“أنام لأهرب من الواقع والذكريات، فتلاحقني الكوابيس حتى في أحلامي” بهذه الكلمات تختصر علية الأحمد (26 عاماً) معاناتها بعد خروجها من ظلام سجنها الذي ذاقت فيه كافة أنواع التعذيب النفسي والجسدي، وتضيف متحدثة عن معاناتها لـ“صالون سوريا“: “أثناء عودتي من جامعتي في مدينة حلب تم اعتقالي من قبل أحد حواجز النظام بتهمة التعامل مع الإرهابيين والخروج في المظاهرات، إضافة للرغبة بالانتقام من أخي الذي انشق عن صفوف الجيش وانضم لفصائل المعارضة .”
وتؤكد الأحمد أنها كانت في طريق عودتها إلى محافظة إدلب مع غيرها من الركاب حين تم إنزالها من السيارة، واقتيادها إلى فرع المنطقة في مدينة حلب ثم إلى السجن المركزي، وهناك تم التحقيق معها عدة مرات، كما تعرضت للضرب والشبح والحرق والصعق بالكهرباء، لإجبارها على البوح بمعلومات عن أخيها وغيره من المقاتلين في فصائل المعارضة.
قضت الأحمد في السجن حوالي سنة ونصف قبل أن تخرج بتاريخ 5 من شهر ديسمبر من عام 2019 ، وبعد خروجها من السجن لم تعاني الأحمد من مطاردة ذكريات الاعتقال فحسب، وإنما لم تجد الرحمة في مجتمعها أيضاً. فما إن أصبحت خارج أسوار السجن وافق أهلها على تزويجها من رجل مسن يكبرها بأكثر من ثلاثين عاماً بدافع “السترة”، وحين رفضت الزواج قامت والدتها باصطحابها إلى تركيا، للعيش مع أسرة أخيها، هرباً من نظرات الناس وأسئلتهم المتكررة، فيما إذا كانت قد تعرضت للاغتصاب داخل السجن .
ليست الممرضة حنان (31 عاماً)، التي رفضت الكشف عن اسمها، أفضل حالاً، فقد واجهت ظلم زوجها والمجتمع، وعن ذلك تتحدث بالقول: “تم اعتقالي من فرع الهجرة والجوازات بمدينة حماة، وبقيت في السجن لمدة ستة أشهر بتهمة العمل في مشافي الإرهابيين، ثم خرجت مقابل مبلغ مالي دفعه أهلي لأحد ضباط النظام، وحين تنفست الحرية كنت في شوق كبير لرؤية ولدي وزوجي، ولكني تفاجأت بأنه تخلى عني وتزوج من امرأة أخرى، كما حرمني من تربية طفلي حرصاً عليه من كلام الناس و نظرة المجتمع التي ستلاحقني بقية حياتي.”
تصمت قليلاً لتلتقط أنفاسها وتستعيد حروفها وتضيف: “لم أدخل السجن بإرادتي، وبعد نجاتي من المعتقل، لم أنج من غياهب الأعراف الاجتماعية التقليدية الظالمة، ولم أجد يداً حانية تعينني على الحياة، وتجنّبني شعور الخذلان وخيبة الأمل.”
وفوق التعب النفسي وظلم المجتمع، تقع أيضاً الكثير من الناجيات فريسة الأمراض التي تحرمهن من تجاوز مرحلة الاعتقال والعودة للحياة الطبيعية، وتضعهن أمام حاجة كبيرة لتلقي الرعاية الطبية.
وئام العثمان (29 عاماً) النازحة من بلدة التمانعة إلى مدينة إدلب، اعتقلت عام 2018 في مدينة دمشق أثناء ذهابها للحاق بزوجها الذي يعمل في لبنان، ومنذ خروجها من المعتقل تعاني من مرض الصرع، وعن ذلك تقول لـ“صالون سوريا“: “تعرضت خلال فترة اعتقالي للضرب على رأسي وسائر جسدي بالأنبوب البلاستيكي الأخضر، فأصبت بمرض الصرع وآلام حادة ومستمرة في الرأس، ولا أزال أعاني منه حتى الآن، كما أعاني من ارتفاع في الضغط وتسارع في نبضات القلب نتيجة الضغط النفسي، وما عشته من ترويع وإهانة .”
وتشير العثمان أنها تتلقى العلاج لدى طبيب مختص، لكنها تعتقد أن حالتها النفسية والجسدية تزداد سوءاً يوماً بعد يوم .
وتلفت العثمان أن النساء المعتقلات في سجون النظام يتعرضن للإهانات والضرب والتحرش والاغتصاب وشتى أشكال التعذيب، ومن يكتب لهن حياة جديدة خارج غياهب السجون يعشن بأمراض وعاهات مستديمة مدى الحياة .
