بواسطة Ibrahim Hamidi | يوليو 13, 2019 | News, Reports, غير مصنف
اصطدم هجوم قوات الحكومة السورية بغطاء انتقائي روسي بـ«جدار حماة – إدلب»، ما حال دون تحقيق تقدم استراتيجي في «مثلث الشمال»، بعد مرور أكثر من شهرين على بدء المعركة البرية، حيث كان موالون لدمشق وعدوا بـ«قضاء عيد الفطر في إدلب»! وبعد انطلاق الهجوم في 23 أبريل (نيسان)، سيطرت الحكومة على نحو 20 بلدة بعد حملة لجأت فيها إلى الضربات الجوية والبراميل المتفجرة منذ أواخر أبريل، وأدى ذلك إلى هجوم مضاد من المعارضة في أوائل يونيو (حزيران) نجحت خلاله في السيطرة على أراضٍ لم تتمكن الحكومة من استعادتها حتى الآن. وبدا واضحاً أن الحملة العسكرية لا تسير وفق هوى دمشق للأسباب الستة الأتية:
– غياب التفاهمات
في نهاية 2016، جرت تفاهمات بين أنقرة وموسكو قضت بتسهيل استعادة قوات الحكومة شرق حلب مقابل تسهيل موسكو لأنقرة إقامة «درع الفرات» بين جرابلس والباب شمال حلب، والقضاء على الربط بين شطري «غرب كردستان»، في محاذاة حدود تركيا. وفي بداية العام الماضي، جرت تفاهمات أميركية – روسية – إسرائيلية قضت باستعادة دمشق «مثلث الجنوب»، بين السويداء ودرعا والقنيطرة، مقابل إعادة تفعيل «اتفاق فك الاشتباك» في الجولان السوري. وجرت صفقة صغيرة أخرى سهّلت على تركيا التوغل في عفرين، ومنع امتداد الأكراد إلى البحر المتوسط.
قبل اندلاع معركة إدلب، جرى الحديث عن صفقة جديدة تسمح لتركيا بالدخول إلى تل رفعت وريفها مقابل دخول قوات الحكومة إلى جنوب إدلب وشمال حماة، وحماية قاعدة حميميم الروسية. وجرى بعض التقدم في قلعة المضيق وشمال حماة، لكن تقدم قوات الحكومة الإضافي قوبل بصد من فصائل تدعمها تركيا، ما رجح عدم اكتمال الصفقة الروسية – التركية: تل رفعت مقابل جنوب إدلب. والواضح إلى الآن غياب التفاهمات الخارجية حول إدلب.
– مقايضات كبرى
تكتسب إدلب، وريفها، التي تضمّ أكثر من ثلاثة ملايين سوري، أهمية باعتبارها ساحة لمفاوضات بين دول كبرى حول ملفات استراتيجية. روسيا تريد أن تبقى تركيا في حضنها وملتزمة صفقة «إس – 400»، وتفكيك «حلف شمال الأطلسي» (ناتو). روسيا تريد من تركيا ألا تتفاهم مع أميركا لإقامة «منطقة أمنية» شرق الفرات، وهي عرضت تفعيل «اتفاق أضنة» الذي يسمح للجيش التركي بالتوغل خمسة كيلومترات لملاحقة «الإرهابيين»، أي «حزب العمال الكردستاني»، ما يعني ملاحقة «وحدات حماية الشعب» الكردية، التي تعتبرها تركيا امتداداً لـ«العمال».
أميركا، من جهتها، لا تزال تفاوض تركيا على إقامة «منطقة أمنية». جرى الاتفاق على مذكرة تفاهم على الورق، لكن الخلاف لا يزال حول تنفيذها، تحديداً حول عمق المنطقة. أميركا مستعدة لتأييد عمق بين 5 و14 كلم، فيما تريد أنقرة عمقاً قدره 30 كلم. وهناك خلاف حول دور الجيش التركي في المنطقة ومستقبل «الوحدات» الكردية.
أغلب الظن أن مستقبل إدلب مرتبط بمستقبل شرق الفرات و«المنطقة الأمنية». الجديد، هو موافقة دول أوروبية على «ملء الفراغ»، بعد خفض الجيش الأميركي قواته شرق الفرات. لذلك، فإن «المنطقة الأمنية» لم تعد ملحّة، كما كان الحال، نهاية العام الماضي، عندما أراد الرئيس دونالد ترمب استعجال الانسحاب.
السفير الأميركي الجديد لدى تركيا ديفيد ساترفيلد، والمبعوث الأميركي جيمس جيفري، مؤيدان للتفاهم مع تركيا، على عكس مسؤولين في مؤسسات أميركية أخرى.
من جهتها، لا تزال روسيا ملتزمة «اتفاق خفض التصعيد»، وأعطت مهلة لتركيا للبحث عن تنفيذ الاتفاق، متعلقة بـ«تحييد الإرهابيين»، وهي لم تنخرط بعملية عسكرية وفق أسلوب «الأرض المحروقة»، كما حصل في مناطق أخرى، مع أنها تساهم في آلاف الغارات التي استهدفت بشكل رئيسي تدمير البنية التحتية للمعارضة، مثل المستشفيات. وبدت موسكو حريصة على الحفاظ على علاقاتها مع أنقرة حتى مع شن سلاح الجو الروسي ضربات دعماً لدمشق. وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في أبريل، إن شن عملية شاملة في إدلب لن يكون خياراً عملياً في الوقت الحالي.
– إيران
إيران جزء من «الضامنين» الثلاثة لعملية آستانة، مع روسيا وتركيا. ولم تشارك ميليشيات طهران غرب حلب، وقرب بلدتي نبل والزهراء، في الهجوم على إدلب من الطرف الشرقي. كما أن حجم المشاركة الإيرانية شمال حماة وغربها لم يكن في مستوى مشاركتها في معارك أخرى. يُعزى ذلك إلى أن طهران لا تريد إزعاج أنقرة في وقت تحتاج إيران لـ«حلفاء» يخففون عنها الضغوط الاقتصادية والدبلوماسية الأميركية، بعد الانسحاب من الاتفاق النووي.
كما أن روسيا أرادت من عدم إشراك ميليشيات إيران، إرسال إشارة إلى دول إقليمية برغبة موسكو في إضعاف النفوذ الإيراني بسوريا. لكن في الوقت نفسه، هناك من يعتقد أن طهران من طرفها أرادت إرسال إشارة إلى موسكو ودمشق بأن التقدم الميداني صعب من دون ميليشيات إيران.
– قوات الحكومة و«التسويات»
دفعت موسكو بآلاف المقاتلين الذين جنَّدتهم في «الفيلق الخامس» من جنوب سوريا وغوطة دمشق ومناطق أخرى للمعارك في «مثلث الشمال»، لكن بعض الفصائل رفضت المشاركة في العمليات الهجومية ضد «الجيش الحر» في إدلب، مع استعدادها للمشاركة في عمليات دفاعية أو هجومية ضد «الإرهابيين». كما أن روسيا لم تشرك فصائل معينة في الجيش السوري و«الفرقة الرابعة»، وهي أرادت الاعتماد على قوات العميد سهيل الحسن، الملقب بـ«النمر». لكن إنهاك القوات الحكومية وقوات «النمر» لم يسمح بتحقيق تقدم كانت تأمله دمشق. هناك مَن يعتقد أن في ذلك أيضاً رسالة إيرانية بأن التقدم صعب من دون حلفاء طهران داخل القوات الحكومية.
