سوريا في أسبوع  9-16 آذار /مارس 2020

سوريا في أسبوع 9-16 آذار /مارس 2020

قتلى ودمار ونزوح

14  آذار/مارس

تسبّبت تسع سنوات من الحرب الدامية والمدمرة في سوريا بمقتل 384 ألف شخص على الأقل، بينهم أكثر من 116 ألف مدني، وبين القتلى المدنيين أكثر من 22 ألف طفل و13 ألف امرأة وفق حصيلة نشرها المرصد السوري لحقوق الإنسان، عشية دخول النزاع عامه العاشر.

وتسببت الحرب بأكبر مأساة إنسانية منذ الحرب العالمية الثانية، وفق الأمم المتحدة، مع نزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها. كما استنزفت الاقتصاد وموارده والبنى التحتية وتسببت بانهيار قياسي في قيمة الليرة السورية.

وفي ما يتعلق بالقتلى غير المدنيين، أحصى المرصد مصرع أكثر من 129 ألف عنصر من قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جنسيات سورية وغير سورية، أكثر من نصفهم من الجنود السوريين، وبينهم 1697 عنصراً من حزب الله اللبناني الذي يقاتل بشكل علني إلى جانب دمشق منذ العام 2013.

وتشمل هذه الإحصاءات وفق المرصد، من تمكن من توثيق وفاتهم جراء القصف خلال المعارك، ولا تضم من توفوا جراء التعذيب في المعتقلات الحكومية أو المفقودين والمخطوفين لدى مختلف الجهات. ويقدر عدد هؤلاء بأكثر من 97 ألف شخص.

عدا عن الخسائر البشرية، أحدث النزاع منذ اندلاعه دماراً هائلاً، قدرت الأمم المتحدة في وقت سابق كلفته بنحو 400 مليار دولار.

إجراءات “كورونا

13  آذار/مارس

أعلنت السلطات السورية الجمعة سلسلة إجراءات للوقاية من احتمال تفشي فيروس كورونا المستجد في البلد الذي يعيش حرباً ولم تعلن فيه رسمياً أي إصابة بعد، وفق ما أفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية سانا.

وإذ جرى تأجيل الانتخابات البرلمانية التي كانت مقررة في 13 الشهر المقبل، أعلنت الحكومة في ختام اجتماع وزاري برئاسة رئيس الوزراء عماد خميس،  “تعليق الدوام في الجامعات والمدارس والمعاهد التقنية العامة والخاصة…ابتداء من يوم الغد 14 آذار/مارس ولغاية الخميس 2 نيسان/ابريل”.

وتقرر كذلك “إيقاف كل النشاطات العلمية والثقافية والاجتماعية والرياضية” في البلاد، وفرضت السلطات أيضاً منع “تقديم النراجيل في المقاهي والمطاعم”.

وذكرت الوكالة أن عدد العاملين في القطاع العام سيخفض بنسبة 40%، وسيجري خفض ساعات العمل إلى ما بين الساعة 9,00 و14,00.

وقالت الحكومة السورية إنه سيجري تجهيز مراكز حجر صحي “بمعدل مركزين في كل محافظة”، بحسب سانا، في حين لم تعلن سوريا حتى الآن تسجيل أي حالة وفاة أو إصابة بالفيروس.

وأكد وزير الصحة السوري الجمعة عدم وجود أي إصابة بكوفيد-19 في بلاده، وفق سانا.

سير روسي – تركي

13  آذار/مارس

اتفق مسؤولون أتراك وروس الجمعة على البدء بتسيير دوريات مشتركة في محافظة إدلب السورية في عطلة نهاية الأسبوع، بحسب ما أفاد وزير الدفاع التركي خلوصي اكار، عقب وقف هش لإطلاق النار في آخر معقل للمقاتلين السوريين.

ويزور وفد عسكري روسي أنقرة منذ الثلاثاء لتحديد تفاصيل وقف إطلاق النار الذي تم الاتفاق عليه في الخامس من آذار/مارس في موسكو بين الرئيس التركي رجب طيب اردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين.

وجاء في الاتفاق أنه سيقام ممر أمني عبر تسيير دوريات تركية روسية على طول الطريق السريع الرئيسي ام4 في محافظة إدلب شمال غرب سوريا.

وتتعرض إدلب لقصف شديد من القوات السورية والطائرات الروسية منذ كانون الأول/ديسمبر أدى الى مقتل مئات المدنيين وأجبر نحو مليون على الفرار باتجاه الحدود التركية.

طفلان كل يوم

 12آذار/مارس

 قبيل الذكرى السنوية العاشرة لبدء الحرب في سورية، ناشدت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونسيف) الحكومات والرأي العام عدم التخلي عن الأطفال السوريين. وذكرت المنظمة اليوم الجمعة في بيان: “كل عشر ساعات يموت طفل جراء الحرب”.

وتُقدر المنظمة عدد الأطفال الذين لا يستطيعون الذهاب إلى المدرسة جراء الحرب بنحو 8،2 مليون طفل، مشيرة إلى أن كثيرا منهم لم يذهب إلى المدرسة على الإطلاق.

وخلال الأسابيع الماضية، نزح أكثر من 900 ألف شخص في محافظة إدلب السورية إلى الحدود مع تركيا. وتعتبر إدلب المعقل الأخير لمقاتلين إسلاميين انسحبوا من محافظات أخرى في سورية.

وذكرت اليونسيف في بيانها أن نحو 60% من النازحين أطفال، مضيفة أنهم يعانون على الجبهات القتالية من العنف والتشريد والعوز الشديد.

قتل غامض

 12آذار/مارس

قتل 26  عنصراً من الحشد الشعبي العراقي في ضربة جوية في شرق سوريا ليل الأربعاء، وفق حصيلة جديدة للمرصد السوري لحقوق الإنسان الخميس، في أعقاب هجوم استهدف قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة في العراق موقعاً قتلى.

ونفى التحالف الدولي أن يكون شنّ غارات في سوريا ليل الأربعاء، بعدما رجّح المرصد السوري أن تكون طائراته استهدفت المقاتلين العراقيين قرب مدينة البوكمال الحدودية في ريف دير الزور الشرقي.

وأتت الغارة بعد ساعات على مقتل جنديين، أميركي وبريطاني، ومتعاقد أميركي في هجوم بصواريخ كاتيوشا استهدف مساء الأربعاء قاعدة التاجي العسكرية العراقية التي تؤوي جنوداً أميركيين شمال بغداد.

ويعد هذا الهجوم الأكثر دموية على الإطلاق ضد مصالح أميركية في العراق منذ سنوات عدة.

ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم الصاروخي على القاعدة العسكرية>

قيصر” في الكونغرس

11  آذار/مارس

حضّ عسكري سوري منشقّ عن النظام وثّق بالصور انتهاكات مارستها أجهزة الرئيس السوري بشّار الأسد، الكونغرس الأميركي الأربعاء على ضمان محاسبة مرتكبي هذه الممارسات وذلك خلال إدلائه بشهادة أمام مجلس الشيوخ.

والعسكري السابق الذي كان يعمل مصوّراً في الجيش السوري وبات لقبه “قيصر”، انشقّ في العام 2014 وبحوزته 55 ألف صورة توثّق وحشية الممارسات في سجون النظام السوري إبّان فترة قمع الانتفاضة في سوريا.

وفي مشهد غير مألوف في الكونغرس الأميركي، أدلى “قيصر” بشهادته أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ مخفياً وجهه ومرتدياً سترة رياضية بغطاء للرأس تفوق قياسه، وقد طُلب من الحضور ووسائل الإعلام إطفاء الهواتف وآلات التصوير.

وقال “قيصر” إنّه وعلى الرّغم من المجازفات التي قام بها، لم يحقّق هدفه بوضع حدّ للانتهاكات.”