المختصة بالإرشاد النفسي سلام كرامي (36 عاماً) من مدينة سرمدا شمال إدلب، تشير أن الأضرار النفسية التي تلحق بالناجيات قد تستمر لمدة أطول من الأضرار الجسدية، وزوالها أكثر صعوبة، وعن ذلك تتحدث بالقول:”اتخذ النظام السوري من اعتقال النساء وسيلة وسياسة ممنهجة لقمع المنخرطين بالثورة، ولكن بعد خروجهن تواجهن سجناً أكبر ومجتمعاً قاسياً يحاول تهميشهن .
وتؤكد كرامي على أن أغلب الناجيات يعانين من الاكتئاب والإحباط والانعزال عن المحيط، إلى جانب الإصابة باضطرابات ما بعد الصدمة والشعور بعدم الرغبة بالحياة، ومنهن من يصارعن الأفكار الانتحارية .
وتشير أن النجاة الحقيقية للنساء تتطلّب دعماً كبيراً من قبل المجتمع المدني والمنظمات، فضلاً عن ”تسليط الضوء على معاناتهن ونظرة المجتمع الدونية لهن، والتأكيد على كونهن ضحايا لا ذنب لهن، ومساعدتهن على الاندماج مجدداً في المجتمع المحلي والانخراط في مجالات الحياة، وتوعية المجتمع لتغيير الصورة السلبية الاجتماعية التي تعصف بهن“.
وتقدّر “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” إن 9774 امرأة ما زلن قيد الاعتقال والاختفاء القسري في سوريا، ومنهن 8096 مغيبات في سجون ومعتقلات النظام. وتعاني العديد منهن عند الخروج من السجن من وصمة المجتمع الذي يمعن في ظلمهن، فتلاحقهن تداعيات الاعتقال اجتماعياً وأسرياً في ظل مجتمع تحكمه عادات وتقاليد تختصر شرف العائلات في أجساد النساء، وتربط الانتهاكات ضدهن بما يسمى “العار” .
“شو يلي جبرك على المر غير الأمر منه” عبارة تختصر معاناة علي الأحمد الذي لم يتجاوز الخامسة عشر من عمره، حين أُجبر على إعالة عائلته، وراح يعمل بأخطر المهن في محطات تكرير المحروقات، وهي ذات المهنة التي أدت لوفاة والده أواخر عام ٢٠٢١، حين انفجرت إحدى الحراقات على مقربة منه.
لم يسلم علي من تبعات هذه المهنة أيضاً، حين تعرض هو الآخر لحروق ناجمة عن انفجار حراقة بدائية لتكرير المحروقات في ترحين شرقي حلب في مايو/أيار ٢٠٢٢.
حراّقة
بحث علي طويلاً عن عمل لكنه لم يوفق، ما دفعه للعمل في تكرير المحروقات، يقول لـ“صالون سوريا“: “مع أنه الشغل فيها صعب كتير، وأبي توفى بسبب العمل فيها، وما بتفارقني لحظات حياته الأخيرة لما كان يتنفس بصعوبة، لكن كنت مضطر لأني اشتغل تحت كل الظروف”.
عن لحظات إصابته يضيف علي “كنت أعمل بين الحراقات، وفجأة غبت عن الوعي لثوان، و صحيت بعدها وفتحت عيوني وشفت النار حوالي ودخان أسود والدم ينزل مني، وسمعت أصوات الناس تصرّخ (فجرت الحراقة) فعرفت أن الحراقة القريبة مني انفجرت”.
نجا علي من الموت وأسعف إلى المشفى حيث تم تضميد الحروق والجروح في جسده المتعب، ليخرج بعد أيام إلى منزله لاستكمال العلاج بعد أن نصحه الطبيب بالراحة وعدم التعرض لأشعة الشمس مطلقاً.
يأمل علي أن يتعافى بسرعة كي يعود إلى العمل من أجل الإعالة بأمه وأخوته، وتأمين متطلبات الحياة التي باتت ”صعبة المنال“ على حد تعبيره.
وفي الوقت نفسه يحلم علي بالرجوع لمقاعد الدراسة وتحقيق أحلامه بوظيفة مستقبلية آمنة، لكنه سرعان ما يصطدم بواقعه الأليم.
أما رائد الحلاق (١٢ عاماً) فقد أصيبت قدمه بإصابة بليغة تسببت له بإعاقة دائمة حين انفجرت عليه إحدى مخلفات الحرب أثناء عمله بالبحث عن المعادن والخرداوات في مكبات النفايات.
يقول رائد أنه كان على مقربة من مكب النفايات الواقع أمام مخيمهم في البردقلي شمال الدانا بإدلب، حين رأى إحدى الكتل الغريبة، فاقترب منها وحاول لمسها لكنها انفجرت عليه وأدت لإصابته بتمزق داخل عظامه وعضلات قدمه.
لم يعد رائد قادراً على المشي بشكل طبيعي بعد التهشمات التي أدت لتضرر كبير في ساقه وقدمه جراء انفجار القنبلة التي كان يحسبها قطعة معدنية يمكن بيعها والاستفادة منها.
