالمحادثات التركية الأمريكية أحدثت خرقاً لصالح تركيا كما تدّعي تركيا في الشمال السوري، فالمنطقة العازلة/الآمنة ضمن الحدود السورية التي يتحدث عنها الأتراك كانت من أبرز مطالبهم منذ بداية الصراع في سوريا، في حين أكدت وزارة الدفاع الأميركية البنتاغون أن المحادثات مع أنقرة مستمرة وأفضت إلى تفاهم على آليات أمنيةوقيادة مشتركةمن دون إقامة منطقة آمنةكما تزعم تركيا.

لكن هذا الوضع الجديد شرق الفرات يفيد موسكو التي تريد تحريك وضع لا حرب ولا سلمفي الشمال السوري، فهي تحركت مع الجيش السوري في منطقة خفض التصعيد مخترقة الهدنة، وبنفس الوقت لم نسمع منها أو من إيران أي تصريح يندد بالاتفاق التركي الأمريكي الجديد (باستثناء النظام السوري الذي اعتبر بأن هذا الاتفاق هو اعتداء على وحدة وسيادة الأراضي السورية)، كما لم نسمع أي تنديد من أنقرة حول موضوع خرق الهدنة أو تقدم الجيش السوري في مناطق ريف حماة الشمالية، مما يدلل على أن الأمر جرى بالاتفاق والتوافق، ليست مبادلة مناطق بل تحريك المياه الراكدة ودفع الأمر باتجاه تقدم ما على مسار الحل، وربما يهدف إلى سحب الأمر من يد واشنطن التي عطّلت أي تقدم يذكر على صعيد ما تتمناه تركيا وما ترغب به روسيا من بعد.

 إن الاتفاق التركي الأمريكي مازال في بدايته، ولم تتوضح معالمه بعد، ولكنه على الأرجح اتفاقٌ مشابه أو مكمّل لما حدث بينهما سابقاً حول مدينة منبج السورية، والذي لم يبدأ تنفيذه بعد، وقضى بإنشاء إدارةٍ مشتركة للمدينة بعد إخراج وحدات حماية الشعب الكردي منها ودوريات مشتركة لا أكثر.

 ولكن هذا التغيّر الجديد سوف يعزّز أكثر من النفوذ التركي شمال سوريا، بينما سوف يقلّص من هيمنة الأكراد على مناطق سيطرتهم، ويدفعهم أكثر باتجاه دمشق، بالرغم من أنهم يرون في الولايات المتحدة حليفاً لهم وبالتالي يخضعون لإملاءات ونصائح واشنطن رغم أنها تخلّت عنهم في مدينة عفرين، كما خذلت وتخلّت عن نظرائهم في المعارضة السورية سابقاً، كما نأت بنفسها سابقاً عن إخوانهم في كردستان العراق، والتاريخ مليء بأمثلة مشابهة، فهم يضعون كل البيض في سلة واشنطن، على الرغم من أنها لو كانت تدعمهم فلن تسمح بأي منطقة آمنةأو ممر سلامداخل الأراضي السورية، بل كانت أخذت موقف الأكراد الذي طالب تركيا بعمل منطقة عازلة داخل حدودها وليس داخل مناطق السيطرة الكردية في الشمال السوري.

بالمقابل، من المفيد لروسيا أن تضغط على الأكراد مرة بعد مرة كما فعلت في عفرين حين سمحت للجيش التركي وحلفائه من المعارضة السورية بالسيطرة على المدينة بعد أن رفض الأكراد مقترحاً روسياً يفيد بدخول الجيش السوري وسيطرته على المدينة، ومن قبل حين سمحت للجيش التركي بأن يدخل لأول مرة في الشمال السوري في عملية” درع الفرات“ إبانسيطرة الجيش السوري على مدينة حلب، هي ألعاب ومصالح كبار ولا مكان للحالمين بينهم، وبات الجميع مجرّد أدوات في جعبة المتنفذين والتاريخ عبرة.

