حرمت الحرب السورية الكثير من السوريين الأكاديميين من الحصول على فرص عمل في اختصاصاتهم الجامعية، وذلك بسبب ارتفاع حصيلة البطالة وتأثير النزاع على سوق العمل الذي شهد تحولات كبيرة ومهن جديدة فرضت نفسها. هذا الواقع أدى إلى لجوء العديد من الشباب والشابات إلى خيار أعمال لا تليق بدرجتهم العلمية، لتتحول شهادات خريجي الجامعات إلى إطار خشبي معلق على جدران المنزل، كوثيقة رسمية تدل على أن هذا المنزل يحتضن جامعي برتبة عاطل عن العمل.
مجالسة الأطفال وكبار السن
في منشور مطول على أحد مجموعات موقع “فيس بوك” يدرج عمر (25 عاماً) خبراته المتعددة في مجالسة الأطفال وكبار السن، إلى جانب 5 سنوات خبرة في أعمال التنظيف مركزاً على الأمانة في العمل مع الإشارة إلى ميزة الابتسام وحس الفكاهة لديه كأداة للتسويق وجذب زبائن. يقول الشاب (خريج رياضيات): “وجدت فرصتي بالبحث عن عمل عبر السوشيال ميديا التي لا يمكن تجاهل أهميتها، لمجرد أن يسألني أحد عن أجرتي اليومية، أرسل إليه رسالة مفصلة مكونة من 8 بنود أشرح فيها عن قدراتي الخارقة في التنظيف والعناية بكبار السن والانتظام بمواعيد الأدوية والاهتمام بالأطفال، بالإضافة إلى إمكانية العمل ضمن نظام الساعات والراتب الشهري، مع أسعار مناسبة جدا أقل من غيري بكثير.”
يحاول عمر توسيع دائرة مهامه كي يظفر دوماً بفرصة عمل، حيث يعرض خدماته في شراء حاجيات الأسرة والطبخ وغسيل الصحون وخدمة الضيوف، هذه المهام التي ورثها من والدته حين كانت تعمل في تنظيف المنازل قبل أن يقعدها المرض وتولي عمر مهامها، خاصة أن الشهادة الجامعية لم تنفعه في شيء. يعقب عمر: “درست الرياضيات دون جدوى، أجني 3000 ليرة سورية مقابل درس واحد مع منة كبيرة من أهل الطالب، بينما تدر أعمال التنظيف مبالغ كبيرة، يصل أجري قرابة 30 ألف ليرة يومياً، مع ميزة توفر وجبة الفطور والغداء، لأن العادة جرت أن يقوم أهل البيت بإطعام عاملات وعاملين المنازل.” يضيف عمر “أن هناك عائلات تطلبه من أجل رعاية أطفالهم براتب شهري يصل إلى 700 ألف ليرة سورية وبدوام ست ساعات يومياً، هذا العمل يجني لي المال أضعاف ما سأجنيه من الدروس الخصوصية أو التدريس براتب شهري في مدرسة حكومية”.
شهادة علوم برتبة تنظيف
اضطرت ريم (25 عاماً) لقبول وظيفة عاملة نظافة في أحد المدارس الحكومية كحل مؤقت إلى حين نيل فرصة حقيقية في العمل بمجال دراستها، ظناً منها أن عملها في التنظيف لن يطول لأكثر من أشهر، لكن مضى على عملها هذا أكثر من ثلاث سنوات. وتقول عن تجربتها: “كنت بحاجة ماسة إلى المال عند تخرجي، لم يتوفر لي فرصة عمل سوى التنظيف، في البداية ظننت أن الأمر لن يتجاوز عدة أشهر حتى أجد عمل يناسبني، لكن دون جدوى، ما زلت عالقة فيه ولا فرصة أفضل”. وتتابع حديثها: “تؤلمني حالة التعالي التي أتعرض لها من قبل المعلمات والمعلمين، أساويهم بالعلم والمعرفة، لكنهم يصرون على معاملتي بفوقية”.
رفاهية الاختيار
قرر محمد (27 عاماً) تعلم صنعة الدّهان على يد عمه، إيماناً منه أن العلم لا يشبع البطون الخاوية، فيما أبقى على شهادته الجامعية بالأدب الإنجليزي حبيسة الأدراج إلى أن يأتي موعد إطلاق سراحها عبر فرصة في الخارج. ويقول عن تجربته: “أنحدر من أسرة فقيرة، لذلك لم أمتلك رفاهية الاختيار، كان يتوجب عليّ اتقان صنعة تدر المال، لاسيما في ظل غلاء المعيشة وتأمين مصروفي الشخصي ونفقات الجامعة، كانت الخيارات المتاحة هي تصليح برادات وصيانة الأجهزة الخليوية، والدهان، ولكوني أعشق الرسم استقريت على الخيار الأخير”. ويضيف محمد: “للأسف اليوم في سوريا يعد تعلم المصلحة أهم من حمل الشهادة الجامعية، لفقر سوق العمل وارتفاع منسوب البطالة”. ويضيف: اتقاضى 3500 ليرة سورية على كل متر دهان، ما يعادل وسطياً 300 ألف ليرة للورشة الواحدة، كما أنني استلم عدة ورشات شهرياً، هذا المبلغ لا أستطيع تحصيله من الدروس الخصوصية”. يختم حديثه: “يعز عليّ أن لا اشتغل بشهادتي، بس مصلحتي لا تتوقف لا في زمن الحرب ولا في زمن السلم”.