يعيش الطفل رائد مع أمه وإخوته الثلاثة في إحدى المخيمات بعد نزوحهم عن بلدتهم خان شيخون أواخر عام ٢٠١٩، وبات المعيل الوحيد بعد وفاة والده في القصف على مدينتهم، لكنه لم يعد قادراً على العمل بعد إصابته تلك.
المرشدة النفسية والاجتماعية أمل زعتور (٣٦ عاماً) تقول أن ”عمالة الأطفال تقتل الطفولة ويترتب عليها أضراراً نفسية وجسدية خاصة إذا عمل الطفل في مجالات لا تناسب حجمه وقدراته كالعمل على آلات ثقيلة أو استخدام وسائل حادة“.
وتشير إلى أن الأضرار النفسية التي تؤثرعلى الأطفال العاملين المتمثلة بخسارتهم لطفولتهم والعيش في حاجة وحرمان وتعب واستغلال وغياب الاستقرار والأمان.
وأوضحت أن عمل الأطفال ووجودهم دائماً في الشوارع يجعلهم على تماس مباشر مع الإنحراف والجنوح والانخراط بأعمال لا تتناسب وأعمارهم الصغيرة، مايسبب لهم إصابة أو إعاقة أو ربما يفضي إلى الموت المحتم، وسط الغياب الكلي لإيجاد الحلول أو الوقوف على حل مشاكل هؤلاء الأطفال المادية، والعمل على إعادتهم إلى مدارسهم واستقرارهم في بيئات آمنة.
ومع تدهور الأوضاع الإنسانية والتعليمية في إدلب وشمال غرب سوريا بعد مضي أحد عشر عاماً على الحرب، تسرب مئات الأطفال من المدارس وانخرطوا في الأسواق والشوارع والعمل في مهن لا تخلو من الخطورة، بحثاً عما يسد رمقهم ويساعد أهلهم على تحمل أعباء الحياة التي باتت مثقلة وخاصة مع غياب المعيل والداعم.
وتُعرّف الأمم المتحدة عمالة الأطفال بأنها أعمال تضع عبئاً ثقيلًا على الأطفال وتعرض حياتهم للخطر، وتعتبر ذلك انتهاكًا للقانون الدولي والتشريعات الوطنية، فهي إما تحرم الأطفال من التعليم وإما تتطلب منهم تحمل العبء المزدوج المتمثل في الدراسة والعمل في آنٍ واحد.
“أريد طفلاً يحمل اسمي، لقد نفذ صبري من الانتظار” بهذه العبارة كسر طارق قلب زوجته دارين (37) عاماً، التي تعاني مشكلات في الخصوبة، لتنتهي علاقة حبهما الطويلة بالطلاق، فهما غير قادران على تأمين الملايين المطلوبة لإجراء عملية طفل الأنبوب. فدارين لا تعمل و أجر طارق الزهيد الذي يتقاضاه من عمله في ورشة الخياطة بريف دمشق بالكاد يسد الرمق، ووالدته مريضة تشاركه المسكن، وهو معيلها الوحيد.
تلقي دارين اللوم على والدة طارق التي كانت تضغط عليه باستمرار ليتزوج من أخرى صغيرة تنجب لها حفيداً، تروي دارين لـ “صالون سوريا“ :”أثناء زيارتي الأخيرة للطبيب أخبرني باستحالة حدوث حمل طبيعي، وأن الأمل الوحيد لنا هو باللجوء للإخصاب المساعد، لكن طارق رفض إجراء العملية لعدم قدرته على تحمل تكاليفها المالية“، وتضيف: “من حقه أن يكون أباً، لكن لو أن المشكلة بالإنجاب عنده، لما تخليت عنه كما تخلى عني، ولما ضغط علي المجتمع لأفعل هذا”
تروي دارين تفاصيل معاناتها من حرمان الإنجاب، وهي تكره حالة الشفقة التي يظهرها المجتمع تجاهها، فتحاول أن تبدو قوية، لكن دموعها تنهمر حزناً عندما تكون وحدها.
خلطات للإنجاب
ودارين هي واحدة من مئات السوريات اللواتي أجبرهم ضعف الحال المادي على نسيان فكرة الإنجاب والأمومة، أمام التكاليف المالية المرتفعة لعمليات الإخصاب المساعد، إذ تنتظر ديمة (35) عاماً “معجزة سماوية ” تحقق حلمها بعد أن قررت التوقف عن متابعة علاجها عند الطبيب المختص، فهي لم تعد قادرة على إنفاق المزيد من الأموال لإتمام الرحلة.
بدلاً من ذلك لجأت ديمة للعطارين المختصين بتركيب خلطات عشبية بهدف المساعدة على الإنجاب، وهي تواظب على قراءة الأدعية والأوردة التي نصحتها بها إحدى الصديقات.
