‘خطة روسية لشطر الغوطة… وتلويح بـ ‘سيناريو حلب

‘خطة روسية لشطر الغوطة… وتلويح بـ ‘سيناريو حلب

الخطة الروسية للغوطة، هي: تقسيم شرق دمشق إلى شطرين، شمالي وجنوبي، على أن يضم الشطر الشمالي «منطقة خفض التصعيد» مع «جيش الإسلام» بوساطة القاهرة وضمانة موسكو، فيما يجري عزل الشطر الجنوبي الذي يضم «فيلق الرحمن» و«هيئة تحرير الشام» (النصرة سابقا) وبعض الحضور لـ«أحرار الشام» مع تكثيف القصف والعمليات العسكرية لإخراج «النصرة» أو «تكرار نموذج حلب».

اللافت، أن هناك رابطاً ضمنياً بين سير العمليات العسكرية والقصف المدعوم روسيا في الغوطة من جهة وعمليات الجيش التركي وفصائل معارضة صوب عفرين شمال غربي حلب الجارية بضوء أخضر روسي أيضاً من جهة ثانية. كما بدا أن الحديث الجدي عن استئناف مفاوضات السلام في جنيف أو بدء المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا تشكيل لجنة دستورية بموجب مخرجات مؤتمر سوتشي، مؤجلان إلى ما بعد انتهاء العمليات العسكرية.

في التفاصيل، أقر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خطة عسكرية للسيطرة على غوطة دمشق مع توفير كل الإمكانات العسكرية لتحقيق ذلك قبل موعد الانتخابات الرئاسية في 18 الشهر الجاري. ولاعتبارات مختلفة، جرى إقرار خيار تقسيم الغوطة إلى شطرين. وقال دبلوماسي غربي أن الخطة قضت بأن تتقدم قوات العميد سهيل الحسن المعروف بـ«النمر» من الطرف الشرقي من النشابية وأوتايا لتلتقي مع قوات الفرقة الرابعة التابعة للحرس الجمهوري التي بدأت العمليات من طرف حرستا وإدارة المركبات. لكن الذي كان مفاجئا، هو سرعة تقدم قوات «النمر» التي اتبعت أسلوب «الأرض المحروقة» بدعم روسي وبطء تقدم القوات الأخرى من الجبهة الأخرى وقيام مقاتلي «أحرار الشام» بعمليات عكسية. وتحدث الناطق باسم قاعدة حميميم أليكسندر إيفانوف أمس عن «تعثر تقدم القوات البرية من الفرق العسكرية القتالية من الجهة الغربية من الغوطة الشرقية. وأصبح لدينا تفاؤل متزايد بإمكانية تحقيق ذلك بوقت قريب بعد أن تم إرسال قوات الفرقة السابعة».

وأسفرت الحملة العسكرية خلال أسبوعين عن مقتل 900 مدني بينهم 91 يوم الأربعاء، بحسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، علما بأن الغوطة تضم 400 ألف شخص. ودعا مجلس الأمن الدولي أول من أمس إلى تنفيذ قراره الصادر في 24 الشهر الماضي الذي يطالب بوقف إطلاق النار في عموم سوريا لمدة 30 يوما وإدخال المساعدات، لكن للمرة الثانية لم يسمح بدخول المساعدات يوم أمس.

وتستند الخطة الروسية إلى القرار 2401 وإشارته إلى أن وقف النار لا يشمل «داعش» و«القاعدة»، إضافة إلى «كل الأفراد والمجموعات المرتبطة بالقاعدة والتنظيمات الإرهابية الأخرى بحسب تصنيف الأمم المتحدة»، إذ إن الجانب الروسي يعمل مع ضباط مصريين لتحييد دوما عن العمليات العسكرية عبر تجديد التزام اتفاق «خفض التصعيد» الذي أنجز في القاهرة في صيف العام الماضي. إذ يضم «جيش الإسلام» 7 – 8 آلاف مقاتل، ويعتبر القوة الرئيسية في الغوطة.

في المقابل، ترمي موسكو من خلال دعم تقسيم الغوطة إلى شطرين إلى التعاطي مع القسم الجنوبي بطريقة مختلقة. وأوضح الدبلوماسي أنه بعد تحقيق التقسيم سيكون التركيز على مناطق «فيلق الرحمن» و«النصرة» و«أحرار الشام» في القسم الجنوبي من الغوطة. وتجري محاولات لإخراج عناصر «النصرة» على أمل تجديد اتفاق «خفض التصعيد» الذي عقد أيضا مع «فيلق الرحمن» في جنيف نهاية العام الماضي.

وأدى رفض «النصرة» الخروج من شرق حلب نهاية العام 2016 إلى استمرار العمليات العسكرية إلى حين سيطرة قوات النظام وحلفائها على المنطقة. وأبلغ دي ميستورا مجلس الأمن مساء أول من أمس أن في جنوب الغوطة هناك 270 عنصرا من «النصرة» وموسكو تقول إن عددهم 350 عنصرا و«هذا العدد لا يشكل إلا نسبة قليلة من 8 – 9 آلاف مقاتل معارض في الغوطة». وقال: «لن أنسى عدم النجاح في الحد من عذابات سكان شرق حلب».

وأشار المسؤول الغربي إلى وجود رابط بين تطورات غوطة دمشق وعملية «غضن الزيتون» قرب عفرين و«كأن هناك مقايضة لغوطة دمشق مقابل عفرين كما حصل عندما جرت مقايضة شرق حلب بمناطق درع الفرات بين حلب وجرابلس على حدود تركيا». ولاحظ «بطئاً في المفاوضات الجارية لإخراج النصرة من القسم الجنوبي للغوطة».

بالتزامن مع قرب تقسيم الغوطة الشرقية لدمشق، سيطرت القوات التركية وفصائل سورية موالية أمس على بلدة جنديرس الاستراتيجية جنوب غربي عفرين بعد أسابيع من المعارك العنيفة. ورفع عناصر «فيلق الشام» الفصيل الأساسي في «غصن الزيتون» رايتهم على مركز الإدارة الذاتية داخل جنديرس.

وأعطت موسكو أنقرة ضوءاً أخضر للقيام بعملية «غضن الزيتون» في 20 يناير (كانون الثاني) بالتزامن مع معارك شرق دمشق كما حصل لدى مباركة عملية «درع الفرات» نهاية 2016 بالتزامن مع معارك شرق حلب. وتشارك روسيا وتركيا مع إيران في رعاية عملية آستانة. ومن المقرر أن يجتمع كبار الموظفين في الدول الثلاث في آستانة في منتصف الشهر قبل لقاء وزراء الخارجية في الدول الثلاث للتمهيد لقمة ثلاثية روسية – تركية – إيرانية الشهر المقبل تضع تصورا للحل السياسي السوري.

وفي موازاة محاولات مسؤولين عسكريين واستخباراتيين أتراك وأميركيين للبحث عن حل لـ«عقدة» منبج وتدفق مقاتلين من «وحدات حماية الشعب» الكردية من شرق سوريا حيث يقيم الجيش الأميركي إلى عفرين، ينتقل مسؤولون أتراك إلى موسكو في الأيام المقبلة لوضع لمسات أخيرة على تفاهمات تتعلق بـتسوية في غوطة دمشق لتحييد المدنيين وإدخال المساعدات من جهة وبترتيبات الوجود التركي و«الجيش الحر» في عفرين، بحسب معلومات.

عليه، لن يأخذ الحديث عن تشكيل اللجنة الدستورية بموجب بيان سوتشي، صفة جدية قبل الانتهاء من ترتيبات الغوطة – عفرين – منبج والانتخابات الرئاسية الروسية والقمة الثلاثية للدول الضامنة. وكان لافتا أن اجتماع ممثلي الدول الضامنة الثلاث مع دي ميستورا في جنيف قبل أيام لم يتضمن حماسة ثلاثية لتحريك اللجنة الدستورية مع أن العواصم الثلاث تبادلت قوائم لسوريين مرشحين لبحث الإصلاح الدستوري السوري.

تم نشر هذا المقال في «الشرق الأوسط»

بوريس جونسون: خياراتنا في سوريا محدودة

بوريس جونسون: خياراتنا في سوريا محدودة

أكد وزير الخارجية البريطاني، بوريس جونسون، في حديث إلى «الشرق الأوسط» أمس، أن زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى لندن ستسفر عن نقل العلاقات إلى مرحلة جديدة من الشراكة الاستراتيجة بين البلدين.

وقال جونسون إن المحادثات السعودية – البريطانية ستتناول تعزيز العلاقات الثنائية وملفات الشرق الأوسط، موضحاً: «نحن نعتقد ونفهم حق السعودية للدفاع عن أمنها». وأشار إلى أنه «ليس مقبولاً أبداً أن تُستخدم الصواريخ الحوثية الإيرانية ضد السعودية، ونريد أن نرى نهاية لها. ولندن توافق الرياض القلق من الدور الإيراني» في الشرق الأوسط.

وعن الملف السوري، قال جونسون: «ما قام به النظام السوري بالسلاح الكيماوي والكلور والسارين، مقرف. ويجب أن يحاسب على ذلك. وهذا أحد الأسباب. العديد من الناس الذين كانوا ينتقدون الرئيس دونالد ترمب أيدوه عندما قرر توجيه ضربات (على قاعدة الشعيرات) بعد الهجوم على خان شيخون» في أبريل (نيسان) العام الماضي.

وسئل عن تقارير تفيد بأن ترمب يبحث توجيه ضربات جديدة، فأجاب أن هناك تقارير من ان الأمر يناقش حالياً في واشنطن. وأوضح: «ليس هناك اقتراح محدد. هذا شيء افتراضي. لكن قرار ترمب الهجوم على قاعدة الشعيرات في أبريل العام الماضي، قرار صحيح».

ولاحظ جونسون أن الغارة الأميركية على «مرتزقة» روس قرب دير الزور أدت إلى «مقتل 195 منهم. وهذا أكبر عدد رأيته من الروس الذين قتلوا من قبل الأميركيين طوال حياتي»، ما يعني أن الروس يخسرون. وأضاف أن ما يحصل في غوطة دمشق «مأساة وأمر شائن… لكن لا نستطيع إرسال إشارات إلى الناس الذين يعانون أننا سنأتي لمساعدتهم ولا ننفذ وعودنا. الخيارات التي لدينا محدودة». وزاد: «فرصة التدخل العسكري حصلت في 2013 ولم نأخذها، ونحن نعيش تداعيات ذلك إلى الآن».

وهنا نص الحديث الذي جرى في مكتب جونسون في الخارجية البريطانية مساء أمس:

– أنت ذاهب بعد قليل لاستقبال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في المطار؟ وهذه أول زيارة لولي العهد إلى دولة أجنبية بعد مصر؟

– نعم إنني ذاهب لاستقبال ولي العهد السعودي في المطار. وإنني فخور بصفتي وزيرا للخارجية البريطانية وأيضاً الحكومة البريطانية فخورة بذلك. وهذه شهادة لعمق العلاقة التاريخية التي تعود إلى أمد بعيد من زمن (رئيس الوزراء الراحل) ونستون تشرشل وجد الأمير محمد. بريطانيا كانت منخرطة بدفء مع السعودية. شراكة عميقة بين البلدين. وحان الوقت كي نضع الأساس للانتقال إلى مرحلة جديدة.

