ملثمون ينشرون الجريمة في ريف إدلب …من يوقفهم؟

ملثمون ينشرون الجريمة في ريف إدلب …من يوقفهم؟

نجا أحمد الشعراوي وهو في الـ٢٦ من عمره  بأعجوبة من محاولة سرقة وقتل على الطريق الواصل بين سرمدا وريف إدلب الجنوبي. إذ هاجتمه عصابة من الملثمين محاولين إيقافه وسرقة سيارته، إلا أنهم لاذوا بالفرار عندما فاجأهم بإطلاق النار نحوهم.

يروي أحمد تفاصيل الحادثة قائلاً “أتوجه كل فترة إلى مدينة سرمدا للحصول على بعض البضائع لمحلي التجاري الواقع في مدينة كفرنبل، ولحرصي على سلامة بضائعي الثمينة والمكلفة مالياً، وتحسباً لأي طارئ، أحمل معي سلاحي أينما ذهبت وخاصة في ظل الانفلات الأمني الحاصل”، ويصف الشعراوي كيف أوقفته مجموعة من المسلحين في أحد الطرق الفرعية وطلبوا منه مغادرة سيارته (فان) ويتراوح سعرها بين ٧ و ١٠  آلاف دولار أمريكي ، فتظاهر بأنه على وشك الخروج حين باغتهم بإطلاق النار عليهم ما دفعهم للفرار بعد إصابة أحدهم .

يحمد أحمد الله أنه نجا من تلك المحاولة وإلا “لا شك سيكون مصيري مجهولاً كالكثيرين الذين تعرضوا لذات الحادثة” بحسب تعبيره.

قصص عديدة كقصة أحمد أصبحت تُسمع في ريف إدلب، إذ ازدادت جرائم القتل والخطف والسرقة تزامناً مع انتشار ظاهرة اللثام والملثمين بين الناس، مما يسمح لهم بارتكاب التجاوزات دون أن يتسنى لأحد رؤية وجوههم أو التعرف على شخصيتهم.

وإن كان أحمد قد نجا من محاولة السرقة غير أن الحاج حسين العمر (٥٠عاماً) لم يفلح في ذلك، فقد قامت عصابة مجهولة في منتصف شهر أبريل/نيسان ٢٠١٨ بسلب سيارته و بداخلها ٦ كيلو غرام من الذهب. عن تفاصيل الحادثة أوضح العمر بأن العصابة الملثمة أوقفته على الطريق الواصل بين بلدة معر تمصرين وقرية حر بنوش الواقعة في ريف إدلب الشمالي، وقامت بسرقة سيارته تحت تهديد السلاح، “كمية الذهب المسروقة كلها مصاغة ومخصصة للعرض في واجهة محلي التجاري، وبهذه السرقة خسرت كل ما أملك وأصبحت على هاوية الإفلاس” يقول الحاج حسين .

ولا تقتصر جرائم الملثمين على السرقة فحسب، وإنما يقومون أيضاً بالخطف بغرض طلب الفدية، وتكررت تلك الحوادث وازدادت بشكل كبير في الآونة الأخيرة حتى وصلت للخطف من المنزل.

فقد قام ملثمون بخطف الشاب عمران الحسنى وهو طالب جامعي من بيته ومن بين أهله، اعتقد الأهل حينها بأن الخاطفين يتبعون لتنظيم هيئة تحرير الشام (المعروف سابقاً بالنصرة) والذي غالبا ما يعتقل المدنيين بتلك الطريقة، لكن ذوي الشاب تفاجؤوا فيما بعد بأنهم مخطئون حين بدأ الخاطفون بالتفاوض مع الأهل، حيث طلبوا فدية قدرها ٢٥ ألف دولار، وأمام عجز أهله عن تأمين الفدية، قامت العصابة بقتل الشاب ورمي جثته على حافة أحد الطرق المؤدية إلى قريته.

ولم ينج حتى مسلحو المعارضة من جرائم العصابات، كما حدث في قرية تلمنس بريف إدلب الشرقي، ففي تمام الساعة الحادية عشرة ليلاً  بداية عام ٢٠١٨ قام سبعة عناصر ملثمين بمداهمة مكتب قائد اللواء الخامس في جيش إدلب الحر، ولم يكن في المكتب آنذاك سوى قائد اللواء وابنه. ترجل الملثمون من سيارتهم وهي طراز هونداي، وداهموا المكتب وقاموا بتكبيل الطفل وجره للسيارة، في حين كان والد الطفل يحاول إنقاذه، وعندما أثار الصراخ انتباه ساكني الحي وتوجهوا نحو المكتب هرب المهاجمون تاركين أحد عناصرهم الذي أصيب بعد أن أطلق والد الطفل عليه النار. وأشارات التحقيقات مع العنصر المصاب إلى أنه وعصابته ينتمون إلى تنظيم ما يسمى “حراس الدين” معترفاً بأن العملية كان هدفها الخطف وطلب الفدية.

لم يتوان الملثمون أيضاً عن تنفيذ عمليات تصفية طالت قياديين في الجيش الحر بل ومدنيين عزلاً وأطفالاً ونساءً، حيث تعرضت إدلب المدينة لعشرات التفجيرات التي راح ضحيتها عوائل بأكملها.

الشاب صبحي الراشد راح ضحية أحد تلك التفجيرات قبل حلول عيد الفطر بأيام قليلة، وذلك بعد انفجار عبوة ناسفة أمام المكان الذي كان يجتمع فيه مع أصدقائه من الشبان. يقول صديقه حسام متأثراً بما حدث لصبحي: “صبحي شاب طيب وخلوق، وليس له انتماء لأي فصيل أو حركة أو تنظيم، ومع ذلك فهو لم يسلم من غدر المجرمين وخفافيش الليل الذين همهم زرع الفتنة والرعب والإرهاب في كل مكان.”

الحاجة أم سامر (٥٥عاماً) شهدت إحدى جرائم الاغتيال هذه حيث تم إطلاق النار على شابين من قبل مجموعة ملثمين مسلحين، يستقلون سيارة بيك آب على الطريق المؤدي لمدينة جسر الشغور. تروي أم سامر التي كانت تقف على شرفة منزلها كيف كان الشابان على دراجة نارية حين باغتهما المسلحون بإطلاق النار عليهما واللوذ بالفرار، مما أدى لمقتل أحد الشبان فيما نقل الآخر إلى المشفى.

تقول الحاجة أم سامر “لم نعد نأمن على أنفسنا، فقد أصبح المجرمون في كل مكان وهم لا يتوانون عن قتل أي شخص لأهداف دنيئة متعددة”، وتتساءل ” إلى متى سيستمر هذا الانفلات الأمني؟”

الحقوقي نزير العوض (٣٢عاما )  يرى أن ما وصلت إليه الأوضاع الأمنية في المناطق المحررة يستدعي “التحرك السريع لفرض الأمن، والقضاء على المجرمين الذين راحوا يصولون ويجولون متخفين بلثامهم” متسائلا عن سبب وضع عناصر بعض الفصائل اللثام وكأنهم يشجعون على كل تلك الانتهاكات، “فلو أن ظاهرة اللثام انتهت لدى الفصائل المتشددة كالنصرة، ربما كان من الصعب على الملثمين المجرمين الاستمرار بأفعالهم تلك فأمرهم سيكون مكشوفاً لدى الجميع فيما سيشل تحركاتهم ، ويردعهم عن ممارسة أفعالهم” ويختم العوض بانتقاده للفصائل التي تتجاهل ما يجري “وكأن الأمر لا يعنيهم.”  