– تركيا
لم تسحب تركيا قواتها ونقاط المراقبة من «مثلث الشمال» التي انتشرت بموجب «اتفاق سوتشي» المبرم مع روسيا، في سبتمبر (أيلول) الماضي. بل إنها عززت هذه القوات، رغم أنها تعرضت لـ«اختبارات» من قوات الحكومة أو فصائل تابعة لها. وأبلغت أنقرة موسكو بأنها سترد عسكرياً على أي هجوم على نقاطها. وتقول تركيا إن روسيا تدخلت لوقف هجمات على القوات التركية جرى شنّها من منطقة تسيطر عليها الحكومة السورية.
كما أن تركيا قدمت الدعم العسكري والاستخبارات وذخيرة وسلاحاً بما فيها صواريخ مضادة للدروع لفصائل معارضة. وقال مصدر في المعارضة لـ«رويترز»: «يستهدفون حتى الأشخاص بصواريخ… يبدو أن لديهم فائضاً وأعداداً كافية. يستهدفون أفراداً بهذه الصواريخ، ما يعني أنهم مرتاحون». وأشارت مصادر دبلوماسية إلى احتمال موافقة واشنطن على دعم أنقرة الفصائل عسكرياً في إدلب، والحفاظ على خطوط التماس بين مناطق النفوذ الثلاث: روسية في غرب الفرات، أميركية في شرق الفرات، تركية شمال غربي سوريا.
– وحدة الفصائل
تسيطر «هيئة تحرير الشام» التي تضم «فتح الشام» («جبهة النصرة» سابقاً) على مناطق في منطقة إدلب. ويُعدّ مجلس الأمن الدولي «الهيئة» منظمة إرهابية. لكن هناك فصائل أخرى تتبع لـ«الجيش الحر» و«الجبهة الوطنية للتحرير». وكان لافتاً، وحدة الجميع (متشددين، معتدلين، إسلاميين) وتناسي الخلافات لصد هجوم دمشق. وقال قيادي في «جيش العزة»، إن التنسيق بين فصائل المعارضة يمثل عنصراً رئيسياً في إحباط هجمات الحكومة. وأضاف في رد مكتوب لـ«رويترز»: «بالنسبة إلى سير المعارك، أتوقع استمرارها لفترة كونها تُعدّ معركة كسر عظم للطرفين». وقال متعاقد خاص مع الجيش الروسي، يعمل قرب إدلب، لـ«رويترز» إن مقاتلي المعارضة «محترفون بدرجة أكبر، وتحركهم حوافز أكثر مقارنة بأعدائهم، وإن القوات الموالية للحكومة لن تستطيع تحقيق النصر في معركة إدلب إذا لم تساعدهم موسكو ميدانياً».
الواضح أن «رسالة إدلب» من حلفاء دمشق وخصومها في الإقليم والعالم، بعدما مُنيت الحكومة بخسائر بشرية فادحة في مقابل القليل من المكاسب: «لا يمكنكم أخذها عسكرياً. عليكم التفاوض».
*تم نشر هذا المقال في «الشرق الأوسط»
بواسطة Ibrahim Hamidi | مايو 6, 2019 | News, غير مصنف
ظهرت بوادر إنجاز صفقة مقايضة روسية – تركية تحت غطاء ناري من الطرفين تتضمن توغل أنقرة وحلفائها السوريين في «الجيب الكردي» شمال حلب مقابل تمدد موسكو وحلفائها السوريين والإيرانيين في جنوب إدلب ضمن «مثلث الشمال» شمال غربي سوريا.
ولا يمكن فصل مصير ريف حلب الشمالي عن إدلب والأرياف الثلاثة المجاورة بين «ضامني» عملية آستانة (روسيا، وإيران، وتركيا)، عن المفاوضات بين واشنطن وأنقرة حول إقامة «منطقة أمنية» بين نهري الفرات ودجلة شمال شرقي سوريا، التي تسيطر عليها «قوات سوريا الديمقراطية» بدعم من التحالف الدولي بقيادة أميركا.
تل رفعت وجوارها
تفصل تل رفعت مناطق سيطرة «درع الفرات» و«غصن الزيتون» التي تضم فصائل سورية مدعومة من الجيش التركي تنتشر بين جرابلس والباب في الشمال، عن مناطق «حزب الله» وفصائل تدعمها إيران في بلدتي نبل والزهراء في الغرب، ومناطق تنتشر فيها قوات الحكومة السورية والشرطة العسكرية الروسية في الجنوب. وسعت أنقرة أكثر من مرة للحصول على «ضوء أخضر» روسي للتوغل في هذه المنطقة لإخراج كامل لـ«وحدات حماية الشعب» الكردية المنضوية في «قوات سوريا الديمقراطية» من الريف الشمالي لحلب. كما واصلت المفاوضات مع واشنطن لتطبيق خريطة طريق تخص منبج تتضمن إخراج «الوحدات»، وتشكيل مجلس محلي جديد للمدينة.
الهم الرسمي التركي هو اتخاذ خطوات ملموسة لتقطيع أوصال «روج افا» (غرب كردستان) ومنع حدوث إقليم كردي مترابط. الخطوة الأولى حدثت في نهاية 2016، عندما أبرمت صفقة مع روسيا أسفرت عملياً عن عودة قوات الحكومة السورية إلى شرق حلب ودخول فصائل معارضة والجيش التركي إلى مناطق «درع الفرات». أدى ذلك، إلى فصل مناطق كردية شرق الفرات عن غرب النهر. الخطوة الثانية، حصلت في بداية 2018، وتضمنت دخول الجيش التركي إلى عفرين وسماح روسيا له باستخدام الطائرات الحربية. وأدت هذه الخطوة إلى منع وصول الأكراد إلى البحر المتوسط.
المرحلة الثالثة، يبدو أنها تجري حالياً. وهي تقطيع أوصال الجيوب ومناطق السيطرة الكردية شمال حلب. هل يتضمن هذا تسهيل تركيا دخول قوات الحكومة وروسيا وإيران إلى مناطق في إدلب؟
«مثلث الشمال»
يخضع «مثلث الشمال» الذي يضم إدلب وأرياف: حلب الغربي، وحماة الشمالي، واللاذقية الشرقي، لاتفاق روسي – تركي منذ سبتمبر (أيلول) الماضي. وتضمن وقف العمليات الهجومية والقضاء على المجموعات الإرهابية وإعادة تشغيل طريقين دوليين بين اللاذقية وحلب وبين حماة وحلب.
