بواسطة Hadia Al Mansour | ديسمبر 10, 2018 | Cost of War, غير مصنف
لأول مرة منذ وفاة زوجها تتمكن ميساء الإدلبي (٣٨عاما) من شراء كافة احتياجات منزلها من أغذية ومنظفات وأدوات منزلية دفعة واحدة، وذلك بعد أن انخفض ثمنها ليصبح متناسباً مع وضعها المادي السيء، والفضل بهذا لحملة أطلق عليها اسم “كن مع الفقير”، والتي ساهمت بخفض أسعار المواد الغذائية والأساسية في إدلب وريفها.
وأطلق أصحاب المحال والمصالح التجارية هذه الحملة نهاية شهر تشرين الثاني/نوفمبر من هذا العام بهدف تخفيض الأسعار بشكل عام في مناطق سيطرة المعارضة بريفي إدلب وحماة، بغية مساعدة الأهالي المحتاجين وإتاحة الفرصة لهم ليشتروا مستلزماتهم بأسعار مناسبة لدخلهم المنخفض.
عن هذه الحملة تقول ميساء “تمكنت بفضلها من شراء ما يلزمني بعد أن انخفضت أسعار المواد للنصف تقريبا، فقبل الحملة كان يقدر ثمن ما اشتريته بـ٥٠ ألف ليرة سورية ولكنني اشتريتها الآن بـ٣٠ ألف ليرة فقط، وهذه الحاجيات كفيلة بسد حاجتي وأولادي الأربعة لأكثر من شهرين”، وتشير ميساء بأنها أملت بشراء المزيد من الحاجيات قبل انتهاء الحملة و المتوقع أن يكون بداية عام ٢٠١٩ ، إلا أنها لم تعد تملك المزيد من المال لذلك.
كذلك تمكنت سناء العمر (٤٠ عاما)، وهي مهجّرة من الغوطة الشرقية، من شراء مستلزمات أبنائها الستة من الألبسة الشتوية بقيمة ٥ آلاف ليرة سورية، فيما اضطرت سابقاً لدفع مبلغ ١١ ألف ليرة ثمناً لربع احتياجاتها، وتقول “نتيجة الغلاء ووضعي المعيشي الصعب لم أتمكن من شراء كل ما يلزم أطفالي من ملابس، أما الآن فحصلت عليهم أخيراً وبسعر أفضل، وأتمنى أن تستمر الحملة لوقت أطول ليستفيد منها المهجرون والنازحون مثلي.”
وبدأت حملة “كن مع الفقير” في مدينة قلعة المضيق بريف حماة الغربي، لتنتشر بعدها في بقية مناطق ريف إدلب، ودفعت أصحاب المحال التجارية إلى المنافسة فيما بينهم على كسر الأسعار، واشتملت الحملة اللحوم بكافة أنواعها، والمواد الغذائية، والخضروات، والمحروقات، وحتى أسعار الحلاقة وتصفيف الشعر، كما أعلن أصحاب بعض محال الطعام السريع عن عروض مخفضة جداً للوجبات الغذائية والسندويش.
بفضل التخفيضات أيضاً تمكن محمد الأشقر (٤٥عاما) من أهالي مدينة إدلب، من شراء اللحوم لأسرته، ويقول محمد “منذ زمن لم أستطع شراء اللحوم لغلاء ثمنها، فسعر الكيلو غرام من لحم الغنم يتراوح بين ٣٠٠٠ إلى ٣٥٠٠ ليرة سورية، أما اليوم فقد انخفض إلى ٢٥٠٠ ل.س ، والفروج المشوي انخفض سعره من ٢٠٠٠ل.س الى ١٢٠٠ل.س فقط “، وعن أجواء هذه الحملة في المدينة يوضح الأشقر “التخفيضات ملحوظة على الأسعار وهي تتراوح بين الـ٣٠ والـ٥٠ بالمئة ، كما أن بعض المحلات عرضت تقديم خدماتها بشكل مجاني ولفترات محدودة، تحقيقا لأهداف الحملة بمساعدة فقراء الشمال السوري.”
أبو حسين الحمصي صاحب أحد المطاعم في مدينة إدلب ، و أحد المشاركين بالحملة يقول “هناك إقبال كبير على المطعم لشراء الدجاج المشوي والشاورما، وهذا الازدحام لم يكن موجوداً عندي في السابق، وهو يعكس الوضع المعيشي السيء و حاجة الناس بالفعل لهكذا تخفيضات.”
ويرى الحمصي أن من واجب أصحاب المحال التجارية عرض التنزيلات ولو اضطروا للبيع بسعر رأس المال، مضيفاً “علينا أن نقدم شيئاً ما للأهالي، ونشعر بظروفهم في هذه المرحلة الصعبة وخصوصاً مع بداية فصل الشتاء، فمعظم الناس هنا باتوا تحت خط الفقر، وهم دائما يشكون ضيق الحال.”
ولاقت الحملة رواجا كبيرا وتفاعلاً غير مسبوق بين الأهالي، إذ بادرت العشرات من المحلات التجارية والمطاعم للمشاركة وإعلان ذلك عبر مواقع التواصل الاجتماعي وعبر لافتات علقتها على أبوابها وفي الشوارع.
عن سبب مشاركته في الحملة يقول سامر الحلو (٤١عاما )، أحد أصحاب محال بيع المواد الغذائية في معرة النعمان “شاركت بالحملة التنافسية لتخفيض أسعار المواد في المنطقة، بهدف التخفيف ولو بجزء بسيط من المصاريف الكبيرة على الأهالي بهذا الوقت، وخاصة أن العديد منهم لا يستطيعون شراء المأكولات بالأسعار القديمة، وحققنا نسبة مبيعات يومية ضخمة جدا وتخفيضات محلي ستبقى مستمرة.”
أبو نزير ( ٤٣ عاما) الذي يمتلك إحدى الآبار الإرتوازية شارك أيضا في الحملة فأصبح يبيع صهريج المياه ب ٤٠٠ل.س، بدلاً من سعره السابق وهو ٧٠٠ ل.س، ويقول أبو نزير “جمعت تكاليف الديزل الذي تعمل عليه المولّدة الكهربائية لإخراج المياه من البئر، وبعد إجراء حساباتي وجدت أن سعر ٤٠٠ ل.س كاف مع مربح بسيط جدا لي “، مضيفاً “المياه هي إحدى الاحتياجات الأساسية للناس وهم يضطرون لشرائها منذ بداية الأزمة، بعد أن دمرت طائرات الأسد شبكات المياه كافة، ولذلك فإن مساهمتنا نحن أصحاب آبار المياه هامة جداً للتخفيف عن الأهالي.”
وبالإضافة للآبار، قدمت أيضاً سيارات نقل المياه أسعاراً مخفضة، فابراهيم البيوش (٣٠ عاما)، وهو أحد سائقي هذه السيارات، أعلن عن تخفيضه لأجرة نقل صهريج المياه من ٢٥٠٠ل.س إلى ١٠٠٠ل.س فقط وحتى نهاية عام ٢٠١٨، ويقول إبراهيم “ساهمت في الحملة بعرض خدماتي بسعر التكلفة، لأساعد الفقراء والنازحين الذي بات كل شيء يرهقهم، في ظل ما تعيشه المنطقة من غلاء فاحش.”