من جهته أفاد القيادي في الجيش الحر أبو البراء (٤٢عاماً) بأنه تم العثور على عدة ألغام مزروعة على أطراف بلدة الهبيط الواقعة في ريف إدلب الجنوبي مهيئة للانفجار حيث تم تفكيك وتفجير بعضها، وأشار إلى حالات الاغتيالات التي كثرت في الآونة الأخيرة في إدلب وريفها ومنها العثور على جثتين مجهولتي الهوية بين بلدتي معصران بابيلا وذلك بقتلهما ورميهما في الأراضي الزراعية، بالإضافة للعثور على جثة أخرى في قرية الزعلانة وأخرى على طريق البارة كفرنبل وغيرها من الجرائم.

ويقول أبو البراء إنهم لا يزالوا يجهلون من يقوم بتلك التصفيات والجرائم “فمعظم الجرائم تتم في المناطق الحراجية أو الطرق الفرعية التي تخلو من وجود حواجز أمنية، وهو ما يجعل الكشف عن طبيعة تلك الجرائم أمراً بالغ الصعوبة، وخاصة في ظل ما تمر بها البلاد من فوضى” بحسب قوله.

من جهة أخرى قامت القوة الأمنية التابعة لهيئة تحرير الشام بإعدام أربعة أشخاص في مدينة إدلب علناً بعد أن قالت عنهم بأنهم متورطون بعمليات التفجير والاغتيالات بحق عسكريين ومدنيين، كما استطاعت جبهة ثوار سراقب التابعة للجيش الحر إلقاء القبض على عصابة سرقة في مدينة سراقب جنوبي شرقي محافظة إدلب بتاريخ ٢٠ إبريل/نيسان ٢٠١٨. علما أن  معظم الفصائل الثورية المسلحة تمتنع عن توجيه الاتهام إلى أي جهة معينة خشية إثارة بلبلة في المنطقة، قد تتطور إلى اشتباكات بين الفصائل.

وفي محاولة مدنية لمحاربة ظاهرة اللثام والحد منها أطلق ناشطون حملة “اللثام ليس منا” بغية الإشارة إلى وجود هذه الظاهرة الخطيرة وتحذير الأهالي من عواقبها.

المنسق العام للحملة ملهم سمير (٣٠عاماً) يقول لصالون سوريا “انطلقت الحملة في كل من محافظتي حلب وإدلب نتيجة تكرار حالات الخطف والقتل والسرقة التي يمارسها الملثمون مستغلين ضعف العامل الأمني وفوضى الحرب القائمة” ويبين سمير بأن هدف الحملة هو القضاء على ظاهرة اللثام والتي تساعد أصحابها على ارتكاب الجرائم والانتهاكات بكل سهولة.

وقد تضمنت الحملة ندوات توعوية وتوزيع بروشورات وملصقات في الأماكن الحيوية والعامة.

ورغم التفاعل الكبير مع الحملة من قبل الأهالي والمدنيين إلا أنها غير كافية للقضاء على هذه الظاهرة التي تستوجب سلطة وقوة تعمل على الحد منها، غير أن هذه السلطة غائبة حالياً في ظل ازدياد عدد الفصائل وتعدد قياداتها وتناحرها في المنطقة.

أثر الحرب السورية على الإنتاج الزراعي

أثر الحرب السورية على الإنتاج الزراعي

السوق السورية مليئة بالمنتجات السورية الزراعية والتي تتنوع في جودتها ونوعيتها واسمها حسب مناطق إنتاجها، أتناول هنا أربعة منتجات أساسية وهي (البطاطا، التفاح، والحمضيات، والبندورة) مع المرور على منتجات أخرى حيث يعيش الكثير من الفلاحين بالاعتماد عليها ولكن المشكلة تكمن في التكلفة الكبيرة للإنتاج مقابل سعر المبيع الزهيد.

يشتري المواطن السوري المنتجات الزراعية بأسعارٍ رخيصةٍ وهو سعيد بسبب دخله المتدني ولايعلم أنه سيدفع أثماناً مضاعفة في العام التالي مقابل نفس السلعة بسبب عدم قدرة الفلاحين على إعادة الإنتاج نظراً للخسارات الهائلة في الموسم الحالي وخضوع الزراعات لتقلبات المواسم المطرية، والجفاف، وأسعار البذور والأسمدة والمواد الزراعية التي باتت مكلفة جداً بفعل الحرب.

دفعت الظروف الصعبة شريحة كبيرة من الفلاحين للانكفاء عن إنتاج نفس الموسم بسبب انعدام القدرة المادية وكلما خفّ العرض ارتفعت الأسعار إلى حدودٍ جنونية. فقد وصل سعر الكيلوغرام الواحد من البطاطا مثلاً إلى ٣٠٠ ليرة سورية، في حين أنّ الوزن نفسه كان يُباع في الموسم الماضي بأقل من نصف الكلفة من قبل الفلاحين. وتصل الكلفة إلى ١٢٠ ليرة سورية كما أخبرني أكثر من مزارع في ريف حمص وريف حماة، حتى أنّ السعر وصل الى خمس عشرة ليرة في منطقة الغاب وخمس وستين ليرة سورية في قرية سكرة بريف حمص. سألت المزارع (أبو محمد) من قرية سكرة عن تفاصيل التكلفة، فأخبرني أنّ “سعر البطاطا التي يتم استيرادها من أجل الزراعة باهظ جداً، إضافةً الى أسعار الأسمدة التي تضاعفت مراتٍ عديدةٍ وتجاوزت كثيراً فرق سعر الصرف حيث تجاوز سعر الكيس (٥٠ كغ) عشرين ألف ليرة سورية، بينما لم يتجاوز سعر الكيس (نفس الوزن) الخمسمائة ليرة قبل العام ٢٠١١ (أي قبل الأزمة)، يُضاف الى ذلك كلفة الري حيث كان سعر الليتر من المازوت (الديزل)٧ ليرات سورية واليوم تصل هذه الكلفة إلى ١٨٥ ليرة سورية، في حين سعر المتوفر بدون دعم إلى ثلاثمائة ليرة سورية، ويُضاف إلى كله أجور النقل الى الأسواق.”

قطاف التفاح في أحد بساتين ضهر القصي

أما التفاح فينمو في المناطق الباردة وبالتالي ينتظر المزارع غضب الطبيعة أو رحمتها، فقد يقضي البَرَد على موسم التفاح إذا كانت حباته كبيرة، وإذا كانت الطبيعة رحيمة  يخضع الفلاحون ومواسمهم لرحمة التجار. يُباع التفاح حالياً بسعر ٨٥ ليرة سورية للكيلو غرام الواحد في حال كان النوع جيداً ويصل إلى المستهلك بسعر ٢٥٠ ليرة سورية. زرت (أبو الجود) في بستانه  وسألته عن التكلفة فأخبرني عن ثمن المبيدات الحشرية وأجور الرش والفلاحة حيث كان إنتاجه هذا العام ما يقارب سبعة أطنان ولكن الحصيلة النهائية لفرق السعر بين الإنتاج وكلفته لا يكفيه سوى لمصروف شهرٍ واحدٍ وهو ما يعادل أربعمائة دولار أمريكي، آخذين بعين الاعتبار أنّ ثمن الأشجار مدفوع سابقاً ولم يُحسب حساب الأشجار التي تموت ويحتاج الى بديل لها.

