بواسطة أسامة إسبر | يوليو 29, 2020 | Culture, غير مصنف
تعرفتُ على الفنان نديم آدو منذ أكثر من عقدين في سوريا، وكنا نلتقي في مقهى الروضة والهافانا، وفي أمكنة دمشقية أخرى تجمع الكتاب والفنانين كالرواق، وحضرتُ معارضه آنذاك، ولقد أثرتْ بي تلك المعارض وفتحت ذهني على عوالم بصرية فوتوغرافية مشحونة بالعمق الشعري المستحضر لذاكرة المكان. دمشق أكثر دفئاً وإشعاعاً وحميمية في صور نديم آدو كما لو أنه حارس لحظاتها الأكثر سحراً وحارس ضوئها الذي تتربص به ظلمات كثيرة من خلال عدسته التي تنقب عن الجمال مطاردةً الضوء والظلال في أزقة دمشق القديمة وفي شوارعها حيث لا تكف الأشياء عن الإحالة إلى ذاكرة عميقة تختلط فيها الأزمنة وتفسح نوافذها للحاضر.
في صوره يسترشد نديم آدو بلغة الأشياء، وبالحوار بين الضوء والظل ورائحة التراب وعلاقة الضوء بالكتلة أو الشكل وخفايا الحركة والسكون وأسرار الظلال وتدرجاتها نحو مكامن النور، ولهذا كانت صوره الفوتوغرافية تاريخاً وذاكرة وثقافة وارتباطاً بالجذور ولملمة لشظايا الذاكرة ونتف الحكايات الضائعة، فالضوء الذي قاد عينيه وما يزال هو ضوء مجبول بتواريخ الأمكنة وذاكرتها.
نديم آدو مصور ضوئي وفنان تشكيلي سوري مبدع، اقتنيت أعماله في عدد من دول العالم وأقام معارضه الخاصة وشارك في معارض في حلب ودمشق وبيروت والسليمانية في كردستان العراق وكندا.
للحديث عن فنه ورؤيته الفنية للصورة الفوتوغرافية أجريتُ معه الحوار التالي والذي هو الأول في سلسلة من الحوارات مع أبرز فناني الفوتوغراف السوريين من مختلف الأجيال، في محاولة لإلقاء الضوء على هذا الميدان الفني الغني والذي يغنيه يوم بعد يوم فنانون مبدعون ومتميزون على امتداد الجغرافيا السورية وفي المنفى الطوعي أو القسري.
نص الحوار:
أسامة إسبر (أ. إ.): ما الذي قادك إلى التصوير الفوتوغرافي؟
نديم آدو (ن. آ): في سن مبكرة جداً عندما كنت طفلاً مشاكساً في أزقة حلب القديمة، كان لدي شغف دائم للرسم على الجدار. كانت الحيطان الفضاء الوحيد للتعبير عما في داخلي، وكنّا نركض لاكتشاف ما وراء الضوء. هذا السبب قادني إلى التصوير الفوتوغرافي، كنت أحلم بالقبض على فقاعات الصابون التي كانت تطير وتطير. هذه خطواتي الأولى للطيران نحو الفوتوغراف.
أ. إ.: ما هي المحطات الأساسية في تحربتك في حقل التصوير الفوتوغرافي؟
ن. آ: كان امتلاك الكاميرا المرحلة الأولى للبدء بخوض تجربة الفوتوغراف. فالكاميرا بالنسبة لي كانت البيت الذي يجلب الراحة و السعادة. وبعد نشاطات ومعارض مختلفة، استطعتُ كسب سمعة فنية وبصمة مميزة في عالم الفوتوغراف، الذي قاد الى فتح أبواب مهمة أمامي. انتقلتُ من مرحلة شغف امتلاك الكاميرا إلى مرحلة عروض فنية على مستوى المراكز الثقافية الأجنبية في سورية منها كالمركز الثقافي الأمريكي، والمركز الثقافي الفرنسي، ومعهد غوته الألماني، ومعهد ثربانتس الأسباني، قدمتُ خلالها رؤيا جديدة للأماكن الأثرية التي تشتهر بها سورية قديماً وحديثاً. ومازلتُ حتى الآن أبحث عن فضاءات جديدة.
أ. إ.: ما التأثيرات المهمة في تجربتك؟
ن. آ: كان المقهى هو الفنان الأول، حيث تجتمع هناك فئات مختلفة من المثقفين والمبدعين ضمن حلقات نقاش ونقد. كنتُ أعطي آذانا صاغية لهم وأراقب حركة الأيدي والوجوه. كانت الكلمات تحفظ في ذهني على شكل صور، فأصبح لدي مع الأيام ذاكرة فوتوغرافية غنية.
أ. إ.: ما المجال الفوتوغرافي الذي تركز عليه؟
ن. آ: لا يهمني مجال معين بقدر ما تشدني الأشياء الراسخة في ذاكرتي وعلاقتها بالبيئة الملونة حولي، أحاول دوماً ربط الذاكرة بالمحيط حيث يمتد المدى، كل شيء صورة، كل إنسان صورة، كل كلمة صورة، كل عاطفة صورة. ذاكرتي الفوتوغرافية مبنية على صلة رحم قوية بيني وبين ما تتلقفه حواسي.
أ. إ.: ماذا تريد من الصورة الفوتوغرافية أن تقول، أو عن ماذا تريدها أن تعبّر؟
ن. آ: من الجميل أن تكون فوتوغرافياً تقبض على الزمن بلحظة وتحتفظ بها للأبد. الصورة لحظة مكثفة من حسٍ هارب، تعبٍ مزمن، معاناة ما. كل صورة ألتقطها أراها بعيني الثالث التي هي جزء كبير من أبعاد تمنح اللقطة شخصية وشعوراً لافتاً للنظر.
أ. إ.: ما الشروط التي يجب أن تتحقق في الصورة كي نقول إنها صورة إبداعية؟
ن. آ: الصورة عندي قصة متكاملة لها مقدمة ونهاية. الشرط الأساسي لصورة إبداعية هو الإحساس العالي بالجمال وذاكرة مفعمة بالخبرات الضوئية، من الضوء تنطلق الحكاية.
