من هذا الذي يسلب السوريين ذاكرتهم ويستعد لإحلال البدائل؟

من هذا الذي يسلب السوريين ذاكرتهم ويستعد لإحلال البدائل؟

مرّت سنوات على تحوّل الحراك السوري لحرب باختلاف تسمياتها “أهلية، بالوكالة أو حرب ضد الإرهاب”، مايهم أكثر من التسمية هو أنها جرّت على سوريا الخراب وجعلتها من أخطر دول العالم، بعد أن عرّضت أهلها للموت وشتى أنواع الانتهاكات الإنسانية، مجبرة إياهم على النزوح واللجوء. وحتى من بقي في الداخل السوري أصبحوا يعيشون وضعاً اقتصاديّاً سيئاً وأغلبهم تحت خط الفقر.

هذا كله، لم يعط السوريين الجرأة الكافية لكشف حقيقة ما مروا به دون اعتبارات الاصطفاف لأحد الأطراف، وما يزال الأغلبية جاهلين أو متجاهلين ربما أن تقييم مع وضد من غير مهم.

منذ كارثة تحوّل المطالبة بالحرية والعدالة والديمقراطية إلى مطلب إسقاط الرئيس، بدأ تقزيم الحراك وتفريغه من مضمونه الأساسي الساعي للمواطنة المتساوية والعدالة وحقوق الإنسان، ليحل محله مضامين سطحية لا تخدم أهداف الشعب فحسب وإنما تحقق أهدافاً سلطوية لفئات وأحزاب سعت لخلق الشقاق بين السوريين بكل الطرق الممكنة، ولا يمكن إخلاء  مسؤولية أي طرف من مسؤولية تعزيز هذا الشقاق قولاً وفعلاً.

بدأ هذا الشقاق منذ تم الدفع نحو الاستهانة بالجيش ككل، مما ترك تأثيراً سيئاً عند السوريين، فأصبح العديد منهم مستعدين للتهجّم عليه دون وضع استثناءات، حدث هذا منذ البدايات قبل أن يتورط كلياً بتبني سياسة النظام العسكرية، عندها كان الجيش مؤهلاً للانقسام وهذا كان ليُضعف النظام العسكري ويجعله يخسر رهانه على سطوته على الجيش. حتى المنشقون عنه لم ينجوا من التهميش وإساءة التعامل والاستبعاد عن المشاركة في المخططات التي وُضعت لعسكرة الثورة ومزاعم بناء “جيش حر”.

وهكذا نُفذّت الخطوة الأولى لشق السوريين بين لاعن للجيش السوري بمجمله ومدافع مستميت عنه ولو كان قاتلاً مجرماً، وبهذا أصبح الجيش بكليّته موضع شبهة لدى مؤيدي الثورة، وموضع تقديس عند أنصار النظام.

وما إن تمت مهمة تحطيم الجيش كرمز وطني، جاء دور العلم السوري، فأدى استبدال العلم السوري الذي كان رمزاً جامعاً، لزيادة الانقسام السوري السوري، رغم أن النظام سبق له وأن شوهه بوضع صور الأسد الأب عليه، وأهان العلم باستملاكه له، لكن طليعة الحراك تمسكوا به وشدّدوا على قيمته الجامعة، إلى أن طرح علم جديد للثورة وتم التسويق للتمسك به باعتباره رمزاً لهم، من يحمله ثائر ومن يحمل غيره خائن ملعون، من يُقتل تحت رايته شهيد، ومن يموت تحت علم سوريا ليس إلا “فطيسة”، علماً أن أوائل شهداء الحراك جميعاً حملوه وقُتلوا تحت رايته، فهل يلعنونهم؟

تبنى أنصار النظام أيضاً الادّعاءات ذاتها نحو العلم الدخيل، فوسموا كل من يحمله بالخيانة، معتبرين من يموت تحت ظلّه “فطيسة”، لم يستثنوا أو يرحموا أحداً، وهكذا تم هدم رمز ثان كان جامعاً للسوريين.

خلال هذا بدأ مؤيدو الثورة يخفون الأسرار عن ممارسات لا تشبه تلك التي انطلق من أجلها وبها الحراك، ولم يتجرأ العديد منهم على فضح هذه الممارسات  اليومية متبنّين مبدأ “الغاية تبرر الوسيلة”.

ورغم أنهم أدركوا بعد سنوات أنهم لم يصلوا للغاية، إلا أنهم ظلّوا يهربون من الحقيقة تحت مزاعم حماية ما اصبح اسمه “ثورة” وعلى رأسهم مثقفوهم.

بعض هؤلاء المثقفين لم يتمكنوا من الخروج من عباءة أحقادهم الدفينة نحو الأسد الأب وانتهاكاته التي قام بها بحقهم، فتغلبت مشاعر الثأر فيهم على المصلحة العامة، بينما تورط بعضهم الآخر بشكل مباشر بعلاقات مشبوهة مع مجموعات ودول تدخلت بالصراع العسكري وساهمت في إيصال سوريا إلى ما آلت إليه. وبالتالي كان المثقفون الثوريون إما أدوات للتخريب أو ساعين للشعبوية، أو باحثين عن موطئ قدم في مستقبل سوريا، إن بقي لها من المستقبل شيء يُذكر.

وعلى التوازي مع كل ما يجري، أقيمت حملات تشويه سمعة وتنمر ضد كل من يعترض على العسكرة أو يحاول قول الحقيقة بهدف التنبيه والتصحيح. وتم استثمار ميول السوريين الدينية التّي اشتدت باشتداد وطأة القتل، فلم يبق لدى كثير منهم حل سوى بالبحث عن الله واللجوء إليه، وصحت طائفيتهم ليتم صبغ الحراك بصبغة دينية و يتحوّل أخيراً “جهاداً لإعلاء كلمة الله”.

ساهم في هذا موقف سياسيي ومثقفي ما أصبح اسمه “الثورة”، حين مدوا حبال الود والتآخي مع حملة شعار “هي لله” آملين بسرعة إسقاط النظام بمساعدتهم، ومنكرين لأسلمة الحراك، كما أنهم أيضاً ادعّوا أن الكارثة عبارة عن مرحلة مؤقتة ستنتهي بانتهاء النظام الديكتاتوري.

ليس خافياً أن للسلطة الاستبدادية اليد الطولى في تجريد الشعب من انتمائه للوطن، واعتباره ملكية خاصة للسلطة الحاكمة، وبهذا يعتقد المواطن أن كل ممتلكات الدولة العامة هي للسلطة، لا يعنيه منها شيء وبالتالي عبء دمارها يضر بالسلطة المافيوية وحدها وليس خسارة وطنية للشعب السوري.

وأصبح استهداف ممتلكات الدولة يعني استهداف السلطة، وبهذا تمت استباحة الممتلكات العامة ولم يتوان أي أحد عن عن تخريبها وتدميرها وسرقتها، كالمتاحف والآثار والمشافي والمؤسسات والمدارس وغيرها.

ويشهد كثيرون منذ البدايات، على عمليات نهب وتدمير طالت ما تصل له اليد، ودوما المبرر لذلك هو “رد الفعل على همجية النظام”، وكأن الدولة هي النظام والنظام هو الدولة، وهذا لا يختلف بشيء عن تبرير البعض لغض طرفهم عن إجرام السلطة وتاريخها الطويل في تدمير الدولة بحجة أنهم يواجهون معركة مع الإرهاب، فالحراك بالنسبة لهم  هو مجموعة من “الإرهابيين والقتلة”.