وإثر شهادة سابقة أدلى بها “قيصر” في العام 2014 أعدّ أعضاء الكونغرس مشروع قانون يحمل اسمه فرض قيوداً مالية على سوريا، بما في ذلك وقف مساعدات إعادة الإعمار إلى حين سوق مرتكبي الأعمال الوحشية إلى العدالة.

ومشروع القانون الذي يفرض عقوبات على شركات تتعامل مع الأسد وبينها شركات روسية، وقّعه أخيراً الرئيس دونالد ترامب في كانون الأول/ديسمبر بعد سجال في الكونغرس استمر لسنوات.

وأشاد “قيصر” بالقانون لكنّه دعا الكونغرس الأميركي للسهر على تطبيقه.

مدرب جديد للمنتخب

11  آذار/مارس

عيّن الاتحاد السوري لكرة القدم التونسي نبيل معلول مديرا فنيا للمنتخب الأول، بحسب ما أعلن المدرب السابق لمنتخب بلاده ليل الثلاثاء الأربعاء.

وأورد معلول عبر حسابه على “تويتر”، “سعيد بتعييني مدربًا للمنتخب الوطني السوري ولثقة الاتحاد السوري لكرة القدم في شخصي وسيكون هدفنا الأول التأهل إلى مونديال قطر 2022 إن شاء الله”.

وكان معلول (57 عاما) قد وصل دمشق الأحد للاجتماع بالاتحاد تمهيداً لتوقيع اتفاق يخلف بموجبه المدرب السابق فجر إبراهيم الذي انتهى عقده نهاية العام الماضي بعدما قاد منتخب سوريا إلى صدارة المجموعة الآسيوية الأولى للتصفيات المزدوجة لكأس العالم 2022 وكأس أسيا 2023.

ويتصدر المنتخب السوري الذي لم يسبق له التأهل الى نهائيات كأس العالم، مجموعته بعد خمس جولات بالعلامة الكاملة برصيد 15 نقطة، مقابل 7 نقاط للصين والفليبين و3 لجزر المالديف ولا شيء لغوام.

وأعلن الاتحاد الدولي للعبة (فيفا) إرجاء المباريات المقبلة من التصفيات التي كانت مقررة في آذار/مارس وحزيران/يونيو الى موعد يحدد لاحقا، على خلفية المخاوف من انتشار فيروس كورونا المستجد.

وتولى معلول بداية تدريب تونس عام 2013 وفشل في قيادة المنتخب لنهائيات كأس العالم 2014، قبل ان ينتقل الى الجيش القطري ومنه الى المنتخب الكويتي، ويعود لتدريب المنتخب التونسي في نيسان/أبريل 2017 خلفا للبولندي-الفرنسي المقال هنري كاسبرجاك.

جرائم تعذيب

10  آذار/مارس

 أعلنت محكمة ألمانية الثلاثاء أنه سيتم للمرة الأولى في ألمانيا محاكمة سوريين اثنين اعتباراً من نيسان/أبريل القادم بتهمة ارتكاب جرائم تعذيب في سجون الرئيس السوري بشار الأسد.

ووافقت المحكمة الإقليمية العليا بمدينة كوبلنتس على الدعوى المقدمة من الادعاء العام الاتحادي ضد موظفين اثنين سابقين بالاستخبارات السورية، وفقاً لبيانات المحكمة.

وبحسب بيانات المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان، ستكون هذه المحاكمة أول محاكمة جنائية من نوعها على مستوى العالم ضد أعمال التعذيب للحكومة في سورية.

ومن المقرر أن تبدأ المحاكمة يوم 23 نيسان/أبريل القادم. يذكر أنه تم إلقاء القبض على المدعى عليهما  السوريين أنور أر. 57/ عاما/ وإياد إيه. 43/ عاما/ في شباط/فبراير عام 2019 بالعاصمة الألمانية وفي ولاية راينلاند-بفالتس. ويقبعان في الحبس الاحتياطي منذ ذلك الحين.

وبحسب صحيفة الادعاء، فإن أنور أر. متهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، ويتم اتهامه بالقتل والاغتصاب وارتكاب انتهاكات جنسية شديدة. ويشتبه أن أنور أر. كان يتولى مهمة قيادية في سجن بدمشق وكان مسؤولا عن أعمال تعذيب وحشية لما لا  يقل عن أربعة آلاف شخص.ويتم إتهام إياد إيه. الذي تم إلقاء القبض عليه في ولاية

راينلاند-بفالتس بالمساعدة على ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، ويشتبه أنه جلب 30 متظاهرا إلى سجن التعذيب.

تقسيم إدلب

10  آذار/مارس

 قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو الثلاثاء إن الجيش التركي سيتكفل “بالرقابة” على الجزء الواقع شمالي ممر أمني أقيم حول طريق سريع في محافظة إدلب بشمال غرب سوريا بينما سيخضع الجزء الجنوبي لرقابة القوات الروسية.

ويعد الاتفاق على هذا الممر جزءاً من اتفاق لوقف إطلاق النار توصلت إليه تركيا وروسيا الأسبوع الماضي لوقف القتال الدائر في إدلب الذي أدى إلى نزوح قرابة مليون شخص خلال ثلاثة أشهر وأثار احتمال وقوع اشتباك عسكري بين تركيا وروسيا.

وعزز هذا الاتفاق ما حققته القوات السورية المدعومة من روسيا من مكاسب أمام المعارضة التي تدعمها تركيا لكنه أوقف زحف القوات السورية وخفف من أعظم مخاوف أنقرة وهو تدفق المزيد من المهاجرين السوريين للانضمام إلى 3.5 مليون لاجئ سوري في تركيا حاليا.

حفتر في دمشق

09  آذار/مارس

 أفادت صحيفة “الشرق الأوسط” اللندنية، نقلاً عن مصادر متطابقة، بأن زيارة سرية لقائد ما يسمى بـ”الجيش الوطني الليبي” خليفة حفتر إلى دمشق مهدت الأرضية أمام استئناف العلاقات الدبلوماسية بين ما توصف بـ”الحكومة الموازية” في بنغازي والحكومة السورية في دمشق.

وذكرت الصحيفة على موقعها الإلكتروني أنها علمت أن زيارة حفتر لدمشق “باركتها زيارة سرية أخرى قام بها رئيس المخابرات العامة المصرية عباس  كامل لمدير مكتب الأمن الوطني السوري اللواء علي مملوك منتصف الأسبوع الماضي”.

وأشارت إلى أن “الهدف المعلن من التحركات السرية، هو إعادة الحرارة إلى  طريق دمشق. بينما الهدف المضمر، هو تنسيق الجهود لمواجهة الدور التركي

في ساحات عدة أهمها سورية وليبيا”.

ولفتت الصحيفة إلى أن “العلاقة بين الحكومة السورية وحفتر تعود إلى سنوات طويلة، بل إن بعض أبناء أسرته يعيشون في العاصمة السورية كما هو الحال مع أقرباء وأحفاد العقيد معمر القذافي. ومع مرور الوقت، بدأت تتراكم الظروف إلى أن انتقلت العلاقة من بعدها الشخصي إلى التنسيق العسكري والاستخباراتي والتعاون السياسي”.