من جهته دعا محمد النحاس (٣٧عاما)، عضو المجلس المحلي في معرة النعمان، إلى مزيد من هذه الحملات واصفاً إياها “بالهادفة” لتخفيف وطأة الحرب على الفقراء، ويقول النحاس “أمر جميل جدا أن يشعر الغني بالفقير ويسهم بإدخال البسمة إلى قلوب المحتاجين والتخفيف من أعباء الشتاء القاسي عليهم، وأكثر مالفت انتباهي في الحملة هو التسابق على عمل الخير ونشر روح الأخوة والعمل الجماعي والصادق بين أصحاب المحلات، وهو ما بعث في نفسي شعورا بأننا لانزال بخير على الرغم من كل شيء.”
بواسطة Abdullah Al Hassan | ديسمبر 6, 2018 | Cost of War, Reports, غير مصنف
على مدار السنوات السابقة تم إبعاد السوريين عن دائرة صنع القرار وكانوا دائماً آخر من يُبلّغ، فاقتصر دورهم على التماهي مع الأحداث التي لا يعلمون عن خلفيتها إلا القليل.
من أمثلة هذا ”جبهة النصرة“ التنظيم المتطرف المرتبط ببيعة لتنظيم القاعدة الأم منذ نشأته نهاية عام ٢٠١١، ورغم أن النصرة لا تخفي هذا إلا أنها حظيت بحماس وتأييد العديد من السوريين ممن رؤوا فيها ”جيشاً حراً“ بينهم معارضون وناشطون وكتّاب وإعلاميون مشهورون على الساحة الإعلامية وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، تنصل الجميع منها لاحقاً.
البعض لم يُنكر ارتباط ”جبهة النصرة“ بالقاعدة، إلا أنه اعتبر أن هناك جبهتي نصرة: واحدة تقاتل النظام وتقف إلى جانب الجيش الحر، وأخرى صنيعة النظام ترتبط بالقاعدة بغاية تشويه الجيش الحر.
خلال هذا أخذت أعداد المقاتلين السوريين تزداد تحت قيادة جبهة النصرة، فهي الأكثر تنظيماً وتدريباً من غيرها، كما أنها تملك المال والعتاد الأفضل مقارنة بالفصائل المعارضة، وإضافة لما تملكه اشترت النصرة الكثير من السلاح الخفيف والثقيل الذي غنمته الفصائل من معاركها مع النظام ومن السيطرة على مستودعاته بأسعار مغرية، كذلك كانت غرف الموك في تركيا والأردن بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها، تراقب انتقال مضادات الدبابات والأسلحة النوعية من يد حلفائها من الفصائل المعارضة إلى جبهة النصرة. فما هو مصدر المال الذي تشتري به جبهة النصرة هذا الكم من السلاح؟
في كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٢ صنّفت الإدارة الأمريكية ”جبهة النصرة“ على أنها جماعة إرهابية، وهو الأمر الذي لقي رفضاً من العديد من ممثلي المعارضة السورية وقادة الجيش الحر والمعارضين، تجسد هذا بخطبة رئيس الائتلاف السوري السابق الشيخ معاذ الخطيب في نهاية ٢٠١٢ في مراكش أثناء اجتماع أصدقاء الشعب السوري، حين دافع عن جبهة النصرة وقال ”إن القرار باعتبار إحدى الجهات التي تقاتل النظام جهة إرهابية تلزم اعادة النظر فيه“ مضيفاً “قد نختلف مع بعض الجهات في أفكارها ورؤيتها السياسية والفكرية، ولكننا نؤكد أنّ كل بنادق الثوار هدفها إسقاط نظام طاغوتي مجرم.” وكذلك أخرجت جماعة الإخوان المسلمين بياناً تقول فيه ”إننا في جماعة الإخوان المسلمين في سورية نرى في إقدام بعض الدول على تصنيف قوى ثورية على الأرض السورية في عداد المنظمات الإرهابية إجراء متعجلاً وخاطئاً ومستنكَراً، وهو مناقض لدعم مشروع الحرية والكرامة الانسانية“ هذا أيضا كان رأي رئيس المجلس العسكري في مدينة حلب العقيد عبد الجبار عكيدي ورئيس هيئة أركان الجيش الحر سابقاً اللواء سليم إدريس، و رئيس المجلس الوطني السوري ونائب رئيس الإئتلاف الوطني سابقاً جورج صبرة، الذي استغرب إدراج الولايات المتحدة “جبهة النصرة” على لائحة الإرهاب، مشدداً على أن “الشعب السوري يعتبرها جزءاً من الثورة.”
وامتازت معارك جبهة النصرة ضد النظام السوري بالقوة والتأثير، كما رحبت شريحة من المعارضة بعملياتها الانتحارية ضد جيش النظام والميليشيا التابعة له وسط الأحياء السكنية. وسعت ”جبهة النصرة“ إلى إرضاء داعميها، فإعلامها وممارساتها تُزكّي الطائفية وتُرسّخ لها، كاختطاف راهبات معلولا في كانون الأول/ديسمبر ٢٠١٣، واختطاف نساء وأطفال من الطائفة العلوية من قرى الساحل السوري بالتعاون مع تنظيم الدولة الإسلامية في آب/أغسطس ٢٠١٣، وكذلك اضطهادها لأهالي من الطائفة الدرزية في قرى جبل السماق في محافظة إدلب، بعد سيطرتها على المنطقة في ٢٠١٣.
كذلك حاولت النصرة تهديد أمن لبنان وزعزعة استقراره الهش بالتعاون مع تنظيم الدولة الإسلامية، كحادثة اختطاف عناصر من الأمن اللبناني في منطقة عرسال الحدودية، وقاتلت أيضاً وحدات حماية الشعب الكردي في رأس العين وعين العرب وتل أبيض، قبل أن تخرجها الأخيرة من هناك في نهاية ٢٠١٣. ورغم هذا بقيت النصرة رأس حربة في المعارك التي كانت تدعمها وترسمها غرف الموك، عبر وسيط ممثَّل في تلك الغرف، فلقد قاتلت مع فصائل الجيش الحر قبل أن تستولي على مستودعاته في بلدة ”بابسقا“ قرب باب الهوى صيف ٢٠١٣، وقاتلت إلى جانب ”جبهة ثوار سوريا“ قبل أن تبتلعها في تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١٤، وقاتلت مع ”حركة حزم“ قبل أن تنهيها أيضاً في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر ٢٠١٣. الفصيل الوحيد الذي ربما تنبه لخطرها عليه، هو “جيش الإسلام”، إذ واجهها في الغوطة الشرقية وقتل وأسر العديد من عناصرها وقادتها في أبريل/نيسان ٢٠١٧، وكاد أن يقتلعها نهائياً لولا تدخل “فيلق الرحمن” لإنقاذ ما تبقى منها.
أشارت أصابع الاتهام لدولة قطر التي كانت ترعى العديد من الفصائل الإسلامية في سوريا، وكانت غالباً الطرف الوسيط في عمليات تبادل الأسرى أو دفع الفدية التي كانت تجريها الجهات المختلفة مع جبهة النصرة. ومن جهة أخرى، كان تعاون جبهة النصرة مع تنظيم ”الدولة الإسلامية في العراق والشام“ واضحاً في الكثير من العمليات المشتركة ضد الجيش السوري، ولم يُسجّل أي خلاف بينهما حتى قام تنظيم الدولة بالسيطرة على مدينة الرقة السورية بعد خروج جبهة النصرة منها، وأعلن عن قيام دولة خلافته في العراق وسوريا في حزيران/يونيو ٢٠١٤.