بهذا المنطق تم تحويل السوريين جميعاً لقتلة، وهو منطق مشوّه قائم على جهل الطرفين بما كان يجري حقيقة في الطرف الآخر، أو صمتهم عند علمهم بهذا، فمواجهة الجرائم وإدانة أصحابها سيجرد الجميع من حججهم للتستر على جرائم الطرف الذي يدعمون وفضح جرائم خصومهم.

بعد قطع آخر حبال الانتماء للوطن، واعتبار الدولة عدواً يحلّ تدميره، ربما يجب الانتقال إلى المهمة الأخطر التي نواجهها اليوم بشراسة رغم أنها بدأت منذ زمن، وهي تخريب الذاكرة السورية المشتركة.

لماذا يريد أي شخص تشويه كل من مر بالتاريخ السوري من سياسيين وكتاب وأدباء وفنانين ووسمهم بالخيانة والعمالة والاصطفاف مع الديكتاتور، وتشويه إرثهم وسحب المصداقية من تاريخهم وآثارهم بمن فيهم الموتى؟ لماذا يتم تدمير الهوية الثقافية للسوريين كاملة ، لمصلحة من وما الهدف؟

قد نفهم هذا الموقف ممن اصطف علناً مع همجية النظام وآلته العسكرية وأيد قتل الشعب واعتقاله وتهجيره، لكن لا يمكن أن نفهمه من المعتدلين الذين لم يعلنوا اصطفافهم مع “الثورة” “بعجرها وبجرها”، ولا أولئك الذين لا يرون فيها وبمن يمثلها ما يشبههم.

ليس من حقنا أن نطالب أي كان أن يكون مع “الثورة” التي لا تحمل أهدافه ولا قيمه ولا أخلاقه أو أن نتهمه بالخيانة والعمالة، كثيرون ممن يتم لعنهم علناً أو ممن يتوارون عن الأنظار، يحملون قيماً وأخلاقاً ثورية أكثر بكثير من زبد السطح الظاهر على ضفة “الثورة”، لكنها لا تمثلهم. هم يعرفون ما ننكره ونخفيه وعليه بنوا مواقفهم، كما نعرف نحن ما ينكرونه ويخفونه وعليه بنينا مواقفنا.

لم يسلم أحد من طوفان الرجم واللعن من كل الأطراف، الطوفان يأخد الجميع، وإن بقي الطريق مفتوحاً له، سيلتهم ذاكرتنا كاملة ثم يلفظها مشوهة وقميئة، دافناً إياها مع كل ما أنجزه او كتبه أو أبدعه السوريون، لنصبح بلا هوية ثقافية، وبهذا يَسهُل إحلال بديل مسخ لها.

ما يؤسف هنا، هو ردة فعل نخبة السوريين وصمتهم أو تأييدهم لما يجري، ولو بمواربة وقليل من الاستحياء، إما إرضاء  للجمهور أوحرصاً على المريدين أوحفاظاً على مكانة “ثورية”.

قاربنا ثماني السنوات من الحرب، وما زال سياسيو ومثقفو الثورة يدورون في نفس الدائرة، دون أن يتعلموا من التجربة أو يتجنبوا الوقوع في الوحل مرة تلو أخرى. هذا الوحل الذي سيشهد عليهم أنهم شهود زور وشياطين خُرس، لم يحترموا أن جلّ من يتم تشويههم ساهموا في تكوينهم شخصياً، أو كانوا رفاق درب تشاركوا الحلو والمر عبر سنوات طويلة من الاستبداد والقهر.

ويبقى سؤال، هل يوجد سوريون آخرون؟ نعم هناك من يحمل قيم الحق ويسعى للعدالة ويأمل ببناء دولة المواطنة المتساوية داخل سوريا وخارجها، من يُصدقون القول ويحسنون الحكم، يعرفون موضع الخطأ ويعترفون به بأمانة، دون تمييز أو تحيّز، هؤلاء السوريون، يواجهون الكارثة ويعلمون حجمها ساعين لوقفها، وآملين بأن يستطيعوا بناء سوريا كما يجب أن تكون، دون استبداد ولا استعمار، دولة ديمقراطية قائمة على العدالة والمساواة.

ثلاث اولويات اميركية في سوريا

ثلاث اولويات اميركية في سوريا

باستكمال إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب تعيين فريقها المختص بسوريا، بات موقف واشنطن أكثر وضوحاً من هذا الملف لتحقيق ثلاث أولويات: هزيمة «داعش» ومنع عودة ظهور التنظيم شمال شرقي سوريا، وتقليص النفوذ الإيراني، والعمل مع موسكو بالحوار والضغط للوصول إلى حل سياسي وفق القرار «2254». وهناك مقترحات خطية لخبراء أميركيين بينهم المبعوث الجديد إلى سوريا، تضمن إقامة «حظر جوي وبري» شرق سوريا لتحقيق هذه الأهداف.

وتتقاطع اهتمامات إدارة ترمب مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في «احتواء إيران» في سوريا، الأمر الذي سيكون حاضراً في لقاء مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون، ونظيره الروسي نيكولاي باتروشيف، في جنيف، الخميس، بعد عودة بولتون من إسرائيل.

لكن موسكو لا تزال تسير وحيدة في مسارات أخرى متنافسة مع مفاوضات جنيف: إذ يزور وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو موسكو الجمعة، لبحث مصير إدلب وعزل «جبهة النصرة» قبل القمة الروسية – التركية – الإيرانية في طهران يومي 7 و8 الشهر المقبل على أن تجري مشاورات إضافية لعقد القمة الروسية – التركية – الألمانية – الفرنسية بعد ذلك وقبل مؤتمر الجمعية العامة للأمم المتحدة في النصف الثاني من سبتمبر (أيلول) المقبل.

ويتوقع أن تصب جميع هذه الاتصالات في بلورة أرضية دولية – إقليمية تسمح للمبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا بالمضي قدماً في تشكيل اللجنة الدستورية، واستضافة لقاء لممثلي الدول الثلاث الضامنة لعملية آستانة (روسيا، إيران، تركيا) في جنيف، الشهر المقبل.

ذلك المسار، الذي لا تزال واشنطن تنظر إليه بشكوك وتنأى بنفسها عنه، الأمر الذي برز في لقاء وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو ودي ميستورا في واشنطن الأسبوع الماضي، عندما رفض الجانب الأميركي أي إسهام في إعمار سوريا (المناطق الخاضعة لسيطرة دمشق) قبل تحقيق اختراق سياسي بموجب مسار جنيف.

موقف بومبيو كان منسجماً مع التغييرات التي حصلت في الفريق الأميركي للملف السوري – الإيراني. إذ إنه بعد مشاورات طويلة، حسم إدارة ترمب ملف التعيينات. مسؤول الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي جويل روبان الذي جرى تداول اسمه سابقاً مبعوثاً خاصاً إلى سوريا، عين نائب مساعد وزير الخارجية لينضم إلى مسؤول الشرق الأوسط في الخارجية ديفيد شينكر بدلاً من ديفيد ساترفيلد الذي ينتظر تثبيته سفيراً في أنقرة.

والمفاجأة كانت بتعيين السفير الأميركي الأسبق في بغداد وأنقرة جيمس جيفري ممثلاً لوزير الخارجية لـ«الانخراط» في سوريا.
شينكر وجيفري وآخرون سينضمون إلى الإدارة، جاءوا من «معهد واشنطن للشرق الأدنى» في العاصمة الأميركية. واللافت أن تعيينهم تزامن مع تسمية فريق أميركي خاص بـ«العمل في شأن إيران». كما أن تعيين جيفري نص على أن جزءاً من مهمته العمل على «تقليص النفوذ الإيراني»، إضافة إلى منع ظهور «داعش» بعد هزيمة التحالف الدولي لهذا التنظيم المتوقعة في نهاية العام الحالي.