– ما هي هذه المرحلة؟

– مرحلة نؤسس فيها مجلساً للشراكة الاستراتيجية الذي يعقد أول اجتماعاته غداً (اليوم). لو نظرت إلى الأمير محمد، فإنه يغيّر بلده والحديث في كل مكان عن هذا الأمر. وهذا أمر واقع. أطلق برنامجاً للإصلاح نعتقد أنه مشجع ويسير في الاتجاه الصحيح. هناك تقدم يحصل وممكن أن يحصل، لكن نعتقد في بريطانيا أنه مشجع وأن هناك انسجاماً عظيماً بيننا وبين السعودية. لدينا مجالات لتعزيز التعاون، حيث إن اقتصادي البلدين قويان ولدينا أهم الجامعات ونظام تعليم قوي ومركز علمي لتقنية المعلومات في بريطانيا. وإننا نرى ما يقوم به الأمير محمد برؤيته ونقل السعودية بعيداً من النفط والذهاب إلى اقتصاد المعلومات والذكاء الاصطناعي والمدينة الجديدة «نيوم» التي سيقيمها.

نعتقد أنه يمكننا التعاون في هذا المجال وإقامة شراكة في الثقافة والصحة والنقل والتكنولوجيا والتعليم في كل المجالات السياسية أيضا. سنتحدث، والحكومة ستتحدث مع الأمير محمد حول أفكاره لنرى ما يمكن القيام به لبناء شراكة ليس فقط للمستقبل القريب، بل إقامة بنية تحتية بيننا تستمر لوقت طويل وأجيال قادمة.

-كيف ترى الإصلاحات في السعودية من حيث السرعة والعمق؟

– أعتقد أن الشعب البريطاني يحتاج الى معرفة وفهم ما يقوم به الأمير محمد. أن تقود النساء السيارات، هذا أمر عظيم. بالنسبة للبعض يراه خطوة صغيرة، لكن في السعودية هي خطوة كبيرة. هناك أيضا في السعودية، انفتاح على الموسيقى والسينما. ما نشعر به وبقوة أن هذا يحصل في بلد عظيم وقيادي في العالم الإسلامي، وهذا بداية لتغيير في كل العالم الإسلامي. لذلك، فإننا معجبون بقوة بما يقوم به الأمير محمد، ونريد الانخراط بما يحصل، وفهمه ودعمه.

– ماذا عن التبادل التجاري؟

– سأخبرك قصة. عندما ذهبت للقاء الأمير محمد قبل أسابيع، غادرت من مطار هيثرو. كانت هناك امرأة شابة مشت معي إلى الطائرة، وقالت لي إنها من السعودية وهي لم تذهب لعشرين سنة، لكنها تذهب الآن وللمرة الأولى (منذ سنوات طويلة) لأنها سعيدة جداً بأنها باتت قادرة على حضور مباراة كرة قدم. هذا شيء صحيح. إن الأمور تتغير بوضوح. ويجب علينا أن نكون جزءاً من ذلك ونشجعه.

– تجارياً، هل يمكن بالفعل رفع مستوى الاستثمارات السعودية في بريطانيا إلى مائة مليار دولار أميركي خلال عشر سنوات؟

– نأمل بذلك. هناك استثمارات في أميركا بقيمة 400 مليار دولار أميركي. نحن أفضل من أميركا وآمالنا كبيرة. لذلك، نحن نأمل في الحصول على استثمارات سعودية.

– وشركة «أرامكو» قد تدرج في سوق لندن المالية؟

– دعنا نرَ. يجب أن ننتظر ونرى، إن شاء الله. نأمل ونعمل لتحقيق ذلك. لكن لا أستطيع الذهاب إلى تفاصيل الاستثمارات التجارية. يجب أن نترك ذلك لولي العهد.

– هناك جدول أعمال مكثف للزيارة ولقاءات رفيعة المستوى واستثنائية مع الملكة إليزابيث والأمير تشارلز ورئيسة الوزراء تيريزا ماي وقادة من بقية المؤسسات البريطانية والروحية. ما الرسالة من ذلك؟

– أهمية ذلك عظيمة. إن الأمير محمد رجل إصلاح ولديه رؤية معتدلة للإسلام. وهي تظهر أن لديه رغبة بالاستماع إلى جميع الديانات وأنه رجل تسامح واحترام متبادل. هذا أمر عظيم بالفعل.

– بالنسبة إلى الشؤون الخارجية، ماذا عن اليمن؟ ما المطروح على جدول الأعمال؟

– بصراحة، نحن نعتقد ونفهم حق السعودية للدفاع عن أمنها والرغبة في حماية نفسها، ونفهم أن الرئيس الشرعي عبد ربه منصور هادي، وأن هناك قراراً دولياً يطلب دستوراً، وأن هناك تحالفاً يريد تحقيق ذلك (إعادة الشرعية). نفهم ذلك ونرى أن الحل سياسي في اليمن. يجب أن يكون هناك تقدم سياسي، ونحن في حاجة لرؤية نهاية لصواريخ الحوثيين.

– كيف يمكن وقف صواريخ الحوثيين؟

– يجب أن تكون هناك عملية سياسية وعمل لوقف هذه الصواريخ. ولا بد من محادثات بين الأطراف وآمل في تحقيق تقدم لعقد صفقة لتسوية سياسية تقبل بعض الدور للحوثيين في الحكومة اليمنية وتطلق برنامج استثمار في اليمن الفقير. وهناك شيء ضروري هو وقف اللاعبين الآخرين العسكريين. لا بد من دستور جديد في اليمن. وهذه الفكرة تلقى بعض الاهتمام.

– ماذا عن دور إيران في ذلك ودعم الحوثيين؟

– ليس مقبولاً أبدا أن الصواريخ الإيرانية تستخدم ضد السعودية. نريد أن نرى نهاية لهذه الصواريخ.

– كيف… وهناك دول عربية قلقة من دور إيراني الإقليمي؟

– نحن نوافق على ذلك. نريد رؤية الدور الإيراني في اليمن مضبوطاً. وهناك طريقة لتحقيق ذلك، مع دعم الحل السياسي.

– ماذا عن سوريا؟ هل تتفقون مع الرياض إزاء الملف السوري؟

– سوريا مأساة كبرى. أعتقد أننا نتفق مع أصدقائنا السعوديين في الرغبة القوية بإطلاق المفاوضات السلمية في جنيف وبداية عملية سياسية. ما يحصل في الغوطة الشرقية لدمشق أمر شائن. آمل في أن الروس والأسد سيقتنعون بأنهم لن يربحوا الحرب بهذه الطريقة. إنهم يزرعون الحقد لأجيال وأجيال. إنها مأساة وسيكون مستحيلاً أن يحصلوا على قبول الشعب السوري بعد كل ما حصل. يجب أن تكون هناك عملية (سياسية) وانخراط المعارضة السورية لمناقشة الوصول إلى حل سياسي لسوريا. هذا رأي بريطانيا. أعتقد أن ما قام به النظام السوري بالسلاح الكيماوي والكلور والسارين، مقرف. ويجب أن يحاسب على ذلك. وهذا أحد الأسباب، كثير من الناس الذين كانوا ينتقدون الرئيس دونالد ترمب أيدوه عندما قرر توجيه ضربات (على قاعدة الشعيرات) بعد الهجوم على خان شيخون (في ادلب).

– هناك تقارير أن ترمب يناقش حاليا توجيه ضربات أخرى؟

– هناك تقارير ان الأمر يناقش حالياً.

– ما موقف بريطانيا من ذلك؟

– ليس هناك اقتراحات محددة. هذا شيء افتراضي، لكن قرار ترمب بالهجوم على قاعدة الشعيرات في أبريل (نيسان) العام الماضي، قرار صحيح.

– يبدو أن وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون يراهن على الانخراط مع الروس؟

– يجب الانخراط مع الروس الذين يريدون الخروج (من سوريا). وإذا هم يريدون تمويل إعادة الأعمار، يجب أن ينخرطوا في العملية السياسية.

– هل تعتقد أن الرهان على الانخراط مع الروس صحيح وسيحقق نتائج؟

– أعتقد أنه يجب أن نحاول. الروس صار لهم في سوريا وقت طويل. شاهدنا قبل أسابيع أنه في دير الزور مات كثير من الروس يعملون مع شركة مرتزقة. نحو 195 قتلوا. هذا أكبر عدد من الروس الذين قتلوا من قبل الأميركيين اراه طوال حياتي. أيضا، يخسر الروس وهناك كلفة لهم في سوريا. وليس هناك حل بالسلوك الروسي الحالي. الأسد يسيطر على نصف الأراضي السورية وعلى 75 في المائة من الناس، لكنه لا يريح قلوب السوريين وعقولهم. كثير من السوريين سيواصلون المقاومة. الروس يفهمون ذلك وعليهم أن يدفعوا نحو تحقيق حل سياسي.

– ماذا عن الغوطة الشرقية، هل تعتقد أنه بالإمكان إنقاذ الغوطة بالتمني؟ تمني أن يتوقف الروس؟

– لا. أبداً، لا. لكن لا نستطيع إرسال إشارات إلى الناس الذين يعانون بأننا سنأتي لمساعدتهم ولا ننفذ وعودنا. قمنا بذلك سابقا. الآن، الخيارات التي لدينا محدودة. الناس في الغرب مرعوبون ومتعاطفون مع ما يحصل ومع المعاناة ومأساة الناس (في الغوطة). لكن لا بد من القول إن فرصة التدخل العسكري حصلت في 2013 ولم نأخذها، ونحن نعيش تداعيات ذلك حتى الآن. يمكن أن نقوم بضربات محددة، كما حصل في الشعيرات، لمساعدة الناس. المأساة هي أنه سيكون أسوأ أن نعد الناس الذين يعانون بأننا يمكن أن نقدم حلاً سحرياً عسكرياً، لكن في الواقع لا أرى ذلك (ممكناً).

تم نشر هذا المقال في «الشرق الأوسط»

بخجلي وبوتين وصورة صدام في عفرين

بخجلي وبوتين وصورة صدام في عفرين

لازالت محركات الحروب الخارجية في المنطقة الشرق الأوسطية الساخنة والأوراسية القلقة متمحورة على عامل الداخل، وبالتحديد عامل الثبات في السلطة أكثر مما هي متمحورة على عوامل لحماية الحدود الخارجية للبلد، وإن بنسب متفاوتة تحسب للدول الكبرى فيها رجحان نسبي للعامل الخارجي على الداخلي. الضجيج الذي يتبع العمليات العسكرية التركية في عفرين ضد مقاتلي قوات سورية الديمقراطية يزداد، والتحليل المتبع لذلك الضجيج يقفز على حقائق مهمة وقادمة من ما قبل العملية العسكرية التركية رجحت خيار الحرب لدى أنقرة على خيارات أخرى في منطقة “كانت حتى الآن مستقرة نسبياً من سوريا” بحسب وصف جيمس ماتيس. تلك الحقائق القادمة من مسارات الحكم والسلطة هي لب قضية الهجوم على عفرين والمحرك الرئيس لها، وتعتبر باقي التحليلات رتوشاً للحقائق ومكملات تجميلية لا أكثر.

لا تشكل صورة الديكتاتور العراقي صدام حسين المحمولة على يد المقاتلين السنة المنضوين تحت لواء درع الفرات التي تقاتل مع الجيش التركي في عفرين حدثاً عابراً. هي صورة عن الحنين الى سيادة عالم السنة والعروبة في المنطقة التي شهدت تغييرات هائلة ودموية منذ دخول الأمريكان الى بغداد في ٢٠٠٣. هؤلاء الحاملون للصورة هم في جزء من تصورهم للمعركة يقعون تحت تأثير العامل المذهبي الذي يعمل عليه بحرفية الرئيس التركي أردوغان.

يظن هؤلاء بأنهم يتحركون تحت ظلال صدام في الذود عن عالم السنة والعروبة، وإن كان القائد الحالي يتحدث بلغة مختلفة. لا ينسى هؤلاء بأن تركيا لم تسمح لواشنطن بالمرور في أراضيها لدخول العراق في عام ٢٠٠٣ وهم يعتبرونها جزءاً من التعاضد السني الخفي ضد المحتل، وضد تمدد إيران الشيعية. هؤلاء التائهون ينسون أن الرفض التركي حينها لم يكن سوى رفض للتغيير القادم في العراق المتداعي أصلاً، والذي من المتوقع أنه سيجلب للأكراد شيئاً من الحماية والحقوق الدستورية المقلقة لتركيا المريضة بمرض الأكراد في ديارها وفي ديار غيرها من الدول، ولا علاقة لها بالخلاف السياسي للشيعة والسنة الطافح حالياً.