تشرح ديمة لـ “صالون سوريا ” :“الطبيب أخبرني أن احتمال نجاح طفل الأنبوب في حالتنا لاتتجاوز الـ5 % فقط، ومع أني أتوق شوقاً لاحتضان طفلي بين ذراعي، وأشعر بالأسى عندما تخفي جارتي أطفالها عني، ظناً منها أنني قد أحسدهم، ولكني لن أغامر بالمال مقابل هذه النسبة الضعيفة“.
بورصة الأطفال
و ازدادت مؤخرا مشكلات الخصوبة في المجتمع السوري ”وذلك نتيجة تأخر سن الزواج والرغبة بتأخر الإنجاب، إضافة إلى الملوثات البيئية والسموم المهنية وطرق التغذية الحديثة“، بحسب ما أشار إليه الدكتور مروان الحلبي مدير مشفى الشرق للإخصاب في إحدى مقابلاته لوسائل إعلام محلية، لافتا ًإلى عدم وجود إحصائية دقيقة لنسب العقم في سوريا، لكنها و بشكل تقريبي تتراوح مابين 13 ـ 18%من جميع الزيجات التي تحصل بحسب مواد صحفية.
و تبدو ملك (43) عاما من المحظوظات في هذه الإحصائية، فالوضع المالي الجيد لزوجها منحها فرصة لتحقيق حلمها بالإنجاب، و أصبحت أماُ لطفلة بعد تجارب عديدة فاشلة لعمليات أطفال الأنابيب، وبعد انتظار دام 16 عاماً.
وبحكم خبرة ملك الطويلة في تجارب أطفال الأنابيب، فهي تعرف جيداً التقلبات الكبيرة التي طرأت على أسعار عمليات أطفال الأنابيب. فقبل الأزمة كانت تترواح تكاليف هذا الإجراء مابين 100-150 ألف ليرة، وفي الخمس سنوات الأولى من الأزمة في سوريا وصلت التكاليف لحوالي 600 – 750 ألف، ثم ارتفعت لتصل لما يقارب المليون ليرة. وفي عام 2021 بلغت ما يقارب 5-7 ملايين ليرة ، وهذا العام قفزت تكاليف العملية لتسجل رقماً قياسياً وصل لـ 10 ملايين ليرة سورية .
يعزي الدكتور زياد رمضان إخصائي نسائية وتوليد ارتفاع تكاليف هذه العمليات إلى الواقع الذي فرضته الأزمة، وارتفاع سعر الصرف، فجميع المواد الأولية الداخلة في هذا الإجراء الطبي مستوردة, بدءاً من الإبرة وانتهاء بالأواسط الزراعية، لافتاً إلى أن التكاليف الإنتاجية العالية لهذه المواد ربما تكون أحد أسباب العزوف عن تصنيعها محلياً، ويرى أن ”التكلفة لاتزال مقبولة مقارنة بالدول المجاورة لكن الدخل المالي المتواضع للمواطن يجعل كل شيء مرهقاً له“.
حلول بديلة
تطرح ليلى العاملة في مجال الخدمة الاجتماعية فكرة استبدال تكاليف عمليات الإخصاب المساعد وكل ما يرافقها من قلق بكفالة أطفال أيتام ممن فقدوا أهلهم نتيجة الأحداث التي شهدتها البلاد. أما زميلتها ديمة فتطالب بوجود جمعيات خيرية أو مشافي حكومية تتولى مساعدة الأزواج اللذين لا يملكون المال لإجراء عمليات أطفال الأنابيب بأسعار مقبولة، ولمنع استغلالهم من قبل المراكز الخاصة والمتاجرة بأحلامهم.
وقبل اندلاع الحرب في سوريا تم افتتاح شعبة طفل الأنبوب في مشفى التوليد الجامعي الحكومي، ولكنها أغلقت بسبب سفر الطبيب المسؤول عنها، ورغم التصريحات المتتالية من قبل كل إدارة جديدة تتولى المهام بالمشفى عن عودة افتتاح قريبة، غير أن الأمر لم يخرج عن نطاق التصريحات الإعلامية حتى اللحظة.
ويوجد مقابل شعبة طفل الأنبوب الحكومية المتوقفة عن العمل، حوالي 40 مركزاً خاصاً بالإخصاب المساعد، وقد حدد القرار التنظيمي رقم/ 18 / الصادر عن وزارة الصحة لعام/ 2008 جملة من الشروط للحصول على ترخيص لافتتاح هذه المراكز، من بينها انه لايجوز اللجوء إلى الإخصاب المساعد إلا بالنسبة لزوجين على قيد الحياة وبواسطة أعراس (أمشاح ) متأتية منهما فقط، ويحظر الإخصاب الطبي المساعد بقصد الحصول على بويضات ملقحة بغية استعمالها لغايات تجارية أو صناعية أو بقصد الدراسات والأبحاث. ويجوز بموافقة الزوجين معا الكتابية الحصول على بويضات ملقحة زائدة وحفظها بهدف إجراء محاولة جديدة لإعادة عملية الزرع غير أنه في حال وجود أعراس (أمشاح ) أو مضغ فائضة يمكن للزوجين المطالبة كتابيا بإتلافها أو حفظها بالتجميد ويحظر التبرع بالأعراس (الأمشاح ) والبويضات الملقحة في إطار الإخصاب الطبي المساعد، ولايجوز استعمال رحم امرأة أخرى لزرع البويضة الملقحة .