قطاف التفاح في أحد بساتين ضهر القصير

أما الحمضيات فتتركز زراعتها في مناطق الساحل السوري فقط. ورغم عدم  توفر الليمون بشكلٍ كافٍ في المناطق السورية الأخرى الأمر الذي يجعل أسعار مبيعه باهظة جداً، إلا أنّ العديد من المزارعين قاموا باقتلاع أشجارهم واستبدالها بزراعات أخرى لأنّ سعر المبيع أقل من التكلفة. فمثلاً أثناء قطافي لثمار الليمون من مزرعة (أبو الغيث) لإحضاره إلى حمص سألته (لماذا لايبيع هذه الكمية الكبيرة من الليمون؟)، فبدأ بتعداد التكاليف من سعر الصناديق، إلى أجور العمال، إلى النقل الى الأسواق، فوصلت كلفة الكيلوغرام من هذه العملية الى أكثر من سعر المبيع، هذا بدون حساب العمل طيلة عامٍ كاملٍ. ويبلغ سعر الصندوق ٣٠٠ ليرة سورية ويتسع لعشرة كيلو غرامات أي أنّ سعر كل كيلو غرام ٣٠ ليرة، وتبلغ أجور القطاف ١٠ ليرات، وأجور النقل من البستان إلى تاجر الجملة ٥ ليرات، يصبح المجموع ٤٥ ليرة سورية، لكنّ سعر المبيع للمستهلك يتراوح بين ٤٢-٤٠ ل.س، طبعاً هذا السعر ليس ثابتا وقد يرتفع السعر أو ينخفض، لكنه يعطي فكرة عن الخسائر التي يعاني منها الفلاح الذي بات يُفضل سقوط الثمار في مكانها أفضل من الخسائر التي سيجنيها هذا في حال تم تسويق المحصول.

وأخيراً البندورة التي تعد من المحاصيل المهمة جداً والضرورية بالنسبة لكلٍ بيتٍ وهي تُزرع في كافة أنحاء سورية ولكن في الصيف تزرع في المناطق الداخلية وفي الشتاء على السهول الساحلية، وهي من الزراعات المحمية شتاء، لكن سعر المبيع في الموسمين الماضيين انخفض إلى ما دون سعر التكلفة سواءً بالنسبة للزراعة المحمية في الساحل أو الزراعة الصيفية في المناطق الأخرى، وهي تصل إلى المستهلك بأرقامٍ صعبةٍ على مدخوله، ويشتري المستهلك كيلو البندورة الواردة من ريف حلب بمبلغ مئة وخمسين ليرة في حين يبيعها الفلاح هناك بخمس عشرة ليرة سورية.

إذاً أين تكمن المشكلة؟ بالإضافة إلى العوامل الجوية التي لايمكن دائماً التحكم بآثارها، مايفاقم من هول التحديات التي يواجهها الفلاحون والمستهلكون على حدٍّ سواء هو سوء إدارة الأزمة الزراعية وغياب الدعم والرقابة، فمن هي الإدارة المسؤولة عن هذا البلد وحماية القطاع الزراعي الذي أثبت أنه عصب الحياة الاقتصادية بعد أن عصفت الحرب بالقطاعات الصناعية والتجارية والسياحة؟

هناك الكثير من المشاكل السابقة لسنة ٢٠١١، لكنّ العديد من المشاكل الجديدة نجمت عن العقوبات الاقتصادية وتفشي اقتصاد الحرب كفرض الجباية والأتاوات من قبل الحواجز على السيارات العابرة والبضائع، وهذه ضرائب مُقنّعة يدفعها السوريون علانيةً ولكن ليس لها مكان في جدول حسابات الإنتاج ولا مكان لها بالنسبة لواردات الدولة. كما باتت توجد هوة كبيرة ما بين الدخل المتدني للسوريين وأسعار السوق، وتؤرق هذه المشكلة معظم السوريين. ورغم أنّ أسعار المنتجات الزراعية السورية أرخص من مثيلاتها بالمقارنة مع الدول المجاورة، إلا أنّ القدرة الشرائية المنخفضة لاتسمح للسوريين بالشراء، وهذه مشكلة من مشاكل كثيرة يعاني منها السوريون ولايمكن طرحها بشكل منفصل عن مشكلتهم الأساسية مع مفهوم الدولة، ولكن تبقى المشكلة مطروحة ببعدها الاجتماعي والاقتصادي وعلى أي حكومة سورية مستقبلية العمل على إيجاد توازن بين سعر السوق والدخل بالإضافة للتركيز على أن يكون سعر المنتج مدعوماً من الحكومة بحيث يكون أعلى من الكلفة وتتحمل الحكومة ردم الهوة بينهما مهما كانت حتى يستطيع المزارع متابعة إنتاجه في مواسم لاحقة ولتحقيق الأمن الغذائي بالنسبة للجميع.

ورغم الاقتصار هنا في تناول المحاصيل المنتجة في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام السوري إلا أن هناك منتجين رئيسيين في المناطق التي تسيطر عليهما قوات سوريا الديمقراطية وهما القمح والقطن وتلك مشكلة أخرى حيث أن القطن من الزراعات الصناعية الأساسية في سورية، وانعكست آثار الحرب تلك على قطاعات واسعة من السوريين العاملين في محالج القطن وشركات الغزل وشركات صنع الزيوت من بذر القطن، وكل ذلك بسبب الإنتاج الضعيف والذي يعود سببه الى عدم وجود سعر يشجع الإنتاج، بالإضافة إلى تردي الوضع الأمني الذي انعكس على الطرقات التجارية والترانزيت وخضوع المناطق السورية المختلفة لسيطرة قوى مسلحة متصارعة ومختلفة.

السويداء- ارتياب مابعد المجزرة

السويداء- ارتياب مابعد المجزرة

رغم كل ما طرح في تحليل وتفسير مجريات المجزرة التي ارتكبها تنظيم داعش في مدينة السويداء في ٢٥ تموز ٢٠١٨ والتي أدت إلى مقتل ما لا يقل عن  ٢٠٠ شخص وجرح المئات من المدنيين، ورغم تعدد الروايات المتضاربة حول تفاصيل ما جرى والمتورطين تسهيلاً أو تنفيذاً، إلا أنه لا يمكن الاستناد اليوم بعد مرور ما يقارب الشهرين على المذبحة على أي رأيٍ حول ما ستؤول إليه الأيام القادمة. فبينما يرى كثيرون أنّ ما قبل مجزرة تموز ليس كما بعدها، وأنّ ضخامة الحدث بالنسبة لمدينة عاشت شبه هدوءٍ نسبيٍ خلال سنوات الحرب السورية سيكون مفصلياً بالنسبة لمجريات الأحداث القادمة؛ إلا أنّ آخرين يرون أنّ ما جرى ليس سوى مجرّد تفصيلٍ من يوميات الحرب السورية. الأهم من الاتهامات المتبادلة والاختلافات في وجهات النظر والمواقف بين مختلف الأطراف في السويداء حول حقيقة ما حدث ومن يتحمل المسؤولية هي حالة القلق والتوتر الشديد والخوف الحقيقي الذي طرأت على حياة الناس وأصابت حركتهم بشلل شبه مطلق.