موظف خاص صباحاً وعامل بناء مساءاً
يجمع منهل بين عملين، ففي الصباح يعمل ضمن شهادته الجامعية التي نالها في إدارة الأعمال، وفي المساء يعمل في الأسقف المستعارة، يقول الشاب العشريني عن تجربته: “تخرجتً في عام 2016، أعمل بشهادتي في القطاع الخاص براتب 250 ألف ليرة سورية، فيما أعمل بالجبسن بورد والأسقف المستعارة مساءاً، وبالطبع لا يقارن ما أجنيه من عملي المسائي بمرتبي من العمل الصباحي”. ويتابع: “لذلك أفكر جدياً بتقديم استقالتي والتفرغ التام لمجال الديكور البنائي، خاصة أن لدي ورشتي الخاصة التي تدر علي المال”. يشعر الشاب بالحزن والخذلان نتيجة عجز تحصيله الدراسي على توفير الحياة الكريمة والاستقرار المادي، ويعقب بالقول: “أنا أب لطفلين، كما أعيل والدتي، صرت أفكر بمستقبل أطفالي وهل سأنصحهم بالتعلم أو إتقان مصلحة تدر لهم المال والاستقرار”.
إعلامي بدرجة عتال
“تخرجتُ من كلية الإعلام منذ خمس سنوات، لكن أعمل بمهنة العتالة بأجر يصل إلى 8000 ل.س. مقابل تحميل أي نوع من البضائع، هذا المبلغ لن أجنيه من عملي بالصحافة.” هكذا يبدأ إبراهيم (27 عاماً) حديثه عن ماذا قدمت له شهادته الجامعية وأهميتها الفعلية، ويتابع الشاب كلامه: “اخترت هذه المهنة كونها من الأعمال غير الملتزمة بوقت معين وساعات عمل محددة، تعتمد على السرعة في الإنجاز، ومن المهن التي لا تحتاج إلى شروط معينة باستثناء القوة البدنية وقوة تحمل عالية، كما أن أجرة اليد العاملة ترتفع تبعاً لارتفاع الأسعار في السوق”. لا ينكر الشاب أهمية التعليم، لكنها لا تكفي لتأمين متطلبات الحياة ومكابدة العيش، ويعقب: “العلم أساس نجاح المجتمع، لكن لنكن موضوعيين، لا تكفي لمواجهة تحديات العيش الشاقة، أطمح للعمل في تخصصي العلمي، لكن متطلبات العيش التعجيزية تمثل أكبر عائق لذلك”.
فشلت بيان (26 عاماً) بإقناع والدها -حاد الطباع- بالعمل خارج المنزل، فقد رفض رفضا قاطعا السماح لها بالعمل تحت إشراف مدير، لاسيما أن الشابة تنحدر من أسرة محافظة اجتماعيا. بحثت بيان عن طريقة للعمل تستقل فيها عن الرجال وتؤمن لها النقود، إلى أن وجدت في تسويق الملابس النسائية عن طريق الصدفة ملاذا ماديا مستقلا لها، تقول الشابة العشرينية لـ”صالون سوريا” :” منذ ثلاثة أعوام، اشتريت بنطال جينز عصري يُظهر قوام الجسم الرشيق، فخطر في بالي شراء خمس قطع منه وعرضه للبيع على أحد مجموعات البيع التي تغص بها الفيسبوك كنوع من التسلية وتجربة البيع أونلاين، وبالفعل، نفدت الكمية وازداد الطلب عليها”، وتتابع بيان قائلة “وجدت الأمر غير معقد، فكل ما يتطلبه هو الصبر والتسويق الجيد، كما أن المربح الذي حصلت عليه كان مشجعا، لذلك قررت حينها الخوض في هذا المجال، خاصة أن والدي عارض فكرة العمل خارج المنزل، ولم يكن يسمح لي بالعمل كسكرتيرة أو بائعة أو أي عمل بإدارة رجل خوفا من التحرش اللفظي والجسدي بحسب قوله”.