وإذ يقول محللون عارفون بالمبعوث الأميركي الجديد إن جيفري معروف بمعاداته لإيران، وإن موقفه كان واضحاً من ذلك، عندما كان سفيراً في بغداد بين 2007 و2008 وعبر بوضوح عن رفضه الانسحاب الأميركي من العراق، ما يجعله يقف على الضفة الأخرى من المبعوث الأميركي في التحالف الدولي ضد «داعش» بريت ماغورك.

وإذ تأتي هذه التعيينات وسط الجدل في شأن البقاء الأميركي شرق سوريا وترجيح كفة استمرار الوجود العسكري شرق نهر الفرات بمعنى أو آخر، خصوصاً بعد إقناع حلفاء واشنطن الرئيس ترمب بـ«ضرورة عدم تكرار خطأ سلفه باراك أوباما بالانسحاب من العراق في 2011». وإذ أوقفت إدارة ترمب مساعداتها البالغة 230 مليون دولار لشمال شرقي سوريا، فإن أعضاء دول التحالف الدولي في الحرب ضد «داعش» وفروا 300 مليون دولار لدعم الاستقرار والتنمية في هذه المنطقة التي تشكل ثلث مساحة سوريا (185 ألف كيلومتر مربع).

كما تأتي التعيينات في وقت تعمل موسكو وواشنطن على ترتيبات «تضمن أمن إسرائيل» بموجب تفاهم ترمب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في هلسنكي. ترجم ذلك، بعودة القوات الحكومية السورية إلى الجولان وتفعيل اتفاق فك الاشتباك وحصول إسرائيل على «تفويض من بوتين بضرب البنية التحتية لإيران في سوريا ومنع قيام جبهة ثانية في الجولان (بعد جنوب لبنان) لـ(حزب الله) وإيران»، بحسب مسؤول غربي.

إجراءات محددة وتوصيات

وتبدو أفكار واشنطن حالياً واضحة في ورقة أعدَّها مجموعة خبراء بينهم المبعوث الأميركي الجديد لسوريا في «معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى» في 11 من الشهر الماضي، خصوصاً أن التوصيات التي ظهرت فيها كانت بين أسباب اختيار جيفري لمنصبه.

وجاء في التوصيات التي رفعت إلى الإدارة، بعنوان «نحو سياسة جديدة في سوريا»، أنه «من شأن فرض عقوبات ومنطقة حظر جوي وبري شمال شرقي سوريا حرمان نظام الأسد والقوات الإيرانية من الحصول على إمدادات، الأمر الذي سيثير غضب السنة المحليين ويدفع نحو عودة تنظيم (داعش)».

ومن شأن وجود مثل هذه المنطقة بجانب فرض عقوبات فرض تكاليف كبيرة على نظام الأسد عبر حرمانه من الأموال والدخول اللازمة لضمان فرضه سيطرته وإبقائه على شبكات الولاء التي يعتمد عليها نفوذه.

كما «سيؤدي هذا الأمر بدوره إلى خلق أعباء مالية على كاهل إيران وروسيا في خضم جهودهما للإبقاء على نظام الأسد. في الوقت نفسه ستتراجع قدرة طهران على توفير تكاليف هذا الدعم الذي تقدمه للنظام السوري بسبب السياسة الأميركية الساعية لفرض الحد الأقصى من الضغوط عليها. من ناحية أخرى فإن الحملة الإسرائيلية لمنع إيران من بناء بنية تحتية لها داخل سوريا تحمل مخاطر تهديد المكاسب العسكرية التي نالها النظام السوري بصعوبة.

وهنا تظهر معضلة أمام موسكو: هل ينبغي أن تلتزم بجهود ذات تكلفة متزايدة للإبقاء على الأسد في السلطة، وهو مسار يحمل مخاطرة اشتعال حرب بين إسرائيل وإيران، أم عليها العمل مع الولايات المتحدة للتخلص من الأسد والحفاظ على المكاسب الروسية في سوريا».
وخلصت الورقة إلى التوصيات الآتية:

– الحيلولة دون عودة ظهور «داعش» ومنع إيران من بناء هيكل عسكري واستخباراتي دائم في سوريا ومنطقة الهلال الخصيب بوجه عام.

– منع القوات الإيرانية والأخرى التابعة للأسد من الدخول إلى شمال شرقي سوريا بعد هزيمة «داعش»، وفرض منطقة حظر جوي وبري في شمال وشرق نهر الفرات باستخدام القوة الجوية ووجود عسكري صغير على الأرض.

– الإبقاء على منطقة حظر جوي وبري حتى التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة برقم 2254 والساعي لإقرار حكومة سورية مستقلة دون مشاركة الأسد والقوات المدعومة من إيران الداعمة لحكمه.

– دعم الجهود الإسرائيلية لخلق شقاق بين إيران وروسيا والأسد بما في ذلك الهجمات الإسرائيلية ضد مواقع عسكرية إيرانية.

– تشديد العقوبات ضد البنوك التي تصدر اعتمادات لنظام الأسد، ومن يوفرون الموارد لوكلاء إيران داخل سوريا والنظام السوري الذين ييسرون الاستثمارات الإيرانية في سوريا.

– معاونة حلفاء الولايات المتحدة داخل شمال شرقي سوريا على إيجاد أسواق بديلة للنفط والصادرات الزراعية التي يبيعونها حاليا للنظام (تضم منطقة شمال شرقي سوريا التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية 90 في المائة من النفط السوري و45 في المائة من الغاز وأكبر ثلاثة سدود ومعظم المنتجات الزراعية خصوصا القطن).

– العمل مع تركيا في منبج وغيرها من المناطق لخلق نفوذ ضد الروس».

تم نشر هذا المقال في «الشرق الأوسط»

معركة ادلب مؤجلة وأربعة احتمالات تنتظرها

معركة ادلب مؤجلة وأربعة احتمالات تنتظرها

السباق مستمر على إدلب بين خيارين: التسوية أو التصعيد الشامل أو الجزئي. دمشق تريد الإفادة من «الزخم» بعد السيطرة على غوطة دمشق وريف حمص وجنوب سوريا لـ«حسم الشمال». أنقرة نشرت 12 نقطة مراقبة وحصنتها بجدران الإسمنت، لكنها تعرض خطة لحل ملف الشمال. أكراد سوريا يخططون لشن هجوم على عفرين بالتزامن مع هجوم دمشق على إدلب.

موسكو، كما حصل في مرات سابقة، تلعب دور الميزان بين مواقف مختلفة. مددت اتفاق «خفض التصعيد» في إدلب إلى سبتمبر (أيلول) المقبل. وأعلن المبعوث الرئاسي الروسي ألكسندر لافرينييف عدم وجود «عملية شاملة» في إدلب، لكن وزارة الدفاع عادت وأشارت إلى ضرورة «تطهير» هذه المنطقة من «الإرهابيين» وأنهم بدأوا يشنون هجمات على «القوات الشرعية» شمال سوريا.

وتضم إدلب في مثلث حلب – حماة – اللاذقية نحو ثلاثة ملايين شخص أكثر من نصفهم من النازحين والمهجرين من مناطق أخرى، وفيها أكثر من 70 ألف مقاتل من فصائل إسلامية وأخرى متطرفة. وتشكل نحو 4 في المائة من مساحة سوريا البالغة 185 ألف كيلومتر مربع. وهي تقع بين محافظتي طرطوس واللاذقية، حيث تقع القاعدتان العسكريتان الروسيتان والقاعدة الشعبية للنظام من الغرب وحلب من الشرق ثاني أكبر مدينة سورية وحماة من الجنوب، التي ترتبط بحساسية كبيرة في المخيلة السورية بعد «مجزرة» عام 1982.