ويبدو واضحاً أن خلاف ”جبهة النصرة“ مع ”داعش“ هو شرعي وتنظيمي بحت، فكلا التنظيمين تابعين لتنظيم القاعدة الأم، ويرتبطان ببيعة لزعيمه أيمن الظواهري، وحين نصّب ”أبو بكر البغدادي“ نفسه خليفة للمسلمين دون الرجوع والتشاور مع قادة تنظيم القاعدة، كان بذلك قد ارتكب مخالفة شرعية في عرف التنظيمات الإسلامية الجهادية، كما أنها تعمل على شق الصف، لأن تنصيب خليفة للمسلمين في أي مكان ما بالعالم، يستوجب مبايعته وطاعته، ويحرّم تنصيب خليفة آخر. كما أن الخلافة لم تكن في سلم الأولويات لدى تنظيم القاعدة، وبالتالي كانت رسالة الظواهري حاسمة عندما قال “لا نعترف بهذه الخلافة ولا نراها خلافة على منهاج النبوة، بل هي إمارة استيلاء بلا شورى، ولا يلزم المسلمين مبايعتها، ولا نرى أبا بكر البغدادي أهلا للخلافة.“ وبذلك بدأت الخلافات والمعارك في سوريا بين جبهة النصرة، التي بقي قائدها ”أبو محمد الجولاني“ على بيعته للظواهري ضد تنظيم الدولة الإسلامية التي بدأت بتثبيت حدود مناطق سيطرتها بعد تركيزها على مناطق استخراج النفط والغاز.
كذلك انسحب الخلاف السعودي – القطري، الذي بدأ بعد الانتفاضة على حكم مرسي وانقلاب السيسي في مصر في تموز/يوليو ٢٠١٣، إلى الداخل السوري لينعكس على علاقات الفصائل المدعومة من كلا الطرفين، فبدأت جبهة النصرة تفقد بريقها لدى جمهور المعارضة وناشطيها، وخاصة بعد قضائها على العديد من فصائل المعارضة السورية في محافظة إدلب، مما أعطى النظام السوري فرصة لاستعادة السيطرة على بعض المناطق والتمدد في ريف المحافظة. إلا أن شعبية النصرة كجزء من الثورة عادت من جديد عندما قامت بتشكيل ”جيش الفتح“ في آذار/مارس ٢٠١٥ بالتعاون عدة فصائل إسلامية في محافظة إدلب وشمال سوريا، وبدأت عملياتها مباشرة ضد الجيش السوري والميليشيا التابعة له، فاستطاعت خلال فترة وجيزة السيطرة على مدينة إدلب وجسر الشغور والعديد من قرى ومناطق المحافظة، إضافة إلى مناطق وأرياف محافظتي حماه وحلب.
لم يستمر هذا طويلاً، إذ تلت سيطرة النصرة على هذه المناطق نشرها للافتات تصف فيها ”العلمانية بالكفر، والديمقراطية بالشرك“ وبدأت رحلة جديدة من الخلاف والاقتتال بعد أن اختلف أصحاب الكلمة والرأي لدى الفصائل، وعادت جبهة النصرة إلى خانة الاتهام من قبل المهللين لها، على الرغم من محاولات قطر والإخوان المسلمين تلميع صورتها وحثها لفك بيعتها مع تنظيم القاعدة وتغيير اسمها. ورغم أن هذا تمّ لاحقاً فتحولت جبهة النصرة لهيئة تحرير الشام إلا أن التنظيم بقي مُدرجاً على قائمة الإرهاب لدى مجلس الأمن والدول الكبرى.
في نهاية عام ٢٠١٧ صرح رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية، فاليري غيراسيموف ”إنّ المهمة الرئيسية في سوريا لعام ٢٠١٨ هي تدمير مسلحي جبهة النصرة الإرهابية، الذين يتواجد بعضهم في مناطق خفض التصعيد،“ وهكذا مع خروج أغلب الدول اللاعبة في المقتلة السورية، استطاعت روسيا أن تُغيّر معادلة اللعب لصالحها وصالح حلفائها، حيث أفضى التنسيق الروسي – التركي – الإيراني من جهة والتنسيق الروسي – الأمريكي من جهة ثانية إلى انتزاع مناطق سيطرة المعارضة وعودتها إلى سيطرة النظام في الغوطة الشرقية وجبال القلمون الشرقي، وجنوب دمشق ومخيم اليرموك، ثم شمال محافظة حمص، وفي درعا والجنوب السوري، لينتهي بضغط تركي – إيراني مشترك لعقد اتفاق تثبيت مناطق الهدنة في إدلب ومحيطها، والالتفات نحو شرق الفرات حيث الإدارة الذاتية للأكراد، التي “تهدد الأمن القومي التركي” بحسب تركيا، والتواجد الأمريكي الذي يهدد إيران وتسلّلها إلى المنطقة بحسب إيران.
حالياً، وضعت تركيا جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام) على قائمة الإرهاب لديها، وعملت على دمج كافة الفصائل الموجودة في محافظة إدلب تحت مسمى “الجبهة الوطنية للتحرير”، داعية النصرة لحل ذاتها والانخراط في التجمّع الجديد، إلا أن النصرة لا زالت على وضعها، تتمسك بمناطقها وبسلاحها وبحكومة إنقاذها، دون وجود أي ضغط لتجفيف منابع مواردها، وهذا يجعلنا في تساؤل، من له المصلحة في الحفاظ على تنظيم ”جبهة النصرة“؟ وما هي الغاية الحقيقية للحفاظ عليها؟
ويبقى مصير محافظة إدلب معلّقاً بالاتفاق غير المعلن بين روسيا وتركيا، وتبقى أحلام الثورة التي يعمل على تحقيقها وتثبيتها المجتمع المحلي مهددة من بطش وملاحقة المتطرفين في جبهة النصرة وأخواتها، وما كان اغتيال الناشِطَين رائد الفارس وحمود جنيد في معرة النعمان خلال الأسبوع الفائت، إلا حلقة جديدة من مسلسل التشدد والتخلف الذي تفرضه تلك الفئة على الكلمة الحرة وعلى التنمية بكافة أشكالها. وبالتالي، فإن كان النظام وأدواته الأمنية يمنعون تحقيق ذلك في مناطق السيطرة الحكومية، فإنّ جبهة النصرة وأتباعها يمنعون تحقيق ذلك في المناطق الخارجة عن سيطرته.