حافظ الاتفاق على صموده رغم خروق كثيرة. وجرى تشكيل «منطقة عازلة»، إضافة إلى نشر 12 نقطة مراقبة تركية ونقاط مراقبة روسية وإيرانية تفصل مناطق فصائل معارضة وإسلامية ومتطرفة عن قوات الحكومة وتنظيمات تدعمها طهران. وفي مارس (آذار) الماضي، قالت وزارة الدفاع إن القوات التركية والروسية قامت بأول دوريات «مستقلة ومنسقة» في منطقة تل رفعت ودوريات أخرى على جانبي «خط الفصل» في ريف إدلب.
وبعد مئات الغارات و«البراميل» في الأيام الماضية، وصلت تعزيزات قوات الحكومة إلى 3 محاور: اللطامنة وكفرزيتا وكفرنبودة شمال حماة، وجورين في سهل الغاب، وجسر الشغور غرب إدلب. وقال قيادي لوكالة الأنباء الألمانية إن «التعزيزات العسكرية التي أرسلتها القوات الحكومية إلى حماة وإدلب هي الأكبر، حيث تم نقل الآلاف من الجنود والآليات العسكرية من مناطق درعا وريف دمشق وحمص إلى خطوط الجبهات».
وخلال القصف تعرضت نقطة مراقبة للجيش التركي غرب حماة لقصف سوري مساء أول من أمس. وعلى غير العادة، سحبت أنقرة عناصرها من هذه النقطة بعدما أرسلت مروحيات وطائرة مقاتلة لحمايتها تحت غطاء جوي روسي (علما ان تركيا لم تعلن ذلك رسميا بعد). بالتزامن مع ذلك، سيطر «الجيش الوطني» التابع للمعارضة والمدعوم من تركيا على بلدة المالكية وقريتي شوارغة والأرز شمال حلب، وطرد «الوحدات» الكردية منها، ضمن خطة لـ«إخراج (الوحدات) من القرى المحيطة بطريق (عزاز) عفرين في ريف حلب الشمالي وصولاً إلى مدينة تل رفعت والمناطق الخاضعة لسيطرة (الوحدات) الكردية».
مقابل ذلك، هناك اعتقاد بأن العمل جار بين أنقرة وموسكو لعقد مقايضة تتضمن سيطرة القوات الحكومية على مناطق في منطقة «خفض التصعيد وتأمين طرق دمشق – حلب، وطريق حلب – اللاذقية، وطرق حلب – أعزاز». ويعتقد أيضاً أن المرحلة الأولى تتضمن سيطرة حلفاء روسيا على جيب قرب جسر الشغور، ينتشر فيه عناصر «حراس الدين» و«الجيش التركستاني الإسلامي»، مما يعني حماية قاعدة حميميم الروسية، مع احتمال ترك مصير «جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)» لمرحلة لاحقة تتضمن مزيداً من التفاهمات بين موسكو وأنقرة، إضافة إلى مناطق سيطرة شمال حلب وشرق سكة الحديد بين حلب ووسط البلاد.
شرق الفرات
لم يتفق ممثلو «المجموعة الصغيرة» في جنيف على بيان ضد هجوم موسكو ودمشق في إدلب. واكتفت واشنطن والاتحاد الأوروبي بدعوة روسيا إلى «عدم التصعيد» والتزام اتفاقها مع تركيا. لكن الحملة على «مثلث الشمال» تأتي في وقت تجري مفاوضات بين أنقرة وواشنطن تخص «المنطقة الأمنية» بين جرابلس وفش خابور، إضافة إلى ملفات استراتيجية بين روسيا وأميركا وتركيا تخص منظومتي «إس400» و«باترويت» و«إف35»، والعقوبات الأميركية على إيران و«تصفير صادرات النفط»، وعلاقة أنقرة مع «حلف شمال الأطلسي (ناتو)».
بالنسبة إلى «المنطقة الأمنية»، هناك مفاوضات شاقة يقودها المبعوث الأميركي جيمس جيفري. أنقرة تريد إقامة شريط بعمق 30 كيلومترا وعرض يتجاوز 400 كيلومتر على الحدود السورية – التركية، يكون خالياً من «الوحدات» وتحت سيطرت أنقرة البرية والجوية مع نشر مقاتلين عرب موالين لها كما هي الحال في «درع الفرات». واشنطن، التي تبحث عن ترتيبات عسكرية بعد خفض عدد قواتها، مستعدة لإقامة المنطقة، لكنها لم تستطع الحصول على إخراج «الوحدات»، خصوصاً بسبب وجود مدن ذات غالبية كردية، وتقترح إخراج المقاتلين الأكراد غير السوريين ودعم مفاوضات بين أنقرة و«حزب العمال الكردستاني».
وإذ دعمت واشنطن عقد مؤتمر للعشائر العربية برعاية «قوات سوريا الديمقراطية» شرق الفرات لتخفيف التوتر العربي – الكردي، وجهت دمشق وموسكو انتقادات حادة له بوصفه «اجتماع خيانة» ويدعم «حلاً انفصالياً»، فيما قامت تركيا بعقد مؤتمرها الخاص للعشائر العربية، بهدف توفير حامل عربي لـ«المنطقة الأمنية». يبدو جلياً ترابط مصائر الجيوب الثلاثة. ولا شك في أن صلابة تفاهمات موسكو وأنقرة في تل رفعت وإدلب، ستنعكس تعاوناً مستقبلياً شرق الفرات الخاضع لمذكرة تفاهم روسية – أميركية لـ«منع الاحتكاك» في الوقت الراهن، في وقت يبدو فيه مستقبل المنطقة مفتوحاً لترتيبات ما بعد الوجود الأميركي بشكله الجديد.
بواسطة Arwa AlHussien | مارس 11, 2019 | Cost of War, News, غير مصنف
كانت فكرة انضمام أمجد البالغ من العمر (14عاماً) لفصيل هيئة تحرير الشام أكثر ما يؤرق أمه عائشة الأربعينية، والتي راحت تبحث عن كل الوسائل التي من شأنها إبعاد ابنها عن جبهات القتال وهو في هذه السن المبكرة ولكن دون جدوى.
بعد سيطرة هيئة تحرير الشام على كامل محافظة إدلب، أطلق ناشطون حملة “سوريون ضد التطرف” بغية التنبيه والتوعية من مخاطر التطرف والفكر المتطرف على المجتمع السوري بكل مكوناته.
تشرح عائشة طبيعة المشكلة التي تعانيها قائلة “بعد وفاة زوجي في القصف على مدينتي أريحا أصبح العبء علي مضاعفاً لتأمين لقمة العيش وتربية أولادي الخمسة، لتأتي مشكلة ولدي أمجد الذي تعلق بحضور ندوات النصرة التي راحت تنظمها داخل المساجد وفي حلقات العلم وتحث من خلالها الأطفال واليافعين والشبان على الانضمام إلى صفوفها” وتضيف بأن الأمر لم يقتصر على تعلق ولدها بتلك الندوات وإنما باتخاذه قراراً بالانتساب لمعسكرات النصرة وإصراره على الالتحاق بهم، وقد حاولت الأم جاهدة إقناعه بالابتعاد عن الفكرة حيث تقول” حاولت استيعابه ومسايرته حتى لا يتمرد ويغادر المنزل فهو في سن مراهقة ومندفع ولا يفكر بما يمكن أن تؤول إليه الأمور، ومع ذلك لم تجد محاولاتي، وها هو الآن يقاتل في صفوفهم، وبت أنتظر خبراً يمكن أن يفجعني بولدي في أي لحظة”.