كورونا في سوريا، ومسرح اللامعقول

كورونا في سوريا، ومسرح اللامعقول

* تُنشر هذه المادة ضمن ملف “الحرب على كورونا: معركة جديدة مصيرية للسوريين\ات

أغلقت الحكومة السورية المدارس والجامعات في سوريا إبتداء من يوم 14 آذار وحتى 2 نيسان لتعقيم الصفوف، وأصدرت قراراً بمنع الأركيلة في المقاهي. وجاء هذا القرار بغتةً إذ أن الإعلام الرسمي السوري أكد مراراً أن سوريا خالية من فيروس كورونا وبأن الحالة الوحيدة التي اشتبهوا أنها مصابة بفيروس كورونا ثبت بعد التحاليل أنها ليست كورونا ! لذا جاءت هذه الإجراءات التي اتخذتها الحكومة السورية مفاجئة، لكن ماذا تعني هذه الإجراءات بالفعل؟

حالة صفوف المدارس: بداية أحب أن أشير إلى أهم مدرسة في اللاذقية وهي ثانوية البعث للطالبات في المرحلتين الإعدادية والثانوية. وتقع هذه المدرسة في حي العوينة المكتظ سكانياً، وأهم ما يميزها هضاب الزبالة عند باب المدرسة، ولا أبالغ بكلمة هضاب أبداً، لدرجة أصبحت هضاب الزبالة من جغرافية المشهد، حتى أنني عندما طلبتُ تاكسي قلتُ للسائق أنني أريد الذهاب إلى جانب مدرسة البعث للبنات في حي العوينة فرد للتو: يعني عند حاويات الزبالة ؟ قلتُ تماماً. أصبحت حاويات الزبالة دليلاً للعنوان، ولأنني على احتكاك مباشر مع العديد من المدرسين والطلاب في مدارس اللاذقية فقد أخبروني ما يلي ومن يرغب بالتأكد يستطيع زيارة تلك المدارس:

أولاً: معظم الطلاب يحضرون إلى المدرسة خاصة في الأحياء الشعبية بحالة دوار من الجوع، لدرجة تضطر المُدرسة بالتعاون مع إدارة المدرسة أن يشتروا خبزاً وزيتاً وزعتراً أو لبنة لهؤلاء الأطفال الجياع، ومعظم هؤلاء الأطفال يتناوبون هم وأخوتهم الطلاب أيضاً الدفاتر نفسها والقلم نفسه، لأن لا إمكانية للأهل أن يشتروا لكل ابن دفتراً وقلماً.

ثانياً: معظم الصفوف في مدارس اللاذقية غير مدفأة ولا مُضاءة، وفي الشتاء يبدأ الظلام حوالي الساعة الرابعة والنصف وينتهي دوام الطلاب عند الساعة الخامسة والنصف أي أنهم يقبعون ساعة وأكثر في الظلام وقالت لي إحدى الطالبات: ننزل الدرج خائفين أن نسقط لكن إن كانت الأستاذة لطيفة تنير لنا الدرج بضوء موبايلها.

ثالثاً: الحمامات في المدارس أي المغاسل والمراحيض مروعة في قذارتها وإهمالها لدرجة يمكن إعتبارها مزارع لأخطر أنواع الجراثيم وثمة طلاب يمتنعون عن شرب الماء كي لا يضطرون للتبول في المراحيض، والكثير منهم يُصابون بإلتهاب المجاري البولية بسبب القذارة المقرفة للمراحيض والمغاسل. وهذه القذارة نجدها في معظم المقاهي والمطاعم في اللاذقية ولو بدرجات متفاوته.

لا أعرف معنى تعقيم الصفوف فيما هضاب القمامة على أبواب المدرسة! وحين سألت الطلاب إن كان بعض الأساتذة أو المسؤولين في المدرسة قد نبهوهم للإصابة بفيروس كورونا وكيفية الوقاية منه أجمع كل الطلاب على جواب: أبداً لم يتكلم معنا أحد عن فيروس كورونا لكنهم (بعض المدرسين وإدارة المدرسة) وعظوا الطلاب عن أهمية الليرة السورية وإحترامها والليرة عزتنا الخ ونبهوا الأطفال (الدائخين من الجوع) إلى خطورة التعامل بالدولار (الشو اسمو). وبأن عقوبة من يتعامل بالدولار كبيرة جداً! هل نبالغ إذا وصفنا سوريا بمسرح اللامعقول أو وطن اللامعقول! من أين سيحصل طالب فقير على الدولار! وهو الذي يلهث وراء رغيف الخبز ليسد جوع معدته! ما هذه المواعظ الخُلبية التافهة؟ من يقرر هكذا مواعظ لطلاب فقراء يدرسون على ضوء الشموع في منازلهم ومحرومين من الأكل الصحي الضروري لنمو أجسامهم وعقولهم، يحدثونهم عن عقوبة التعامل بالدولار! يا للعار، يا لاحتقار الطفولة والمراهقة.

جاء قرار إغلاق المدارس والجامعات ومنع الأركيلة مُضحكاً والكل يرى الحشود التي تزيد عن مئتي أو ثلاث مئة سوري محتشدين متلاصقي الأجساد عند باب الأفران أو بانتظار جرة الغاز أو عند أبواب المؤسسات الإستهلاكية حين توزع السكر والرز والزيت النباتي على المواطنين ولكل مادة غذائية بطاقة ذكية! كل شيء مجبول بالذكاء في سوريا ولا يمكنك الحصول على أي شيء إلا بواسطة ذكاء البطاقة الذكية! هؤلاء الحشود كيف ستتعامل معها وزارة الصحة السورية وكيف ستقيها من الكورونا! إذ يكفي أن يكون أحد الأشخاص الواقف في طابور الخبز أو الغاز أو الرز مصاباً بفيروس كورونا حتى يعدي الـ300 مواطن سوري الذي يهدر وجوده بانتظار الخبز والرز والغاز وغيرها من المواد الأساسية.

الأمر المهم أن سوق البالة المركزي وسط اللاذقية يعج بآلاف محلات البالة، وهو عبارة عن زقاق ضيق جداً تتراص دكاكين البالة على جانبيه ولا يمكنك المرور به بسبب الازدحام الشديد للناس والذي ينافس الازدحام على الأفران، ولا أظن أن الدولة السورية قادرة على اتخاذ قرار بإغلاق محلات البالة، وإلا لمشى 80 بالمئة من الشعب السوري عارياً. وثمة إجراءات هامة اتخذتها الدول المتقدمة وحتى لبنان بأن تعوض الراتب كاملاً للعمال الذين يضطرون للعمل كل يوم محتكين بالناس. في سوريا لم تلتفت الحكومة لوضع هؤلاء العمال ولم تطالب أي من العاملين في كل مؤسسات الدولة بتخفيض عمل العاملين فيها أو أن يعملوا من بيوتهم، بقي وضع المصارف ومعظم مؤسسات الدولة كما هو. وبقيت هضاب القمامة في الطرقات والأزقة وعند مداخل المدارس، واستمرت آلاف محلات البالة تشرع أبوابها كي يلبس الفقراء أجمل الماركات العالمية وبأسعار معقولة. الحشود على الأفران والمؤسسات الإستهلاكية التي توزع المعونات للمواطن السوري والحشود في محلات البالة لا يُمكن تعقيمها، بل هي بيئة ممتازة لإنتشار فيروس الكورونا وتحوله إلى وباء. وماذا بعد 2 نيسان! هل ستتعقم المدارس والجامعات فعلاً، في حين تتراكم الزبالة عند مدخلها وينغل الذباب والجرذان، ومراحيضها ومغاسلها قمة في القذارة وغالباً المياه مقطوعة.

 التعقيم في سوريا مجرد ديكور، شيء منفصل عن الواقع الحقيقي لشعب يعاني من الإهمال والفقر والجوع والخوف. حياة السوري مع التعقيم الذي أوهمتنا به وزارة الصحة تشبه حكاية الإمبراطور العاري. على الشعب كله أن يمتدح ملابسه ووحده طفل سوري فقير لا يعرف طعم السمك ولا اللحم ولا الفاكهة ويحضر إلى المدرسة بحالة دوار من خواء معدته ليجد نفسه يتلقى وعظاً عن خطورة التعامل بالدولار! وحده الطفل سوري الطالب في صفوف معتمة باردة مخلوعة النوافذ والأبواب يمكن أن يقول: التعقيم كذبة ويكشف عري وزارة الصحة والإجراءات المزعومة للوقاية من الكورونا.