في السادسة من عمرها، كانت نيفين (21 عاما) ترتدي زيها المدرسي بانتظار والدها الذي اعتاد على إيصالها إلى مدرستها، لكنه في تلك المرة لم يأتي.
تروي نيفين لـ“صالون سوريا“: “بعد وفاة والدي بحادث سير، تنقلت أنا وأختي الصغرى بين منزل جداي، وعندما تفاجأت أمي بحملها بأخي الذي ولد مصاباً بالشلل الدماغي، لم تستطيع تكبد مصروفنا جميعا، فاقترحت عليها إحدى صديقاتها إيداعنا في الدار، على أن تبقى أمي مع أخي للعناية به لحاجته إلى الرعاية المضاعفة“.
”الوصم“ هو أبرز التحديات التي تواجهها فتيات الدار، مع انتشار نظرة نمطية لهن في المجتمع، تشوبها الاتهامات القاسية، أولها الرسوب الدراسي، الأمر الذي تنفيه نيفين بالقول: “أدرس تصميم الأزياء، وتعلمت الرسم في معاهد خاصة، كما أطمح لإكمال دراستي والتسجيل في الجامعة الافتراضية قسم إدارة الأعمال، لا تعنيني نظرة المجتمع لي، بالرغم من أنني كنت محظوظة بأصدقائي الذين لطالما أحبوني و لم يسيئوا لي بنظراتهم المريبة، سأبقى مجتهدة على الدوام“.
وتختم نيفين بقولها “أنا فخورة أنني بنت الدار”، توافقها في الرأي نيرمين (22 عاما) التي تدرس الصيدلة، إذ تّكن الشابة مشاعر الامتنان للدار. تقول نيرمين :” تستهويني التركيبات الكيماوية والمواد الداخلة في صناعة الأدوية، دخلت الفرع لمحبتي الكبيرة به“. لم تسمح نيرمين لظروفها العائلية القاسية بالتأثير على مستقبلها، إذ عاشت تجربة “كفالة اليتيم” مرتين في حياتها ، عن هذا تشرح الشابة:” في عمر الرابعة، وقع الطلاق بين والداي، فتخلى أبي عني، بينما أمي أصيبت بالمرض ولم تعد تستطيع الاعتناء بي، فقامت جدتي بإيداعي عند أسرة غريبة تكفلت بي، عشت معهم إلى سن البلوغ في الثالث عشر من العمر، حينها أودعوني بدار الرحمة، لأن وجودي لم يعد مقبولا في ظل وجود 3 شبان في المنزل، وأنا أعيش هنا منذ تسع سنوات”. وعن تعامل المجتمع توضح نيرمين “عند ارتيادي المدرسة والجامعة، هناك من يعتبر أن وضعي الاجتماعي تهمة، ويتوجب عليّ الدفاع عن نفسي، لكني لا ألقي لهم بالاً، اتصرف بشكل طبيعي، عليهم تقبلي وانتهى الأمر”. وتتطلع الشابة لإكمال دراستها في الخارج إذا ما سمحت لها الفرصة عبر التقديم إلى منح دراسية مجانية، أما آية (20 عاما) فاختارت دراسة مجال التعويضات السنية بعد حصولها على الشهادة الثانوية، وقررت دراسة هذا الفرع عندما كانت تذهب برفقة والدتها التي كانت تعمل كمساعدة مخبري أسنان، وبعد أن انقطعت أخبار الزوج عنها وتم تهجيرهم من الغوطة الشرقية عاشت آية وشقيقتها مع أمها لمدة عامين إلى أن تزوجت ”فأودعتنا في دار الرحمة، ولم تعد تستطيع تحمل نفقاتنا، لكنها تزورنا على الدوام” تقول آية مضيفة ” أعلم جيدا أنني لو كنت مع والدتي ، لما وصلت إلى هذه المرحلة الدراسية، فتقاليد وعادات منطقتنا بالية جدا، لُحرمنا من التعليم، وأُجبرنا على الزواج، على غرار صديقاتي في الحي”.
دار الرحمة لرعاية الأيتام
تأسست دار الرحمة لرعاية الأيتام في عام 2007، وهي تابعة لجمعية الأنصار الخيرية التي افتتحت أبوابها عام 1995، بدأ عمل الدار باحتواء البنات في خطوة أولية، لكنه بعد سنوات شمل البنين أيضاً. مديرة دار الرحمة براءة الأيوبي تقول لـ“صالون سوريا”: ”مع بداية اندلاع الحرب في البلاد، كانت تقصدنا عائلات وأسر مكونة من فتيات وذكور، وعملنا كان يقتصر على استقبال الإناث فقط، من هنا بدأنا التفكير بإنشاء فرع للذكور، وبالفعل قمنا بذلك وأسسنا قسم خاص بالذكور الذين تتجاوز أعمارهم العاشرة ممن فقدوا ذويهما أو أحدهما، سواء بالموت أو في عداد المفقودين”.