الصحفي والناشط ومنظم حملة “سوريون ضد التطرف” نسيب عبد العزيز (31عاماً) يتحدث عن الحملة وأهدافها فيقول “بدأت الحملة في أواخر عام 2017 وهي لا تزال مستمرة حتى الآن في كل مناطق إدلب وريفها، نحاول من خلال الحملة إبعاد أكبر شريحة ممكنة والتي قد تنجح التنظيمات الإرهابية في استقطابها، وبشكل خاص بعدما رأيناه من تحولات شكلية لهذه التنظيمات في الفترة الأخيرة” ويوضح العبد العزيز تلك التحولات كتغيير اسم جبهة النصرة ليصبح فتح الشام ثم تحرير الشام ولعبها على وتر مؤثر بالتركيبة السكانية مثل الاندماجات والتكتلات والإدارات المدنية وغيرها.
كان الوقوف في وجه التطرف والإرهاب هو قضية تبناها عدد كبير من نشطاء الثورة السورية ورجالاتها ومفكريها، وحذروا حتى من قبل دخول هذه التنظيمات من العواقب التي قد تتعرض لها الثورة السورية وتهدد أهدافها المشروعة في الحرية والكرامة.
“ومن هذا المنطلق فإن حملة ‘سوريون ضد التطرف’ هي ليست وليدة المرحلة وإنما هي خطوة في مسيرة بناء سوريا مدنية سليمة تنبذ العنف وترفض الإرهاب” يبين عبد العزيز مشيراً لأن أهداف الحملة تتلخص في الحد من انتشار الفكر المتطرف بشكل عام، وخاصة بين فئة الشباب والمراهقين “وهي فئة تعمل التنظيمات المتطرفة على كسبها واستغلالها في تنفيذ مصالحها عبر وسائلها التي تلاعبت بالمفاهيم الدينية والقيم الأخلاقية وهو ما عكس الصورة الحقيقية لتنظيم القاعدة “، ويردف العبد العزيز أنه “وعلى الرغم من محاولاتها لتمويه وجهها الحقيقي فالحملة تعمل على عدم تمكين القاعدة من الحصول على قاعدة شعبية وكسب تأييد السكان وإبعاد القوى المختلفة في مناطق انتشار النصرة عن مشاريعها ومخططاتها”.
التطرف كما تراه حملة “سوريون ضد التطرف” هو خروج عن النسق العام ومنظومة القيم والمبادئ والأفكار الشائعة والرائجة والمتوافق عليها بين الناس، ومنظومة القيم والمبادئ هي ليست محلية خالصة نابعة من موروث المجتمع فحسب، بل تعتمد على مرجعيات أممية تواضعت البشرية حولها وسطرتها في جملة من المواثيق والمعاهدات الدولية، والتطرف جذر تنمو من خلاله تباعاً ظواهر الغلو ومن ثم بشكل حتمي الإرهاب كما يسرد منظم الحملة.
سوريون ضد التطرف هي حملة عامة من خلال تحديدها لمفهوم التطرف، لكنها تكثف أنشطتها بشكل خاص على مناطق الشمال السوري وخاصة إدلب وريفها وريف حلب الجنوبي والغربي وريف حماه الشمالي وهي مناطق تسيطر عليها هيئة تحرير الشام التي تعمل على تغييرات شكلية بغية تحقيق استمرارية لها في المجتمع السوري.
شاهر الحلبي (29عاماً) أحد نشطاء الحملة يؤكد بأن الحملة مبنية على أسس منطقية حددت طبيعة التطرف في سوريا وخطره، وتحاكي التوجه الفكري للمجتمع السوري من خلال الأدلة والبراهين التي تثبت النتائج الكارثية الناجمة عن الفكر المتطرف والسلوك الإرهابي، وينوه إلى أن الحملة تنشط من خلال جهود جبارة يبذلها أعضاء الفريق والبالغ عددهم 60 ناشطاً، هذه الجهود “نابعة من حس واعي ومسؤول وهم شبان مدنيون من شرائح مختلفة من المجتمع السوري، تركزت نشاطاتهم عبر جلسات نقاش وتوعية وحوار وطرح المواد المتعلقة بالحملة بأسلوب مقنع، والتركيز على الوقائع المرتبطة بسلبيات التطرف”.
كما وتضمنت الحملة توزيع بروشورات تحتوي على آراء شخصيات مؤثرة وخاصة رجال دين ثقات، وبوسترات تعبر عن آثار التطرف بأسلوب واضح، عبارات غرافيتي، فيديوهات من خلال منصات الحملة على وسائل الإعلام الاجتماعي، وكان التجاوب والتفاعل داخل الوسط الاجتماعي مع الحملة ” جيداً جداً” كما وصفه الحلبي وخاصة في ظل الظروف السيئة التي تمر بها المنطقة والتي كان التطرف وآثاره السلبية مؤثرين فيها بشكل واضح.
الحقوقي نزير علوش (40عاماً) يعلق على فوائد حملة “سوريون ضد التطرف” بالقول “إن هشاشة مناعة المجتمع السوري الناجمة عن تسلط نظام شمولي مستبد لعقود من الزمن جعلت هذا المجتمع عرضة لخطر التطرف والأمراض المجتمعية المختلفة، والتي لا يمكن أن يتعافى منها بشكل فوري” ويقترح العلوش تكاتف وعمل جماعي من أجل التخلص من هذه الأمراض والبحث الدائم والمستمر لتعزيز مناعة المجتمع السوري من أمراض وأخطار مؤهلة للانتشار في مثل هذه الظروف، ولذا يعتبر العلوش بأن حملات مواجهة التطرف هي أولى خطوات العلاج التي تهدف لحشد طاقات المجتمع وتحفيزها لمواجهة التطرف، والتي لا يمكن أن تصل إلى نتائجها المرجوة دون عمل جماعي متتابع وعلى كافة الأصعدة.
بواسطة Ibrahim Hamidi | فبراير 3, 2019 | News, Reports
هناك سباق على ترتيبات منطقة شمال شرقي سوريا بعد الانسحاب الأميركي بين تفاهم أميركي – تركي على “منطقة أمنية” وبين عرض روسي لتركيا بتفعيل “اتفاق اضنة” بين انقرة ودمشق.
في الأسابيع الأخيرة، تطورت ملامح التفاهم الأميركي – التركي حول «المنطقة الأمنية»، وستكون الأيام المقبلة حاسمة للوصول إلى اتفاق نهائي بين واشنطن وأنقرة من جهة وتحديد دور «المراقبين» الأوروبيين في المنطقة وحماية الأكراد من جهة أخرى.
وتعقد في واشنطن الثلاثاء المقبل، اجتماعات اللجنة الأميركية – التركية على مستوى كبار الموظفين قبل لقاء وزير الخارجية مايك بومبيو ومولود جاويش أوغلو على هامش المؤتمر الوزاري للتحالف الدولي ضد «داعش» في اليوم اللاحق، لحل «العقد» أمام «خريطة الطريق» الجديدة بين الطرفين.