لعبة خطرة على «المسرح» السوري

لعبة خطرة على «المسرح» السوري

سوريا التي كانت لدى بدء الحركة الاحتجاجية للمطالبة بالديمقراطية، لم تعد مترابطة أو لم تعد هي ذاتها. لا هي طموح المتظاهرين قبل 9 سنوات، ولا هي كما أرادت دمشق في إجراءاتها. يتعايش المتحاربون في «المسرح السوري»، فيما لا يزال السوريون متخاصمين ومنقسمين. باتت مساحة، اختفت منها آمال التغيير وتجددت رغبة القمع. «كورونا»، لم يميز بين مناطق الحكومة المدعومة من روسيا وإيران، وهي نحو 64 في المئة من البلاد، و26 في المئة منها، وهي مناطق الأكراد المدعومين من التحالف الدولي بقيادة أميركا، ومناطق المعارضة المدعومة تركياً البالغة نحو 10 في المئة. لكن لا يزال «عاجزاً» عن توحيد السوريين… إلا في المعاناة التي تضاف إلى التهجير والنزوح واللجوء والأزمة الاقتصادية.

– الخسائر

قتل في الحرب الدامية والمدمرة 384 ألف شخص على الأقل، بينهم أكثر من 116 ألف مدني، حسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، الذي أشار إلى أنها «لا تشمل من توفوا جراء التعذيب في المعتقلات الحكومية أو المفقودين والمخطوفين لدى مختلف الجهات، ويقدر عددهم بـ97 ألفاً».

تسببت الحرب في «أكبر مأساة إنسانية» منذ الحرب العالمية الثانية، وفق الأمم المتحدة، مع نزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها (من أصل 23 مليوناً). وآخر موجة من العذاب كانت لدى شن قوات الحكومة بغطاء روسي ودعم بري إيراني هجومها على إدلب، حيث فر أكثر من مليون مدني إلى شمال البلاد، كان نصفهم من الأطفال الذين يموت منهم اثنان يومياً.

كما استنزفت الاقتصاد وموارده والبنى التحتية، وأحدثت دماراً هائلاً، قدر بـ400 مليار دولار. وتسببت في انهيار قياسي في قيمة الليرة السورية، إذ وصل سعر الدولار إلى ألف ليرة بعدما كان 46 ليرة في 2011.

ويلقي مسؤولون سوريون اللوم في ذلك على الحصار الاقتصادي والعقوبات التي تفرضها دول غربية. لكن أميركا ودولاً غربية تعزو ذلك إلى «سلوك النظام والجرائم التي ارتكبت». ويبدو أن دمشق على موعد من مزيد من العقوبات الأميركية لدى البدء بتطبيق «قانون قيصر» في منتصف يونيو (حزيران). و«قيصر» هو عسكري سابق كان يعمل مصوّراً في الجيش، انشقّ في عام 2014 وبحوزته 55 ألف صورة «توثّق ممارسات في سجون النظام في قمع الانتفاضة». وفي مشهد غير مألوف في الكونغرس الأميركي، أدلى «قيصر» بشهادته أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ قبل يومين. وإثر شهادته في عام 2014، أعدّ أعضاء الكونغرس مشروع قانون حمل اسمه، فرض قيوداً مالية على سوريا، بما في ذلك وقف مساعدات إعادة الإعمار. القانون وقّعه الرئيس دونالد ترمب في ديسمبر (كانون الأول) بعد سجال في الكونغرس استمر لسنوات، وسيدخل حيز التنفيذ منتصف يونيو.

– تدخل تركيا

لا شك أن تركيا أحد «اللاعبين» في سوريا، إذ إنه منذ البداية دعمت المعارضة التي اتخذ لاحقاً أحد أبرز تحالفاتها مقراً له في إسطنبول، كما لجأ إليها بعض قادة الفصائل المسلحة. واستضافت برنامجاً لتدريبها بقيادة «وكالة الاستخبارات المركزية»، قبل وقف واشنطن له.

ومنذ عام 2016، زاد القلق التركي من قيام كيان كردي شمال سوريا بفضل دعم أميركا لفصائل كردية قاتلت «داعش». بدأت تركيا أول تدخل عسكري لها في سوريا أطلقت عليه «درع الفرات» واستهدف ريف حلب الشمالي الشرقي. وسيطرت خلاله على منطقة حدودية تضم مدينتي جرابلس والباب. وفي يناير (كانون الثاني) 2018، شنّت عملية «غصن الزيتون» على منطقة عفرين، ذات الغالبية الكردية. وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، اغتنمت فرصة قرار أعلنت عنه واشنطن بنيتها سحب قواتها من شرق الفرات، لتشن عملية جوية وبرية جديدة باسم «نبع السلام» ضد المقاتلين الأكراد. وسيطر الجيش التركي وفصائل سورية موالية على شريط حدودي بطول 120 كيلومتراً بعمق 30 كلم بين مدينتي تل أبيض ورأس العين. وفي 11 مارس (آذار)، نفذت أول عملية عسكرية لها ضد قوات النظام السوري، وأطلقت عليها تسمية «درع الربيع» في محافظة إدلب.

– أميركا وإسرائيل

في 2014، شكّلت واشنطن تحالفاً دولياً يضم أكثر من 70 دولة بعد سيطرة «داعش» على مناطق شاسعة في العراق وسوريا في يونيو من العام نفسه. وفي سبتمبر (أيلول)، بدأ التحالف بقصف مواقع للتنظيم. ونشرت أميركا ألفي جندي في سوريا، إضافة إلى جنود أوروبيين. وفي ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب سحب قواته، لكنه سرعان ما قرر الإبقاء على 500 جندي من أجل حماية آبار النفط. كما تحتفظ أميركا بقاعدة التنف على الحدود العراقية.

وفي أبريل (نيسان)، شنت أميركا أول هجوم بصواريخ «كروز» على قاعدة تابعة للحكومة قرب حمص، بعد هجوم بالغاز السام على خان شيخون التي كانت تسيطر عليها المعارضة. وتكررت الغارات في أبريل 2018 بعد هجوم على دوما.

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2017، أعلنت «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من واشنطن طرد «داعش» من «عاصمته» في الرقة. وفي مارس العام الماضي، أعلن القضاء على التنظيم جغرافياً. وفي أكتوبر الماضي، قتلت وحدة أميركية خاصة زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي شمال سوريا.

وفي مارس 2017، اعترفت إسرائيل بشن غارات جوية ضد «حزب الله» في سوريا، الأمر الذي تكرر مرات عدة بقبول ضمني من روسيا التي نشرت منظومات «إس 400» و«إس 300» و«إس 300» المتطورة في سوريا. وقبل يومين، قتل 26 عنصراً من «الحشد الشعبي» العراقي في ضربة جوية قرب مدينة البوكمال في ريف دير الزور الشرقي على حدود العراق. وجرى استهدافها مراراً في ضربات جوية، قد تكون الأشد في يونيو 2018 حين قتل 55 عنصراً موالياً من السوريين والعراقيين في ضربات قال مسؤول أميركي إن إسرائيل تقف خلفها. وكررت إسرائيل غاراتها على دمشق وريفها وعلى «مواقع إيرانية» في وسط البلاد وغربها.