 على مستوى وطني، يتبادر إلى الأذهان سؤال مهم، ما هو مصير الاتفاقيات التي تُبرمها دولتان على أراضي دولة ثالثة بحسب القانون الدولي؟

مثل اتفاقيات روسيا وتركيا، أو تركيا وأمريكا، وروسيا وأمريكا أيضاً، وهل سترسم تلك الاتفاقيات خريطة مستقبل سوريا والسوريين كما حدث في اتفاقية سايكس بيكو سنة ١٩١٦ وغيرها من الاتفاقات التي تلتها وأعادت رسم خارطة المنطقة مراراً، أو كما حدث عندما ضمّت تركيا لواء اسكندرون لأراضيها سنة ١٩٣٩ في مخالفة لقانون الانتداب نفسه وأمام صمت عصبة الأمم المتحدة وتخاذلها.

نحو محتوى إعلامي نسوي لا يُقصي النساء

نحو محتوى إعلامي نسوي لا يُقصي النساء

هناك حاجة لتحسين المحتوى الإعلامي النسوي السوري وجعله أكثر تمثيلاً لتنوع خبرات النساء السوريات واحتراماً لتجاربهن ودورهن في المجتمع. سعياً لتحقيق هذه الحاجة، عقدت شبكة الصحفيات السوريات جلسة حوارية بعنوان”التعاون المشترك بين المؤسسات الإعلامية ومنظمات المجتمع المدني لتعزيز المحتوى النسوي” ضمن مؤتمرها السنوي في مدينة اسطنبول التركية، في شهر حزيران ٢٠١٩. هدفت الجلسة لإيجاد سبل تعاون جديدة وتعزيز التنسيق ما بين المؤسسات الإعلامية من جهة ومنظمات المجتمع المدني ذات التوجه النسوي والنسائي من جهة أخرى.

استقطبت الجلسة مجموعة متنوعة الخبرات من المتحدثات، فقد قامت رؤى الطويل (مديرة برنامج “جندر رادار”) بتيسير الحوار، وشاركت فيه ديما موسى (عضوة مؤسسة في الحركة النسوية السياسية السورية، ونائبة رئيس الائتلاف لقوى الثورة والمعارضة السورية)، ووضحة عثمان (مديرة جمعية رفقاً، ورئيسة مجلس إدارة الهيئة العامة للمرأة في حماة وريفها). وساهمت في مداخلات عن بعد كل من فيان محمد (صحفية مستقلة وعضوة فريق “جندر رادار” في القامشلي)، و سهى الراوي (مديرة برامج العنف المبني على النوع الاجتماعي في منظمة نقطة بداية) من غازي عنتاب.

تطرقت الجلسة بدايةً للتعريف ببرنامج “جندر رادار”، والهدف من تحليل الخطاب النقدي للمؤسسات الإعلامية، وتحليل السياقات المختلفة المؤثرة في إنتاجه. كما ناقشت الجلسة آلية تطوير الهيكليات والسياسات ضمن المؤسسات بما يجعلها مراعية للنوع الاجتماعي والمساواة بين الجنسين.

تميزت الجلسة باستعراض المشاركات لتجاربهن العملية، فمثلاً تحدثت فيان محمد عن تجربتها في  برنامج “جندر رادار”، الذي نفذته مؤسسة شبكة الصحفيات خلال العام ٢٠١٨ مركزة على تغطية قضايا النساء في الخطاب الإعلامي. أكدت فيان أن “التحليل النقدي للخطاب جندرياً هو أداة مفيدة وممتعة لارتدائه كنظارة بشكل دائم بهدف نقد الممارسات اليومية، وأيضاً النظر للخطاب الإعلامي، وملاحظة إقصائه للنساء، ووجهات نظرهن،” وأضافت: “من المهم تعزيز التعاون بين منظمات المجتمع المدني والحركات السياسية وتحديداً النسائية، لأننا نفتقر لهذا التعاون، على سبيل المثال في مدينتي القامشلي، لا يوجد ورش لتمكين النساء على القيادة السياسية، ومن المهم العمل على توفير مثل هذه الفرص والضغط على الحركات السياسية من أجل إشراك النساء لتصبحأصواتهن حاضرة.”