وشكلت إدلب وجهة لعشرات الآلاف من المقاتلين الذين رفضوا اتفاقيات تسوية مع النظام وبدأ المقاتلون ينظمون أنفسهم «أمام معادلة واحدة هي القتال حتى النهاية». كما أن وجود النازحين يجعل أي عملية عسكرية تهديداً لهم وإمكانية الضغط على تركيا. وقال منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في سوريا بانوس مومتزيس في يونيو (حزيران): «ليس هناك إدلب أخرى لإرسالهم إليها (…) هذا هو الموقع الأخير، ولا يوجد مكان آخر ليتم نقلهم إليه».

التصور التركي

ضغطت أنقرة على فصائل معارضة في شمال سوريا للمضي في التوحد وتشكيل «الجبهة الوطنية للتحرير» التي تضم نحو 70 ألف مقاتل، بحسب تقديرات مطلعين مقابل قول قيادي عسكري معارض، إن العدد بين 40 و50 ألفاً. والتشكيل الجديد من تحالف «جبهة تحرير سوريا» و«ألوية صقور الشام» و«جيش الأحرار» و«تجمع دمشق» (من الزبداني وريف دمشق والغوطة). اللافت، أن التشكيل الجديد يضم خلطة مقاتلين من «الجيش الحر» والمنشقين وفصائل إسلامية وفصائل من المهجرين من مناطق أخرى في سوريا، وتحديداً من قرب العاصمة. وكان معظمهم مدرجاً على قائمة «غرفة العمليات العسكرية» برئاسة وكالة الاستخبارات الأميركية (سي آي إيه) في تركيا المعروفة بـ«موم»، قبل قرار واشنطن إلغاء البرنامج السري. وعين فضل الله الحجي، وهو زعيم «فيلق الشام» سابقاً، قائداً للتشكيل الجديد وأحمد سرحان نائباً أول ووليد المشيعل نائباً ثانياً (الثلاثة من إدلب)، إضافة إلى تعيين عناد الدرويش رئيساً للأركان ومحمد منصور نائباً آخر (الاثنان من حماة).

لم يبلغ المسؤولون الأتراك قادة الفصائل المتحدة الأفكار الموجودة في ذهن أنقرة. وبحسب المعلومات، فإن الخطة التركية تتضمن تقديم التدريب والتسليح لهذا التشكيل الجديد بحيث يشكل «نواة لجيش وطني»، أي أن يكون في سوريا ثلاثة تكتلات: «قوات سوريا الديمقراطية» الكردية – العربية التي تضم 75 ألف مقاتل ويدعمها التحالف الدولي شمال شرقي سوريا، «الجبهة الوطنية لتحرير» وتدعمها أنقرة وتضم 70 ألفاً، إضافة إلى قوات الحكومة السورية التي يدعمها الجيش الروسي بما فيها «الفيلق الخامس» وإلى «قوات الدفاع الوطني» والميليشيات المحلية التي تدعمها إيران.

الأفكار التركية تتضمن أيضاً إعطاء مهلة لـ«هيئة تحرير الشام» التي تضم فصائل بينها «فتح الشام» (النصرة سابقاً) كي تحل نفسها بحيث ينضم السوريون من التحالف ضمن الكتلة الجديدة و«إيجاد آلية» للأجانب من المقاتلين لـ«الخروج من سوريا بعد توفير ضمانات». ويشمل «العزل» أو «التحييد» أو «الإبعاد» المقاتلين الأجانب الموجودين في «حراس الدين» التنظيم الذي تشكل في مارس (آذار) الماضي من مقاتلين غير سوريين في الفصائل و«الجيش التركستاني الإسلامي» وهم من الايغور الصينيين. ويقدر عدد الأجانب بين 6 آلاف و12 ألفاً.

واصل الجيش التركي تحصين نقاط المراقبة التي يصل أحدها إلى حدود محافظة حماة جنوب إدلب، في وقت حصلت أنقرة على مهلة من موسكو في اجتماع سوتشي الأخير للبحث عن «تسوية» للشمال بالتزامن مع انعقاد القمة الروسية – الألمانية – الفرنسية – التركية في 7 سبتمبر المقبل.

بندقية دمشق على إدلب

منذ خسارة محافظة إدلب في مارس 2015، تسعى قوات الحكومة للعودة إلى إدلب. سيطرت على غوطة دمشق وريف حمص وجنوب البلاد وجنوبها الغربي. بقيت ثلاث مناطق: شمال شرقي وتقع أمامها تعقيدات بسبب الوجود الأميركي المنتشر إلى قاعدة التنف، منطقتا «درع الفرات» و«غصن الزيتون» اللتان حصلت تركيا عليهما برعاية روسيا، محافظة إدلب التي تقع ضمن اتفاق «خفض التصعيد» وفق عملية آستانة الموقع في مايو (أيار) 2017 لستة أشهر.

انتهت مناطق «خفض التصعيد» الثلاث وبقيت إدلب. وقال الرئيس بشار الأسد الأسبوع الماضي «هدفنا الآن هو إدلب رغم أنها ليست الهدف الوحيد». وتريد دمشق خصوصاً استعادة الجزء الأخير من طريق دولية، تمر عبر إدلب وتكمن أهميتها في كونها تربط بين أبرز المدن السورية التي باتت تحت سيطرة القوات الحكومية، من حلب شمالاً مروراً بحماة وحمص ثم دمشق، وصولاً إلى معبر نصيب الحدودي مع الأردن. وقبل الوصول إلى حلب، يمر جزء من الطريق في مدن رئيسية في إدلب تحت سيطرة الفصائل، أبرزها سراقب ومعرة النعمان وخان شيخون.

وبدأت قوات الحكومة عمليات شمال حماة وشنت قصفاً على مواقع معارضين، لكنها لا تزال حذرة في الاقتراب من مواقع تركيا التي لا تريد تكرار موقف الأردن وأميركا بالتخلي عن فصائل الجنوب السوري. غير أن الحملة الإعلامية بدأت بالتركيز على إدلب. اللافت، هو ضم الصين إلى هذه الحملة؛ إذ نقلت صحيفة «الوطن» الموالية لدمشق تصريحات للسفير الصيني في سوريا بأن بلاده ستساعد الجيش السوري في إدلب. على الأغلب، بسبب وجود الاوغور ضمن «الجيش التركستاني الإسلامي» الذي يقدر عدده عناصره وعائلاتهم بنحو 2500 شخص.

وكان اتفاق تسوية أدى إلى تهجير آلاف من قريتين مواليتين لدمشق في ريف إدلب، برعاية روسية – تركية؛ ما عزز الشكوك من احتمال حصول عمل عسكري. كما أن مسؤولين في «وحدات حماية الشعب» الكردية عرضوا على دمشق العمل سوية ضد تركيا في عفرين التي خسروها بداية العام وفي إدلب. وقالت مصادر، إن «الوحدات» تخطط لشن هجوم على عفرين في حال شنت دمشق هجوماً على إدلب.

رسائل روسية متناقضة

بخلاف تصريحات المسؤولين في دمشق، جزم الموفد الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف في ختام اجتماعات سوتشي الثلاثاء «لن يكون وارداً في الوقت الحاضر، شن هجوم واسع على إدلب». ونقلت مصادر، أن توتراً حصل بين موسكو ودمشق بعد تصريحات رئيس وفد الحكومة إلى سوتشي بشار الجعفري ضد «الاحتلال التركي».