وسيكون المؤتمر أساسيا باعتبار أن ممثلي 79 دولة سيشاركون في أول اجتماع موسع ورفيع منذ قرار الرئيس دونالد ترمب في 14 ديسمبر (كانون الأول) الانسحاب من سوريا وقرب القضاء على «داعش»، واتفاقه مع نظيره التركي رجب طيب إردوغان على تشكيل «منطقة آمنة» وتفاهمه (ترمب) مع نظيره الفرنسي مانويل ماكرون على «حماية الأكراد» ثم عودته للاتصال بإردوغان في 23 ديسمبر (كانون الأول) (كانون الأول) وطلب «حماية الأكراد».
“خريطة” جديدة
على ماذا اتفقت واشنطن وأنقرة؟ بعد اتصال ترمب – إردوغان وإعلان «مفاجأة الانسحاب»، زار مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون ومسؤول الملف السوري جيمس جيفري وقائد الأركان جون دونفورد أنقرة قبل لقاء الأخير مع نظيره التركي على هامش مؤتمر «حلف شمال الأطلسي» (ناتو) في بروكسل واتصالات بومبيو – جاويش أوغلو.
الخلاف الأول، كان على اسم المنطقة إلى أن حسم لصالح أنقرة بأن تسمى «منطقة أمنية» حماية للأمن القومي التركي وليس «منطقة عازلة» أو «آمنة» بينها وبين الأكراد.
هناك اتفاق واضح أيضا على نقطتين: أن يكون عمق المنطقة 20 ميلاً، أي بين 30 و32 كيلومترا وأن تكون خالية من السلاح الثقيل والقواعد العسكرية في أيدي «وحدات حماية الشعب» الكردية.
أنقرة تريد إخراج نحو سبعة آلاف «مقاتل نواة صلبة» من «وحدات حماية الشعب» الكردية إلى خارج «المنطقة الأمنية»، على أن يحل محلهم مقاتلون من «البيشمركة» من المقاتلين والمنشقين الأكراد السوريين الموجودين في كردستان العراق بدعم من رئيس الإقليم مسعود بارزاني، إضافة إلى مقاتلين عرب سيوفرهم رئيس «تيار الغد» أحمد الجربا الذي كرر زياراته إلى أنقرة وأربيل. أنقرة تريد حرية التحرك في هذه المنطقة لـ«ملاحقة الإرهابيين». كما ترفض حالياً أي وجود لقوات الحكومة السورية وتقترح مجالس محلية منتخبة من السكان الأصليين، إضافة إلى إعادة لاجئين إلى الشمال السوري.
هناك رغبة أميركية – تركية بنسخ تجربة «خريطة الطريق» الخاصة بمنبج (إخراج مقاتلي الوحدات من المدينة، دوريات مشتركة، تنسيق أمني، مجالس محلية منتخبة خالية من أنصار الوحدات الكردية) في شرق الفرات بدءا من «المنطقة الامنية». لكن هناك «عقدا» موضع نقاش، إذ أن واشنطن تقترح أن يشمل الإبعاد فقط المقاتلين الأكراد غير السوريين والمحسوبين على «حزب العمال الكردستاني» بزعامة عبد الله أوجلان ذلك ضمن تصور أوسع تربطه بالعملية السياسية بين أنقرة و«حزب العمال».
-حذر أوروبي
لا تزال هناك سجالات مفتوحة إزاء الدور الأميركي في هذه «المنطقة الأمنية». وهنا يأتي الحديث عن الحوار القائم بين واشنطن وعواصم أوروبية. هل تقيم واشنطن وباريس ولندن في الصفحة نفسها؟
قرار ترمب الانسحاب فاجأ أيضا حلفاءه في أوروبا الذين سبق وأن استجابوا لدعوته في ربيع العام الماضي وزادوا مستوى الانخراط العسكري و«المشاركة في تحمل العبء» بإرسال قوات خاصة لتقاتل مع ألفي جندي أميركي تنظيم داعش. كما أن عددا من الدول بينها فرنسا، أرسلت دبلوماسيين وأقاموا إلى جانب الدبلوماسيين الأميركيين شرق الفرات.
فور وقوع «هول المفاجأة»، تواصل بولتون وبومبيو مع لندن وباريس. كما أن جيمس جيفري، الذي أصبح المبعوث الأميركي في التحالف الدولي ضد «داعش» خلفا لبريت ماكغورك، زار العاصمة الفرنسية قبل يومين. الرسالة الفرنسية، أن «موضوع حماية الأكراد أهم موضوع لدى الرأي العام الفرنسي لأنهم حلفاء وقاتلوا «داعش» نيابة عن الفرنسيين». ماكرون أبلغ الرسالة إلى ترمب. الرسالة الأميركية إلى الحلفاء الأوروبيين، هي: أميركا ستسحب القوات البرية في نهاية أبريل (نيسان) أو مايو (أيار) كحد أقصى، يجب القضاء على «داعش» قبل ذلك، قاعدة التنف الأميركية ستبقى بعد الانسحاب لأنها مرتبطة بالضغط على موسكو ودمشق ومراقبة نفوذ إيران وقطع الطريق البري بين إيران وسوريا، ستوفر أميركا إمكانات عسكرية لحماية القاعدة، أميركا تريد بقاء قوات خاصة واستخبارات من الدول الحليفة شرق الفرات وأن تساهم في «المنطقة الأمنية»، في المقابل ستقدم أميركا الدعم الاستخباراتي وستستخدم قواتها في العراق للتدخل السريع ضد «داعش» أو أي تهديد، إضافة إلى احتمال كبير بالإبقاء على الحظر الجوي.
ظهرت معضلة هنا: أميركا تريد من حلفائها تعهد الالتزام العسكري كي تتمكن من المضي قدما بالحظر الجوي والدعم الاستخباراتي لـ«الأمنية» وجوارها والإبقاء على التنف. الدول الأوروبية تريد تعهدا أميركيا بالبقاء جوا واستخباراتيا وفي التنف، كي تستطيع المضي في بحث بقاء القوات الخاصة والاستخبارات. في الوقت نفسه، هناك حذر فرنسي – بريطاني إزاء إمكانية تنفيذ «الوعود» القادمة من مسـؤولين أميركيين لثلاثة أسباب: الأول، صعوبة الرهان على استقرار قرارات الإدارة الأميركية في ظل حكم ترمب. الثاني، روسيا (وطهران ودمشق) ستختبر أميركا مرات عدة كما أن موسكو ستعرقل ذلك عسكرياً. الثالث، عدم وجود تفويض من الكونغرس الأميركي للبقاء شرق سوريا بعد هزيمة «داعش».
هناك من يستند إلى إمكانية تبرير البقاء بـ«دعم القوات الأميركية في العراق»، غير أن أغلب الظن أن بعض الدول الأوروبية ستنسحب من شرق سوريا قبل الأميركيين.