ومن الحالات التي تستقبلها الدار أيضاً، هي حالات اليتم الاجتماعي، ويقصد به أن يعيش الطفل/ة في بيئة غير سليمة وتهدد حياته بالخطر، بسبب معاقرة أحد الأبوين للكحول أو المخدرات ، أو إصابته/ا بالمرض العقلي والنفسي الذي يشكل خطرا على الأطفال. إلى جانب عدم توافر القدرة المالية لإعالة الطفل، أو تخلي الوالدين عنه.
وتلفت الأيوبي إلى وجود ما يسمى بنظام “وديعة الطفل”، حيث يقوم أحد الوالدين أو كليها بإيداع طفلهم عند الدار لفترة غير محددة الأجل، لأسباب قاهرة قد تكون مرض أو سفر أو سجن، ثم يعود الوالدين لاسترجاع طفلهما بعد تغير الظروف،
ويخضع دار الرحمة لمجموعة من القوانين الصارمة من حيث مواعيد النوم والدراسة والاستيقاظ ومشاهدة التلفاز والاستراحة، كما يمنع استخدام الإنترنت، إلا لطالبات الجامعة. تحتوي الدار على عدة شقق، لتستوعب كل شقة حوالي 15 طفل وطفلة تتراوح أعمارهم من الأشهر الأولى إلى المرحلة الجامعية.
في زقاق الحمام داخل حارات مدينة إدلب يعمل عبدو دهنين (70 سنة) في محله التقليدي لكي الملابس. صباح كل يوم يسخن مكواته على منقل الفحم أو موقد الغاز، في حال نفاذ الفحم الموجود لديه، ويجلس بانتظار احضار الزبائن لملابسهم، ليقوم بكّيها.
عن عمله، يقول عبدو لـ“صالون سوريا“: ”ابدأ بتغطية الملابس المراد كيها بقطعة قماش، للحفاظ عليها ومنع احتراقها بسبب حرارة المكواة، وحرق الملابس يعد عيب بحق المحترف، و اليوم إذا أحرقت أي ثياب سأخسر ما بقي لدي من زبائن، وأعدادهم تتناقص أصلاً فهم جميعاً من كبار السن الذين لا تستهويهم التكنولوجيا“.
بدأ عبدو العمل بممارسة مهنته منذ كان صغيرا، بعد أن تعلمها على يد والده، لتصبح مصدر دخله الوحيد بعد أن اكتسب فيها خبرة كبيرة، كما قام بتعليمها لعدد من أبنائه وأخوته، إلا أنهم تركوا جميعاً الكي على الفحم، وتوجهوا نحو الكي على البخار والكهرباء، كما فتح بعضهم محلات لصباغة الملابس. بينما بقي عبدو متمسكاً بمكواة الفحم التي ورثها عن والده، والتي يتجاوز عمرها الـ 75 عاماً، حيث تعود تاريخها لفترة جلاء الانتداب الفرنسي عن سوريا.
أما عن سبب عدم مواكبة عبدو لتقنيات الكي الحديث، فهو حبه لتفاصيل مهنته التي تعود عليها، بالإضافة ”لضعف إمكاناته المادية وعدم قدرته على شراء الأدوات الجديدة الباهظة الثمن“ بحسب قوله.
نول أريحا
ومن إلى أريحا، حيث مهنة تقليدية أخرى على شفا الاندثار، وهي الحياكة على النول. يمضي إبراهيم الحسين (64) السّاعات الطّوال أمام النول الخاص به، وهو يعمل على إنهاء بساط يدوي ينوي هديته لأحد قريباته بمناسبة زفافها. وفي الاستراحة يروي لـ“صالون سوريا“ حكايته مع النول قائلاً ”بدأت العمل مع النول منذ كان عمري 10، حيث بدأت بتدوير دولاب الحياكة وتجهيز الخيوط، و مع التدريب المستمر، تمكنت من الحياكة على النول وهي المهمة الأصعب في المصلحة، وما إن بلغت الـ18 من عمري حتى خضعت لفحص العمل على النول لدى شيخ الكار، وبدأت حينها العمل على النول بشكل رسمي، حتى الآن“.
يتجاوز عمر مصلحة الحياكة على النول مئات السنوات، إلا أن عدد مكنات النول الموجودة في أريحا اليوم لم تعد تتجاوز العشرة، ومعظمها لا يعمل بشكل دائما، بعد أن كانت المدينة تحتضن 100 نول، بحسب ما يقول الحسين.
أما عن السبب فيشير إلى أن ”الحرب ألقت ظللها على المهنة، بعد إن توقفت طرق التصدير، وحتى عند توافرها، تفوق أجور الشحن المربح المتوقع، كذلك الحال مع طرق جلب الخيوط و باقي المستلزمات“.