كذلك تتعرض عبير(30 عاما) للتعنيف الجسدي واللفظي من قبل زوجها، بالإضافة إلى غيرته “المرضية” عليها كما توصفها، فهو يمنعها من ممارسة أي عمل خارج المنزل بحجة خوفه من اختلاطها مع الرجال، تقول ل عبير لـ”صالون سوريا”: ” اقنعت زوجي بشق الأنفس بالتسويق عبر الإنترنت لإحدى الماركات المحلية المختصة بالملابس الرجالية، بعد أن اشترط أن يبقى التواصل مع الزبائن عبر الواتساب والفيسبوك فقط، رافضاً المكالمات الهاتفية، ومشترطاً ألا أضع صورتي الشخصية، وفوق هذا طلب مني أن أعرف عن نفسي بأنني رجل تفاديا لحصول أية إزعاجات”، تتابع الشابة حديثها وتقول “وافقت على شروطه كي يصبح لي مردوي المالي المستقل عنه، كما أفكر بتوسيع عملي وتحقيق دخل مادي كافي لي لآخذ قرار الانفصال عنه، حينها أكون قوية ومستقلة عنه بحيث يمكنني العيش لوحدي وتحمل تكاليف الحياة”.
من جهتها لم تفلح محاولات نور (28 عاماً) بالعثور على عمل ضمن تخصصها الجامعي في اللغة العربية، فكل المحاولات كُللت بالفشل، بذرائع مختلفة كانعدام الخبرة وسنوات العمل، تعقب الشابة :”قدمت بطلبات عمل كثيرة إلى المسابقات وشواغر عديدة، لكن دون طائل، لا أملك الواسطة وبدونها لن أعمل”، وتضيف ” في أحد المرات وجدت إعلاناً نشرته فتاة تطلب حاجتها إلى مسوقي ملابس نسائية ورجالية مع راتب جيد دون شروط معينة باستثناء التفرغ، جربت حظي وتحدثت معها واتفقنا على موعد للعمل”.
يسد التسويق عبر الإنترنت جزء كبير من نفقات نور، ما يجعل هذا النوع من العمل مصدر راحة ودخل مادي جيد بعيدا عن مشقة المواصلات، تقول الشابة :” يوفر لي التسويق الإلكتروني 70% من حاجياتي ونفقاتي الخاصة، إلى جانب الامتيازات الأخرى كالخصومات على المنتجات وتوفيرالنقود والوقت التي أحتاجها للذهاب لمكان العمل، والأهم من ذلك بأنه يجنبني مضايقات الرجال في الشارع أثناء ركوب وسائل النقل”.
التحرش اللفظي أيضاً تسبب بعدم تقديم بُدور (25 عاما) لطلبات للتوظيف لعدة أعوام، وذلك بعد تعرضها لتلميحات جنسية من قبل أحد أرباب العمل. تغير الحال قبل عام تقريباً عندما عرض عليها صديقها العمل في التسويق عبر الإنترنت مع صاحب وكالة إعلانية محترم وبراتب ممتاز، تقول الشابة لـ”صالون سوريا” :” حاولت العمل في مركز تجميل وبائعة في محل مكياج، لكن كنت أتعرض دوما للتحرش اللفظي والتلميحات الجنسية من قبل أصحاب العمل، لم أسلم من أحد باعتباري فتاة جميلة وأنيقة المظهر”، مضيفة ” كنت رافضة للعمل بسبب هذه المواقف الصعبة، غير أن صديقي أقترح عليّ العمل في التسويق عن طريق أحد معارفه الموثوقين، وبالفعل، باشرت فيه وأنا سعيدة جدا”، تصف الشابة هذا النوع من العمل بأنه “المنقذ” من كافة أنواع الاستعباد والتحرش الجنسي والخلافات التي تحصل بين الزملاء، ناهيك عن مشقة التنقل. تقول بدور :” أنا حقا ممتنة لعملي بالتسويق، منحني الشعور بالأمان الوظيفي والاقتصادي والمعنوي، كما يعد راتبي ممتازا مقارنة مع الراتب في القطاع العام، أستطيع من خلال تأمين احتياجاتي الخاصة، ولا أفكر بالعمل في أي مكان آخر”.
أما نغم (22 عاما) التي تدرس صيدلة فقررت استباق المراحل، لتعمل قبل عام من تخرجها على إنشاء صفحة خاصة بمنتجات الشعر المجعد وطريقة العناية به جيدا وذلك للترويج لها مستقبلا، عن مشروعها تقول لـ”صالون سوريا” :” أفكر بالتخصص بمجال مستحضرات التجميل بعد تخرجي، لذا أنشأت صفحة أروج فيها لمنتجات الشعر المُجعّد وتقديم نصائح للعناية به، خاصة للفتيات اللواتي لا يعرفن كيف يتعاملن مع شعرهن صعب التصفيف، ويوفر لي هذا العمل نصف نفقاتي الخاصة كطالبة جامعية”.
أيمن مصطفى، شابٌ من جسر الشغور من إدلب، أدمن على حبوب الكبتاغون المخدرة، عن قصته يروي: “كنت في سنتي الجامعية الأخيرة حين اعتقلتني قوات النظام بتهمة أني مُعارض، وبعد مساعٍ كثيرة من عائلتي، أُطلِقَ سراحي بعد تسعة أشهر، أريد محوها من الذاكرة، اضطُررتُ لترك دراستي خوفاً، وكبرت في داخلي رغبةُ بالانتقام مما فَعَلَ بي النظام في فترة سجن، فانضممت لجماعة السطان مُراد” وهي إحدى فصائل المعارضة السورية المسلحة.