بواسطة Myrna AlRasheed | ديسمبر 5, 2018 | Cost of War, غير مصنف
لم يعد الجدل القائم في الساحة السورية حول من سيحسم الصراع لصالحه، النظام أم الفصائل المعارضِة، فقد انتهت معركتا الغوطة الشرقية ومخيم اليرموك بين نيسان/أبريل وأيار/مايو من هذا العام، وتم التوصل إلى اتفاق يقضي بخروج الفصائل المسلحة باتجاه الشمال، تلا هذا حسم معركة درعا لصالح النظام. خلفت هذه المعارك دماراً هائلا مع ما سبقها في حلب وحمص ودير الزور، وضربات التحالف لمدينة الرقة، وقد طال هذا الدمار ما يقارب ثلث المباني المنزلية، كما أوردت مذكرة مكتب مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، إذ قدر تقرير منظمة “الإسكوا” لهذا العام كلفة إعادة الإعمار بما يزيد عن ٣٨٨ مليار دولار. بيد أن دراسة أخرى للباحث الاقتصادي عمار يوسف أصدرها عام ٢٠١٧، قدرت خسائر سوريا بترليون و١٧٠ مليار دولار، آخذاً بالحسبان حجم الدمار وكلفة إعادة بنائه، وخسائر القطاعات المصرفية والصناعية والزراعية والصحية.
وبينما تنعقد المنتديات والدعوات لإعادة إعمار سوريا في روسيا وغيرها، وتبدي العديد من الشركات العربية والأجنبية استعدادها للمشاركة في العملية، إلا أنه ما من ترجمة فعلية لهذا حتى الآن. فأعمال الترميم الجارية فردية لمواطنين تضررت منازلهم بشكل جزئي، كما يحدث في بلدة عين ترما في الغوطة الشرقية، حيث منزل أبو فيصل، الذي اضُطر إلى تركه منذ عام ٢٠١٢ واستئجار منزل يسكنه في حي الميدان الدمشقي، ليعود إليه اليوم ويرممه، كما موّل مكتب الأمم المتحدة الإنمائي بعض عمليات إعادة الإعمار كمشروع تأهيل أسواق حمص القديمة.
خلاف روسي أمريكي
يُعتبر ملف إعادة الإعمار من أكثر الملفات تعقيداً، بعد انحسار المعارك بنسبة كبيرة فوق الأراضي السورية، “فهو مرتبط بالحل السياسي القائم على تفاهمات روسية أمريكية تركية، وعلى الوجود الإيراني في سوريا”، بحسب تصريح المحلل السياسي عبد المسيح الشامي. وعلى الرغم من أن الحديث عن تفاهمات روسية أمريكية بشأن عملية إعادة الإعمار في سوريا قد يكون سابقاً لأوانه، نظراً لأن أمريكا امتنعت عن المشاركة في تمويل هذا الملف.
إلا أن الخلافات الروسية الأمريكية تبدو عميقة من أجل التوصل إلى تفاهم بشأن الوضع السوري، فأمريكا كما أوضحت نيكي هايلي -سفيرتها السابقة لدى الأمم المتحدة- “لن تنظر بعين الاعتبار إلى مناشدات بوتين لها لتساهم في إعادة الإعمار، ما لم ترى نتائج ملموسة لعملية سياسية حقيقية تنهي الحرب وتوفر الحرية للشعب السوري”، و خاصة وأن الحسم في إدلب لم يتحدد شكله بعد، في ظل تبادل الاتهامات بين روسيا وأمريكا، حول الضربات الجوية التي تصيب الكثير من المدنيين هناك. فبينما تصر روسيا والنظام السوري على حسم الوضع في إدلب وإعادتها إلى السيطرة، يؤكد الدكتور اسكندر كفوري الخبير بالشأن الروسي، أن هذا الحسم “يُفقد أمريكا آخر الاحتمالات في الرهان على الجماعات المسلحة، التي تشكل أداة ضغط لها من أجل تحقيق أهدافها العسكرية والاقتصادية في سوريا، وبخسارتها هذه تصبح حلول عملية إعادة الإعمار وشيكة”.
ولا تتوانى روسيا عن الضغط على أمريكا بعد فشل مساعيها المباشرة معها، من خلال إقناع الدول الأوروبية بالتخلي عن دعم الرئيس ترامب، والتحول إلى المساعدة في تمويل إعادة الإعمار، ففي تشرين الأول/أكتوبر الماضي، عبّر ناومكين -أحد كبار المساعدين الروس في السياسة السورية- عن رغبة روسيا بتغيير الوجهة الأوروبية بقوله: “لا أعتقد أنه على أوروبا أن تنحني دائماً لواشنطن.” وتوضح تَوَجُه بوتين نحو أوروبا من خلال لقائه بنظيرته الألمانية أنجيلا ميركل في آب/أغسطس الماضي، وأكدت ميركل أن مشاركة ألمانيا بتمويل إعادة الإعمار مشروط بحل سياسي يؤدي إلى انتخابات سورية حرة.
ولم تتوضح بعد قدرة روسيا على إقناع الدول الأوروبية بالمساهمة في التمويل، فهذه الدول برأي الدكتور اسكندر “تأتمر من الإدارة الأمريكية، وإقناعها يتوقف على ما ستحققه روسيا من تقدم عسكري في الميدان السوري”.
هيمنة روسية إيرانية
لا تنطبق استراتيجات إعادة الإعمار نفسها على كل المناطق السورية، فبعضها سيحظى باتفاقيات خاصة، من ناحية الجهات المُمَوِلة والمُستَثمِرة، والإطار العام الذي سيحدد هيكلية إعادة الإعمار. ففي الرقة مثلا، أدى التواجد الكردي الأمريكي فيها لخروجها من دائرة الاستثمارات الروسية الإيرانية، مما أثار حماسة السعودية التي قدمت مبلغ ١٠٠ مليون دولار لصالح مشاريع إعادة الإعمار شمال شرق سوريا، جاء هذا بعد تغريدة للرئيس ترامب يطالب فيها السعودية والدول الغنية في الشرق الأوسط بالبدء بتسديد الدفعات المالية بدلاً من أمريكا.
ويشكل مخيم اليرموك -وهو أكبر تجمع للاجئين الفلسطينيين- تمثيلاً آخر، فالتركيبة السكانية والسياسية للمخيم الواقع في دمشق تفرض حلولاً مختلفة لإعادة الإعمار عن بقية المناطق المدمرة في سوريا. في تشرين الثاني/نوفمبر أكد نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد على عودة سكان مخيم اليرموك، “المدمر بنسبة ٦٠% بين دمار جزئي وكلي”، حسب تصريح بسام رجا الكاتب والإعلامي الفلسطيني، مضيفاً أن رأس المال الفلسطيني سيتولى جزءاً من إعادة الإعمار، بدءاً من سُلطة الرئيس أبو مازن التي أرسلت مبلغ مليوني دولار لترميم مقبرة الشهداء، والمساهمة ببعض الإصلاحات داخل المخيم، كما أن وكالة الغوث الفلسطينية ستعمل على ترميم المستشفيات والمدارس المدمرة.
وتتصدر إيران وروسيا قائمة المستثمرين لمختلف المشاريع، وهذا ما أوضحه سابقاً الرئيس السوري ووزير الخارجية وليد المعلم، مشيرين إلى أن “الشركات الروسية والإيرانية سيكون لها الأولوية في إعادة الإعمار.” وحصلت إيران على رخصة لإنشاء شبكة اتصالات، ووقِعَت الاتفاقيات السورية الإيرانية المشتركة في مجالات النقل والمصارف والجمارك وإعادة الإعمار، كما أُعلن في بداية العام بأن روسيا ستتولى إعادة تأهيل وتركيب محطات الكهرباء الخارجة عن الخدمة، كذلك مُنحت روسيا العديد من عقود استثمار النفط والغاز في سوريا.