أ. إ.: أنت من المصورين المعروفين للأزقة والأبواب القديمة والوجوه والأيدي في الأمكنة المزدحمة المليئة بتفاصيل الحياة، لكنك الآن تعيش في كندا وتتحرك في مجال بصري مختلف، أراضي زراعية وأجواء باردة؟ كيف تعاملت فوتوغرافياً مع هذا الانتقال بين عالمين؟
ن. آ: ما زلتُ في حنين مستمر للأبواب والشبابيك العتيقة في أزقة حلب القديمة، في البيوت المبنية بلصق بعضها، تسند بعضها بدفء يدوم للروح التي تقاوم النسيان. هذه الأبواب وأزيزها الذي لا يتوقف في رأسي حالة عشق لا تنتهي، ما زالت رائحة تراب البيوت الدمشقية القديمة في باب توما عالقة في ذاكرتي بعد ليل طويل من المطر. أما بعد انتقالي إلى كندا حيث السهول الشاسعة على مد النظر لم أفتح حقيبة الكاميرا بعد. أحتاج إلى وقت كي أبني علاقتي مع المكان الجديد والذي تغير علي كلياً من حيث المناخ والطبيعة والتاريخ. قد ألتقط صورا جميلة في أي مكان ما من العالم ولكنها ستفتقد إلى الحس المرتبط بالذاكرة الفوتوغرافية.
أ. إ.: هل من الضروري برأيك أن ترتبط الصورة الفوتوغرافية ببيئة معينة، أن تكون نتاج ثقافة معينة أم أن عناصرها الجمالية هي التي تحدد هويتها؟
ن. آ: كل إنسان هو ابن البيئة التي نما فيها، وأنا ابن بيئة تاريخها ٧٠٠٠ سنة. الصورة ابنة البئية، ولكل بيئة عناصر جمالية خاصة تحدد هويتها.
أ. إ.: ما العوالم التجريبية التي خضت فيها كفنان فوتوغرافي؟ كيف تنقل الصورة أشياء العالم الحميمية والصغيرة وتثير ذاكرة أشياء مادية محددة؟
ن. آ: في اعتقادي أن العوالم التجريبية التي يخوضها الفنان عادةً ما تكون عصية على أي وصف أو تحديد، وذلك لأسباب كثيرة، يأتي في مقدمتها تطورات الكينونة النفسية ذاتها لدى الفنان، والتي تتغيّر باستمرار عبر التفاعل الحثيث والمتبادل، بينها وبين كافة ظواهر الوجود الخارجي. بالنسبة لي كان أهم تلك العوالم، وما يزال، هو علاقة الضوء بالكتلة أو الشكل، وكيفية توثيق خفايا الحركة والسكون، و مازلت مشغولاً بأسرار الظلال وتدرجاتها نحو مكامن النور. بالإضافة الى الانشغال الأساسي لي في تتبع عوالم الجمال الخفي الذي ترميه الأشياء هنا وهناك على هيئة تشظيات ذاكرة.
في النهاية أية صورة هي عبارة عن منجز فني يحمل في طياته فكرة، أراد فنان الفوتوغراف أن يفشي من خلالها سراً جمالياً أو أن يدل على مكمن لكنز من الجمال على الأقل.
أ. إ.: الوجه البشري دائماً هارب، وهو في الفوتوغراف يتجسد في لقطات تعبر عن أطوار أو تحولات عابرة في حركيته؟ ما الذي يستطيع الفوتوغراف أن يلتقطه في الوجه؟
ن. آ: يمكن القول إن الفوتوغراف هو الخصم اللدود لذاك الهروب المقصود في الوجوه، وهو الخصم العنيد لحركة الزمان وتجدد الوجود ككل. وبحسب زعمي، لا يوجد في الوجوه عموما، كما في كل الأشياء، تطابق تام، إنما لكل وجه حضور فريد، يحمل بصمة من المشاعر المميزة، ولو دققنا قليلا في هذا الحضور سنجد أن هناك مئات بل الآلاف من الحالات التعبيرية المتباينة، والتي لا يستطيع الفهم الإنساني أن يعيها دون مساعدة الفن، وربما فن الفوتوغراف بالذات، لما يملكه من قدرات على تثبيت اللحظة وإمكانية توثيق انبثاقات التعابير وتخلقاتها بكل آن، وكذلك يستطيع أن يروي حكايات الملامح ويسرد بفرادة اللقطة، اللغة التي يتحدث بها كل وجه. إن فن الفوتوغراف مثله مثل بقية الفنون، يستطيع فنان الفوتوغراف عبر اللقطة أن يلتقط التعابير الدقيقة، وأدق دقائق القسمات في الوجوه من جهة، كما يستطيع أن يجبر المتلقي على إكمال الكثير من الجمل والعبارات التي باحت بها هذه الملامح أو تلك من جهة أخرى.
أ. إ.: ما هي أحب المدن إلى قلبك بالمعنى الفوتوغرافي؟ ما المدينة، أو المكان الذي لم يتوقف عن جذبك إليك كمصور؟
ن. آ: من خلال هذا الحوار إجابات واضحة أي المدن أحب الى قلبي كمصور، وما زلت أبحث، القليل من الضوء يكفي لأنجو بصورة من حارات حلب و دمشق القديم.
أ. إ.: كيف يعرف نديم آدو نفسه كفنان فوتوغرافي، ما هي الإضافة التي حققها وكيف ينظر إلى اختلافه عن غيره منطلقين من فكرة أن كل تجربة هي فضاء مختلف عن التجارب الأخرى؟ كيف يعرّف الفنان نديم آدو عالمه الفني؟
ن. آ: نديم آدو الطفل الراكض باتجاه الشمس، مثل زهرة عباد الشمس أدير وجهي حيث الضوء. عالمي الفني مليء بصور تروي حكايات وقصصاً لا تنتهي، أجد نفسي في قلب كل شخص اقتنى لوحة من أعمالي.
بواسطة Katty Alhayek | يوليو 20, 2020 | Cost of War, Culture, غير مصنف
*This article was originally published by the LSE Conflict Research Programme blog.
Since 2011, media has played a significant role in the Syrian conflict, which started as a peaceful uprising, then escalated into a violent civil war resulting in the largest refugee and displacement crisis in the world. Mass media played a negative role, acting as a driver of the Syrian conflict by inciting violence, hate speech, and sectarianism. In this article, I focus on successful alternative media interventions that challenge the violent, stereotypical discourse dominant in mass media. As part of a larger research project, I examine, as a case study, the discourse surrounding the Syrian television drama series Ghadan Naltaqi (GN) [We’ll Meet Tomorrow] which generated an exemplary dialogue between the forcibly displaced segment of its audience and the writer/creator of the show, Iyad Abou Chamat. I consider GN as an alternative media intervention because it provides a case where media creators help displaced people both to mitigate the traumatic effects of a highly polarising conflict, and to find a healing space from violent and alienating dominant media discourses.