موسكو التي بدأت تروج لخطة لإعادة اللاجئين السوريين من دول الجوار لا تريد أزمة لجوء جديدة؛ إذ يهدد التصعيد بتدفق موجات كبرى من اللاجئين إلى تركيا، وهو ما لن تسمح به مع رغبتها بتسريع عودة أكثر من ثلاثة ملايين لاجئ تدفقوا إلى أراضيها منذ اندلاع النزاع في 2011. وتراهن موسكو على أن يقوم الأتراك بحل ملف «هيئة تحرير الشام» لا أن تكون «قضية يمكن للأسد أن يستخدمها لإطلاق هجوم على إدلب». وتراهن روسيا على تركيا لإنجاز هذه المهمة، بحسب لافرنتييف. لكن في الوقت نفسه، أشارت وزارة الدفاع الروسية إلى «قلق إزاء تصاعد الأوضاع في منطقة خفض التصعيد في إدلب نتيجة استهداف المسلحين مواقع للجيش السوري ومساكن مدنية في حلب وحماة واللاذقية»، مشيرة إلى «تسجيل 84 عملية قصف خلال الأيام الـ10 الماضية، ذلك إضافة إلى هجمات متكررة باستخدام طائرات بلا طيار ضد قاعدة حميميم الروسية انطلاقاً من إدلب». وتزامن ذلك مع هجمات شنها تنظيم «حراس الدين» على مواقع للحكومة شمال البلاد.

احتمالات

أمام هذه الصورة تظهر احتمالات عدة:

الأول، أن تجر دمشق موسكو إلى خيارها بالتصعيد العسكري في إدلب كما حصل في مناسبات سابقاً عندما فرضت الحكومة السورية أجندتها على الحليف الروسي. قد تستخدم الهجمات على قاعدة حميميم أو فشل الجانب التركي واستمرار هجمات المتطرفين ذريعة لذلك.

الثاني، أن تذهب دمشق وحيدة إلى إدلب من دون غطاء روسي؛ ما يعني احتمال انضمام «الوحدات» الكردية وميليشيات إيرانية إلى العملية بهجوم على عفرين، وبالتالي انتقال: «الوحدات» عبر أراضٍ تسيطر عليها قوات الحكومة.

الثالث، أن تتبع قوات الحكومة سياسة «القضم» بحيث تسيطر على مواقع استراتيجية على طريق حماة – حلب، وعلى طريق اللاذقية – جسر الشغور، وفي سهل الغاب بين إدلب وحماة.

الرابع، وصول روسيا وتركيا وأميركا (إيران) إلى تفاهم الكبار تفرض على اللاعبين السوريين تتضمن ترتيبات للشمال السوري (بعد الجنوب) بحيث تنتشر القوات الحكومية ورموز الدولة على النقاط الحدودية، بما فيها مع العراق وتركيا (شمال شرقي وشمال) والجنوب مع الأردن.

تم نشر هذا المقال في «الشرق الأوسط»

دمشق والاكراد: اوهام متبادلة

دمشق والاكراد: اوهام متبادلة

زيارة وفد «مجلس سوريا الديمقراطية» الكردي – العربي إلى دمشق لم تكشف عمق الفجوة بين الطرفين فحسب؛ بل انطباعات خاطئة لكل طرف عن «خصمه» الجديد الذي كان «حليفاً» في سنوات سابقة… أيضاً، عدم دقة رهان كل منها على حليفه الدولي؛ واشنطن بالنسبة إلى الأكراد، وموسكو بالنسبة لدمشق.

بالنسبة لوفد «سوريا الديمقراطية»، جاء إلى دمشق متسلحاً باعتقاده أن التحالف الدولي ضد «داعش» بقيادة واشنطن، باق في شمال شرقي نهر الفرات. قادة أكراد عسكريون وسياسيون يعتقدون أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب لن يسحب قواته من شرق سوريا لسببين: الأول؛ تقليص النفوذ الإيراني وقطع طريق طهران – بغداد – دمشق – بيروت. الثاني؛ هزيمة تنظيم «داعش» وعدم ظهوره ثانية… أي؛ عدم تكرار ترمب خطأ سلفه باراك أوباما عندما انسحب من العراق.

لذلك، فإن وفد «سوريا الديمقراطية»، رفع سقف توقعاته: البدء أولاً بعودة الخدمات من كهرباء وصحة ومياه وتعليم في مناطق «قوات سوريا الديمقراطية»، التي تشكل ثلث مساحة سوريا البالغة 185 ألف كيلومتر مربع، إضافة إلى التوصل إلى صيغة مباشرة تخدم «المصلحة المشتركة» لاستثمار حقول النفط التي تشكل 90 في المائة من الإنتاج السوري، والغاز الذي يشكل نحو نصف الإنتاج الوطني.

بالنسبة إلى الوفد الزائر، فإن النجاح في «إجراءات بناء الثقة» يؤدي إلى الانتقال إلى المرحلة الثانية التي تشمل سيطرة «الدولة السورية» على معابر الحدود مع العراق وتركيا ونشر أجهزة الأمن، إضافة إلى بحث صيغة للتجنيد الإجباري لشباب المنطقة الشرقية وعلاقة الـ75 ألف مقاتل من «قوات سوريا الديمقراطية» بالجيش السوري المستقبلي.

أما المرحلة الثالثة، فستتناول طبيعة الحكم – النظام السوري. الوفد، يعتقد أنه قادر على فرض صيغة «الإدارات الذاتية»، خصوصاً بعدما شكل مجلسا للتنسيق بين الإدارات في المحافظات الثلاث الحسكة ودير الزور والرقة والمناطق ذات الغالبية الكردية والكردية.

في المقابل، بدا أن دمشق، من خلال الكلام القليل لوفد «مجلس الأمن الوطني» الذي رأسه اللواء علي مملوك مع زواره من شرق سوريا، ليست في عجلة من أمرها. كان واضحاً، بحسب المعلومات، أن دمشق تتحدث عن «خطوط حمر»؛ هي: السيطرة على جميع المعابر الحدودية بما فيها تلك الخاضعة لسيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» مع العراق وتركيا، ورفع العلم الرسمي على جميع النقاط الحدودية والمؤسسات العامة، وعدم قبول «أي خطوة انفصالية».

لذلك، ترى أن أي خطوة لإعادة الخدمات يجب أن تكون ملزمة بحراسة أمنية من المركز. ولم تكن دمشق متعجلة لإجراء مفاوضات مباشرة لاستثمار حقول النفط والغاز، وهي تفضل التعاطي عبر وسطاء، باتوا «أمراء حرب»، جمعوا مئات ملايين الدولارات عبر نقل صهاريج النفط من حقلي الرميلان وعمر إلى مصفاة حمص.

لم يكن الوفد الأمني، الذي غاب عنه السياسيون والحكوميون، مستعدا لبحث اللامركزية أو الإدارات الذاتية، بل هناك قناعة بأن القانون رقم «107» الذي يتحدث عن مجالس محلية تابعة لوزارة الإدارة المحلية، كاف لمعالجة الشواغل الكردية، إضافة إلى بعض «التنازلات» المتعلقة بحقوق الأكراد اللغوية والاحتفالية والخدمة.

الواضح أن دمشق تستند في تشدد موقفها لثلاثة أمور: المكاسب العسكرية الأخيرة قرب دمشق وحمص وجنوب سوريا، والدعم الروسي جواً والإيراني براً، والرهان على أن الأميركيين سيغادرون سوريا وأن الوقت لصالح دمشق. وهناك رهان رابع خفي؛ القدرة على تطويع المنطقة الشرقية باختراقات نابعة من تحالفات سابقة مع عشائر عربية أو تنظيمات كردية. لذلك، لم تقم دمشق بإعلان بيان رسمي عن اللقاءات، واكتفت ببضع كلمات نقلا عن «مصدر مطلع» تضمنت نفيا لبحث موضوع اللامركزية.