وقد لا تكتفي روسيا وإيران بحصولهما على النصيب الأكبر من الاستثمارات في سوريا، “بل ستكون لهما سلطة على ما تبقى من مشاريع” برأي عبد المسيح الشامي، فمن خلالهما ستُحدد هوية الدول والشركات الأخرى التي ستتمكن من توقيع الاتفاقيات في سوريا. وفي حين أن مصلحة روسيا تكون في التوصل إلى استقرار الأوضاع في سوريا، والدخول في الاستثمارات السريعة كي تُترجم على شكل اتفاقيات سياسية مع الغرب، تكمن الرؤية الإيرانية في عدم الإسراع بعملية الإعمار، وإطالة الحرب ضماناً لاستمرار وجودها، فسوريا تشكل منطقة الاشتباك الأهم لها، لتمرير صراعاتها مع الغرب.
بواسطة Sonya Al Ali | نوفمبر 22, 2018 | Cost of War, Roundtables, غير مصنف
رغم ما يعانيه الطفل عبد الرحمن من فقر وتشرد داخل خيمته الصغيرة، لكنه لا يحلم إلا بالعودة للمدرسة، واستكمال تعليمه الذي حرم منه بسبب النزوح. والدة الطفل عبد الرحمن نزحت مع أسرتها من مدينة التمانعة إلى مخيم عشوائي بريف سراقب، وهي تشتكي من تسرب أطفالها الأربعة من المدارس وبقائهم دون تعلم، وتقول : “أطفالنا بلا تعليم منذ أن نزحنا إلى المخيم، وعلى الرغم من مناشدتنا العديد من الجهات والمنظمات لافتتاح مدرسة في المخيم، إلا أن جهودنا باءت بالفشل حتى الآن، مما اضطر أطفالنا للتخلي عن حلمهم في التعلم.”
ويبلغ عدد المخيمات الحدودية شمال إدلب ١٦٩ مخيماً، موزعة على سبعة تجمعات في أطمة وباب السلامة وسرمدا وقاح وسلقين وخربة الجوز والكرامة، وذلك وفقاً لدراسة أصدرتها وحدة تنسيق الدعم في الحكومة المؤقتة.
ويعيش في هذه المخيمات ٥٥ ألف طفل، في حين يبلغ عدد المدارس الموجودة فيها ٤٤ مدرسة فقط، أي مدرسة واحدة لكل ألف ومئتي طفل. وتختلف هذه المدارس في بنيتها وتجهيزاتها بين مخيم وآخر، فبعضها ذو بنية إسمنتية، بينما للبعض الآخر أسقف توتياء، و تقدم ١٤ مدرسة خدماتها التعليمية داخل الخيام، و٤ مدارس داخل الكرفانات.
وأكدت منظمة الأمم المتحدة “يونيسف” في تقرير لها على حرمان ملايين الأطفال السوريين من التعليم، مناشدة أطراف النزاع والمجتمع الدولي ليوقفوا الهجمات والقصف على المدارس وتوفير الفرص لجميع الأطفال السوريين أينما كانوا، ليحصلوا على حقهم الأساسي في التعليم. وقدرت “اليونيسف” عدد الأطفال الذين حرمتهم الحرب من التعليم بـ٢.٨ مليون طفل، بينهم من تخلف عن الالتحاق بالمدرسة، ومنهم من تركها بعد الالتحاق بها.
مدارس بعيدة ومستلزمات مفقودة
وفيما تستسلم العديد من العائلات لوضع المخيم، وعدم توفر عدد كاف من المدارس لاستيعاب أبنائهم، تُرسل أخرى أبناءها لمدارس بعيدة عن مناطق سكنهم، فهي رغم المعوقات الخيار الوحيد المتاح.
عائلة الطفل وليد اضطرت لفعل هذا بعد أن نزحت من بلدة سنجار بريف إدلب إلى أحد المخيمات العشوائية بريف معرة النعمان الشرقي، ونظراً لعدم توفّر مدرسة قريبة، يذهب وليد لمدرسة بعيدة عن المخيم، ويروي الصعوبات التي يواجهها ليبقى في المدرسة قائلاً “أسير مئات الأمتار يومياً عبر طرق ترابية وغير مرصوفة للوصول إلى مدرستي في البلدة المجاورة، أصل للحصة الدراسية وأنا متعب، لكني مازالت أذهب، بينما أختي والكثير من رفاقي انقطعوا عن الدراسة بسبب ذلك.”
وحتى مع وجود بضع مدارس داخل المخيمات، إلا أنها تعاني من نقص المستلزمات التعليمية من مقاعد وكتب وقرطاسية ووسائل تعليمية، وذلك بسبب عدم وجود داعم أو لتوقف المنظمات غير الحكومية عن الدعم لأسبابها المختلفة.
كذلك تعاني هذه المدارس من تعدد المناهج التدريسية، ونقص الكوادر التعليمية المؤهلة، حيث تضطر للاعتماد على معلمين غير محترفين من حملة الشهادة الثانوية، بسبب عدم دفعها لأجور كافية تتناسب مع ارتفاع تكاليف المعيشة في إدلب وريفها.
يقتصر التعليم في كثير من المخيمات العشوائية في إدلب وريفها على التعليم الديني، من خلال تحفيظ أجزاء من القرآن الكريم والأحاديث النبوية، باعتباره يعتمد على الحفظ الشفوي بغض النظر عن مدى قدرة الأطفال على القراءة والكتابة.
وقد أدى تردي واقع التعليم العالم لإهمال الأهالي لهذا الجانب، فلم يعد إرسال الأطفال للمدارس أولوية لدى الكثير من الأسر السورية النازحة التي تُقاسي لتأمين قوت يومها، فحتى الأطفال الذين التحقوا بالمدارس بدؤوا ينسحبون منها بحثاً عن عمل يساعدون فيه أسرتهم أو للزواج وبشكل خاص للطفلات.
الطفل خالد يعيش مع أسرته في مخيم يتبع لبلدة الدانا بريف إدلب، اضطر خالد للتخلي عن حقيبة كتبه، وترك المدرسة ليتوجه نحو العمل في ورشة لتصليح الدراجات النارية، وعن سبب ذلك يقول: “يقول والدي إن التعليم أصبح من الكماليات في زمن الحرب، فقد كنت أظل مع رفاقي لأيام دون معلم في الصف، لذلك اتجهت لتعلم مهنة تعينني على الحياة وتساعد أهلي في المصروف، حتى لا أخسر العمل والدراسة معاً.”
ويعزو المدرس إبراهيم الحسن من معرة النعمان سبب تسرب أطفال المخيمات من المدارس إلى “غياب المرافق التعليمية عن الكثير من المخيمات، فضلاً عن الظروف الاقتصادية الصعبة للأهل، التي تحول بينهم وبين تأمين متطلبات الدراسة.” وعن أوضاع سير العملية التعليمية يقول “تعاني الخيام المدرسية من غياب الدعم المادي، وقلة عدد المعلمين، وغياب الخبرات والكفاءات العلمية، حيث أكثر من ثلث عدد المعلمين لا يحملون إلا الشهادة الثانوية فقط.”