ابتعاد النساء عن المشاركة الإعلامية: أسباب وحلول
ناقش الحضور من ممثلات وممثلي منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الإعلامية الأسباب التي قد تدفع بالنساء للنأي بالنفس عن المشاركة كمصادر إعلامية في المجالات المختلفة خاصةً في المجال السياسي. أشار العديد من الحاضرين/ات أن محدودية الظهور الإعلامي للنساء قد تعود لخوفهن من التعرض لانتهاك أو نقد يمس خصوصيتهن. أيضاً تم توجيه اللوم للمؤسسات الإعلامية التي لا تسعى في كثير من الأحيان لتحقيق التوازن الجندري في المصادر الإعلامية. فعلى سبيل المثال، تستضيف الوسائل الإعلامية غالباً الخبراء الرجال خاصة عند التطرق للمواضيع السياسية والعسكرية، ونادراً ما تتم استضافة خبيرات نساء. أما رؤى الطويل فترى أن سبب عدم ارتياح النساء للظهور في الوسائل الإعلامية أو في المجال العام، قد يعود للتنشئة الاجتماعية والعيش وسط مجتمع ذكوري، ما يدفع كثيراًمن النساء لتفادي الانخراط في المجال السياسي.

كحل لتفادي الإقصاء الإعلامي للنساء، اقترحت ديما موسى على المؤسسات الإعلامية أن تستفيد من تجربة عمل الحركة النسوية السياسية السورية التي تحاول “من خلال عضواتها وأعضائها الوصول لخطاب جامع من منطلق المواطنة المتساوية.” وأكدت ديما “أنه يوجد في الحركة أكثر  من 100 امرأة في كافة المجالات السياسية، والاقتصادية، والطب، والمجال الإنساني” وأن عضوات الحركة “جاهزات للتعامل مع المؤسسات الإعلامية.”

ومن الحلول الإضافية التي اقترحها الحضور أهمية توفير تدريبات للنساء اللواتي يتعاملن مع الوسائل الإعلامية، ورفع الوعي بأهمية مشاركة آرائهن مع الإعلام. و أشار الحضور  إلى أنه يجب توفير تدريبات التمكين السياسي للنساء والرجال على حد سواء لزيادة الوعي الجندري. وهنا أكدت سهى الروايأن المهم ليس فقط العمل على التمكين السياسي للنساء بل أيضاً خلق توعية سياسية لديهن بما يجعلهن مؤثرات كقوة فاعلة في سوريا. ولخصت سهى رأيها بأنه: “يوجد توجه عام لمشاركة النساء فقط من أجل تحقيق الكوتا، وتحقيق تمثيل للنساء في اجتماع أو ورشة، لأن المانح يضغط في هذا الاتجاه، ولكن على أرض الواقع لا تكون النساء حاضرات بشكل حقيقي وإنما فقط واجهة، نحن نتمنى الضغط والمطالبة أكثر لتأخذ النساء فرصتهن في المشاركة الحقيقية”.

محاربة تنميط النساء إعلامياً

أجمع أغلب الحاضرين/ات ضمن الجلسة على أن الصورة النمطية للنساء كضحايا تطغى على الخطاب الإعلامي خاصة عند تغطية حالات العنف القائم على النوع الاجتماعي، في حين يتم تجنب تغطية قصص النساء التي تُظهرهن كعضوات فاعلات بطريقة إيجابية في المجتمع.

وأكدت سهى الراوي أن الإعلام يجب أن يدعم جهود منظمات المجتمع المدني كمنظمة “نقطة بداية” في توفير الدعم النفسي الاجتماعي للناجيات من العنف واستهداف الرجال كشركاء لوقف العنف الجندري.