The context of Syrian media
Before the war, Syrian media was known for its successes in regard to the Syrian drama industry, and for its failure in term of news and public affairs programming (Kraidy, 2006). However, this has changed rapidly with the emergence, since 2011, of new, alternative online spaces reporting new political perspectives (Wall and El Zahed, 2015). Regardless of these new spaces, it is widely argued that the media interventions that addressed general Syrian audiences from different political opinions were rare throughout the years of the war. Syrian TV dramas were the best medium to expose structural inequalities and the corruption of the ruling social and economic elites (Salamandra, 2011). After the war, several new challenges would face the Syrian media sector, including the television drama industry. Challenges, such as the departure of the most qualified drama makers from Syria and the severe decrease in production budgets of drama serials inside the country have negatively affected the quality of the final products, resulting in many drama series that escape from reality through the genre of soap opera. And yet, the cultural production environment of Syrian drama after the “Arab Spring” and the Syrian war has new, positive margins supporting drama that explicitly tackles the current political events in Syria and the Arab region. A representative example is Ghadan Naltaqi (GN) which ran during Ramadan in the summer of 2015. It is particularly interesting because it provides a case where Syrian TV audiences used Facebook as a space to engage with the producer of the show that undertook representation of displaced Syrians experiences.
Production and broadcast of Ghadan Naltaqi (GN)
Ghadan Naltaqi (GN) focuses on the daily lived experiences of a group of displaced Syrians who rent separate rooms in one modest building in Lebanon. The group is composed of individuals coming from different social positions in pre-war Syria, and represent diverse political views vis-à-vis the conflict. The show depicts many of the political, economic and cultural challenges that face Syrian refugees who live in neighbouring countries such as Lebanon. The series received positive reviews from Arab critics and audiences, and it was awarded the 2015 Best Comprehensive Drama series of the Year – shared with The Godfather-East Club – by the Television and Radio Mondiale in Egypt (Alaraby Aljadid 2015).
The show also generated controversy over gender-related themes and scenes around sexuality and virginity, which resulted in the decision of Arab TV stations such as Abu Dhabi Al Emarat TV to delete such scenes from broadcast because they did not fit with their censorship standards. However, an uncensored version of the series in high definition, was uploaded by the series production company ‘Clacket Media Productions,’ and is available on YouTube free of charge. The availability of GN on YouTube provided broader access to Syrian audiences around the world who had no other way to watch the series.
Censoring the content that tackles sexuality from the series angered some Syrian critics (such as Brksiah, 2015) because that omits new experiences of personal freedom many refugees encounter once they move out of their traditional, conservative communities inside Syria. Indeed, one of GN contributions – to the representation of gender issues in Arab media – is showing the agency of refugee women and the new margins of freedom that displacement offers for women to explore newfound bodily pleasures.
Audiences experiences and communication needs
As a coping mechanism with displacement, watching Syrian TV drama serials provided Syrian audiences with ways to connect with family, friends, and other displaced Syrians all over the world. From pre-war life in Syria, the ritual of watching TV drama serials during Ramadan–with the rest of the family members–was a common family tradition that constructed shared memories between Syrians. Separated by borders and racist politics since 2011, watching Ramadan TV serials and discussing them online with family members, friends, and other diasporic Syrians became a continuation of that nostalgic tradition.
To explore Syrian audiences’ experiences with media texts that tackles the war and the refugee crisis, I interviewed the writer/creator of GN Iyad Abou Chamat and 25 members of his audience who friended him on Facebook after GN aired. Some of these interviewees reside inside Syria and others live in countries like Germany, Turkey, Saudi Arabia, France, Dubai, Morocco, and the United States. The particularity of the Syrian war-related topic in GN and its applicability to both the creator of the series, as well as to audiences’ lived experiences evoked a significant level of online participation with Chamat. He assured me that the series was inspired in many ways by his real-world experience. In 2012, he fled Syria, due to the ongoing war, to Lebanon. Then he travelled to France, a country where, in 1996, he had received post-graduate training in scenography after he graduated from the Higher Institute for Dramatic Arts in Damascus, Syria.
GN fulfilled Syrian audiences’ communication needs to be represented in the media in a way that resembles the reality of the war and its complexity. For instance, Reem (female, resides inside Syria) said: ‘The series, for me, is my voice, my opinion, my ideas. It is everything that is going on in my head and my heart about what is happening in Syria. The series described what is happening in a very professional and honest way.’ Additionally, Syrian audiences who engaged with GN and its writer/creator identified with the represented experiences of the series’ characters. Most interviewees identified with the whole represented lived experiences of the series’ characters and preferred not to name any particular character as the one that they identify with the most. However, several interviewees named Jaber as the character that they identify with the most. The reason is because Jaber (regardless of his political positions as supporter of the Syrian regime) is the character that deals the most with the challenges of displacement and transferring from a middle-class lifestyle in Syria to an impoverished lifestyle in Lebanon. Unlike his brother Mahmood, who is a poet, and Wardeh, who continues her on-demand job in bathing the deceased, Jaber came to Lebanon after he lost everything in the war including his small shop. Thus, Jaber’s storyline focuses on his search for any job while he finds a way to emigrate to Europe. The following comment explains the reason behind some participant audiences’ identification with Jaber: “Ghadan Naltaqi represented the suffering of every Syrian inside and outside the country. I saw myself in the suffering of Jaber while he was searching for a job, while he was wandering the street selling CDs in order to live with dignity not needing anyone.” (Ibrahim, male, resides in undisclosed place outside Syria).
Syrian audiences used Facebook as a platform for pedagogical exchange with TV drama creators. Like in live theater where, after the performance, audiences may be able to approach the cast to inquire about certain scenes and storylines, after each episode GN’s audiences were able to communicate with Chamat to praise, critique or clarify some aspects of the series’ narratives. GN audiences’ online participation with Chamat is also motivated by recognising and admiring Chamat’s political intervention and reading of the Syrian conflict through the text’s symbolism. Joubin (2013) argues that Syrian drama creators use metaphors of love, marriage, and gender (de)constructions indirectly to challenge and explore larger issues of political critique, nationalism, government oppression, and corruption. My research supports Joubin’s argument.
Chamat confirmed that the main storyline in his series – about the love triangle between Wardeh and two brothers Jaber and Mahmood (who reside next to Wardeh’s room in the same Lebanese school building that was turned into a refugee location for Syrians who rent separate rooms) – is a metaphor of the Syrian war. Wardeh is a symbol of Syria, Jaber is a symbol of the Syrian regime, and Mahmood is a symbol of the Syrian opposition. Chamat clarified this point: ‘…this symbolism was explicit and implicit. The audience figured out quickly this symbolism and they dealt with Wardeh in a real way as if she was Syria.’ Chamat admits to having a larger pedagogical message in his series: ‘Today there is a complete political failure in tackling the Syrian war; therefore, I depend on art to speak to Syrian people’s consciences. Art is very important when politics fail.’ Several audience members explain this symbolism by referring to a scene from Episode 26 where Jaber and Mahmood fought in Wardeh’s room over who loves her and deserves her more, which accidentally causes the burning of the room. Batoul (female, resides inside Syria) said: ‘the most amazing scene was the fire scene in Wardeh’s room because this scene summarised the years of the Syrian crisis. The two brothers burnt the room of the girl who they both loved.’