مبادرات لإنقاذ الجيل
أمام تراجع العملية التعليمية، قامت عدة مبادرات لإنقاذ أطفال النازحين من الجهل و الأمية، ومنها تجمع “غوث” التطوعي الذي قام بإنشاء خيام تعليمية في أكبر تجمع للنازحين شمال إدلب. مدير التجمع أسعد فلاحة حدثنا عن ذلك قائلاً: “نظراً لكثرة عدد الأطفال داخل المخيم، قمنا بنصب ثلاث خيام لتشكل مدرسة مناسبة لهم، كما تم تزويدها بكافة المستلزمات الأساسية من مقاعد وكتب وقرطاسية، و تطوع أربعة معلمين لتدريس الأطفال وتعويض ما فاتهم من دروس.”
المعلم حمدو الحسن من ريف حماة تطوع لتدريس الأطفال داخل المخيم الذي يقطن به، وحوّل بذلك خيمته إلى مدرسة للأطفال، عن الفكرة والهدف يروي لنا “أعيش في مخيم قرب مدينة معرة النعمان، وبسبب كثرة عدد الأطفال الذين حرموا من إكمال تعليمهم داخل المخيم، قمت بتحويل خيمتي إلى مدرسة للأطفال، بهدف كسر حاجز الجهل الذي لحق بهم، وأنا أدرّسهم المبادئ الأساسية، رغم الشح الكبير في الحاجات التعليمية.”
و يبين الحسن بأن عدد الأطفال الذين تعلموا في خيمته وصل إلى ٥٥ طفلاً وطفلة، حيث عمل على تقسيم التلاميذ إلى فئتين، تضم الفئة الأولى تلاميذ الصف الأول، أما الفئة الثانية فتضم صفاً تجميعياً من بقية التلاميذ. وتتشارك المخيمات في إدلب وريفها مصاعب النزوح ومتاعبه، ومنها تدهور القطاع التعليمي، إلا أن الأهالي مازالوا متمسكين بالحياة والأمل بمستقبل أفضل لأطفالهم، ويسعون بكل الطرق لنفض غبار الجهل والأمية عن جيل بات على وشك الضياع.
بواسطة Motaz al-Hinawy | نوفمبر 19, 2018 | Cost of War, غير مصنف
“كان راتبي قبل الحرب١٠ آلاف ليرة سورية، أي ما يعادل وقتها ٢٠٠ دولار، كنت أدفع منها ٣ آلاف أجاراً لغرفتي، وأعيش بالباقي على مستوىً جيد، اليوم راتبي ٤٠ ألف ليرة أي ٥٠ دولار تقريباً، وهو لا يكفي لدفع بدل الإيجار والمواصلات، حتى أنني مضطر للعمل بعد الدوام لأتمكن فقط من الأكل والشرب. لا أدري كيف تستطيع العائلات أن تتدبر أمورها في ظل هذه الظروف!” يقول محمد، وهو موظف في الثلاثينات من عمره يعمل كمراقبٍ فني في مؤسسة حكومية.
ورغم انخفاض رواتب القطاع العام وصعوبة الأوضاع الاقتصادية بالإضافة لتدني القدرة الشرائية لليرة السورية، مازال العديد من السوريين يقبلون على مسابقات التقدم للوظائف الحكومية، ومن يرى أعداد المتقدمين لإحدى مسابقات التوظيف لا يمكن أن يصدق أنّ الناس تتدافع من أجل راتبٍ زهيدٍ.
يتحدث رائد عن تجربته بعد دراسته الجامعية ويقول: “تخرجت من الجامعة كمهندس ميكانيك، وحاولت خلال عامٍ كاملٍ أن أجد عملاً لي ولكن دون جدوى، فالمصانع والمعامل التي كانت فيما مضى تشكل فرصة جيدة لنا أقفلت أبوابها ولم يبق منها إلا القليل، عدا عن أنّ دول الخليج التي كان تؤمن فرص عملٍ جيدة قبل سنوات الحرب قد منعت سفر السوريين إليها. لذا لم يبق أمامي من طريق سوى الوظيفة الحكومية والتي على الرغم من كل مساوئها تبقى أفضل من البقاء بلا عمل.”
ويتعامل السوريون مع الوظيفة الحكومية على نحوٍ لايخلو من التناقض والتباين، فبعضهم يرفضها لأسباب سياسية، أو لأخرى تتعلق غالباً بمقدار الراتب الشهري والذي يعتبر متدنياً جداً، وخصوصاً في السنوات التي تلت اندلاع الصراع حيث انهارت العملة بشكلٍ كبيرٍ، مما جعل الرواتب مثار سخريةٍ لدى الكثير من الناس حيث يعلق البعض أنّ راتبهم لا يكفي حتى لشراء حذاء.
فيما يعتبر البعض الآخر الوظيفة الحكومية حلماً يسعى لتحقيقه بعد تفاقم حدّة الفقر وتقلص عدد فرص العمل مع خسارة العديد من المنشآت والمصانع والقوى العاملة والخبرات جراء سنوات الحرب الطويلة، جعل هذا من البطالة أزمةً متفشيةً، تدفع الشباب للإقبال على الوظائف الحكومية باعتبارها مصدر دخلٍ شهري ثابت. كذلك تقدم الوظائف الحكومية ميّزات لعل أهمها المعاش التقاعدي، الذي يراه الكثيرون “سلاحاً لمواجهة الشيخوخة وغدر الزمان” على حد وصف أبو أحمد.
ويروي أبو أحمد “تطوعت في الجيش أواخر ستينيات القرن الماضي برتبة ضابط، وكان معاشي وقتها ٤٠٠ ليرة (ما يعادل ألف دولار حينها)، وشكل تطوعي في الجيش نقلة نوعية في اقتصاد العائلة التي كانت تعمل بالزراعة طيلة العام دون أن تتمكن من ادخار أي شيء. تنازلت عن حصتي من الأرض لأخوتي ظناً مني أن الراتب سيكفيني لأعيش حياة كريمة جيدة، ولكن بعد كل تلك السنوات لا أملك شيئاً سوى راتبي التقاعدي لأعتاش منه.”
ولم تعد الوظائف الحكومية حلماً فقط عند البعض، بل أصبحت تتدخل بشروط الزواج، كإعلان طريف نشر رائد على صفحته على الفيس بوك منشوراً كتب فيه: “مطلوب عروس، لا يهم العمر والمواصفات، شرط أن تكون موظفة ولم تأخذ قرضاً من الدولة.” وفي الحقيقة تغيرت الأولويات عند العديد من الشباب السوريين وأصبحوا يفضلون الزواج من نساء موظفات تساعدهم في تحمل مصاريف الأسرة. يذكر شادي كيف تغير موقفه من عمل زوجته قبل وبعد الحرب فيقول “قبل الحرب كان عملي في ورشة النجارة جيداً، ويكفيني لأعيش حياة مستقرة، لم يكن هناك حاجة لعمل زوجتي خارج المنزل وخصوصاً بعد أن أنجبنا طفلين حيث أمضت وقتها في العناية بهما وبشؤون المنزل. ولكن في ظل الظروف المعيشية القاسية التي تمر بها البلاد، أصبح من الضروري أن تعمل زوجتي لنستطيع تأمين مصاريفنا المتزايدة وخصوصاً بعد أن أصبح أطفالنا في المدارس وزادت متطلباتهم وحاجياتهم”، ويضيف شادي “لم أكن متحمساً فيما مضى لعمل زوجتي، وبالذات في الوظائف الحكومية، لما فيها من صعوبة في التوفيق بينها وبين رعاية الأطفال عدا عن السمعة السيئة للدوائر الحكومية وما فيها من فساد ومحسوبيات ومشاكل بين الموظفين، لكننا اليوم نسعى لإيجاد وظيفة حكومية لها، فرغم تدني الراتب إلا أنه سيشكل دعماً جيداً لعائلتنا.”
