تدريباتنا

ارتفاع تكاليف التربية ترهق مربي الأغنام في سورية

by | May 7, 2024

يواجه مربو الثروة الحيوانية عموماً، والأغنام على وجه الخصوص تحديات تهدد مصدر رزقهم نتيجة ارتفاع تكاليف التربية مثل الأعلاف والأدوية البيطرية، إلى جانب الجفاف؛ العدو الأخطر على الزراعة والثروة الحيوانية في البلاد.

يقول علي وهو مربي أغنام (عواس) في بلدة أبو الظهور بريف إدلب: “يزداد استهلاك الخروف للأعلاف كلما كبر، وبالتالي تكاليف تربيته الممتدة إلى 4 سنوات حتى يصبح كبشاً (فحل الضأن) أو نعجة”. ويضيف: “نُسّخر الأراضي للرعي في أوقات الحصاد، ومن لا يملك قطعة أرض هنا، يستأجر واحدة حسب الحاجة”.

تشكل الأعلاف عبئاً ثقيلاً على صغار المربين ممن يملكون بين 10 و15 رأساً؛ لذا يستعين بعضهم بالشعير أو بالخبز اليابس. ويصل سعر طن أعلاف النخالة أو خليط من عدة أنواع بين 4 و5 مليون ليرة سورية في الأسواق، بحسب ما يشتريه المربون.

ولا تتوقف مصاعب التربية على توفر الغذاء؛ بل يشكو مربو الأغنام في المنطقة قلة اللقاحات الأولية، وارتفاع ثمن الأدوية البيطرية الأجنبية حسب كل نوع وصعوبة تأمينها.

فصل الربيع

يمد الغطاء الأخضر النباتي في فصل الربيع الخراف بالغذاء، في حين يُقدم لها في الأيام العادية شعير وخبز وتبن في حال عدم توفر الأعلاف؛ بينما يزداد استهلاك العلف في فصل الشتاء لقلة الرعي، كما يتحدث الرعاة في ريف إدلب.

ويتشابه الأمر في ريف دمشق من حيث استثمار هذا الفصل في الرعي، وينوه المربي أحمد (معضمية الشام) إلى أن الرعي في المناطق الزراعية يعد حلاً في فصل الربيع على وجه الخصوص، حيث ينتشر الغطاء الأخضر، ويفضل بعض المربين استئجار أراض لكن بنسبة قليلة، لأن الراعي يرعى الأغنام في مناطق متعددة.

مصاعب متعددة

يربي أحمد أغنام “العواس”، وأخرى مستوردة من العراق. يعاني المربي من زيادة تكاليف التربية سنوياً بسبب ارتفاع أسعار الأعلاف، إلى جانب تصاعد تكاليف الدواء بالتزامن مع انتشار بعض الأمراض في هذه الفترة من العام. يقول المربي: “يحتاج الخروف حتى يزداد وزنه، ويصبح بعمر سنة إلى أكثر من 200 ألف ليرة شهرياً بشكل وسطي”.

وتعد “العواس” من أهم عروق الأغنام في الشرق الأوسط، ويتحمل الظروف البيئية القاسية، ويمكن أن يحقق معدلات إنتاجية جيدة عند تحسن الظروف البيئية من تغذية ورعاية في مناطق التربية التقليدية، بحسب الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية السورية.

ويعتمد أحمد على أنواع مختلفة من الأعلاف وبدائلها، مثل مادة التبن التي يبلغ سعر الكيلو الواحد منها ألف ليرة سورية، وهناك الشعير وقشور الفول والبازلاء اليابسة، ويصل ثمن الكيلو منها إلى 2500 ليرة، ومن الأنواع الأخرى خلاطات العلف التي قد تحوي نشاء وطحيناً ومادة النخالة بسعر سبعة آلاف للكيلو الواحد.

يقول أحمد: “أجلب هذه الأعلاف من القطاع الخاص، لأن مؤسسة الأعلاف الحكومية في مدينتنا توقفت عن العمل منذ عام 2011”. ومن جهة ثانية، يلجأ الراعي إلى بقايا الطعام والخضار.

يلخص أحمد مصاعب التربية بالحاجة إلى مكان أولاً، حيث تنتشر هذه الأماكن ضمن المناطق السكنية. من جهة أخرى، يصعب الذهاب نحو الأراضي الزراعية البعيدة نتيجة الخوف من السرقة، ومن المشكلات صعوبة توفير الأعلاف وارتفاع أسعارها، وأخيراً تعرض الأغنام إلى أمراض كثيرة، وعدم توفر الدواء اللازم لذلك بشكل دائم، أو توفره بسعر مرتفع.

ثروة في مهب الأزمة

بلغ العدد الكلي للأغنام في عام 2007 نحو 23 مليون رأس، ثم انحدر في 2017 إلى أقل من 14 مليون رأس، ليرتفع مجدداً إلى ما يقارب 17 مليوناً (تقديرات) في عام 2021، بحسب إحصائيات وزارة الزراعة.