علماً أن إيران الشيعية، ونظام البعث السوري، وتركيا، رفضوا مجتمعين الدخول الأمريكي حينها إلى العراق، ونسقوا فيما بينهم لإضعافه. صورة صدام لا رابط لها بالوقائع سوى بأنها تشترك مع القائد الجديد في التصرف بسلطات الدولة حسب المصلحة الخاصة له، ولعائلته، وتحت مصطلحات ثورية كبرى من نمط حماية الحدود الشرقية عراقياً حينها، والحدود الجنوبية تركياً حالياً. هكذا خطب تأتي من ذهنية واحدة تحاول أن تظهر بمظهر القائد التاريخي في المنطقة.

كان صدام مع كل انتكاسة وقلاقل داخلية يشعل حرباً تحت يافطات كبرى. وحالياً، ورغم أن الوقائع الدولية قد تغيرت يحاول أردوغان الهروب من كل خلخلة داخلية بحرب خارجية، ومعارك حدودية، وخطب رنانة عن الأمن القومي. كلاهما ظلا متمسكاً بقضية القدس وإسلاميتها. وكلاهما قمع الحريات داخل بلديهما. وكلاهما مدجج بالمتطوعين من العالم العربي المقتنعين بحرب الأنصار والأشرار تماماً كما هو الحال في المخيلة التي يعتاش منها المقاتلون الذين يحاربون مع تركيا في عفرين. هؤلاء المقاتلون نفسهم أو أشقاؤهم كانوا قد سموا كتيبة من الكتائب العسكرية للمعارضة في دير الزور قبل سنوات بكتيبة “صدام حسين” دون أي اعتبار لمشاعر الآلاف من ضحايا الرجل على الطرف الشرقي المجاور للحدود في توضيح مباشر عن الحنين المستمر إلى القائد الذي يرقص وهو يرفع البندقية بيده اليمنى.

في تركيا المنتفخة بالمشاكل السياسية والاجتماعية حراك حكومي من نوعية الهروب إلى الأمام. فبعد انتهاء المفاوضات بين حزب العمال الكردستاني والحكومة بعد تصريحات لرئيس حزب الشعب الديمقراطي الوسيط في العملية بُعيد الانتخابات البرلمانية الأولى، وعقب حصولهم على المرتبة الثالثة في البرلمان عن أنهم “لن يسمحوا لك بأن تصبح رئيساً” وكان يقصد به أردوغان الذي كان يبحث عن تعديل دستوري لتعزيز سلطات رئيس الدولة بعد نفاذ فرص ترشحه لرئاسة الوزراء مجدداً تغير المشهد.

تصريح ديمرتاش كان بمثابة الشرارة التي ألهبت البلاد بالمعارك. المفاوضات التي انتهت كانت عبارة عن وسيلة يبتغي منها حزب العدالة والتنمية المماطلة للحصول على الدعم الكردي في البرلمان، ولم يكن أبداً مشروع سلام كما ظهر فيما بعد من التطورات على الساحة التركية. البحث عن بديل عن رفاق ديمرتاش رسى على رجل من أشهر رجالات التطرف القومي في تركيا، وهو السيد دولت بخجلي الذي فتح ذراعه لأردوغان لينقذه من مشاكله الداخلية في الحزب، والتي كادت أن تطيح به لصالح منافسته اليمينية ميرال أكشنر، إذ سعت ومعها مجموعة من الحزب، إلى عقد مؤتمر عام استهدف الإطاحة بالسياسي “العجوز”، الذي بات يثير التساؤلات بتحوله المفاجئ إلى رجل التوافق والتماهي مع أردوغان وحزبه في جميع الاستحقاقات المؤثرة.

كان التعاضد بين أردوغان وبخجلي هو تعاضد يحمل في طياته تفاصيل محزنة على الأكراد على جانبي الحدود. قمعت الحركة المدنية والسياسية الكردية في تركيا، وزج برؤساء بلديات، واعضاء برلمان، وعلى رأسهم ديمرتاش نفسه في السجون. وظهرت المحاكمات الصورية، ودمرت مدن، وشرد الآلاف من سكان المناطق الكردية من مدنهم. وكانت التقارير الدولية واضحة الاتهام للجيش التركي بالمسؤولية. فتحت المعارك اللا متناهية مع حزب العمال الكردستاني في تركيا، وقمع الطموح الكردستاني في إقليم كردستان العراق، وتغيرت خارطة التحالفات في سورية لردع زيادة قوة وظهور قوات سورية الديمقراطية على الساحة الشمالية والشرقية لسوريا. كل تلك المستجدات، والمتحالفان يبحثان عن انتصارات وهمية كما هو الحاصل في فتح جبهة عفرين حالياً لتجلب لهما الرسوخ في السلطة، واحد في رئاسة الحكم، والثاني في رئاسة الحزب، مع قرب الانتخابات البرلمانية والتي من المفترض أن يشكل الطرفان المذكوران تحالفا رصينا فيها، وذلك من خلال كسب قواعد الجماعات القومية التركية الحاقدة على الأكراد إلى طرفهم.

في حين أن حاملي الصورة يعتقدون بأن قائد المعركة في عفرين السيد أردوغان يقود معركتهم السنية والعروبية ضد الملاحدة، وعملاء الصهاينة والشيعة، تأتي الأخبار عن محاولات تواصل غير مباشر من أنقرة مع نظام دمشق المعادي لحاملي الصورة، وعمليات تسليم مناطق لرفاق اردوغان من الجماعات العسكرية السنية في محافظة إدلب لصالح نظام الأسد وحزب الله. ويرى العالم كيف أن إيران التي تتسيد عالم الشيعة سياسياً تشاهد المعارك بسعادة من بضعة كيلومترات قريبة. بالضبط كما يشاهدها الزعيم الروسي بوتين صاحب السطوة في سورية، وهو يدفع تركيا البطلة في مخيلة حاملي الصورة لتجلب له المعارضة ومسلحيها للقبول بشروطه الاستسلامية للسلم في سورية. موسكو التي كانت تحتاج الى معاقبة الأكراد وحلفائهم العرب الذين أصبحوا أقرب لواشنطن منهم إلى موسكو أعطت الضوء الأخضر لأنقرة للهجوم.

بوتين الذي يحاول أن يرسخ سلطته مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الروسية بانتصار سياسي له في سورية بعد تقدمه العسكري هناك جاء بكل هؤلاء الساسة الباحثين عن السلطة، والقامعين للحريات إلى “سفوح عفرين” ليظهر هو نفسه من خلالهم جميعاً ومن خلال ما يحضره لما بعد المعركة التي فيما يبدو لن تنتهي كما يحلو لأردوغان، وبخجلي، وحاملي صورة صدام بمظهر البطل الذي لا بد أن تظل السلطة في موسكو بين يديه حماية للبلاد ونفوذها في الخارج.

غوطة دمشق الشرقية… صمت ونار وحصار

غوطة دمشق الشرقية… صمت ونار وحصار

[fusion_builder_container hundred_percent=”no” equal_height_columns=”no” menu_anchor=”” hide_on_mobile=”small-visibility,medium-visibility,large-visibility” class=”” id=”” background_color=”” background_image=”” background_position=”center center” background_repeat=”no-repeat” fade=”no” background_parallax=”none” parallax_speed=”0.3″ video_mp4=”” video_webm=”” video_ogv=”” video_url=”” video_aspect_ratio=”16:9″ video_loop=”yes” video_mute=”yes” overlay_color=”” video_preview_image=”” border_size=”” border_color=”” border_style=”solid” padding_top=”” padding_bottom=”” padding_left=”” padding_right=””][fusion_builder_row][fusion_builder_column type=”1_1″ layout=”1_1″ background_position=”left top” background_color=”” border_size=”” border_color=”” border_style=”solid” border_position=”all” spacing=”yes” background_image=”” background_repeat=”no-repeat” padding=”” margin_top=”0px” margin_bottom=”0px” class=”” id=”” animation_type=”” animation_speed=”0.3″ animation_direction=”left” hide_on_mobile=”small-visibility,medium-visibility,large-visibility” center_content=”no” last=”no” min_height=”” hover_type=”none” link=””][fusion_text]

مع اشتداد الحملة العسكرية التي يقودها الجيش السوري وحليفه الروسي على الغوطة الشرقية وأهلها المحاصرين، تعود إلى الواجهة فكرة “مناطق خفض التصعيد” واتفاقياته الموقّعة بين الجانب الروسي وفصائل المعارضة المتمركزة هناك، فما معنى ”خفض التصعيد“ مع كل هذه الوحشية في القصف، والذي يطال المدنيين في منطقة محاصرة تماماً منذ أكثر من خمس سنوات.

لا يملك المدنيون في الغوطة الشرقية – يبلغ تعدادهم حوالي ٣٥٠ ألف – ملاجئ سوى بعض أقبية الأبنية، يحاولون الابتعاد قدر المستطاع عن الإصابة المباشرة بالشظايا والصواريخ المتعددة أسماؤُها وراجماتها، وتلك الأقبية – إن وُجِدت – ليست بآمنة كليّاً، فكثير من الأبنية تهاوت فوق رؤوس قاطنيها ودفنت من كان في الأقبية وهم أحياء.

ممنوعٌ عليهم الخروج من مناطق حصارهم، وممنوعٌ عليهم دخول الغذاء والدواء، ينزحون من بلدةٍ لأخرى، في محاولة منهم لتجنب القذائف والصواريخ، رغم أن القصف يطال جميع المدن والبلدات بلا استثناء، لم يعد أهالي الغوطة يراهنون على أحد، فوسائل الإعلام ملّت من شكواهم، والمنظمات الإنسانية الدولية أغمضت أعينها واقتصرت على إصدار بعض الكلمات، ومواقف الدول المتبجّحة بـ ”حقوق الإنسان“ أصبحت باهتة، حتى أنها أسقطت التنديد والقلق من خطابها.

لِمَ يُكلّف أحدهم نفسه في الكلام والدفاع عن المدنيين في منطقة محاصرة في وسط سوريا؟ ما الفائدة المرجوّة من رفع الصوت بالتنديد والشجب وإقلاق مجلس الأمن؟ هي منطقة أصبحت خارج حسابات الدول المتصارعة في سوريا، فهي ليست كالشمال حيث تتصادم مصالح تركيا وأمريكا، وليست كالجنوب حيث تتصادم مصالح إيران وإسرائيل.

بدأت معاناة المدنيين في الغوطة الشرقية عندما حاصرها الجيش السوري في ٢٠١٢م بعد أن أصبحت معقلاً للمعارضة المسلحة، مما تسبب في أزمة إنسانية شديدة، زادت من حدّتها بعد سيطرة الجيش السوري على أحياء برزة والقابون في منتصف أيار٢٠١٧ والذي أدى إلى كشف أنفاق التهريب وإنهاء عملها تماماً، وبالتالي لم يتبق للمحاصرين في الغوطة الشرقية سوى ”معبر الوافدين“ الذي يشرِف عليه النظام السوري ويديره ضباطه بالتعاون مع تجار مقرّبين، طبعاً لم يُسمح للدواء بالعبور نهائياً، بينما المواد الغذائية تدخل بالقطارة ولأصناف محدّدة وقليلة جداً، ما رفع الأسعار في المنطقة إلى أرقام قياسية.