في ميدان المعركة، تعرض الشاب لإصابة في موجة قصف نفذتها السوخوي الروسية على إدلب أدت لبتر قدميه، وبسبب الألم الشديد وصف له الطبيب مسكناً “دواءٌ مخدر” لتبدأ رحلته مع الإدمان.
يقول أيمن: “دفعني اليأس لزيادة الجرعات من حبتين يوميا كما وصف طبيبي المُعالج إلى ثمانِ حبات، وبمرور الزمن وصلت إلى مرحلة الإدمان، تابعتُ التعاطي ظناً مني أن المخدرات قد تُنسيني ما أُعانيه”.
ايمن هو واحدٌ من جيشٍ من المستهلكين للمخدرات في الشمال السوري ممن يلوذون بالكبتاغون، هرباً من “اليأس الذي أصبح علامة الحياة اليومية للكثير من السوريين” بحسب قوله.
تنسيق عالي المستوى
منذ أعوام، تَدخُل المواد اللازمة للإنتاج أو الكبتاغون الجاهز لتغليفه في كبسولات، إلى شمال البلاد، تحمِلُهُما المليشيات الإيرانية المتحالفة مع النظام والتي يتركز وجودها في الشرق والجنوب الغربي لمحافظة إدلب وفقا للخبير في الاقتصاد غير المشروع ريتشارد أوستن.
وتتسرب المخدرات من حقول القِنّب في ريف حمص الغربي وجرود القلمون إلى معقل حرس الثورة الإيرانية في نُبُّل والزهراء شمال حلب بأيادي حزب الله ومنها إلى المناطق التي تصفُها المعارضة بـ”المحررة” شمال البلاد.
ينطلق “الخط الأول لنقل المخدرات من نقاطٍ متفرقة على خط التماس الواصل بين إدلب المُعارَضَة وإدلب النظام، أما الثاني: فيمر من مناطق سيطرة الجيش في دمشق إلى مناطق سيطرة المعارضة عبر الباسوطة بريف عفرين شرقي حلب” وفقاً للرائد في شرطة إدلب الحرة محمود السمرة.
فيما يمتد الخط الثالث وفقاً للأمني المعارض، من دير حافر بريف حلب، مرورا بمنبج الخاضعة لسيطرة “قوات سوريا الديموقراطية”، وصولا إلى مدينة الباب الخاضعة لسيطرة المعارضة، لتنتقل منها المخدرات، إما إلى شمال شرقي سوريا ومنه إلى إقليم العراق الشمالي (كردستان)، أو نحو مناطق أخرى تسيطر عليها المعارضة.
لا يُخفي السمرة الخذلان الذي يشعر به حين يقول: “كَم هو مُخجِل أن بعضا من المعارضة، يُغذي انفلاتُهم الأمني وغَضِهِم البصر عن تسلل المخدرات إلى الشمال، مما حوّله لسوق رائجة للمخدرات”.
سلام العصابات
وتستغل الفصائل المتنوعة نقاط التفتيش عبر خطوط التماس لتسريب المخدرات من مناطق سيطرتها عبر منبج في الريف الحلبي إلى شمال شرق سوريا، ويؤكد الخبير الأمريكي ريتشارد أوستن “أن بعضاً ممن يحملون راية المعارضة يزرعون الحشيش في رأس العين قبل أن يتم تهريبه إلى مناطق الإدارة الذاتية”.
ويضيف أوستين بأن “زراعة الحشيش في حارم وسلقين بريف إدلب، وعفرين والباب والراعي بريف حلب، تتم بغطاء من قيادات عسكرية مُعارِضة، فيما تشكل سرمدا وجسر الشغور مَركَزا إنتاج الكبتاغون في إدلب”. كما تم العثور على مساحات واسعة مزروعة بالحشيش في دركوش بريف إدلب الخاضع للمعارضة المسلحة وفقاً للرائد السمرة.
ويقول خالد زهران المتتبع لشؤون تجار ومنتجي المخدرات “بشكل لا مثيل له تتشابكُ علاقات الميليشيات الإيرانية مع جهات مرتبطة بالجيش الوطني وهيئة تحرير الشام التي تسيطر على تجارة المخدرات في الشمال السوري”، ويضيف: “حتى أن مكاسب المخدرات لعبت دوراً بإجراء اتفاقيات المصالحة بين دمشق وبعض معارضيها فيما بات يُعرف بسلام العصابات، ليتحول العمل العسكري ضد النظام إلى تعاون بتجارة الممنوعات”.
وإن كانت هيئة تحرير الشام، بحسب زهران ضيقت الخناق على صغار تجار المخدرات، إلا أن “المعلومات تُشير إلى أن هذه مناوراتٌ صُوَريَة، يتم فيها إلصاق جريمة التجارة بعناصر يُراد التخلص منهم، لإفساح المجال لأصحاب مشاريع المخدرات المرتبطين بالهيئة” بحسب قوله.