وأمام هذه الفجوة، كان «الإنجاز» الوحيد للقاءات رفع الحظر في دمشق عن ذهاب فنيين وخبراء لإصلاح عنفات توليد الكهرباء في سد الطبقة على نهر الفرات، وموظفين لمنشآت صحية، مع بطء شديد في تشكيل لجنة مشتركة لبحث التعاون المستقبلي ضمن «لعبة شراء الوقت».

من هنا، جاء اقتراح كردي جديد لإحداث اختراق: التعاون معاً لشن هجوم على عفرين وإدلب… أي إعادة عقارب الساعة إلى الوراء واستحضار التعاون السابق بين دمشق و«حزب العمال الكردستاني» بزعامة عبد الله أوجلان ضد تركيا.

المشكلة في هذا الرهان، هو الانطباعات الخاطئة لكل طرف عن «حليفه»… روسيا لم تسمح لدمشق بتقديم المعاونة لـ«وحدات حماية الشعب» الكردية في عفرين بداية العام، بل إنها تخلت عن «الوحدات» لصالح تركيا. كما أن روسيا لم تسمح لقوات الحكومة بشن عملية شاملة ضد فصائل معارضة وإسلامية في إدلب. أيضاً، فإن الأميركيين؛ حلفاء «قوات سوريا الديمقراطية» شرق نهر الفرات، عقدوا اتفاقا مع تركيا لحل ملف منبج وقد يكون على حساب «وحدات الحماية».

قد يعيد التاريخ نفسه: يخيب الروس دمشق في إدلب، ويخيب الروس «الوحدات» في عفرين، ويخيب الأميركيون «قوات سوريا الديمقراطية» شرق الفرات كما خيبهم الروس في «درع الفرات» و«غصن الزيتون».

تم نشر هذا المقال في «الشرق الأوسط»

سامر فوز هدفٌ بارز لعقوبات وزارة الخزانة الأمريكية

سامر فوز هدفٌ بارز لعقوبات وزارة الخزانة الأمريكية

عاد اسم رجل الأعمال السوري البارز سامر فوز إلى الظهور مجدداً على الساحة الإعلامية، لكن هذه المرة كهدف لوزارة الخزانة الأمريكية ضمن برنامج العقوبات التي تستهدف نظام بشار الأسد مالياً.

عُرف سامر فوز إثر شرائه حصة الأمير السعودي “الوليد بن طلال” في فندق “فور سيزنز” في العاصمة دمشق، حين كشفت آنذاك صحيفة «فايننشال تايمز» عن عملية الشراء، مشيرةً إلى أن رجل الأعمال المذكور مرتبط برأس النظام السوري بشار الأسد.

صحيفة “The Hill” السياسية الأمريكية نشرت مؤخراً مقالاً للمحلل السياسي ومدير قسم الأبحاث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات “ديفيد أديزنيك” دعا فيه حكومة بلاده إلى تجديد وتوسيع دائرة العقوبات الاقتصادية على النظام السوري، الأمر الذي سيدفع إيران إلى تحمّل أعباء مالية أكثر إزاء دعمها لدمشق.

وقال أديزنيك إن “بشار الأسد قد وجدَ رجال الأعمال المناسبين ممن يديرون ويشرفون على المبالغ الضخمة في البلاد لإنقاذ نظامه الذي يعاني ضائقة مالية”، اثنان منهم يبرزان كأهداف رئيسية لوزارة الخزانة الأمريكية، أوّلهما سامر فوز.

فوز محامٍ، تاجر حبوب، يبلغ من العمر ٤٤ عاماً، وهو من مواليد مدينة اللاذقية الساحلية السورية، متزوجٌ وله ٤ أولاد، بنى إمبراطورية من الشركات الممتدة حول العالم منذ بداية الحرب؛ تضعه صفقة شراء حصة الأمير السعودي من الفندق الشهير في ذات الدرجة التي تتمتع بها وزارة السياحة السورية، والتي يخضع وزيرها “بشر يازجي” لعقوبات الاتحاد الأوروبي.

كما يترأس فوز العديد من المناصب في الشركات والمؤسسات التي تتبع له كـ  رئيس مجلس إدارة “مجموعة الفوز القابضة” التي أُسست عام ١٩٨٨، والرئيس التنفيذي لمجموعة “أمان” القابضة، والتي يتفرع منها شركات (فوز للتجارة، فوز التجارية، المهيمن للنقل والمقاولات، صروح الإعمار)، إضافة إلى ما يتفرع عن (مجموعة الفوز القابضة) من استثمارات متنوعة في مجالات استيراد وتصدير المواد الغذائية، وذلك قبل أن يتجه أخيراً إلى الاستثمار العقاري بمشاريع في سوريا ولبنان وروسيا وغيرها، إضافة إلى استعداده إطلاق قناة تلفزيونية تدعى “لنا”.

أما الشخصية الثانية، البارزة كهدف أمام وزارة الخزانة -حسب أديزنيك- فهي عضو مجلس الشعب السوري “حسام قاطرجي”، قائد إحدى الميليشيات المسلحة التابعة للنظام في حلب، والذي أسس شركة “أرفادا” البترولية برأس مال يصل حتى مليار ليرة سورية، وثّق تحقيق لرويترز دوره في نقل القمح من المناطق التي كانت خاضعة لسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” آنذاك، إلى تلك الخاضعة لسيطرة النظام؛ كما تحدثت تقارير عدة عن دوره في إبرام صفقات نقل النفط من المناطق التي تسيطر عليها جماعات كردية، إلى مناطق سيطرة النظام.

قاطرجي، من مواليد الرقة ١٩٨٢، لم يكن معروفا ضمن الأسماء المتداولة في منظومة آل الأسد الاقتصادية، سوى أنه كان تاجراً في حلب، ورئيساً لـ “مجموعة قاطرجي الدولية” التي تضم العديد من الشركات من ضمنها شركة “قاطرجي للتطوير والاستثمار العقاري”، وشركة “البوابة الذهبية للسياحة والنقل”، وشركة “الذهب الأبيض الصناعية”، إلا أنه برز خلال العام ٢٠١٧ بعد تعاملاته السرية مع تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” وحزب الاتحاد الديمقراطي (PYD)، لصالح النظام السوري.

يصنّف رجلا الأعمال السوريان (قاطرجي، وفوز) كـ “حيتان حرب” ضمن مجموعة حيان ظهرت بعد العام ٢٠١١، إلا أن الأخير (سامر فوز) لا يزال الأكبر حجماً، والأكثر غموضاً، من تأسيسه مجموعات مسلحة تقاتل إلى جانب قوات النظام السوري، إحداها في اللاذقية تدعى «درع الأمن العسكري» إلى اعتدائه مرةً بالضرب على فنانة لبنانية تدعى «قمر» لعلاقتها بشقيقه (عامر) بعد أن كشفت الأخيرة عن عمليات تجارة مخدرات، حتى قضية قتلٍ تلاحقه بحق رجل الأعمال المصري-الأوكراني “رمزي متّى” في تركيا منذ العام ٢٠١٣، ويُرتقب صدور حكمها النهائي شهر آب/ أغسطس القادم.

يؤكد بعض المحللين الاقتصاديين أنّ فوز على علاقة بالروس على خلفية كونه السبب في إلغاء صفقة استيراد قمح من إيران نهاية العام الفائت، والتي وجهها بدوره إلى شركة «أوف شور» التابعة له في روسيا؛ ويرى البعض الآخر أنه واجهة إيران في دمشق، على خلفية شرائه أراضٍ وعقارات لصالح إيرانيين في البلاد.