– روسيا وإيران

في سبتمبر(أيلول) 2015، باشرت روسيا حملة جوية دعماً لقوات الحكومة التي كانت تواجه وضعاً صعباً جداً، ذلك أن المساحة التي تسيطر عليها لم تتجاوز 12 في المئة من البلاد. وبالفعل قلب الميزان العسكري ومناطق السيطرة سواء بالحرب والقصف أو بالتسويات المحلية والإقليمية. ولروسيا قاعدتان عسكريتان؛ الأولى في مطار حميميم، والثانية في ميناء طرطوس. وبدأت أخيراً تأسيس قاعدة جديدة في القامشلي شرق الفرات. وتقول موسكو إنّها تنشر 3 آلاف عسكري وطائرات وطوافات وسفن حربية وغواصات. وشارك أكثر من 63 ألف عسكري روسي في العملية، حسب وكالة الصحافة الفرنسية. كما جرب الجيش الروسي طرازات جديدة من معداته.

تقدم إيران، الحليف الإقليمي الأكبر للنظام، الدعم له منذ اندلاع الحرب. وتنفي طهران وجود قوات نظامية لها، لكنّها تقرّ بإرسال عناصر من «الحرس» بصفة «مستشارين عسكريين»، وآلاف «المتطوعين» من إيران وأفغانستان وباكستان والعراق. وأعلن «حزب الله» اللبناني رسمياً في 2013 مشاركته العسكرية إلى جانب قوات النظام. وفي يوليو (تموز) 2019، أعلن أمينه العام حسن نصرالله خفض عدد مقاتليه الذي كان يتراوح بين 5 و8 آلاف.

– تعايش استثنائي

تتعايش الأطراف المتحاربة بشكل استثنائي في سوريا جواً وبراً وبحراً. في شرق الفرات، بعد قرار ترمب خفض قواته، دخل الجيش التركي إلى منطقة النفوذ الأميركي ثم أعقبه الروس وقوات الحكومة. روسيا، التي انغمست شرق الفرات براً بعدما حرمها الوجود الجوي الأميركي من تغطية المنطقة، باتت على تماس مع القوات الأميركية، لتتداخل مناطق انتشارهما، ما يؤدي إلى احتكاكات قد تتطور إلى توترات أكبر.

غالباً ما يسجل أهالي المنطقة مشاهد للقوات الروسية والأميركية في حالة مواجهة، كأنها سيارات تتزاحم في شوارع مدينة. وسجل أكثر من مرة قيام أحد الطرفين بإغلاق الطريق على الآخر، بطريقة مثيرة خصوصاً أن سوريا هي البلد الوحيد حيث توجد قوات روسية وأميركية في بقعة جغرافية ضيقة.

وإذ تسير عربات أميركية ودوريات روسية قرب خطوط التماس، كما يسير الجيش التركي دورياته شمال الطريق السريعة، غالباً ما يتجاور العلم الأميركي مع السوري والروسي… والتركي.

في شمال غربي سوريا، تنطلق اليوم دوريات روسية – تركية لإعادة فتح طريق رئيسية بين حلب واللاذقية، ما أدى إلى «محاصصة» بين البلدين في شمال غربي سوريا، بحيث تحصل أنقرة على نفوذ خاص شمال الطريق، كما الحال في مناطق «درع الفرات» و«غصن الزيتون» و«نبع السلام»، وتعزز موسكو وجودها جنوب الطريق بالتعاون مع قوات الحكومة وتنظيمات إيرانية.

وإذا كانت السنة العاشرة من الاحتجاجات، ستشهد مزيداً من الأزمات الاقتصادية والمعيشية مع تساؤلات حول العملية السياسية، فإن من الأمور التي تستحق الملاحظة مصير «التعايش» بين المتحاربين والاحتكاكات على خطوط التماس في «المسرح السوري».

**تم نشر نسخة من هذا المقال في «الشرق الأوسط».

عقارات السويداء في مهب الريح: آلاف الشقق الفارغة

عقارات السويداء في مهب الريح: آلاف الشقق الفارغة

بعد الطفرة الكبيرة في حركة البناء والعقارات التي شهدتها مدينة السويداء خلال سنوات الحرب الماضية، تعاني المدينة اليوم من انكماش وكساد حاد في سوق العقارات والذي انعكس بدوره على مجمل الحياة الاقتصادية للمدينة، فما هي الأسباب التي أدت إلى هذا الوضع؟ وما مدى تأثيره على المدينة وعلى حركة الأسواق فيها؟

لماذا العقار؟

قبل الحرب السورية شهد سوق العقارات ازدهاراً ملحوظاً في السويداء وذلك لأسباب عديدة أهمها إهمال القطاع الزراعي بشكل كبير دون معالجة المشكلات التي تواجهه، ما أدى إلى تدهور الزراعة وضعف إنتاجيتها ومردودها على الفلاح؛ فازدادت حركة الهجرة من الريف إلى المدينة، وهجر الكثيرون أراضيهم وتوجهوا إلى العمل والاستثمار في سوق العقارات وفي أعمال البناء. طالت الإشكالات ذاتها  باقي القطاعات الإنتاجية سواء أكانت في السياحة أو في الصناعة أو حتى في التجارة؛ فالقيود المفروضة على هكذا أعمال وضعف الاستثمار والاهتمام بها من ناحية، والسهولة في الاستثمار بالعقارات من ناحية ثانية جعل سوق العقارات يستحوذ على مجمل حركة الاقتصاد الموجودة في السويداء. وساعد أيضاً على هذا الازدهار تدفق الأموال القادمة من المغتربين في الخارج والذين وجدوا في العقار استثماراً مضمونا.

 وقد عبر (إيهاب، 48 سنة، صاحب مكتب عقاري) عن أهمية العقار التي لا تتقادم مع الزمن بقوله: “أثبتت التجارب السابقة جدوى الاستثمار في العقارات على المدى البعيد، فهو الأكثر ثباتاً من غيره في التعامل مع متغيرات الاقتصاد وفي الحفاظ على قيمة رأس المال، العقار كالابن البار الذي ستجده في خدمتك وبجانبك في المستقبل عندما تحتاج إليه.”

فائض في المعروض

لم يكن حجم الطلب في سوق العقارات كبيراً بالمقارنة مع حجم العرض وحركة البناء الضخمة والسريعة التي شهدتها السويداء المدينة والقرى القريبة منها بالإضافة لمدينتي صلخد وشهبا، لكن ما جعل أعمال البناء تستمر بهذا النشاط غيرالمسبوق هو حركة رأس المال الكبيرة في الشراء والتي يعتبرها (عامر،37 سنة، صحفي) غير منطقية ويشكك بمصدرها وغاياتها، فيقول: “ارتفعت الأسعار فجأة بشكل جنوني حتى وصلت في بعض الأحياء لأرقام قياسية وبخاصة في الشوارع التجارية الرئيسية، وبات من يمتلك بضع أمتار في شارع قنوات مثلاً أو الشعراني مليونيراً في طرفة عين. لا أحد يعرف بالضبط مصدر هذه الأموال الضخمة التي ظهرت فجأة في السوق عن طريق وسطاء غير معروفين سابقاً، ما يجعل الشكوك كبيرة في كونها أموال مشبوهة تبحث عن تبييض يشرعن وجودها بحيث وجدت في سوق العقارات الناشئ في السويداء فرصة مناسبة لذلك”.

ونتيجة لذلك ازدهرت جميع الأعمال ذات الصلة بالعقارات، ونشطت حركة العمالة والحرفيين بشكل ملحوظ، وبات الطلب على اليد العاملة والخبيرة أكبر من ذي قبل، بالإضافة للنشاط في حركة النقل والتصنيع والمقالع، سواء المحلية منها أو القادمة من دمشق وباقي المناطق. وانتشرت المكاتب العقارية في كل مكان وأعمال السمسرة والوساطة العقارية التي شهدت بدورها أرباحاً لم تكن لتحلم بها يوما. و زاد بشكل كبير حجم أعمال المهندسين بكافة اختصاصاتهم، كذلك المحامون أيضاً ازدهرت أعمالهم في العقود والمعاملات القانونية، بالإضافة للدعوات القضائية والخلافات الكثيرة التي كانت تحصل مابين المتعهدين من جهة وأصحاب العقارات من جهة ثانية.