أما بالنسبة للفصائل المتواجدة داخل أسوار الحصار، فلقد عملت على بسط نفوذها وتحديد مناطق سيطرتها، مرّة عبر ابتلاع الفصائل الأصغر وتصفيتها عسكرياً (كما فعل جيش الإسلام بجيش الأمة)، وأخرى بالتحالف بغاية الحماية (كما في تحالف خلايا جبهة النصرة مع أحرار الشام وتشكيل جيش الفسطاط، ثم انضمام فجر الأمة إليه لاحقاً)، ونتيجة لاختلافها الايديولوجي، معزَّزاً بخلاف الدول الداعمة كان اقتتال ”جيش الاسلام“ مع ”فيلق الرحمن“ و“جيش الفسطاط“ في منتصف أيار ٢٠١٦، والذي أدى إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى بينهم مدنيون، وما مكّن أيضاً الجيش السوري لأول مرة منذ خمس سنوات من اختراق القطاع الجنوبي للغوطة والسيطرة على ١٠ بلدات، ونزوح مئات العائلات من سكانها، وهي دير العصافير وزبدين وحوش الدوير والبياض والركابية ونولة وحوش بزينة وحوش الحمصي وحرستا القنطرة وبالا. لكن كان من أهم نتائج هذا الإقتتال الداخلي تقسيم الغوطة إدارياً على أساس السيطرة العسكرية، قطّاع أوسط تحت سيطرة “فيلق الرحمن“ وقطّاع دوما وما حولها تحت سيطرة “جيش الإسلام“.

وفي ٢٨ نيسان ٢٠١٧ تجددت الاشتباكات من جديد بين الفصائل بعد محاولة ”جيش الإسلام“ القضاء على عناصر هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً)، وفعلاً سيطر جيش الإسلام خلال الاشتباكات التي جرت طوال اليوم على أهم معاقل “هيئة تحرير الشام” في منطقتي عربين والأشعري، بالإضافة إلى مراكز القيادة الرئيسية والمكاتب الإدارية، لكن فيلق الرحمن الذي بقي متفرجاً منذ الصباح، تدخل مساءً لنصرة حلفائه في هيئة تحرير الشام بعد ان استشعر نوايا مُبيّتة لدى جيش الإسلام بغرض الهيمنة على بعض مناطق نفوذه وسيطرته، في حين بقي أحرار الشام على الحياد، وكانت حصيلة المناوشات أكثر من ٤٥ شخصاً بينهم العديد من المدنيين.

بعد ذلك بشهرين، في  ٢٢ تموز ٢٠١٧ وقّع جيش الاسلام مع الجانب الروسي اتفاقية ”خفض تصعيد“، وتلاها فيلق الرحمن بعد أقل من شهر في ١٨  ٢٠١٧ باتفاقية أخرى وبرعاية مصرية كما حدث مع جيش الإسلام، وبذلك ضمن كلا الفصيلين – المشاركين في لقاء أستانة – بأنهما خارج الفصائل المصنّفة إرهابية بحسب التصنيف الروسي للفصائل المعارضة، كون الاتفاق والتوقيع كان بشكل مباشر مع كلا الفصيلين وليس مع الدول الراعية.

من الواضح بأن فكرة روسيا من اتفاقية خفض التصعيد في الغوطة، تأمين محيط العاصمة دمشق من قذائف الفصائل، وتأمين خاصرة العاصمة من أكبر فصيلين في المعارضة لتتفرّغ بعدها لقتال داعش في البادية السورية ودير الزور، والأهم عزل هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) ونقل كامل عناصرها إلى محافظة إدلب، رغم أن الأخيرة حاولت عدة مرات كسر المخطط الروسي لعزلها، وكان آخرها تخريب فكرة ”مناطق خفض التصعيد“ الناتجة عن لقاء أستانة في معركتي ”يا عباد الله أثبتوا“، جرت الأولى في محيط دمشق بالقرب من كراج العباسيين بالتعاون مع فيلق الرحمن وأحرار الشام في ١٩ آذار ٢٠١٧، والثانية في ريف حماه الشمالي الشرقي بالتعاون مع ”الحزب الإسلامي التركستاني“ ومجموعات أخرى كجيش العزة وجيش النصر في ١٩ أيلول ٢٠١٧، لكن يبدو أن المخطط الروسي أدى في النهاية فعلاً إلى عزل ”هيئة تحرير الشام“ ونقل عناصرها إلى محافظة إدلب من مناطق جنوب العاصمة دمشق، ومن عرسال لبنان وجبال القلمون غربي دمشق، وأخيراً من درعا، ولكن فشلت كل المساعي لإخراج عناصر الهيئة – لا يتجاوز عددهم الـ ١٢٠٠ مقاتل – من الغوطة الشرقية بعد رفض قادتها تماماً لفكرة الترحيل التي دعا وسهّل إليها كلّ من جيش الإسلام وفيلق الرحمن بموجب اتفاقهما الأخير مع الروس.

ومؤخراً، في ١٤ تشرين الثاني ٢٠١٧، قامت ” حركة أحرار الشام الإسلامية“ بالتعاون مع عناصر ”هيئة تحرير الشام“ بفتح معركة ”بأنّهم ظُلِموا“ إنطلاقاً من الغوطة الشرقية، وشنّت هجوماً مباغتاً على إدارة المُركّبات التابعة للجيش السوري في حرستا، صحيح بأن الغاية المُعلنة من المعركة جاءت على خلفية تفاقم الوضع الإنساني في الغوطة الشرقية إثر الحصار الشديد المطبق عليها، بالإضافة إلى تكرار استهداف قوات النظام لمدن وبلدات الغوطة الشرقية من داخل إدارة الُمركّبات، رغم اتفاقية خفض التصعيد الموقعة، لكن يبدو أن الغاية الحقيقية أبعد من ذلك، فالقصف العشوائي على الغوطة لا يأتي فقط من داخل إدارة المُركّبات، وكسر الحصار لن يتحقق بالسيطرة على إدارة المركبات وما خلفها، لكن كما يبدو أن حركة أحرار الشام تُعيد السيناريو نفسه الذي اتّبعه فصيل ”فيلق الرحمن“ قبل أن يُوقّع معهم الروس اتفاقية التهدئة، وأحرار الشام – وهم المشاركون المتأخرون في اتفاق أستانة – يرون بأنهم يملكون مواصفات الفصيل المعتدل، وخاصة بعد تخلّص الحركة من المتشدّدين داخلها إثر انقسامها وانضمام المتشدد منها إلى هيئة تحرير الشام، ثم قتالها المتكرر ضد ”هيئة تحرير الشام“ في كثير من مناطق الريف الإدلبي الواسع. وبالتالي، يبدو أن الحركة تحاول لفت أنظار الجانب الروسي إليها، بغية توقيع اتفاقية مباشرة معها تؤهلها للعبور إلى المرحلة القادمة في التسوية السورية، وما يزيد من ترجيح هذا الرأي أنها – أي الحركة –  لم تُحرّك ساكناً إثر دخول الجيش السوري في ريف إدلب وتصعيده ضد المدنيين هناك، بل اكتفت بموقف المتفرج والمتابع.

من غير الواضح ما ستؤول إليه أوضاع الغوطة الشرقية وفصائلها، فمغامرة أحرار الشام في حرستا، ثم مساندة فيلق الرحمن الخلفية لها، ورفض خروج عناصر هيئة تحرير الشام من الغوطة، أعطت الروس والنظام السوري مُسوِّغاً – وهم الذين لا ينتظرون ذلك – لحشد القوات بشكل كبير على تخوم الغوطة، مع قصف هو الأشد والأعنف عليها منذ بداية حصارها.

يبدو أن الغوطة الشرقية وفصائلها أمام خيارين لا ثالث لهما، إما استمرار العملية العسكرية حتى دخول الجيش السوري إلى حرستا أو غيرها مثل منطقة حزرما الاستراتيجية في منطقة المرج، مما يعني تهديداً مباشراً لجيش الإسلام في دوما، ولفيلق الرحمن في زملكا، أو نجاح المساعي التي يعمل عليها جيش الإسلام بوساطة مصرية لإقناع الجانب الروسي بوقف المعارك مقابل إخراج عناصر هيئة تحرير الشام من الغوطة الشرقية. وكما رَشَح إعلامياً على لسان الوزير سيرغي لافروف بأن هناك رفض من قِبَل الفصائل للتسوية بإخراج مقاتلي هيئة تحرير الشام من الغوطة على غرار ما حدث في حلب، في حين وجود تأكيدات من داخل جيش الإسلام بأن الفيلق بدأ يستشعر خطر مواقفه، وبالتالي أصبح هناك إجماع لدى الفصائل على خروج عناصر الهيئة من الغوطة، وفعلاً تم تسليم قوائم الأسماء إلى تركيا منذ عدة أيام.

وهكذا تجري المفاوضات، بينما لا زالت تتهاوي القذائف بوحشية على مناطق الغوطة الشرقية، مقابل تساقطها بحماقة على أحياء ومساكن دمشق، في لحظة لا يمكن أن تفهم فيها عقلية السلاح وكيف يحسب القائمون عليه انتصاراتهم، لكن كما هو واضح، لقد أصبحت أرواح المدنيين سلعة رخيصة ووسيلة للضغط على الطرف الآخر.

من جانبٍ آخر، استطاع مجلس الأمن تمرير هدنة انسانية لمدة ٣٠ يوماً على كامل الأراضي السورية، ولكن كما أوضح الجانب الروسي فإن هذا القرار لا يشمل تنظيم داعش ولا هيئة تحرير الشام، مما يُعيدنا من جديد إلى عيوب اتفاقيات ”خفض التصعيد“ التي لم ترحم المدنيين في مناطقها بحجّة محاربة التنظيمات الإرهابية فيها. وفعلاً مع صبيحة تطبيق قرار مجلس الأمن عادت الاشتباكات في محيط الغوطة الشرقية إثر محاولات اقتحامها من جانب النظام السوري في مناطق حرستا وجسرين وحزرما، مترافقاً ذلك مع القصف وتحليق الطيران الذي لم يتوقف حتى الآن.

[/fusion_text][/fusion_builder_column][/fusion_builder_row][/fusion_builder_container]

وطن.. بالعين المجردة: معبد عين دارة ضحية أخرى للحرب السورية

وطن.. بالعين المجردة: معبد عين دارة ضحية أخرى للحرب السورية

ضمن ثقافة الحرب وعرفها، لم تكن سياسات إخضاع المناطق وغزوها، وجرائم التطهير العرقي يوماً بالكافية. الحرب لا ترض بما هو أقل من تدمير الهوية التاريخية، شرعنة الأفعال الشنيعة وهدم المجتمعات على رؤوس أبنائها مختزلةً كل ذاك بعاملٍ واحدٍ يقوم على اجتثاث الجذر الأساسي للشعوب وفصلها عن النسيج الأصلي الذي قامت ونبتت فيه.

فالتاريخ الآن عبارة عن كتالوغ مرصوف بتصنيفات تُبنى تبعاً لاندلاع الحروب وسطوتها. قاموسٌ ضخمٌ تتوسع صفحاته باستمرار، يمكن لنا أن نزخرفه وأن نخفف من بشاعته بتنويط الأحرف داخله بموسيقا الطائرات والمجنزرات التي فتكت بأعداد من الضحايا كافية لأن توجد بشرية تبني كوكباً جديداً، هذا القاموس علينا فتحه بين الآونة والأخرى كي نقطع دابر طريقها إلينا.

الحالة السورية لوحدها وخلال السنوات السبع الأخيرة فقط يمكنها أن تُخرج مؤلفاً ضخماً، يحوي أحداثاً يمكن معايرتها وقياس زمن حدوثها بالنانو متر، فليس هناك زمنٌ فاصل بين الحدث والآخر.