درهم سلاح يحتاج الى قنطار عقل

في أعقاب الهجوم وما رافقه من حالة توتر واستنفار لدى أهالي مدينة السويداء وقراها تشكلت لجان حماية محلية من ابناء المدينة والبلدات ونُصبت حواجز في كافة الطرق والحارات وفي مداخل القرى تحسباً لأي تسللٍ أو أي حدث طارئ، أما في القرى الشرقية التي تعرضت للهجوم فقد تم تشكيل خط دفاع كبير من المتطوعين والأهالي واللجان الشعبية بالإضافة إلى التعزيزات العسكرية التي بدأت بالتجمع والتحشيد استعداداً لعملية عسكرية في بادية السويداء.

كان لهذه الحواجز دورٌ كبيرٌ في طمأنة الناس وتهدئة مخاوفهم خاصةً وأنّ القائمين بأعمال الحراسة والدوريات هم من أبناء المنطقة، ولكن على الرغم من ذلك حدثت مواقف وأخطاء كثيرة ناجمة عن حالة الشك والتوتر كادت أن تؤدي الى حالة من الفوضى لولا تداركها واحتواؤها في اللحظات الأخيرة . ومن هذه المواقف مقتل شابين بالخطأ على أحد الحواجز في المدينة بعد أيامٍ قليلة من المجزرة، حيث كانا يستقلان دراجة نارية في وقت ٍمتأخرٍ من الليل ليتفاجآ بمجموعةٍ من الشباب المسلحين كانت قد أقامت حاجزاً مؤقتاً في أحد الطرقات فهرب الشابان ظناً منهما أنّ عناصر الحاجز من الدواعش، الأمر الذي أثار ارتياب العناصر ففتحوا نيران بنادقهم باتجاه الشابين الأمر الذي أدى إلى مصرعهما.

وفي حادثةٍ مشابهة ونتيجةً لانعدام التنسيق بين اللجان الشعبية وحالة التوتر السائدة حدث اشتباكٌ مسلح في منطقة بساتين الجبل أدى الى سقوط قتلى وجرحى. وقعت الحادثة عندما كانت إحدى السيارات التابعة للجان في دورية حراسة اعتيادية، وأثناء مرورها في أحد الطرقات وجد السائق الطريق مقطوعاً بحجارة، الأمر الذي دفعه للالتفاف والعودة خوفاً من أن تكون السيارة قد وقعت في كمينٍ، وعندما رأى عناصر الحاجز القريب السيارة قادمة باتجاههم مسرعة ظنوا أنها محاولة تسلل من الدواعش فاشتبكوا مع عناصر السيارة بالأسلحة.

لم تقتصر الأخطاء على ذلك، فقد استغلت عصابات الخطف والسرقة الأوضاع الأمنية المتوترة وغياب المحاسبة لإقامة حواجز بحجة الحماية، ويقوم عناصر هذه الحواجز بتوقيف ضحاياهم وابتزازهم وسرقة أموالهم وجوالاتهم وحتى سياراتهم وتهديدهم بتصفيتهم بحجة التعاون مع داعش، أو يقومون بخطفهم وطلب فدية ٍماليةٍ من ذويهم لإطلاق سراحهم. وبالطبع فإن أغلب المستهدفين كانوا من النازحين إلى السويداء من خارجها أو من عشائر البدو المتواجدة في المنطقة.

كما تجلت الخلافات الشخصية والحساسيات العائلية الموجودة في بعض المناطق بشكلٍ واضح بعد المجزرة، فكل طرفٍ يريد أن ينسب البطولات له ويتهم الطرف الآخر بالتخاذل والتقصير، ووصلت المزاودات إلى حدٍّ هزلي تجلى في تفاصيل سطحية، فعلى سبيل المثال تنافست بعض العائلات حول عدد أفرادها الذين يقفون على الحواجز، فيما قام بعض الأشخاص بتوزيع حلويات على السيارات المارة على الحاجز بحجة إعطاء صورةٍ حضارية عن المكان، بينما كان القصد من ورائها إغاظة الجهة المنافسة والمزاودة عليها في مشاهد تذكرنا بمسلسل الخربة الذي تدور أحداثه في المنطقة. وفي سياق ذلك كان أبناء إحدى القرى قد أقاموا دوريات حراسة على الحواجز في أوقات النهار والليل في حركةٍ تعد الوحيدة بين كافة قرى السويداء، وتكمن المفارقة أنّ موقع القرية يتوسط المحافظة والخطر عليها شبه معدوم، كما أن غالبية من كانوا يقفون في النهار هم تجار المازوت المهرب سابقاً والفاسدون المعروفون للجميع .ومن التفاصيل اليومية على الحواجز أيضاً، قيام بعض الشباب باستعراضاتٍ ذكورية برفقة أسلحتهم على الملأ وتصوير أنفسهم في “سلفيات” ونشر صورهم  أثناء دوريات الحراسة على صفحاتهم على الفيس بوك.

وكان الكثير من الشباب قد رفضوا الوقوف على الحواجز والقيام بالحراسة معتبرين أنّ الموضوع مجرّد تزلف واستعراض مظاهر، وقد يكونوا محقين في ذلك، إلا أنّ بعض من رفضوا المشاركة هم بالأساس من الحزبيين وممن كانوا يوزعون شعارات الوطنية والبطولة من بيوتهم ومكاتبهم.

ارتياب من الحياة الطبيعية

أدت المجزرة إلى تغير الحياة اليومية للناس حيث يسود جوٌ من الخوف والترقب والتوتر في المنطقة، الأمر الذي جعل الناس تُمضي أوقاتها في تصفح صفحات الأخبار المحلية كـ”السويداء 24” ومتابعة أي حدثٍ مستفسرين عن مصدر أصوات الرصاص التي تخرج هنا وهناك بين الحين والآخر. كما شكلت القطط والكلاب في جولاتها الليلية مصدر هلعٍ بالنسبة للكثير من الناس الذين باتوا متوجسين من أية حركة أو صوت غير مألوف، فمثلاً في إحدى الليالي اشتبه حارس إحدى المنشآت بحركةٍ وأصواتٍ بالقرب من المكان، فما كان منه إلا أن اتصل بصاحب المنشأة ليأتي الأخير مع مجموعة من أقاربه ليفتحوا نيران أسلحتهم بشكلٍ هستيريٍ وعشوائي باتجاه المنطقة المحيط بالمنشأة. ونتيجة لسماع أصوات الرصاص هبّ شباب القرية والقرى المجاورة لمؤازرة المجموعة في ظاهرة تسمى في السويداء بالـ “الفزعة” وقاموا بتمشيط المكان ليتبين أنّ مصدر الحركة المريبة كان كلباً حاول مهاجمة دجاجات الناطور الأمر الذي تسبب في كل تلك الاستنفارات وإطلاق الرصاص.