في هذا الوقت تجدد وزارة الخارجية الروسية دعواتها لرفع العقوبات عن النظام السوري، بحجة إعادة إعمار البلاد، وعودة اللاجئين إلى موطنهم، والتي «ستساهم في استقرار الوضع داخل سوريا، والمنطقة بأسرها» على حد تعبير ماريا زاخاروفا المتحدثة باسمها في مؤتمر صحفي.

كما مرّر قبل بضعة أيام مسؤولون في حزب البديل لأجل ألمانيا (AFD) اليميني قراراً خلال مؤتمر للحزب في مدينة “أوغسبورغ”، دعوا فيه إلى رفع العقوبات الاقتصادية الأوروبية المفروضة على النظام السوري، وذلك ضمن مساعيه المتواصلة للتخلص من اللاجئين السوريين في ألمانيا.

وبين الدعوات لفرض وتوسيع دائرة العقوبات من جهة، ورفعها عن النظام السوري برجالاته المالية من جهة أخرى، لا يزال الجدل محتدماً حول فاعلية مثل هذه الإجراءات، ففي حين يتم التشكيك بمدى قدرة العقوبات الاقتصادية على التأثير في البنية الشمولية للنظام السوري، يشار في الوقت نفسه إلى أنها نمّت بيئة خصبة لتعزيز دور البُنى المالية-المافيويّة على شاكلة سامر فوز وغيره، إضافة إلى أنها دمرّت الاقتصاد المحلّي، الأمر الذي انعكسَ سلباً على السكان بالمجمل.

مكاسب روسيا في جنوب سوريا: تلال استراتيجية وقوات دولية

مكاسب روسيا في جنوب سوريا: تلال استراتيجية وقوات دولية

كشفت وثائق الاتفاقات بين دمشق وفصائل معارضة في ريف القنيطرة، حصلت «الشرق الأوسط» على نصها، عن أن الشرطة الروسية ستنتشر مع قوات الحكومة السورية  بين دمشق والجولان وخروج تنظيمات موالية لإيران لإعادة العمل باتفاق «فك الاشتباك» بين دمشق وتل أبيب. كما عادت الى تلال استراتيجية كانت موسكو تطمح منذ عقود التمركز فيها لانها تطل على الاردن واسرائيل.

يضاف الى ذلك، فرض قوات الحكومة تعهدات خطية في «بنود الاستسلام» على معارضين تصل إلى حد منع أي نقد للسلطات و«القوات الرديفة» في إشارة إلى «حزب الله» ووجود إبلاغ كل شخص عن أي «قريب متورط بالأحداث الجارية» وتقديم ارقام الهواتف والحسابات الالكترونية.

وبدأت عملية إجلاء مقاتلين ومدنيين من محافظة القنيطرة حيث تقع هضبة الجولان بموجب اتفاق أبرمته روسيا مع الفصائل إلى إدلب شمال غربي البلاد.

وكانت قوات الحكومة بدأت الأحد هجوماً على مواقع سيطرة الفصائل في محافظة القنيطرة بعدما استعادت معظم محافظة درعا المحاذية إثر عملية عسكرية ثم اتفاق تسوية مع الفصائل المعارضة.

 مقترحات المعارضة

وخلال عملية المفاوضات بين فصائل القنيطرة والجانب الروسي، اقترحت المعارضة البنود الآتية:

1- وقف النار وتثبيت مواقع قوات الطرفين.

2- إعادة تمركز «القوات الدولية لفك الاشتباك» (أندوف) بموجب اتفاق العام 1974 في أماكن تموضعها المتفق عليها بحسب الاتفاقيات الدولية مع ضمان حمايتها من جيش الجنوب.

3- يقوم جيش الجنوب بالانتشار في الثكنات والقطعات العسكرية الموجودة بالمنطقة والخروج من القرى وإلغاء المظاهر المسلحة ضمن «اتفاق الفصل» (بين سوريا وإسرائيل).

4- إعادة تموضع السلاح الثقيل الذي يملكه «الجيش الحر» بحسب اتفاق 1974.

5- إعادة تأهيل وتدريب العسكريين المنشقين والثوريين المدنيين من أصحاب السيرة الحسنة كقوة أمنية وشرطية بالمنطقة تحت إشراف دولي وبتعاون مع الشرطة العسكرية الروسية.

6- إعادة تأهيل المعبر لهدف إنساني تحت إشراف هيئة مدنية.

7- إعادة مؤسسات الدولة وضمان حمايتها من قبل جيش الجنوب.

8- فتح معابر لتسهيل مرور المدنيين والحالات الإنسانية وضمان سلامتهم وعدم اعتقالهم.

9- اعتبار تلول الحارة والمال والمسحرة والجابية نقاط مراقبة تحت إشراف دولي بحسب اتفاق 1974.

10- دخول منظمات إنسانية تحت إشراف دولي.

11- السماح لمن يرغب في التهجير الأمن إلى الشمال السوري أي «درع الفرات».

12- بحسب قرار الخدمة العسكرية، لا توجد حالة اسمها الانشقاق، ولا يمكن تسريح العسكريين حسب هذه المادة ويعتبر حرمانهم من حقوقهم قضية مخالفة لقانون العسكري.

13- تطبيق مبدأ العدالة الانتقالية على الطرفين ومقررات جنيف تتعبر أن هناك خلافا بين طرفين فلا يجوز محاسبة طرف وترك آخر.

14- حماية الطواقم الطبية وموظفي المنظمات الإنسانية وعناصر الدفاع المدني.

15- خروج الميليشيات الإيرانية و«حزب الله» من الجنوب السوري حتى يتمكن المهجرين من العودة إلى قراهم بشكل آمن.

 الاتفاق النهائي

بالتزامن مع تقدم قوات الحكومة في ريف درعا والسيطرة على جميع المناطق بعد قصف عنيف على مدينة نوى ثم ريف القنيطرة، رفضت موسكو مقترحات المعارضة وجرى التوصل إلى اتفاق بين الفصائل والجانب الروسي أول من أمس، هنا نصه:

1- وقف إطلاق نار فوري من دون أي شروط بدءا من السابعة مساء إلى أجل مفتوح.

2- من يود البقاء تتم تسوية وضعه على الشكل الآتي:

أ- عفو كامل وعدم ملاحقة أمنية للضباط والجنود المنشقين والمدنيين وتأجيل المتخلفين وتتم محاكمة من تم توثيق جرائمه كالإعدامات الميدانية من دون محاكمة.

ب- تسليم السلاح الثقيل والمتوسط خلال مدة يتفق عليها مع الوفد المفاوض لاحقاً.

ت- عودة مهجري جنوب دمشق عدا الحجر الأسود، لعدم صلاحياتها للسكن، وعودة مهجري ريف دمشق من «مثلث الموت» (بين درعا والقنيطرة والسويداء) وحتى حمص.

3- دخول «اللواء 90» و«اللواء61» مرفقا بقوات الشرطة الروسية إلى خط وقف النار والمنطقة منزوعة السلاح وفق اتفاق 1974.

4- آلية الدخول والتنسيق تكون من طرف الوفد المفاوض وفي القطاعين الجنوبي والشمالي.

5- إعادة الموظفين وطلاب الجامعات إلى مراكزهم الطبيعية وإعادة الجنوب والضباط بعد تثبيت من سيرتهم أو يدخلون إن شاؤوا في العفو لمن لا يرغب في التسوية وله صلاحية إذن الخروج إلى إدلب. أما السلاح، فيسمح بحمل بندقية وثلاثة مخازن، وما زال التفاوض جاريا على توفير شروط أفضل تصل إلى اصطحاب السيارات الخاصة والسلاح المتوسط.

6- تشكيل لجنة لمتابعة أمور المعتقلين.

7- ضمان حرية الرأي والتعبير تحت سقف القانون.