لم تغّير الحرب وجهة نظر شادي فحسب، وإنما غيّرت أيضاً النظرة الاجتماعية للوظيفة بشكل عام. فقبل الحرب كان الموظفون يُعتبرون ضمن الفئات الفقيرة بين شرائح المجتمع، ممن لا يمتلكون أعمالاً خاصة أو أملاكاً شخصية، في الوقت الذي كان فيه أصحاب المحلات البسيطة يربحون في اليوم ما يعادل راتب شهر كامل للموظف. وبعد أن كانت الوظيفة الحكومية تُصنف في أدنى السلم الاجتماعي والمهني قبل سنوات الحرب، اختلفت المعادلة بشكل كبير بعدها وبات الراتب المضمون في نهاية كل شهر ميزة ممتازة في ظل تفاقم الفقر والبطالة، مما عزز من مكانة الموظف اجتماعياً. فلم يعد يُنظر له بوصفه ذاك الساذج أو عديم الطموح بسبب اختياره الوظيفة الحكومية بدلاً من الأعمال الحرة، بل أصبح محظوظاً وحكيماً في خياراته.
اليوم ومع وجود أكثر من مليون موظف، لا تزال الوظيفة الحكومية بالنسبة للعديد من السوريين مجرّد بطالةً مقنعة، فما الجدوى من أن تهدر قدراتك ووقتك في عملٍ لا فائدة منه ولايُطور أو يستثمر خياراتك، ولا يمكن الاعتماد عليه لبناء حياة كريمة، ولكن مع الظروف الجديدة والوقائع التي فرضتها الحرب تغيرت المقاييس والقواعد، فصحيح أنّ الرواتب لا تُسمن، إلا أنها هذه المرة تغني عن الجوع.
بواسطة Ward Maamar | نوفمبر 11, 2018 | Cost of War, Reports, غير مصنف
ترافقت الحرب العسكرية في سوريا مع أخرى اقتصادية شملت العقوبات الاقتصادية الدولية المصرفية والتجارية، وإغلاق المعابر الحدودية مع دول الجوار، وانعكست على السوريين على عدة أصعدة كتسليم الحوالات المالية بالعملة المحلية حصراً ومنع تداول الدولار سواء للبيع أو الشراء. وأدى إغلاق المعابر الحدودية إلى ضرر اقتصادي كبير على سوريا، كما شكلت تلك المعابر عاملاً بارزاً في ميزان الحرب السورية، من ناحية تأمين السلاح، ونزوح السوريين إلى دول الجوار، وإدخال المساعدات الإنسانية إلى سوريا.
ومن المعابر التي تربط سوريا مع تركيا معبر كسب في محافظة اللاذقية، معبر باب الهوى في محافظة ادلب، معبر جرابلس ومعبر باب السلامة في منطقة اعزاز في محافظة حلب، معبر تل ابيض شمال محافظة الرقة، ومعبر راس العين ومعبر نصيبين ومعبر عين ديوار في محافظة الحسكة. في حين تربط سوريا مع لبنان خمسة معابر وهي: جديدة يابوس، والدبوسية، وجوسية، وتلكلخ والعريضة في طرطوس. أما المعابر التي تربطها مع العراق فهي: معبر اليعربية في محافظة الحسكة ومعبر البوكمال في محافظة دير الزور ومعبر التنف جنوب دير الزور. كما لدى سوريا مع الأردن معبران هما: معبر نصيب الحدودي الذي يسمى جابر من الجهة الأردنية في محافظة درعا، ومعبر الجمرك القديم في درعا (الرمثا).
ومع انحسار مظاهر الاقتتال العسكري على الأراضي السورية، بدأت بعض المعابر تفتح أبوابها مع سوريا، أولها معبر نصيب الحدودي بين سوريا والأردن. وكانت قوات المعارضة سيطرت على هذا المعبر في نيسان/أبريل عام ٢٠١٥، لتستعيده قوات النظام بدعم روسي في ٧ تموز/يوليو هذا العام، مما شكل متنفساُ جديداً للحياة الاقتصادية بين سوريا والأردن نظراً لأهمية المعبر، الذي يصنف بأنه من أهم وأبرز المعابر الحدودية في الشرق الأوسط. ونص اتفاق فتح المعبر على أن يكون عمل الحدود بكلا الدولتين من الساعة الثامنة صباحاً حتى الرابعة مساءً، ويسمح للمواطن الأردني بدخول سوريا بسيارته الخاصة أو كمسافر عادي. ويسمح للأردني المقيم في سوريا بالدخول للأردن عبر المركز الحدودي، كما يسمح للسوري المقيم بالأردن أو دولة ثالثة بالسفر لسوريا عبر المركز الحدودي. أما بالنسبة للسوري القادم للأردن من سوريا، فيسمح له بالدخول بعد حصوله على موافقة أمنية مسبقة، مثلما يسمح للسوري القادم للأردن ترانزيت بالمرور، على أن يكون حاصلاً على إقامة او تأشيرة دخول للدولة المسافر إليها او القادم منها.
يصف رائد حمود مهندس معماري من محافظة درعا معاناته خلال السنوات الماضية بمغادرة سوريا عبر معبر نصيب قائلاً: “فشلت محاولاتي خلال سنوات الحرب لدخول الأردن بشكل نظامي، فالعوائق كانت كبيرة، ومع إعادة افتتاح المعبر تفاءلت بأن تعود الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل الحرب، لكن الاتفاق كان واضحاً بأن إعادة افتتاح المعبر لا نصيب لنا فيه، حيث لم يتضمن الاتفاق عودة العلاقات السياسية، وبالتالي يحتاج سفر السوريين لموافقات أمنية تحتاج الكثير من الوقت لإصدارها”.
ويسمح للسوري الحاصل على بطاقة مستثمر بالدخول، بدون موافقة مسبقة ويسمح له بإدخال سيارته الخاصة، كما يسمح لسائقي السيارات السورية العمومي بالدخول للأردن لنقل المسافرين دون موافقة مسبقة. وبالنسبة لحركة الشحن، يسمح للشحن الأردني بالدخول لسوريا حسب الاتفاقية الأردنية -السورية، كذلك يجيز الاتفاق للشحن السوري القادم للأردن بالدخول، بعد اتخاذ إجراءات التفتيش المطبقة.
يقول مازن علوان الذي يعمل بالتجارة: “منذ اليوم الأول لافتتاح المعبر، دخلت عدة شاحنات أردنية إلى سوريا، قامت بنقل البضائع إلى الأردن، واتجهت إلى السعودية محملة بالمواد والسلع الغذائية والحمضيات وبمواد تنظيف والكيماويات، وهذا العمل التجاري يشكل متنفساُ للتجار السوريين الذين عانوا من الحصار خلال الحرب، حيث أصاب البضائع والمنتجات السورية حالة كساد، تسببت بخسائر اقتصادية جمة دفع ثمنها التجار السوريون”.