بدت مدينة السويداء وكأنها ورشة كبيرة لا يمكن أن يتوقف العمل فيها، كان السباق على من يبني أسرع، وحتى لو لم ينته البناء بشكل كامل كان يكفي أن يتم الانتهاء من الأعمال الأساسية على الهيكل حتى يصبح العقار في سوق البيع والشراء، بل لقد تفاقم الموضوع لحد أن الكثير من عمليات الشراء كانت تتم بمجرد أن يكون هناك مخططات للبناء وترخيص فقط دون أن يكون قد بني حجر واحد فيها. هذا التسارع الكبير أدى إلى الكثير من التجاوزات في رخص البناء ومواصفاتها دون مراعاة المعايير الفنية والجمالية والتخطيط الصحيح للمدينة، وبحسب رأي (عامر): “فإن حمى العقارات قد اجتاحت كل شيء، معظم البيوت الجميلة والقديمة في المدينة تعرضت للهدم، وبني مكانها أبراج وبنايات، بدأت المدينة تفقد هويتها العمرانية والثقافية بسرعة كبيرة، فلم يعد للمكان ذاكرة تجمع الناس، بات المهم ما يحققه من أرباح وأموال، حتى أن الكثير من المواقع الأثرية تعرض للتخريب نتيجة لذلك وبخاصة الموجودة في وسط المدينة القديمة وعلى الشارع المحوري.”

السويداء خارج الدمار والحرب

كان المشهد في السويداء خلال السنوات الماضية مثيراً للدهشة والاستغراب، فبقدر ما كانت باقي المدن والبلدات السورية تعيش حالة دمار، كانت السويداء تعيش النقيض تماماً وكأنها خارج الحرب بالمطلق، النشاط والازدهار في حركة البناء الذي كان قبل الحرب ازداد أضعافاً بعد 2011، وذلك لأسباب كثيرة أهمها حسب رأي (سليم، 44 سنة، محامي): “يعود إلى حالة الأمان التي عاشتها المدينة وبقائها خارج نطاق العمليات العسكرية، بالإضافة لموجات النزوح الكبيرة التي أتت إليها من المدن الأخرى وبخاصة درعا وريف دمشق ودير الزور، بحيث وصلت أعدادهم إلى قرابة (200 ألف) شخص حسب تقديرات بعض الناشطين”.

أدى تواجد تلك الأعداد الكبيرة من الوافدين من خارج المدينة إلى زيادة الطلب بشكل كبير على استئجار الشقق السكنية، وبدرجة أقل لاستملاكها، عدا عن الأيدي العاملة التي توفرت بكثرة والتي وجدت في مجال البناء والعقارات ميداناً مناسباً للعمل، بالإضافة لاستفادة السوق من حجم الطلب المتزايد على السلع وكذلك الاستفادة من المعونات والأموال المحولة من الخارج ما زاد السيولة النقدية والقوة الشرائية بشكل ملحوظ وانعكس بشكل واضح على حجم التداول في سوق العقارات.

 إلا أن لدى (سامي، 39 سنة، مهندس مدني) رأي آخر، فبالرغم من أهمية الأسباب التي ذكرناها سابقاً إلا أنه يعزو طفرة النشاط في سوق العقارات لتذبذب سعر صرف الليرة والانهيارات المتلاحقة التي أصابتها، يقول سامي: “فقدَ الجميع الثقة بالعملة المحلية وأصبحت المخاوف من انهيار كامل في الاقتصاد تؤرق الجميع، وبات الاستثمار في العقارات أو تحويل الأموال لعقارات أشبه بوصفة وحيدة لضمان قيمتها ولو بالحد الأدنى، إضافة لعائدات الآجارات التي شكلت دخلاً جيداً أيضاً”.

ارتداد عنيف

شكل سوق العقارات مؤشراً ومقياساً أساسياً لأي حركة في الحياة الاقتصادية للسويداء، والتي نراها اليوم في أسوأ أحوالها.

 يوجد اليوم أكثر من 10 آلاف شقة سكنية فارغة في المدينة وحدها، عدا عن باقي المدن والبلدات، حسب تقديرات بعض المتعهدين.

وبتسارع كبير انهار سوق العقارات بالكامل تاركاً انعكاساته الكارثية على كل شيء، ومشكلاً حالة من الارتداد العنيف أصاب المدينة بشلل كامل بعدما كانت أشبه بخلية نحل نشطة، ويرجح بعض الخبراء ذلك لأسباب تتعلق بتطورات المعارك على الأرض والتغيرات الكبيرة التي رافقتها، فبعد سيطرة قوات النظام على أغلب مناطق المعارضة وبخاصة ريف دمشق ودرعا، عاد قسم كبير من النازحين الموجودين في السويداء إلى بيوتهم مما أدى إلى إخلاء الكثير من الشقق السكنية وتوقف شبه تام لحركة الأجارات. هذا عدا عن تأثر الأسواق أيضاً بشكل مباشر في قلة الطلب على كافة السلع وحتى الأساسية منها. لقد شكل القادمون إلى السويداء قوة شرائية كبيرة لا يستهان بها وزاد الطلب على السلع بحدود الضعف تقريباً وأحياناً أكثر، ولكن مع عودة أغلبهم إلى مدنهم فقد انخفضت الحركة للحد الأدنى، وأغلقت الكثير من المحلات نتيجة الخسائر التي أصابتها.

غير أن هناك أسباباً أخرى مهمة وذات صلة أيضاً بتغير خارطة السيطرة في الصراع السوري، حيث شكلت السويداء معبراً مهماً للتهريب في الفترة التي كانت المناطق المحيطة بها خارج السيطرة الحكومية، فكان يتم عبرها تهريب كل شيء تقريباً من البادية إلى درعا عبر عصابات وأفراد امتهنوا ذلك وبالأخص تهريب المحروقات التي كانت تأتي من مناطق سيطرة تنظيم داعش في البادية لتعبر السويداء باتجاه درعا ومنها إلى الخارج. هذا الازدهار والنشاط في حركة التهريب أدى إلى نشوء أسواق على هامش التهريب لعرض البضائع عدا عن الأموال الكبيرة التي ضخت في السوق نتيجة لذلك والتي شكلت وفرة واضحة في النقد انعكست بشكل مباشر في حركة الأسواق، ولكن كل تلك الأموال والأعمال تبخرت وتوقفت بالكامل مع تغير الأوضاع على الأرض.

وهناك أسباب مهمة أيضاً أدت إلى تفاقم الكساد، وهي انهيار اقتصاد الدول التي يعتمد غالبية سكان السويداء على الهجرة إليها وبالأخص فنزويلا، عدا عن تراجع المواسم الزراعية بشكل كبير وانتشار البطالة وقلة فرص العمل وطلبات التجنيد التي لاحقت الشباب ومنعتهم من الحركة والعمل، بالإضافة إلى الانهيار السريع لليرة والتذبذب الحاد بسعر الصرف بين فترة وأخرى وما خلفه من أثار سلبية على اقتصاد الأسر محدودة الدخل، بحيث أصبحت كل مدخرات وإنتاج العائلة تذهب لسد الحاجات الأساسية اليومية.

الانجرار وراء هوس الربح السريع وانعدام التخطيط الصحيح لحاجة مدينة السويداء الفعلية من الأبنية أوقع الناس في أزمات مالية لا يعرف لها حل، وحول أموالهم إلى كتل من الحجارة التي لا نفع منها أقلها في ظل بقاء الأوضاع على ما هي عليه اليوم، ما دفع إلى مزيد من التخبط في الأسعار وأجبر الكثيرين على البيع بأقل من سعر التكلفة بكثير لحاجتهم إلى السيولة النقدية.