الأخطر في الأمر بحسب الناطق باسم الجيش الوطني، “أن النظام بات يشترط تلقي الأسلحة مقابل المخدرات التي يتم تصديرها إلى شمال غربي سوريا”.
أبو موسى هو أحد عناصر “الجيش الوطني” الذي طلب عدم ذكر اسمه، يقول لـ”صالون سوريا”: “في الشمال يُنسق تُجارُ مخدرات مع تُجار النظام وحزب الله لشراء المواد المُخدرة، فإذا ما تم شراء بضاعة بقيمة مليون دولار، فيجب على التجار تقديم أسلحة بنفس القيمة للجهة البائعة بديلاً للمخدرات”، مؤكداً أن “هناك مافيا تمتلك مقومات الشبكات المنظمة، من سلاح ونفوذ وعلاقات مع شخصياتٍ محسوبة على المعارضة، تقوم بتأمين وصول المخدرات إلى الشمال بالإضافة لحماية من يعمل على ترويجها”.
ويؤكد العسكري المعارض: بأن اعترافات من ُقبِضَ عليهم من تجار المخدرات تُبين ارتباطهم بشبكات في لبنان، وجهات في النظام، كما أكدت اعترافات بعضهم أن عدداً من المسؤولين عن هذه الشبكات موجودون شمال سوريا وفي الأراضي التركية.
لم تسلم الحيوانات من نيران الحرب السورية، إذ باتت الحياة البرية في سوريا مهددة بعد تراجع وانقراض العديد من أنواع الحيوانات، ما دفع نشطاء وجمعيات بيئية لدق ناقوس الخطر.
وحسب العديد من المهتمين بالحياة البرية فإن هناك تراجعاً بأعداد الحيوانات بشكل كثيف، بسبب الحرائق والتعدي على المساحات البرية والأحراش، موطن الحيوانات، سواء من خلال التحطيب الجائر أو تحويل الأحراج إلى أراضي زراعية.
حيوانات مهددة بالانقراض
أصبحت العديد من الحيوانات في سوريا تصنف بأنها مهددة بالانقراض، أو انقرضت بالفعل نتيجة الحرب وما رافقها من التعدي على المساحات الخضراء وعمليات الصيد الجائر.
“الجمعية السورية لحماية البرية” تعمل على رصد وحماية الحيوانات النادرة أو المهددة بالانقراض في مناطق الحكومة السورية، يقول مسؤول التنظيم في هذه الجمعية اسبر الريم: “إن الدب السوري من ضمن الحيوانات المنقرضة بالنسبة لنا، رغم الحديث عن مشاهدات له بعدد من المناطق ولكن لا يوجد شيء موثق”.
ويبين اسبر أن آخر المشاهدات للدب السوري كانت من سنوات عدّة، رغم وجود روايات بأنه موجود بجرود القلمون الشرقي أو المناطق القريبة على عرسال بريف دمشق.
وبالنسبة للغزال السوري أو اليحمور يقول اسبر إنه: “عانى كثيراً وخاصة أنه حساس بالنسبة للبيئة التي يعيش فيها، وتزامن ذلك مع تراجع المساحات الخضراء إثر الحرائق وعمليات التحطيب بكثافة، وملاحقته من قبل بنادق الصيادين ومحاولة الإمساك بصغاره بغرض قتلها أو بيعها دون وجود أي رقابة على ذلك”.
وقبل عامين تواصل أشخاص مع الجمعية من قرية الطارقية بريف مشقيتة في اللاذقية بعد مشاهدتهم لغزال مصاب بين الأحراج، عن ذلك يروي اسبر “شُكلت غرفة طوارئ من الجمعية توجهت إلى المكان، وتمكنت من إنقاذ الغزال بالتعاون مع مديرية الزراعة والاعتناء به، وبعد مدة قصيرة تم إطلاقه مجدداً بالمنطقة نفسها”.
كذلك يذكر إسبر أن عدد الطيور تراجع بشكل كبير، كما هو حال السناجب والخنزير البري وخاصة في المناطق التي كانوا يعيشون فيها.
بدوره يؤكد الباحث والناشط البيئي جورج داوود عدم وجود إحصائيات لأعداد الحيوانات التي انقرضت أو مهددة بالانقراض في سوريا، كونه أمر يتطلب إمكانيات فنية ومادية عالية وهي غير متوفرة.
ويشير داوود إلى وجود العديد من الأنواع المهددة بالانقراض، والمسجلة على القوائم الحمراء العالمية للاتحاد الدولي لحماية الطبيعة، منها السلحفاة الإغريقية التي كانت موجودة سابقاً بكثافة، ولكن أعدادها في تناقص واضح بسبب جمعها والاتجار بها دولياً وبشكل غير قانوني؛ إضافة إلى أنها تعتبر حساسة جداً لتغيرات البيئة والمناخ.
بيع الحيوانات في الأسواق
عند تجوالك في مختلف المناطق السورية ستجد أماكن لبيع الحيوانات، والمشكلة أن العديد منها بري أي من المفترض أن يعيش في الغابات بموطنه الأساسي.