وفي حادثةٍ أخرى، انقطع التيار الكهربائي نتيجةً لعطلٍ فنيٍ في منتصف الليل تقريباً، ليلتها لم ينم أهالي السويداء، فليلة هجوم داعش انقطع التيار الكهرباء أيضاً، الأمر الذي جعل الناس تمضي ليلتها في الشوارع وعلى أسطح  البيوت والحواجز.

وفي تفصيلٍ لا يخلو من الطرافة أيضاً احتار الشبان في أمر ذقونهم التي كان إطلاقها بكثافة أمراً عادياً قبل الأحداث الأخيرة، ولكن بعد المجزرة بات منظر الذقون الطويلة يثير الشك والخوف والريبة، الأمر الذي دفع العديد من الشبان الى حلاقة ذقونهم احترازياً. ولكن مع سريان إشاعات جديدة تقول إنّ عناصر الجيش السوري وخلال مداهمتهم لبعض المغائر التي كان يختبئ فيها عناصر التنظيم وجدوا معدات حلاقة وآثاراً لشعرٍ محلوقٍ لإخفاء هويتهم، هنا انقلبت الآية رأساً على عقب وبخاصة لدى الأشخاص الذين لهم ملامح قد يخالها المرتاب أنها مغايرة لسحنة أهل المنطقة، الأمر الذي دفع الكثيرين لتخفيف ذقونهن وتحديدها وإضفاء موديلات عليها، أو ارتداء رموز وقلادات دينية في أعناقهم، أو التحدث بلكنة المنطقة المميزة وبصوت ٍعالٍ مستبقين سؤال العناصر على الحواجز فتسمع عبارات مثل: (الله محي الشباب، أنا فلان ابن فلان، درزي ابن درزي،)، وأحياناً يعقب الشخص مازحاً ولكسر التوتر: حقكم والله تدققوا شكلي طالع مثل الدواعش!

وعلى الرغم من الأخطاء والتفاصيل اليومية المقيتة التي تحدث على الحواجز التي يحرسها المتطوعون من أبناء المدينة، يبقى الرضى عنها محط إجماع معظم الناس وبخاصة عند مقارنتها بالحواجز الأمنية ذات السمعة السيئة، فالجميع بات يدرك أنّ من واجبه ومسؤوليته حماية منطقته وأهله في وقت لاتزال المعارك على أشدها في البادية، ومازال خطر التنظيم الذي أسر العشرات من المدنيين أثناء ارتكابه للمجزرة قائماً في كل لحظة ويقوم بين الحين والآخر بإرسال رسائل مرعبة عبر إعدام الأسرى تدريجياً للضغط وإجبار الحكومة السورية والأهالي للتفاوض مع التنظيم.

انخفاض الليرة التركية والشركات السورية

انخفاض الليرة التركية والشركات السورية

أحدث انخفاض قيمة الليرة التركية تغييراً كبيراً في خدمات الشركات السورية العاملة بتركيا، فتغيرت الأسعار بشكل لافت من أجل مناسبة أسعار الصرف الجديدة وتفادي الخسائر، وبينما استفادت بعض الشركات من الانخفاض -بسبب اعتماد تعاملاتها التجارية على العملات الأجنبية- تأثرت الأخرى سلبياً وتوقفت عدة شركات عن مواصلة نشاطاتها بشكل مؤقت، بسبب عدم ملائمة الأسعار الجديدة لاحتياجات المستهلكين والعملاء، في انتظار استقرار سعر صرف الليرة التركية لتعاود عملها من جديد.

وتجاوزت خسارة أصحاب الشركات السورية ملايين الليرات التركية، بسبب تغيرات أسعار الصرف من جهة وعزوف معظم عملاء هذه الشركات عن عقد صفقات وفق الأسعار الجديدة، من جهة أخرى.

أبو عدنان في الأربعينات من عمره، يعمل في مجال تجارة الأدوات المنزلية، أسس مشروعه قبل سنوات بتحويل مبلغ قيمته ٢٥٠ ألف دولار إلى الليرة التركية وفق سعر صرف قديم يعادل ٢.٠٨ لكل دولار، أي أن رأس ماله بالليرة التركية تجاوز النصف مليون بقليل.

يقول أبو عدنان “اشتريت بضاعة بالمبلغ وأسست محلاً تجارياً يبيع بالجملة، لكن إذا ما أحصيت البضائع الموجودة حالياً ورغم الربح المستمر الذي حققته، بالكاد يعادل الموجود الـ ١٥٠ ألف دولار، هنا تقدر خسارتي بأكثر من ١٠٠ ألف دولار، وهذا حال الكثير من رجال الأعمال السوريين بتركيا.”

تضخم مستمر

مع تسجيل الليرة التركية سعر صرف يعادل ٦،٢٦ لكل دولار، عاد القلق ليراود التجار السوريين بشأن مستقبل أعمالهم، خاصة أن رفع سعر الفائدة في الشهر الحالي ساهم في إعادة الاعتبار لليرة وتسجيلها سعر صرف مرتفعاً يعادل ٦ ليرات لكل دولار، لكن التضخم عاد مجدداً ينخر بجسم الليرة.

ويتجاوز عدد الشركات السورية في تركيا أكثر من عشرة آلاف شركة، أسست معظمها في إسطنبول، إضافة إلى مرسين وغازي عنتاب وأورفا وأنطاكيا وبورصة، وذلك وفق تقرير سابق لاتحاد غرف التجارة وسوق الأوراق المالية التركية.

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عزا انخفاض الليرة التركية إلى عدم تجاوب تركيا مع طلبات الولايات المتحدة “المخلة بالسيادة التركية”، ووصف ما يحدث لليرة التركية بأنه “محاولة اغتيال اقتصادية.” وكان سعر صرف الليرة التركية تجاوز الشهر الفائت حاجز السبع ليرات لكل دولار، الأمر الذي أحدث موجة قلق كبيرة بين رجال الأعمال في تركيا.

فؤاد سوري في الثلاثين من عمره، أسس قبل أربعة أعوام شركته لتقديم خدمات الطباعة للشركات بمدينة غازي عنتاب، يقول فؤاد: “في الفترة الأخيرة ارتفعت أسعار الطباعة بنسبة تصل إلى ١٢٠٪ عن الأسعار السابقة، مثلاً كنت أطبع كل ألف دفتر من نوع تجاري بقيمة ٤٠٠ ليرة تركية وأبيعها للمستهلك بزيادة ١٠٠ ليرة، أما اليوم فالسعر يتجاوز الـ ٩٠٠ ليرة هذا عدا مقدار ربحي، كذلك كنا نأخذ أسعاراً ثابتة من المطابع الكبرى، أما اليوم فسعر أي طلبية طباعة يحتاج لمراجعة المطبعة وأخذ سعر يتناسب مع تغيير أسعار الصرف.”

ويعتمد معظم التجار في التعاملات التجارية فيما بينهم على الثقة، لذا من الأعراف التجارية أن يكون جزء من رأس مال التاجر موزعاً على شكل ديون تراكمت لدى العملاء الذين يتعاملون معه ويشترون منه البضائع.

لكن تغير سعر صرف الليرة التركية أثر بهذا أيضاً، عماد مثلا الذي يعمل في مجال بيع وشراء إكسسوارات الموبايل بالجملة، اضطر لإيقاف عمله في تركيا بسبب خسائره المتلاحقة، خاصة أن لديه بضائع اشتراها وفق أسعار الصرف القديمة واضطر لرفع أسعارها حالياً كي لا يخسر.