وتم الاتفاق على الاستمرار في مناقشة البندين 6 و7 في جلسات تفاوضية مقبلة.

8- تدخل الباصات من «مدينة البعث» إلى نقطة عبور المهجرين في مدينة القنيطرة والقحطانية في الساعة العاشرة صباحا. وبعد خروج الباصات تسلم نقطة الأمم المتحدة في بلدة إمباطنة وتدخل الشرطة الروسية إلى نقطة الأمم المتحدة في بلدة رويحينة.

9- التفتيش يتم شكلياً ويسمح باصطحاب الأمتعة والأغراض الشخصية.

10- ترسل باصات إلى من يرغب في الذهاب إلى إدلب من الموجودين في مناطق بعيدة مثل الصنمين ومحجة وبصرى الشام وغيرها.

11- يعتبر كل ما سبق مرحلة الاتفاق الأولى وسيتم الاتفاق على المرحلة الثانية بعد إتمام تنفيذ جميع ما سبق.

12- يتم الاتفاق مع الجانب الروسي على آلية تسليم تل الجابية لضمان عدم دخول «داعش» إليه.

 إعادة العمل بـ«فك الاشتباك»

للقنيطرة أهمية استراتيجية، ذلك أنها تعتبر نقطة تلاقٍ بين الحدود المجاورة، فهي تبعد عن دمشق 67 كيلومتراً وعن الأردن 60 كيلومتراً وعن جسر بنات يعقوب الفلسطيني 30 كيلومتراً وعن حدود لبنان نحو 20 كيلومتراً. كما أن الجولان يضم أعلى نقطة في سوريا وهي قمة حرمون التي ترتفع نحو 2814 متراً وأخفض نقطة وهي تلك الواقعة قرب بحيرة طبرية على انخفاض 212 متراً تحت سطح البحر.

وتبلغ مساحة الجولان السوري 1860 كيلومتراً مربعاً، لا يزال 1260 كيلومتراً منها تحت الاحتلال منذ عام 1967. وكان عدد النازحين 410 آلاف موزعين على المحافظات السورية بينهم 30 ألفاً في «مخيم الوافدين» قرب العاصمة، إضافة إلى نحو 60 ألفاً في القرى التي أعيد بناؤها في القسم المحرر بعد حربي 1967 و1973.

قبل عام 2011، كانت تنتشر بين دمشق والجولان نقاط تفتيش لـ«أندوف» التي كانت تضم حتى 2014 نحو 1250 عنصرا، للتحقق من تنفيذ اتفاق فك الاشتباك الذي توصل إليه وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر في نهاية مايو (أيار) 1974 بعد حرب عام 1973 بين سوريا وإسرائيل. وتضمن اتفاق فك الاشتباك إقامة منطقة عازلة في الجولان من شماله إلى جنوبه ومنطقة مخففة من السلاح تمتد بعد «العازلة»، على أن يقوم مراقبو الأمم المتحدة بالتدقيق دورياً بالتزام الطرفين ببنود الاتفاق الذي أبرم في جنيف.

وبحسب المعلومات، فإن الاتفاق الأخير بين موسكو والمعارضة السورية والتفاهمات بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأميركي دونالد ترمب نصت على إعادة العمل باتفاق فك الاشتباك برعاية روسية. ونص على إنشاء منطقة عازلة ثلاثية الشريط بطول 80 كيلومتراً: القطاع الأول بعرض يصل الى عشرة كيلومترات ومساحة 235 كيلومتراً مربعاً ويمتد على الجانب السوري من حدود الجولان يعمل فيه مراقبو «أندوف» . القطاع الثاني، يحتفظ الجيش السوري بـ350 دبابة وثلاثة آلاف جندي بسلاح خفيف. القطاع الثالث، 650 دبابة و4500 جندي وسلاح خفيف، إضافة إلى مدافع محدودة العدد وبمدى محدد لا يتجاوز المرحلة الأولى.

ويعتقد أن التفاهمات تسمح لقوات الحكومة مدعومة من الجيش الروسي بملاحقة تنظيم «جيش خالد» التابع لـ«داعش» في وادي اليرموك على أن تعود إلى مواقعها بموجب تفاهمات «فك الاشتباك».

وسعت روسيا في ١٩٧٤ كي تكون ضمن قوات “اندوف” لكن التفاهم جرى على ابعاد اميركا وروسيا. كما تحفظت تل ابيب وواشنطن على تمركز روسيا في تل الحارة في ريف القنيطرة.  ويعتقد ان التفاهمات الراهنة سمحت بسيطرة روسيا على تل الحارة التي يصل ارتفاعها إلى 1200 متر للإطلال على الجنوب السوري والاردن وشمال إسرائيل والرقابة على تنفيذ التفاهمات.

 وثيقة خطية لـ «الاستسلام»:

تبليغ عن أقارب وأرقام هواتف وحسابات ألكترونية

تضمنت الاتفاقات على عودة قوات الحكومة إلى الجنوب السوري، توقيع الأشخاص المعارضة تسويات خطية باسم «وثيقة عهد وتعهد» تتضمن 11 التزاماً. إذ تبدأ بإقرار الشخص باسمه وتفاصيل هويته بحيث «أتعهد بكامل قواي العقلية… الالتزام بالخط الوطني ومراعاة القوانين… وعدم القيام بأي أعمال تمس الأمن الداخلي أو الخارجي للجمهورية العربية السورية» بما يلي:

1- عدم القيام بأعمال التظاهر إلا في إطار القانون وعدم ممارسة الشغب.

2- عدم القيام بأعمال التخريب.

3- عدم إثارة النعرات الطائفية.

4- عدم التلفظ بأي ألفاظ أو عبارات مسيئة للقيادة السياسية أو العسكرية أو للجيش والقوات المسلحة أو قوى الأمن الداخلي أو القوات الرديفة.

5- عدم كتابة أي ألفاظ أو عبارات مسيئة للقيادة السياسية أو العسكرية أو للجيش والقوات المسلحة أو قوى الأمن الداخلي أو القوات الرديفة.

6- عدم استخدام وسائل الإذاعة أو الاتصالات أو الإنترنت أو برامج التواصل الاجتماع بأي أعمال تمس الأمن.

7- عدم حيازة السلاح أو الذخائر من دون ترخيص.

8- عدم القيام بأعمال التهريب أو النقل أو الاتجار بالسلاح أو الذخائر أو أي معدات عسكرية.

9- عدم حيازة المواد المتفجرة.

10- عدم المشاركة في أعمال إرهابية سواء بالسلاح أو غيرها ضد الجيش أو القوات الرديفة أو المؤسسات العامة.

11- الإبلاغ الفوري للجهات الأمنية عن كل ما يمس الأمن أو مرتكبه وعدم التستر على ذلك.

وتضمن التعهد أن الشخص الموقع مدرك أمام ممثلي الجيش أنه «في حال مخالفة مضمون التعهد يعتبر ذلك دليلا إلى عدم صدقي وتعتبر تسويتي ملغاة وسأتعرض للملاحقة القانونية».

كما تضمن الإجابة عن 12 سؤالا، بينها: «أفدنا بالتفصيل عن دورك بالأحداث الجارية ومشاركتك بأعمال التظاهر والشغب والعمل الإرهابي المسلح»، و«أفدنا مفصلا عما تعرفه عن الفصائل الإرهابية المسلحة وقادتها ومقراتها»، و«أفدنا بالتفصيل عما تعرفه عن أقاربك المتورطين بالأحداث الجارية بالقطر»، و«عن الإرهابيين غير السوريين»، و«أفدنا بالتفصيل عن أرقام جوالاتك وحساباتك الإلكترونية».