إغراء روسي
ضمن هذه السجالات، التي ستحتدم بين وزراء التحالف الدولي في واشنطن الأربعاء، ومحاولات إبرام اتفاق بين واشنطن وأنقرة من جهة والمفاوضات الحذرة بين أميركا وحلفائها من جهة ثانية، قامت موسكو ودمشق بهجوم مضاد. أوفدت دمشق مبعوثا إلى بارزاني لـ«فرملة» خيار إرسال «بيشمركة» من كردستان إلى شرق الفرات. ولوحظ امس قيام رئيس «هيئة التفاوض» المعارضة نصر الحريري بزيارة اربيل ولقاء بارزاني لدعم موقف انقرة.
كما مارست موسكو ضغوطا إعلامية على أنقرة في إدلب مع حشد دمشق قواتها شمال حماة بالتزامن مع اتهام تركيا بعدم تنفيذ اتفاق سوتشي في «مثلث الشمال».
تضمن الهجوم الروسي أيضا تشكيكا بجدية الانسحاب الأميركي وتقديم طلب خطي الى واشنطن بتسلم قائمة بأمكنة وكمية السلاح الثقيل والقواعد الأميركية شرق سوريا وجدول زمني لخروجها أو تفكيكها أو تدميرها.
لكن الورقة الروسية الرئيسية، كانت أن موسكو على الطاولة التركية «اتفاق أضنة» بين أنقرة ودمشق الذي يعود إلى العام 1998. بدلاً من خطة أميركية – تركية لـ«المنطقة الأمنية».
“اتفاق أضنة” يعطي أنقرة الحق بملاحقة «حزب العمال الكردستاني» لعمق 5 كيلومترات شمال سوريا، وتتخلى بموجبه دمشق عن أي مطالبة بحقوقها في لواء إسكندرون (إقليم هاتاي) الذي ضمّته تركيا في 1939.
ويعني الاتفاق اعتراف أنقرة بشرعية الحكومة السورية؛ لأن تنفيذه يتطلب كثيراً من الإجراءات، بينها تشكيل لجنة مشتركة وتشغيل خط ساخن بين أجهزة الأمن، إضافة إلى اتصالات سياسية مباشرة، بدلاً من «اتصالات غير مباشرة» وإعادة تشغيل السفارة التركية في دمشق، والسفارة السورية في أنقرة باعتبار أن الاتفاق يتطلب تعيين ضابط ارتباط أمني في كل سفارة. كما يعني انتشار القوات الحكومية السورية على الحدود، والاعتراف بالحدود القائمة من البحر المتوسط إلى العراق.
أنقرة توازن بين عرضين: أميركي وروسي. لديها نافذة مفاضلة تستمر إلى حين إجراء الانتخابات المحلية في مارس المقبل وقرب الانتهاء من الانسحاب الأميركي في مايو والقضاء علـى «داعش». تحاول أنقرة الحصول على «الأفضل» من العرضين. لكن أغلب الظن، بحسب دبلوماسيين غربيين، فإن إردوغان لن يغضب قبل الانتخابات المحلية، ترمب الذي كان لوح بـ«تدمير الاقتصاد التركي» وهو (اردوغان) سيلجأ الى «قضم» قرى عربية شمال سوريا مثل تل ابيض.
في نهاية المطاف، سيحط اردوغان في «الحضن الروسي» بعد الانسحاب الأميركي للحصول على نسخة معدلة من «اتفاق أضنة».
يعني ذلك: انتشار الشرطة الروسية شمال سوريا وقيامها برعاية تنفيذ الاتفاق كما فعلت في الجولان بضمان تنفيذ «اتفاق فك الاشتباك» بين دمشق وتل أبيب. أي، ان يتم إرجاء انتشار القوات الحكومية السورية مع الفصل في الشريط الحدودي مع ترتيبات لا مركزية بين «قلب شرق الفرات» الكردي في القامشلي و«قلب العروبة النابض» في دمشق. أي، أن تكون هذه ترتيبات مؤقتة إلى حين نضوج ظروف حصول خطوات عسكرية وترتيبات مباشرة بين أنقرة ودمشق تحت غطاء حل سياسي منطلقه الإصلاح الدستوري.
تم نشر هذا المقال في «الشرق الأوسط»
بواسطة Abdullah Al Hassan | ديسمبر 23, 2018 | News, Reports, غير مصنف
يوم الخميس في التاسع عشر من كانون الأول/ ديسمبر، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسمياً عن سحب القوات الأمريكية من سوريا، وذلك بعد ساعات من تصريح مسؤولين أمريكيين بأن الولايات المتحدة “تبحث سحباً كاملاً لقواتها من سوريا“. وقال ترامب في تسجيل فيديو بُثّ على حسابه في تويتر “الوقت قد حان لعودة الجنود الأمريكيين من سوريا، بعد سنوات على قتالهم تنظيم داعش”، معللاً ذلك بهزيمة داعش واستعادة الأرض منها، كما رد ترامب على انتقادات قرار الانسحاب المفاجئ قائلاً “هذا هو التوقيت الصحيح لمثل هذا القرار”.
وترافق هذا الإعلان مع موافقة واشنطن على إمكانية بيع مجموعات صواريخ “باتريوت” المضادة للصواريخ إلى تركيا، في الوقت الذي تحشد فيه تركيا قواتها وفصائل المعارضة السورية الموالية لها تحضيراً لمعركة عسكرية جديدة ضد ”وحدات حماية الشعب“ الكردية داخل الأراضي السورية، ورغم أن موعد و مكان تلك العملية لم يُحدد للآن، إلا أن مصادر عدّة أكدت استهداف مدينة ”تل أبيض“ الحدودية مع تركيا، والواقعة شمال مدينة الرقة وتتبعها إدارياً.
وهذا القرار الأمريكي ليس الأول من نوعه، فالإدارة الأمريكية الحالية والسابقة دأبت على ترديد هذا الكلام حتى أصبح مشكوكاً فيه، إلا أن هذا لا يغيّر حقيقة أن التصريح وحده قد يؤدي إلى أحداث جديدة حتى لو لم يتم تطبيقه. ففي تموز/يوليو الماضي قاد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن نيته سحب قواته من شمال شرقي سوريا بعد القضاء على ”داعش“ إلى عقد لقاء بين ”مجلس سوريا الديمقراطية“ والنظام السوري في دمشق، والذي نتج عنه تشكيل لجان بين الطرفين لحل القضايا العالقة، لكن ما لبث أن تعطلت الزيارات والتفاهمات بعد عدول واشنطن عن سحب قواتها من سوريا، بعد تغييرات جديدة في الإدارة الأمريكية، وربما كانت أوضح صورة لهذا التغيير حدوث اشتباك بين دورية أمن تابعة للنظام السوري مع قوات الأسايش في مدينة القامشلي في مطلع أيلول/سبتمبر الماضي، والذي راح ضحيته ١١ عنصراً من قوات الأمن السوري.