يقول عماد في حديثنا معه: “المشكلة الأساسية هي التعامل التجاري بيننا وبين أصحاب محال الموبايلات، معظم العمليات التجارية تجري بالدين، وأكثر من نصف رأس مالي هو عبارة عن ديون عليهم، وحتى إن جمعته فالمبلغ لا يساوي الآن نصف رأس مالي المستثمر، هنا الكارثة الحقيقية.”

وتتجاوز قيمة الخسائر التي تكبدها عماد العشرين ألف دولار، ويمكن تثبيت هذه الخسارة إذا تم تحويل ديونه على التجار للدولار، أما إن بقي التعامل بالليرة التركية فلن تكون هناك خسارة، لكن عماد -كما العديد من التجار السوريين- مضطر للتعامل بالدولار فالمواد التي يستوردها من الصين يتم دفع قيمتها بالدولار لا بالليرة.

وبهذا فإن التجار المتعاملين بالليرة التركية ممن يشترون موادهم الأولية ويبيعونها بالليرة، لم يتأثروا بأسعار الصرف المتغيرة كثيراً، لكن الخسائر لاحقت التجار الذين يستوردون بالدولار ويبيعون بالليرة التركية.

وارتفعت أسعار العديد من السلع والمواد بشكل تدريجي في تركيا لتناسب حجم الانخفاض الذي لاحق الليرة التركية خلال الشهرين الماضيين. وكان البنك المركزي التركي قد أعلن عن رفع سعر الفائدة على عمليات إعادة الشراء لمدة أسبوع، ووصل سعر الفائدة إلى ٢٤%، بينما باتت خسارة الليرة التركية منذ بدء العام الحالي تعادل ٤٠% من قيمتها.

تأثير انخفاض الليرة على السوريين

يبدو القلق واضحاً على السوريين في تركيا وخاصة أرباب العمل الذين تأثر معظمهم سلباً بسبب تغيرات سعر صرف الليرة باستمرار. أبو عبدو أحد اللاجئين السوريين المقيمين في عنتاب، يقول: “تأثرنا بالطبع، انخفاض الليرة التركية غير أسعار السلع، كنت في السابق اشتري ربطة الخبز بليرة ونصف، اليوم سعرها ليرتان ونصف، وعبوة الزيت كانت بعشر ليرات اليوم ارتفعت إلى ١٥ ليرة تركية”، وبينما ارتفعت أسعار السلع بقي مرتب أبو عبدو الشهري كما هو بمقدار ١٥٠٠ ليرة تركية.

لكن ارتفاع أسعار السلع ليس وحده ما يثير خوف التجار السوريين في تركيا، يقول كريم، وهو شاب سوري مقيم فيها  “القلق ليس من انخفاض قيمة الليرة التركية بقدر ما هو من عدم استقرار العملة، فلو افترضنا أنها استقرت وفق سعر صرف ٦.٥٠ لكل دولار، بهذه الحالة يغير التجار تعاملاتهم التجارية وفق السعر الجديد، لكن ما يثير قلقهم هو عدم استقرار أسعار الصرف.”

مثلا تغير سعر الصرف من ٦.٢٠ لـ ٦.٣٨ في اليوم التالي، أي أن من يصرّف ١٠٠ دولار في اليوم الأول يخسر ١٨ ليرة تركية في اليوم الثاني، فبإمكاننا تخيل الخسارة الكبيرة على التجار وأرباب العمل

من جانب آخر، لمرح رأي آخر وهي لاجئة سورية في عنتاب، حيث تقول: “لم أشعر بتأثر جراء انخفاض الليرة التركية، نحن من عامة الشعب لسنا تجاراً أو أصحاب أموال، لكنني لاحظت تغيراً طفيفاً في أسعار الألبسة من خلال الأسعار المعروضة على واجهات المحال.”

وبينما اختلف تأثر السوريين بتبعات تغيير صرف الليرة التركية، تضررت معظم شركاتهم سلباً بسبب الانخفاض، بينما استفادت قلّة منها من هذا التغيير بسبب تعاملاتها على أساس الدولار واليورو وخاصة شركات الشحن التي تعتمد على التصدير إلى دول أخرى وتستلم الدفعات بالدولار.

الحيوانات الأليفة..مضادات اكتئابٍ سورية

الحيوانات الأليفة..مضادات اكتئابٍ سورية

“(إيم) تفهمني أكثر من بعض البشر، ترد لي المعاملة الحسنة بمثلها وتقدم لي حباً واخلاصاً غير مشروطين، لا تحقد ولا تكذب، تتواصل وتتفاعل معي دون أن تثرثر بأي كلام “، يقول سامي مداعباً شعر كلبته، التي يجد في علاقته معها السلام والعفوية فيما تحولت العلاقات الاجتماعية خلال سنوات الحرب لمعقدة مليئة بالتوتر والضغط النفسي.

يروي سامي “تعبت من الكلام والسجالات اليومية مع الآخرين، فالحرب جعلت معظم الأصدقاء متشابهين في سلوكهم وأحاديثهم، متعصبين لآرائهم ومملّين، عدا عن أن بعضهم تشوه نفسياً وبات يبثّ طاقاتٍ سلبية فيسلبني طاقتي، لذا بحثت عن صديقٍ مختلف في حياتي لم يصب بلوثة الحرب، لا يغضبني ولا يرهقني بثرثرته، فوجدته في كلبتي.”

وبينما أصبحت أيم جزءاً  من حياة سامي وصديقةً لكثير من معارفه، تمكن كلب صغير اسمه سمسم من علاج سناء من اكتئاب حاد أصابها قبل ثلاث سنوات إثر وفاة عدد من أصدقائها المقربين وهجرة آخرين خارج سوريا إضافة للخوف والقلق.

تقول سناء “لم يتذمر (سمسم) من حالتي النفسية ومزاجي السيئ، كان يجثو قربي طوال الوقت وكأنه يواسيني ويمدني بالعاطفة والحب، كما أن صحبته تشعرني بشيء من الأمان والنقاء فأشيح بوجهي عن صورة الحرب وترتاح ذاكرتي من آلامها، فقد منحني ما عجز عنه بعض الأشخاص وبقي قربي طيلة السنوات الماضية بينما ودعني أغلب الأصدقاء.” تمارس سناء المشي مع كلبها وتمضي بصحبته أغلب وقتها الآن فهو “صديقُ مريح ومسل، يفهم طباعي وأمزجتي” بحسب تعبيرها.

أما أبو عمران، فوجد في قطته لوسي فرصةً لكسر قيود العزلة بعد أشهر من العيش وحيداً بصحبة زوجته المريضة التي لا تقوى على مغادرة فراشها. يقول أبو عمران “اجتاح الملل منزلنا منذ أبعدت الحرب أبنائنا الثلاثة عنا وشتّتت أقربائنا وأصدقائنا فخسرنا معظم علاقاتنا الاجتماعية، لكن لوسي خففت من وطأة الأمر إذ أدخلتنا في علاقات إنسانية جديدة ما كنا لنحظى بها لولا وجودها.” ويسرد أبو عمران ما جرى حينما زوج قطته لقط إحدى العائلات فأصبح بينهما علاقة وزيارات متبادلة، كما أهدى بعد ولادتها ثلاثة من صغارها لبعض الأشخاص الشغوفين بتربية القطط ليكسب أصدقاء جدد أيضاً. “وجودها أنقذنا من الصمت والروتين وأضفى الحركة والمرح والألفة على منزلنا الموحش” يؤكد أبو عمران.