يروي اسبر: “منذ 5 أشهر وخلال جولة بالأسواق بدمشق، كان هناك بائعين بحوزتهم حيوانات برية غير أليفة مثل الثعالب والصقور، وكانت بحالة صحية سيئة، وموضوعة بأقفاص مخصصة للطيور”.
ويوضح اسبر أن أعضاء الجمعية اشتروا الثعالب وتمت معالجتها والاعتناء بها، وبعد أشهر عدة من الاعتناء والاهتمام بها، أُطلق سراحها في جرود معولا بريف دمشق موطن وجودها.
كما يلاحظ وجود طيور محلية المعروضة للبيع في الكثير من الأسواق، رغم أن العديد منا مهدد بالانقراض ولكن لا توجد أي رقابة عليها؛ وفق مسؤول التنظيم في الجمعية السورية لحماية البرية.
هجرة النحل والطيور
شهدت محافظات سورية في الآونة الأخيرة هجرة ونفوق عدد كبير من خلايا النحل، وخاصة في درعا والقنيطرة.
واشتكى العديد من المربين من فقدان خلايا نحل في مناطق نوى وخربة غزالة بدرعا، وكذلك في قرى الريف الشمالي بالقنيطرة.
وهذا ما أرجعته وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي إلى “قلة المرعى وعدم قدرة مربي النحل على ترحيل الطوائف خارج المحافظة والافتقار إلى تنوع مصادر حبوب الطلع، ووجود إصابة مرتفعة بمرض أكاروس الفاروا والتغذية على عجينة كاندي الملوثة بأبواغ فطر النوزيما مع الاستخدام العشوائي للمبيدات الذي تزامن مع التغيرات المناخية”.
وفي الوقت نفسه يواجه مربو النحل صعوبات عديدة منها ارتفاع أسعار المستلزمات الثابتة (الخلايا الخشبية، والسكر، والشمع) وضعف القدرة الشرائية، ما خفض عدد المربين إلى 14 ألف من أصل 25 ألف كانوا يعملون قبل عام 2011حسب مدير وقاية النبات في وزارة الزراعة إياد محمد، الذي بين أن إنتاج العسل تراجع من أربعة آلاف طن في العام الواحد سابقاً إلى ألف و500 طن فقط خلال 2020.
وفي الوقت نفسه تشهد سوريا موجة هجرة للطيور، حيث قل بشكل ملحوظ عدد الأنواع المحلية مثل (الشحرور والسمن)، على عكس الطيور المهاجرة التي تتخذ من سوريا استراحة وتكمل مسارها وفق اسبر.
التحطيب والحرائق
وتأثر الغطاء النباتي في سوريا بالحرب التي تشهدها البلاد منذ أكثر من 10 سنوات، حيث تراجع بنسبة كبيرة، وارتفع معدل الحرائق في السنوات الأخيرة ما أثر بشكل كبير على الغابات والأراضي الحراجية، ورافق ذلك لجوء الكثير من السوريين إلى قطع الأشجار بغرض استخدامها للتدفئة في ظل ندرة المازوت وارتفاع أسعارها وازدياد ساعات التقنين.
كما بات بيع التحطيب مهنة للكثير ين في ظل تراجع الوضع الاقتصادي، حيث وصل سعر بيع طن الحطب إلى 400 ألف سورية في الأرياف، أما المدن فيصل فيها إلى 800 ألف ليرة.
ويبين اسبر أنه في حال استمرار الوضع على حاله فإن سوريا ستشهد خلال السنوات القادمة تراجعاً وانقراض الكثير من الحيوانات وخاصة النادرة منها، وما يرافق ذلك من اختلال التوازن البيئي.
كانت الطفلة تُجاهد حتى تبقى واقفة على قدميها بعد أن أعياها الجوع، أوقفت الشاب عدنان ز، وقالت له “حباب، الله يخليك اشتريلي صندويشة، وبعطيك الي بدك ياه”، يروي الشاب عدنان لـ”صالون سوريا”، مضيفاً “نهرتُها، وأشحت بوجهي عنها وأنا أتمتم, روحي عمو الله يعطيكي ويستر عليكي”. انفجر طوفانُ دمعٍ من مقلتيها لتنتهي الحكاية بمشهد جسد صغير يهوي فوق “جسر الرئيس” وسط العاصمة دمشق.
لم يتعرف أحد على الطفلة، ولم يعرف اسمها أحد، عاشت وماتت مجهولة.