وأكدت سهى أهمية تعزيز التعاون والشراكة ما بين منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الإعلامية، كالتعاون الناجح ما بين مؤسسة شبكة الصحفيات السوريات ومنظمة النساء الآن في العام ٢٠١٨ في تنفيذ أنشطة حملة 16 اليوم لمناهضة العنف ضد النساء.

وأشارت وضحة عثمان إلى مثال تعاون ناجح آخر  ما بين مؤسسة شبكة الصحفيات السوريات و جمعية رفقاً، حيث تم تدريب مجموعة من اليافعات على الكتابة الحساسة للنوع الاجتماعي. إلا أن وضحة نوهت إلى تحديات العمل الإعلامي التي تواجه الكثير من الكتاب والكاتبات فعادةً ما تبحث المؤسسات الإعلامية عن المقالات التي تُحقق لها المزيد من القراءات أو المشاهدات، وتفرض على الكتاب والكاتبات عدم تناول العديد من النقاط التي لا تتناسب مع توجهات المؤسسة. وكمثال عملي، تحدثت وضحة عن تجربتها عندما كتبت مقالاً في احدى المواقع الإلكترونية عن نظرة السوريين/ات للحج على أنه ليس فريضة فقط، بل نقطة التقاء لهم/ن، وذكرت قصة سيدة هربت من مناطق سيطرة بعض الفصائل، إلا أن الموقع نشر المقال تحت عنوان “الحج هو طريق للهروب من داعش” مما حرّف مضمون المقال وشكل تهديداً عليها.

أكدت وضحة أن العديد من النساء اليوم لا يُفضلن العمل في المجال المدني ومراكز صنع القرار بسبب الخوف من الهجوم الذي قد يتعرضن له لكونهن نساء. و استشهدت بمثال تعامل الإعلام مع المعتقلات السياسيات، إذ عادةً ما يتم تجاهل وتناسي نضالهن ونشاطهن السياسي المسبب لاعتقالهن، وإثارة الشفقة تجاههن إعلامياً، ما يشكل ضرراً مضاعفاً عليهن ويؤدي لانسحابهن من المجال العام. واختتمت وضحة رسالتها بأن “المرأة جزء من الحل، يوجد نساء في الداخل السوري لا يعلمن بوجود القرار ١٣٢٥ في حين يقمن بتنفيذه في حياتهن اليومية، ودورنا إيصال صوتهن للإعلام وتعزيز ثقافة النجاح لديهن”.

توصيات لتحسين تغطية الإعلام لقضايا النساء

اختتمت الجلسة بمجموعة توصيات في سبيل تحقيق تعاون أمثل بين المؤسسات الإعلامية ومنظمات المجتمع المدني في سبيل تحسين واقع النساء في الإعلام. ويمكن تلخيص أهم توصيات الجلسة بضرورة: أولاً، العمل على تسليط الضوء على التاريخ النضالي للنساء في الإعلام. ثانياً، خلق الوعي لدى المؤسسات الإعلامية بجدوى مشاركة النساء كمصادر إعلامية عبر مشاركة  قائمة بأسماء النساء اللواتي يعملن في المجال العام ممن ليس لديهن مشكلة بالظهور الإعلامي مع هذه المؤسسات، وعبر المطالبة بوجود كوتا إعلامية على غرار مبدأ تطبيق الكوتا السياسية. ثالثاً، توفير تدريبات للنساء من مجالات متنوعة تتعلق بشكل وطريقة ظهورهن الإعلامي عبر المؤسسات الإعلامية المختلفة. رابعاً، العمل على تحسين خطاب منصات التواصل الاجتماعي سيما للمؤسسات الإعلامية، فمثلاً ما قد يشجع كثير من النساء على الظهور الإعلامي التركيز على دورهن كمسؤولات وفاعلات في المجتمع أكثر من دورهن كضحايا. خامساً، تضامن وتعاون مؤسسات المجتمع المدني والحركات النسوية لتنفيذ ورشات تمكين للنساء تزيد من وعيهن السياسي.