بالنسبة لهذا البحث ليس من وظيفته تحليل الأسباب التي جعلت منا شعوباً تصنع أحداثها المفجعة على مدار الساعة. إلا أنني أومن وبشكل مطلق بأن الشعوب لا تتحمل عبء كل ما يجري. “تضييع الهوية التاريخية وتشتيتها جنباً إلى جنب مع تغييب المنهجية العلمية في التعامل مع الحياة والقضايا المصيرية قاد البشر نحو العودة والاستناد إلى الميثولوجيا،”(1) كعامل أساسي يستطيع أن يجيب عن أسئلتها تجاه كل هذه الاستباحة والتهميش الحاصل بحقها. وهذا بدوره سيقودنا إلى نتائج كارثية على كافة المستويات، والتي من شأنها أن تفتك بمقدرات البلد وبتاريخه وارثه الحضاري. اليوم نحن لسنا على تخوم المجزرة، نحن الآن في جوفها، القتل والتدمير هما رواد المرحلة وسياسات التخوين والطعن بالآخر كل ما لدينا. غير آبهين بكل هذه الخسائر والجرائم الحاصلة بحقنا وبحق هويتنا البشرية  بكافة تصنيفاتها. لم تنجُ الرقعة الأثرية من فصول الدمار وأعمال السرقة والنهب  أيضاً، فبات لها أرشيفها الخاص الذي تطول قائمة التدنيس والتخريب المرتكب بحقها. ويبدو بأننا على موعد مع توسيع لهذه الرقعة حتى تغدو ممسدة المساحة لا يشخص منها حجر واحد.

لم يكن تدمير معبد عين دارة أول خساراتنا وللأسف لن تكون الأخيرة. فبحسب التقرير(2) الذي صدر عن (ASOR) حُدد تاريخ استهداف المعبد بتاريخ 22  كانون الثاني/ يناير (الصورة رقم(1. إلا إن الصور والفيديوهات التي شاهدناها وظهرت للعلن انتشرت بعد هذا التاريخ وبشكل أدق بعد التقرير الذي أعدّته وسيلة الاعلام الكردية (ANHA) التي نقلت الحدث من قلب الموقع المدمر في يوم 27  كانون الثاني/ يناير بعد تعرّض المعبد لغارة من قبل الطيران التركي في خضم عملية أطلق عليها “غصن الزيتون” التي بدأت في تاريخ  20 كانون الثاني/ يناير.

الصورة رقم 1: صور جوية للموقع قبل وبعد الاستهداف حيث يحدد المربع الأحمر المنطقة التي تعرضت للضرر (مصدر الصور:  ASOR)

تُذكرنا هذه العملية والترويج لها بالحملات العسكرية في العصور التاريخية القديمة، حيث العمل الدؤوب لإضفاء صفة الشرعية على الحملة التي سيقوم الملك بشنها على الممالك أو المدن الأخرى. فقد لبى (90) ألف مسجدٍ طلب الدعاء لأردوغان في حملته الاخيرة في عفرين وكأننا نرى كهنة معبد إله الحرب (ننجرسو) تبارك المقتلة القادمة وتقدسها. الأهم من ذلك خاصية تأليه الملك التي لا زالت متفشية وجذورها الأولى لازالت متفرّعة وبتوسع كبير. فالتاريخ يجلب لنا الكثير من التفاصيل التي نراها اليوم وكأنها شريط يُعاد ولكن بأدوات جديدة وبنسبٍ تتناسب طرداً مع تطور وسائل القمع والقتل، وعكسياً مع الإرادة الحرة للشعوب.

بالعودة إلى عين دارة فهو موقعٌ جديد يضاف إلى قائمة المواقع التي شهدت الأيام الأخيرة مجزرة بحق الحجارة والقدسية التي وسمت المكان. أحاول في هذا المقال توثيق آثار المعبد ووصف أهميتها التي لن يتسنى للأجيال القادمة للأسف رؤية بعض أجزائه الفريدة التي دُمرت إثر الحملة العسكرية التركية على عفرين والحرب السورية التي أتت على عددٍ كبير من آثار هذه البلاد المنكوبة. كما سأحاول تسليط الضوء على الأجزاء التي تعرّضت للتدمير إثر الضربة الجوية مع التأكيد على عدم كفاية هذا التحليل دون المعاينة المباشرة من قبل آثاريين لتقييم الضرر وتوثيقه ودراسة إمكانيات الصيانة والترميم. وأختتم المقال بالتحدث قليلاً عن زيارة قصيرة للمعبد، لكنها مكثفة في الذاكرة.

موقع عين دارة

يقع في وادي عفرين، الوادي الذي ينحدر في مجراه العلوي من الشمال إلى الجنوب قادماً من دوليشا (عينتاب) ليجتاز موقع تل عين دارة ثم ينحرف نحو الغرب نحو بحيرة أنطاكية. يعتبر هذا الوادي ممراً هاماً يصل سهل أنطاكية بمنطقة عينتاب وبمنطقة حرّان عبر الفرات في البرجيك. وعلى مقربة من عين دارة تقع ممرات متعددة تتجه نحو الغرب وتؤدي إلى ممر بيلان، منفذ سوريا من جهة وإلى الإصلاحية وسنجرلي على سفوح الأمانوس من جهة أخرى، وتعتبر ذات أهمية استراتيجية كبرى حيث كانت تسمح للقادمين من أنطاكية الوصول إلى تل رفعت Arpad)) قديماً وإلى حلب دون المرور من الطريق الجنوبية التي كانت أكثر تعرضأ للهجمات. لذلك فقد جهز هذا الممر بما يحتاج إليه من منشآت دفاعية فنجد أنّ موقع الباسوطة القريب مثلاً كانت محمياً بقلعة محصنة ترجع إلى القرون الوسطى. من المرجح بأن تل عين دارة المرتفع كان محاطاً بسورٍ يرجع إلى العهود البيزنطية أو ربما الهلنستية، وأنّ سوراً كبيراً آخر كان يحميه في العهود القديمة التي سبقت ذينك العهدين(3).  و يقع هذا التل على بعد (40)كم شمال-غرب حلب و(7)كم جنوب مدينة عفرين.(1) على الضفة الشرقية لنهر عفرين، أحد روافد نهر العاصي، نبعُ عفرين الذي أعطى اسمه للمكان ويبعد عنه مسافة (800) م شرقاً. تتميز هذه المنطقة الهضبيّة بوفرة مياهها وبأراضيها الخصبة التي شكلت المقومات الأساسية للبنة الاستيطان البشرية الأولى. يحتل موقع عين دارة موقعاً استراتيجياً هاماً حيث يبعد عن موقع عزازا (A-za-za) الأثري (عزاز حديثاً) مسافة (25) كم شمال شرق، وعلى مسافة (30)كم شرقاً من موقع أرفاد (Arpad)(تل رفعت حديثاً)، عاصمة مملكة “بيت أغوشي” الآرامية (4).

لم يكن الموقع معروفاً حتى اكتشاف تمثال ” الأسد البازلتي الكبير”  في العام 1955، حيث تم العثور عليه مرتمياً على جانبه المنقوش في الجزء الغربي من التل  (الصورة رقم 2). أسطحه تخلو من الكتابات على خلاف الأسد الذي تم اكتشافه في موقع تل أحمر (تل بارسيب قديماً). الذي كُشف لاحقاً عن تل عين دارة الأثري والذي عُدّ من التلال الكبيرة في المنطقة (5).

الصورة رقم 2 : الوضعية التي وجد عليها الأسد

(مصدر الصورة: الحوليات الاثرية السورية، علي أبو عساف).

تبلغ أبعاد التل (125) م باتجاه (شمال- جنوب) و(60) م باتجاه (شرق- غرب) وهو يقع بالقرب من النهر. بينما حددت مساحة المنطقة المنخفضة بـ (270) و(170) م وهي متاخمة للقلعة من جهتي الشمال والشرق. حُدد تاريخ استيطان المنطقة المنخفضة بدءاً من عصر البرونز المتأخر حتى عصر الحديد (II) ( 1200-740)ق.م, أما بالنسبة للتل فلقد حددت سوياته بسبع سويات أثرية بدءاً من عصر البرونز المتأخر حتى الفترة السلوقية (6).

بدأت أعمال التنقيب في الموقع بإدارة المديرية العامة للآثار والمتاحف في دمشق خلال الأعوام (1964-1962-1956) بإشراف فيصل الصيرفي والباحث الفرنسي موريس دونان (Maurice Dunand) (الصورة رقم 3). وبعد فترة انقطاعٍ طويلة عادت التنقيبات خلال الأعوام ( 1981- 1980-1978-1976) تحت اشراف علي أبو عساف، في حين جرى مسح المنطقة المنخفضة بين عامي 1984-1982)) من قبل فريقٍ امريكي بإشراف اليزابيث ستون وبول زيمانسكي.

تمثلت أهم الاكتشافات التي قدمها الموقع باكتشاف المعبد الذي ظهر للعلن خلال سلسة التنقيبات التي قام بها علي أبو عساف خلال الأعوام ( 1985-1980).

المعبد

يشغل المعبد الربع الشمالي من التل ممتداً باتجاه جنوب شرق – شمال غرب. دلّت الدراسات الأثرية بأن المعبد قد بني على ثلاث مراحل استمرت على مدار (550) سنة  (الصورة رقم 3 ).

 

الصورة 3: مخطط معبد عين دارة مع مراحل بنائه الثلاث

(مصدر الصورة: Mirko Novak2010 ).

في المرحلة الأولى تم تشيد المعبد فوق المصطبة الأكثر قدماً، وشهدت المرحلة الثانية إنشاء مصطبة المعبد الحديثة ومجسم المعبد. أما الرواق  (Gallery)الذي وجد خلال أعمال التوسعة الخاصة بالمصطبة فقد أُضيف خلال المرحلة المعمارية الثالثة والأخيرة. وتشير الدلائل بأن المعبد بُني في بادئ الأمر مفتوحاً على الخارج، وهذا الطراز من العمارة يشترك بهذه الخاصية مع عمارة  المعابد الإغريقية المعروفة بالبِريبتِروس((Peripteros  ذات الأعمدة، لكن في المرحلة الأخيرة تم احاطة المعبد وجرى تسيجه بسورٍ خارجي.

ينتمي مخطط المعبد إلى نماذج المعابد المعروفة بـ (( Ante-temple وهي معابد ذات قاعة أمامية سابقة للمصلى، وتُعرف أيضاً بالمعبد البيت.  تنتشر أمثلة مشابهة لهذا النموذج في مواقع المشرق الشمالية و بلاد الرافدين الشمالية أيضاً  كتل خويرة وتل حلاوة، وإيبلا (تل مرديخ) من عصر برونز وسيط ، و إيمار، وإيكلتا (ممباقة) من عصر البرونز الحديث، وكركميش من عصر الحديد. استمر هذا الطراز المعماري كأسلوب مميز في العمارة “اللوفية ـ الآرامية” خلال عصر الحديد.  يختلف نموذج معابد (Ante-temple) بشكل كبير عن نماذج المعابد الآشورية والبابلية من جهة، وعن نماذج المعابد الحثية من جهة ثانية، فهذه المعابد تتميز ببناء داخلي معقد ذو باحة مركزية وعدة غرف إضافية بجانب المصلى.