Salamandra (2011) notes that Syrian drama creators, before the current war, were known for confronting audiences with the consequences of corruption and neoliberal policies by using ‘stark social realism’ (285). After the war, GN symbolises, for Syrian audiences, a continuity of this respected tradition of Syrian art and culture that reflects and critiques the power structures of their society. Zeno (2017) demonstrates that refugees’ experiences are dominated by feelings of loss and humiliation; thus, it is important for them to find cultural references that invoke a sense of dignity and pride to cope with their displacement. Based on that, GN served as a source of national pride motivating audiences to participate online and engage with Chamat and his show. Interviewees reported feeling national pride because of the series’ success in globally representing the experiences and stories of real-world people like them who suffer from and survive through the Syrian war.
In sum, GN functioned as an entertainment intervention that provided displaced Syrians with scripts to interpret their nostalgic past in Syria, their painful present in the diaspora, and their hopeful future that contains newfound freedom. Interviewees’ perspectives show that the main intervention of drama serials like GN is complicating news media narratives about the Syrian conflict by representing diverse, complex characters and storylines that resemble the lived experiences of audiences in contrast to the news media that is either ideological or stereotypical or both (Alhayek, 2014). One particular strategy that GN’s team used was to choose famous actors who are known for supporting or opposing the Syrian government and assign them opposite political positions in the show. Syrian audiences saw and appreciated this strategy as an intervention to encourage audiences to listen to the opposite political views from their own and to acknowledge that no political side is solely responsible for the destruction of Syria.
بواسطة أسامة إسبر | يوليو 15, 2020 | Culture, غير مصنف
–I–
يخطرُ في ذهني أحياناً أننا وُلدْنا من الريح
أو على ظهور الأمواج وهي تَجْمحُ
أننا أتينا مع ضوء الفَجْر إلى لحظاتنا
وتَساقَطْنا مع الأمطار
أو ربما وُلدنا من ضوءٍ هربَ من الشمس
كي يُضيء لحظته ويثملَ بنفسه
من الدوران السريع لجناحيْ الطائر الطنان
أو من ارتعاشِ جناح فراشةٍ
وربما مكثْنا قليلاً في أوراق الأشجار وثمارها
وفي مياه الينابيع.
وعلى الشواطئ التي غادرْناها
وُلدَ أطفالٌ آخرون
ما يزالون هناك،
لا يفكرون بمن خرجوا منهم ورحلوا.
–II–
الشاطئُ الذي غادرْتهُ
أراد أن يحبس صوتيَ في أصدافه
بعد أن منحني أجنحةً وأخذ مني الفضاء.
أقول له الآن:
شاطئي آخرُ حانةٍ خرجتُ منها
أوّل حانة سأدخلها
آخرُ كتاب قرأتهُ
وآخر موسيقا سمعتُها أو سأسمعها.
شاطئي امرأةٌ أعانقها الآن.
–III–
المدينةُ التي درستُ فيها أربع سنوات
على شاطئ المتوسط
لم يسافرْ منها شيءٌ معي.
نزلتُ من سفينتها
وهي تُبحر دون خريطة أو بوصلة
في بحر ماضيها.
–IV–
المدينة التي عشتُ فيها عقدين من عمري
عاصمةٌ تغنّى الشعراءُ بجوامعها وأسواقها ونسوا آلامها.
تخيّلوا الماءَ يجْري في نهرها
ولم يروا الذبول في أوراق أشجارها.
المدينةُ التي يتغنّى الشعراءُ بشموخ جبلها
ولا يريدون أن يروا أنها في الهاوية
آثرتْ ألا تسافر معي
أن تبقى جامعاً أو سوقاً
أن تظلَّ نهراً متخيلاً في قصائد الشعراء
زقاقاً أو مئذنة في صور السائحين
سجادةً على جدار
أو جرّة فخار على الطاولة.
المدينةُ التي عشتُ فيها عقدين من عمري
لم تكن حيةً في داخلي
لم أسمع فيها إلا الموتى
يُلقون مواعظهم على الأحياء.
–V–
المدينة التي رحلتُ إليها
تلبسُ في الشتاء ثوباً أبيض
فتخالها ممرضةً في مستشفى كوني
وحين تلمحُ الأضواء تنزلقُ على صدْرها الثلجي
لا تعرف إن كانت تنير الدروب أم تُعْتمها.
التقيتُ فيها مرة بكاهنٍ نذرَ حياته للمشرّدين
كان يجمع التبرعات ويموّل صالة تقدم الطعام والسرير لهم مجاناً.
سألني: ما رأيك بشيكاغو؟
قلت: مدينة كريمة، لا تُشْعركَ بأنك غريب.
علتْ وجهه ابتسامة غامضة، وقال:
أريدك أن تأتي معي في أحد الأيام كي ترى شيكاغو.
حين ذهبتُ معه رأيتُ مدينةً أخرى
تضع أبناءها في برادات الشتاء وتنساهم.
–VI–
أتمنى لو كان بوسعي
أن أمسكَ الطفل الذي كنتهُ
لحظةَ خروجهِ من الرحم
وأبلّلَ أصابعي بدم ولادته
كي أتأكد أنني ولدْتُ
أنني لستُ نسمةَ هواءٍ.
ربما لم تحدث الولادة
ربما نحن قصصٌ رواها أحدٌ ما
ما يزال يرويها أحدٌ ما
كلماتٌ همستْها شفتا الريح.
–VII–
يحدث أن تختفي بلادكَ عن الخريطة
أن تتكسّر خطوطُ مدنها وقراها
أن تنخفض سماؤها كسقف زنزانةٍ
وتضيق وديانُها وجبالُها وسهولها
ولا تعثر على مهرب إلا في روحك الضالة.
أحياناً لا تعرف أين أنتَ أو من أنتَ
أو إلى ماذا تنتمي.
ترى نفسك تغضّناً في ماء البحر
زبداً أو رملاً على الشاطئ
يلتصقُ به ضوءٌ مبلّل مجنون.
–VIII–
حين أعودُ من اللحظة التي أنا فيها
إلى لحظاتٍ عشتُها
أرى نفسي صياداً
يرمي صنارته في الرمال.
حين أستعيد طفولتي
أشعر بملمس رمادٍ بارد على أصابعي.