ورغم ذلك يستمر الحسين بعمله لأنه تراث وإرث من والده وأجداده، ”فمن هذا النول فتحت بيتي، وربيت أولادي ، ورغم كل ما حدث والحمدالله عايشين ومستورين“ يقول الحسين مؤكداً ”شيئان لا يمكن أن أبتعد عنهما: أريحا و النول“.
مكانسالقش
دخلت مهنة صناعة مكانس القش، المعروفة محلياً باسم ”المشباط“ إلى مدينة إدلب قبل مائتي عام، لتتقنها وتتوارثها عائلات خشوف، حربا، خشان، حايك، وزيداني، كما يشير زهير حربا (40سنة) وهو أحد أصحاب ورش صناعة مكانس القش في المدينة.
وعن هذه الصناعة يقول حربا لـ“صالون سوريا“ : ”تمر صناعة القش بعدة مراحل تبدأ بجلب أكوام القش التي تسمى في المصلحة (أبواع القش)، يليها عمليات الفرز لاختيار القش القوي وهو النوع الجيد لصناعة المقشات، ثم نقوم بنقع القش بالماء ليسهل التحكم به، ثم تبدأ بعدها عملية القص وتسويته ضمن حزم متساوية الطول والحجم، وأخيراً يخضع لعملية تبخير ليتخلص من العفن والحشرات في حال وجودها به، كما تكبسه تلك العملية لوناً جميلاً ومميزاً ليجمع بعدها القش في حزم تتم خياطتها“.
تواجه هذه الصناعة التقليدية عدّة تحديات متعلقة بالحصول على القش، فاليوم يجلب القش من منطقة الجزيرة أو يتم استيراده من تركيا، وبالتالي فان سعر القش سيتضاعف، كذلك انعدام طرق التصدير خارج المحافظة ولاسيما لبنان الذي كان المستهلك الأكبر لإنتاجهم، بحسب حربا، لكن انقطاع الكهرباء المستمر، وخسارة العديد من العائلات لمكانسها الكهربائية، نشط سوق المكانس اليدوية بعض الشيء.
وفي الوقت الذي تقضي فيه الحرب على الكثير من معالم سوريا، يصارع حرفيون لإبقاء بعض المهن التراثية حيّة رغم صعوبة العمل وتحدياته الكثيرة، دون أن يتلقوا أية مساعدة أو دعم من الجهات التي تدير هذه المناطق.
ينفخ أبو أحمد في يده ويرمي النرد، يصيح بنشوة “شيش بيش” أي ستة وخمسة، يغتاظ أبو رامي الجالس قبالته ويعقد حاجبيه، “يا أخي من وين بتجيب هالحظ أنت؟، والله لولا حظك كنت باخدك خشب وبعمرك ما بتعرف تاخد مني برتية (ثلاثية) وحدة، بس شو بدنا نعمل؟، قال حظ أبو أحمد اعطيني وبالبحر ارميني!”، وتستمر لعبة الطاولة بين الرجلين على هذا النحو، كأنها معركة، رغم أنها يجتمعان يوميا للعبها لساعات طويلة تبدأ أحيانا في السادسة صباحا.
نستأذن الرجلين لالتقاط صورة لهما وهما يلعبان، يقول أبو أحمد مذعوراً “لا،لا، دخيلك بلاها ما بحب الصور”، يضحك صديقه اللدود أبو رامي ويعقب: “أي معلش بيخاف من مرتو بلكي صار عندو معجبات بعد الصورة”، ينهره أبو أحمد، “يا رجل كل شي عندك مسخرة، مو هيك القصة، بس صار عمري ٦٥ سنة وبعمري ما حبيت اتصور، بكره هالقصة، بخجل مدري بتلبك، أنا الموبايل أبو كاميرا كلو ع بعضو بكرهو، مو شايفني حامل موبايل أبو بيل (موبايل صغير لا يحوي كاميرات أو برامج تواصل اجتماعي)”.
هذا جزء من يوميات الرجلين التي تتكرر منذ سنين، فلا يبدو أنهما قادران على صنع اي اختلاف بيومياتهما، فكل تركيزهما منصب على لعبة الطاولة التي تتوسطهما منذ الصباح وحتى المساء، كما يؤكد مازن عامل القهوة، “كل يوم يأتي أبو أحمد وأبو رامي ويلعبان الطاولة، هني أصدقاء مقربين للغاية وكل يوم بيعيطوا وبيجاكروا بعضن“.
أصدقاء من أحياء مُتحاربة
الجانب الخفي في هذا المشهد هو انتماء الصديقين لحارتين وقفتا على جبهتي الحرب وسالت بينهما الدماء، إلا أن الخصوصية ليست في هذه الصداقة التي ظلت حية فحسب، بل في مكان إِحْيَائِها، أي مكان اللقاء اليومي ولعب الطاولة، وسط المدينة، في مقهى هناك كان على خط النار لخمسةِ أعوام.