سرديات الانتحار السوري
تتوالى اخبار الانتحار، من صبيةٍ رمت بنفسها من على شرفة منزلها في الطابق السادس بمنطقة الحمراء في دمشق، ورجل كبير بالسن وضع حدٍ لحياته بإلقاء نفسه من إحدى نوافذ مستشفى المواساة وهو عارٍ كما ولدته أمه. مراهقان انتحرا بتفجير قنبلة يدوية، وصبيةٌ انتحرت بعد أن قتل أخوها، الشاب الذي أحبها وأحبته. فما الذي أوصل السوريين لهذه الحال؟
الحرب، يقول الباحث في علم الاجتماع السياسي زياد موسى لـ”صالون سوريا” مضيفاً: “في هذه البلاد التي تعصف بها الحرب تتزايد حالات الانتحار، فالمشافي في سوريا باتت تصلها بشكلٍ منتظم أجسادٌ محطمة لأشخاص حاولوا الانتحار”، وتتنافس حكايا المنتحرين/ات في القهر، ومن أقساها تلك التي أنهى فيها وائل أيوب وصديقه محمود أبو حسون وهما في الـ 17 و18 من العمر حياتهما أمام كاميرا الموبايل، صرخ الشابان: “سئمنا الحياة، سامحونا، أحزناكم كثيرا، ظروف حياتنا تسوء يوماً بعد الآخر، ليس لدينا الحق لنعيش”.
نعى المراهقان نفسيهما، قبل أن يخلعا مسمار الأمان من قنبلةٍ يدويةٍ كانا يحملانها، ليُقدما على الانتحار في حديقة الفيحاء بالسويداء، تاركين فيديو لعائلتيهما ورفاقهما.
في السويداء أيضاً وضع الشاب راغد سيف ذو الـ20 عاما حدا لحياته بتفجير نفسه بقنبلة لأنه لم يتمكن من الارتباط بمن يحب نتيجة الفقر، وفي حماة أقدم الشاب يزن كيوان من بلدة سلحب على قتل نفسه برصاصة في الرأس بعد أن أجهز على الشابة ساندي التي رفضت الزواج به، وفي اللاذقية انتحر الشاب طارق علي بإلقاء نفسه من على سطح مستشفى تشرين في المدينة، وفي دمشق انتحر الخمسيني حكمت علي بعد أن قتل مدير توزيع الغاز في منطقة نهر عيشة جنوب دمشق إثر غلاء سعر أسطوانة الغاز.
وصلت حالات الانتحار لذروتها في العام 2020 لتسجل 197 حالة، بحسب مدير عام الهيئة العامة للطب الشرعي في سوريا الدكتور زاهر حجو، وأحصت الهيئة بحسب آخر الأرقام المتوفرة، منذ بداية العام 2022 وحتى الأول من آب الماضي، 101 حالة انتحار، 24 بالمئة منها لنساء و17 بالمئة لأطفال.
احتلت محافظة حلب المرتبة الأولى في تعداد المنتحرين بـ28 حالة، بينما جاءت محافظة ريف دمشق في المرتبة الثانية بتسجيل 21 حالة، ثم طرطوس بـ13 حالة، تلتها دمشق بـ11 حالة، ثم اللاذقية بـ9 حالات، والسويداء 7 حالات، فحماة 6 حالات، أما في مناطق سيطرة المعارضة شمال سوريا, فسُجلت منذ مطلع العام الحالي 31 حالة انتحار، بينها 11 طفلاً، و11 امرأة.
وبحسب ما كشفه الدكتور حجو، فإن محاولات الانتحار التي انتهت بالوفاة، تضمنت الانتحار بالشنق وهو الأكثر بواقع 60 حالة، والطلق الناري 21 حالة، وتناول مواد سامة 11 حالة والسقوط من على مرتفع 9 حالات، مؤكداً أن أعداد المنتحرين الحقيقية قد تتجاوز عشرة أضعاف ما يتم الإعلان عنه سنويا.
من جهته كشف مدير مستشفى ابن خلدون للأمراض النفسية في حلب الدكتور بسام الحايك لـ”صالون سوريا” عن إنقاذهم للغالبية العظمى من حالات الانتحار التي تصل لمستشفاهم أسبوعياً، مما يشير للعدد الكبير من المحاولات.
الأسباب
تقول الباحثة الاجتماعية غادة عبد الرحمن أن السوريين يعيشون ضمن ما يُعرف في علم النفس بمجتمع المخاطر، وهذا ما يجعلهم غير قادرين على استيعاب التسارع الرهيب للأحداث التي تحيط بهم وتدور حولهم.
وتضيف في حديثها لـ”صالون سوريا”: “الأسباب متعددة منها الهروب من جحيم الحرب، والظروف الاقتصادية والمعيشية، ونسب البطالة العالية، والقمع”، فيما يرى الباحث في علم الاجتماع السياسي زياد موسى أن الأسباب السياسية بالدرجة الأولى هي التي أسهمت بشكل كبير في خلق ما ذكرته الباحثة غادة عبد الرحمن من أسباب.
في رسالة الوداع التي خطها محمد شرف 32 عاما قبل انتحاره كتب “إذا كنت لا أستطيع شراء اللباس المدرسي لأطفالي، إذاً لا معنى لحياتي”.
“لم أعرف يوماً معنى العناق، ولم يعانقني أحد بحياتي، فمنذ طفولتي وجدت نفسي بدون أم، ومجبرة على تلقي إهانات زوجة والدي، ثم الناس في الشارع. المكان الوحيد الذي عرفت فيه العناق هو هنا مع زميلاتي السجينات”، تقول أحلام المُقيمة في معهد خاص بالفتيات السجينات دون سن الثامنة عشرة بدمشق.