حالة مختلفة يعيشها العم أبو أحمد، الذي استعان بالعصافير ليستحضر أجواء الطبيعة في منزله الجديد بمناطق العشوائيات في ضواحي دمشق، يقول أبو أحمد  “منذ نزوحي من قريتي والمدينة تخنقني، فالسماء محجوبة خلف الكتل الاسمنتية، لا وجود للأشجار والمساحات الخضراء ولا يوجد في منزلي أية فسحة للزراعة، فلم أجد حلاً للتأقلم سوى بتربية الطيور، فمعها تمكنت من نسيان واقعي الجديد وعشت شيئاً من حياتي الريفية بروحها وألوانها.”

تعويض عن الأطفال

بالإضافة للوحدة والاكتئاب دفع عزوف العديد من العائلات السورية عن إنجاب الأطفال -خوفاً على مستقبلهم الغامض في الحرب والأوضاع الاقتصادية السيئة- لاقتناء الحيوانات الأليفة للتعويض، مثل شادي وزوجته اللذين وجدا في كلبهما (بيل) تعويضاً ما عن طفلهما الذي لم يأت بعد.

يقول شادي “منذ زواجنا عام ٢٠١٢ لم نعرف الاستقرار النفسي أو المادي، منعتنا الظروف الحالية من تحقيق حلمنا بإنجاب طفل يكسر رتابة أيامنا، إلا أننا ومنذ أحضرنا بيل إلى المنزل ونحن نعامله ونرعاه كطفلنا، ونعتني بصحته وغذائه، كما خصصنا له مكاناً للنوم بالقرب منا وأحضرنا له عشرات الألعاب، ثم بدأنا بتعليمه بعض آليات التواصل حتى بات يفهمنا من الإشارة وبعض الكلمات.” ويضيف شادي “ملأ بيل حياتنا بالفرح والنشاط وبتنا نشعر نحوه بكثيرٍ من الحب والعاطفة، فهو طفلنا البديل حالياً.”

وقد اعتاد أهالي بعض الأحياء الدمشقية على رؤية “زوجان يسيران بصحبة كلبهما المدلل” المتزين ببعض الحلي والإكسسوارات في رقبته وذيله في السنوات الأخيرة.

وإن بقي خيار الإنجاب ممكناً عند بعض الأزواج، إلا أنه أصعب كثيراً بالنسبة لكثيرٍ من النساء، بعد أن أصبح زواجهن أمراً صعباً ومعقداً، نتيجة تقلص أعداد الشباب في البلاد وعزوف معظم من بقي منهم عن الزواج، لذا كان خيار تربية الحيوانات الأليفة “هو التعويض الوحيد عند بعض النساء لتلبية نداء عاطفة الأمومة.” بحسب ما تقول حنان التي تربي كلباً ووبراً فرنسياً. قتل خطيب حنان بقذيفة قبل أشهرٍ من موعد الزواج، وعلى إثر صدمتها تلاشت لديها فكرة الارتباط مجدداً لتخسر فرصتها وحلمها بالإنجاب.

نجوى أيضاً لم تتزوج لكنها حاولت التعويض عن مشاعر أمومتها باحتضان أولاد أخيها إلى أن هاجر مع عائلته خارج البلاد، تروي نجوى “كان أبناء أخي يملؤون حياتي حيث يقضون معظم أوقاتهم في منزلي، لكن الحرب حرمتني منهم بعد حرماني من الأمومة، ولكي أنسى وجع فراقهم أحضرت قططهم الأربع إلى منزلي، أسميتها بأسمائهم، ومنحتها ألعابهم وجعلتها تنام في سريرٍ من أسرتهم، فهي عزائي الوحيد في غيابهم.”

ظاهرة وعلاج

ازداد إقبال السوريين على اقتناء الحيوانات الأليفة في الحرب أضعافاً مضاعفة، خاصة من قبل بعض الأزواج والنساء وكبار السن، ولم يعد الأمر محصوراً بالحيوانات المعتادة كالكلاب والقطط، فهناك من يقتني السلاحف والوبر الفرنسي وبعض أنواع الأرانب، إضافة للطيور المتنوعة والقردة صغيرة الحجم وغيرها.

ويعزو الطبيب النفسي غسان ذلك لتغيير الحرب لسلوك وأمزجة الكثير من الناس الذين باتوا يميلون إلى قلة الكلام والابتعاد عن بعض العلاقات الاجتماعية التي تذكرهم بآلامهم وخسائرهم وبمصير البلاد المجهول،. ويقول الدكتور غسان “لا تسلي الحيوانات الأليفة فقط، وإنما تربيتها تساعد في علاج أمراض القلق والاكتئاب والعزلة، إذا يجد بعض حاملي تلك الأمراض صعوبة في التواصل مع الأطباء النفسيين، فيعالجون أنفسهم فطرياً عبر تربية الحيوانات، فهي تتقبلهم بكل حالاتهم النفسية، كما أن انشغالهم بالعناية والاهتمام بها قد ينسيهم شيئاً من ضغوطهم ومشاكلهم النفسية، التي قد يذكرهم بها بعض من حولهم.”

كما يلجأ البعض إلى تربية الحيوانات كونها تعزز الثقة بالنفس والرضا عن الذات وتمنح الشخص بعض التوازن والأمان بحسب الدكتور غسان، فهي “تخفف من التوتر والانفعال الزائد وتساعد في تحسين المزاج، وبما أن الحيوان المنزلي يحتاج إلى المشي يومياً، فهو يساعد صاحبه على الخروج والحركة وممارسة النشاط الجسدي، وهو ما يحتاجه بعض المرضى” كما يقول. ويرى بذلك أن “معظم السوريين ممن يقتنون الحيوانات الأليفة يفعل ذلك ليستعيض بها عن مضادات الاكتئاب.”

لا تعيدوني إلى وطني

لا تعيدوني إلى وطني

“لا تعيدوني إلى وطني” يقول ملايين اللاجئين السوريين، ممن يرفضون العودة إلى بلدهم، أو يخافون إجبارهم عليها، وخاصة مع إصرار موسكو وسعيها لإقامة ما تسميه “بمراكز إيواء النازحين واللاجئين”، يترافق ذلك مع إحراز النظام السوري تقدما عسكريا كبيرا، واليأس من التوصل إلى أي حل سياسي. طرحت روسيا-في محاولة لتثبيت انتصارها وحلفائها في سوريا ورقة العودة خلال قمة “هلسنكي” الثنائية التي جمعت ولأول مرة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع نظيره الأمريكي دونالد ترامب.

واستمرت المحاولات بعد “هلسنكي”، فموسكو تبذل كل ما بوسعها لحث الدول المستضيفة للاجئين على إعادتهم إلى سوريا، مما بات مصدر قلق للكثير من السوريين، خصوصاً مع تجاوب لبنان والأردن، وعزم كل من موسكو وباريس وبرلين وأنقرة على تشكيل تحالف جديد يضع نقاش إعادة اللاجئين السوريين كأولوية انطلاقه.