بني المعبد فوق مصطبة ذات ارتفاع (1.80) م غطيت واجهاتها بلوحات بازلتية حفرت بزخارف لأبي الهول والسباع الرابضة. يبدو بأن هذه المصطبة كانت في الأصل جزء من ساحة مقدسة واسعة تمتد باتجاه الجنوب والجنوب الشرقي. رُصفت هذه الباحة بشكل متناوب بألواح البازلت والحجر الكلسي، وُجد فيها حوض حجري محفوظ بشكل جيد على بعد (14)م جنوباً من زاوية المعبد الشرقية، يُعتقد بأنه قد استُخدم للتقدمات الخاصة بالسوائل. يتم الدخول إلى مصطبة المعبد عبر مدرج حجري عرضه (11)م مؤلف من أربع إلى خمس درجات من الحجر البازلتي المزنرة بالضفائر. تُظهر الصور الحديثة للموقع والملتقطة بين 27 و 29 من شهر كانون الثاني 2018 بعد استهدافه بغارة جوية تركية،  بأنّ الدرجات لاتزال قائمة في مكانها ويبدو بأنها تحتفظ بملامحها الأساسية التي وجدت عليها مع بعض التخريب والانكسارات التي لا يمكن تحديدها بشكلٍ دقيق دون معاينة مباشرة من قبل أخصائيين. بينما بيّن تحليل الصور الفضائية للموقع تعرّض الجزء الجنوبي والجنوبي الشرقي من الواجهة للدمار، ونتج عن الاستهداف تهشم وتحطم التماثيل التي كانت تشكل واجهة المعبد في الجهات الخارجية المذكورة.

بالنسبة لمدخل المعبد فيتألف من كوة واسعة في الجهة الجنوبية الشرقية ذات دعامتين، يدل وجود قاعدتين دائرتين بازلتيتين على احتمالية وجود أعمدة خشبية بين الكوة والسقف مغطيةً بذلك الكوة. ومن هذه الكوة ننتقل إلى أجزاء المعبد الداخلية حيث القاعة السابقة لقدس الأقداس (غرفة ماقبل المصلى أو Antecella) مستطيلة الشكل وبعمق ((6.55 م. ننتقل منها إلى القاعة الرئيسة قاعة قدس الأقداس “المصلى”  ( (Cella مربعة الشكل بأبعاد ( (16.70 x16.80 م (الصورة رقم 4).

الصورة رقم 4: مشهد للمعبد من الجهة الجنوبية

(مصدر الصورة: Mirko Novak2010 ).

لقاعتان مرصوفتان بألواحٍ من الحجر الكلسي. يُشير التقرير الذي نشره مؤخراً مرقاب التراث الثقافي الصادر عن المدرسة الأمريكية للبحوث الشرقية  (ASOR)إلى تعرض كل من القاعة الأمامية والقاعة الرئيسة للدمار (الصورة رقم 5).

الصورة رقم 5: المعبد محدد بمربع أحمر يحدد المساحة التي تأثرت جراء الاستهداف

 (مصدر الصورة تقرير ASOR 2018).

أما العتبات فقد شكلت من كتلٍ من الحجر الكلسي، اثنتان منها غطت مدخل قاعة ما قبل قدس الأقداس، وعتبة واحدة غطت مدخل القاعة الرئيسة. حملت الأولى طبعات قدمين كبيرتين متوازيتين وأبعادها ((97×35 سم، في حين غطت الثانية طبعة لقدم اليسار وبنفس القياس تقريباً، العتبة الثالثة حملت طبعة للقدم اليمنى. تعتبر طبعات الأقدام من التصاوير الفنية النادرة في منطقة الشرق الأدنى القديم. بالنسبة لهذه الطبعات في الوقت الحالي تشير المعلومات والمعاينة النظرية للصور الملتقطة للموقع إلى تعرّض هذه الأرضيات للتخريب بشكلٍ شبه كامل، يبقى ذلك غير مؤكد قبل إجراء عمليات التقييم المباشرة من قبل الاختصاصين (الصورة رقم 6).

الصورة رقم 6: درجات المعبد قبل وبعد الاستهداف بغارة جوية تركية.

(مصدر الصورة: Hawar News; January 27, 2018 وتقرير ASOR 2018).

 

طبعات الأقدام

شغلت طبعات الأقدام (7) المحفورة في معبد عين دارة الباحثين كونها من التصاوير الفنية النادرة في منطقة الشرق الأدنى القديم والأمثلة عليها نادرة جداً (الصورة رقم 7). إلا أنه تم العثور على ما يأتي على ذكرها ويعود تاريخ أقدم هذه الشواهد إلى عصر البرونز حيث تم العثور في موقع تل براك الأثري* على أختام اسطوانية يعود تاريخها إلى (3300-3050) ق.م. تصور هذه الأختام “زوجاً من الأقدام العارية تلتف عليهما أفعى”. قدمت الباحثة إديث بورادا (Edith Porada) تفسيراً بأنّ دلالة التصوير تهدف إلى التنويه والتحذير من ترك القدمين من دون حذاء. في حين رجح بعض الباحثين على أنّ سلوك انتعال القدم أو خلوها من الحذاء مرتبط بالمكانة الاقتصادية والاجتماعية، ووفقاً لهذا التفسير فإن الحذاء يرمز للفروقات الطبقية وقد عثر على ما يشبه ذلك في النصوص المقدسة. وفي روايةٍ أخرى عندما واجه موسى العليقة المشتعلة ناداه صوتٌ عند محاولته الاقتراب منها “لا تدنُ إلى هنا، اخلع نعليك من رجليك، فإن المكان الذي أنت قائم فيه هو أرض مقدسة” (سفر الخروج: 5:3) ويستمر الرب ويعيد طلبه. فُسر هذا الطلب من قبل رجال الدين بأن الأرض ملكٌ للرب، مكرسةٌ له، حيث أنّ ارتداء النعل على أرض معينة يعني في التقاليد العبرية الامتلاك. الضيف عندما يدخل يخلع من قدميه كرمز إلى أنه ضيف سلام.  وعلى ما يبدو فإن هذه الروايات مستقاة من نصوص مدينة نوزي (يورغان تيه الواقعة جنوب شرق مدينة كركوك)  حيث جاءت بعض النصوص على ذكر ظاهرة الانتعال أو عدمه وربطها بخاصية الاستحواذ والامتلاك أو التنازل.

وإذا ما وسعنا دائرة البحث خارج نطاق منطقة الشرق الأدنى القديم باتجاه ثقافات أخرى، فسنجد بأنّ معبد عين دارة لم يكن المكان الوحيد الذي احتوى هذا النوع من التصاوير. فلقد جسدت طبعات أقدام بوذا في الأحجار تاريخاً طويلاً في حياة الهند ومنطقة جنوب شرق أسيا، وظهرت بأشكال ودرجات متفاوتة في التعقيد. أكثر الأدلة قدماً تلك التي تعود إلى ( القرن الأول ق.م) القادمة من “” Tirat والمحفوظة في متحف ” Swat “. حيث تمثل طبعات نحتت بطريقة قريبة من الطبعات الواقعية التي قُدست بتقديم ممارسات السجود إليها. وفوق قمة آدم في (Samanala) في سيرلانكا طبعة قدم نادرة وهامة وذلك لدلالتها الرمزية والمشتركة ما بين أربع ديانات. فالهندوسية قدستها باعتبارها طبعة قدم شيفا (shiva) آلهة الخلق، في حين نسبها البوذيين إلى بوذا. أما مسيحيو سيرلانكا فنسبوها يجدون بها طبعة قدم  القديس توما (St. Thomas) المبشر الذي أدخل المسيحية إلى سيرلانكا، بينما ينسب المسلمون طبعة القدم إلى آدم أثناء وقوفه على قمة الجبل بزمن قدره ألف سنة (كتكفير عن الذنوب).

الصورة رقم 7: العتبات الحجرية في مدخل المعبد وتظهر عليها طبعات أقدام محفورة.

 (مصدر الصورة: مايكل دانتي، حزيران 2010)

المنحوتات:

كان عدد منحوتات الواجهة ست منحوتات  وهي عبارة عن زوج من أشكال أبي الهول على جانبي الدرج أحدهما ملتفت نحو اليمين والآخر نحو اليسار وخلف كل واحد زوج من السباع متقابلان يلتفان كذلك يمنة ويسرى (الصورة رقم (8-9. لأبي الهول رأس فتاة وجسد أسد ذي جناحين، الشعر طويل ومرفوع نحو الخلف تبدو منه عقيصتان على جانبي العنق، المفاصل بيضوية ليس لها الشكل الحقيقي (الصورة رقم 10). تبرز هنا خاصية الايجاز الشديد في تفصيل العناصر التشريحية. يختلف أبي الهول عن الأسد في كون الأول مجنح بينما الأسد غير مجنح، ومُثل الأسد وهو يزأر. كوّنت هذه المجسمات لوحات الواجهتين الجانبيتين والواجهة الخلفية والمصطبة ومدخل الرواق وعددها (72) منحوتة. يكمن الاختلاف بأنّ منحوتات الواجهة صُورت بحجم أكبر وزيادة بأعداد المخالب لأسبابٍ ربما تتعلق بتكثيف الاحساس بالرهبة والخشوع قبل الدخول إلى المعبد (8).

الصورة رقم 8: تمثل الأسود الرابضة في واجهة المعبد وواجهة المصلى.

(مصدر الصورة: علي أبو عساف- 1990).

الصورة رقم 9: تمثل الأسود الرابضة وأبو الهول في واجهة المعبد

(مصدر الصورة: موقع Archaeology in Syria ).

الصورة رقم 10: نحت لأبي الهول.

 (مصدر الصورة: علي أبو عساف- 1990).

حددت منحوتات الرواق فقط في كل من جانبيه ب( (30منحوتة لم يبق منها غير كسرٍ جاثمة فوق قواعدها أو متناثرة فوق الرواق، ويبدو أن هذا التشابه يقصد به عدم اظهار الاختلاف بشكل جلي. زين محراب المنصة بمجموعة من القطع البازلتية سماكتها أكبر من سماكة الألواح الأخرى عددها سبعة، احتوت خمس منها على عنصرٍ نقشي مشترك ُيصور إله الجبل بلحيةٍ طويلة ويرتدي تاجاً ذي قرون، في حين تنوّع مرافقيه بين مخلوقات مركبة وتجسيد الثور  (الصورة رقم 11).

الصورة رقم 11: منحوتات تصور إله الجبل ومرافقيه

( مصدر الصور: علي أبو عساف، 1990)

تمثلت درّة المنحوتات بلوحةٍ من البازلت مشوهة في بعض أجزائها، عُثر عليها في الحافة الجنوبية الغربية للجدار الواقع بين القاعة الرئيسة والقاعة الأمامية السابقة لها. يجسد النحت صورة لامرأة (تمثل عشتار) ملتفتة باتجاه اليمين، ترتدي معطفاً طويلاً ذي حزام وفتحة في جزئه  السفلي. الساق اليمنى جرى تغطيتها بينما اليسرى صُورت دون غطاء إلى جانب تجسيد العضو الأنثوي الذي صور فوق الغطاء. رأسها وكتفيها (الكتف الأيمن) غير محفوظين بشكل جيد. تبرز السهام من كتفها الأيسر، الجعبة خلف ظهرها وهي تمسك سلاحاً بيدها اليمنى في حين تمسك باليسرى عصىً ظاهرها مزوق بصفوف من الدوائر والخطوط المنكسرة وداخلها مقسم إلى حقول (الصورة رقم 12). ومن المنحوتات الهامة ايضاً منحوتة تجسد رأس امرأة ترتدي تاجاً يطغى على الوجه له قرنان وعروة خماسية يزينه شريط من الورود (الصورة رقم 14).

الصورة رقم 12: منحوتة عشتار

مصدر الصورة: دراسة ميركو نوفاك نقلاً عن اورتمان، (1993)

الصورة رقم 13: نحت لرأس امرأة

( مصدر الصور: علي أبو عساف، 1990)

تُظهر الصور الواردة  من الموقع بعد استهدافه أنّ قاعدة مسلة عشتار الموجودة في صدر المعبد (في الجهة الشمالية منه) قد نجت من التدمير. لكنّ السطح الخارجي للمسلة متضرر بفعل العوامل الجوية عبر الزمن.