أحلام (اسم مستعار) بدأت قبل عدة شهور بتعلم اليوغا بفضل جهود متطوعات من “المركز السوري للتأمل واليوغا”، وبعد أن استغربت الأمر في البداية، وتعاملت معه بعدم اهتمام، عشقت تمارين اليوغا، وأصبحت تنتظر الحصة بفارغ الصبر.
تقول أحلام لـ”صالون سوريا”: “هذه الرياضة تدخل الراحة إلى قلبي، وتجعلني أنسى الكثير من اللحظات السيئة التي مررت بها، وأحلم بالاستمرار بها لو ساعدتني الظروف بذلك”، وعن علاقتها مع المدربات تؤكد أحلام بأنها تشعر بالأمان معهن، وبفضلهن تغير تعاملها مع المحيطين بها وأصبحت أكثر هدوءاً وقدرة على تحمل الآخرين.
علا زينة مدربة اليوغا المسؤولة في هذا المشروع تقول بأن البحث عن الفرص لمساعدة الاخرين دون توقف هو من فلسفة اليوغا وقوانينها، وتضيف “لأننا مؤمنات بالتغيير الذي تحققه ممارسة اليوغا، اتجه المركز لكل فئات المجتمع، وخاصة الأطفال والمراهقين، ووجودنا مع فتيات المعهد هو جزء من خدمات مركزنا، لأن هؤلاء الفتيات ضحايا المجتمع الذي ورطهن بمشاكل وجرائم أكبر منهن”.
وتختلف التهم وفترات الأحكام في المعهد المخصص للفتيات، ولكنهن جميهن يتشاركن المكان وأوقات الفراغ التي قررت متطوعات المركز ملء جزء منها بجلسة أسبوعية، تنتظرها العديد من الفتيات بشغف، وقد غير هذا الشغف شخصية فداء (اسم مستعار) التي توقفت عن إيذاء نفسها كما كانت تفعل بالسابق.
وتوضح علا بأن الأثر الذي تتركه دروسهم يعتبر فردي نوعا ما لعدم وجود ثبات بالأعداد، فكل اسبوع تقريبا يوجد فتيات جديدات، كما تغادر فتيات مقيمات، ولكن بشكل عام “الأثر موجود وجميل جداً” بحسب علا، فبعض الفتيات غيرن سلوكهن مع النفس، وإحداهن كانت تفكر بالانتحار في السابق لكنها عدلت عن ذلك، وأخرى كانت عنيفة في ردود أفعالها وبدلّت هذا، كما تعلمت الفتيات القيام بالتأمل مع بعضهن بمهاجعهن قبل النوم، إضافة لممارسة تمارين التنفس.
وتعمل المتطوعات على خطة تتضمن عدة محاور منها التنفس الذي يخلق تغييراً حقيقياً عن طريق التأثير بموجات الدماغ وتحويلها للموجات الأكثر هدوءاً، ما يوفر راحة لكل من الدماغ والجملة العصبية، أما الفكرة الثانية في البرنامج، فهي التأمل.
وتشرح علا “أهمية هذه الخطوة هي مساعدة الدماغ على التخلص من الصدمات والنزعات، وبعد هاتين الخطوتين تأتي مرحلة التمارين الجسدية التي تريحهن من الألم والتعب، خاصة وأن هذا النشاط مترافق مع وجود مدربة يوغا اخصائية بالصحة العامة، تشرح لهن عن الغدد الهرمونية وافرازاتها، وكيف يمكنهن مع التنفس والحركات التحكم بأجسادهن، كما تقدم لهن شرحاً عن خلايا الدماغ وتأثير الأوكسجين على صحة الخلايا وصحة الجهاز العصبي”.
ويُقدّم البرنامج للفتيات أسئلة يومية لتتمكن من فهم أنفسهن مثل: “هل أنا عنيفة؟ كيف أرد عندما أغضب؟”، بحيث يراقبن ردود أفعالهن وحركاتهن وألفاظهن، “ومع التنفس تبدأ الأفكار السلبية بالمغادة بالتدريج، ومع الوقت يصلوا لفكرة أن بداخلهن سلام، ولهذا كرسنا مفهوم العناق، وعلمنا الفتيات معانقة أنفسهن وبعضهن” تقول علا.
ولتعزيز هذه النتيجة تأتي مرحلة “التوكيدات الإيجابية” تجاه أنفسهن أولاً، ثم تجاه الآخرين، فيتعلمن قول :”أنا لطيفة ودودة، أنا استحق الحب، أنا استحق ان اعتني بجسدي واحترمه”، كما يتعلمن خلق عادة ايجابية ونوايا ايجابية جديدة تجاه أنفسهن، أما الخطوة الأخيرة في النشاط فهي العمل الجماعي، من خلال جمعهن بألعاب وحوارات ونشاطات مثل تحضير الطعام وغيرها.