حالياً، بعد الإعلان الأخير للرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن نيته سحب قواته من سوريا، ومع حشود كبيرة للجيش التركي والموالين له من فصائل المعارضة السورية، هل يعود الأكراد للتفاوض مع دمشق من جديد؟
مشكلة الأكراد بأنهم يذهبون للتفاوض مع دمشق (أو يُدفعون للتفاوض) وهم في أضعف حالاتهم، ويمتنعون عن التفاوض معها عندما يكونون بموقف القوي المدعوم، وفي هذا دلالة على ضعف الرؤية وعدم قراءة الأحداث السابقة واللاحقة بشكل واضح، فالدول تتفاوض فيما بينها لأجل مصالحها، والبقية أجندة يمكن الاستغناء عنها ولا ملامة في ذلك.
لقد جرّبت التنظيمات الكردية في العراق وفي سوريا حظوظها مع الولايات المتحدة الأمريكية، وكذلك فعلت تنظيمات المعارضة السورية منذ بداية الحراك المسلح في سوريا، وكانت النتيجة مخيبة للآمال على المدى البعيد لكل من عوّل على الدعم الأمريكي.
وقد نتج عن هذا مؤخراً، تسليم مناطق المعارضة التي كانت تحت الحماية الأمريكية في درعا والجنوب السوري مقابل أمن إسرائيل الذي تعهدت بحمايته موسكو نيابة عن النظام السوري والإيراني، وكذلك الاستفتاء الكردي الذي دعت إليه كردستان العراق وقادها لمواجهة مسلحة خسرتها أمام الجيش العراقي.
بالنسبة للمعارضة السورية فبعد رفضها القاطع للجلوس على طاولة المفاوضات مع النظام السوري، عندما كانت في أفضل حالاتها مقابل ضعف واضح للجيش السوري والقوات الموالية له، عادت للتفاوض معه مُرغمة، عندما انقلبت الأمور بعد تدخل روسيا عسكرياً لمساندة النظام السوري في نهاية أيلول/سبتمبر ٢٠١٥، فبعد أن كانت تشترط الحوار لتسليم السلطة، أصبحت تفاوض لأجل مقاعد في اللجنة الدستورية.
ورغم هذا، يبدو أن الأكراد والمعارضة السورية لم يستفيدوا من تجاربهم السابقة ولا من تجارب الآخرين، وبالتالي لا يمكن أن نتوقع نتائج جيدة طالما كانت الاستراتيجية نفسها بدون تغيير، صحيح بأن وحدات الحماية الكردية كان لها دور بارز ومهم جداً في القضاء على تنظيم داعش في سوريا، ولكن المهمة قد أُنجزت ومصالح أمريكا مع روسيا وتركيا أكبر بكثير من مصالحها مع ”مجلس سوريا الديمقراطية“، وأيضاً لن تقلق أمريكا على حماية قواعدها العسكرية في الحسكة شمال شرق سوريا، كما لم تقلق على قاعدتها العسكرية في منطقة التنف جنوب شرق سوريا.
من ناحية أخرى، لم تكن غاية واشنطن من إعلانات الانسحاب المكررة دفع الأكراد أو المعارضة السورية إلى حضن النظام السوري، هي تفكر بمصالحها وفي الوقت نفسه، تُرسل رسائل متعددة لتركيا وروسيا وحلفائها الخليجيين، فتركيا حليف أساسي في حلف الناتو، وأمنها القومي مُهدد كلما زاد استقلال الأكراد عن دمشق، وكذلك الحال بالنسبة للعراق، ويشاطرهما الرأي كل من النظام السوري وإيران. ففي اجتماع طهران الأخير في السابع من أيلول/ سبتمبر وقفت إيران مع تركيا معارضة توجه حليفتها روسيا التي كانت تريد حل مشكلة إدلب قبل حل مشكلة شرق الفرات، أما بالنسبة للخليجيين فهم مهتمون بخروج إيران من سوريا وإضعاف نفوذها، وكان الرئيس ترامب قد قال سابقاً ”إذا كانت السعودية تريد بقاء القوات الأمريكية في سوريا فعليها دفع فاتورة بقائها“ وذلك رداً على تصريحات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، لمجلة “تايم” الأمريكية، والتي قال فيها إنه يدعم بقاء القوات الأمريكية في سوريا على المدى المتوسط، موضحا، أن “وجود قوات أمريكية في سوريا، من شأنه الحد من طموحات إيران في توسيع نفوذها“.
أما بالنسبة لروسيا، فهي قبلت على مضض فكرة تركيا وإيران حول ”شرق الفرات أولاً“ بعد تعهد تركيا بعمل ترتيبات جديدة في إدلب، وأيضاً تريد الإسراع قدر الإمكان لحل مشكلة الأكراد شرق الفرات لتتوجه بعدها نحو إدلب والشمال السوري، وتبدأ بعد ذلك مرحلة إعادة الإعمار في سوريا بعد دستور جديد وانتخابات رئاسية برعاية أممية، وأيضاً تدرك روسيا بأن حل مشكلة الأكراد في سوريا هو حل سياسي ينتج عن تفاوض الأكراد مع دمشق، وبالتالي لا حل عسكري إلا عندما يرفض الأكراد مقترحات روسيا لدخول الجيش السوري لأماكن سيطرة قوات الحماية الكردية كما حدث في مدينة عفرين، حين سمحت روسيا لتركيا بدخول المدينة والسيطرة عليها.
مفاتيح الحل شرق الفرات بين أيدي ثلاث دول كبرى، أمريكا وروسيا وتركيا، ويبدو أنهم جميعاً متفقون ومتناغمون لفكرة الحل شرقي الفرات، وبالتالي سوف نكون أمام خيارات كنا قد مررنا بها سابقاً: إما دخول الجيش السوري إلى الشريط الحدودي الممتد من تل أبيض إلى منبج وفرض سيطرته عليها، ثم دخول ”مجلس سوريا الديمقراطية“ في جلسات تفاوض مع النظام السوري، أو ستكون هناك مواجهة غير متكافئة بين قوات الحماية الكردية مع الجيش التركي وقوات المعارضة السورية الموالية له، والتي سوف تنتج مقايضة مناطق بين روسيا وتركيا كما جرت العادة في مثل هذه الحالات، أو تتراجع الإدارة الأمريكية عن قرار سحب قواتها من سوريا وتساند الأكراد في وجه تركيا وحلفائها، وهذا أمر مستبعد، خاصة مع صدور تقارير إعلامية تفيد بأن القوات الأمريكية والفرنسية بدأت بالانسحاب من شرقي مدينة منبج، ومن مواقعها في قرية العاشق بضواحي مدينة تل أبيض وعين عيسى بريف الرقة.
وبهذا يجد الأكراد أنفسهم مجدداً أمام النظام السوري الذي يتعامل مع مطالبهم”باستعلاء“ واضح كما حدث في اجتماع دمشق في تموز/ يوليو الماضي، فالنظام السوري لن يعطي الأكراد – خاصة في هذا الوضع الذي أصبح إلى صالحه – إلا ما أعطاهم إياه سابقاً، مجالس محلية شبه مستقلة إدارياً وفق قانون الإدارة المحلية الذي صدر بالمرسوم التشريعي رقم ١٠٧ في تاريخ ٢٤ آب/أغسطس من العام ٢٠١١.