Syria in a Week (2 – 9 March 2020)

Syria in a Week (2 – 9 March 2020)

The following is a selection by our editors of significant weekly developments in Syria. Depending on events, each issue will include anywhere from four to eight briefs. This series is produced in both Arabic and English in partnership between Salon Syria and Jadaliyya. Suggestions and blurbs may be sent to info@salonsyria.com.

Death on the Highway

08 March 2020

Thirty-two people were killed on Saturday when a fuel tank truck hit two passenger buses and a number of cars on the road connecting the city of Homs with the capital Damascus, according to the Syrian official news agency SANA.

The Syrian Interior Minister Mohammed Khaled al-Rahmoun said the accident was caused by a malfunction in the truck’s breaks, causing it to collide with two buses carrying Iraqi passengers (who were returning from a trip to holy sites near the Syrian capital) and fifteen other cars.

Idlib’s Skies Without Planes

06 March 2020

On March 5, the governorate of Idlib in northwest Syria witnessed a cautious calm and an absence of military planes from its skies as the ceasefire declared by Moscow and Ankara went into effect after three months of military escalation by government forces with Russian support in the area.

On midnight Friday, the ceasefire declared by the Russian President Vladimir Putin and the Turkish President Recep Tayyip Erdogan went into effect, in an attempt to stop the offensive in the area that started early December, forcing around one million people to flee, in one of the largest influx of displacement since the onset of the crisis nine years ago.

Putin-Erdogan: Face-to-Face

05 March 2020

The summit between the Russian President Vladimir Putin and his Turkish counterpart Recep Tayyip Erdogan yesterday resulted in a new agreement in Idlib that includes steps to begin the ceasefire in northwest Syria starting on midnight Friday. It has yet to be implemented on the field.

Putin and Erdogan held marathon meeting in Moscow that included a “face-to-face” meeting and extended talks.

The Russian Foreign Minister Sergey Lavrov announced the terms of the agreement, explaining that the two countries will establish a safe corridor that extends for six kilometers along both sides of the road between Aleppo and Lattakia, known as the M4 road, in addition to conducting joint patrols on the road starting from mid-March.

Lavrov went on to say that an agreement was reached to halt all hostilities along the frontlines, starting from midnight on 5 March.

The US Special Envoy to Syria James Jeffrey had called on the Europeans and the NATO to provide bigger support for Turkey. Jeffrey said that Turkey’s purchase of the Russian S-400 system is an obstacle to sending US military aid to Ankara, which requested the Patriot system.

Fighter Jets and Drones

04 March 2020

Airstrikes by Russian fighter jets and Turkish drones against the countryside of Idlib in northeast Syria intensified the previous day, on the eve of the upcoming summit in Moscow today between the Russian President Vladimir Putin and the Turkish President Recep Tayyip Erdogan.

The Syrian Observatory for Human Rights (SOHR) said yesterday that Turkish drones and artillery continued their bombardment of government forces in the city of Saraqeb and its countryside, east of Idlib city. This coincided with bombardment carried out by Russian fighter jets on several axes in the countryside of the Saraqeb and Sarmin, the SOHR added.

Field sources affiliated with opposition factions said that “Iran intensified its military presence in Idlib countryside by bringing large numbers of militia from various nationalities to the frontlines with the opposition factions in the countryside of Idlib and Aleppo.”

80% Women and Children

04 March 2020

The UN Envoy to Syria Geir Pedersen said that eighty percent of the people displaced as a result of recent developments in Syria are children and women. This came in Pedersen’s opening statement on Wednesday to the one hundred and fifty-third session of the Arab League Council at the foreign ministers level presided by Yusuf bin Alawi, the minister in charge of foreign affairs in Oman.

Pedersen said that the challenge has reached its peak in Syria this year, as the country faces severe destruction and instability, in addition to the displacement of a large number of Syrians, adding that the conflict clearly affects stability in the region.

He called for providing a diplomatic solution to the problems the Syrian society faces to create favorable conditions to the development process, and launching a political process and dialogue between the opposition and the government, adding that the crisis is not restricted to Idlib, as there are numerous violations all over Syria.

The United States Gets Involved

04 March 2020

Washington got involved on the ground in the tension between Moscow and Ankara in the Syrian governorate of Idlib through a visit by US officials to the Bab al-Hawa border crossing between Syria and Turkey the previous day.

The US Special Envoy to Syria James Jeffrey said that his country is willing to provide Turkey with “ammunition and humanitarian aid” in Idlib. “Turkey is a partner in the NATO. Most of its army uses American equipment. We will make sure that the equipment is ready,” Jeffrey said.

In the meanwhile, two German officials said the German Chancellor Angela Merkel informed her conservative colleagues in the parliament that she endorses the establishment of “safe zones” in northern Syria.

Parliamentary Elections

03 March 2020

Syrian President Bashar al-Assad on Monday set the date for the next legislative elections on 13 April, after his forces were able to recapture vast areas in the country ripped by war for nine years.

Western countries and opposition figures expressed their doubts about the legitimacy of the elections at a time stalemate lingers over the constitutional reforms under UN sponsorship.

The parliament consists of two hundred and fifty seats divided almost equally between the sector of workers and farmers (one hundred and twenty-seven seats) and the sector of the remaining groups (one hundred and twenty-three seats).

These elections would be the third since March 2011. The last legislative elections were held in 2016, in which three thousand and five hundred candidates competed. The ruling Baath party and its allies won the majority of seats.

In the 2012 elections, the first after the onset of the conflict, doors were open for candidates not in the Baath party, which was considered as an attempt by the authorities to contain the protest movement at the time.

The upcoming elections come after government forces took control of over seventy percent of the geography of the country thanks to the Russian military intervention in 2015.

Benghazi and Damascus

03 March 2020

The parallel government in Libya, supported by Field Marshal Haftar Khalifa in Benghazi, reopened its embassy in Damascus after its closure in 2012 when the two countries were ripped by conflicts.

This opening coincides with Turkey’s escalation of military operations against both countries. Turkey has been involved in an ongoing military operation against Syrian government forces in Idlib to support militant factions. It has also been sending military reinforcement to Libya to support the National Reconciliation Government headed by Fayez al-Sarraj.

Aerial War

02 March 2020

An “aerial war” between the Turkish and Syrian army has erupted with Damascus downing drones and Turkish aerial forces downing two military planes in the countryside of Idlib. This constitutes a test for Russia on how it will react toward this situation.

“As two Syrian planes were carrying out a mission in the Idlib region, Turkish military planes intercepted the planes and downed them above Syrian territory,” the official Syrian news agency SANA reported a military source as saying. The source said that the pilots “safely” ejected the planes using parachutes. The Turkish defense ministry confirmed the downing of “two Sukhoi-24 planes that were targeting our planes,” and the “destruction of an anti-aircraft weapon that downed one of our drones, in addition to two anti-aircraft systems.”

In the previous morning, a Syrian military sources mentioned the “closure of airspace above Idlib governorate.” The Turkish defense minister Hulusi Akar announced a military operation in northern Syria, adding that Ankara does not want to confront Russia, the strong ally of the Syrian government.

 

 

مئات من نازحي إدلب في ضيافة قسد

مئات من نازحي إدلب في ضيافة قسد

بعد رحلة فرار محفوفة بالمخاطر وتحت هدير الرصاص والطائرات تمكنت عائلة رستم أحمد من النجاة بأرواحها وسلك طرق وعرة مع آلاف الفارين من مناطق إدلب وجبل الزاوية والعبور إلى مدينة منبج.