ألمح قمراً ضيّع ضوءه
أفكر بالريح
بأشكالٍ تتفتّت في معدتها
الريح
التي تقتاتُ على الأشياء.
–IX–
في شيكاغو
تدفعني الريحُ أمامها في الشارع.
يكتسي وهْجُ بياض الثلج بضوءٍ
يغلّفُ المدينة بكفنِ ضباب أصفر.
ربما أستطيعُ أن أعلنَ ولادتي
في حانةٍ ما
أو في مخدعٍ ما
حين يتوهّج الضوءُ
لا من شَمْسٍ تشرقُ
بل حين ينزاحُ اللحاف قليلاً
عن جسدٍ عارٍ
وأسمعُ جريانَه
في عروقي.
حزيران، 2020
بواسطة عامر فياض | يوليو 8, 2020 | Cost of War, Culture, غير مصنف
من المعروف في الحروب أن الثقافة والفنون هما أول من يتضرر وآخر من يتعافى. وقد دفعت الثقافة في سوريا ثمناً باهظاً من الخسائر الناجمة عن الحرب الطويلة وتبعاتها الاقتصادية، والتي لم تُلحق أذاها بمصادر الثقافة ومنتجيها ومروجيها فقط، بل طال أذاها القارئ أيضاً.
وقد أجهزت المعارك التي اندلعت في البلاد على الكثير من دور النشر والمكتبات والمطابع ومستودعات الكتب وغير ذلك، فعلى سبيل المثال تعرض مقر دار الجندي ومستودعاتها في الغوطة الشرقية لأضرار كبيرة، فيما أُحرق المستودع الرئيسي لدار الحصاد ونهبت وخُرِّبت مطابعها إلى جانب خسارتها لكميات كبيرة من الورق ومعدات الطباعة وغيرها. كما لحق الدمار أيضاً بمستودعات مكتبة النوري العريقة في منطقة حرستا، وهذا مجرد غيضٍ من فيض.
وخلال سنوات الحرب تبدلت هوية عشرات المكتبات فتحولت لمقاهٍ ومحلات تجارية أو لجأت لبيع القرطاسية والألعاب والهدايا لتقاوم الإفلاس، فيما تراجع حجم الإنتاج والتوزيع في دور النشر، التي باتت تواجه عقبات كبيرة تهدد استمرارها، وذلك نتيجة عوامل عديدة منها: ارتفاع أسعار الورق ومواد الطباعة والتجليد بشكل خيالي. وتوقف الكثير من المطابع عن العمل. وصعوبة تسويق الكتاب، نتيجة غياب المعارض وتراجع نسبة المبيعات. إلى جانب ذلك حُرم الكثير من الناشرين من المشاركة في المعارض الخارجية لصعوبة الخروج من سورية ولعجزهم عن تحمل نفقات السفر والشحن، فيما أغلقت بعض الدول أبوابها في وجههم، فحرموا بذلك من تسويق إصداراتهم.
حلول بديلة
نتيجة للظروف والعوامل السابقة لجأت وتلجأ معظم المكتبات إلى بيع النسخ المزورة لبعض الكتب التي تحقق مبيعات جيدة. وعند الاطلاع على الكتب المعروضة في بعض المكتبات أمكنني ملاحظة حجم التزوير بسهولة، بدءاً من الغلاف، المصنوع كيفما اتفق، ونوعية الورق الرديء، مروراً بالطباعة، التي تختلف سماكتها وقتامتها بين صفحةٍ وأخرى وسطرٍ وآخر، وليس انتهاءً بالحجم الضئيل للكتاب مقارنة بالنسخة الأصلية منه. ويحدثنا غسان (45 عام)، صاحب مكتبة عامة في مدينة جرمانا تحفل بعشرات الكتب غير الأصلية، عن هذا الأمر: ” نتيجة عجز معظم المكتبات عن شراء النسخة الأصلية للكتب الرائجة وصعوبة إدخال بعضها إلى سوريا تكتفي باقتناء نسخة واحدة من كل كتاب لتقوم بتصويرها أو إعادة طباعتها”. ويبرر البائع ذلك الأمر بقوله: ” النسخة الأصلية التي قد يصل سعرها إلى أكثر من عشرة آلاف ليرة، تباع النسخة المزورة منها بنحو ثلاثة أو أربعة آلاف، وبذلك نستطيع نشر شيء من الثقافة وتزويد القارئ ببعض الكتب الهامة وتعويض بعض الخسائر”.
وعلى الرغم من أن الكتب المزورة قد ترأف بحال القارىء إلا أنها لا تحقق له الفائدة والثقافة المطلوبتين، فهي إلى جانب كونها رديئة الطباعة وسطور صفحاتها متقاربة وكلماتها صغيرة وشبه متلاصقة، نجد أن حجم الاختصار الكبير فيها، والذي يحذف صفحات بأكملها وأحياناً فصولاً، يجعلها تفقد قيمتها الفكرية والثقافية وتسيء لعقل القارئ.
تراجع نوعية ومضمون الكتاب
خلال السنوات الأخيرة بات واضحاً حجم التراجع والتبدل الكبير في النوعية والمضمون الفكري والثقافي والمعرفي للكتب المطروحة في الأسواق، حيث يطغى على معظم المكتبات والبسطات حضور الكتب الدينية والترفيهية وكتب الأبراج، إلى جانب بعض الروايات الاستهلاكية الرائجة ذات العناوين المطروقة والتي لا تغني ولا تطور عقل القارئ. ويلخص أحمد(50 عاماً) ، صاحب مكتبة عامة في الحلبوني، سبب ذلك بقوله: ” أصبحت سوريا خارج حركة الثقافة العالمية ما أبعد القارئ عن مواكبة أحدث إصدارات الكتب القيمة والمميزة والتي تحظى باهتمام وانتشار عالمي، فهي لا تصل إلينا إلا نادراً وذلك نتيجة ارتفاع سعرها، بعد انخفاض قيمة الليرة السورية، وصعوبة استيرادها وضعف إمكانية الترجمة والطباعة وغياب كثير من المترجمين المميزين عن الساحة السورية”.