ورغم أن سوريا ترأست هذا العام قائمة الدول الأخطر في العالم وفق مؤشر السلام العالمي، إلا أن روسيا مازالت تكرر تصريحات الأمن والأمان المنتشرين في سوريا، وفق رؤيتها. فإلى أي وطن يطلبون من الناس العودة؟

المُهّجرون السوريون يكتبون قصائد الشوق والحنين لمدنهم وبلداتهم، مستذكرين أجمل ذكرياتهم فيها ولكن هل يكون السوري شاعرياً لهذه الدرجة ويخاطر بمستقبله لأجل حنينه؟

الناشطة مي الحمصي التي تعيش حالياً في ولاية غازي عينتاب على الحدود السورية التركية تقول: “أشتاق جداً لمدينتي حمص وأتمنى العودة لها، ولكن طالما النظام موجود، فالأمر مستحيل، لأن ذلك يخالف مبادئي الثورية، لماذا أعود لحكم الديكتاتور وأنا التي خرجت في المظاهرات ضده، مشينا خطوة كبيرة للأمام ولا نستطيع العودة؟” وتضيف الحمصي “النظام عزز الانقسام بين أبناء الشعب السوري، لا أعتقد أني أستطيع العيش أو التعامل مع أشخاص مؤيدين للنظام.”

وتوافقها بالرأي الصحفية السورية زينة إبراهيم التي تعيش أيضاً في تركيا، تقول إبراهيم “التجاوزات الحاصلة في سوريا عززت موضوع رفض العودة لدى الكثيرين وخاصة في ظل التغيير الديموغرافي الذي دخل باللعبة، فسكان المناطق الأصلية نزحوا وتم توطين أناس جدد.”

وتؤكد ابراهيم “لا أفكر بالعودة على الإطلاق، قبل أن يتم التوصل إلى حل نهائي للحرب السورية، في الوقت الحالي الأمان الجسدي غير موجود فمن الممكن أن يتم تهديد المواطن بالاعتقال أو القتل، كذلك الأمان المادي غير موجود بسبب انهيار الليرة السورية ما أثر بشكل سلبي على المعيشة، فضلاً عن ندرة فرص العمل.”

اختلفت الأولويات اليوم بالنسبة للاجئين، فبينما كان أغلبهم يحلم بالعودة، خلال السنوات الأولى من انطلاقة الثورة، غيّر الكثيرون رأيهم اليوم، ساهم بهذا الانتظار الطويل، والدمار والتعقيدات التي جعلت الحياة الطبيعية في سوريا شبه مستحيلة، فتحول حلم العودة في أذهان الكثيرين لكابوس.

مفتاح المنزل الذي نقله كثيرون في رحلة لجوئهم الصعبة مع أثمن ممتلكاتهم، بات رمزاً ليس إلا، يعلقه العديدون اليوم على أبواب خيبتهم، وخاصة بعدما شاهد معظمهم ركام بيوتهم، وتأكدوا بأم أعينهم عبر الفيديوهات المنتشرة على اليوتيوب ومواقع التواصل الاجتماعي، أن لا باب لهم هناك ولا بيت.

إذا أين سيقيم العائد إلى الوطن؟ غرفة مستأجرة قد تكلفه أكثر من مائة ألف ليرة سورية، فيما تبلغ قيمة راتبه الشهري ثلاثين ألف ليرة سورية، فإلى ماذا يعود؟

تعاني البلاد اليوم من أوضاع معيشية متدهورة، تفتقر إلى مقومات الحياة الأساسية من كهرباء وماء، بالإضافة إلى غلاء الأسعار وتدني متوسط دخل الفرد لحوالي ستين دولار شهرياً فقط، وذلك حسب تقارير عالمية أشارت أيضاً إلى أن القدرة الشرائية في سوريا شهدت انهياراً كارثياً، حيث وصلت العام الماضي إلى ١٤ بالمئة فقط.

حسام زكية الذي يعمل حالياً كمترجم في برلين قال إنّ موضوع العودة إلى سوريا غير مطروح ضمن خياراته في الوقت الحالي، لاسيما أنه قام بتأسيس شبكة تقوم بأعمال الترجمة من اللغة العربية إلى الألمانية، وهو مندمج بالمجتمع الجديد، أما إذا عاد إلى سوريا، في ظل استمرار النظام، فإنه مُعرّض للبطالة، والخطر في ظل عدم استقرار الأوضاع أمنياً، هذا فضلاً عن أن بيته الذي كان يقع في حي التضامن في دمشق، تعرّض للقصف، ونزح أغلب سكان الحي من المنطقة.

وأدى استمرار السطوة الأمنية على سوريا، لجعل التفكير في زيارتها حتى أمراً خطيراً على الكثير من الراغبين بذلك، فقوائم المطلوبين للفروع الأمنية والتي تُسرب للإنترنت تضم مئات الآلاف من الأسماء عدا عن قوائم المطلوبين لأداء الخدمة العسكرية.

أيمن مسلم الذي يعمل في مجال الإعلام في هولندا يقول إن “العودة أمر غير وارد حالياً بسبب الأوضاع الأمنية غير المستقرة، والأهم من ذلك لا يوجد ضامن حقيقي يؤكد عدم التعرّض للاعتقال حين العودة، خاصة مع تواجدي في أوروبا كصحفي منذ ما يزيد عن أربع سنوات، النظام لن يغض الطرف عن هذا الموضوع واحتمالية الاعتقال ستكون كبيرة.”

المعتقلة السابقة أميرة طيار والتي تعيش حالياً في ولاية قيصري التركية، تقول أيضاً أنها لا تفكر بالرجوع إلى سوريا “أبدا”، مضيفة “لم يتبق أحد من عائلتي، ابني شهيد تحت التعذيب، وزوجي كذلك الأمر، هل سأعود لوطن لم يتبق لي أحد به؟  كما أن النظام حاقد على جميع المعتقلين السابقين الذين يعارضونه الرأي، ولن يوفر الفرصة لاعتقالهم من جديد.”

يوافقها وائل المصري الذي يعمل في مجال الاتصالات خارج سوريا بقوله “الكل يعلم بأن نظام الأسد لا عهد له ولا ميثاق، وقد شهدنا حملات الاعتقالات التي شنّها على المناطق التي استعادها مستهدفاً الشبان الذين تم تسوية أوضاعهم وزجهم في المعتقلات.”

وأضاف المصري “إذن القبضة الأمنية ماتزال مستمرة، ولايزال النظام يهين الناس ويذلهم، فأي عاقل سيعود إلى بلد مدمر ومُنته اقتصاديًا وخدميًا؟ ومهما حاول النظام فبركة أن سوريا بخير فهذا غير حقيقي، وحتى الأن الأمم المتحدة لم تعلن أن سوريا منطقة آمنة.”

في هذا الوقت، تتصدر قصص نجاح السوريين في أوروبا اليوم عناوين أبرز وسائل الإعلام العالمية، ممن بدؤوا من الصفر وأسسوا مشاريعهم الخاصة بأرباح تعود عليهم بآلاف الدولارات، وتحولت بلدان اللجوء لأوطان بديلة.