ومع اشتداد المعارك والقصف الجوي على مدن وبلدات ريف إدلب وفقدان المدنيين لحياتهم، أطلق قائد قوات سوريا الديمقراطية “مظلوم عبدي” مبادرة إنسانية دعا فيها إلى فتح أبواب الإدارة الذاتية الديمقراطية أمام المدنيين الهاربين من الحرب. ووصلت 1500 عائلة على عدة دفعات من إدلب إلى مدينة منبج نقلهم لواء الشمال الديمقراطي المنضوي تحت لواء قسد إلى مخيم “أبو قبيع” غربي مدينة الرقة.

الإدارة تجدد دعوتها

جددت الإدارة الذاتية استعدادها لاستقبال النازحين الفارين من المعارك الدائرة في إدلب مع تفاقم الوضع الإنساني فيها نتيجة المعارك الدائرة هناك وتداعياتها على المدنيين؛ رغم تواجد مئات الآلاف من النازحين الذين قدموا إلى مناطق الإدارة الذاتية هرباً من الحملة العسكرية التركية والحصار الذي تتعرض له المنطقة إثر إغلاق معبر اليعربية الحدودي بقرار أممي. وناشدت الإدارة الذاتية الأمم المتحدة بضرورة إعادة النظر بقرارها حول إغلاق المعبر، والعمل على ايصال المساعدات الإنسانية إلى مناطق شمال وشرق سوريا بصورة مباشرة، وذلك حتى تتمكن من القيام بواجبها الإنساني تجاه موجة النزوح الجديدة من إدلب.

وتمكنت مئات العوائل الفارة من مدينة إدلب من الوصول إلى مدينة منبج شرق مدينة حلب بعد الهرب من المعارك الدائرة في مدينتهم وريفها بين قوات النظام السوري من جهة وفصائل المعارضة السورية والجماعات الجهادية من جهة أخرى.

أبو الجلود والدادات

وكان قد نشر مجلس منبح العسكري في بيان له على موقعه الالكتروني الخاص استقباله لعدة دفعات من الواصلين في معبر (أبو الجلود) في مدينة منبج، فيما استقبلوا الدفعات السابقة عبر معبر الدادات الواقع على خطّ نهر السّاجور الفاصل بين قوّات مجلس منبج العسكريّ المنضوي تحت لواء قوات سوريا الديمقراطية من جهة، والفصائل السورية المعارضة الموالية لأنقرة من الجهة المقابلة (شمال غرب مدينة منبج).

ونشر المكتب الإعلامي للواء ثوار إدلب المسمى بـ(لواء الشمال الديمقراطي) المنضوي في صفوف قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في الواحد والثلاثين من كانون الثاني الحالي، تسجيلاً مصوراً على صفحته على الفيس بوك يظهر وصول الدفعة الثالثة المؤلفة من أكثر من 80 عائلة نازحة من إدلب إلى منبج.

لواء الشمال الأدلبي

وحول حماية وتأمين حياة نازحي إدلب وعدد العائلات الوافدة، تحدث قائد لواء الشمال الديمقراطي (أبو عمر الإدلبي) عن تكفل لواء الشمال الديمقراطي بضمان وصول النازحين\ات إلى منبج ونقلهم إلى مخيم “أبو قبيع” غربي مدينة الرقة. وأضاف الإدلبي: “خلال الأيام الماضية وصل 800 نازح، ونقلوا بحماية لواء الشمال إلى مخيم أبو قبيع الواقع على خط الاوتوستراد الرئيسي للرقة. وحالياً يتم نقل العائلات النازحة إليه ريثما يتم تجهيز مخيم مخصص لنازحي إدلب قبالة مخيم “أبو قبيع” وتجهز الإدارة الذاتية في منبج مخيمين جديدين لاستيعاب عدد أكبر من النازحين”.

تخاذل المنظمات الإغاثية

وندد الإدلبي بتخاذل المنظمات الإغاثية في أداء دورها في تأمين احتياجات النازحين وقال: ” لم تبادر أي منظمة إنسانية بإغاثة ومساعدة هؤلاء المدنيين النازحين، باستثناء الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا والمجالس المدنية التابعة لها”.

ونشر (أبو عمر الأدلبي) المتحدر من ريف مدينة إدلب على صفحته الخاصة على الفيس بوك عن استشهاد شخصين من عائلته يوم الأثنين 3 شباط خلال عمليات القصف الجوي التي نفذتها الطائرات الروسية على تلك المناطق.

أوضاع مزرية

وعن الأوضاع الإنسانية في مدينة إدلب وريفها التقيتُ بعائلة حمدون المؤلفة من ستة أشخاص والنازحة من جبل الزاوية. شاركت العائلة تفاصيل الأوضاع الكارثية التي يعيشها المدنيون وعمليات القتل اليومية التي تطال مدن وبلدات ريف إدلب. وندد حمدون حسن بتخاذل عدة فصائل من الجيش الوطني السوري المعارض في حماية المدنيين وقال: “تحولت بعض الفصائل لعصابات مرتزقة مؤتمرة بأمر أنقرة وتنفذ أجنداتها التوسعية في سوريا آخرها احتلالهم لمدينتي (رأس العين) و(تل أبيض) وتهجير سكانها الأصليين بدل حمايتنا من القصف الذي دمر إدلب”.

100 ألف نازح و تجهيز مخيمات

ومع اشتداد المعارك في إدلب يعتقد مسؤول مكتب العلاقات العامة في لواء الشمال الديمقراطي (خالد زينو) بزيادة عدد النازحين وقال في تصريحات صحفية أن عدد النازحين خلال الأشهر القادمة قد يتجاوز الستين ألف نازح مبيناً أن الإدارة الذاتية تجهز مخيماً ضخماً في مدينة منبج سيستوعب ١٠٠ ألف مدني.

وقال إداري في مخيم أبو قبيع  فضل عدم الكشف عن اسمه أن قسماً من العائلات النازحة توزع بعضها في مخيم أبو قبيع، وقسم آخر منهم يُنقل لمركز الإيواء داخل مدينة الرقة.

وعن استعدادات الإدارة لتجهيز مخيم لنازحي إدلب جنوب منبج تابع  الإداري قوله: ” الإدارة المدنية في منبج وبالتنسيق مع تنسقية إعمار كوباني، تجهز مخيماً بمساحة 100000 م٢ مقسماً لأربعة أقسام بهدف استيعاب آلاف العوائل النازحة التي من المتوقع أن تزداد مع اشتداد وتيرة المعارك في إدلب”.

مبادرة عبدي

واعتبر قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي في تغريدة أطلقها في السابع والعشرين من كانون الأول عبر حسابه الخاص على تويتر أن ما تشهده إدلب من حرب هو جزء من مشروع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان التوسعي في المنطقة، ودعا القيادي الكردي إلى استقبال نازحي إدلب في مناطق قوات سوريا الديمقراطية وقال: “أبوابنا مفتوحة لأهلنا في إدلب، يمكنهم التنسيق مع (القوى العسكرية الإدلبية) المنضوية تحت راية قوات سوريا الديمقراطية للتوجه إلى مناطقنا”.

وحول مبادرة عبدي لاستقبال نازحي إدلب قال قائد لواء الشمال الإدلبي (أبو عمر الادلبي) أن  مبادرة القائد مظلوم عبدي ليست الأولى لأهالي إدلب، حيث أُنشئت في وقت سابق مخيمات لأهالي إدلب في تل رفعت وعفرين قبل احتلالها من قبل الأتراك و مخيم آخر في مدينة الرقة منذ أكثر من عام ونصف”.

تُعد مبادرة قوات سوريا الديمقراطية باستقبال نازحي إدلب مثالاً إيجابياً على التضامن الوطني بين المكونات المتنوعة للمجتمع السوري. إلا أن نجاح واستمرار هذه المبادرة عرضة للكثير من التحديات والضغوطات والهجمات المستقبلية من قبل النظامين التركي والسوري.