بواسطة Ibrahim Hamidi | ديسمبر 20, 2018 | News, غير مصنف
قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب الانسحاب من سوريا، شكل مفاجأة لحلفائه السوريين والإقليميين والدوليين والمسؤولين في الإدارة الأميركية من جهة، وخصوم واشنطن في سوريا والشرق الأوسط والعالم من جهة أخرى.
غالباً ما كان المسؤولون الأميركيون يتركون هامشا في قراراتهم المتعلقة ببقاء القوات الأميركية شرق نهر الفرات ومنبج شمال شرقي حلب وفي قاعدة التنف في زاوية الحدود السورية – العراقية – الأردنية، لاحتمال حصول مفاجأة من الرئيس ترمب باعتباره صاحب القرار الأخير. لكن قرار أمس لم يخل من عامل المفاجأة لأنه تحدث عن «انسحاب كامل وسريع» من دون أي تنسيق مع المؤسسات العسكرية الأميركية والشركاء في التحالف الدولي ضد «داعش» والحلفاء المحليين في «قوات سوريا الديمقراطية» والإقليميين والدوليين.
في أبريل (نيسان)، ظهر أن ترمب اتخذ قرار الانسحاب، لكن حلفاءه ومستشاريه تمكنوا من إقناعه بعدم تحديد جدول زمني لذلك لأن هزيمة تنظيم داعش لم تكتمل بعد. وعليه، زاد الانخراط الأميركي وجرى توسيع القواعد العسكرية وأرسلت دول غربية مثل فرنسا وإيطاليا قوات خاصة إضافية لتنضم إلى الوحدات الخاصة الأميركية وتضم ألفي عنصر.
كما زادت في تسليح وتدريب «قوات سوريا الديمقراطية» الكردية – العربية وشكلت قوات «حدود»، إضافة إلى إقناع دول حليفة بزيادة التمويل والمساهمة في سياسة الاستقرار في المناطق المحررة من «داعش» وتدريب 35 – 40 ألف عنصر من القوات المحلية.
بل إن المسؤولين الأميركيين قدموا ثلاثة أهداف للوجود الأميركي شرق سوريا، هي: هزيمة «داعش» ومنع ظهوره، واحتواء إيران، ودعم سياسة وزير الخارجية مايك بومبيو لتحقيق حل سياسي في سوريا بموجب القرار 2254.
لكن ترمب أعلن أمس أن التنظيم «هزم»، بعد ساعات من إعلان المبعوث الأميركي في التحالف الدولي بريت ماكغورك أن «داعش» لا يزال قائماً ورغم اعتبار خبراء أن التنظيم لا يزال يشكل تهديدا وقد شن هجمات ضد حلفاء أميركا.
وقال الخبير البريطاني في مكافحة الإرهاب تشارلز ليستر: «الهدف الأساسي الذي ذكرته إدارة ترمب مراراً وتكراراً للبقاء في سوريا هو الهزيمة الدائمة لـ(داعش) وهذا يتطلب سنوات لجعل هذه الحقيقة واضحة، كما أن التنظيم أعلن المسؤولية عن هجوم في الرقة قبل 10 دقائق فقط قبل تغريدة ترمب»، إضافة إلى الإعلان عن قتل التنظيم لـ700 مقاتل من حلفاء أميركا خلال فترة وجيزة في معارك الجيب الأخير شرق الفرات.
هذه هي المدينة التي حررها حلفاء أميركا من «داعش» قبل سنة، ويتم فيها نشر القوات الأميركية والوكالة الأميركية للتنمية الدولية ودبلوماسيين أميركيين. وفي أغسطس (آب)، أعلنت وزارة الدفاع (بنتاغون) وجود 14500 من عناصر «داعش». ولا شك أن هذه المعلومات موجودة على مكتب ترمب.
وكان ترمب قال في حملته الانتخابية إن سلفه باراك أوباما «أسس» تنظيم داعش لأنه انسحب مبكرا من العراق في 2011 واستخدم حلفاء واشنطن هذه المعادلة لإقناع الرئيس ترمب بالتراجع عن قراره في أبريل الماضي. وقال ليستر: «خطوة ترمب هي انسحاب وليست نصرا ضد (داعش)».
كما أن «الهدفين» الآخرين اللذين كانا يستخدمان لوجود أميركا في سوريا، لم يتغيرا: الوجود الإيراني لا يزال قائما، بل إن طهران سعت إلى تجنيد عناصر سورية ضمن ميليشيات جنوب نهر الفرات، إضافة إلى أن التسوية السياسية مجمدة في وقت لم يعلن المبعوث الدولي الجديد تشكيل اللجنة الدستورية السورية لتنفيذ القرار 2254.
وبحسب المعلومات لـ«الشرق الأوسط» فإن شرارة قرار ترمب ولدت في اتصاله الأخير مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الذي كان حشد قواته وفصائل سورية للتوغل شرق نهر الفرات، إذ سأل الأخير عن موعد الانسحاب من سوريا، فاستغرب ترمب وجود القوات الأميركية إلى الآن. وعليه، غرد الرئيس ترمب ثم أبلغ مساعديه بقراره. وصباح أمس، تم تبليغ قادة «وحدات حماية الشعب» الكردية و«قوات سوريا الديمقراطية» بقرار أميركي بتفكيك نقاط المراقبة على حدود سوريا مع تركيا وتسريع الانسحاب الكردي من منبج.
كان الاعتقاد أن ذلك ضمن خطوات لبناء الثقة بين أنقرة وواشنطن، وضمن برنامج أكبر لتطوير العلاقات شمل: إقرار بيع أمس منظومة «باتريوت» الأميركية بقيمة 3.5 مليار دولار إلى أنقرة التي أقرت شراء منظومة «إس 400» من موسكو، وإقرار صفقة مقاتلات «إف 35» الأميركية للجيش التركي، وبحث تسليم المعارض التركي عبد الله غولن.
وإذ بدا أن أنقرة مرتاحة لقرار ترمب، فإن حلفاء واشنطن من الأكراد السوريين شعروا بـ«خيانة وطعنة في الظهر» وإن حلفاء دوليين بدأوا سلسلة اتصالات مكثفة مع المسؤولين الأميركيين للتريث بالتنفيذ بإقرار جدول زمني لخروج القوات الأميركية بحيث يصل إلى أربعة أشهر (120 يوما) لبحث ترتيبات ملء الفراغ للانسحاب الأميركي واحتمال ابقاء الحظر الجوي، لكن لا شك أن القرار أطلق سباقا على منطقة شرق نهر الفرات (تشكل 30 في المائة من مساحة سوريا وتضم 90 في المائة من النفط ونصف الغاز السوري) بين تركيا وروسيا وإيران وقوات الحكومة السورية (تسيطر على 60 في المائة من البلاد).
من بين الاحتمالات حصول تركيا على شريط أمني على طول الحدود السورية – التركية لضرب الأكراد وابعادهم عن الحدود وتنفيذ خطة منبج، وإقامة منطقة عازلة مقابل استعادة دمشق السيطرة بترتيبات إدارية وأمنية على قلب شرق نهر الفرات، وجدولة لـ«تحديد» الدور الإيراني في سوريا مقابل «تعمق الدور العربي».
تم نشر هذا المقال في «الشرق الأوسط»