وتضطر كثير من دور النشر اليوم لنشر كتب سطحية لا تحظى بأي قيمة فكرية لكتَّابٍ لا يمتلكون أي موهبة أو إبداع وإنما يمتلكون المال فقط، وذلك لتتمكن من الاستمرار. ويقول أحمد الذي يعمل لصالح إحدى دور النشر (فضل عدم ذكر اسمها) : “كنا نُخضِع أي مخطوطٍ لتقييم دقيقٍ ونرفض نشره ما لم يكن قيماً وجديراً بالنشر ولكن اليوم تضطر الدار لنشر أي كتاب. وقد كنا سابقاً ندعم الكثير من التجارب المبدعة والجادة لبعض الكتَّاب بنشرها على نفقتنا الخاصة ومن ثم تحصيل تكاليف النشر بعد بيع المنشورات في حفلات التوقيع والمعارض، أما اليوم فقد باتت معظم دور النشر عاجزة عن دعم أحد”. وبحسب أحمد، ثمة عامل آخر أسهم أيضاً في تراجع مستوى منشورات دور النشر وهو “خسارة البلاد للكثير من كتابها وأدبائها ومفكريها الذين غادروها، فباتت نتاجاتهم تُنشر في الخارج بعيداً عن متناول يد القراء في سوريا”.
من جهته يشتكي أبو نديم (62 عام)، بائع بسطة كتب تحت جسر الرئيس، من غياب مصادر الكتب القيمة والثمينة التي كانت تمدُّ البسطات بالعناوين النوعية، حيث يقول: “لم يعد هناك أي مصدر نرفد به بسطاتنا، فالمكتبات المنزلية القيمة التي كنا نشتريها لم يعد لها أي وجود اليوم. فيما انعدم وجود معارض الكتب التي كانت توفر لنا عروضاً جيدة تمكننا من شراء كميات كبيرة بسعر الجملة. أما دور النشر التي كانت تمدّنا بالكتب القديمة وبعض الإصدارات الرائجة فقد أصبحت اليوم عاجزة حتى عن توفير الكتب لنفسها”. ونتيجة لهذا الواقع “أصبحت بسطات الكتب المستعملة اليوم تقتني أي كتاب بصرف النظر عن مضمونه الفكري والمعرفي وذلك لتتمكن من مواصلة عملها”. بحسب أبو نديم.
قبل الحرب كان معرض دمشق للكتاب يمثل المصدر الغني والرئيسي للقارئ الشغوف باقتناء الكتب والبحث عن العناوين الفريدة بنُسخها الأصلية التي كانت تتدفق من كل حدب وصوب إلى المعرض الذي كان يستضيف آنذاك نحو 300 دار نشر عربية وعالمية. لكن تلك الحقبة الذهبية اختفت تماماً منذ العام 2012، حيث توقف المعرض لمدة أربع سنوات. ورغم إعادة افتتاحه في العام 2016 إلا أنه لم يعد لما كان عليه في الماضي، وعن ذلك يحدثنا أبو نديم الذي زار المعرض في دورتيه الأخيرتين: “غابت عن المعرض عشرات دور النشر العريقة والنوعية فيما فردت معظم أقسامه لدور نشر تجارية ذات صبغات إيديولوجية ودينية كبعض دور النشر اللبنانية والإيرانية وغيرها، فيما بدا واضحاً حجم التراجع، كماً ونوعاً، في مستوى المنشورات داخل أجنحة دور النشر السورية، لذا لم يحظَ المعرض باهتمام يذكر من قبل القراء الذين لم يجدوا فيه ما يرضي ذائقتهم “. يذكر أن معظم الأصدقاء الذين زاروا المعرض يشاطرون أبو نديم وجهة النظر ذاتها.
واقع البلاد يؤثر على عادات القراءة ونوعيتها
الوضع النفسي العام، القلق والتوتر وضغوط الحياة اليومية التي أفرزتها الحرب وتبعاتها، التفكير في الحدث السوري وتحليله والدخول في دهاليزه السياسية، هي عوامل كان لها آثار سلبية كبيرة على عادات القراءة التي تحتاج إلى تركيزٍ كبيرٍ وذهنٍ صافٍ وراحةٍ نفسية، وهو ما لم يعد في متناول القراء. ونتيجة لذلك بات الكثير منهم يبتعد عن قراءة الكتب الفكرية والثقافية والعلمية وغيرها ليتجهوا لقراءة الكتب الخفيفة والسهلة والتي لا ترهق عقولهم ولا تحتاج لتفكير كبير، كبعض الروايات والقصص البسيطة. ويحدثنا غسان عن نوعية الكتب التي يُقبل عليها القراء في مكتبته: “تحظى الروايات السلسة كرويات أحلام مستغانمي وباولو كويلو ودان براون وإليف شفق، بأعلى نسبة مبيعات، فبمعدلٍ وسطي نبيع شهرياً نحو 60 رواية منها، فيما نبيع نحو 20 كتاباً في التراث والدين، ومقابل ذلك لا تحقق كتب الفكر أو النقد أو الفلسفة أو التاريخ سوى مبيعات هامشية لا تكاد تذكر”.
وقد تغيرت اهتمامات بعض القراء الذين توجهوا، في محاولة للهرب من ضغوط الحياة، نحو علوم الطاقة واليوغا والتأمل والاسترخاء فباتوا يقرؤون الكتب المتعلقة بتلك العلوم التي استقطبت الكثير من الناس خلال الحرب. فيما انشغل قراء آخرون بتعلم لغات وثقافة بعض البلدان الأوروبية التي يحلمون أو ينتظرون السفر إليها، فجاء ذلك الانشغال على حساب الوقت المخصص للمطالعة.
من جهة أخرى تخلى البعض عن عادة القراءة ليستبدلها بمشاهدة المسلسلات والأفلام والبرامج الوثائقية التي لا تحتاج لجهد ذهني كبير، من بينهم المدرس فراس (42 عاماً) الذي كان مهووساً بالمطالعة ويمتلك مكتبة ضخمة. وعن سبب ذلك يقول: “لنحو شهرين لم أقرأ سوى 50 صفحة من الكتاب الذي كنت أطالعه، فبمجرد أن أقرأ بضعة أسطرٍ منه أشرد بعيداً، لأغرق بالتفكير في المستقبل الغامض والوضع الاقتصادي المعدم وعجزي عن تأمين ثمن سجائري، لهذا قل شغفي بقراءة الكتب وفقدت شيئاً من المتعة فبت أبحث عن شيء مسلٍ ينسيني واقعي كمشاهدة الأفلام وممارسة بعض الألعاب الترفيهية”.
الكتاب الذي كان في ما مضى يقع في قمة الأولويات تراجعت أهميته ليصبح نوعاً من الكماليات، وبات شراؤه حلما بعيد المنال عند كثير من الناس، ففي ظل تدهور الواقع المعيشي والغرق في مستنقع اليأس والمجهول والعجز عن تأمين أبسط متطلبات الحياة يصبح شراء الكتاب نوعاً من الترف والبذخ، فالثقافة لا يمكنها أن تصبح بديلاً عن الخبز.