أهمية المعبر للاقتصاد السوري
شكل إغلاق المعبر ضربة قوية لاقتصاد سوريا حيث قدرت خسائر إغلاقه بحوالى ١٠-١٥ مليون دولار يومياً، وبحسب البيانات الرسمية المتعلقة بالحركة التجارية للمعبر، قدر عدد الشاحنات التي غادرت سورية إلى الأردن خلال عام ٢٠١٠- عدا شاحنات الترانزيت- نحو ٤٤٢٥ شاحنة، فيما سجلت الصادرات السورية في العام نفسه ١١٠٠ مليون طن بقيمة قاربت ٣٥ مليار ليرة، ووصل حجم المستوردات ١١٤١ مليون طن بقيمة ٤٧ مليار ليرة. أي أن قيمة المبادلات التجارية للمعبر قاربت ملياري دولار وفقاً لسعر الصرف المعمول به في عام ٢٠١٠ الذي كان يعادل قرابة ٥٠ ليرة سورية. أما في عام ٢٠١٤ حتى تاريخ إغلاق المعبر في نهاية شهر آذار/مارس عام ٢٠١٥ فقد انخفض حجم الصادرات إلى ٣٤٠ ألف طن بقيمة ٢٧ مليار ليرة سورية، أي إلى الثلث تقريباً عن عام ٢٠١٠، كما هبط حجم الواردات إلى ٤٦٠ ألف طن بقيمة ٧٨ مليار ليرة، علما أن سعر صرف الدولار أصبح يعادل ٣٠٠ ليرة.
أما عن حركة المسافرين، فوصل عدد المسافرين عبره إلى سورية في فصل الصيف إلى ١٥ ألف مسافر يومياً من السوريين القادمين بقصد الزيارة ومن الخليجيين والأردنيين بقصد السياحة في سورية، إضافة إلى عبور حوالي ٤ آلاف تكسي تعمل بتحميل ونقل الخضار والفواكه وغيرها من سورية إلى الأردن. وللمعبر قيمة مضافة تتمثل بوجوده قرب المنطقة الحرة السورية-الأردنية المشتركة، والتي تشكل منطقة تجارية وصناعية للشراكة بين الحكومتين وهي تضم عشرات المعامل ومعارض السيارات ومكاتب لخدمة العابرين، ويتم تنزيل البضائع في المنطقة الحرة لإعادة تصديرها للعراق والأردن والخليج.
من الناحية اللوجستية، أدى إغلاق المعبر للبحث عن طرق بديلة لتصدير المنتج السوري عبر البحر والجو، مما حمل الاقتصاد السوري كلفاً مادية باهظة إضافة للوقت، حيث يستغرق طريق البحر لنقل الصادرات إلى الأردن عبر مرفأ اللاذقية وطرابلس اللبنانية إلى العقبة ثم عمان قرابة ٤٠ يوماً، أما النقل جواً فإن الوقت المقدر لوصول السلع إلى الأردن بعد المرور من بيروت يقدر بقرابة ٤ أيام، في حين يستغرق النقل يوماً واحداً من خلال معبر نصيب. وبشكل عام أدت الحرب لتناقص الصادرات السورية لدول العالم بنسبة ٧١٪ عام ٢٠١٢، من ٨ مليارات دولار إلى نحو ٢ مليار دولار، وبعد إغلاق المعبر عام ٢٠١٥ زاد الإنخفاض من مليار دولار إلى نحو ٨٤٣ مليون دولار، لتصبح ٦٨٦ مليون فقط عام ٢٠١٧. واتسم الميزان التجاري بالعجز كسمة عامة طوال الأعوام الماضية، نتيجة لانخفاض حجم الصادرات والواردات عمّا كانت عليه قبل عام ٢٠١١ وبلغ الميزان التجاري حده الأدنى في عام ٢٠١٦ لحوالي ٤ مليارات دولار.
الوضع المعيشي بعد المعبر
اعتبر بعض السوريين إعادة فتح المعبر خطوة نحو التعافي الاقتصادي، فيما رأى آخرون أنه رصيد جديد من المال يضاف لحسابات التجار الذين أثقلوا كاهل المواطن السوري برفع الأسعار خلال سنوات الحرب. يرى سعد عتمة الطالب في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق بأن إعادة فتح معبر نصيب الحدودي “خطوة اقتصادية جيدة للبلدين، لكن الفائدة الأولى هي للتجار ورجال الأعمال الذين سيتمكنون من تصدير بضائعهم وتوريد احتياجاتهم، في حين أن المواطن السوري لن يشعر بالفرق ولن ينعم بفوائد هذا الانفتاح”، ويضيف عتمة “على العكس، مع مضي الوقت ستعاود الأسعار ارتفاعها، نتيجة تصدير البضائع السورية إلى الأسواق العربية عبر الأردن، مما سيساهم بانخفاض القدرة الشرائية لليرة السورية”.
أما سناء ملحم المحامية والناشطة بالعمل الإنساني فوقع خبر إعادة فتح المعبر عليها “كالصاعقة” بحسب وصفها، وتشرح السبب بقولها “إعادة افتتاح المعبر لن يحسن من الوضع المعيشي والإنساني للسوريين المتواجدين في مخيم الركبان، والذي يعد مأساة وكارثة إنسانية لا يمكن السكوت عنها، لا قيمة ولا منفعة لأي اتفاق اقتصادي مع أي دولة، طالما هناك سوري يعاني الجوع والفقر والمرض والبرد في مخيم تابع لدولة لا تملك أدنى مقاييس الإنسانية بحق من لجؤوا إليها”، وتتساءل ملحم “هل يعقل أن يدخل الأردني دون فيزا بعكس دخول السوري إلى الأردن؟ لذلك لا بد أن يكون القرار السياسي في خدمة المصالح الاقتصادية وليس العكس”.
ويرى عمر الرفاعي وهو سائق شاحنة، بأن المعبر مكسب للأردنيين على حساب السوريين، فالكثير من الأردنيين يتبضعون احتياجاتهم من سوريا بأسعار منخفضة مقارنة بأسعار السلع في الأردن، فيما لا يستطيع السوريون شراء احتياجاتهم الأساسية بسبب الغلاء الفاحش والأجور المنخفضة التي يتقاضونها مقارنة بالموظف الأردني. على سبيل المثال راتب الموظف الأردني حوالي ٦٧٠ دولار شهرياً، في حين أن متوسط دخل الموظف السوري ٧٠-٨٠ دولاراً فقط. ويضيف الرفاعي ” إن مشهد تواجد رجال الأعمال برعاية رجل الأعمال السوري محمد حمشو أمين سر غرفة تجارة دمشق، يؤكد أن مكاسب إعادة افتتاح المعبر تعرف طريقها إلى جيوب وأرصدة تجار الأزمات، ولن يكسب المواطن السوري منها سوى المزيد من الفقر والغلاء”.
من جهة ثانية، حاول النظام السوري امتصاص غضب السوريين، والتبرير بأن إعادة افتتاح معبر نصيب الحدودي يعد حدثاً مهماً يوازي بأهميته إعادة سيطرته العسكرية على أي منطقة، وهذا ما قامت بترويجه وسائل الإعلام السورية المحلية بتغطيتها، كما وجه النظام السوري رسالة عبر موقع الكتروني يعمل لحسابه بضرورة معاقبة من يتحدث عن الجانب السلبي لقرار إعادة افتتاح المعبر، وتصنيفه ضمن خانة التخوين.