وفي آذار الماضي، قدر مدير الإنتاج الحيواني في وزارة الزراعة محمد خير اللحام نسبة انخفاض الثروة الحيوانية بـ 30% من قطيع الأغنام، وفقاً لصحيفة (تشرين) المحلية. ويذكر اللحام أن الإنتاج الحيواني يسهم بنسبة 36٪ من إجمالي الناتج الزراعي الذي يسهم بدوره بنسبة 39٪ من الناتج المحلي الإجمالي.

وتعرّضت سورية إلى موجات جفاف متتالية، وفي 2022، أشارت المهندسة رويدة النهار مدير السلامة البيئية في وزارة الإدارة المحلية والبيئة إلى أن البلاد تعاني من آثار تغير المناخ، حيث تواجه أسوأ موجة جفاف منذ سبعين عاماً نتيجة انحباس الأمطار في معظم المناطق، بحسب صحيفة (البعث) المحلية.

 وسمح مجلس الوزراء على مدار السنوات السابقة بتصدير ذكور أغنام العواس والماعز الجبلي ضمن مدد محددة، وذلك وفق الشروط الصحية والفنية المحددة من قبل وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي.

مواضيع ذات صلة

عمر البطش مدرسة متفردة في فنون الموشحات ورقص السماح

عمر البطش مدرسة متفردة في فنون الموشحات ورقص السماح

إلى جانب كونها مدينة الطرب والقدود، برعت حلب وتميَّزت في فن الموشحات، وذلك بفضل كوكبة من ملحنيها ووشاحيها المبدعين، الذين كانوا مخلصين لذلك الفن  وحافظوا على روح وألق الموشح العربي وساهموا في إغنائه وتطويره، ومن أبرزهم الشيخ عمر البطش، الذي ساهم على نحو خاص في...

شعاع من الفن التشكيلي السوري: نصير شورى (1920-1992م)

شعاع من الفن التشكيلي السوري: نصير شورى (1920-1992م)

في الخامسة من عمره حظيت إحدى لوحاته بإعجاب العديد من أساتذة الرسم، نصير شورى الذي ولد عام ١٩٢٠ والذي كان محط عنايةٍ خاصة من والديه: محمد سعيد شورى، الأديب والشاعر الدمشقي المعروف، وأمه، عائشة هانم، ذات الأصول العريقة. فكان أن تلقى تعليماً خاصاً منذ نعومة أظفاره...

نذير نبعة: رسام الحياة ومؤرِّخ الألوان السورية

نذير نبعة: رسام الحياة ومؤرِّخ الألوان السورية

 "كنت أحلم بلوحةٍ تستطيع أن تخاطب بجمالياتها شريحة أوسع من الناس، لوحة تستطيع تجاوز مجموعة الجمهور التي تتكرر في حفل الافتتاح لأي معرض". ربما توضح تلك الكلمات، وهي للفنان نذير نبعة، مدى تبنيه وإخلاصه للفن، الذي كان رفيق دربه لأكثر من ستين عاماً، فهو الفنان الذي...

مواضيع أخرى

عملية تجميل لوجه دمشق بجراحة تستأصل بسطات الكتب

عملية تجميل لوجه دمشق بجراحة تستأصل بسطات الكتب

رغم انتشار ثقافة المطالعة واستقاء المعلومات عن طريق الشبكة العنكبوتية إلا أن ملمس الورق ورائحة الحبر بقيا جذابين للقارئ السوري. ولم تستطع التكنولوجيا الاستحواذ على مكان الكتاب الورقي، أو منافسته. وبقي الكتاب المرجع الأساسي والحقيقي لأي بحث علمي وأكاديمي، ولم يستطع...

التجربة المؤودة للمسرح الجوّال في سورية

التجربة المؤودة للمسرح الجوّال في سورية

بقي الريف السوري محروماً من المسرح إلى أن أنشأت مديرية المسارح والموسيقى في وزارة الثقافة ما أسمته "المسرح الجوال" عام ١٩٦٩، والذي بدأ عروضه بنشر الوعي المسرحي في الريف والمناطق الشعبية والنائية. صارت الصالة في كل مكان  والجمهور ضمنها، وكان كسر الحواجز بين...

“وفا تيليكوم”: اتصالات إيرانية على أراضٍ سورية

“وفا تيليكوم”: اتصالات إيرانية على أراضٍ سورية

ينتظر السوريون في الأسابيع المقبلة بفارغ الصبر وفق تصريحات حكومية انطلاق المشغل الخلوي الثالث "وفا تيليكوم" المرتبط بإيران التي ستدخل على خط الاستحواذ في قطاع الاتصالات الحساس والذي ظلّ حكراً على متنفذي السلطة لعقود. من خلال التواصل المباشر مع مصادر متعددة من داخل...

تدريباتنا