بواسطة Dildra Flms | يونيو 30, 2020 | Culture, غير مصنف
–١–
لا أحد يعرف
أن ظلّ ظلالكِ
شجرة العيون
التي تتحرك
في حديقة ظهيرة
كعربة مليئة بفاكهة أشواقي
ومزينة بقلائد الأميرات
وأجزم بأن لا أحد يعرف
أنني أرافق ظلالك المقدسة
كذئب غير مرئي
بعيوني وكل حواسي
أحرس مناماتك
كمذياعٍ متروك
بعناية شديدة
على طرف سريرك
المريض من شدة
شوقي إليه.
-2-
لستُ وحيداً في الصحراء
أبداً لستُ وحيداً
لأنني الصحراء ذاتها
وأنتِ شجرة الغرَب
الوحيدة في هذا الشوق الواسع.
-3-
تسقط غيمةٌ طازجة
على هيئة يمّ
من أسفل عبوركِ
على أحجار نهرٍ مريض
مريض من عدم لفظك
لاسمه في مكالمة هاتفية
تحت شجرة الغرَب
على ضفافه.
-4-
سأخترع شارعاً
نتمشى فيه
شارعاً لم يسبق
لأحدٍ أن تمشى فيه قبلنا.
سأكتشف طرقاً جديدة
في تحريك الغيوم
وتساقط الأمطار والثلوج
فوق الأرض.
سأخترع ليالي
غير التي عرفتها البشرية
من أجل إشعال عظام الهدهد
على شاكلة شموع
أثناء محادثاتنا الهاتفية.
-5-
لو كنتِ موجودة
في المكان ذاته
هذا المساء
لكان عدد ضحايا
الحروب أقل في العالم
هذا المساء.
-6-
لو كنتِ موجودة
لما شعرتْ اليمامة
بالوحشة
على شجرة الغرَب الوحيدة
في حدقة عيني المريضة.
-7-
لو كنتِ موجودةً
لكنتِ فهمت دلالات
الكلمات الشعرية واللا شعرية
في هذه الأمسية البائسة.
-8-
لو كنتِ موجودة
لكنتِ شعرت بتحيات الناس لي
وأدركتِ مكائد نظراتهم أيضاً.
فقط لو كنت موجودة
في المكان ذاته
هذا المساء
لكان صدري مأوى
لجميع الطيور المتشردة
في هذا الليل البارد.
-9-
لو كنت موجودة
أو حتى فكرت بأن تكوني موجودة
لما توقفتُ
عن التدخين لحظة واحدة
بالطريقة التي تحبينها
لما كنتُ شعرت
بالوحشة
والجوع
والبرد
والعطش
والضجر
والتفاهة.
هوامش
الوشل: مجرى مائي هزيل ومتقطع.
الغَرَب: شجر الحور الفراتي.
*الصورة المرافقة هي لجدارية بارتفاع ثلاثة أمتار وعرض أربعة أمتار نفذها الفنان والشاعر دلدارفلمز بتقنية فريسكو في بداية حزيران ٢٠٢٠ على جدار إحدى الغاليريهات في مدينة زيوريخالسويسرية بإشراف الفنان كيتو سينو.
بواسطة طارق علي | يونيو 26, 2020 | Culture, غير مصنف
للمسرح والفن تأثيرٌ مباشرٌ على بناء ثقافة الأمم، فكما يُقال “أعطني مسرحاً أعطك شعباً”. وفي الحالة السورية قد لا يعرف كثيرون أن سوريا أطلقت أول مسارحها على يد رائد المسرح العربي، أبو خليل القباني السوري، في عام 1871، وهو صاحب الفضل الأول في سقاية بذرة الحركة المسرحية انطلاقاً من سوريا، لتصل إلى كل بلدان العرب لاحقاً.
قوبل القباني بالرفض حيناً والتكفير أحياناً أخرى، لكنه في النهاية انتصر وصار رواد مسرحه بالمئات لكل عرض حسب ما تخبرنا به الوثائق المحلية، وليس المجال هنا متاحاً للخوض في تفاصيل مسرح القباني، ولكن الإشارة إليه واجبةً لنقول أين وكيف تأسس المسرح السوري، الذي غاب لسنوات بعد وفاة رائده ومؤسسه، حتى شهدت الشام لاحقاً تأسيس أكثر من 30 فرقة مسرحية وموسيقية، أبرزها المسرح القومي في عام 1959 والذي نقل المسرحيين من الهواية إلى الاحتراف، وصولاً إلى مسرح الشوك الستيني.
مسرح الشوك
في ستينيات القرن الماضي أسس الفنان عمر حجو مسرح الشوك، ليضم لاحقاً خيرة فناني المسرح، في محاولة منهم لتصحيح ما يمكن من التردي الذي وصل إليه حال المجتمع، مؤمنين أن الفن طريق للخلاص، ومن بين أعضاء هذه الفرقة كان: “دريد لحام، رفيق السبيعي، ياسين بقوش، طلحت حمدي، ناجي جبر، مظهر الحكيم، هدى شعراوي وغيرهم كثر”.
جميعهم حاولوا ترميم آفات المجتمع، قد يكون الظرف الزماني وقتها لعب دوراً إيجابياً في مساعدتهم، وقد حالفهم النجاح أحياناً، ولكن العبرة في الاستمرار، وهذا المسرح قُتل لصالح الدراما التلفزيونية وثورة الشاشة الصغيرة، الشاشة التي دخلت بيوتنا عنوةً، وقولبت أفكارنا من حيث ندري ولا ندري، حتى صرنا عبيداً في طور النمو لثورة التكنولوجية التي وصلت ذروتها النسبية/المؤقتة بعيد عملية استمرار لتطوير ملامحها الهجومية والتي لم تتوقف، حتى اليوم.
الدراما السورية – صعوداً
تعتبر الدراما السورية سباقةً عربياً في دخولها على خط الإنتاج شبه المنظم، فالبداية كانت مع عام 1960، ومع انطلاق التلفزيون السوري انتقل إليه رواد المسرح، ولعلّ أول ظهور كان مع الممثل “نهاد قلعي”، يرافقه “دريد لحام، رفيق السبيعي”، إذ كان “قلعي” يقدم برنامجاً كوميدياً باسم “سهرة دمشق”.
أما العمل الدرامي الحقيقي فكان في ذات عام البداية، تحت اسم “تمثيلية الغريب”، يتحدث عن الثورة الجزائرية وأبطالها ومجرياتها، من بطولة “ثراء الدبسي، وياسر أبو الجبين، وبسام لطفي”، ومن إخراج “سليم قطايا”.