 المواضيع الأخرى المنقوشة

بالإضافة إلى النقوش السابقة تضمنت المنحوتات النافرة تمثيلاتٍ متنوعة كضفائر زخرفية، الشجرة المقدسة، الانسان الجالس على كرسي وهو يمثل بلا ريب إلهاً يستعد لاستقبال القرابين والهبات، عملاقاً وهو يروض ثوراً إلى جانب الكثير من المواضيع. ويبدو بأنّ المعبد كان يجمع في مواضيعه النحتية والتشكيلية بين أمرين: أولهما يكمن في تكريس صفة الالوهية ورمزيتها المشتركة بين أغلب مناطق الشرق الأدنى القديم من تصوير الأسود التي رأيناها مسبقاً في ملاحم بلاد الرافدين والأناضول إلى جانب وادي النيل، وبين استنباط العديد من المواضيع الزخرفية من البيئة المحلية التي وجدت ورسخت من الطابع القدسي للمنطقة. من الأمثلة على هذه المواضيع: الإله الموجود في أنصاب عين دارة حيث جُسد كإله الشمس الذي يظهر من وراء الجبل أو على الأرجح بأنه إله الجبال. ويؤيد ذلك ما نجده في أختام بلاد الرافدين حيث نرى قرص الشمس يظهر خلف الجبال بعد أن يفتح له تابعوه باب الليل على مصراعيه الكبيرين. ويوجد ما يشبه هؤلاء الجن الذين يساعدون إله الشمس في اللوحتين المكتشفتين في تل حلف مثلاً، حيث مُثل عليهما جنيان ملتحيان بجسد ثور ويحملان قرص الشمس المجنح كما في اللوح الجميل المحفوظ في متحف حلب. أما الجنيين المجنحين هنا فلهما شكل انسان وغير ثابتين بل يتحركان ويركضان ليرافقا الشمس في حركتها. سواء تم الأخذ بتحديد الإله بأنه إله الجبال (تيشوب) الذي يقوم هو وتابعوه بمساعدة إله الشمس وهو غير ظاهر فإنه يمكننا ربط فكرة التابعين في أنصاب عين دارة وفي نصبي تل حلف جميعها بفكرة دينية .

كما تميزت هذه المنحوتات أيضاً بتشاركها مع منحوتات بوغازكوي (حاتوشا) عاصمة الإمبراطورية الحثية الواقعة في شمالي وسط الأناضول التي لا تبعد عنها كثيراً، وتمثالها من حيث أسلوب دمجها كعنصر معماري وفني بالإضافة إلى طريقة النحت بشكل نافر وهذا ما أدى إلى سهولة تفتتها وانفصال أجزائها عبر الزمن. ويُعبتر هذ الأسلوب النحتي والمعماري من الأساليب الشائعة ومن المميزات الأساسية للفن الحثي إلى جانب استدارة المخالب الذي سمح بالتأريخ رغم عدم العثور على أية كتابات في مواقع عين دارة. فقد جرى تقريب تأريخ هذه المجموعات بالمقارنة مع مكتشفات المواقع المجاورة في تل طعنات، سنجرلي،  كركميش، والباب الكبير في ملاطية. ولا بد من الإشارة بأنّ اكتشاف معبد إله الطقس حدد في قلعة حلب على يد البعثة السورية -الألمانية المشتركة بين عامي (1996 -2004) قد لعب دوراً كبيراً في تحديد الفترة التي تم خلالها تشييد المعبد نظراً للتشابه الكبير من حيث المواضيع وأساليب النحت، إضافة إلى التشابه الكبير بين قاعة قدس الأقداس في عين دارة ومعبد حدد في قلعة حلب.

نهايةً لا بد من التذكير بأنّ خاصية وجود حرم كبير يقوم على مصطبة تحيط به وتتجاوز أطرافه كان نمطاً معمارياً شائعاً في معابد بلاد الرافدين وشمالي سوريا في فترة الألف الرابع والثالث قبل الميلاد، وفي هذا الخصوص يمكننا العودة لدراسات عالم الآثار العراقي نائل حنون ((9. كان لهذه المصطبة في معبد عين دارة وظيفتان الأولى معمارية والثانية مبنية لتحمي الحرم وتزوده بالحراسة اللازمة عن طريق الأسود والسباع.

أخيراً أود أن أشير بأنّ أعمال التنقيب في موقع جنديرس القريب من معبد عين دارة التي كان لها الفضل بتعريفي على المعبد. كان ذاك في صيف العام 2008 خلال رحلة التنقيب بإدارة الدكتور عمار عبد الرحمن.

زيارة معبد عين دارة

مجرد زيارةٍ قصيرة للمكان كانت كفيلةَ باستباحة التفكير والسيطرة عليه من قبل تلك المجسمات والتماثيل الشاخصة التي  كانت تتشبث به وتحمي ما تبقى منه. للوهلة الأولى شعرت أن وظيفة هذه المنحوتات مازالت تعطي نتائجها حتى ولو بعد ثلاثة آلاف عام.

لأول مرة أجد في نفسي رغبةّ عميقة للصلاة، فلهالة الأنصاب الضخمة وروعة المنحوتات ما يوحي بالقداسة، وذلك  على الرغم من تلاشي العديد من تفاصيلها وزخارفها التي غاب أغلبها، إلى جانب أن بعض المنحوتات كانت مهشمة الرؤوس والأطراف السفلية.

 بالنسبة لنا خسارة اليوم لم تكن وليدة اللحظة وإن كانت أفدحها. فعند الدخول والمرور في حرم المعبد والتمعن بالوضع الذي آل إليه آنذاك جرّاء الإهمال أدركتُ حجم الانكسار والفاجعة التي حلت بمنحوتاتٍ لا تقل شأناً عن أهالي هذه البلاد. أما كانت هذه الآثار الفريدة لتستحق أن تُحفظ وتقوم في متاحف تُقدر قيمتها؟ للأسف باتت ذاكرة هذه البلاد عرضة للاستباحة والتدمير والتجارة من كل حدبٍ وصوب. إلا أنّ هذه البلاد لا تنسى ولا تُمحى ملامحها قطعاً فمازالت تحتضن في سوياتها ما يشهد ويفوق كل هذه الأدوات البشعة والوحشية التي تسعى لاجتثاثها وسلخها عن نسيجها الأصلي.

الهوامش:

1اندرسن، بندكت. الجماعات المتخيلة ( تأملات في أصل القومية وانتشارها)- ترجمة ثائر ديب، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2014.

2توثيق الأضرار تم بالاعتماد على الدراسات الحديثة التي قام بها  المعهد الأمريكي للدراسات الشرقية (ASOR) : UPDATE: Ain Dara

والتقرير الذي أعدته وكالة أنباء هوار: طائرات الاحتلال التركي دمر تل عين دارة الأثري

والتقرير الذي أعدته شبكة كوردستان 24:

 WATCH: Turkish shelling destroys iconic Iron Age temple in Syrian Kurdistan

3الصيرفي، فيصل؛ كيريشيان، آغوب؛ ودونان، موريس: الحوليات الأثرية السورية (حفريات أثرية في عين دارة) العدد الخامس عشر 1965.

Novak, Mirko. The Temple of Ain Dara in the Context of Imperial   –4

And Neo-Hittite Architecture and Art. “Temple Building and Temple cult.” Proceedings of a Conference on the Occasion of the 50th Anniversary of the Institute of Biblical Archaeology at the University of Tübingen (28 – 30 May 2010), Band 41, (41-50).

5الصيرفي، فيصل: الحوليات الأثرية السورية (الموسم الأول في عين دارة) العدد العاشر 1960.

6Oxford Encyclopedia of ancient Near East, (Ain Dara)  Oxford university 1997-7  Volume 1, (38-37)

7 لمعرفة أكبر عن الموضوع يمكن الرجوع للمقالة:  The Riddle of  Ishtar’s Shoes: The Religious Significance of the  Footprints  at ‘Ain Dara from Comparative Perspective ” THOMAS, Paul brain”.

8أبو عساف،علي: فنون الممالك القديمة، دار شمأل، 1993.صـ 185-181-180

9حنون، نائل: مهد الحضارة ” خصائص عمارة المعابد في عصر اوروك الأخير وجمدة نصر” المديرية العامة للآثار والمتاحف- العدد (9-8) صـ 26

طباخ بوتين زار حميميم ووعد بـ ‘مفاجأة سارة’… فقصفت واشنطن مرتزقته

طباخ بوتين زار حميميم ووعد بـ ‘مفاجأة سارة’… فقصفت واشنطن مرتزقته

عدد «المرتزقة» الروس الذين قتلوا في غارة أميركية في دير الزور قبل أسبوعين تجاوز كثيراً ما أعلن رسمياً في موسكو، وسط أنباء عن مقتل 150 منهم، يعملون ضمن «مجموعة فاغنر» المرتبطة برجل الأعمال يفغيني بريغوجين المقرب من الرئيس فلاديمير بوتين ويعرف بأنه «طباخ بوتين».

وكان لافتا أن بريغوجين أبدى اهتماماً بحقول النفط والغاز شرق نهر الفرات قبل أشهر من سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» الكردية – العربية المدعومة من التحالف الدولي بقيادة أميركا، ذلك بموجب اتفاق وقعته إحدى شركات بريغوجين مع الحكومة السورية لاستعادة حقوق النفط والغاز مقابل الحصول على ربع عائداتها.

وبحسب مسودة الاتفاق وشهادات ووثائق حصلت عليها «الشرق الأوسط»، فإن بريغوجين زار قاعدة حميميم وفاوض مسؤولين في وزارة النفط في دمشق لتوقيع عقد تعاون، حيث أبدى اهتماماً بمصادر الطاقة وخصوصاً النفط والغاز والمصانع والأنابيب والمنشآت المخصصة لذلك.

وبعد الغارة الأميركية ليل 7 – 8 فبراير (شباط) الحالي، نقلت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية عن تقارير استخباراتية أن هجوم «مجموعة فاغنر» جاء بعد حصول بريغوجين على «ضوء أخضر» من مقربين من الكرملين في 24 الشهر الماضي وقوله لمقرب من الرئيس بشار الأسد نهاية الشهر إن «مفاجأة طيبة» ستحصل، ربما في إشارة إلى هجوم كان يعد له «المرتزقة الروس» ضد حلفاء واشنطن شرق سوريا بين6 و 9 الشهر الحالي.

زائر في حميميم

وقال لـ«الشرق الأوسط» رجل أعمال سوري التقى بريغوجين في قاعدة حميميم مرتين على الأقل، إن رجل الأعمال الروسي جاء إلى القاعدة بطائرة خاصة كان يرتدي لباساً مدنياً وسترة عسكرية وأنه بدا وكأنه «يعامل الضباط الروس بفوقية لافتة، فجميعهم كانوا يخافون منه وينفذون تعليماته بدقة عالية». وأشار إلى أن اللقاءين اللذين حصلا قبل أشهر أظهرا «عزمه ونيته السيطرة على حقول النفط والغاز في سوريا وأنه مستعدة للتعاقد لتشغيل حقول النفط والغاز». وقال آخر إن بريغوجين «عرض توقيع اتفاقات تعاون مع فصائل وميلشيات للعمل سوية بغية السيطرة على حقول نفط وغاز وطرد المعارضة أو (داعش) منها». وكانت سوريا تنتج 360 ألف برميل يومياً وانخفض الإنتاج إلى 50 ألف برميل كانت خاضعة لسيطرة «داعش» مع تعاون أمر واقع مع دمشق وأطراف أخرى. لكن صراعاً ظهر مع بعض القوى الخارجية والمحلية للسيطرة على مصادر الثروة بعد طرد «داعش» منها.

وبموجب تفاهم بين واشنطن وموسكو في مايو (أيار) الماضي، ذهبت مناطق شرق نهر الفرات إلى أميركا وحلفائها وغرب النهر إلى روسيا وحلفائها. وباعتبار أن الجانب الروسي كان حذرا من تكرار تجربة أفغانستان قرر عدم إرسال قوات برية واعتمد على ميليشيات تابعة لإيران وقوات الحكومة السورية وشرطة عسكرية من الشيشان، إضافة إلى شركات خاصة من المرترقة.

