في أحد أشدّ أيام سوريا حساسيةً وأكثر مفاصلها تعقيداً، تحديداً في اليوم الرابع...
تدريباتنا
ورشة تدريب صالون سوريا
أجرى فريق #صالون_سوريا، دورة تدريبية عن الانواع الاعلامية والصحافة الحساسة...

عن Ayrout’s Listوالهويّة الجامعة
نسمع من النّاجين في بانياس حكاياتٍ عن شيخٍ يشبه ليام نيسون، حلّ لغز عبور النّهر، مع ضبعٍ وذئبٍ وعلويّ.
وعن نصف جيرةٍ أنقذت نصف طفلٍ وأعادته إلى أمّه، تُناغيه نصف مناغاةٍ، وتُرضعه نصف رضعة.
كما يصلنا احتفاء الضّحايا بالإعتراف بهم كضحايا، وامتنانهم لجيرانٍ ما كذبوا ما رأوا. جيرانٌ صادف أنّهم -وفقط في هذه البلاد- بهالاتٍ فوق رؤوسهم وأجنحةٍ على ظهورهم.
ونقرأ بعد المجازر، بمعرض الشّهادات البائسة على الهويّة الجامعة، كيف مثلاً ليس لأحدهم متبدّلٌ عن سُفرة الآخر، عن البلد لضرورات المائدة، عن لذّة عرق العلويّين مع شنكليش التّركمان، يقول سكارى. ثمّ عن زيجاتٍ بين الجماعات السّوريّة، وعن أطفالٍ خلاسيّين وفيهم هُجنة، تسمعهم شتاءً يُحمحمون مثل عمومتهم، وفي الرّبيع يُغرّدون كما أخوالهم.
«كان يا ما كان، وثارت العصافير البيض، وثورتها -ككلّ ثورةٍ-كانت هي الشيء ونقيضه. وانضمّ إليهم عصفورٌ أسود، فأحبّوه خاصّةً، وميّزوه وأفرطوا في تدليله. لكنّ هذا أحرج العصفور الوافد، وشعر أنّه ضيفٌ وأنّه طارئٌ، فطار.»
ما أكثر ما يبيض في هذه البلاد!
البلاد الآن ضعيفةٌ كالزُّلال، تحتاج من الكل أن يرعاها، أي أن يؤجّل سؤاله: أيّ مسخٍ تُرى سيخرج من هذه البيضة؟
ثمّ ما أكثر ما يبيض في هذه البلاد! لا أتتبّع سقطات أحدٍ، وليُعن الله كلاًّ على كلٍّ، لكنّي ما ظننتُ أنّ أمر خيار النّاس يصير إلى هذا! فمن قال اليوم أنّ السّفه قد يُلتمس فقط بين الرّعاع دون العقلاء فقد كذب.
احتشد الجمهور، وجيء بعازف مزمارٍ خائبٍ يُرقّص ثعباناً عملاقاً بألحانٍ نشازٍ تقشعرّ منها الجلود وتشمئزّ منها القلوب، كما في الحديث. وحين همّ النّاس بالمغادرة اكتشفوا ورطتهم، بأنّ عليهم أن يُكملوا عرضاً لا آخر له، بل ويطنبوا في استحسان أداء العازف الفاشل، ويحمّسوه متشوّقين ملحّين آنسين مستمتعين، لأنّه لو توقّف عن العزف، نهشهم الثّعبان.»
ربّانيّةٌ كفرض عينٍ ومُسلّيةٌ كرحلات الصّيد
والله لست أعلم أيّها أحقّ بالنّدب، القرى التي أحرقوها، أم تلك الّتي خرجوا منها؟
استعرتُ منك يا ربّ وقُلتُ: “إذا دخلوا قريةً أفسدوها“، مع أنّهم ليسوا ملوكاً، لا ولن يكونوا. والعاقل -سيّما النّوع الذي يُقطع بالسّكّين- يحذرهم.
ثُمّ أنت يا ربّ كعادتك، تغيب حيث لا يُنتظر منك ذلك. لا تقل لي كانت مجزرةً منطقيّةً، وأنّ حرب 14 سنةً كانت مجرّد فتيلٍ، لا تُعزّيني بتهويدة: كان يمكن أن تكون الإبادة أوسع! لا لن أنام.
ليس هو السّؤال اليوم عن إراقة الدّم، لا عن إباحته، بل عن تسجيعه. إنّهم يسجعون في الدّم يا الله.
والمنسيّون في تلك القرى عاتبون عليك، كان الرّجل منهم لا يمدّ رجليه بحضرة جليسه، كانت الجدّات يستنشقن أحفادهن. مدَّ خنصرك لأقاطعك، أنا يكفيني بغزوات عبادك -وهم يقتلون لكسر ملالةٍ- موعظةً إن اتّعظتُ، واسمع هذه لك يا ربّ:
«جاء رجلٌ يتعبّد، فوجد طابوراً طويلاً على باب المعبد، لكنّه لمح غير بعيدٍ خمّارةً غير مزدحمة.
بتلك البساطة، يتحدّد إيمان أو كفر الرّجال الّذين لا يُحسنون الوقوف في الطّابور.»
هي وطنٌ نهائيٌّ لو الأبقار تغرّد
يقف إدوارد نورتن بدور مونتي بروغان في فيلم 25th Hour أمام مرآة الحمّام ويقول:
اسمعوا أيّها الأغبياء في الجماعات والقوميّات والأديان والمذاهب والأتباع والموالي والشّيع، وكلّ من تعصب لأحد تتمسّحون وتتبرّكون بظنّيّة الهويّة، مع قطعيّة الحياة المتعذّرة بينكم، وفراديسكم متحاربةٌ وهي ليست أصلاً على هذه الأرض. اطرحوا عنكم كلّ أملٍ، فالبلاد قد اختارت عليكم، ولستم فيها بأثبت من دبابيس على الخريطة. أنتم خطرٌ ، وفروقاتكم صار لا يُجدي فيها مبردٌ أو فرشاة. يجب أن يُحجر عليكم لعدم الأهليّة، وأن تفصل بينكم الحواجز، بحيث لا يأكل أحدكم أطفال الآخر، أو ينزو على امرأته.
أخوة؟ لولا خجلي من عربيّتي لقلتُ: وحدها حديدةٌ محماةٌ بوسعها أن تؤاخيكم.
«انتهى الاقتباس».
«يُحكى أنّ الأبقار كانت تغرّد ابتداءً، ورُوي عن رجلٍ من أبناء آدم، حلفت له امرأته: أنا عليك حرامٌ حتى تُنهي فلاحة الأرض. فصار يضرب الثّور حتّى جأر.»
مواضيع ذات صلة
مواضيع أخرى
تدريباتنا
فوضى الإعلام والحاجة إلى شاشاتٍ وطنيةٍ موثوقة
في أحد أشدّ أيام سوريا حساسيةً وأكثر مفاصلها تعقيداً، تحديداً في اليوم الرابع...
ورشة تدريب صالون سوريا
أجرى فريق #صالون_سوريا، دورة تدريبية عن الانواع الاعلامية والصحافة الحساسة...