أبو أحمد الذي عاد من مهجره في ريف حمص إلى منزله في حي جورة الشياح بعد ترميمه، يقول لـ“صالون سوريا“: “ما انقطعت صلتي بأبو رامي ولا يوم، ولو أنو كان مستحيل نلتقي لما كانت الحرب بعزها بحمص، بس كنا كل يوم نحكي ع لتلفون، هي الحرب مجنونة وكانت كفيلة تخلي كل الناس تخسر بعضها، بس كيف يعني أنا أكره أبو رامي واحقد عليه هيك فجأة وهو رفيق عمري، هاد اللي كان مطلوب يصير بهي الحرب، بس دائماً المحبة أقوى، أنا مو بس أبو رامي ما قطعت علاقتي فيه، لأ، أنا حاولت حافظ على علاقتي مع كل رفقاتي بغض النظر عن مكان تواجدهم أو موقفهم السياسي“.
إلا أن أبو أحمد خسر بعض الأشخاص المقربين منه، كما حصل مع صديق له نعته ”بالإرهابي“ بعد أن اشتعلت الحرب، عنه يروي أبو أحمد: “ما بدي أذكر اسمو بس دائما بحاول لاقيلو مبررات، هو خسر ناس من عيلتو بهي الحرب القذرة وعاطفتو غلبت على عقلو.. حز بقلبي كتير أنو قال عني إرهابي، الله يرحمو صار بديار الحق وهو رافض يحكي معي رغم أني حاولت أكتر من مرة”.
من جهته يستذكر أبو ميمون الذي يقيم في حي الزهراء محاولاته في الحفاظ على صدقاته خارج الحي ويقول لـ“صالون سوريا“: “بعز دين الحرب لما شعلت كل حمص واتدمرت المؤسسات انتقلت شعبة التجنيد لحارتنا، ومعروف أنها رأس حربة الأحياء المؤيدة للدولة بمعزل عن التسميات اللي أطلقت عليه، وكان وقتا مخاطرة ومجازفة يدخل حدا من حارة تانية محسوبة ع لطرف التاني عليها، وكان ابن رفيق الي بحاجة ماسة يوصل لشعبة التجنيد، طلعت استلمتو من مدخل الحارة وما خليت حدا يتعرضلو لخلص شغلو بالشعبة“. ويختم بقوله “لم انسلخ عن مجتمع أصدقائي خارج الحي، وتبلورت هذه الصداقة بعد أن انقشع غبار الحرب ورجعت حمص كل مدينة واحدة يلّفها الحب والطيب”.
عاصمة الضحك
كانت حمص في عام 2010 مرشحة لتكون ”عاصمة للضحك“ بحسب مبادرات مجتمعية حينها، وكانت المدينة على أعتاب مشروع ضخم عُرف باسم مشروع “حلم حمص“، وكان ربانه محافظ حمص الجدلي إياد غزال الذي أقيل في بداية الحرب من منصبه، وكان مشروعه حينها يهدف لجعل حمص مدينة أبراج ومسطحات مائية ومترو أنفاق وغيرهم الكثير، ولكن الحرب عاجلت حمص ولم تترك لها فرصة لالتقاط نفسها، فجأة صار ثلثا أحيائها ركاماً، وأكثر من نصف سكانها مهجرين.
“لقد سمعت عن حلم حمص من والدي”، يقول ماهر طيبشو الطالب الجامعي لـ “صالون سوريا”، متسائلا: “هل حقاً كانت هناك إمكانية لتنفيذه؟، لو نفذ لربما كانت صارت حمص مثل دبي”.
أما عن أشهر شوارع المدينة ”الدبلان“ فتقول سما، وهي ربة منزل،”مرقت أيام قلنا فيها مستحيل بعمرنا بقى نشوف السوق، لو تعرف قديه بيعنيلي شارع الدبلان بكل شي فيه، البياعين الحماصنة متل العسل، ما بيخلوك تطلع زعلان من عندن، هي ميزة مو موجودة بكل مكان، بتروحن وأنا ماشية بشوارع هالمدينة بعد ما مرقت سنين كان المشي بقلب حارتي نفسا خطر بسبب القناصين.. الله يرحم اللي راحوا ورح نعمر حمص باللي بقيوا”.
تتعدد الأسماء التي يطلقها السوريون على حمص بحسب موافقهم السياسية وتوجهاتهم، إلا أن المؤكد أن مدينة ديك الجن تنتظر منذ سنين إعادة الإعمار الذي لم يبدأ بعد.
وبانتظاره، يعيش أهل المدينة يومياتهم بملل، تتكرر مشاهده يومياً كما قال معظم من استمع إليهم “صالون سوريا”، فلا وسائل ترفيه ولا منتزهات تذكر ولا مطاعم بالمستوى المطلوب، ويطول الحديث في تعداد ما ينقص المدينة فضلاً عن البطالة المنتشرة، والتي جعلت الكثير من شباب المدينة يحلمون بالسفر.