وهنا برز دور شركة أمنية خاصة تعمل في سوريا بموجب عقد مع وزارة الدفاع الروسية تحمل اسم «فاغنر» شبيهة بشركة «بلاك ووتر» الأميركية التي ذاع صيتها بعد حرب العراق عام 2003. و«فاغنر» تأسست على يد العميد السابق في الجيش الروسي ديمتري أوتكين الذي يخضع لعقوبات أميركية لدور الشركة في تجنيد الجنود الروس السابقين للقتال في شرق أوكرانيا. وقائد «مجموعة فاغنر» من المقاتلين السابقين في الدونباس شرق أوكرانيا، كان يعرف باسم «فاغنر» وكانت أولى مشاركاته في المعارك السورية في 2013. بحسب «رويترز». وسجل مقتل مكسيم كولغانوف في فبراير 2016 خلال معارك قرب حلب وبعدها بفترة قصيرة مات سيرغي موروزوف في المستشفى بعد إصابته خلال المعارك قرب مدينة تدمر. وقالت «رويترز» إنه «تم منح موروزوف وكولغانوف الأوسمة التي يتم منحها لجنود الجيش الروسي وشهادات موقعة من الرئيس بوتين تقديرا لتضحياتهم في سبيل وطنهم».

بعد ذلك، عاد إلى شرق أوكرانيا ليقود مجموعة من المقاتلين الروس، لكن سرعان ما عاد إلى سوريا بعد التدخل العسكري الروسي في سبتمبر (أيلول) 2015، وأصبحت شركة كبيرة وصل عدد عناصرها إلى 1500 عنصر. وهناك من يتحدث بأن عدد المقاتلين فيها بين 2500 و3000 عنصر. وشوهد أوتكين خلال مأدبة عشاء أقامها بوتين في 9 ديسمبر (كانون الأول) 2016 لقدماء و«أبطال» الجنود الروس.

وليس للمجموعة أي وجود قانوني خصوصا أن الشركات الأمنية الخاصة محظورة في روسيا، لكن موقع «فونتانكا» أفاد بأنه حتى صيف 2016 كان معسكر تدريب «فاغنر» يقع في مولكينو قرب كرازنودار جنوب روسيا، في الموقع ذاته حيث تتمركز كتيبة للقوات الخاصة والاستخبارات العسكرية الروسية.وبحسب وسائل إعلام روسية، فإن «مجموعة فاغنر» ممولة من يفغيني بريغوجين وهو رجل أعمال من سان بطرسبورغ ويلقب بـ«طباخ بوتين» بعد أن جمع ثروة من نشاط في المطاعم وحصل على عدة عقود من الجيش الروسي. ونقل رجل أعمال سوري أن بريغوجين أبلغه بأنه يعرف الرئيس بوتين من خلال عمل في الاستخبارات.

وبرز دور «فاغنر» في معركة تحرير تدمر في مارس (آذار) 2016، كما كلفت المجموعة بإسناد القوات النظامية السورية ميدانيا. غير أن أسبوعية «سوفيرشينكو سيكريتنو» (سري جدا) قالت إن مهمة «المرتزقة» تغيرت. وباتت مهمتهم تتمثل في «حراسة المنشآت النفطية». وأسس بريغوجين عام 2016 منظمة أخرى أطلق عليها «يورو بوليس» في منتصف عام 2016، وتتمثل مهمتها في استعادة ومراقبة المنشآت النفطية لحساب السلطات السورية.

«حصة الأسد» للروس

وفي مطلع العام الماضي، جرت مفاوضات بين وزارة النفط السورية وشركة «يوروبوليس» الروسية. وحصلت «الشرق الأوسط» على مسودة الاتفاق، التي تقع في نحو 45 صفحة بينها 17 مادة تنفيذية، ضمت التعاون لـ«تحرير مناطق تضم آبار نفط ومنشآت وحمايتها» مقابل الحصول على حصة من الإنتاج خلال فترة خمس سنوات. وذكرت المسودة أن «إنتاج النفط والغاز يذهب بنسبة 25 في المائة إلى يوروبوليس و75 في المائة للحكومة ممثلة بوزارة النفط» وأن الأشخاص المخولين من الحكومة «يمكن لهم الدخول لمناطق العقد والتشغيل، على أن يخصص المشغل مبلغ 50 مليون دولار أميركي سنوياً لـ(التدريب الخارجي)». كما نصت على إعفاء «يوروبوليس» من جميع الضرائب بما فيها المتعلقة بالإنتاج والأرباح والضريبة على الدخل. وزادت: «تدفع الحكومة العمولة في نهاية كل شهر آخذين في الاعتبار كلفة الإنتاج»، إضافة إلى إمكانية «تعاون الطرفين» في مناطق خارج تلك المشمولة في العقد «لكن أي اتفاق بين الشركة السورية للنفط ويوروبوليس يجب أن يحظى بموافقة وزير النفط».

وبحسب معلومات متوفرة، فإن مدير الشركة السورية للنفط علي عباس تحفظ على الاتفاق وإن كانت الحكومة سمحت بعد 2011 بالتعاون مع شركات خاصة لحماية مشتقات النفط والغاز. وبعد السيطرة على حقل الشاعر للغاز قرب حمص، طالبت الشركة بحصتها من الإيرادات. كما أنها سعت للسيطرة على حقول الفوسفات قرب حمص، كانت طهران ودمشق وقعتا اتفاقاً للاستثمار فيها ضمن مذكرات تفاهم بين الطرفين تناولت أيضا الهاتف النقال وإقامة ميناء للنفط غرب البلاد. وأكد قيادي ميداني لـ«الشرق الأوسط» تسجيل مواجهات عدة بين عناصر «فاغنر» التي تنفذ اتفاقات «يوروبوليس» من جهة وموالين للنظام سواء كانوا من عناصر الجيش والاستخبارات أو الميلشيات و«أمراء الحرب» من جهة ثانية.

وإذ لعب التحالف الدولي بقيادة أميركا دوراً في طرد «داعش» نهاية العام الماضي من «كونوكو» أهم معمل لمعالجة الغاز في البلاد كانت تبلغ قدرته 13 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي في اليوم الواحد ومن حقل «العمر» الذي وصل إنتاجه إلى ثلاثين ألف برميل يومياً، فإن بريغوجين الذي كان أبدى اهتمامه بهما عبر التفاوض في منتصف 2017 واصل التعبير عن رغبته بالسيطرة عليهما.

وبحسب مسؤولين في «قوات سوريا الديمقراطية» ودبلوماسيين غربيين، فإن قافلة ضمت عربات ونحو 300 عنصر بينهم عشرات «المرتزقة» الروس تقدمت في 6 فبراير نحو موقع «قوات سوريا الديمقراطية» في معمل غاز «كونوكو» الذي يبعد 8 كيلومترات فقط عن خط التماس – نهر الفرات. بين الطرفين. وقال مسؤول رفيع إن ضابط الارتباط في الجيش الأميركي أبلغ نظيره الروسي عبر الخط المفتوح بموجب اتفاق منع الصدام ضرورة وقف تقدم الميلشيات، لكن الجانب الروسي أبلغه بأن لا معلومات لديه عنه. وقتذاك، استهدفت قاذفة أميركية القافلة ودمرت دبابة وعشرات العناصر وقتذاك عاد الضابط الروسي وطلب من الجانب الأميركي إجلاء الجرحى وجثث القتلى.

أعلنت واشنطن عن الغارة وسقوط عشرات القتلى. موسكو نفت حصول ذلك بداية، لكنها أكدت لاحقاً مقتل «خمسة روس»، مؤكدة أنهم لا ينتمون إلى الجيش الروسي. وكان بين القتلى فلاديمير لوغينوف الذي أعلن مقتله في 12 فبراير وكيريل أنانييف الذي ينتمي إلى منظمة «دروغايا روسيا» (روسيا أخرى) التي كان أسسها الكاتب القومي المتشدد إدوار ليمونوف.

يشار إلى أن بريغوجين أدرج على قائمة العقوبات الأميركية لعلاقته بشركة مقرها سان بطرسبرغ متهمة بإعداد «المتصيدين» عبر الإنترنت و«التدخل في النظام السياسي الأميركي». وتحدثت صحف روسية عام 2014 عن «مصنع المتصيدين»، مؤكدة أنه يملك آلاف الحسابات الوهمية على شبكات التواصل التي استحدثت في الأساس للتأثير على السياسة الداخلية ثم وُجهت عام 2015 لاستهداف الرأي العام الأميركي.

وقدرت المجموعة الإعلامية الروسية (آر بي كي) في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي أن نحو تسعين شخصا يعملون في «القسم المكلف الولايات المتحدة» داخل ذاك «المصنع». وشركة «يفرو بوليس» أو «أفرو بوليس» على قائمة العقوبات الأميركية منذ يناير (كانون الثاني). وأكدت واشنطن أنها عاقبت هذه الشركة لأن بريغوجين «يملكها ويسيطر عليها».

وبحسب خبراء، فإن الغارة التي قتل فيه روس هي أول مواجهة مباشرة بين الطرفين منذ عقود. واختلفت تقديرات القتلى الروس، ففي حين قال مصدر روسي إن القتلى بين 150 و160 شخصا، قال قيادي عسكري: «شاهدت الغارة على شاشة مباشرة من غرفة العمليات بين التحالف وقوات السورية الديمقراطية، كان هناك أكثر من 260 قتيلاً يمكن القول إن 90 في المائة منهم كانوا من المرتزقة الروس».

وربط مراقبون بين قرار الرئيس بوتين إرسال مقاتلين من طراز «إس يو – 57» إحدى طائرات الجيل الخامس إلى قاعدة حميميم الاثنين الماضي والتصعيد الثنائي بعد المواجهة العسكرية المباشرة بين الأميركيين والروس من عقود، إضافة إلى أن القرار الروسي جاء بعد قصف طائرات إسرائيلية مواقع إيرانية وسوريا قرب حمص وسط البلاد.

عقد في المياه الإقليمية

إضافة إلى اهتمام موسكو بالنفط والغاز في وسط سوريا وشرقها، أفيد قبل أيام بتوقيع اتفاق ضخم بين دمشق وشركة «سويوز نفتا غاز» الروسية للتنقيب عن النفط والغاز في المياه الإقليمية غطى مساحة 2190 كيلومترا مربعا. ويمتد العقد، وهو الأول من نوعه للتنقيب عن النفط والغاز في المياه السورية، على مدى 25 عاما حيث إن كلفة التنقيب والاستكشاف تبلغ مائة مليون دولار. وقال مسؤولون في وزارة الدفاع إن الشركة «ستباشر فورا تنفيذ العقد، متجاوزة العقوبات الاقتصادية الجائرة ضد قطاع النفط». وباشرت الشركة الروسية العملاقة للتنقيب عن النفط والغاز بحفر منطقة الآبار مقابل شاطئ اللاذقية، وكانت تركيا تعترض على الأمر سابقا لكن روسيا أقنعت تركيا بالابتعاد وعدم طلب أي شيء من الغاز والنفط في المياه الإقليمية السورية قرب القاعدتين الروسيتين في اللاذقية وطرطوس غرب سوريا.

وستنال الشركات الروسية 20 في المائة من مدخول ربح النفط والغاز فيما ستحصل سوريا على 75 في المائة من أرباح النفط والغاز. وقال خبراء في مجال النفط إن الاستثمار في هذا العقد «له بعد سياسي أكثر من البعد الاقتصادي، وإن الإفادة تتطلب استثمارات كبيرة و10 سنوات».

تم نشر هذا المقال في «الشرق الأوسط»