وكذا أخذت الدراما طريقها في الصعود بلا توقف، فكانت شخصية “غوار” لصاحبها “دريد لحام”، هي بذرة ما قد جاء بعدها، الشخصية التي شكلت مكوناً للذاكرة العربية في أعمال “كصح النوم” و”حمام الهنا”، وهكذا انهمرت الأعمال السورية بعد السبعينات دون توقف، وأبرزها في تلك الحقبة كان “الحب والشتاء”، “عطر البحر”، “القيد”، “طرائف أبي دلامة”، “الدولاب”، وغيرهم؛ ولعل عراب تلك المرحلة بإجماع معاصريها كان المخرج “غسان جبري”.
المرحلة الثانية – صعوداً
في هذه المرحلة نظمت الدراما نفسها أكثر، وامتلكت مفاتيح تأسيس النجاح المستديم، معتمدة على شخصيات بإمكانها رفع سوية الصنعة، كمثل شخصية غوار ومعه مرايا ياسر العظمة، السلسلة التي استمرت حتى منتصف الحرب السورية تقريباً.
المرحلة الثالثة – بطولة نجدة أنزور
في تسعينيات القرن الماضي، دخل الشاب نجدة اسماعيل أنزور إلى ساحة العمل الفني الحقيقي، المخرج الذي يقول عنه النقاد أنه صنع نقلةً تاريخية في تاريخ المهنة، تجلى ذلك في عمله “نهاية رجل شجاع” عام 1994، حيث قام الرجل المستند على خبرة عملياتية بإدخال سمة جديدة لنوعية الإخراج التقني والبصري والصوري، ومع العمل المذكور وبعده “إخوة التراب” و”الموت القادم إلى الشرق”، اخترق المخرج أبواب المنازل العربية ودخلها بالجمال الفني.
وإلى جانبه كان للمخرجان بسام الملا وهاني الروماني رغبتهما في منافسة الدراما المصرية، والتي أخذت تتفوق عربياً، لأسباب عدة، لا مكان لذكرها هنا، فالملا تخصص بالبيئة الشامية، والروماني أخرج العمل الخالد “حمام القيشاني”، وكلاهما ترك بصمة، لكن الدراما المصرية ظلت متفوقة لناحية الانتشار في زمن ذاك العمل وظروفه.
الكوميديا والدراما السورية – المرحلة الذهبية
في أواسط التسعينات لمع نجم الفنان “أيمن زيدان”، كعراب للكوميديا خاصة ً في عمله “يوميات مدير عام” سنة 1995. وشهدت هذه الفترة نجاحات لم تتوقف كخالدة ياسر العظمة سلسلة “مرايا”. وبعد بداية الألفية الجديدة، تربع الفن السوري على العرش؛ فصارت الصنعة أقرب لحرفة يجيدها السوريون، ويملكون تكتيك تحريك كرتها في الملعب؛ فالموسم الرمضاني في كل عام، أصبح الشغل الشاغل لأقلام النقاد، فما يصنعه أهل الاختصاص صار مدرسة تُدرس وقطعاً نادراً من عملة صعبة اكتشفها المحليون بالاجتهاد.
الغرور الدرامي
“الفن ابن بيئته، ومحيطه، ومعاناته”، هذه المقولة لا تنطبق على النجم السوري الذي انسلخ عن مجتمعه، وصار جليس برجه العاجي؛ فالشهرة إلى جانب الثراء وفيض النجومية، جعل منه آفة فكرية متعالية على مواطنيه، أكثر منه مرشداً وعارفاً وناصحاً.
كيف لا يكون ذلك، وقد صار النجم بحكم التبدلات تاجراً، لم يعد النص يهم الكثيرين، صار الأجر هو المهم، وبالمحصلة فإن أي عمل كان يصنع سيضيف لرصيدهم آلاف المعجبين، الغرور هنا قضى على المعايير؛ فالفنان السوري صار يعتبر نفسه هو المجتمع، لا المجتمع هو، وتالياً هو معصوم وصاحب إنجاز مهما بلغ سوؤه. لذا كان الأمر عاملاً أدى لتراجع السوية الفنية، لقدرات الفنان أولاً، وللنص ثانياً، وللعمل ثالثاً.
الاستثناء قائم هنا، وبشدة، فالبعض حافظ على سويته الأخلاقية والفنية، لكن الجمع يلغي الاستثناء، ولو كان ظلماً.
الانحدار الفني، خسارة المجد
الدراما التي وصلت قمتها، انهارت اليوم، فهاجرت رؤوس الأموال الممولة، وهاجر معها كثير من الفنانين السوريين،؛ فضعف التسويق والمردود عاملان جوهريان في التراجع، ولكن المشكلة هنا أن الدراما التي لطالما تحايلت على الممنوعات سائرة على حد الخطر، باتت اليوم تتمتع بهامش حرية واسع لم تحاول استثماره بمهنية، فسقطت معه إلى هاوية قد يصعب انتشالها منها.
الحرب فعلاً قد فعلت فعلتها، ولكن التحدي القائم هو ألا تعيد هذه الدراما إنتاج المشهد الإخباري السوري، مع العمل على ألا تنفصم عن الواقع المعاش، أكان اقتصادياً أم سياسياً، كأن تحاول مثلاً أن تقدم عملاً اجتماعياً كهدنة منظمة بين العقل الإنتاجي والعقل الاستنتاجي، ففي مؤلف “دراما النار والقلق” وهو بحث أكاديمي أصدره الناقد الصحفي “ماهر منصور”، يرى أن أقل من ربع الإنتاج السوري جاء محاكياً للحرب الحالية، وكذا في سنوات الحرب الأولى، كان هناك سنوياً 4 إلى 5 أعمال بيئة شامية، وهو أمر مطلوب للتسويق العربي.
كما أن الاصطدام السياسي والعسكري مع كثير من الدول العربية، جعل حصارهم للدراما السورية أمراً واقعاً، فتوقفت الكثير من الشركات المنتجة عن العمل، على حساب ولادة شركات أخرى هربت باتجاه أعمال عربية مشتركة، وهي عملياً لا تقدم مادةً فنيةً خالصةً أكثر منها ترفيهيةً مبهرةً بصريةً ببذخٍ إنتاجي مبالغ به.
الدولة السورية عملت ربما على ألا تحارب الصنعة في بعض الزوايا، فسمحت بإنتاج أعمال تُحاكي مواقف حساسةً في جسد الملف السوري، كالتظاهرات مثلاً، ولكنها في زاوية أخرى، جعلت من مؤسسة عريقة كمؤسسة السينما، وقفاً على مخرجين متنفذين، يحق لهم ما لا، ولن، يحق لغيرهم، في سابقةٍ، نسفت معها مدرسة لحام والماغوط، أصحاب المنجز السينمائي الخالد، “الحدود”.